قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية جراح الروح للكاتبة روز أمين الفصل السابع والعشرون

رواية جراح الروح للكاتبة روز أمين الفصل السابع والعشرون

رواية جراح الروح للكاتبة روز أمين الفصل السابع والعشرون

فلاااااش باااك
منذ ما يقارب من إسبوعان.

كانت تجاور شقيقتها بالجلوس، نطقت بإستهجان ناظره إليها بإندهاش يعني أيه الكلام ده يا أمال، معقولة توافقية على الجنان ده؟!
تحدثت أمال بإستسلام وكنت عوزاني أعمل أيه قدام إصرارة يا أماني، إنت فاكرة إن سليم كان بياخد رأيي؟

وأكملت بيقين سليم كان بيبلغني بقرارة يا أماني، وسواء وافقت ولا رفضت كان هيتجوزها يعني هيتجوزها، من الاخر كده مكنتش هتفرق معاه موافقتي من عدمها
أردفت أماني بتساؤل متعجب أفهم من كلامك ده إنك خلاص إستسلمتي وقبلتي ببنت الحواري دي زوجة لإبنك؟!

أجابتها بقوة ورفض قاطع لا طبعا، أيه التخاريف اللي بتقوليها دي يا أماني، على جثتي لو بنت الحواري دي دخلت بيتي وبقت مرات سليم
تنهدت أماني وزفرت بإرتياح وأردفت قائلة بهدوء أيوة كده طمنتيني، وياتري ناوية على أيه؟

أجابتها من بين أسنانها بغيظ وتشفي ناوية أفضحها هي وأهلها وأخلي سيرتهم على كل لسان علشان يعرفوا إنهم لعبوا وإتحدوا الخصم الغلط.

وبدأت تروي لها ما ستفعلة وما أوتي بخيالها المسموم من فكرة شيطانية قد أوحي لها بها ذلك الشيطان المسمي بحسام،
والذي خطط لكل هذا بعزيمة قوية وإصرار تام حتى يقف ويشاهد بإستمتاع تدمير وذبح قلب سليم وهو يترك عشقه الأبدي وحب حياتة بلا رجعة، والذي يعلم جيدا أنه وبتواجده معها سيحيا حياة العاشقين ويتنعم داخل أحضانها بهناء وسعادة مطلقة.

وهذا ما لايتمناه حسام لعدوة اللدود منذ الصغر والذي يكن له كره وعداوة غير مبرره ترجع أسبابها لسواد قلبه المليئ بالحقد ناحية ذلك السليم
بعد مدة تحدثت أماني بحذر وتفتكري إن عزمي وسميرة وندي هيساعدوكي لله فا لله كده، أنا خايفه يكونوا بيخططوا ويوقعوا سليم في شباك بنتهم، وساعتها هتكوني خرجتي من حوار بنت الحواري على بنت عزمي وسميرة، وما أدراك ما عزمي وسميرة يا أمال!

أجابتها بهدوء حسام هو المسؤول قدامي وهو اللي طلب منهم المساعده علشان يرضيني، وأكملت بإطمئنان وبعدين متقلقيش، أنا فايقه لهم كويس أوي، أهم حاجه عندي الوقت إني أخلص من البنت دي، وبعدها أي حاجه تهون.

عوده للحاضر.

مساء يوم الزفاف بمنزل قاسم الدمنهوري
كان يقف أمام مرأته يرتدي قميصه الأبيض أمسك بزجاجة عطره المميز ونثره على جسده بسخاء وإفراط، ثم أغلق زرائر القميص وأكمل إرتداء حلة زواجه السوداء بقميصها الناصع البياض وببيونة جعلت منه وسيم للغايه،
صفف شعره وهندم ذقنه ثم أخذ نفس عميق وأخرجه بإسترخاء ونظر لحاله في إنعكاس المرأة برضا تام.

كاد قلبه أن يخرج من مكانة ويتركه من شدة ضرباته التي تشبه صوت دق طبول الحرب المعلنة عن تقارب لقاء العشاق الذي طال إنتظارة.

ثم تحرك للخارج
نظر للحضور حيث كان البهو مكتظ بالجميع وهم ينتظرون خروجه كي يذهبوا معا إلى المكان الذي ستقام به مراسم الزفاف.

إقترب عليهم وبسمة تحتل ثغرة، ينظر للجميع بسعادة، والدته، والده، شقيقته، حسام، ندي التي زينة ثغرها بإبتسامة سعيدة، وسميرة التي تنظر إليه بتشفي لما هو قادم عليه، أماني والتي حضرت لحالها دون زوجها وولدها اللذان سبقوها إلى العنوان المزيف التي أرسلتهما إليه حتى لا يتواصلا مع فريدة وأهلها ويساعداهما في الوصول إليهم.

جرت إليه ريم وأحتضنته بسعادة وقبلته قائله بحنو ألف مبروك يا حبيبي، زي القمر يا سليم، ربنا يتمم لك بخير
إبتسم لشقيقته وتحدث بسعادة بالغة الله يبارك فيكي يا حبيبتي، عقبالك يا ريم.

تحرك والده إليه بإبتسامة حانيه وأحتضنه بسعادة بالغه مربت على ظهره بحنو وتحدث قائلا ألف ألف مبروك يا حبيبي، عشت وشفتك عريس يا سليم، عقبال ما أشوف عوضك يا أبني
أجاب والده بسعادة في حياة عينك يا حبيبي إن شاء الله.

ثم حول بصره إلى تلك الواقفه ويظهر عليها التعب، تحرك إليها وتحدث مداعب إياها هي حبيبتي مش هتبارك لي ولا أيه؟
إبتسمت بوهن وتحدثت بصوت ضعيف مفتعل إزاي بقا يا حبيبي، ده أنا سعادتي إنهاردة ماتتوصفش، ده اليوم اللي بتمناه من سنين يا سليم.

نظر لها بتوجس وأردف متسائلا بقلق مالك يا ماما؟
بدأت تتهاوي بوقفتها وتحدثت بضعف ووهن مصتنع بإتقان مفيش يا حبيبي، متقلقش، أنا كويسه.

قالت كلماتها وأمسكت ذراعه وهي تصرخ متأوة قبل ان تقع أرض فاقدة الوعي إلحقني يا سليم
صرخت ريم وجرت عليها هي وأماني التي حملت رأسها من على الأرض ووضعتها فوق ساقيها أماااال، مالك يا حبيبتي، ردي عليااااا.

جري الجميع وهم يدنون من مستوي وقوعها وبدأ سليم بمحاولة إفاقتها والقلق ينهش داخلة.

نظرت أماني إلى سميرة وتحدثت بهلع مصطنع إتصلي يا سميرة بسرعة على عزمي يكلم دكتور منير صديقه يبعت لنا عربية إسعاف مجهزة.

تحدثت سميرة برافوا عليكي يا أماني، كانت تايهه عني فين دي.

ونظرت إلى ندي وأردفت قائلة بتخابث بسرعة يا ندي إتصلي ببابا.

تحدثت ندي ما أنتي عارفه يا مامي إن فوني مسقط شبكة من إمبارح.

نظرت أماني إلى سليم الجالس مقابلا لها وأردفت بنبرة متعجله إديها تليفونك بسرعه يا سليم تكلم خالك يبعت لنا عربية إسعاف مجهزة.

تحركت ندي ودنت من مستواه وأردفت بنبرة متلهفة بسرعة يا سليم.

لم يكن يعي لأي شيئ من حوله غير وقوع غاليته المفاجئ، هز رأسه بطاعه وأخرج هاتفه من دون وعي وضغط على كلمة المرور أمام أعينها وأعطاها إياه.

أجرت منه إتصالاها وأختفت من المكان بأكمله.

وبعد حوالي 2 دقيقة كان سليم وقاسم يجاوران تلك المخادعة داخل عربة الإسعاف والتي كان حسام متفق مع سائقها مسبق على أن يتحرك بهدوء ويتوههما بشوارع شديدة الإزدحام حتى يصعب عليه التحرك والمرور من بين السيارات ولا يوصلهم إلى المشفي المتفق عليه إلا بعد مرور الساعه والنصف على الأقل، حتى إقتراب فوات ميعاد الزفاف وإنقضاء وقته المحدد.

كان يجلس بجانبها ممسك بكف يدها يطمئنها
ينظر لها بألم يمزق داخله وهو يراها ترتدي ماسك التنفس الإصطناعي وتنظر إليه بعيون ضعيفه ونظرات يغلب عليها طابع الإنكسار ودموع التماسيح تزرف من عيناها بوهن.

أردف قائلا بعيون مطمئنه عكس ما يدور داخله من قلق ينهش قلبه خوف على عزيزة عيناه، غاليته، والدته الحبيبه متخافيش يا حبيبتي، إن شاء الله هتبقي كويسه، هنوصل المستشفي وهيسعفوكي وهتبقي زي الفل.

أكد ذلك الجالس بالجهه الاخري على حديث ولده قائلا إن شاء الله، إتحملي يا أمال كلها شوية وهنوصل.

ثم نظر إلى المسعف الجالس بجانب أمال يمثل إسعافها
وجه قاسم حديثه إليه هي العربية مبتتحركش ليه؟

أجابه ذلك المخادع الشوارع زحمة جدا يا أفندم، شوية وهتروق وهنوصل.

نظر سليم إلى والده متذكرا حبيبته المنتظرة وصوله وكأنه كان خارج نطاق الواقع وعاد فجأة.

مد يده داخل جيبه سريع ليلتقط هاتفه ويطمئن على صغيرته ويخبرها بما جري كي لا تقلق وتنتظر مجيئة.

إنصدم حين تذكر أن ندي إستعارته منه كي تهاتف منه والدها
زفر بضيق ونظر إلى والده محدث إياه بابا من فضلك إديني تلفونك أتصل بفريدة وأطمنها، للأسف نسيت فوني مع ندي.

مد قاسم يده داخل جيب سترته وأخرج منه هاتفه وأعطاه إياه، نظر سليم بشاشته وضغط عليه لتشغيله، لكن تفاجأ بفروغ البطاريه فحاول مرارا وتكرارا ولكن جميع محاولاته بائت بالفشل.

نظرت إليه أمال ورجعت بذاكرتها حين إستغلت وجود قاسم داخل المرحاض وأسرعت بإستبدال بطارية هاتفه بأخري غير صالحة.

زفر سليم وأرجع شعر رأسه للخلف في حركة تعصبيه وتحدث البطاريه فاضيه يا بابا.

نظر له قاسم متحدث بنفي فاضيه إزاي يا أبني، أنا شاحن الفون قبل ما أجي بنفسي.

زفر سليم بضيق ثم حول بصرة لذلك الجالس وتحدث برجاء ممكن بعد إذنك أعمل مكالمة من تلفونك؟

تحدث ذلك الملاوع أنا معييش تلفون يا أفندم وده بناء على التعليمات علشان متشوش على الاجهزة الموجوده في العربية هنا.

نظر له سليم بإستغراب من حديثه الغير واقعي بالمرة وتحدث طب ممكن تطلب من السواق يديني.

ولم يكمل جملته حينما لاحظ تشنج والدته وأرتعاش جسدها بالكامل، إرتعب داخله هو وقاسم.

وأسرع ذلك المخادع بتوصيل إحدي الأجهزة إلى قلبها وإعطائها إبرة مليئة بالفيتامينات المكملة غذائيا
وأدعي أنها مهدئة للتشنجات حتى إيصالها للمشفي.

أما ريم التي كانت تبكي بشدة وهي تجاور حسام الذي يتحرك بسيارته ذاهبا بها إلى المشفي، أمسكت هاتفها ونظرت بشاشته كي تحادث شقيقها وتطمئن منه على حالة والدتها،
زفرت بضيق وأردفت قائلة معرفش تلفوني ماله إنهاردة، مش لاقط شبكه خالص.

إبتسم داخل ذلك الماكر حين تذكر أنه طلب من صديقه مهندس الإتصالات أن يقطع الخدمة عن هاتفها اليوم بأكمله حتى لا تستطيع أن تهاتف فريدة، أو تستقبل أية مكالمات.

و تحدث بنبرة خبيثه تقريبا كده في عيب في الشبكة إنهاردة، أنا كمان فوني مش لاقط شبكه نهائي.

تحدثت بدموع غزيرة مش عارفه أيه إللي بيحصل لنا ده كله، وأمتي، يوم فرح سليم اللي كلنا كنا منتظرينه بفارغ الصبر.

أجابها بتخابث إهدي يا حبيبتي من فضلك، كل حاجه هتبقي كويسه.

أما سليم.

ضل على ذلك الوضع الصعب ما يقارب من الساعة حتى وصلوا للمشفي تحت إنهياره ورعبه من فكرة فقدانه لوالدته، وفكرة ما يدار الأن بعقل صغيرته.

وجدوا عزمي وأماني وسميرة بإنتظارهم
وفوجئوا بإستعدادات على أعلا مستوي كي يوهما سليم وقاسم بصعوبة حالتها وخطورتها، تحرك بها الممرضين سريع إلى غرفة الإنعاش.

وكان بإنتظارها الطبيب ذو السمعة الملوثه الذي باع ضميره المهني بحفنه من الأموال الطائلة قد أعطته له تلك الكاذبه المدعية للمرض، بمساعدة ذلك الحقير المسمي بحسام قبل يومين وهو يتفق معه.

دلف إليها الطبيب ثم خرج بعد مده بسيطه وتحدث بأسي مصطنع للأسف، الأعراض والكشف الأولي بيشيروا إلى ذبحة صدريه.

جحظت أعين سليم من هول ما أستمع وأرتعب داخل قاسم الذي تحدث طب وحالتها أيه يا دكتور؟

أجابه بإدعاء كاذب للأسف، الحالة خطيرة جدا ومحتاجه لمعجزة، أنا هدخل حالا وهحاول بكل جهدي أنقذ الحالة.

ثم نظر للجميع بأسي مصطنع وتحدث بمكر كي يدب الرعب داخل أوصالهما إدعولها، هي حاليا محتاجه لدعواتكم أكتر من أي وقت.

ودلف لغرفة الإنعاش من جديد تحت صدمة سليم وقاسم.

صاحت أماني بصياح وعويل يا حبيبتي يا أمال، كان مستخبي لك فين ده كله يا قلبي، يارب أقف معاها يارب.

إحتضنتها سميرة وتحدثت بإدعاء كاذب إهدي يا أماني متعملش في نفسك كده لتتعبي إنت كمان، كفاية علينا اللي مرمية جوة بين الحياه والموت دي.

طال إنتظار سليم والقلق بدأ ينهش داخله، قلقه على والدته حبيبته القانطه بالداخل تصارع الحياة
وقلق قلبه الذي ينهش بداخله على غاليته التي تنتظرة دون معرفة أسباب تأخرة إلى الأن.

تحمحم وأخرج صوته بصعوبه موجه حديثه إلى خاله خالي من فضلك، محتاج تلفونك أكلم منه فريدة وأهلها علشان ميقلقوش من تأخيرنا عليهم.

هنا صرخت به أماني وتحدثت بحده بالغه أمك بتموت جوة وأنت كل اللي فارق معاك وشاغل بالك إنك تطمن ست الحسن والجمال هي وأهلها؟!

تحدث عزمي بخباثه إهدي يا أماني مش كده أومال.

نظرت لأخيها وتحدثت بحده مصتنعه أهدي إزاي يا عزمي وكل اللي حصل لأختي ده بسبب اللي إسمها فريدة.

نظر لها سليم بإستنكار فأكملت هي بإستماته وتأكيد أيوة يا سليم، دي الحقيقه اللي لازم تعرفها كويس أوي، أمال ضغطت على نفسها وعلى قلبها علشان تحاول تتقبلها كزوجة ليك،
وكل ده ليه، كل ده لأنك أناني ومبتفكرش غير في نفسك وسعادتك وبس، إنت واحد أناني يا سليم.

نظر لها بذهول وأشار بسبابته على حاله ونطق بإستهجان أنا أناني يا خالتي؟!

أجابته بقوة ودموع مصطنعه أيوة إنت أناني يا سليم، حرمتها من أجمل لحظة بتتمناها أي أم وتستناها من أول مابتخلف إبنها وتضمه لحضنها، حرمتها من إنها تفرح بالنسب اللي تتشرف بيه وتتمناه ليك.

نظر لها قاسم وتحدث بحده ملوش لازمه الكلام ده دالوقت يا أماني، مش وقته.

ردت بحده لجلد ذاته لا وقته يا قاسم، لازم يعرف إن المسكينه اللي مرميه جوة دي ممكن تدفع حياتها تمن سعادته،
ونظرت إليه وتحدثت بدموع ونبرة لائمة ياريت تكون مبسوط من النتيجة اللي وصلت لها أختي بسببك يا باشمهندس.

تحرك للخارج غاضب تارك إياهم متوجه للحديقة لعدم قدرته للإستماع لحديث خالته الذي يجلد ذاته ويخبره كم هو حقا أناني.

وكان قد قرر للخروج إلى الشارع ليهاتف فريدة من أية كبينة خاصه بالإتصالات ويطمئمها،
وأثناء طريقه للخارج إستمع لإحدي الممرضات تتحدث بالهاتف أيوة يا حسام بيه، مدام أمال دخلت مع دكتور منير أوضة الانعاش، وإن شاء الله مش هيخرجها غير بعد الوقت اللي اتفقنا عليه مايعدي،
وأكملت بإنتشاء بس ياريت متنساش حلاوتي يا باشا.

أما عن حسام الذي كان قريبا جدا من المشفي ولكنه ترك ريم بالسيارة مدعيا أنه سيجلب زجاجة مياة من إحدي المحال وذلك لعطشه الشديد، وحدث الممرضة للإطمئنان على سير خطته بنجاح.

جحظت عيناه من هول ما أستمع، وبلحظة إستعاد وعيه وتركيزه تحرك من جديد إلى الداخل كالإعصار المدمر.

نظر الجميع على ذلك الغاضب وهو يقتحم الغرفة بمنتهي الهمجيه.

تحدثت أماني صارخه بهلع خوف من إنكشاف مخطتهم بتعمل أيه يا مجنون؟!

جري خلفه قاسم للداخل وتسمرا كلاهما عندما وجدا أمال تجلس فوق التخت بكامل صحتها وهي تنظر إلى هاتفها بإنتشاء وتشاهد الفيديو الخاص بخروج فريده وأهلها من الفندق بخيبة أملهم، وذلك بعدما بعثته لها معدومة الضمير تلك المسماه بنورهان.

أما الطبيب فكان يجلس فوق مقعدا جانبيا يتحدث إلى الممرضه المصاحبه له.

نظر لها بصدمة عارمة وهو يهز رأسه بعدم إستيعاب وإنكار لما يراه أمامه وتحدث بإنكسار لا يا أمي أرجوك، قولي لي إن اللي بفكر فيه ده مستحيل، قولي لي إني في كابوس وإنك مستحيل تدبحيني بأديكي بالشكل البشع ده.

إرتبكت وهربت الدماء من وجهها ثم تحدثت خجلا أنا عملت كل ده علشانك يا سليم، أنا بحميك من نفسك يا أبني.

تحدث قاسم بذهول معقول فيه أم في الدنيا تكسر فرحة إبنها بإديها في أسعد ليلة في حياته، إنت لا يمكن تكوني بني أدمه طبيعية، إنت مريضة يا أمال.

تحدث الطبيب بتبجح من فضلكم يا جماعة تحلوا مشاكلكم دي بعيد عن هنا، أنا مش عاوز شوشرة في المستشفي.

جري عليه سليم مثل الأسد الشرس حين ينقض على فريسته وبدون مقدمات بدأ يكيل له اللكمات وهو يحدثه بفحيح شوشرة يا حقير يا مرتشي يا زباله، ده أنا هخرب بيتك وهطربق لك المستشفي دي كلها على دماغك، وديني وما أعبد لأفضحك وأفصلك من النقابه يا أحقر خلق الله.

جري عليه قاسم وبدأ بتخليص ذلك الحقير من يده وتحدث مش وقته يا سليم، يلا بينا علشان نلحق عروستك قبل ماتروح هي وأهلها، لسه فاضل ساعه على إنتهاء الميعاد ان شاء الله نلحقهم.

تحرك بجانب والده ثم نظر لخاله وخالته وسميرة وهم واقفون بوجوه شاحبه كالموتي وتحدث بإحتقار ملعون أبو غبائي اللي صدق ناس معدومة الضمير زيكم، وصدق كذبكم ودموع التماسيح اللي نازله من عيون لقلوب ميته وعفا عليها الزمن،
وأكمل بحدة ونبرة تهديدية من إنهاردة مش عاوز أشوف خلقت حد فيكم قدامي ولو حتى صدفه، وقسما بربي اللي هيقع منكم تحت إيدي بعد كده لأفعصة بدون ما يرمش لي جفن.

ثم نظر إلى تلك الكاذبه المنكمشه على حالها تبكي بصمت تام، وتحدث بقوة وثبات أنا أمي ماتت إنهاردة ودفنت حزني عليها برة قلبي، ومن اللحظة دي تنسي إن ليك إبن إسمه سليم،
وأكمل بعيون مشتعله هخرج قلبي من بين ضلوعي وأدوس عليه بجزمتي وأمحي وجودك من جواه ومن حياتي كلها.

نزلت كلماته القوية على قلبها جلدته وشرخت روحها، وتيقنت أنها خسرت ولدها للأبد.

خرج كالإعصار من المشفي بأكملها بجوار والده الذي ذهب معه كي يسابقا الوقت ويحاولا إنقاذ ما يمكن إنقاذه.

كاد أن يخرج من حديقة المشفي وجد ذلك الندل بوجهه مصطحب ريم وتلحق بهما تلك المخادعه الصغيرة التي كانت بإنتظارهما ليدلفوا سويا.

جري عليه كالوحش الكاسر وبكل ما أوتي من قوة بدأ يكيل له لكمات متتاليه حتى أوقعه أرض وأنبطح فوقه مستمرا بتسديد اللكمات بغل لذلك الحقير حتى أمتلأ وجهه بالكامل بالدماء.

وقفت ريم بالزاويه منكمشه على حالها تشاهد ذلك المنظر البشع بهلع وهي تضع يدها فوق فاهها وتهز رأسها بزعر تام وعدم إستيعاب لما يحدث.

أما قاسم الذي دني من مستوي ولده يحاول تخليص ذلك الجبان من قبضة يده ولكن هيهات، فقد كان يحاوط عنقه مضيق عليها الخناق بغل وقوة مفرطة حتى أن روحه المليئة بالشر كادت أن تزهق من شدة ضغط سليم فوق عنقه.

إجتمع المارة بمساعدة قاسم وخلصوا ذلك الندل من قبضة يده بإعجوبه، وأبعدوه عنه، وقف حسام يسعل بشده ممسك بعنقه يحاول إستنشاق الهواء وتنظيم أنفاسه المتقطعه.

وقف ينظر إليه لاهثا من شدة غضبه وتحدث بشر وهو يشير إليه بسبابته مهددا إياه راجعلك تاني يا خاين، تصفية حسابي معاك جه وقتها،
وأكمل بوعيد وفحيح وإدعي ربنا إن موضوعي مع فريدة يكمل على خير، وإلا قسما بربي لتشوفوا شر سليم اللي عمركم ما هتتخيلوه، وقت الحساب إبتدي والكل لازم يحاسب على الفواتير.

ثم حول بصره لتلك اللعينه المسماه بندي.

إبتلعت لعابها وتحدثت بتخابث كي توهمه بعدم معرفتها بما حدث فيه أيه يا سليم؟!

نظر لها بعيون تطلق شزرا وتحدث بفحيح ماددا يده هاتي موبايلي يا حقيرة.

إرتعبت من نظرة عيناه المخيفه وبسرعة البرق مدت يدها داخل حقيبتها وأخرجته، جذبه منها بحدة وعنف كادت أن تخلع يدها.

حين جرت عليه تلك البريئه الباكيه التي تسائلت قائلة برعب مالك يا سليم، ماما جري لها حاجه؟

نظر لها بخيبة أمل وأردف قائلا بنبرة متألمه أمك دبحتني بسكينه تلمه يا ريم، مثلت إنها تعبانه علشان تكسرني قدام فريدة، أمك نهت على أملي خلاص.

هزت رأسها بهستيريا غير مصدقة لما أستمعته أذناها.

جذبه قاسم من ذراعه وأردف قائلا مش وقته يا أبني، يلا بينا نلحق عروستك.

تحرك مع والده مباشرة إلى منزل فريدة بعدما أعاد تشغيل هاتفه وهاتف على الذي كان متجها إلى منزل قاسم ليطمئن على الجميع، وعلم منه ماحدث.

وصلا للمنزل وجد الباب مفتوح على مصرعيه، خطي للداخل مع والده وبصحبتهما المأذون الذي كان متفق معه لعقد القران داخل الأوتيل وذلك بعدما هاتفه وجلبه معه،
تحرك بجانب والده خجلا وكانا بموقف لا يحسدا عليه.

نظر إلى فؤاد الذي يجلس فوق الأريكة يضع يداه فوق رأسه والهم يظهر بملامح وجهه الحزين على ما أصاب عزيزة عيناه في اليوم الذي كان منتظر أن يكون أسعد لياليها.

يجاوراه شقيقاه أحمد وصالح يحاولان تهدأته والتخفيف عنه، ويلتف حولهم أنجالهم وأبناء عمومتهم وعبدالله ووالده.

تحدث سليم بنبرة صوت متحشرجة حرجة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

نظر إليه الجميع ووقف أحمد ونجله زياد
أسرع أحمد إليه بغضب وكاد أن يقترب منه ليفتك به ويكيل إليه بعض الضربات واللكمات كي يشفي غليله منه.

أمسك به عبدالله وزياد وأكرم كي لا يحتد بينهم الحال ويصل للمشاجرة.

تحدث أحمد بحدة بالغة وهو يحاول الفكاك من بين أيديهم كي يتجه إليه ويبرحه ضرب يا بجاحتك يا أخي، إنت لسه ليك عين تيجي لحد هنا.

صاح به صالح الجالس بجانب شقيقه بصوت حاد ناهرا أخاه إهدي يا أحمد وأقعد وخلينا نتكلم بهدوء كفيانا فضايح.

زفر أحمد بضيق وكتم غيظه وهو ينظر لذلك الواقف بقلب يغلي وينصهر ألما وقلقا على صغيرته،
يريد الاطمئنان عليها ولا يبالي بكل ما يجري من حوله، كل مايشغل باله حاليا هو الركض إلى داخل غرفتها وسحبها وشق ضلوعه وأدخالها كي يحميها من العالم بأكملها ويمحي عنها أي حزن قد أصاب قلبها الرقيق.

تحدث قاسم بتعابير وجه تنم عن مدي خجله أنا حقيقي أسف ومش عارف أيه اللي ممكن يتقال في موقف زي ده يا أستاذ فؤاد، بس لو تسمح لي أشرح لك اللي حصل معانا ومنعنا إننا نيجي القاعه أكون شاكر ليك.

وقف صالح متحاملا على حاله وذلك لأجل أن يجدا حلا معا وإنقاذ ما يمكن إنقاذة من تلك الفضيحه التي طالت إبنة أخيه.

وتحدث بهدوء وهو يشير بيده للجلوس إتفضل أقعد يا قاسم بيه إنت والباشمهندس.

وأكمل بنبرة حادة وأتفضل قول لنا مبرراتكم اللي منعتكم تيجوا الفرح ومن غير حتى متعتذروا بإتصال وتعرفونا.

تنهد قاسم وجلس هو وسليم والمأذون بجانب ذلك الأب الحزين، وبدأ بقص ماحدث معهم من مرض زوجته وبأنهم تركوا هواتفهم من تأثير الصدمه عليهم، وبالطبع لم يذكر أنها مجرد مؤامرة حقيرة من تلك اللعينه معدومة الضمير المسماة بزوجته كي لا يزداد الوضع سوء.

أردف فؤاد قائلا بعتاب بعدما إستمع لحديث قاسم. ولما هو ده فعلا إللي حصل ماأتصلتوش بينا ليه وبلغتونا يا قاسم بيه، على الأقل مكناش إنتظرنا وشكلنا بقا وحش اوي كده قدام الناس؟

تنهد قاسم وأجاب صدقني يا أستاذ فؤاد كل حاجه حصلت بسرعة وكأننا كنا خارج نطاق الزمن.

تنهد فؤاد بإستسلام و تحدث سليم بصوت هادئ من فضلك يا عمي، أنا بستأذن حضرتك في إني أكتب كتابي دالوقت على فريدة، وبعد كام يوم نبقا نعمل ترتيبات للفرح من جديد، واللي حضرتك عاوزة كله أنا تحت أمرك فيه.

نظر له فؤاد الذي بدا على وجهه الحزن والتعب وتحدث بإنكسار فرح أيه اللي عاوزنا نعيدة بعد الفضيحه إللي حصلت إنهاردة يا باشمهندس، أنا بنتي قعدت في الاوتيل قدام الناس كلها مستنيه عريسها اللي معبرهاش يوم فرحها ولا حتى إتصل يعتذر.

وأكمل بألم وأي ناس إللي هروح أعزمهم تاني، الناس اللي زمانهم بيلسنوا على شرف بنتي وبيألفوا عليها قصص وحكايات.

هدر به أحمد قائلا بحدة قطع لسان اللي يتكلم على بنتنا نص كلمة، بنتنا أشرف من الشرف والكل متأكد من كده.

نظر سليم إلى فؤاد وتحدث بهدوء كل حاجه هتتصلح يا عمي.

هنا قرر قاسم التدخل قائلا بتعقل إسمعني كويس يا أستاذ فؤاد، إللي حصل حصل خلاص.

وأكمل بتعقل دالوقت الكلام والعتاب لا هيقدم ولا هيأخر، أنا شايف إننا نكتب الكتاب وسليم ياخد عروسته للأوتيل اللي حاجزلها فيه ويتراضوا هناك براحتهم، وبكده هنكون خرسنا كل الألسنه اللي بتتكلم، وياسيدي لو على الفرح والناس، بعد إسبوع يكونوا العرسان هديوا ونفسيتهم إرتاحت ونعمله من جديد.

أكد صالح على حديثه وكأنه كان ينتظر تلك الكلمات عين العقل يا قاسم بيه، كلام حضرتك محترم.

وهز أحمد رأسه بتأكيد هو الأخر وتحدث أيه رأيك في الكلام ده يا فؤاد.

تنهد فؤاد إليهما وتحدث بهدوء أنا معنديش مانع، المهم فريدة هي اللي توافق.

وقف سليم وأردف بهدوء بعد إذن حضرتك يا عمي ياريت تسمح لي أدخل لها وأبلغها بنفسي.

هنا إستمع الجميع لصوت فتح الباب بقوه وخروج تلك التعيسة ذات الحظ العثر بهيئتها المزرية ووجهها الملطخ بالسواد من تأثيرالكحل العربي الذي إختلط بدموعها وتحول على وجنتيها وكأنه نهرا من السواد الجاري.

نظر لها بقلب يتمزق لسوء حالتها، لثوب زفافها الذي أصبح بحالة مزريه كصاحبته.

لعيناها المنتفخة وأنفها وشفاها الذي كستهم حمرة دموع الحزن والخزلان والقهر.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة