قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية جميلتي الصهباء للكاتبة علياء شعبان الفصل الخامس

رواية جميلتي الصهباء للكاتبة علياء شعبان الفصل الخامس

رواية جميلتي الصهباء للكاتبة علياء شعبان الفصل الخامس

هي كالتي تقف علي باب قلبي، تسد الطريق علي من يدخُله وهي ليست بمالكتهِ. لا تُبالي بقلبي، بل تنظُر إلى هذه البالونات المُحلقه والتي نُقشت عليها دعي الماضي يمُر ودعيه يشعُر بحُبكِ لهُ، او أتركيه وشأنه حتى يجد غيرك حُبًا. رفضت بقوة حين جلست أمام عقر قلبي تبكي علي الماضي. رغم أنني الحاضر الأقوي...

تلاحقت أنفاسه وهو يري الأُخريات يقتربن منه بحركة بطيئه، أرادت فداء أن تنال منه مستغله التشابه المُميت بينهن فيما ظل يتراجع هو للوراء قائلًا برهبة: يعني إنتِ شبح بجد؟
فداء وهي تفتح مُقلتيها علي وسعهما مُتقمصه الدور جيدًا: شبح وبقدونس، هاهاهاهاي.

افتر ثغر بيسان عن إبتسامة هادئه لترمقهُ بإشفاقِ ثم ترفع بصرها إلى شقيقتها قائله: حرام عليكي يا فيدو. سيبي الراجل في حاله.
عنود بتدخُل: أشباح؟ هو أيه اللي بيحصل هنا يا فداء!
في تلك اللحظه هرول سالم إليه ما أن ترجل خارج مكتبه ثم وجدهُ علي هذه الحالة، ليهتف الأب بقلقِ: قُصي إنت بتعمل أيه يابني!

إلتفت قُصي ناحية سالم العامري يرمقه بهدوء ومن ثم أنزل سلاحه علي الفور ليلتفت لها رافعًا أحد حاجبيه بنظرات غامضة ويقول: لأ وبتعرفي تعملي مقالب كمان؟!
فداء بنبرة خبيثه: ضيفك وصل يا سُلم، دا إحنا من الصُبح بنتحايل عليه يشرب حاجه وهو مش راضي.

قُصي وهو يلتفت ببصره ناحية عنود: تقتل القتيل وتمشي في جنازته. إنتِ مُتأكدة إنكم تؤام؟

رمقتهُ عنود بنظرة باردة من فوق كتفها ومن ثم أشاحت وجهها عنه بنفور ليتنحنح بثبات قائلًا: أنا كدا إتأكدت.
سالم وهو يُشير له بالجلوس: تعالي يابني إتفضل.
إتجه قُصي حيث حجرة الصالون الموجودة في زاويه من البهو الكبير، جلس عليها بهدوء فيما جاءت الأخريات يجلسن أيضًا وهنا أردف سالم بإبتسامة خفيفة: أقدملك يابني. بيسان. عنود. وطبعًا فداء غنية عن التعريف.

هزّ قُصي رأسهُ متفهمًا ليقول بإبتسامة ساخرة من جانب فمه: طبعًا طبعًا.
عنود وهي قاطبه حاجبيها بتساؤل: لحظه!، إنتوا أتقابلتوا قبل كدا!
سالم باستئناف: في القسم، وقت الخناقة، ما قُصي ضابط موقوف عن الخدمة بس متواجد مع صاحبهُ بشكل دائم.

بيسان بإبتسامة هادئه: نورتنا يا حضرة الظابط!
قُصي يبادلها الإبتسامة: بنورك ي، أيه!
عنود بنرفزة خفيفة: بيسان. بكرا تتعود.

إلتفت قُصي لها، رمقها نظرة مُطوله توترت علي أثرها ليباغتها قائلًا بنبرة مُتحيرة: انا طول عُمري بسمع عن التؤام المُتماثل وانهم بيزيدوا عن اتنين. بس أول مرة في حياتي أشوفهم علي الحقيقة. انتوا بجد نُسخ من بعض. مش أي حد يفرقكم إلا لو كان قريب منكم. استايل شعر كُل واحدة منكم مُختلف وكمان شخصياتكم مُختلفة جدًا.

سالم بضحكة مرحة: اهو دول بقي يا سيدي، الهدية الحلوة من المرحومة. يمكن إنت تعرف العلاقة القوية اللي بيني وبين والدك، ولكن بناتي دايمًا جوه القصر بخبيهم من الناس لحد فترة قُريبة. كُل واحدة فيهم قررت تحقق أحلامها وتشوف الدُنيا.

قُصي بإبتسامة صادقة: ربنا يبارك لك فيهم يا عمي.
في تلك اللحظه قطع حديثهم صوت يحتل نبراته البهجة حينما أتت مُني ترحب به في حنو وهي تمد يدها مُصافحه إياه: منورنا يا قُصي.
قُصي وهو يُقبل كفها بهدوء: قصر العامري منور بأهله.
تابعت مني متوجهه بحديثها إلى شقيقها: عايزاك دقيقة واحده يا سالم!

انصاع سالم لطلبها حين إتجه معها حيث حجرة مكتبه، جاب قُصي ببصره بين الثلاثة ما زال يستعجب الموقف الذي هو فيه، ليقطع شروده صوت هذه المشاكسه تقول في خُبث: إزاي حظابط صاحبك؟، أخباره أيه بعد الهجمة المرتدة!
قُصي بنظرة عميقه لها: زيّ الفل، بس مش وسعت أوي منك دي، إنك تضربي ظابط!
فداء وهي ترفع كتفيها بثقة: أنا أضرب أي حد وأي ظابط، واللي عندهُ رأي يربطه يا شِق.

تنحنح قُصي قليلًا، ومن ثم نهض في مكانه وراح يقول بنبرة رخيمة: تضربي أي ظابط؟ طيب خلينا نشوف!
أطلقت فداء ضحكة ساخرة من جانب فمها، وقفت هي الأخري تجابهه لتبدأ المعركة بينهما، فغرت عنود فاهها في صدمة. حتمًا شقيقتها ستقتص منهُ لا مفر فيما وضعت بيسان كفيها علي عينيها وكأنها تتوقع القادم...

بدأت فداء تكور قبضة يدها ثم ترفعها ناحية وجهه عدة مرات وفي كُل مرةً تسدد اللكمه علي ذراعيه المترابطين أمام وجهه، لتأتيها فكرة أُخري حينما قامت برفع ساقها حتى تضرب جنبه الأيسر. لتجدهُ يمسك بساقها ومن ثم يسحبها أمامه في ظفر قائلًا بضحكة ساخرة: أيووووة. خليكي كدا، ماشيه برجل واحده زيّ المكسحين.
فداء بضحب عال: ما فيناش من كدا؟

ترك قُصي ساقها ولكنها أسرعت تلكمه في وجهه لتُخطيء كذلك. حينما أمسك ذراعها ثم وضعه خلف ظهرها وبنبرة ثابتة تابع: مافيش حاجه اسمها. تضربي أي ظابط. الشيطان بس اللي مخيلك دا.
خرجت عنود من قوقعه صدمتها لتهرول إليهما ومن ثم تقبض علي عُنقه بأحد ذراعيها وبالأخر تضرب كتفه وتقول: سيب أُختي يا حيوان مُفترس إنت! سيبها بقولك.

فداء وهي تحاول ان تتحول بنظرها إلى شقيقتها وتقول: إضربيه تحت الحزام يا عنود، مش فداء العامري اللي تضرب لأاااا.

عنود بتساؤل وحيرة وقد توقفت عن ضربه وهي تتشبث به من الخلف: يعني أيه؟
فداء بغيظِ: يوووه. خلاص اضربيه بلحات علي نفوخه، بس مش بحنية يا بنت سلم!
في هذه اللحظه، ترك فداء وشأنها والتي استدارت ترمقه بنظرات غاضبة لتردف: وربنا إنت بتخم! مش فداء العامري اللي يتعلم عليها. أنا مش عاوزه آذيك؟

قُصي بضحكة عريضة وهو يرفع بصره إلى تلك القابعة فوق ظهره أثناء وقوفها فوق الأريكة: لأ آذيني ياختي! وبعدين الجراده اللي فوق دي مش هتبعد!

عنود وقد انتبهت لوضعها، ابتلعت ريقها بصعوبة، لتبتعد عنهُ ثم تنزل أرضًا قائله بغيظِ: هو انت جاي علشان نشوف شغلنا. ولا تتخانق إنت وفداء!
قُصي غامزًا لها: جاي علشان الصُدف الحلوة تجمعنا، وأشوف القمر طالع بالنهار.
عنود وهي تتخصر أمامه بإمتعاض: شوفت القمر!، إتفضل أقعد بقي خلينا نشوف شغلنا.

لم يمر علي حديثها ثوانٍ عندما سمعوا صوتًا رجولي متأصل يهتف بنبرة فرحة: بنااااااات!
إتجهت أبصارهن ناحية مصدر الصوت وكذلك فعل قُصي، شهقت عنود في فرحة. فهي أكثرهن علاقة وصداقةً به. هرولت عنود إليه ومن ثم ألتقت بنفسها بين أحضانه في سعادة غامرة قائله: ياااااامن! مس يو كتير!

افتر ثغر يامن عن إبتسامة حانية، وهو يمسح علي خُصلات شعرها بخفة. جدحه قُصي بنظرة باردة وفجأه تغيرت معالم وجهه لا إراديًا أو دون سابق أسباب، ابتعدت عنود عنه فيما احتضنته فداء بفرحه وهي تردف: نورت القصر يا (يامن).
يامن بنبرة هادئه: وحشتوني جدًا يا بنات خالي.

تخطاهما في لهفة منهُ، حيث وقعت عيناه عليها وهي ترمقه بإبتسامة حانية فهي أيضًا تُحبه لقرابتهما وأنه كان في عهد سابق أكثر من يخاف عليهن ويحميهن. سار بخُطواته إليها. رمقها بشوقِ ظاهرٍ للعيان. جثي علي ركبته أمامها وراح يمسك كفيها بين راحتيه يرفعهما إليه ثم يلثمهما بلهفة مُميته قائلًا: بيسان. وحشاني!
بيسان بإبتسامة صادقة ووِجنتين متوردتين: وانت كمان وحشتنا أوي. حمدلله علي سلامتك.

رمقها بنظرة مُطولة وقد أطالت. وأطالت كثيرًا جدًا، حينما هتفت (مني) بلهفة ونبرة باكية: يامن!
استقام واقفًا علي الفور، استدار ليفتح ذراعيه أمامه مُستقبلًا حضن والدته والتي ارتمت إليه تحتضنه بلهفة أُم غاب عنها طفلها ولم تنعم بلحظة أمومية تجمعهما. أخذت تُقبل جبهته ثم خديه في سعاده وكأنها لا تُصدق بأنه إلى جوارها أخيرًا. أحاط خصرها بذراعيه وبنبرة حانية تابع:.

وحشتيني أوي يا مُنمن. ووحشني حُضنك، وخوفك عليا دا!
مني ومازالت تحتضنه: يعني انت خلاص هتبقي جنبي علي طول يابني!
يامن بتأكيد: علي طول. مش رايح لأي مكان تاني.
إلتفت ببصره إلى (سالم) الذي فتح له ذراعيه مُرحبًا به، تبادل معه السلامات وسعد سالم بعودته كثيرًا، اصطحبته مني إلى حجرة الصالون حيث إلتف الجميع حوله، بدأ تعارفه مع قُصي والذي بدى علي وجهه السعادة من هذا الترابط الأُسري ولكنها سعادة ناقصة في شيء!

يااااااااااامن!، أخويااااااااا.
هرول مراد إلى شقيقه الذي ما أن رأهُ حتى وقف في مكانه، القي مراد بنفسه بين أحضان شقيقه وبنبرة فرحه تابع: وحشتني أوي يا يامن! كُنت مفتقدك جدًا يا دوك!
يامن وهو يربت علي ظهر شقيقه بحنو: وانا كُنت مُفتقد جدًا لشقاوتك يا مودي.

ايوة يا عمي! أنا بخير الحمدلله. بس طمني ابنك رجع من بيت المتوحشه دي بسلام ولا بلعته وشربت وراه سن علشان تهضم!

أردف فايز بتلك الكلمات وهو يُحادث جمال الدمنهوري هاتفيًا، أطلق الأخر قهقه خفيفة ومن ثم أردف بتساؤل: هو لسه ما جاش، بس إنت ليه ما كلمتهوش علي الفون بتاعه!
فايز بذعرِ: مجاش. يا نهارد أسود. دا جرس ومش بيرد! لتكون اديته هجمة مُرتدة هو التاني فمات! يا بنت ال، قاضي!

جمال متابعًا بضحكة عابثة: لأ يا فايز باشا، مش قُصي الدمنهوري هو اللي يتعرض ل هجمات مُرتده، دا إنت اللي مش مسيطر في مهنتك.

فايز بإعتراض: لأ يا عمي. انا بس ما كنتش عاوز أمد إيدي علي حُرمه. إحنا بردو عندنا ولايه.

إلتفوا جميعًا حول مائدة الطعام، احتلت السعادة قسمات وجوههم جميعًا. أخذت مني تربت علي ظهر ابنها ومن ثم تضع الطعام أمامه في أريحية شديدة، قرّبت فداء مقعد شقيقتها من مائدة الطعام ثم مالت بجذعها العلوي قليلًا تضغط علي أحد الازرار الجانبية حتى يتم رفعه للأعلي أكثر كي يتناسب مع طول المائده. لتردف بحنو: كدا كويس يا بيسو!
بيسان وهي توميء برأسها في هدوء: اه يا فيدو.

جلست فداء في المقعد المجاور لها، بدأ الجميع تناول طعامهم في حالة من الصمت، وكعادة هذة المُشاكسة تابعت متوجهه بحديثها ناحية مُراد:
إنت ياض ياللي اسمك مراد وبتتلطش مني كُل يوم. افتح التي ي (TV) دا، خلينا نشغل فيلم رُعب.
مراد وهو يذم شفتيه غيظًا: أيوة ما أنا الحيطه المايله بتاعتك!
فداء بنبرة صارمة: هعد لحد خمسة. 1، 2، 3.

أبعد مراد المقعد قليلًا عن الطاولة ومن ثم أسرع بإحضار الريموت يعطيها إياه بحنقِ: ربنا علي الظالم والمُفتري يا بعيدة!
فداء وهي ترمقه بتهديد وتُغني بنبرة ذات مغزي: waka waka. وحشني قفاه!
سالم وهو يهتف بنبرة ثابتة، متوجهًا بالحديث لها: كُلي ولا وحشك الشبشب الطيار يا بلاء!

ذمت شفتيها في حنقِ حيث عقدت حاجبيها تمردًا ولكنها أبت أن تعترض ف ينفذ تهديده لها، أخذت تُقلب في التلفاز حتى استقر رأيها علي أحد الأفلام من النوع الرُعب.

فغرت فاهها في ذهولِ وهي تنظُر لذاك المشهد بإمعانِ وهنا هتفت وهي تُحرك شفتيها وكفها بإعجاب:
شوف الصايع؟ خانته. راح جابلها بوكس هدايا أول ما تفتحه تلاقي مطاوي وسكاكين بتطير في وشها. انتو عارفين بقي هيعمل أيه بقي. هيفتح كرشها لأنه تقريبًا بيتوحم علي كبدة ومش عندهم عيد كبير زينا. ما هم كُفار عليهم اللعنة جميعًا.

كتم الجميع ضحكاتهم في شيء من عدم لفت انتباهها، لتستأنف بنبرة أكثر إندماجًا: قوم أيه بقي؟! هيبيع باقية الأعضاء بالسوق السودا إلا الكبدة. في أخر مشهد اللي جاي دهون. هيحط عليها صوص طماطم أحمرا ويشوحها.

عنود بألمِ في معدتها: كفاية. أيوس إيدك، أرحميني من القرف دا.
إلتفتت إليها فداء ترمقها بحاجبين مرفوعين قائله: انا غلطانه، إني بحكيلك الفيلم علشان تستمتعي!
قُصي بسخرية: إحنا هنرجع مش هنستمتع!
سالم بتحذير ونبرة صارمة: أقفلي الزفت دا، وكملي أكلك!
انصاعت لأوامره علي مضض، وهي تُضيق عينيها تنظُر إلى الطبق أمامها حيث يوجد به (حمامة ) محشوه. ضربت علي سطح الطاولة فجأه لتحدق ب عمتها قائله بغضبِ مُصطنع:.

الحمامة دي المفروض ان بيكون فيها كبدة، راحت فين يا مني! إديتيها للواد بتاع الفيلم وانا لأ!

عاد سالم بالمقعد الخاص به للوراء قليلًا فيما فعلت هي ذلك حتى إتجهت صوب باب القصر تقول بضحكة خفيفة: انا ماشية علي شغلي. قبل ما اتضرب بالشبشب.
إنتهوا من طعامهم، لتبدأ الخادمات في سحب الطعام من علي الطاولة الكبيرة. هتف سالم ب (نور) يطلب منهُ نقل حقائب (يامن) حيث غرفته، في تلك اللحظه تابع سالم متوجهًا بحديثه إلى يامن: إطلع استريح شوية يابني. علشان تعب السفر!

يامن بنبرة هادئه: ولا تعب ولا حاجه، اتفضل يا خالي كمل كلامك مع ضيفك. وانا هقعد مع مراد ومني وبيسان.
أومأ سالم برأسه إيجابًا، إلتفت ببصره ناحية كُلًا من عنود وقُصي وبنبرة حاسمة تابع:
يالا يا ولاد. تعالوا علي مكتبي علشان نتفق ونخلص عقود الشراكه.

وقفت (عنود) في مكانها علي الفور. يشتعل قلبها فرحًا وهُيامًا بوالدها الذي يفعل من أجلها ما تظُنه مُستحيلًا. سارت خلف والدها بفرحه، فيما رمق قُصي قوامها الممشوق في إعجابِ وما أن وصلت إلى باب الغرفة حتى التفتت لتراهُ. لتجدهُ ينظُر إليها بقوة، فتهتف به في غيظِ وحدة: إنت! بتعمل أيه عندك وبتبص علي أيه؟

انتبه قُصي لهتافها. مشي بخُطواته إليها وبنبرة ثابتة وهو يمد كفه ويلتقط جديلة من شعرها قائلًا: لو عاوزة الشراك دي تتم، لازم تبقي مؤدبة وصوتك ما يعلاش عليا.

عنود وهي تزيح كفه عنها بشراسةِ: خليك مؤدب وانا صوتي ما يعلاش! لكن غير كدا ف انا بعرف أخد حقي تالت ومتلت.

قُصي بصوتِ جاد: أدخلي وإخلصي، وبعدين أنا ملاحظ إنك فري حتى مع ابن عمتك. فأيه النظام؟!

إتسعت حدقتا عينيها وهي تنظُر لهُ بصدمة، صرت علي أسنانها بقوة تكظم غيظها منهُ، فغضبها لن يصطف في صالحها لأنها بحاجه إليه حتى تستعيد عملها وتُصبح صاحبة كيان خاص، تنشقت الهواء داخلها ثم جدحته بقوة لا تُنبيء عن خير أبدًا وبعدها التفتت تدلف داخل الحجرة...

( داخل ماسبيرو الصحافة والإعلام )، أخذت تُصافح زملاء عملها بحرارة، فهي التي تعشق عملها وتكد به، غابت عنهُ لبضعة أيام، ألقت بنفسها علي المقعد الخلفي لمكتبها، فهي غرفة تضم مجموعة من الصحفيين لكُل منهم مكتبه الخاص به، أيه الأخبار يا بني آدمين!، حضل أيه في غيابي؟!

أردفت وهي تنظُر إلى وجوههم العابسه من هذا السؤال، فيما تابعت إحداهم بتوترِ: شكري نجيب، قدم شكوي ضدك. وطبعًا عارف إنك هتكوني موجوده هنا النهاردا، ومقرر المواجهه معاكي وتوقيع عقوبة قانونية علي الأخبار اللي بتكتبيها عنهُ.

فداء بضحكة ساخرة: ودا علي أساس، إني بكتب حاجه مش حقيقية بروح أمه!
فتاه أُخري: يا بنتي، كُلنا عارفين إنه إعلامي فاسد وانه حاطك في دماغه علش...

فداء بنبرة مُحتدمة مخنوقة: ما تكمليش، الموضوع دا إنتهي من زمان وأنا برجع حقي منهُ.

أنهت حديثها لتنهض مُتجهه خارج حجرة المكتب، ذأبت في سيرها لخارج المقر كُله والغيظ يعتري قسمات وجهها التي إحمرت في إنفعالِ، وما أن مشت خُطوتين مُبتعده عن البناية حتى وجدت شابًا يستقل موتورًا ينتشل حقيبة كتفها منها. جحظت عيناها في صدمة. أخذت تصرخ به أن يتوقف، هرولت خلفهُ بسرعة رهيبة ولكنها لا تُساوي حركة الموتور في شيء، وفي تلك اللحظه وجدت موتورا أخر علي جانب من الطريق إتجهت إليه علي الفور ومازالت مُسلطة بصرها ناحية هذا الشاب، استقلت الموتور الخاص بأحد اصحاب التوصيلات الفورية للمنازل والذي ما أن رأها حتى صرخ بها في دهشة ولكنها استطاعت الفرار منه تتعقب ذاك السارق...

أخذت تنعطف يمينًا ويسارًا داخل حواري ضيقه كثيرًا حتى وجدتهُ يتوقف بثبات في مكان لا يوجد به أحدًا ولكنها لم تلحظ هذا.

وجدته يتدلي عن الموتور ومن ثم حاوطه مجموعة من الشباب وتبدو أشكالهم غير مريحة بالمرة، ازاح الخوذة عن رأسه يرمقها بنظرة حادة، فيما تحركت أهدابها وهي تنظُر له بنظرة حاولت أن تُبدي غضبها منها ولكنها لم تستطع ليقطع شرودها به، صوته الرخيم قائلًا: دا إنتِ قلبك ميت بقي، علشان داخله لحد منطقتي برجليكي!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة