قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية جميلتي الصهباء للكاتبة علياء شعبان الفصل السابع والعشرون

رواية جميلتي الصهباء للكاتبة علياء شعبان الفصل السابع والعشرون

رواية جميلتي الصهباء للكاتبة علياء شعبان الفصل السابع والعشرون

كثيرُ من الأحلامِ لمعت في طُرقات صاحبها، تهديه إلى حلم جديد، وكثيرُ من الآهاتِ إنجلت بسندٍ في وقت المحنة. سديد، كالعصا التي تهُش بها على همك ف يهون، شُكري نجيب طلب مني أمضيك على أوراق شراكة مزورة، بعد ما أقنعك إن شركتي اقتصادها وأرباحها بيزيدوا يوم بعد يومٍ وبعد ما تمضي أقدم ورق للبوليس وتاخد فيها كام سنه سِجن لأن البنود اللي على الورق هتتعدل لبنود جديدة وإنك ماضي إعتراف على نفسك بسرقة شركة شُكري مش شراكتك معايا. ودا كُله في مُقابل فلوسي اللي نصب عليا فيها.

أردف الرجل بتلك الكلمات في ثبات مُتشبثًا بما قالهُ، جدحهُ آسر بنظرة ثاقبة وراح يُفكر فيما قاله مليًا ومن ثم إلتفت إليه ليعقد ذراعيه أمام صدره مردفًا بثبات: أخد منك كام؟! وليه قررت تقولي وما تنفذش!، وتفتكر بسهولة هصدقك؟!

هزّ الرجل رأسه مُتفهمًا ليميل بجذعه العلوي قليلًا ومن ثم إلتقط حقيبته الجلدية السوداء ليضعها على الطاولة أمامه وراح يلتقط مجموعة من الأوراق بأنامله ليُقدمها له بثبات قائلًا: نصب عليّا في نص مليون جنية، وبعدين انا لا حرامي ولا نصاب علشان انفذ. هو دخلني معاه في شراكة ومشروعه فشل. وشرط عليا ألعب نصباية عليك علشان أخد حقي، ولأني عارف إنك أكتر واحد كاسر عينه وعاوز ينتقم منك ما كُنتش جيت حذرتك منهُ وطلبت مُساعدتك، إقرأ الأوراق بنفسك وانت تعرف كُل الحقيقة.

مسح آسر على وجهه بنفاذ صبرٍ، ألقى نظرة مُتعمقة فيما دُون داخل الأوراق ليتأكد من صحة ما سمعه بالفعل. تنحنح في حديثهُ قليلًا ومن ثم أردفت بوجه مُتجهمٍ: أنا بقى عاوز منك خدمة.!
رمقهُ الرجل بترقب ونظرات ثاقبة فيما إلتفت إليه بكامل جسده مُردفًا باستئناف: عاوز صور ل يلا شُكري. من الأربع جهات بكُل مدخل ومخرج فيهم. لأني ما أفتكرش دخلت اليلا دي قبل كدا.
الرجل بترقُب: إنت ناوي على أيه؟!

آسر وهو يربت على كتفه بثبات: أنا راجل ما أحبش حد يسأل كتير عن شُغلي. فلوسك هترجع لك ودا المطلوب.

تلعثم الرجل في عباراته قليلًا قبل ان يُردف بحسم: في حاجة كمان!، شكري في مرة من المرات سمعته بيتحالف على بنت تقرب لك او تخصك بمُجرد ما يخلص منك والدور ييجي عليها.
آسر بلهفة مُحتنقة: بنت؟!، قالك اسمها أيه!
أضاف الرجل بنفي: ما قالش دي كانت جُملة سريعة وما كانش عندي الجراءة استفسر. أنا حبيت أقولك علشان تاخد بالك وربنا يُستر على ولايانا.

تاججت نيران الغيظ داخله ليصر على اسنانه بقوة يتوعد له بتهديدٍ وخاصةً بأنه لا يعلم أي فتاة قصد هذا الوغد؟! أنهي الرجل حديثه ثم ودعه ليسير خُطوتين للأمام وبعدها إلتفت قائلًا بتذكر ل شيء ما: آسر! تقريبًا البنت دي صحفية!

جحظت عيناها وهي تنظُر له بشدوه من إجابته على سؤالها تجاه الموقف الذي تعرض له ما أن وصل إلى بيته حيث كان هذا الرجل في إنتظاره، إحتفظ آسر بآخر جُملة قالها الرجل وهو يقُص عليها ما حدث فلم يجد داعي لإقلاقها مادام هو موجود وهنا تابعت فداء بغيظٍ: الراجل دا حقير ومريض، أنا مش عارفة هيسيبك في حالك أمتى؟!، بس أنا مش هسكت وهفضحة قُريب.

باغتها آسر بصوته الأجش يهتف بلهجة صارمة: لأ، إنتِ مالكيش أي دخل في الحوار! وما تحاوليش تعملي أي حاجة من ورايا. ما تنسيش إنك بنت مهما روحتي وجيتي!، هتقفي قصاد جحش زيّ دا؟ وليه هتتجوزي عيل! أركبي وما تحطيش في دماغك كُل حاجة هتتم في الوقت المُناسب.

إنكشمت قسمات وجهها ضيقًا. قامت بربط الخوذة على رأسها بإحكام ومن ثم وضعت كفيها على كتفيه لتصعد على متن الموتور وراح ينطلق بها حيث لقائه ب فايز ، أدخلي؟!
أردف قُصي بتلك الكلمات في ثبات، ما أن فتح باب الغرفة وخطا خُطوتين للداخل ليجدها تقف أمام الباب بتوجس وريبة، رفعت عينيها له ترمقهُ بتوترٍ وقد جال الدمعُ في عينيها مُردفةً: هقعد على البحر شوية!

قطب قُصي ما بين حاجبيه بإستغراب، ليضغط على عينيه بنفاذ صبرٍ، مشى إليها بخُطوات مُندفعة ثم قبض على ذراعها برفق يحثها على الدخول قائلًا: بُكرا عندنا يوم كامل نقعد قدام البحر زيّ ما إحنا عاوزين، أما دلوقتي ف إحنا هناكل وننام. انا جسمي مكسر طول اليوم واقف على رجلي.

شهقت عنود برقة وهو يجذبها إلى الداخل ومن ثم أغلق الباب خلفهُ وهنا أردف بثبات: أنا داخل أخد شاور وإنتِ أطلبي الأكل اللي نفسك فيه عقبال ما أخلص.

أومأت عنود برأسها في خفة. ليتجه هو صوب المرحاض ما أن أنهى حديثه فيما جابت هي الغرفة بعينيها تنظُر في تفاصيلها الدقيقة لتصدر عنها زفرة مُطولة. سارت بهدوء نحو النافذة الزجاجية لتقف قبالتها تتأمل هذا المنظر الطبيعي الخلاب والأضواء الحالمة في ليلة مُقمرة وهنا أردفت وهي تحتوي ذراعيها بكفيها:.

يارب إديني شوية قوة أكمل، محتاجة أفهم نفسي. أنا مش عاوزة أبدًا وانا في طريق تحقيق حلمي، أخسر ناس بحبهم. لو نجاحي مش هيكون بيهم إغنيني عنهُ بعوضك في حاجات جاية أحلى يارب.

سقطت دمعة حارة من عينها لتُسرع بمسحها على الفور وهنا إلتفتت بجسدها لتهتف بنبرة عالية بعض الشيء: قُصي؟!

لم تجد منهُ ردًا لتتجه بخُطى وئيدة صوب المرحاض، رفعت كفها بعد أن ضمته بثبات، همّت أن تطرُق الباب بعد أن فتحت فمها تُخبره ما تُريد حتى وجدت الباب يُفتح، أطل قُصي من خلفه وكان جذعه العُلوي عارٍ من أي ملابس. تراجعت فجأة عن الطرق وقد جحظت عيناها بصدمة ليتابع هو بثبات: نعم؟
ابتلعت عنود ريقها بصعوبة، وغلب على صوتها نبرة تميل إلى التحشرج الباكٍ لتردف بخفوت: كُ ك كُنت هسألك، تحب تاكل أيه؟!

قُصي هو يتجاوزها إلى خارج الغرفة: مش هاكل، أطلبي ل نفسك.

أغلقت عينيها على الأثر تتنفس الصعداء وبنبرة مُتوترة قالت: اللي يريحك.

جلس الثلاثة إلى طاولة ما بأحد المطاعم. تصافح كُلًا من آسر وفايز في باديء الأمر، تولى آسر أمر شرح فكرته لهما، كانت فداء في حالة ذهول وتحيُّر وهنا أردف آسر بثبات:
الموضوع كُله مش محتاج أكتر من يوم لو مترتب له كويس، طبعًا أنا قصدتك بالأخص يا حظابط علشان إنت زميل قُصي، مش هحتاج منك غير مُساعدة لو حصل أي غلطة في الخطة.

أومأ فايز برأسه مُتفهمًا وبنبرة مُتحيّرة تابع: طيب هو إنت هتسرقه ليه؟!، ماتسلمه تسليم أهالى بالمُستندات المزورة معاك!
أطلق آسر قهقهة عالية بعض الشيء، وما أن إنتهى حتى أردف بهدوء: ومين قال إني ما فكرتش في كدا؟!، بس دا يعمل أي حاجة وهيخرج بردو وهيعيش حياته ويأذي دا ويدوس على د. لكن أنا عاوز أخرق قلبه.

فداء مُتدخلة وهي تضرب على سطح الطاولة بثبات: عندك حق يا أسورتي. دا راجل واطي ولازم يتعلم عليه.

تنحنح فايز قليلًا وهو يرمقها بتوجس وقد حاذرها خوفًا من شرها، قام آسر بإلتقاط كفها ثم قبلهُ بحُب لتبادله إبتسامة رقيقة داهمت شفتيها. ضيق فايز عينيه بشدوه وهو يرى تشقلُب حالها كُليًا ليجد آسر مردفًا بثبات: أنا ممكن أقتله عادي علشان خاطرك.

إقترب قليلًا من وجهها وقد انغمسا في مشاعرهما، ليميل فايز إليهما بوجهه هو الآخر وراح يردف ببلاهة: هو مش إنتِ بتاعة الهجمات المُرتدة!، أيوة إنتِ أُخت عنود العامري، طيب هو إنتِ عيانة!

نحت فداء ببصرها إليه ترمقهُ بحنق وهنا أردف آسر بإستفهام: هجمات مُرتدة؟!
فايز وهو يفتح فمه بحيّرة وقد هزّ رأسه إيجابًا: أيوة، دي مُفترية وبتضرب أي حد. هو لمؤاخذة يعني إنت تقرب لها.
رفع آسر أحد حاجبيه وهو ينظُر إليها بترقُب قائلًا: خطيبتي.

هبّ فايز من مكانه على الفور ليقترب من آسر وراح يضمهُ بين ذراعيه مردفًا بنبرة تُعازيه حروفها: ألف لا بأس عليك أقسم بالله، دي المرأة الحديدية. طيب إنت مأمن نفسك منها، تعملك هجمة مُرتدة كدا ولا كدا تقوم كاسره لك زعازير رجلك كُلهم.

حدق آسر إليها في صدمة يتصنعها فهو يعلم شخصها المُشاكس واصرارها على استرداد حقوقها. افتر ثغرهُ عن إبتسامة عريضة بعدما إبتعد عنهُ فايز ومن ثم أردف بثبات: ما تقلقش دي أليفة وانا مش بجوعها.

مطت فداء شفتيها بحنقٍ من حديثهما الساخر حولها، نحت ببصرها إلى فايز ترمقهُ بنظرات يتطاير منها الشرر وهنا هبّت واقفة على الأثر وراحت تقترب من مقعده مُردفة بحدة: أنا بحب أكل لحم البني آدمين أوي، دا غير الهجمات المُرتدة أصلي مُتعددة المواهب.

أنهت جُملتها ومن ثم مالت على ذراعه وغرست أسنانها به ليصرخ فايز بتأوه مردفًا: يا بنت العضاضة!

فتح آسر عينيه واسعًا ومن ثم استدار إليهما يضع كفيه حول خصرها وراح يهتف بلهجة آمرة: الله يخربيتك! بتعضي ظابط!، ناقص مين ما عضتيهوش!

حرر ذراعه من تحت أسنانها ليهبّ واقفًا وهو يتحسس مكان الإصابة قائلًا بغيظٍ: أكيد لسه ما عضيتكش إنت؟!، حسبي الله دا إنتِ مش ست، دا إنتِ راجل مُتنكر.
رفع آسر كفه على وجنته بعد أن جذبها إليه يقبض على ذراعها بقوة: مين دي اللي ما عضتنيش!، إنت مش شايف البوصلة اللي في خدي.
فداء بنظرة شرانية له: كدا تفضحني قدام حبيبي، دا انا لو مسكتك ه...

أخذت تطرق أسنانها ببعضهما عدة مرات، حدق فايز إليها بفزعٍ وراح يرتد بجسده للخلف لتستأنف هي بنبرة مُحتقنة: هلعب في وشك بالسكاكين.

رفع آسر كفه إلى مؤخرة رأسه مُداهمًا إياها بضربة خفيفة قائلًا: إنتِ أساسًا مفضوحة. الموضوع مش محتاج تشهير ياعني. وإتنيلي أقعدي لأخبطك قلم ألزقك في الحيطة.

فداء وهي تستسلم على مضض: هو أنا مش مرضيه. يعني حاسه إني لسه ما خدتش حقي. بس ماشي.
رفع آسر كفه يمسح به على وجهه بنفاذ صبرٍ، تنشق الهواء داخله لوهلة ومن ثم مال بجذعه العلوي حتى نزع عنه حذائه وبنبرة صارمة أردف وهو يضعها على الطاولة: بتقولي حاجة!
فداء بتلعثم: لأ، مش بقول.

تلحف قُصي جيدًا وهو يُجاورها في الفراش يواليها ظهره، جلست القُرفصاء في ثبات تضع علبة البيتزا على حجرها، أخذت تلتهم الشطيرة تلو الأُخرى في حالة توجس منه وهنا تابعت بصوتِ غير مفهومٍ تمضُغ الطعام الذي ملأ فمها دون منفس: أخر كلام، مش هتاكل؟!
قُصي بإبتسامة باردة: ألف شُكر. انا بس بستأذنك ما أصحاش الاقي طرف مني مفقود، أقوم مثلًا مش لاقي صوباع من صوابعي لأنك ما شبعتيش ف أكلتيه.

لوت عنود شدقها بإمتعاض جلى في ملامحها، إلتقطت العُلبة بين كفها وراحت تضعها على الكومودينو المجاور للفراش. رمقتهُ بنظرة أخيرة عابسة قبل ان تتمدد في الفراش بجواره تواليه هي الأُخرى ظهرها، أخذت تتقلب في الفراش بغير أريحيةً وهنا صدر عنها تأففًا وشكوة وهي تتذكر وجود شقيقاتها إلى جوارها فقد إعتادت ضمهما أثناء نومها والاستشعار بلمساتهما بالقُرب منها كي تهدأ وتغط في نومها العميق بنفس راضية. حتى أنه غاب عن بالها إحضار دُميتها التي تعشقها وتضمها في غياب إحداهن. أحس بحركاتها المُستمرة وشيء فشيئًا وجد ساقها قد إمتدت إليه لتضعها فوق ساقيه أثناء نومه على جنبه الأيمن، لم تكتفِ بهذا فحسب بل مدت ذراعها تحتضنه. جحظت عيناهُ في شدوه ومن ثم تحولت نظرته إلى أُخرى متوجسة حينما أردف بخفوت: عنود؟!، أيه النوم الكلابي دا!

شعر بحرارة أنفاسها الدافئة تخترق عُنقه من الخلف، إلتفت بجسده في تباطؤ بعد أن أبعد ساقها عنه بخفة ليجدها قد غطت في سُبات عميق.

وقعت عيناهُ على وجهها الملائكي ليُمعن النظر به في سعادة بالغة ليُمرر أصابعه يستكشف ملامحها بأنامله لأول مرة. شرد قُصي بها لمُدة ليست بالقصيرة وفجأة وجدها تتمطع بذراعيها ومن ثم والته ظهرها، دقت عقارب الساعة حوالي الساعة الثانية بعد مُنتصف الليل، فتح عينيه بتثاقُلٍ وهو يفركهما بخفة ليصل إلى أُذنية صوت أنين صغير. نحا ببصره إلى موضع نومها ولكنه لم يجدها. استرق السمع إلى هذا الصوت من جديد ليتحرك بتوجس إلى آخر الفراش ومن ثم نظر من أعلاهُ ليجدها تجلس في أرضية الغُرفة وقد استندت بظهرها إلى الفراش تبكي بُكاءً خافت. حدق قُصي بها في ذهول وهي تمسك علبة النوتيلا بين كفها ومن ثم تُدخل إصبعها إليها تُلطخه بالشيكولاته ثم تعود تضعه في فمها تستلذ بمذاقها. لم يعُد يدري أتبكي أم تتناول الشيكولاته!، وهنا أردف بنبرة هادئة: عنود!، إنتِ بتعيطي؟!

لم تلتفت له أبدًا او يُصيبها رجفة من صوته المُفاجيء بل هزت رأسها يمينًا ويسارًا مُطأطأت الرأس تتناول العُلبة بين كفيها بشراهة، استدار قُصي إليها بعد أن تدلى عن الفراش ليجلس أمامها القُرفصاء وما أن رأي ثغرها المُلطخ حتى أردف بصدمةً: أعوذ بالله من الخُبث والخباث، إنصرفي لا تؤذينا ولا نؤذيكِ!

عقدت حاجبيه وقد عبرت قسمات وجهها عن الإمتعاض لتردد ببُكاء صارخٍ: عاوز أيه؟! هو انا عفريت ياعني مثلًا؟
فغر قُصي فاهه من بُكائها، ليرفع كفه أمامها مردفًا بنبرة هادئة: أنا أسف، أهدي خاااالص!
قام بجذبها إلى أحضانه لتجهش هي في البُكاء ثانية وهي تصرخ به: أنا مش عارفة أنام. أنت ضخم وواخد المكان كُله. أنا عاوزة أخواتي.

أوشك قُصي في هذه اللحظة على الإنفجار في قهقهاته ولكن أراد أن يمتص ضيقها ولا يزيد عليها حُزنها. ربت على خُصلات شعرها بحنو وبكفه الآخر بدأ يستئصل بُقع الشيكولاته عن فمها بإصبعها ومن ثم يتذوقها مردفًا بنبرة عابثة: الله، شيكولاته بالقشطا!، نسيتي تحطي على مناخيرك يا عنقودة؟
قامت بإلتقاط الشيكولاتة بين أصابعها ومن ثم رفعت كفها حتى لطخت وجهه مُردفةً بسعادة وقهقهة مرحة: ما تاكل من وشك إنت، مالك بوشي؟

أسرع بتقليدها ليغمس أصابعه بعلبة الشيكولاته ثم يدهن وجهها كُله بها مُردفًا بضحكة خفيفة: لأ، أنا بحب القشطا.
أخذا يمرحان سويًا وقد لطخا بعضهما بالشيكولاتة، فيما تناست عنود أمر خوفها منهُ لتبدأ بإنفتاحها على هذه العلاقة دون وجلٍ أو رهبةً، كانت سعادتهُ لا توصف يضحك معها ملء شدقه. ولأول مرة يغمرهُ شعور شاب مجنون يتعامل بتلقائية مُنقطعة النظير. وقد يكون هذا سرُ من أشد أسرار هُيامه بها...

أسرع قُصي في هذه اللحظة بإلتقاط ذراعيها ليُقيدهما أمامها ومن ثم يسحبها إلى أحضانه مُردفًا بحنانٍ لاق به: وأدي حجتك اللي مش عارفة تنامي بسببها. أقفلي عيونك بقى.
تنهدت عنود بأريحية شديدة وهي تُغلق جفنيها بإستسلامٍ شديدٍ وما هي إلا ثوانٍ حتى نامت دون أن تحتاج وقتًا لذلك فقد أُرهقت طيلة اليوم، أخفض قُصي بصره إليها ليجدها غطتفي سُباتها ليرف بنبرة مُتحيّرة:.

سيدة أعمال ومسؤولة شركة أيه دي؟!، دي طفلة ما كملتش ست سنين أقسم بالله!

في صباح اليوم التالي، تجمعوا جميعًا في حديقة القصر، يستمتعون ببعض الوقت قبل ذهاب جمال أمس اليوم بصُحبة فداء وآسر إلى القرية مُجددًا. جلس سالم يلعب الشطرنج بصُحبة صديقه فيما جاورتهما مُنى تُدعم من موقف شقيقها امام خصمه ولم تنسَ سلاحها المُحفز دائمًا حيث بدأت في تقطيع ثمرات التفاح إلى شرائح تضعها أمامهما في سعادة. وفي هذه اللحظة إلتفتت بعينيها إلى هؤلاء المجانين، أما براوه براوه. أما براوه. دوار حبيبي طراه. أخر طراوه.

صدح صوت مُراد ينشد هذه الأُغنية عاليًا ليتردد صوته في جنبات القصر بأكمله، حيث جلس على سطح القصرِ وقد تدلى ساقيه في الهواء يمسك بين كفيه خيوط البالونات المُجمعة في عُقدة واحدة ومن ثم تابع بنبرة حزينة: هو فين دوار حبيبي دا؟!، هو انا لاقي كلبة جربانة أحبها. دا انا هعيش وأموت سنجل باين ولا أيه؟!
في هذه اللحظة سمع صوت شقيقه يهتف بحنق: مُراد يا زفت!، إخلص!

إلتفت مُراد إلى شقيقه وقد تذكر سبب وجوده فوق السطح، عندما قرر يامن أن يُفاجيء زوجته بمجموعة بالونات وقد ربط قطعة شيكولاته مُغلفة في نهاية كُل بالونة ولصق صندوق الدبلة القطيفة بإحدى البالونات وهنا أسرع مُراد بتحرير البالونات من بين راحته. ابعد يامن كفيه عن وجهها لتهتف فداء بسعادة وهي تُشير بإصبعها عاليًا: بيسان، بُصي فوق!

نحت بيسان ببصرها عاليًا وهي تنظُر إلى المنظر بفرحة عارمة، بدأت بفرد ذراعيها أمامها وهنا أسرع يامن بالقبض على عُقدة البالونات مُردفًا بحنو: ما ينفعش بيسان يكون نفسها في حاجة وما تجيش!
رمقتهُ بيسان بفرحة ومن ثم راحت تحتضنه بحُب قائلة: كُنت مُتأكدة من دا.

إلتقط يامن العلبة بكف وبالأخر فتح العلبة ثم أمسك الخاتم لتمد كفها له حتى استقرت الدبلة بين أصابعها. تنظُر لها برضى جمّ فيما باغتها هو بقُبلة طويلة على وِجنتها، تعالت الصفافير من قِبل فداء ومُراد. أطلقت مُنى قهقهة سعيدة عليهم لتردف متوجهة بحديثها إلى شقيقها: لايقين على بعض أوي يا سالم.

سالم بضحكة راضية: ودا اول شرط في رجالة بناتي.

في هذه اللحظة قطع حديثه صوته الذي ردد وهو يقف أمامهم بنبرة ثابتة: وانا؟!، ما أخدتش رأيك فيّا؟!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة