قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية جميلتي الصهباء للكاتبة علياء شعبان الفصل السادس

رواية جميلتي الصهباء للكاتبة علياء شعبان الفصل السادس

رواية جميلتي الصهباء للكاتبة علياء شعبان الفصل السادس

اقتحم هذا الشعور دواخلي، لا أعلم إن كُنت في أمس الحاجة إليه، أنفُر منهُ أو أنني لم أكُن أتوقعه يومًا، جُزءا هاما في شخصيتي فأنا بعيده كُل البُعد عن شعور يسلبني الماضي أو يكبح جماح طموحي. فهيهات أن يجتاحني أو أرضخ لهُ...

رمقها بقوة من بين فحمتي عينيه الحادتين، أطاح بالخوذة بين كفه ناحية أحد رجاله والذي إلتقطها بمهارة شديدة. ومن ثم إلتفت إليها من جديد يسير بخُطواته الركيزه ناحيتها ليردف بنبرة صلبه: بتعملي أيه هنا؟
انكمشت قسمات وجهها غيظًا وهي تجدهُ يمسك بأحد كفيه (حقيبة كتفها). شدّت قامتها أمامه بثقة وراحت تقول بنبرة باردة:
جايه أرجع حاجتي اللي انت أخدتها، ولا إنت مش ملاحظ. إنك سارق شنطتي!

جدحها بنظرة مستهينه ليفتر ثغرهُ بإبتسامة وضيعه من جانب شفتيه وراح يقول وهو يُلقي الحقيبه بإتجاه رجل آخر: لا مش ملاحظ. ولو خايف علي نفسك. إتكلي علي الله.
فداء وهي تقترب منهُ غيظًا: ما أنا بتكل علي الله أمال هتكل عليك إنت يا شبح؟!، ولا إنت علشان حلو حبتين فاكر، إني هضعف قدامك، لا يا حبيبي دا انا فداء العامري، اللي ما بتسيبش حقها لحد، وقول لأبو قرعه دا يجيب الشنطه.

قالت جُملتها الأخيرة وهي تنظُر بعينيها ناحية ذاك الشاب الذي يقف خلف رئيسه، رفع الشاب أحد حاجبيه في استغراب من جراءتها رغم وجودها بين مجموعه من الشباب...

اقتربت فداء منهُ أكثر وقد فردت ذراعيها جانبًا وأخذت تمشي بثقه كفتوات المناطق الشعبيه تُثني رُكبتيها قليلًا وما أن اقتربت منهُ حتى ضربت علي كتفه بثبات قائله: هات الشنطة لو خايف علي نفسك إنت ورجالتك!

افتر ثغرهُ عن إبتسامة عريضة ظهرت معها تلك النغزة الموجودة بذقنه (طابع الحُسن)، فهي فتاه خارج الإطار الأُنثوي تمامًا. رغم إمتلاكها لوجه غاية في إبداع الخالق (ملامح منحوته بدقه تتصف بصغر حجمها ورقتها )، لوت شدقها من استخفافه بكلماتها وقبل أن تستأنف حديثها الغاضب وجدت أحد رجاله يهتف بصوته الخشن: نتصرف معاها يا آسر بيه!

اومأ آسر برأسه سلبًا، ومن ثم أشر بأصابعه لهم ل يتوجهوا إلى أعمالهم من جديد، وهنا هتفت فداء وهي تهرول ناحية الشاب الذي تتواجد حقيبتها بحوزته:
هات ياض الشنطه، دي فيها ورق الشغل بتاعي وسندوتشات الجبنه بالخيار.
هزّ آسر رأسه للرجل هزة واحدة خفيفة وعلي أثرها ترك الحقيبة لها وما أن غادر الرجل حتى استدارت تنظُر له من جديد ثم تابعت هي بتفاخر: شوفت لمّا زعقتله ساب الشنطة إزاي!، يالهوي عليا جاحده طول عُمري.

وجدتهُ يقف أمامها، يضع كفيه في جيبي بنطاله يجدحها بثبات ومن ثم تابع بهدوء: ومين قالك، إنك هتاخديها.
فداء وهي تقترب منهُ بثبات: مين قالك بقي إنك هتعرف تاخدها مني تاني.
في تلك اللحظه مدّ يدهُ ناحيتها ومن ثم قبض بكفه علي ياقة قميصها من الخلف وراح يقترب من أذنها قائلًا بحدة: انا لحد دلوقتي ما مدتش إيدي علي واحدة ست، بس شكلك مستفزة ومش هتيجي بالذوق.

تصلبت رقبتها أمامها وكأنها كالجماد ومن ثم أخذت تفتح حدقتي عينيها علي وسعهما وبنبرة مُتلعثمة أردفت: أنا بطالب بحقي مش أكتر ومش من الأدب إنك تتعامل مع أُنثي كدا. وعلشان انا واحدة صاحبه أخلاق، مش هرد عليك.

حرر آسر ياقة قميصها الكروهات علي الفور، ومن ثم أردف بتهكم وهو يُقلد مشيتها التي تشبه البطة التي أُطيبت أحد قدميها فتتكأ علي الأخرى: أُنثي!، أمال مين اللي كان ماشي كدا من شوية! وبعدين أنا مش شايف فيكي أي انثي غير إن شعرك طويل. إنتِ يا بت من عصابة الشعر الأحمر صح؟!

مطت شفتيها باستنكار، وراحت تدور حول نفسها وتتطاير خُصلاتها معها ومن ثم وقفت أمامه مُجددًا تقول بنفي: لأ ياسطي. أنا مولودة بيه كدا مش صبغاه، عجبك!
آسر وقد تجمدت معالم وجهه بقسوة: ويا تري من الأخلاق، إنك تصوري مرات (شُكري نجيب ) وهي جوا بيتها بالمايوه وتهدديه بالصور!

فداء ترمقه بشدوه: مرات شكري نجيب!، إنت شغال معاه!
آسر ببرود: مش شغلك، ولو عاوزة تخرجي هنا من غير ما تتأذي. هتخرجي من غير الشنطه.

فداء وهي ترمقهُ ببرود ومن ثم إقتربت منه أكثر لتجابهه برأسها وهي تُشير بإصبعها ناحية صدره: بص انا لا خايفه منك ولا كلامك هزني، أما بالنسبة لحكاية مراته. ف هو كذب عليك علشان يستغلك فتسرقني وترجع له الورق اللي بيبين حقيقته ويبقي انت تعاونت معاه في نُصرة الظلم.

أنهت حديثها ثم إستدارت تواليه ظهرها، تقدمت خُطوتين للأمام وبعدها توقفت فجأه وراحت تلتفت له بخفة مجددًا: اه صحيح. انا ما صورتش مراته، لكن صورته هو بكلسونه، أصله خسيس!
نظرت أمامها ثم استكملت سيرها بثقة، وهنا وجدتهُ يهتف بها بصوتِ أجشٍ: استني!

ممكن تفهموني أيه اللي بيحصل من غير استخدام لأي سلاح!، وإلا هتخذ ضدكم كلكم إجراءات قانونية!

أردف جمال الدمنهوري بتلك الكلمات في عصبية أثناء وقوفه بين جمع من الناس، لم يكُن أمامه سوي أن يرفع صوته عاليًا حتى يعلو فوق صوت صياحهم، توجهت الأعين إليه ومن ثم هتف أحد الرجال قائلًا:
ياعني أيه أدفع فلوس مهر ل بنته ومن أول يوم مش عاوزاني أجرب لها وجال أيه، عاوزة تتطلج!

الرجل الآخر بعصبية برزت عروقه بها: ما جولتلك أختي مش طايجاك، وآني ما كُنتش موچود علشان ارفض الچوازة دي، ومن ثم استأنف الشاب من جديدة بنبرة مُختنقة: يا چمال باشا، انت رچُل قانون عارف، البت لسه ما كملتش 1 1 سنه تتچوز أزاي بس ياخوانا. ابوي وامي غلطوا لمّا عملوا إكده في غيابي. بس حرام الصغيرة دي تدفع تمن غلطهم.

الرجل العجوز بعصبية: يبجى حجي يرجع ليّ، وخدوا بنتكم.
مسح جمال علي وجهه بنفاذ صبر، ومن ثم أردف بنبرة ثابته جاهد أن يُصبح صوته فيها هادئًا ولا يثور ضد هذا العجوز الابله: طيب ممكن تجعدوا خلينا نتكلم في الموضوع دا. رغم إني أذكر، إن دي مش المرة الأولي اللي ادخل فيها مشاكل من النوع ديه.

علي خيرة الله. ألف مبروك الشراكة الجديدة يا ولاد، ربنا يجعلها فاتحة خير عليكم.
أردف سالم بتلك الكلمات في سعادة وهو يُصافح قُصي الذي تابع بثبات: إن شاء الله يا عمي.

تهللت أسارير وجهها وهي تجلس إلى المقعد المُجاور ل والدها. تكاد تهتف عاليًا من شدة الفرحة، ف غدًا تبدأ ترتيبات تأسيس الشركة وبالأخص عند علمها بأن مكان تنفيذها موجود بالفعل حيث يمتلك قُصي مكان لبناء الشركة، في تلك اللحظه صدح هاتف سالم عن اتصال، نحا ببصره إلى شاشة الهاتف الموضوع علي الطاولة بجانبها. طالع اسم المتصل بإبتسامة عريضة ليقول بحماس: دا جمال، شكله عاوز يعرف وصلنا ل فين!

رفع الهاتف إلى أذنه علي الفور، ليجد صديقه يهتف به بإلحاح: أيوة يا سالم، تعالي عندي في القرية حالًا!

سالم بتوترِ: خير يا جمال؟
جمال باستكمال: خير أتطمن. الموضوع بتاع كُل مرة، بس مش عارف أوصل معاهم ل حل.

دار الحديث بينهما في خلال دقائق، حيث قرر سالم التوجه إلى بيت صديقه. وَد قُصي الجلوس مع شريكته ل فترة أكبر للتحدث بشأن الخطط القادمة ولم يُعارض سالم ذلك. حيث أنهما يجلسان في أجواء عائلية عادية، كدا أقدر أقول، أهلًا بشريكتي العزيزة!

مد يدهُ يصافحها، في حين رمقته هي بنظرة احتقارية فلم تنسَ كلماته لها من ساعة فقط، أشاحت بوجهها للجهة الأُخري في حين ابعد كفه ببرود وراح يرمقها بغيظ. لتقاطعه هي بثبات صقيعي: ممكن بقي نتكلم في شُغلنا أحسن!

قُصي بنظرة حادة: علي حسب العقد اللي مضينا عليه من دقيقتين بس، المفروض إني صاحب الشركة بكُل حجر هيتم فيها. انا بمولك ماديًا وانتِ دورك تديري الشركة وترفعي اسمها بتصاميمك وشغلك، بس دا ما يمنعش إني ممكن آقطع الورق دا، لو إسلوبك ما إتغيرش!

عنود بنبرة ساخطة: إنت بتهددني!
في تلك اللحظه قطعتهما (مني)، بصوتها الحنون وهي تتابع بتساؤل متوجهه بحديثها له أولًا: تشرب أيه يا قُصي؟
قُصي ومازال مصوبًا بصره بمقلتيها مُباشرة وبنظرة تحدِ أردف: قهوه سادة.
توجهت بالسؤال هذه المرة إلى عنود: وانتِ يا عنقودة!
عنود بنفس نظرة التحدي: هوت شوكلت يا موني.

إتسعت حدقتا عينيها بصدمة بعدما تداركت هذا الاسم الذي تلفظت به عمتها، فهي تكرهه بشدة ودائمًا ما تستخدمه فداء لإغاظتها، وهنا إلتفت ناحية عمتها لتجدها قد غادرت، قُصي بإبتسامة ساخرة: عنقودة!؟ عنقوده أيه بقي!
عنود وهي تضغط علي عينيها بنفاذ صبر: please، stop.

سعل قُصي بخفة وهو ينظُر لوجهها الغاضب في نشوة. تنحنح قليلًا قبل أن يرمقها بعينين زائغتين يتفحصان جسدها: يعني بما إنك خبيرة تصاميم. ومُصممة مُحترفه، فأكيد إنتِ موديل جامدة. طبيعي بتلبسي تصاميمك. ولا إنتِ بتصممي بس!

عنود وهي تنظُر له شزرًا: لأ، مُصممه بس!
قُصي بشيء من العبث: وليه ما تكونيش أول مصممة تعرض. أعمالها بنفسها، صدقيني الفكرة دي هتنجح جدًا وخصوصًا إننا هنبقي في البدايات.

رمقتهُ بنظرات مُقتنعه، شردت لوهلة تدرس الأمر من جميع جوانبه في حين قاطعها هو بثبات يلعب علي أوتار ضعفها بقوة، حيث علم عن شخصيتها بأنها تلك الطموحة التي تتشبث بأي شيئًا حتى تنجح. هو يظُن أنها قد تفعل أي شيء لتذوق مُتعة النجاح، ولم يستثنى شيء!

ها، قولتي أيه؟!
عنود رافعه أحد حاجبيها بإعجاب: امم، ممتاز جدًا، نجرب الفكرة وإن شاء الله تنجح.

قُصي بنبرة خبيثة: انا ممكن أفيدك إذا كانت الفكرة هتنجح أو لأ، من خلال نظرتي المُستقبلية القوية للأمور اللي زيّ دي.
عنود بنقاء نيه حيث رددت بحماس: واو، انت اتنبأت بحاجه قبل كدا وكانت صح؟

في تلك اللحظه فرد ذراعه الأيسر أمامه ثم أشار لها أن تنهض سىريعًا، قطبت جبينها في اندهاش مما يفعله ولكنها نفذت ما تطلبه الإشارة منها ليردف هو بثبات مُصطنعًا الجدية: أمشي لحد التليفزيون اللي هناك دا وأرجعي تاني؟ وانا هقولك تنفعي موديل ولا لأ!

ذمت عنود شفتيها بعدم ارتياح حيث وضعت ذراعيها حول خصرها وبنبرة ثابتة تابعت: ليه؟
قُصي بانفعال مُصطنع: أهو من أولها بتدخلي في شغلي. تصدقي أنا غلطان.
عنود وهي تُرخي ذراعيها في تراجع: طيب خلاص. I ll do it.
سارت خُطوتين للأمام في توترِ وعدم إرتياح، فيما أنزل رأسه يتفحصها بإندماجِ وفجأة إلتفتت لهُ من جديد علي غُرة وبنبرة مُنفعله إقتربت منهُ تصرخ: حيواااان. شوفت بقي إن مالكش أمان وعينك زايغه!

قُصي وهو يستند علي ظهر المقعد بخضة: يا بنت المجنونة، قطعتيلي خلفي!
عنود بإبتسامة تشفِ: خلف مُنحرف زيّ أصله!
قُصي وهو يُضيق عينيه بتحير: هي أُختك بتعمل هجمات مُرتدة. وإنتِ بتقصفي جبهات، دا انتوا خليه مُفخخه بقي!

دخلها يابني وأخلص!
أردف فايز بتلك الكلمات في عصبية ونفاذ صبر، جلس إلى المقعد الخشبي ومن ثم رفع ساقيه علي سطح المكتب، ينظُر إلى الفتاة التي تدلف داخل المكتب بنصف عين، وقفت الفتاة أمامه مُنكست الوجه، إعتدل في مقعدهُ وبنبرة جامدة تابع: مالك يا بت ومال الشباب في المظاهرات؟!
الفتاة بصوت غليظ: اتحرشوا بيّا يا باشا.

فغر فايز فاهه في دهشة، نهض من مكانه بتوجس شديد. استدار من خلف مكتبه حتى وصل إليها وبنبرة متحفظة تابع: اتحرشوا بيكي، بعد ما سمعوا صوتك دا؟
الفتاة وقد إرتفعت بنبرة صوتها أكثر: هم عاتقين حد يا باشا!
فايز وهو يُقرب وجهه منها مردفًا بترقبِ: بت تعرفي حاجه اسمها، هجمة مُرتدة.
الفتاة وهي تُقرب وجهها منه هي الأخري: ياااااعني أيه يا باااااشا؟!

إنتفضت قسمات وجهه وهو يعود للخلف هاتفًا بها بخضة: يحرقك إنتِ وصوتك يا غوريلااا.

بليز يا مراد. علمني البلايستيشن!
أردفت بيسان بتلك الكلمات برقتها المعهوده وهي تجده يجلس أمام شاشة اللعبه فيما تابع مراد بضحكة ساخرة: مش هتعرفي يا بيسو. افرض اللاعب جاله إصابه هتروحي تقعدي جنبه وتقولي له (سوري ما كانش قصدي )؟!

ذمت بيسان شفتيها في إمتعاض وهي تجلس بمقعدها إلى جانبه، فيما أردف (يامن) الذي كان يجلس إلى حاسوبه يتصفح أخر الأنباء وما أن سمعها حتى تركه جانبًا ثم إتجه إليهما قائلًا بثبات: إنت بتألش عليها كمان. طيب انا هخليها تلعب ماتش ضدك دلوقتي حالًا وتكسبك.
مراد بقهقه ساخرة: كمان؟، لأ وسعت منك دي يا ابن مني!
يامن وهو يضربه بخفة علي رأسه: طيب إبدأ ماتش جديد وهتشوف.

كانت مني تجلس إلى جوار عنود تستفسر منها عما آلت إليه الأمور بخصوص بناء الشركة الجديدة وما أن وجدن يامن يقترب من (بيسان) ويضع الذراع المستخدم في اللعب بين كفيها حتى تبادلتا نظرات ذات مغزي، استدار يامن خلف مقعدها ومن ثم حاوطها بذراعيه وبدأ يمسك ذرع التحكم معها وهنا أردف بنبرة تحدِ لشقيقه: ها. إبدأ؟!

انصاع مراد لحديث شقيقه حيث بدأت الجولة الأولي للمباراة وفي تلك اللحظه نزل يامن ببصره إلى جهاز التحكم وبنبرة حانية تابع: بصي رقم أربعة دا. خليكي حاطه صوباعك عليه دايمًا. وأول ما أقولك شوطي تروحي دايسه عليه، تمام؟!

هزّت بيسان رأسها بتفهم، وقد ظهرت علي مُحياها إبتسامة رضا. وكانت هذه اللحظة بالنسبه له كمن اقترب علي الموت ومن ثم أهداهُ الله، فرصة جديدة، بدأ اللعب لتوه، كانت هي في حاله من توخ الحذر، تنتظر أن يأمرها بما قالهُ تنظُر لهما بإستمتاعِ ورغبه في الانتصار وبالفعل وجدته يهتف بنبرة سريعة: شوطي يا بيسان!

أسرعت في الضغط علي الزر بحماس ليتم تسديد الهدف الأول، تهللت أسارير وجهها كالطفل الذي أحس بوجودة وأنه صاحب انجازات للمرة الأولي. فرغم كونها خريجة كُليه الطب ولكن هذا هو الإنجاز الوحيد بالنسبة لها. ف الحادثة منعتها عن التقدم لخُطوة واحدة حتي...

أطلق يامن قهقة عالية أثارت حنق مُراد، فيما مال علي رأسها يُقبل خُصلاتها، قُبلة أطال بها المدة بل وأحست بقوتها حينما مالت رأسها للأمام قليلًا. قطبت ما بين حاجبيها بتوترِ واستغراب، لتجدهُ يردف بنبرة ساخنه وقد أحست لتوها بدفء حضنه لها:
براو يا بيسو. دا إحنا طلعنا جامدين أهو؟

رفعت بيسان بصرها إليه ومن ثم افتر ثغرها عن إبتسامة خفيفة وراحت تقول بنبرة هادئه وكأنها لم تخرج بعد من طمأنينه هذه اللحظة والشعور الغريب الذي راودها منه: انا ما عملتش حاجه، يادوب نفذت اللي إنت قولته.
كانت مني تتابع حديثهما بنظرة حانية يُخالطها الاشفاق، فابنها يموت بالفتاه عشقًا ولا ينطق.

روحت انا أيه بقي، ضرباه بونية في خِلقته وقع في الأرض زيّ الكتكوت المبلول.
أردفت فداء بتلك الكلمات وهي تجلس إلى الأريكة الموجودة بالشارع أمام منزله، فيما مسح هو علي وجهه بنفاذ صبر ثم أردف قائلًا: ضربتي الظابط!
فداء وهي تضربه علي كتفها بقوة: أوعي تستقل بيّا. دا إحنا جامدين أوي.

آسر وهو يضغط علي عينيه بنفاذ صبر: يا ستي أنا مالي بكل دا. ادخلي في موضوع شُكري نجيب علي طول! أكل وجبتلك أكل، أعملك أيه تاني؟

توقفت فداء عن مضغ الطعام الذي ملأ فمها حتى انتفخت أوداجها، عبرت قسمات وجهها عن الإمتعاض الشديد لتقول بنبرة غير واضحة: علي فكرة عيب عليك أوي المعاملة دي!، هو انا كُنت اتكرعت!
آسر بعدم فهم وشفتين مفتوحتين: ها؟!
فداء وهي تبتلع الطعام بصعوبة فتقول: أيون، يعني من إكرام الضيف. انك تسيبه ياكل لحد أما يتكرع. لكن إنت شكلك بخيل يا ماسوره انت.

آسر رافعًا حاجبيه بإندهاش: ماسوره؟!
فداء وهي توميء برأسها إيجابًا: هو انا كُنت بجيب كلام من عندي. ما البت المايعة اللي حطت الأكل دهين، هي اللي قالت كدا؟

آسر كاظمًا غيظه: قالت. أسورة.
فداء بإمتعاض: وتقولك ماسورة ليه؟، هم الموظفين بيدلعوا رؤوسهم؟
كور آسر قبضة يده في إختناقِ ونفاذ صبر ومن ثم قربها من وجهها ليصر بأسنانه قائلًا: إنتِ بلاء يا بنتي!، اتحدفتي عليا من أنهي مُصيبه؟!
فداء وهي تفتح عينيها علي وسعهما بفرحة: يا قرررد! صح، عرفت اسمي منين؟، انا اسمي بلاء فعلًا.

آسر بنفاذ صبر ونبرة عالية: إخلصي يا ست واحكي قصة الراجل بدل ما أمد إيدي عليكي، علشان تتنيلي تمشي!

فداء وقد قطبت حاجبيها بغيظِ: ما بورااااحه؟!، وبعدين مش همشي، أنا حبيت المكان دا أوي، بس عندي سؤال عدم اللا مؤاخذة كدا، يعني واحد حليوة زيك كدهون، يشتغل حرامي ليه؟

في تلك اللحظه أسرع آسر بشد خُصلاتها بقوة حتى مالت رأسها جانبًا ليقول بنبرة نادمة علي سرقة حقيبتها: يحرقك علي يحرق اليوم اللي عرفتك فيه، يا ست انتي مسروقة وقاعدة في منطقة مش بيعيش فيها غير البلطجية بس. ايه الإنبساط في كدا؟

فداء مُتصنعه للبكاء: عاااااااا، شعراااااي.
أفلت شعرها من بين كفيه في حين تابعت هي بنبرة مشاكسه: نيهاهاهاي. بضحك عليك مش بعيط.

كبا لون وجهه للحُمرة الفاقعة وبدأ الشرر يتطاير من عينيه، فيما ذُعرت هي من هيئته تلك وتراجعت بجسدها للخلف وبنبرة سريعة للغاية تابعت: شكري نجيب، حاول يعتدي عليّا. بس انا عملت معاه الجلاشه، كان فاكرني بنات، نيهاهاهاي.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة