قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية جميلتي الصهباء للكاتبة علياء شعبان الفصل الثاني والعشرون

رواية جميلتي الصهباء للكاتبة علياء شعبان الفصل الثاني والعشرون

رواية جميلتي الصهباء للكاتبة علياء شعبان الفصل الثاني والعشرون

الحديث عن الغيرة يُضحك، وألم المرور بها يقتلُ. الحديث عن الحُب يُسعد ولحظات العيش داخله تسلبنا قوة إيماننا بالإستغناء عنه، ف كيف نرُد على عشق جاء عكس هوانا، فهوانا. ورغمًا عنا قبلنا الهوى...

فغرت فاهها وهي تتبع بعينيها الرماديتين اللامعتين حركة الطيران الطارئة والخاصة بالحذائين. وقبل أن تتخذ خُطوة التفادي وجدت أحدهما يرتطم بوجهها والأخر مُستهدفًا إحدى أذنيها. تصلبت في مكانها من قوة إصطدام الحذائين بها في آن واحد فيما اردف سالم بغيظٍ: الله يرحمك ويسامحك يا ملاك، خلفتي ليّ ابتلاء محسوس. كُنت فاكر إن البلاء دا شعور بنحسه ولكن انا بشوفه قدام عيني اهو.

لوت فداء شدقها بإمتعاض وأخذت تضرب الأرض بقدميها ك الأطفال وبنبرة حانقة صرخت: يا بابا برستيچي بقى، اتداس بالرجلين في الأرض. حرام عليك.
سالم وهو يقترب منها مردفًا بلهجة صارمة: وطي ياختي ولميه من الأرض، ومن ثم استأنف حديثه وهو يربت على ظهرها العارٍ بحدة ويحثها على الذهاب: ويالا إنجري، غيري هدومك وألبسي حاجة عليها القيمة بلاش دلع بنات.

في تلك اللحظة أسرع آسر بالقُرب منهما ثم قبض على مرفق السيد سالم وبنبرة هادئة قليلًا تابع: أهدى يا عمي ما تزعلش نفسك.
جدحتهُ فداء بنظرة مُغتاظة ونبرة صارخة هتفت: والتاني دا بيضرب ليه؟، هو كان من باقية أهلي!

إلتفت سالم ببصره إلى الأخر وكأنه أستوعب ما حدث لتوه ليردف بتساؤل مُحيّر: وإنت يابني صحيح، جزمتك بتعمل أيه عند بنتي؟

لم يستعصَ عليه الإتيان بالرد في الحال ليهزّ رأسهُ بثبات وبنبرة جامدة أردف: بصراحة بقى يا عمي. انا كُنت هفاتحك في موضوع بخصوص الأنسه وإني عاوز أتقدم لها. بس بالمنظر دا انا هتراجع عن قراري. أصل يا عمي أنا راجل شرقي ودمي حامي ما أقبلش إن مراتي تمشي بالمنظر دا. والكلب والجحش ياكلوها بعنيهم. ما هي مش متجوزة رابطة فجل.

قال جُملته الأخيرة وهو يجدحها بعينين غاضبتين، إنتفض جسدها ومن ثم والتهما ظهرها حتى مشت خُطوتين للأمام وبعدها هرعت إلى الدرج تصعده حتى غرفتها وكأنها تبحث عن مخبأ يحميها من ثورته، شقاوة بنات بقى يابني ما إنت عارف.

أردف سالم العامري بهذه الكلمات ليقطع عليه شروده بوقع خُطواتها حتى اختفت من أمامه وهنا إلتفت إليه (آسر) ثم تنحنح قليلًا قبل ان يردف: عندك حق يا عمي، هو أنا كُنت هتراجع بس دلوقتي لأ. وبما إنك عرفت بالموضوع ف خليني نقعد نتكلم.

أومأ سالم برأسه في هدوء ليربت على كتف آسر ومن ثم يتجهان معًا حيث غرفة الصالون وما أن جلسا حتى تابع سالم بحنو صادق:
إتفضل يابني، سامعك؟، بس قبل كُل حاجة انا لازم أقولك على عيوب بنتي، علشان نبقى على نور، أول حاجة شرانيه ما بتسيبش حقها و...

افتر ثغر آسر عن إبتسامة هادئة والآن عرف من أين ورثت هذه التلقائية والحنان؟، من والدها بالفعل. أحس بحُب وافر خُلق لتوه تجاه هذا الأب الوقور ليقرر في خلجات نفسه بأن يُصارحهُ عن كُل شيء ليقطع حديثه قائلًا:
عارف وهبلة وحنينه وتلقائية ووسيلة الهجوم عندها الضرب بالقفا ووسيلة الدفاع عن نفسها العض. ولسانها متبري منها ولمضة وقضيت سنة كاملة في السجن و.

حدق سالم به في شدوه من كم المعلومات الهائل عنها ليتابع بنبرة مُتحيّرة: جمعت المعلومات دي كُلها عنها، إزاي؟
داعبت إبتسامة هادئة ثغرهُ، رفع كفها إلى رأسه وبدأ يضع أنامله داخل شعره يعود به للخلف ومن ثم تابع بهدوء جم وهو ينظُر إلى هذا الأب الحنون: ما بُني على باطل، فهو باطل واللي بيتبني على الصدق بيعيش. انا ما جمعتش أي معلومات عنها في الحقيقة لأني بحبها من زمان وهي كمان.

قطب سالم ما بين حاجبيه تقطيبة مُريبة وبنبرة ثابتة أردف يستجوبه: يعني إنت تعرفها من قبل ما تيجي هنا؟

أومأ آسر برأسه إيجابًا، بادلهُ إبتسامة خفيفة قائلًا: أيوة. انا مش جاي أعمل أي مشاريع في الحقيقة. انا جاي علشان هي قررت تبعد عني ف أنا حبيت أفرض نفسي عليها لأني مش عاوز أخسرها وطبعًا هي مش بتسيب فُرصة تضايقني فيها. أنا عارف إني جريء في إعترافي ل حضرتك بس اللي اعرفه عنك من خلال كلامها، شخصية مُتفاهمة وأب مثالي عارف يعني أيه حُب وفقد! وعلشان أنا مش عيل صُغير بعيش معاها قصة حُب والسلام كان لازم أصارحك بكُل حاجة.

اومأ سالم برأسه في خفة. ضم كفيه إلى بعضهما في ثبات وبنبرة هادئة كعادته أردف: وانا بحترم فيك صراحتك، في العادي بناتي مش بيخبوا عني حاجة ولكن مستغرب هي ليه ما قالتليش!

آسر بإيجاز: علشان ما كانتش مُتأكدة إني بحبها، وانا جاي دلوقتي أقولك إني بحب بنتك وطالب إيديها على سُنة الله ورسوله. وطبعًا مش قبل ما تعرف ظروفي.

انتبه سالم للحُزن الذي بدى بوضوح على قسمات وجهه ليردف بتساؤل حانٍ: إنت بتشتغل أيه يا آسر!
تنهد آسر تنهيدًا ممدودًا بعُمقٍ، ومن ثم أخرج زفيرًا مثقولًا بالهموم ليجاهد في رسم إبتسامة هادئة: انا آسر آيوب. ابن الخباز الله يرحمه، خريج كُلية التجارة ومش بشتغل ب شهادتي، عندي ورشة تأجير وتصليح عربيات وفي حاجة كمان.

إبتلع ريقه بصعوبة وقد كور قبضة يدهُ بقلقٍ جمٍّ يكاد ينهار من فرط التوترٍ من ردة فعل هذا الرجل الذي يخشى نسمات الهواء عن بناته وهنا قرر استئناف حديثه بهدوء: والدي لما ضاقت عليه الظروف وما كانش لاقي يصرف علينا، لجأ ل سكك السرقة وربنا يرحمه بقى ويغفر له ف طبعًا ابن الحرامي في مُجتمعنا حرام حتى لو شريف و.

سالم مُقاطعًا بإشفاق: وابن القاضي شريف حتى لو كان حرامي.
آسر بإبتسامة هادئة: دي الحقيقة.
جاشت عينُ آسر حُزنًا حاول مليًا أن يبقى رابط الجأش لا يهتز، شعر سالم بصدق كلماته وتضرره من الكثير مما عاناهُ ليردف مازحًا حتى يزيل عنه الحرج:
ما عندك سفاحة أهي وبنت قاضي، أهي دي حالة واقعية تثبت صحة كلامك. انا مش عارف مين دعا عليك الدعوة القاسية دي، فداء! دا لو حصل. ربنا يتولاك برحمته.

آسر بإبتسامة صافية: حضرتك بس وافق وانا راضي. وعلاج بلطجتها عندي.
تبادل الإثنان قهقهات خفيفة ليقطع حديثهما صوت جمال الذي دلف إليهما بصُحبة هذا المُعيد وتبادلوا السلامات، وهنا تابع جمال بتساؤل: قطعت عليكم حديثكم ولا أيه؟
سالم وهو ينظُر إلى آسر بنظرة حانية: إن شاء الله، لينا قاعدة تاني بعد سفر عنود.

على الجانب الأخر
واااوووو!، حد يقول إن الفُستان دا إتعمل في قرية وبأقل الإمكانيات؟

أردفت فداء بتلك الكلمات وهي تنظُر إلى شقيقتها بإعجاب ودهشة. ف الثوب يزيدها جمالًا (من اللون الأحمر وخامة الحرير ) يضيق من الخصر بإحكام وأسفل حاجز الخصرِ توجد قطعة من الألماس كأجنحة الفراشة تعلو الثوب الذي يمتد حتى بعد الكعبين وصُمم من الأعلى على هيئة وريقات وردة تنسدل على منطقة الصدر. تهللت أسارير وجه عنود وهي ترفع خُصيلات شعرها (ذيل حصان) لتردف بنبرة حماسية: بجد حلو يا فيدو؟

فداء وهي تبادلها نظرات حانية: حلو جدًا، وعليكِ ياخد العقل من الرأس.
قالت جُملتها هذه ثم إتجهت صوب الخزانة تفتحها فيما قطبت عنود ما بين حاجبيها وراحت تُردد بنبرة مُترقبة: بتعملي أيه؟

فتحت فداء الخزانة على مصرعيها، وأخذت تتفحص ما بداخلها بشرود في ملامحه الغاضبة منها وغيرته الواضحة عليها وهنا رددت بتنهيدة فاترة: بابا زعق ليّ وطلب مني أقلع الفُستان، أنا من الأول قولت لك مش عاجبني ومش أستايل لبسي وإنتِ أصريتي عليّا.

رمقتها عنود بنصف عين ومن ثم مشت ناحيتها بخُطى وئيدة قائلة: سيبك من بابي دلوقتي، آسر لما شافك عمل أيه! أكيد كان هيموت من الغيرة؟
إلتفتت فداء إليها بكامل جسدها ومن ثم وضعت ذراعها حول خصرها وبنبرة مُغتاظة تابعت: دا مش بس غار، دا رمى الجزمة عليّا هو وبابا وعملوا عليا كتيبة جزم طائرة.

رفعت عنود كفها إلى فمها تكتم ضحكتها وقد جحظت عيناها شدوهًا. رمقتها فداء شزرًا وبنبرة حزينة أردفت: مش هسمع كلامك تاني ومش عاوزة أخليه يغير عليّا. أنا بخاف منه.
فتحت عنود عينيها واسعًا أكثر عن ذي قبل، أبعدت كفها عن فمها وراحت تقبض على ذراع شقيقتها وهي تهتف بعدم تصديق وتوجس:
قولتي أيه؟ فداء خايفة! يعني في حد فداء العامري بتخاف منه؟

فداء وهي تلوي شدقها غيظًا وتهتف بحنقٍ: مش بحبه يا عنود؟، وبعدين أنا بخاف على زعله ومش عاوزاه يحس بأي حاجة حسيت انا بيها في وقت فات. دا لما بيضحك بكون عاوزه أخده في حُضني وأقوله انا زعلانه منك بس موافقة أتجوزك أشطا.

أطلقت عنود قهقهة عالية على حديث شقيقتها لتهتف بها فداء تنهرها بغيظٍ: بتكلم بجد على فكرة.
عنود وهي تقترب منها تُقبل وجنتها: تعرفي إنك كيوت أوي لما بتحبي!
افتر ثغر فداء عن إبتسامة هادئة فيما أسرعت عنود بإلتقاط سلوبيت أنيقة للغاية ووضعتها أمام فداء وهي تُردد بثبات: خلاص ألبسي دي، بس هتقفلي حمالة وتسيبي التانية مفتوحة. خليه يغير أكتر واللي بيحب يا إما يستحمل أو يستسلم.

فداء بتفهم ونبرة مُتسائلة: أمال فين بيسو؟

خارج القصر ، قبض على راحتها بين كفه الكبير بإحكام وإستعداد. تنشقت بيسان الهواء داخلها ومن ثم أخرجت زفيرًا خفيفًا ك حال جسدها الذي يقفز من السعادة جراء إقتراحًا جنونيًا منه، مُستعدة؟

أردف يامن بهذه الكلمة وهو يمد أحد قدميه للأمام عن الأُخرى كذلك فعلت هي. رمقتهُ بيسان بسعادة وهُيام فقد أجرى لها عدة تمارين مُكثفة لتتمكن من الجري بسهولة حتى لا تعتاد قدماها على الخُطوات الهادئة والبطيئة فحسب. اومأت هي برأسها إيجابًا ليُتابع حديثه بحُب:
إفردي إيدك التانية علشان تحسي بالهوا وتنسى أي ألم في رجلك.
بيسان برقة: حاضر.
يامن بحسم: 1 2 3 أجرررري.

إنطلقا في سرعة رهيبة ما أن إنتهى من العد، راحت تفرد أحد ذراعيها في الهواء وهي تصرخ بسعادة جنونية على غير عادتها وباليد الأُخرى تكتنفها راحتهُ، إنفكت رابطة خُصلاتها وسقطت أرضًا ليتبعثر شعرها خلفها حتى ملأ ظهرها. لم تحفل بهذا الحدث الصغير لتلتفت إليه ترمقه بفرحة كبيرة وكذلك فعل هو حتى تلاقت أعينهما. ولم يمنعه عدوه من أن يهتف لها عاليًا: بحبك!

بيسان وهي تضحك ملء شدقيها تعيد ترديد الكلمة ذاتها على مسامعه: وأنا بحبك.
يامن بقهقهة عالية: لازم نرجع البيت حالًا، أكيد بيسألوا علينا والبروا قربت تبدأ.

قال جُملته هذه ومن ثم توقف عن الجري لتلحق هي به، أخذ صدرها يعلو ويهبط وتلاحقت أنفاسها بصعوبة وهي تقول: أنا بجري عادي!
أومأ لها برأسه إيجابًا ومن ثم رفع ذراعه إلى رأسها ثم قربها إلى صدره وراح يحتضنها بحُبٍ ولم تهدأ أنفاسهما بعد: الحمد لله.

أُعد المكان بأسلوب مُنظم. فُرش سجاد على الأرض من اللون الأحمر ومساند أسفنجية جلس الجميع أرضًا وبدأوا في تناول الطعام الذي أعده قُصي بمُعاونة آسر، حضر يامن وبيسان على الأثر لتذهب هي إلى حجرتها حتى تتجهز، فين فستاني يا بنات؟
فداء وهي تنظُر إلى ثيابها بتمعن في المرآه: متعلق على الشماعة اللي في ضهر الباب.
يالا يا بنات. الناس مستنياكم.

أردفت (حُسنية ) بهذه الكلمات وهي تقف على باب الحجرة لتقول عنود بثبات: عشر دقايق يا طنط.
فداء وهي تتجه صوب باب الحجرة: إنجزي يا عنقودة. دي بروا مش العرض علشان كُل التوتر والتضخيم دا. انا مستنياكِ في الحفلة ما تتأخروش.

إتجهت فداء إلى حديقة القصر وقد أبهرها أسلوب التنظيم الخاص بهذه السهرة. تلفتت حولها تبحث عن والدها ل تجدهُ يقف إلى جوار شاب ما. ذأبت في خطواتها إليه وبنبرة هادئة تابعت: عشر دقايق وعنود هتكون موجوده يا بابا.
أومأ سالم برأسه مُتفهمًا وبنبرة هادئة أردف وهو يتجه بحديثه إلى (سمير): أعرفك. استاذ سمير مُعيد بجامعة القاهرة، ودي فداء بنتي. وعلشان ما تتخضش هي ليها إتنين تؤام.

أمد سمير ذراعه إليها وبنبرة هادئة تابع: إتشرفت بيكِ يا مودموذيل.
وقع نظرها عليه وهو يقف إلى جوار قُصي يرمقها بنظرة حانقة لتتمادى هي مُطلقة قهقهة عالية وراحت تقول: حضرتك أكيد مُعيد في قسم فرنش بقى!
سمير بإبتسامة عريضة: فعلًا. إنتِ خريجة ايه؟!
فداء بثبات: كُلية إعلام، قسم صحافة.
سمير بإعجاب واضح: جميل جدًا، ومعاكِ كام لُغة!

في تلك اللحظة أردف سالم بنبرة ضاحكة: أسيبكم انا بقى في ثقافتكم دي، وأروح أشوف جمال فين أراضيه.
اومأت فداء برأسها إيجابًا ومن ثم عادت تستأنف حديثها ردًا على سؤاله: تلاتة واللُغة الأُم. إنجلش، فرنش ولُغة البلطجية.
سمير وهي يقطب حاجبيه تقطيبة مُريبة مردفًا ببوادر إبتسامة: بلطجية! دمك خفيف بجد.
فداء وهي تطلق ضحكتها عاليًا: ميرسي دا من ذوقك.

تجهمت معالم وجهها فجأة لتبتلع ريقها في حالة توجس من أمرها وهي تجده يقترب منهما وعلامات الشر بادية على وجهه وما أن وصل إليهما حتى هتف بصوتٍ أجشٍ:
مش عيب لما تسيبي خطيبك وتقفي مع سيادة المُعيد!
تقابل هو والأخر وجهًا لوجه ليتابع آسر بثبات: بعد إذنك. تعالي يا ست الكُل علشان عاوزك في موضوع.

قبض على ذراعها بشراسة وسط نظرات سمير الذي استغرب من حدته، وقف بها في زاوية من الحديقة وبلهجة حادة أردف: إنتِ عاوزة أيه بالظبط؟
فداء وهي تشيح بنظراتها بعيدًا عنه: أنا مش عاوزه حاجة. شيفاك إنت اللي متعصب.

ضغط آسر على عينيه بنفاذ صبرٍ ليقترب منها أكثر ومن ثم يمسك حمالة السلوبيت الساقطة مردفًا: مش قافلة دي ليه؟، إنتِ مش شايفه إن الزفت اللي من تحت مفصل جسمك. سايبك تهزري وتستفزيني براحتك، لكن أنا مش هضحك واصقف لك وكُل الناس بتبحلق في تفاصيلك. سميها بقى زيّ ما تحبي، دقة قديمة او رجعي حتى. بس انا يوم ما حبيتك كُنت راضي بلبسك الرجولي لمُجرد إنك مُختلفة عن باقي البنات وجسمك مش مِلك عين أي حد لكن ما تحاوليش تاني مرة تختبري صبري في نقطة زيّ دي.

في تلك اللحظة أفلت ذراعها بقوة جعلت جسدها يميل للأمام قليلًا وبنبرة حانقة استكمل: يا إما تقلعي القرف دا أو تقفلي النيلة دي أو تعتبري نفسك من النهاردا زيّ أي واحدة وانا أرجع بيتي وكفاية مرمطة علشانك.

إبتلعت فداء ريقها بصعوبة. ثبت بصرهُ امام مُقلتي عينيها مُباشرة ينتظر ردها لتقول هي بنبرة بالكاد تُسمع: طيب، هقفلها.
آسر بحدة: يالا غوري.
جال الدمعُ في عينيها لتتشنج قسمات وجهها مردفة بحنقٍ: ما تقوليش غوري لو سمحت!

إتجه آسر ببصره إلى هذا الضيف الثقيل على قلبه ليجابهها قائلًا وهو يقبض على ياقة السلوبيت: ثم أيه اللي عاجبك فيه يعني. لو هو مُعيد ف أنا عايد أكتر منه. ولا نسيتي ال سنين اللي قضيتها في تجارة.

افتر ثغرها عن إبتسامة هادئة رغمًا عنها ليُبعد قبضته عنها وبنظرة حانية أردف: يالا يا بلاء. أقفلي الحمالة. وبطلي مُشاكسه. يعني مافيش داعي تختبري صبري لأني لو جيت للحق بغير من أبوكِ ذات نفسه.

فداء وهي تضربه في صدره بخفة: إنت على فكرة. زعلك وحش وخوفتني.
أسرع آسر بالإقتراب منها ومن ثم سرق قُبلة سريعة على وِجنتها قائلًا بهُيام: يخربيتك وإنتِ أُنثى بتبقي أحلى من سنين عُمري كُلها. بس أنا بحبك أكتر وانتِ بلدي ومعفنة. يعني الحُب العنيف واللي فيه دم بيبقى له مذاق خاص.

فداء وهي تفغر فاهها وترفع شفتها السُفلى قليلًا وكأنها تستفهم منه دون أن تنبس ببنت شفةٍ ليوميء برأسه إيجابًا مستأنفًا: أه حُب دموي. اللي هو إزاي. يعني مثلًا يوم ما إنتِ تضطريني أغير عليكِ ف أتعصب زيّ دلوقتي. أقوم عامل أيه بقى؟

فداء بتوجس: أيه؟
آسر بلهجة ثابتة وواثقة: أمسك صوابعك أقطعها بالساطور وأقيم عليكِ الحد وأسيب الصوباع اللي فيه الدبلة بس يا حُبعمراي، علشان الناس تكون عارفه إنك مِلكي لما ما تلاقيش أي صوابع غير الصوباع اللي فيه الدبلة بس.

فداء بنبرة مُتلعثمة: هتقطع صوابعاتي؟!، إنت أيه السلام الداخلي اللي في كلامك دا؟

آسر بلهجة صارخة: بت، إنجري عدلي لبسك دا جوا.
في تلك اللحظة سمعت صوت (حُسنية ) وهي تهتف مُنادية على والدها في تعجُل، قطبت ما بين حاجبيها ثم اتجهت خلف والدها الذي دلف داخل القصر مُلبيًا ل نداء حُسنية، توترت عنود قليلًا وهي تقف أمام الدرج بفستانها الراقي. هتف والدها وهو يتجه إليها بفرحة: وصلك رسالة من مسؤولين العرض؟
عنود بإبتسامة خفيفة: أيوة يا بابا بس في حاجة.
فداء بقلقٍ: مالك يا عنود؟

عضت عنود على شفتيها بخوفٍ فهي تعلم موقف والدها مما ستقوله لتفرك كفيها بقلق قائلة: التذكرة إتحجزت وهتوصل للشركة في خلال يومين بس مُدة العرض والإقامة في الفندق أسبوعين مش يوم يا بابا!

وضعت بيسان يدها على فمها في دهشة وشدوه فهي الأخرى تعلم موقف والدها تجاه السفر للخارج دون وجوده، تجهمت معالم وجهه ثم أردف بنبرة مُتضايقة:
أزاي أسبوعين! إنتِ عاوزة تسافري بلد تانية ل مدة أسبوعين؟ إنتِ عارفه موقفي تجاه أي حاجة فيها مسافات. أما وجودكم هنا أخدته بعد قرار وتفكير وعلشان دا بيت أخويا وهكون متطمن عليكم. لكن إنتِ رايحة بلد غريب مافيهوش حد نعرفه ولوحدك كمان.

عنود وقد أوشكت نبرتها على البكاء: بس انت أكيد با بابا مش هتضيع حلمي علشان أسبوعين سفر!
قُصي مُتدخلًا بنبرة ثابتة: الحل عندي. نتجوز أنا وهي ونعتبرهم أسبوعين شهر عسل وهي تحقق حلمها و إنت ما تكونش خايف عليها يا عمي!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة