قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية جميلتي الصهباء للكاتبة علياء شعبان الفصل السابع

رواية جميلتي الصهباء للكاتبة علياء شعبان الفصل السابع

رواية جميلتي الصهباء للكاتبة علياء شعبان الفصل السابع

حين يكُون العالم كُله في هذه اللحظه يُحبني، هناك يوجد من أُحبه ولا يهتم. جميعهم يشعرون بدقات قلبي تُناديه وتُجافيهم إلا هو صُم قلبه عن كُل شيء جميل، أكنه لهُ. ليته يشعر...

أيوة يا مُنى؟!، انا مشغول حاليًا. ساعة وهكلمك.
أردف سالم بتلك الكلمات وهو يقف بين حشد من الناس، فالأمر أصبح صعبًا مُتشابكًا، علت غمغمات داخل حجرة الاستقبال الكبيرة وأصبح من الصعب عليه سماعها ليهتف بنبرة مُتأففه: الو. الو يا منى. سمعاني؟!

أُغلق الهاتف في هذه اللحظه، نظر إلى شاشة الهاتف بحنق، ليعاود استئناف حديثه الغاضب علي هذا الحشد هاتفًا بصرامة: ممكن تهدوا؟!، وإلا هتصل بالبوليس حالًا، اللي بيحصل دا لا يرضي دين ولا قانون، وانتم ماسكين في خناق بعض علشان الفلوس.

الشاب وقد فار فائرهُ مُعلنًا بحنقِ: انا هجيب لك الفلوس في التو واللحظة منين؟!، فلوسك هترجعلك بس بالتجسيط. أما أُختي ف هتطلجها وإلا هيكون في بينا محاكم.

ضغط سالم علي عينيه بنفاذ صبر وإختناق فمُنذ علمه بسن الفتاه الصغيرة وقد هرب الدم من عروقه، يكظم غيظه بصعوبة ليجد العجوز مردفًا بصرامة لذاك الشاب:
هو أني اللي خدتها غصب؟، أمها وأبوها جبضوا تمنها وجابوهالي لحدت الدوار كمان، وأني مش هتنازل عن فلوسي. وجاتل يا مجتول، ولا إنت أيه رأيك يا سالم باشا؟!

سالم وهو يجدحه ببرود ونبرة ساخطة: أنا من رأيي إننا نوصل ل حل مُرضي للأطراف. لأن الموضوع دا زاد عن حدهُ أوي في البلد ولو وصل للمحاكم هتكون عواقبه قاسية جدًا، وانا أول شخص هبلغ عن أي حالة زيّ دي هتحصل في القرية من اللحظة دي.

العجوز بثبات ومُجادله: ما البت بلغت بكلام أهلها يا سالم بيه!، أيه المشكلة عاد؟!

رمقهُ سالم بنظرة حانقة ومن ثم أردف بإنفعالِ حاد: ما تبلغ او لأ. بلوغها مش معناه إنها كبرت يا راجل يا شايب. وبعدين إنت بتلعب في الوقت الضايع أصلًا. رجلك والقبر، ليه تنتهك براءة طفلة عندها 11 سنه بدون وجه حق، ما عادش في عقل. عاوز تتنيل تتجوز وتجيب واحدة تخدمك، إتجوز واحدة قريبة من سنك. إرحموا من في الأرض، يرحمكم من في السماء!

العجوز بإمتعاضِ: انت بتفوّل عليّ يا سالم بيه؟، وبعدين أنا بحب البنات الخفيفة مش واحدة علشان تعملي لُجمة عاوزه اللي يناولها!
سالم بسخرية: وأُم 11 سنه هي اللي هتعملك لُجمه يا راجل يا عايب!

تابع جمال حديث صديقه بضحكة مكتومة، ف برغم كارثية الأمر إلا أنهُ خفيف الروح حتى في إنفعالاته وهنا خرج من صومعة صمته ليقول بثبات: أنا من رأيي يا سالم، إن صقر (شقيق الفتاه) يدي للحاج سعفان نُص المبلغ اللي دفعه بس، ودا عقابًا للإتنين. الأول لأنهم باعوا طفلة صغيرة والسبب التاني لأن سعفان قِبل يتجوز طفله وما اتقاش شر نفسهُ ونسي كلام ربنا.

العجوز بصرخة إعتراض: بس أني ما ضربتش حد علي إيده يا جمال بيه؟!
سالم بنبرة حاسمة: هو دا اللي عندنا ولا تحب نمشيها ميري!
إحتقن وجه الرجل بدماء تغلي، ليذم شفتيه بضيقِ فما كان منهُ إلا أن أردف بإستسلام: اللي تشوفه يا سالم بيه.
صقر بنبرة حزينة قليلًا: بس أني مش معايا حتى نص المبلغ، كيف راح أدفعه؟

رمقهُ سالم بتفهم، نحا ببصره ناحية العجوز وبنبرة ثابتة أردف: أنا اللي هدفع لك المبلغ، بكرا تزورني في القصر عندي علشان تستلم الشيك. ودلوقتي هتطلق البنت!

العجوز وهو يوميء برأسه إيجابًا: وانا موافج. (موافق).

ردت!
أردفت ثلاثتهن بنفس الكلمة في آن واحد، رمقهن بغيظِ لشدة إلحاحهن. أخفض الهاتف عن أُذنه قليلًا وبنبرة حانقه هتف بصرامة: لأ. مش بترد وممكن تهدوا بقى؟!

مني ببكاء ولوعة: أكيد حد خطفها يابني، بنتي حبيبتي اتخطفت، أكيد هو الحيوان اللي كان عاوز يعتدي عليها.

قالت جُملتها هذه بحُرقة قلب ودون وعي منها، ف فداء تتخذها صديقه لها لأن عمتها أفضل مَن يُعطيها نصيحة تسير وفقها، انكمشت قسمات وجهه ومن ثم أردف بتساؤل ورهبة: إنتِ بتقولي أيه يا أُمي؟!
إتسعت حدقتا عينيها في صدمةً فقد أدركت لتوها ما قالتهُ، تلعثمت في عباراتها قليلًا قبل ان تقول بنبرة خفيضة وكأنها تترجع عما أفصحت بهُ: هو انا قولت أيه؟!، متأثرة بالفيلم اللي سمعته من شوية يا حبيبي، يقطعني؟

مسح يامن علي وجهه بقلقِ، ثم استدار حتى التقط معطفه من علي إحدي الصوفات وأسرع بإرتدائه علي الفور هاتفًا بصرامة: أنا هروح لها مكان شُغلها. ما هو مافيش حل غير كدا.
علي الجانب الأخر
(خارج بوابة قصر العامري )، هو دا بيتك؟!
أردف آسر بتلك الكلمات في ثبات وهو يجوب ببصره حول المكان في إعجاب فيما هزّت هي رأسها بتأكيد: أه دا بيتي، نسيت صحيح أوريك صورة إخواتي، انا عمري ما وريتهم لحد.

قامت بفتح حقيبة يدها بهمّة لتلتقط صورة ورقية تجمعها بشقيقاتها، أمدت يدها له فيما إلتقط هو الصورة منها وما أن نظر داخلها حتى أردف بضحكة خفيفة وهو يمسح علي جبهته قائلًا: إلحقي أنا شايف أختك تلاته، بايني كترت في الشرب!
قطبت فداء ما بين حاجبيها ومن ثم أردفت بنبرة حماسية أكثر: لأ ما الصورة ل تلات بنات فعلًا بس تؤام.
آسر يرمقها بعينين جاحظتين: يعني إنتِ عندك أُختين شبهك؟

هزّت رأسها بخفة وقد إرتسمت علامات البراءة اللا مُتناهية علي وجهها وراحت تقترب منهُ أكثر قائله وهي تُشير بإصبعها ناحية ذقنه قائله: حلو الخُرم اللي في دقنك دا؟
رفع آسر أحد حاجبيه ثم تراجع خُطوتين للخلف، وبنبرة مُحيّرة أردف: هو القصر دا بيتك فعلًا ولا إنتِ شغاله جناينيه فيه؟

أردفت هي بغيظِ: أنا فداء العامري الصحفية المستهدفة من رئيسك شكري نجيب مش كدا؟
آسر وهو يضع كفيه في جيبي بنطاله: بغض النظر إنه مش رئيسي بس اه؟
استدارت فداء ثم أشارت إلى المعلقة علي حائط القصر الخارجي ومدون عليها اسم مالك القصر لتقول بنبرة ثابتة: قصر السيد (سالم العامري ) ودا بابا.

أومأ آسر برأسه في تفهم، افتر ثغرهُ عن إبتسامة خفيفة ثم أردف بنبرة ثابتة: هاتي رقمك ضروري، علشان لو طلعتي كذابه بخصوص موضوع شكري نجيب. أعرف أوصل لك.

إقتربت فداء منه مُجددًا ثم عقدت حاجبيها تمردًا علي ما قاله وراحت تصرخ بغيظِ: أنا مش كذابه ومافيش أرقام. أشطا؟
والته ظهرها وراحت تسير خُطوتين ليقبض علي ذراعها بقوة وما أن إلتفتت إليه حتى وجدت شخصًا يأتي من خلفها ويقبض علي ياقة قميص الشاب هاتفًا: إنت مين وعاوز أيه؟!

أردف يامن بتلك الكلمات في إنفعالِ حاد ما أن رأي آسر يقبض علي ذراعها وصراخها به أن يتركها. هتف به آسر بنبرة صارمة قائلًا: إبعد إيدك يا بابا؟
فداء وهي تنظر لابن عمتها في صدمة لتهتف بصراخ: انتوا هتتخانقوا؟ وبعدين دا آسر الحرامي اللي خطف شنطتي و...

وقبل أن يتسني لها استكمال حديثها وجدت الإثنان يكيلا لبعضهما اللكمات، أخذت تصرُخ كسيدة في الستين من عُمرها تنهرهما أن يتوقفا بعد أن إقتربت منهما في محاولة لإبعادهما: يالهووووي. خناااااقة. سيبوا بعض يا عيال. مش عاوزة أمد إيدي علي حد فيكم.

وما ان أنهت جُملتها حتى وجدت لكمة تطيح بها أرضًا من حيث لا تدري، سقطت أرضًا لتصرُخ بنبرة مُغتاظة والشرر يتطاير من عينيها: إنت يا بغل انت وهو، مين فيكم اللي ضربني بالبونية؟!

اشتد الخناق بينهما أكثر حتى وصل للسباب بأقذع الألفاظ والشتائم، ذمت شفتيها غيظًا ومن ثم قررت إنهاء هذة المعركة لتنقض عليهما ثم تحاول الفصل بينهما وهي بالمُنتصف وهنا أرجع آسر رأسه للخلف ومن ثم عاد بها للأمام حتى يطيح برأس (يامن) ولكنه أخطأ الهادف وكانت الإطاحة من حظها لتسقط أرضًا مجددًا: جالي إرتجاج في المُخ! إلحقوني. مصاصين الدماء دول هياكلوووني.

وهنا حملقت بعينيها إليهما عندما سقطا أرضًا وقد اعتلي يامن جسد خصمه وبدأ يكيل له اللكمات لتقترب هي منهما ثم تضرب الأرض بكفها وتردف بسعادة:
واحد، إتنين، تلاته. هيييييييه كسبت يا يامن، كفاية بقي الله يخربيتكم!
عاد الإشتباك مُجددًا عندما بدأ آسر يكيل لخصمه اللكمات من جديد، أسرعت هي بإمساك عُنق (آسر) من الخلف عندما حاوط ذراعها رقبته لتصرخ به غضبًا: سيب ياض انت، ابن عمتي. وحياه أبوك سيبه بقى!

لم تجد جدوي من هذا، لتقع عيناها علي الخرطوم البلاستيكي المخصص لريّ أزهار الحديقة، هرولت إليه علي الفور ثم فتحت مقبس المياة وصوبت فوهته ناحيتهما لتبدأ حرب الرش بالماء، وهنا أردفت بضحكة انتصار: مين فيكم يا كلاب اللي ضربني بونية؟، ومين البغل اللي ضربني براسه الناشفه؟! دا بقي بالذات هدخل الماية من صرصور ودنه أطلعها من الصرصور التاني.

آسر بعصبية: إنتِ يا بت، إبعدي الخرطوم دا؟
نجحت خطتها في إبعادهما عن بعض، فيما رمقهما آسر بحنقِ ليباشر سيره خارج القصر فقد أدرك أخيرًا بأن الصراع اوصلهما لداخل مُحيط القصر وقبل ان يختفي عن ناظريها هتفت هي عاليًا: أنا مش كذابه يا آسر؟
لم يلتفت لحديثها او يعيرها اهتمامًا لما قالته بل ذأب في خطواته مُبتعدًا، صر آسر علي أسنانه بحنقِ وبنبرة صارمة أردف: قدامي علي جوا. لما نشوف حكاية الراجل دا أيه؟!

في صباح اليوم التالي، في أيه يا مراد بس النهاردا؟، مش عارف تحفظ القصيدة ليه؟
أردفت مني بتلك الكلمات في استغرابِ من خمول ابنها ناحية واجباته الدرسية، اردف مراد بنبرة مُتأففه: البيت دا غبي أوي وانا مش عارف أحفظه.
هو أيه دا اللي مش عارف تحفظه؟، صباح الخير يا منمن يا جميلة؟

قاطعهما صوتها وهي تدلف إلى الغرفة لتتجه ناحية عمتها ثم تُقبل وجنتها بحُب، فيما تابعت الأخري بحنو: صباح الورد يا فيدو، شوفي يا ستي الاستاذ مودي بيقولك مش عارف يحفظ نص أحمد شوقي خالص!

ضيقت فداء عينيها قليلًا ومن ثم عادت ترمق عمتها من جديد وبنبرة مُتسائله تابعت: شكلك ما قولتيش حاجه ل سُلم بخصوص اللي حصل إمبارح. علشان ربنا هاديه عليا النهاردا، وما شوفتش أي شباشب طايره في الجو؟

مني بقهقه خفيفة: لا ماقولتش. بس انتِ كُنتِ بتخططي لأية إمبارح؟!
افتر ثغرها عن ضحكة خفيفة من جانب فمها وراحت تقول في تفاخر: دا أنا فداء العامري. افتحي التليفزيون ولا النت وانتِ تعرفي، المهم خلينا مع الواد الغلبان دا. لحظة وراجعة!

ترجلت فداء خارج الغرفة لدقائق قليله ومن بعدها عادت مُجددًا تحمل بين يديها طبلة تحتفظ بها داخل غرفتها لتستخدمها في الوقفات الإحتجاجية التي تشنها ضد الفاسدين.

فغرت مني فاهها بدهشة، عندما جلست فداء القرفصاء إلى الفراش وبدأت تدق الطبلة بمرحها المعتاد تنشد القصيدة بطريقة شعبية حينما صدحت زغروده منها قبل ان تهتف بمرح: اختلاف الليل والنهار يُنسي، اذكرا ليّ الصبا وأيام أُنسي، علشان أنا مجروح
وصفا ليّ مُلاوة من شباب، صُورت من تصورات ومس. عليه جِن ويا عيني مجروح.

عصفت كالصبا اللعوب ومرت، سِنه حلوة ولذة خِلس. والواحد مأريف من كُتر الجروح، طب تؤ تؤ تيء تأ. دي چي يدو لولولولوي.
تبادل كُلًا من مراد ومني نظرات مشدوها، لتنبعث قهقه عالية من فم السيدة مني بينما أردف مُراد بنبرة مُغتاظة: يعني أنا كدا هحفظه؟!
اقتربت فداء منه وهي تتمايل بالحركات الشبابية، رفعت ذراعها ناحيته ثم أطاحت بالكتاب الذي بين يديه أرضًا ومن ثم جذبته إلى ساحة الرقص وبدأت تصدح بضجيجِ عال:.

مافيش صاحب يتصاحب. مافيش راجل بقي راجل!
انسجم مراد معها ثم بدأ يصدح بصوته العال مُكملًا سطور الأغنية حينما هتف: هتتعامل هنتعامل. طلع سلاحك مُتكامل، هتعورني هعورك وأبوظ لك منظرك.
وقبل أن يستأنف سطور الأغنية التي يحفظها عن ظهر قلب حتى وجد كفها يلتصق بظهر عُنقه وبنشوة انتصار تابعت:
زيّ ما انت حافظ الأغنية كدا ياسطي، أحفظ القصيدة يا عنيا؟
مراد بنبرة ساخطة: أرحمي قفا اللي جابوني، دا بقي حمال قاسيه منك.

أسرعت برمي الطبلة إليه ليلتقطها بين ذراعيه ومن ثم أردفت بنبرة خبيثه: لو القصيدة ما اتحفظتش النهاردا علشان ارجع من الشغل وتسمعها ليّ. مش هيكون قفاك بس اللي مُستهدف، لا دا انا هتوسع في النشاط ومش هفسر علشان مني بتتكسف هيء.
جدحها مراد بنظرة ساخطة، فيما أردفت مني وهي تزج بها خارج الغرفة: ربنا يصبرني عليكم. انتوا الإتنين.

سارتا معًا خارج الغرفه، لتترجل (عنود) من غرفتها وما أن رأتهما حتى أردفت بحُب: صباح الورد علي الوردات؟
فداء بحب: صباح العسل يا عسل أبيض نحلاوي.
افتر ثغر عنود عن إبتسامة عريضة، ومن ثم تابعت وهي علي عجالة من أمرها: فيدو أن رايحة اشوف مبني الشركة مع قُصي.
فداء بتفهم: أجي معاكِ ولا هتاخدي بالك من نفسك؟

إقتربت عنود من شقيقتها ثم طبعت قبلة سريعة علي وجنتها وبعدها استدارت تهرول هابطة الدرج وبنبرة ثابتة تابعت: ما تقلقيش يا فيدو. وراكي رجاله.
مني وهي تلتفت لها ترمقها بتساؤل: ما قولتليش، عملتي أيه تاني في الزفت دا؟!

علي الجانب الاخر ، جلس إلى المقعد بالغرفة المُخصصة لتدريبات ابنته، كان ينظُر إليهما بأمل حينما مد يامن كفيه لها وبنبرة حانية تابع: يالا هاتي إيدك، وهتقفي علي رجلك ونحاول نمشي كام خطوة. تمام؟!
رمقتهُ بيسان بخوفِ لشعورها الدائم بإنعدام القدرة. ابتلعت ريقها بصعوبة لتردف بنبرة وجله: مش هعرف.
يامن بإبتسامة حانية: هتعرفي، وانا كمان هساعدك.

مال بجذعه الأمامي قليلًا، ليُحاوط خصرها بذراعيه، يرفع جسدها عن المقعد المُتحرك، تشبثت بقميصه هلعًا وما أن تأكد من اتزان وقفتها حتى أمسك ذراعيها وابتعد عنها مسافة قليلة وبنبرة هادئه تابع: حاولي تحركيها وتقربي مني. ها!
في تلك اللحظه صدح هاتفه عن اتصال، التقط الهاتف من جيب بنطالهُ لينظر إلى شاشتة في هدوء وافر وما أن أجاب حتى تغير لون وجهه حنقًا: أيوة أنا والدها. مين؟

دلفت فداء إلى غرفة التدريبات بصحبه عمتها، تهللت أسارير وجهها وهي تجد شقيقتها تبذل قصاري جهدها كي تتغلب علي شيطان ماضيها وسرعان ما تحولت قسمات وجهها إلى رهبة عندما التفت سالم ناحيتها وهو يتابع والشرر يتطاير من عينيه:
انا مُتأسف ليك جدًا يا فندم. انا هتصرف، في رعاية الله.
فداء وهي ترمقه بنصف عين: طيب نتفااااهم ياسطي؟
فداء!، هاتي الصور اللي لقطتيها ل المذيع اللي اسمه شكري نجيب ، وحالًا.

أردف سالم بتلك الكلمات في عصبيه مُفرطة بينما هرولت فداء ناحية المطبخ ومن ثم إلتفتت لهُ تردد بحزمٍ: علي جُثتي، الاستاذ بيقول عليا في برنامجه إني كذابة في كُل الأخبار اللي بجيبها، هيكذبوني انا ويصدقوا الحشاش دا، اللي قاعد يومه كُله في غُرزه!

نظر إليها بعينين جاحظتين ومن ثم ردد بعدم تصديق وقد أجفل عينيه قليلًا، غُرزة وحشاش يا بلاء!
فداء بثقة: أه وكُله في الصور علي النت وعلي عينك يا تاجر، ولا إنت فاكرني مش هعرف أرجع حقي!

مسح سالم علي وجهه بعصبية خفيفة بينما تابعت بيسان بتلعثم والتي ساعدها يامن علي الترجل خارج الغرفة لمعرفة سبب إنفعال والدتها: بليز يا فيدو، أدي ل بابي الصور، حرام عليكِ هيتعب!

سالم باستئناف: الصور لو ما طلعتش حالًا هحبسك هنا ومافيش شغل تاني يا بلاء القصر...
فداء وهي ترفع إصبعها السبابه أمامه وبنبرة عالية بعض الشيء، هتفت، وإن لَم يكُن من الموت بد. فمن العجز أن تكون جبانًا.

كانت تقف علي باب المطبخ تسده، ولأنها علي علم دائم بغدر والدها بها بإستخدام اسلحتهُ الطيارة، ولجت داخل المطبخ علي الفور ومن ثم عادت تقف أمام الباب من جديد وهي تمسك بين كفها غطاء قدر كبير، حيث يتم استخدام هذا القدر لعمل الوجبات الكبيرة او وجود احتفالًا ما بالقصر وهنا تابعت هي بتفاخر: وأدي درع الحله أهو، ولا الدرع اللي كان مستخدمه صلاح الدين القليوبي حتي. ووريني الجزمة هتيجي في وشي إزاي، ول علمك بقي هروح شغلي.

انهت كلماتها ومازالت تختبيء بوجهها خلف الغطاء ولا تري أحدًا منهم، فيما نزع سالم حذاءه عنها ليُلقي به إليها فيلتصق بمعدتها، ألقت الغطاء من يدها ومن ثم أخذت تهتف بتذمر: أه يا كرشي! والله العظيم يا سُلم انت بقى هزارك تقيل يا جدع. انت لا يمكن تكون أب.
سالم بحدة: الصور اللي نزلت علي الفيس بوك دي، تتمسح حالًا يا هانم، وبعدين أي حق اللي عاوزه تاخديه منه دا؟!

فداء بتوترِ وهي تبتسم ببلاهة: حق؟، أنا ما يتقالش عليا نص كُم. لو ما كنش الكُم كامل مالبسش لاستهوي يا سُلم!

غريبة أوي إنك بتتكلم بقلب جامد كدا؟، انا أول مرة أشوف حرامي شريف. بكذب عليك أو لأ. دا هيفرق معاك في أيه؟

أردف شكري بتلك الكلمات الساخرة وهو يقف أمام يلته واضعًا يدهُ في جيب بنطالهُ بثقة فيما تابع آسر ببرود صقيعي:
مين قالك إني حرامي؟ انا بس بيصعب عليا الغلابة اللي زيك ف بحاول أرجع لهم حقهم واهي مُغامرة في الحياة. لكن عمري ما سرقت حاجه مش ليّا او جيت علي حق حد.

شكري بإبتسامة ساخرة من جانب فمه: أفهم من كدا إنك مش هتخلصني من البنت دي؟
إقترب آسر منهُ أكثر ليجابهه بنفس قوته وبنبرة صارمة تابع: لأ مش هخلصك من البنت دي، أنا هخلص عليك إنت لو فكرت تقرب لها تاني.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة