قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية جميلتي الصهباء للكاتبة علياء شعبان الفصل الثامن والعشرون

رواية جميلتي الصهباء للكاتبة علياء شعبان الفصل الثامن والعشرون

رواية جميلتي الصهباء للكاتبة علياء شعبان الفصل الثامن والعشرون

بين فرحٍ يُبكينا وآخر يُزعجُنا، قضية شدّ وجذب. أطراف منكَ أنهكها الضغط ف هتفت لك أن تستسلم. كُنت في حاجة ماسة إلى دفعة تُعينك على الخضوع، ف اتتك.
وانا؟!، ما أخدتش رأيك فيّا!

قالها آسر وهو يقف أمامهم مُباشرة، نحا سالم ببصره إليه ليفتر ثغرهُ عن إبتسامة أبوية حانية: إنت مش محتاج تعرف رأيّ فيك يا آسر، إني أدخلك بيتي وأوافق عن قُربك من بنتي. وراحة بالي عليها وهي معاك. دي كُلها حاجات بتثبت رأيي فيك.
تنهد آسر بأريحية. أسرع بجذب مقعدًا ما ليُقربه من سالم ثم جلس إلى جواره مردفًا بنبرة هادئة: حيث كدا بقى، انا عاوز أقولك اللي في قلبي كُله. وناخد خطوة.

رمقهُ سالم بجدية شديدة وراح يوميء برأسه في ثبات فيما تهللت أسارير وجه (مُنى) وقد علت نبرة صوتها تُنادي الجميع وكأنها فهمت ما يرغبه آسر: فداء؟!، تعالي ضروري إنتِ والولاد!
إلتفتت إليها فداء بهدوء ومن ثم تحولت ملامحها إلى الدهشة، ذأبت في خُطواتها إليهم بعد أن صُدمت من مجيئه دون إخبارها. استتبعها الآخرين لتجد آسر يُردف بحسم:.

بصراحة يا عمي. انا بحب فداء جدًا، مش حابب فكرة الخطوبة نهائي. لو دا مش هيضايقك ف انا كُنت عاوز أقرا الفاتحة مع حضرتك وألبسها الدبلة. وأنا حاليًا فاضل ليّ خطوة على الجواز. بمُجرد ما أخلص منها وهي تخلص حملة التوعية في القرية. نكتب الكتاب في يوم الفرح. حضرتك طبيعي هتشوفني مُتسرع بس انا مش عاوز علاقتي الغير رسمية بيها تطول أكتر من كدا. ف حضرتك قولت أيه؟!

رفع سالم بصره إليها يبحث عن رد فعلها وسط ملامحها الفرحة، وهنا تدخلت مُنى مُردفةً بنبرة سعيدة: انا مع آسر جدًا، جه الوقت اللي نفرح بالبنات يا سالم، أنا من رأيي شهر كويس أوي يظبطوا فيه أمورهم ونعمل فرح للبنتين؟!

اومأ سالم برأسه مُتفهمًا ليجوب ببصره بين ابنتيه مُردفًا بتساؤل: أيه رأيكم يا بنات؟! شهر هتلحقوا!
فداء وعنود في نفس واحد: أيوة...
جمال بضحكة خفيفة: وأهي الفرحة تبقى تلاتة.

آسر وهو يهتف بنبرة حماسية: طيب نقرا الفاتحة يا عمي؟ ونلبس دبل!
قطب سالم ما بين حاجبيه ومن ثم أردف بتوجس: هي الدبل معاك كمان؟!
وضع آسر كفه في جيب بنطاله ليخرج منهُ علبة قطيفة حمراء اللون ومن ثم وضعها على الطاولة أمامهم قائلًا بثبات: موجودة يا عمي، نقرا؟
سالم بقهقهة خفيفة وهو يربت على كتفه: على بركة الله.

بدأ الجميع في قراءة الفاتحة بين سعادة ورضا، رمقتهُ فداء بنظرة هائمة بمُفاجأته لها، انتهي والدها من القراءة ليحثها على السير ثم الجلوس إلى جواره لتنصاع في سعادة تامة. إلتقط آسر الدبلة بين أنامله وراح يضعها في إصبعها لتفعل هي نفس الشيء وهنا أطلقت مُنى زغرودة صدح صوتها في جنبات القصرِ وأخيرًا أحست بأن رسالتها في هذه الدُنيا أوشكت على أن تنته، انتهى آسر مما يفعله ليُصافح سالم بحرارة شديدة ومن ثم مال على كفه يُقبل ظاهره بصدق وسعادة. بادله سالم إبتسامة حانية وراح يحتضنه بحنان أبوي قائلًا: مبروك يابني، ربنا يسعدكم ويبارك لكم في اللي جاي من حياتكم.

فداء بفرحة: ويبارك لنا في عُمرك يا بابا.

جمال بنبرة حاسمة: ها يا ولاد. جهزتوا لبسكم علشان هنسافر بالليل.
آسر بثبات هازًا رأسه: هعمل مشوار سريع بس تكون فداء جهزت لبسها ونتوكل على الله.
مُراد مُتدخلًا بنبرة ترجٍ: خدوني معاكم يا فداء؟!، عاوز أشوف القرية وأغير جو.
رمقتهُ مُنى بضيقٍ وراحت توميء رأسها برفض قاطعٍ: فاضل لك شهر واحد بس على الإمتحانات، خلصها وروح مكان ما إنت عاوز.

تنحنحت فداء قليلًا بعد ان رأت خيبة الأمل في تقطيبة وجهه لتلتفت إلى عمتها مُردفةً بهدوء: بصي يا عمتو، انا عندي حل كويس ومُريح. إحنا ممكن ناخده معانا ونهيأ له الجو تمامًا علشان يذاكر واهو يبقى غَيّر مكان مُذاكرته طالما هو حاسس بخنقة وملل. وأوعدك ههتم بيه ومش هقصر معاه في أي حاجة. دي حتى طنط حُسنية هتغذيه لك. بالله عليك وافقي بقى يا مُنمن. ولازم تبقي واثقه في أي حاجة بتقولها فداء.

سالم وهو يوميء برأسه في إعجاب من طرح فكرتها: عجبتني الفكرة جدًا.
مُراد وهو يقترب من خاله يُقبل جبينه بمشاكسة: يسلم لسانك يا سُلم، والله دا انت لو كان عندك بنت رابعة. كُنت إتجوزتها أنا.

افتر ثغر مُنى عن إبتسامة هادئة وهي ترى تأييدات الجميع لفكرة فداء لتُصبح تحت ضغط القبول. ضربت كفًا بالآخر في خفة وبنبرة مُستسلمة تمامًا: يعني أنا اللي همشي كلامي عليكم كُلكم؟!، مش هكسف حد فيكم بس يوم النتيجة مُتوقف على ثقتي فيكم ناحيته. للعلم أن مش حابساه، أنا بس عاوزاه يُحط رجله على أول طريق النجاح ورسم كيانه له يكافح بيه ضد الحياه. أصلي مش هعيش له العُمر كُله.

سار يامن صوب والدته وبعدها إلتقط كفها وراح يُقبله بسعادة وحُب: ربنا يخليكي لينا يا ست الكُل.
مُراد وهو يلتقط كفها الآخريُقبله ثم يؤمن على دُعاء شقيقه: أمين.

تمطعت في فراشها الناعم بذراعيها فقد نامت كُل هذه المُدة. فتحت عيناها بتثاقُلٍ تنظُر إلى الفراش الشاغر بجوارها. أين يكون إذا؟!، قطبت ما بين حاجبيها وراحت تنظُر في ساعة هاتفها لتشهق شهقة رقيقة وهي تنتفض جالسة في الفراش لتردف: الساعة 3 العصر؟! أنا نمت كُل دا! وفين قُصي؟

تنهدت بثبات وهي تتذكر الأمس وكيف أسكنها بين أحضانه دون أن ينفُر من تقلُبات مزاجها الحادة. تتذكر كيف عاملها بطفولة وتنازل أخيرًا عن عرش كبريائه وصرامته القاتلة. نُحتت معالم وجهه أمام مراءى عينيها وهو يُداعب أنفها بحلوى الشيكولاتة ك صغيرته التي جاهد مليًا في إرضائها. داهمت إبتسامة رقيقة ثغرها وهي تنهض في مكانها بحثًا عنهُ. وبنبرة عالية بعض الشيء تابعت: قُصي؟! إنت في التواليت؟!

صمت تغيُبهُ أجابها، إلتفتت تسير حيث الشُرفة المُقابلة للفراش، أزاحت الستار جانبًا في همة ومازالت تستشعر ملمس أنامله تعبث بأنفها، أرجعت خُصلات شعرها خلف أُذنها وما أن همّت بالإنغماس في هذا الموقف الذي بمثابة حلمًا جميلًا لها حتى جحظت عيناها بصدمةً وهي تنظُر إلى حوض السباحة أمامها، استحال لون وجهها إلى الإحمرار الصارخٍ وهي تجدهُ يقف في مُنتصف حوض السباحة وتقف بجواره فتاتين ومن الواضح بأنه يعلمهن طريقة الغوصِ. تنشقت الهواء داخلها بعصبية حاولت تجرُعها. رفعت شعرها عاليًا وراحت تلفهُ كعكة تقبع بمُنتصف زاوية رأسها لتذأب في سيرها خارج الغُرفة، نزلت إلى ساحة الإستجمام لتسير بإندفاعٍ صوب حوض السباحة ومن ثم توقفت أمامه مُباشرةً وهي تضع ذراعيها في مُنتصف خصرها تقول بنبرة جامدة: قُصي بيه؟! إنت ناسي إن دا وقت غدا!

نحا قُصي ببصره إليها. أزاح قطرات الماء الساقطة على عينيه بخفة وبنبرة ثابتة أردف: لأ، إنتِ اللي ناسيه إن ميعاد الغدا فات!، صحي النوم.

أغلقت عنود عينيها بقوة تتجرع غيظها داخلها فيما استأنف هو حديثه مع الفتايات قائلًا: فُرصة سعيدة، وحاولي ما تنزليش الحوض تاني إلا بمُرافق.
ثبتت عنود مُقلتيها أمام عينيه مُباشرةً وقد ظهرت إبتسامة صفراء على شفتيها لتهتف بغيظٍ: هو فعلًا عندهُ حق مش كُل مرة تسلم الجره يا حبيبتي، بعد كدا مش هتلاقي مُنقذين وتغرقي تموتي إن شاء الله.

افتر ثغرهُ عن إبتسامة خفيفة حاول ألا يُظهرها، تحرك عومًا حتى حافة الحوض ومن ثم استند بذراعيه مردفًا لها بنبرة باردة يتصنع الجهل بغضبها: خير؟!، في حاجة مضايقاكِ.
في هذه اللحظة لفت إنتباهها خروج الفتيات من حوض السباحة مرتديات مايوه صارخ في بشاعته وظلتا تُحدقان به في إعجاب لتلتفت إليه مُردفةً بحنق: لا مش متضايقه، بس جوعت. ممكن نمشي بقى علشان إتخنقت!

أومأ برأسه في ثبات وراح يستند على ذراعيه حتى قفز لخارج حوض السباحة، استشاطت غضبًا من هاتين الحماوقتين. لتُسرع بإلتقاط منشفته الخاصة وراحت تُغطي به جسده العارٍ لتقول بعصبية خفيفة: أمسك الفوطة كويس.

فهم قُصي غضبها الجامح وسعى في إثارة غيرتها بوفرة حيث إلتفت ببصره إلى الفتيات ثم لوح لهما بثبات وأعقب ذلك غمزة من عينيه، بادلته الاثنتان إبتسامة لتجدحهما عنود بحنقٍ ومن ثم أخرجت لسانها عن فمها قليلًا تستفزهما بعصبية. حتى إتجه معها إلى داخل الأوتيل، عملت تصاميم جديدة؟!، إزاي وأمتى!

أردفت هانيا بتلك الكلمات في غيظٍ وقد فغرت فاهها بصدمة من هول المُفاجأة. كيف تتمكن من ابتداع تصاميم جديدة وتنفيذها في إسبوعين فقط؟! هل تُخاوي جِن فرضًا؟! حدقت إليه في عدم استيعاب فيما رفع الآخر كتفيه عاليًا ثم أنزلهما بتجاهل للأمر:.

أنا لحد دلوقتي مش عارف كُل دا حصل إزاي؟!، أنا إتفاجأت زيّ زيّك وهي بتتصل بيّا وتقولي (استعد للسفر علشان هنحضر العرض)، دا انا لحد دلوقتي في حالة ذهول. بنت العفاريت دي عملتها إزاي!

هانيا بذهول تام: وأيه حكاية جوازها دا كمان؟!، إنت ما حضرتش الفرح!
شاهين بنفي: عرفت بردو بالصُدفة وإن الموضوع جه بسرعة وما عملتش فرح من الأساس. بس واضح أوي ان جوزها دا مقويها. أنا أصلًا بمُجرد ما بشوفه بخاف من شدته وملامحه الحادة. تقريبًا مش بشوفه بيضحك خالص.
ضيقت هانيا عينيها بترقُب ومن ثم تابعت بتوجس: هو إنت تعرفه؟!

شاهين وهو يوميء برأسه إيجابًا: شريكها. اللي عملتي معاه مشاكل قبل كدا. قُصي الدمنهوري!

ضغطت هانيا على عينيها بحنقٍ وراحت تصر على أسنانها تُردف بنبرة مُشتعلة: أه بنت العامري!، بتقعي واقفة في كُل مرة بتبقى قربت حياتك فيها تنتهي. إنت عارف إن بسبب وجودها في العرض دا هيمحينا!

شاهين بتساؤل وحيّرة: يعني إنتِ عارفة إنها هتكتسح؟!، وهتوصل ل عروض أكبر في دول اوروبية!
هانيا وهي تزفر بحُرقة لتضرب حافة الطاولة بكفها: طبعًا، دي عنود العامري. يعني الذكاء في تقديم كُل جديد.

اصطفت سيارة آسر أمام قصر الدمنهوري بإحدى قُرى أسيوط، ترجل الجميع خارجها فيما أسرع آسر بإخراج الحقائب من شنطة السيارة وهنا سمعوا صوت أحدهم يهتف بنبرة عالية: فدااااااااااااااااه.

أسرع مُراد بالإقتراب من فداء ومن ثم تشبث بذراعها وهو يُردف بنبرة خافتة يشوبها التوجس: ياما!، زلزال دا ولا أيه؟!
افتر ثغرها عن إبتسامة عريضة وهي تنظُر على مدى بعيد لتُردف وهي توميء برأسها سلبًا: لأ، دا مُ...

قطع استئنافها لحديثها ذاك الذي ألقى بنفسه أمامها ومن ثم دفع ب (مُراد ) لمساحة بعيدة حتى سقط أرضًا ليتشبث مُصطفى بذراعها في سعادة غامرة وكأنه لم يفعل شيء من ثوانٍ فحسب ليهتف قائلًا: أخيرًا چيتي؟!، وحشتيني جوي ووحشتي زغلول والدوار والفروجات.

تنحنحت فداء قليلًا وهي تُحدق بابن عمتها الساقط أرضًا مردفةً بفزعٍ: مُراد حبيبي، قوم. تعالى؟!
مدت ذراعها إليه فيما وضع ذراعه خلف ظهره مرددًا بتاوه: أيه العربية النقل دي؟!، دا فرحان ولا كأنه شاط كوره لبعيد.

آسر بقلقٍ عليه: مراد. إنت كويس؟!، ولا مُنى تودينا المحاكم؟

تجهمت معالم وجه مُصطفى حنقًا وهي تصُب اهتمامها كُله للآخر، وهنا إتجه صوب مُراد مُندفعًا وبعدها ألقى بنفسه على الآخر وهو يهتف بنبرة عابسة: هو أني مش وحشتك؟! طب أهو!
مُراد وقد جحظت عيناهُ بصدمة: نهار أسود؟!، مبنى عشر أدوار وقع عليا. إلحقني يا آآسر؟
أسرع جمال إليه على عجلة من أمره وبنبرة صارمة أردف: مُصطفى! أيه يا ولد اللي إنت بتعمله في الضيوف دا عيب!

مُصطفى وهو يلوي شدقه حُزنًا: أتركها يومين، تتخذ صديقًا آخر غيري؟!، الإنسان لا يطمر فيه العيش والملح والجصب.

أطلق آسر قهقهة عالية ليقترب من مُصطفى مُحاولًا إبعاده عن الآخر فيما أردف مُراد وهو يقطب حاجبيه بإستغراب: ماله دا؟!، دا باين أنه نيزك فضائي واقع من قناة (سبايستون).

إلتفت إليه مُصطفي بسعادة وهو يهتف بتساؤل وقد تهللت أسارير وجهه: إنت بتتفرچ عليها زيّي؟!، طيب عارف قناة (ناشونيلا )؟!

بدأ مُصطفى يتحرك عنه تلقائيًا فيما إندمج مُراد معهُ مردفًا بحيّرة وسط نظرات الجميع المصدومة من هذا الاندماج السريع والفوري: ناشونيلا؟! لا مش عارفها!
مُصطفى وهو يضرب على كتفه بخفة: على وزن چاتك نيلا. هأهأهأ. هجولك أني، بيذيعوا فيها إن الدنياصور كبير القبيلة بيتچوز دنياصوره وبيخلفوا دناصراصير، عرفتها؟!
مُراد بتقطيبة مُريبة: ناشيونال جيوجرافيك؟
مُصطفى بضحكة بلهاء: إيوة. چدع عرفتها لوحدك.

فداء بضحكة عالية: فين يا مُصطفى السسكار بتاعي؟!
نهض مُصطفى من مكانهِ بتثاقلٍ وراح يمد كفه مُعاونًا مُراد على النهوض ليقول بنبرة انتصار وفخر: حطيته في چهاز أُمي. أصلها صعبت عليا لما جالت ليّ أن چدتي ما جابتلهاش في چهازها غير طشت والحلة اللي بناكول فيها. ف أنا جولت أواسيها بالشالة بتاعتك تنف فيها.

فداء بصدمة: نعممممم!

قامت بالجلوس إلى الفراش وهي تُمدد ساقيها أمامها وتضع قدمها فوق الأُخرى. تنظُر إلى شاشة التلفاز بإندماجٍ وترقُب وقد أمسكت بكفها علبة تحتوي على الكثير من حبات البوشار تلتهم الواحدة تلو الأِخرى وهي تُشاهد أحد أفلام الكرتون المُحبب إلى قلبها، ترجل خارج المرحاض لتنتج عنه عطسة لفتت انتباهها فقد أصابه الإعياء بوضوحٍ، نحت ببصرها إليه لترفع أحد حاجبيها مُردفةً بثبات: أيه يا قُصي بيه؟!، هم المُنقذين بييجي ليهم برد زيّنا.

رمقها قُصي بنظرة غامضة وهو يقترب منها بخُطوات مُتباطئة وما أن وصل إلى الفراش حتى مال بجذعه العُلوي إليها قائلًا بحنقٍ: إنتِ دعيتي عليّا؟!
عنود وهي تبتلع ريقها بوجلٍ لتُردد وهي تلوي شدقها: وانا هدعي عليك ليه يعني؟! مش انت اللي عامل فيها بطل ومُنقذ وإحنا في بوادر شتا؟!

مال قُصي بجسده إلى الفراش ليصعدهُ ومن ثم اسند ظهره إلى الوسادة لتصدُر عنه عطسة جديدة. رمقتهُ هي بنظرة مُشفقة لتردف بنبرة هادئة: استنى هعمل لك كمادات. وخُد برشامة واتغطى وهتبقى كويس إن شاء الله.

في صباح اليوم التالي، تقابلت عنود بطاقم عملها الثلاثة بمطار القاهرة الدولي، يصعدوا جميعًا على متن الطائرة المُتجهة برحلتها إلى دُبي. مرّت عدد الساعات عليها بطيئة وقد بدى التوتر على قسمات وجهها بوضوحٍ فيما أستمر قُصي في إلقاء كلمات مازحة على مسامعها تُلهيها عن مخاوفها وبين الفينة والأُخرى يرمُق ذاك الذي يجلس في المقعد المُجاور لهما بشيء من الوعد والوعيد، وصلت الطائرة بهمم إلى مطار دُبي ليستقلوا سيارة خاصة ارسلتها الشركة الراعية للعرض لتصطحبهم إلى الفُندق الذي سيتجهزون به...

بدأت التجهيزات للعرض على قدمِ وساق، حيث بدأت بمُراجعة تصاميمها والعمل على تنسيق الألوان التي ستُعرض على لجنة الحكم. جلسا معًا في غُرفة أُعدت لكُل مُشترك وقد زُودت بغرفة صغيرة مُلحقة بها للبروة، أخذت تفرُك كفيها بتوترٍ وهي تشعُر بأنها في حالة سيئة وفي هذه اللحظة دلف شاهين إلى داخل الغُرفة مردفًا بثبات:.

كُل حاجة تمام يا عنود. صابرين استلمت قايمة اسماء مصففي الشعر والتجميل اللي هيمسكوا قسم مجموعتنا. وانا استلمت قايمة العارضات وعشر دقايق وهيكونوا موجودين، ومن ثم استئنف حديثه وهو يُردف بنبرة يفتعل منها القلق: بس إنتِ مالك كدا؟!
عنود وهي تتنشق الهواء داخلها بثبات: مافيش، بخير الحمد لله.

شاهين بإبتسامة صفراء: واحدة زيّك ماينفعش تقلق أو تخاف من هانيا، وريني كدا إبداعاتك لحد دلوقتي ما شوفتش ولا موديل!
مد شاهين كفه حيث الملف الاحتياطي للتصاميم، وهنا هتف قُصي وهو يدلف داخل الغرفة يمنعه بثبات وحدة بعد أن وضع كفه على الملف:.

أنا مراتي معدية كُل الناس، يعني تخوف وما تخافش. اما بالنسبة للتصاميم ف انا سلمت الملف الأساس ل اللجنة ورأيك مش هيهمنا كتير ياريت تركز في شُغلك وتستعجل العارضات مش فاضل غير ساعة.

تنحنح شاهين بإحراجٍ وهو يبعد كفه على الفور ليردف بنبرة مُتوترة وهو يتجه صوب الباب: حاضر يا قُصي باشا.
عنود وهي ترمقهُ بإستغراب: ليه كلمته كدا؟!

تنهد قُصي تنهيدًا ممدودًا بعُمقٍ، ومن ثم جلس إلى المقعد المُجاور لها وراح يلتقط كفيها مُردفًا بحنو: فُكك من كُل الناس دي، المهم أنا جيبت لك خط علشان تقدري تكلمي أخواتك قبل العرض. انا عارف إن دا هيفيدك جدًا وهيخفف من حدة التوتر معاكِ.

ارتأى قُصي الصمت عن فضح هذا المعتوه في الوقت الحالي حتى لا يؤثر عليها سلبًا أو يمنعها عن التركيز. تهللت أسارير وجهها بسعادة جمّة ومن ثم إقتربت بوجهها منه وراحت تُقبل وِجنته بسعادة صادقة وأعقب ذلك حركة تلقائية منها حيث ألفت ذراعيها حول عُنقه تصرخ بفرحة: انا بحبك أوي.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة