قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية جراح الروح للكاتبة روز أمين الفصل الثالث عشر

رواية جراح الروح للكاتبة روز أمين الفصل الثالث عشر

رواية جراح الروح للكاتبة روز أمين الفصل الثالث عشر

دلفت فريدة إلى حيث والدها بمفردها وذلك حسب أرشادات الطبيب
وجدته يقبع بإستسلام فوق تخت المشفي وتجلس بجانبه عايدة ممسكه بيده بعناية وحب،.

نظر عليها وأبتسم بوهن، تحركت إليه، وبرغم إدعائها التماسك إلا أنها لم تستطع حينما وجدته يرقد بجسد ضعيف وعلى الفور نزلت دموعها رغم عنها، صرخ داخلها رافضا مكوثه بتلك الحالة الممزقه لقلبها الضعيف تجاهه، إنه والدها سندها وعزيز عيناها، بطلها ورجلها وفارسها الأول، كيف له أن يكون بهذا الوهن والضعف وهي التي دائما تستمد منه قوتها وثباتها.

وصلت إليه وأنحنت إلى مستوي كف يده وقبلته بعنايه ثم أردفت بإبتسامة خرجت حزينة عنوة عنها، وعيون متألمة رغم محاولاتها المستميته لمداراة وجعها الساكن روحها حمدالله على سلامتك يا حبيبي، وأكملت بدعابه كدة يا سي بابا تخضنا عليك بالشكل ده، أيه، حضرتك كنت عاوز تعرف مقدار غلاوتك عندنا؟

إبتسم بوهن وأخرج كلماته بصوت ضعيف متعب متألم بالظبط كدة!
تحدثت عايدة وهي تقبل جبهته وتتحسس شعر رأسه بحنان وهو أنت لسه محتاج تعرف غلاتك يا فؤاد، ده أنا والولاد كنا هنموت من الرعب عليك!

نظر إليها بعيون محبه وضل يتبادلان نظرات العشق وبعدها نظر إلى فريدة وتسائل أخوكي فين؟
تحدثت عايدة بنبرة قلقه قاعد برة مرعوب، خايف يدخل عندك بعد إللي حصل،
وأكملت لتهدئته وأمتصاص غضبه من ناحية صغيرها علشان خاطري متزعلش نفسك يا فؤاد، والله الواد من ساعة إللي حصل وهو دموعه ما نشفت!
أغمض فؤاد عيناه بألم ثم بادرت فريدة بالحديث بتعقل الحمدلله يا بابا، المفروض نحمد ربنا على كل إللي حصل ده،.

وأكملت بيقين لتهدئة والدها من إتجاه أخاها ده لولا إللي حصل من أسامة وأتسبب لحضرتك في التعب ده مكناش عرفنا إن حضرتك عندك مشاكل في الشريان التاجي ومحتاج تدخل جراحي فورا، سبحان الله، كلها أسباب ربنا بيسببها علشان نوصل للي ربنا سبحانه وتعالي عاوزه، واللي أكيد فيه نجاتنا!
هز فؤاد رأسه وأردف برضا ويقين ونعم بالله العلي العظيم!

أردفت عايدة قائله بترقب لوجه زوجها والله عندك حق يا بنتي!
تحدثت فريدة بهدوء بابا، بعد إذنك أنا هخرج أجيب أسامة علشان يطمن عليك وياريت حضرتك ما تضايقش، إتفقنا يا حبيبي؟

هز رأسه بموافقه وبعد قليل كان أسامه يقف أمامه بدموع ممسك بيده يقبلها قائلا بندم أنا أسف يا بابا أرجوك سامحني، صدقني عمري ما هعمل حاجه تزعلك مني تاني، والله يا بابا ما هحطها في بقي تاني!
نظر له فؤاد وتحدث بصوت ضعيف يكاد يسمع وعد؟

أجابه أسامة وعد يا بابا صدقني
هز فؤاد رأسه وتحدثت عايدة إلى فريدة خدي أخوكي وأطلعوا علشان بابا ميتعبش.

تحدثت وهي تقبل جبهة والدها هشام برة وحابب يطمن على حضرتك؟
هز رأسه بموافقه وتحدثت هي إلى والدتها هدخل هشام بس يا ماما ومحدش تاني هيدخل، الناس برة كتير جدا وإدارة المستشفي بدأت تضايق، تقريبا المنطقه كلها برة، ده غير أعمامي وولادهم اللي جايين في الطريق وزمانهم على وصول.

تحدثت عايدة الناس كلها بتحب أبوكي يا فريدة، دخلي هشام وأنا هقوله يقول لهم أيه
خرجت فريدة ودلف هشام لهما فعايدة وفؤاد يعتبراه إبنهما البكري ولديه غلاوة كبيرة بقلب كل منهما،
وبعد مده خرج هشام للجمع المتواجد بالمشفي وأخبرهم أن عليهم الرحيل حتى لا تنزعج إدارة المشفي من شدة الزحام، وذهبت نهلة وأسامه إلى منزلهم بصحبة عبدالله ووالدته وتبقت عايدة وفريدة وهشام.

في المساء خرجت فريدة إلى حديقة المشفي لإستنشاق بعض الهواء النقي بعيدا عن رائحة المستشفيات التي تكرهها منذ صغرها
تحرك خلفها هشام وتحدث بصوت عالي يطغي عليه الغضب بيتهيء لي خلاص إطمنتي على بباكي والوقت ممكن نتكلم؟

نظرت له بوجه مرهق وتسائلت بهدوء ونبرة متعبه هنتكلم في أيه يا هشام؟
أجابها بقوة نتكلم مثلا على البيه إللي كان سارح بينكم في المستشفي ولا كأنه واحد من العيله؟

وأكمل بنبرة غائرة مرة يتكلم مع مامتك إللي قاعدة جوة تقول فيه وفي تفكيرة شعر، ومرة مع أسامه اللي كان ناقص ياخده بالأحضان وهو ماشي، لا وكمان بكل وقاحه واقف قدامي يقول له أبقي خد رقمي من فريدة، وأكمل بغضب ونبرة حادة سؤالي بقا يا هانم، رقم البيه بيعمل أيه معاكي لحد دالوقت؟

كان حجته الشغل والمعلومات اللي كان عاوز يعرفها بخصوص إتفاقية الزفت دي، وأهي تمت وخلصنا، وأكمل بنبرة غاضبه رقمه بقا لسه بيعمل أيه مع سيادتك؟

وأكمل والسؤال الأهم يا أستاذه، إزاي واحده محترمه زيك تقبل تركب عربية مع راجل غريب عنها، ده أنت مطلعه عين أمي في الموضوع ده يا فريده، وأقدر بكل سهوله أعد لك المرات إللي ركبتي فيهم معايا عربيتي؟
وضعت كف يداها فوق وجهها وفركته بتعب وإرهاق ثم رفعت له عيناها وأردفت بإستنكار هو أنت فعلا شايف إن ده وقت ومكان الكلام اللي بتقوله ده؟

وأكملت بنبرة ملامه يعني بدل ما تقعد تطمني على أبويا إللي مرمي جوة على سرير وقلبه موصل بأسلاك وداخل على عمليه يا عالم هيقوم منها ولا لاء، جاي تحاسبني؟

واقف تحاسبني وتلومني على واحد وقف معايا وساعدني وقت شدتي وأحتياجي؟

وأكملت بعيون ضعيفه ده أنا كنت خارجه من الشركة منهارة وربنا وحده يعلم أيه إللي بيا وهوصل للمستشفي إزاي؟

وأكملت مبررة وجوده في اللحظه دي كان طوق النجاة بالنسبة لي، وصلني لبابا في وقت قياسي ووقف معانا وقعد يهدي في ماما إللي كانت منهارة، ولا أسامة العيل الصغير إللي كان هيموت من رعبه بعد اللي حصل قدام عيونه، جاي تلومني على أيه يا هشام؟

ده بدل ما تحمد ربنا وتفرح إن ربنا سخر لنا حد يقف معانا في شدتنا؟

أنا بجد مستغرباك ومش قادرة أستوعب تفكيرك ده.

وأكملت بنبرة لائمه إزاي قادر تكون أناني أوي كده في تفكيرك؟

إزاي مفكرتش فيا وفي حالتي وألمي ورعبي على أبويا اللي مليش سند غيرة في الدنيا بعد ربنا؟

إزاي مفرقش معاك خوف أسامه ورعبه اللي كان مالي قلبه ولا أمي اللي كانت هتموت من رعبها على رفيق عمرها وحبيبها، يا خسارة يا هشام، إفتكرتك أعقل من كدة بكتير.

صمت رهيب حل بهما وجلسا صامتان،
شعر بخزي عميق بعد حديثها الذي أحزنه وبين له كم هو حقا أناني وتفكيرة محدود داخل نطاق حاله فقط،
بعد مدة تحدث بنبرة هادئه ونظرات خزي أنا أسف يا فريدة، أنا بعترف لك إني فعلا كنت أناني في تفكيري، بس أنا حقيقي مقدرتش أشوف غير نار غيرتي عليكي وأنا متخيلك راكبه العربيه جنب إللي إسمه سليم ده.

تنهدت بقلة صبر وتحدثت بإستسلام أنا طالعه أشوف ماما لتكون محتاجه حاجه وبعدها هروح لأني بجد فقدت طاقتي ومش قادرة أقعد أكتر من كده.

حدثها هو بهدوء أنا جاي معاكي وهوصلك وأرجع هنا تاني.

صعدت لوالدها إطمئنت عليه وتحدث عمها الذي أتي من السويس هو وولديه حين علموا بما حدث لشقيقهم.

تحدث أحمد إلى عايدة يلا أنتي كمان يا أم أسامه روحي مع فريدة وأنا هبات مع فؤاد.

رفضت عايدة وتحدثت بعيون تكسوها غشاوة دموع أنا مش هسيب فؤاد ومش هروح البيت غير وإحنا مع بعض زي ما خرجنا!

حدثتها فريدة عمي بيتكلم صح يا ماما، حضرتك مش هتعرفي تتصرفي لو لا قدر الله بابا أحتاج لدكتور أو أي مساعدة، عمي الأنسب إنه يبات مع بابا.

وبالكاد أقنع فؤاد والجميع عايدة على مغادرة المشفي مع فريدة وهشام،
تحدث هشام إلى أبناء عم فريده طب إتفضلوا باتوا معايا في بيتي يا شباب، إحنا عندنا شقه فاضيه في البيت و إن شاء الله هتخدوا راحتكم فيها.

أجابه ذياد الإبن الأكبر بإحترام متشكرين يا أستاذ هشام على كرم أخلاقك، بس إحنا عندنا شقه هنا في القاهرة، شارينها للطواريء اللي زي دي!

وشكرة أحمد أيضا.

وصلت عايدة وفريده بصحبة هشام إلى مكان السيارة، بادرت فريده وتحركت نحو الباب الخلفي وصعدت بالكنبة الخلفيه،
نظرت لها والدتها بإستغراب ثم حولت بصرها إلى هشام الذي كسي الحزن وجهه، تحركت هي غير مواليه بهما فالأن ليس وقت هذه المهاترات بالنسبة لحالتها،
وفتحت الباب الامامي وجلست بجانب هشام الذي جلس خلف مقود القيادة وتحرك، ووجه المرأة وسلطها على ملامح فريدة الحزينه.

تحدث هشام بهدوء وهو ينظر إلى عايدة تحبوا تاكلوا أيه يا ماما؟

أجابته عايدة برفض قاطع ولا أي حاجه يا حبيبي، روحنا بس علشان محتاجه أغير هدومي وأريح جسمي شوية علشان أجي لعمك بدري ان شاء الله.

أجابها بإصرار ياحبيبتي مينفعش تقعدي طول اليوم من غير أكل، وكمان علشان فريده وأسامه ونهله ياكلوا أي حاجه معاكي.

ثم وجه حديثه لتلك الحزينه الشاردة في حالة والدها تحبي تاكلي حاجه معينه يا فريدة ولا أجيب لك على ذوقي؟

نظرت له وتنهدت بتعب متجيبش حاجه يا هشام، محدش ليه نفس للأكل، أنا عن نفسي تعبانه وكل إللي محتجاه هو إني أنام وبس.

تحدثت عايده يا أبني متتعبش نفسك، أنا كنت سالقه اللحمه وعامله خضار وسلطه وكنت بجهز للرز وحصل إللي حصل، يعني أكيد نهله كملت عمايل الرز وأكلت هي وأخوها.

لم يستمع لهما وصف سيارته وتوقف أمام مطعم للمأكولات المشوية وجلب بعض الأصناف المحببه لديهم مع بعض السلطات والمقبلات وأستقل السيارة من جديد.

أتتها رسالة بهاتفها نظرت بها تحت أنظار هشام المسلطه عليها، كانت من سليم يطمئن بها على حالة والدها ووالدتها المنهاررة، أجابته بإختصار أنهما بخير، ففهم هو أنها بوضع لم يسنح لها بفرصة الحديث،
أغمضت عيناها بتألم لحالة أبيها وألقت رأسها بإهمال مستندة على زجاج النافذة تحت بصر ذلك المستشاط.

ثم رن هاتفها مرة أخري نظرت بشاشته وجدته فايز
ردت بهدوء تحت أنظار هشام المترقبه أهلا يا باشمهندس!

إنزعج هشام بشدة ظنا منه أنه سليم.

فأكملت فريده بهدوء متشكره لحضرتك يا أفندم وبعدين حضرتك كلمتني كذا مرة برغم إنشغالك، يبقا فين التقصير إللي حضرتك بتقول عليه ده.

لاحظت فريده نظرات هشام فردت متعمدة ليطمئن قلبه ويستريح من تلك الشكوك التي إنتابته مؤخرا هيعملها بكره إن شاء الله، وبجد متشكره جدا لإهتمام حضرتك مستر فايز!

وأغلقت تحت إرتياح هشام.

وأخيرا وصلوا لمنزلهم صعدت فريده ووالدتها وتحرك هشام عائدا إلى منزله، أخذت فريده حماما دافئا وتناولت بعض اللقيمات القليله هي ووالدتها ونهله وأسامه.

وأتجهت إلى تختها وغفت بعمق لتعب عقلها وجسدها المنهكان.

في اليوم التالي
أجري فؤاد جراحته بنجاح وخرج بنفس اليوم من المشفي وأستقرت حالته كثيرا،
وبعد أربع أيام إستلمت فريده سيارتها تحت سعادتها أنها وأخيرا سيستريح بالها من ذهابها للعمل بهدوء نفسي وأيضا المال المهدر التي كانت تنفقه على السيارات المستأجرة.

إبتعد سليم ولم يتصل بها نهائيا من بعد اليوم الذي أجري والدها به الجراحه وحدثها ليطمئن عليه، تحت إستغرابها من إبتعاده
أحقا قرر نسيانها أو لم يكن يعشقها من الأساس؟

وصلت لبني إلى مسكن غادة بعدما أخبرها المتصل المجهول أن هشام سيذهب بعد قليل إلى غادة ليتناول غدائه بصحبتها.

إستقبلت غادة لبني التي أتت محمله بالحلوي الشرقيه التي يعشقها هشام بإستغراب فتحدثت لبني، مقولتيش إنك جايه يعني؟

أجابتها بتملل وأنزعاج أرجع تاني يعني ولا أيه؟

ضحكت غادة وتحدثت بدعابه أدخلي أدخلي يا قماصه، لسه زي ما أنت ومتغيرتيش، بتتأمصي من أقل كلمه،
ثم نظرت إلى العلبة التي بيدها وأردفت بسعادة وكمان جايبة لي الحلويات إللي بحبها.

وضعت العلبه بين يدي غاده، وفكت لبني شعرها من ربطته لينساب فوق ظهرها في مظهر مبهر ثم اجابتها بدعابه وهو أنا عندي أغلي منك يا دوده!

ثم أشتمت بأنفها وأغمضت عيناها بتلذذ وأردفت بتساؤل أيه ريحة الأكل إللي تجنن دي، إنت عازمه حد من ورايا ولا أيه يا دوده؟

نظرت لها بترقب وأردفت قائله مستنيه هشام على الغدا، إتصل من الشغل وقال لي إنه هيعدي عليا يتغدا ويقضي اليوم معايا.

تصنعت الإندهاش وتحدثت بلؤم طب أمشي أنا ولا أيه؟

أجابتها غادة بهدوء وتمشي ليه يا بنتي، هو أنت غريبه؟
وأكملت بحديث ذات مغزي وبعدين هشام خلاص بقا زي أخوكي، عادي يعني لما تقعدوا مع بعض تتغدوا.

حزن داخلها من إلقاء تلك الكلمة على مسامعها، هزت رأسها بإيماء وتحدثت بأسي عندك حق يا غادة.

إستمعا إلى جرس الباب تحركت غادة ووضعت وفتحت الباب ومازالت بيدها علبة الحلوي نظر لها هشام وتحدث يعني مكلفه نفسك وعزماني على الغدا وكمان جايبة لي الحلويات إللي بحبها؟

وأكمل بدعابه وهو يقبل وجنتيها بالتبادل كتير عليا كده والله يا غادة.

ثم دلف للداخل وفجأة تسمر مكانه حين وجدها أمامه تبتسم له بعيون متلهفه وكأنها كانت تنتظر قدومه بفارغ الصبر.

عاد به الزمان إلى ما قبل الأربع سنوات، حين كانت تنتظرة هنا، بنفس المكان ونفس الهيئة ونفس الإبتسامة الجذابة، ونفس لهفة العيون الهائمة بعشقه.

ولكن
ولكن ما تغير هو الزمان
فلا أصبح الزمان هو الزمان
ولا عاد هو يشعر بها كما كان
ولا بقي كيانه متيم بعيناها و ولهان
ولا أصبح قلبه يشعر في حضرتها بالأمان
مثل زمان.

نظرت له بإبتسامتها الرائعه وعيناها الولهه بطلتها عليه، تلك النظرات الولهه التي تختصه هو فقط.

نظر لها بعد لملمة كيانه من حضوره لذلك الموقف المهيب وتلك الذكري التي أرجعته للوراء سنوات وسنوات.

وأردف بهدوء بعدما تحدي حاله وأستقوي عليها أزيك يا لبني، أخبارك وأخبار خالتي أيه؟

أجابته بصوت أنثوي جذاب أنا كويسه يا هشام، إنت اللي عامل أيه، طمني عليك وعلى أخبارك.

أجابها بهدوء وهو يتجه إلى الأريكه ليجلس كله تمام الحمدلله.

ثم نظر إلى غادة الواقفه تتطلع على إبنة شقيقتها بألم وتحدث هو أيه يا دودو، طابخه لنا أيه إنهاردة؟

أجابته بهدوء كل الأكل إللي إنت بتحبه يا حبيبي، بس شكل لبني حماتها هتحبها ان شاء الله، علشان كدة جت وهتشاركنا.

تحدثت لبني بدلال أنثوي مقصود بس أنا عاوزة إبنها هو إللي يحبني يا دودو!

تجاهل هشام دلالها وأنوثتها المتعمدة وأردف ناظرا إلى غادة عن قصد ليلغي أي أفكار قد تطرأ بمخيلتها ومخيلته علي فكرة يا غادة، ديدا بتسلم عليكي كتير.

إستشاط داخلها وهبت نار الغيرة داخل قلبها المسكين.

أجابته غادة بهدوء الله يسلمها، باباها أخبارة أيه الوقت؟

أجابها بهدوء الحمد لله صحته إتحسنت كتير، ده حتى ماشاء الله بقا أحسن من قبل مايتعب، يظهر إن موضوع الشريان اللي كان مسدود ده كان مأثر على صحته.

تحدثت غادة وهي تتجه إلى المطبخ طب كويس، لما رحنا نزورة أنا ومامتك كان لسه تعبان.

وأردفت من داخل المطبخ قوم بدل هدومك يا إتش علشان تاكل براحتك، هتلاقي بيجامتك في أوضة الولاد على السرير،
ثم وجهت حديثها إلى لبني وإنت يا لولو تعالي ساعديني.

أبدل ثيابه وأستغل وجود لبني بجانب السفرة لتوضيبها، وتحرك هو إلى المطبخ ووقف أمام غادة ينظر لها بإمتعاض وضيق وعيون متسائله.

فهمت هي وأجابته والله ما قولت لها حاجه ولا كنت أعرف إنها جايه أصلا.

أردف قائلا بضيق طب ليه مكلمتنيش لما وصلت هي، مكنتش جيت؟

أجابته بنبرة مفسرة ملحقتش يا هشام، وبعدين مالك مكبر الموضوع كده ليه؟

زفر بضيق وأردف بتعجب هو إنتي شايفه الموضوع عادي يا غادة؟

يعني عادي أنا ولبني نرجع نجتمع هنا تاني بعد كل اللي كان بينا زمان؟
طب ولو فريدة عرفت ساعتها يبقا أيه موقفي؟

أجابته وفريدة هتعرف منين بس يا هشام؟
وأكملت وحتي يا سيدي لو عرفت، هي أصلا تعرف إللي كان بينك وبين لبني منين.

أجابها بتأكيد تعرف طبعا، أنا حكيت لها كل حاجه عن الموضوع قبل الخطوبه.

دلفت لبني فصمتا كلاهما وتحدثت هي بتساؤل فيه حاجه؟

أجابتها غادة مفيش حاجه يا حبيبتي، ده هشام كان بيسألني عامله أكل أيه، يلا يا هشام خد بولة السلطة خرجها على السفرة وإحنا هنجيب باقي الأكل ونحصلك.

تحرك هو وأجتمعوا حول مائدة الطعام وحاوطته لبني بنظراتها وأهتمامها به ووضع الطعام أمامه بإهتمام وحب.

مما جعل داخله مبعثر ولكنه تدارك حاله ولملم كيانه سريع حتى أنه أنهي طعامه وأبدل ثيابه وذهب سريع كي لا يعطي إليها ولحالة أية فرصة للضعف.

بعد رحيله وقفت غادة أمامها وربعت يديها فوق صدرها وأردفت بتساؤل وبعدين معاكي يا لبني، ناوية على أية يا بنت أختي؟

ضحكت وتحركت إلى الأريكة مكان جلوس هشام وأمسكت كوب الشاي الخاص به ومدت شفتاها مكان شفتاه وتلمستها بوله دون خجل وتحدثت ناوية أرجع حياتي إللي ضاعت مني تاني، ناويه أرجع هشام لحضني من جديد يا غادة.

أجابتها بصياح وهو كان مين إللي ضيع حياتك زي ما بتقولي يا لبني، مش إنت؟!

وأكملت لتحبطها وبعدين ريحي نفسك، هشام بيعشق فريدة وبيتمني لها الرضا ومستحيل يسيبها علشان أي حد.

تحدثت بإبتسامة وعيون عاشقه وهو أنا بالنسبة لهشام أي حد بردوا يا دودة، ثم أنا معرفش حاجه إسمها مستحيل في قاموس حياتي.

وأكملت بإصرار وعيون حزينه هشام حبيبي أنا، ومش هسمح لأي حد ياخده من حضني.

تنهدت غادة وضلت تحادثها وتحثها على التراجع عن خطتها التي ستبوء بالفشل بالتأكيد، ولكنها لن تبالي.

في اليوم التالي
كان يجلس بصحبة فايز بمكتبه.

تحدث فايز بهدوء كله تمام يا باشمهندس، الموضوع تم زي ما حضرتك رتبت له بالظبط، الموظف راح معاها وهي إختارت العربيه اللي عوزاها وأستلمتها خلاص، وإن شاء الله المبلغ الشهري اللي هتدفعه فريدة هيتحول في الحساب اللي إتفقنا عليه مع مدير البنك.

وأكمل مستغربا بس أنا مش فاهم ليه حضرتك أصريت إن الباشمهندسه فريدة متعرفش حاجة عن الموضوع ده؟!

أجابه سليم بهدوء الباشمهندسة فريدة عندها عزة نفس وإعتزاز عالي بكرامتها، وعمرها مكانت هتقبل مساعدتي ليها،
وأكمل بجديه الموضوع من ناحيتك إنت طبيعي أكتر ومقبول.

نظر له فايز بإستغراب وبدأ الشك يتسلل لقلبه بأن ذلك السليم يعشق تلك الفريدة من نوعها.

أما فريدة التي كانت تعمل داخل مكتبها حين أتاها إتصال من مكتب سكرتارية فايز يخبرها بأن عليها القدوم لأمر عاجل.

دلفت إلى المكتب تفاجأت بوجود سليم، إرتبك داخلها ولم تستطع التمالك من إظهار مشاعرها فتغلبت عليها مشاعر الأنثي التي بداخلها ونظرت إليه بعيون معاتبه لعدم تقديرة لها وإهمالها وعدم الإتصال بها بأي شكل من الأشكال طوال الفترة الماضيه.

تمالكت من حالها ولملمت روحها وتحدثت بكبرياء حاولت به تخبأت ما بداخلها مساء الخير.

أجابها بهدوء ونبرة باردة أحرقت روحها أهلا يا باشمهندسه.

تحدث فايز الذي بدأ يتأكد من عشق ذلك الثنائي وهو يشير إليها بالجلوس أتفضلي يا باشمهندسه أقعدي.

تحركت بهدوء وجلست بالمقعد المقابل ل سليم ونظرت عليه بإرتباك.

تحدث فايز الذي يجلس خلف مقعد مكتبه باشمهندس سليم عنده مفاجأه حلوة ليكي، أحب تسمعيها منه هو شخصيا.

نظرت إليه بتيهه وعيون متسائله قابلها هو ببرود ونبرة صوت عمليه موجه حديثه إلى فايز هي مش مفاجأه على أد ما هو حق واجب ومشروع للباشمهندسه،
ثم نظر إليها بنظرات مبهمه جافة تخلو من أي تعبيرات وأردف بنبرة جادة وعمليه أول حاجه الشركة خصصت لك مكافأة على تعبك و وقتك إللي مبخلتيش علينا بيه، وإن شاء الله المكافأة تكون مرضيه ليكي.

نظرت له وتنهدت من شدة ألمها الذي تملك من روحها من تلك المعامله الجافة وأردفت بهدوء أنا متشكرة جدا يا باشمهندس، بس أنا شايفه إني ما عملتش حاجه لشركة حضرتك أستاهل عليها مكافأة، أنا كل إللي عملته هو إني قومت بشغلي الخاص بشركتي، واللي بالفعل أخدت عليه مكافأتي إللي أستحقها من الشركة.

أجابها بنبرة جاده إزاي بقا يا باشمهندسه، حضرتك كرستي معظم وقتك وساعدتيني في حسم إختياري بوقت قياسي، وده ليه تقديرة عندنا، إحنا شركة عالميه وبنقدر وقت ومجهود الأشخاص جدا، وحضرتك إدتينا من وقتك ومجهودك ما يكفي لإستحقاق الكافأة،
وزي ما فيدتي شركتك كمان أفدتي شركتنا، مش بس شركتكم اللي ربحت من خلال إتفاقية الشراكه، كمان شركتنا أكيد كسبانه من ورا الموضوع،.

وأكمل بنبرة عمليه تاني حاجة ودي الأهم، هي إني رشحتك للشركه علشان تكوني عضو معانا في اللجنة الإستشارية للشركة الألمانيه،
والحقيقه هما رحبوا بالإختيار بعد شهادتي أنا والباشمهندس على في حق قدراتك، وإن شاء أخر الأسبوع وإحنا بنمضي عقود إتمام إتفاقية الشراكة بين الشركتين هنمضي معاكي عقد إنضمامك لينا.

سعد داخلها وطارت من شدة فرحها من ترشحها لذلك المنصب ذات الأهمية والشأن العظيمان، وسعدت لتلك الخطوة المهمه لبناء تاريخ إسمها في مجال عالم الإلكترونيات.

وتحدثت بإبتسامة سعيدة ووجه بشوش نست بهما ما أصابها من جفاء معاملته أنا بجد مش عارفه أشكر حضرتك إزاي يا باشمهندس.

تحدث بعمليه ووجه غامض يحاول خلفه تخبأة شدة سعادته وروحه الهائمه لأجل سعادة خليلته الموضوع مش مستدعي أي شكر يا باشمهندسه، ولولا أنك تستحقي المنصب ده عن جدارة عمري ما كنت هرشحك ليه لا أنا ولا الباشمهندس على غلاب.

أردف فايز بسعادة لأجل فريدة فهو دائما يراها متميزة ودئوبه بعملها وحقا تستحق الأفضل ألف ألف مبروك يا فريدة، حقيقي تستحقي المنصب وبجدارة.

وأكمل بإطراء وهو ينظر إلى سليم إختيار موفق يا باشمهندس، أحييك عليه.

إبتسمت له فريده وأردفت متشكرة جدا يا أفندم، كله بفضل توجيهات سعادتك.

وأكمل سليم متشكر يا فايز بيه، نيجي بقا لموضوع الحفلة الخاصة بتوقيع عقد الشراكة، ودي هتتم في نهاية الإسبوع علشان يكونوا مديرين الشركه وصلوا من ألمانيا،
وبالنسبه للحفله مش عايز حضرتك تشغل بالك بيها خالص، أنا أتفقت مع شركة تنظيم حفلات وهي أختارت المكان وهترتب كل حاجه على أعلي مستوي.

أردف فايز بنبرة متسائلة حرجه طب بالنسبه لنفقات الحفله ها.

ولم يكمل حديثه حين قاطعه سليم بجديه كل النفقات الخاصه بالحفلة هتتكفلها الشركه عندنا.

وقفت فريدة بإعتذار وأردفت أستأذن حضراتكم لو مش محتاجيني في حاجه تانيه علشان عندي شغل.

وقف سليم هو الأخر متحدثا إليها إحنا خلاص خلصنا كلامنا وأنا مضطر أستأذن لاني مرتبط بمواعيد مهمة.

تحدث إليه فايز شرفتنا يا باشمهندس وإن شاء الله هجهز لحضرتك المكتب لو حبيت في أي وقت تيجي تشوف شغلك منه.

خرجت وخرج هو خلفها وتحدث بجديه وهو يتحرك بجانبها أستاذ فؤاد أخباره أيه؟

أجابته بخيبة أمل وعيون حزينه لسؤاله بتلك الجديه الحمدلله، أحسن كتير.

أجابها وهو يتجه إلى المصعد الحمدلله، حمدالله على سلامته، بعد إذنك.

تركها وأنطلق وضغط زر المصعد وهبط تحت نظراتها وشرودها وذهولها من تغييره المفاجئ.

دلفت إلى مكتبها وصفقت خلفها الباب بشدة من أثر غضبها العارم وبدأت تتحرك داخل المكتب ذهابا وإيابا وهي تفرك يديها ببعضهما بغضب تام.

ثم توقفت فجأة وحدثت حالها، مابك أيتها الغاضبة؟
لما بركان الغضب الثائر بداخلك هذا؟

لما غضبتي من تلك المعامله، أولم يكن هذا بطلبك أنت؟

أولم تترجيه بأن يتركك وشأنك، أنت من بادرتي بطلب الإبتعاد، إذا لما العويل والغضب الأن؟

إستفيقي وعودي لوعيك فريدة، أتقي الله في هشام و نفسك، جاهدي نفسك وأدبيها يا فتاه،
وأكملت بيقين، إستعيذي بالله من شيطانك الرجيم، أرجميه بذكر الله والتحلي بالصبر والقرب من الله
ليس لديك طريقه للنجاة سوي القرب من الله عز وجل
تنهدت وأستعاذت بالله وجلست خلف مكتبها وبدأت بإشغال روحها ولهيها بالإنغماس بالعمل.

داخل شركة الحسيني.

كانت تقف داخل المعمل الخاص بصناعة الأدويه بجانب أصدقائها والكمييائي المختص التي تعمل تحت إشرافه.

دلف إليهم مراد بكل ثقه بعدما استدعاه الكميائي المختص بتدريبهم، وقف بجوارهم يتطلع على تلك التجربه الناجحه التي أبهرت الصيدلي المتخصص عن اكتشاف إحدي العقاقير الجديدة،
تحدث مراد بهدوء وأتزان هايل يادكتور، الإكتشاف ده ممكن يبقا نقلة كبيرة للشركة ويخلينا نتبوء مكانه عاليه ويجعل من شركتنا رائدة في مجال صناعة الأدوية!

ثم نظر إلى الكميائي وتحدث بجديه حقيقي برافوا دكتور حسين.

إبتسم ذلك الكميائي الذي تعدي عامه الخمسين وتحدث وهو يشير إلى ريم الواقفه تبتسم بسعادة لا يضاهيها شعور الحقيقه يا دكتور مراد اللي تستحق الشكر هي دكتور ريم صاحبة الفكرة، انا ما عليا غير إني شاركتها تنفيذ التجربه واللي الحمدلله أثبتت نجاحها الباهر.

نظر ليتطلع إلى التي يشير إليها الكميائي وإذ به فجأة تنقبض عضلات جسدة وتتيبس، وتكشعر ملامح وجهه ويظهر عليها الغضب،
ثم رمقها بنظرات ناريه وانسحب من المكان دون أن يتفوه بكلمه واحده، مما إستشاط غضبها وجعل الدموع تترقرق داخل مقلتيها البنيتان ذوات الرموش الكثيفه.

تحدث إليها الكميائي بهدوء بعدما لاحظ دموعها الأبيه معلش يا دكتور ريم، دكتور مراد يمكن مابيعرفش يعبر كويس بالكلام، بس يكفي إن التجربه عجبته وأكيد كمان هيعمل لك شهادة تضاف لك في مشروع التخرج.

هزت رأسها بإيجاب ولم تستطع إخراج صوتها من شدة خجلها وحزنها معا وأكملا من جديد ما كان يفعلاه.

وبعد قليل كانت تخرج من الشركة بصحبة صديقتها سارة، وقفت وتحدثت بنبرة غاضبه بني ادم مريض، المفروض يروح يتعالج.

ضحكت سارة وتحدثت يا بنتي انسي بقا، إنت هتفضلي طول اليوم تاكلي في نفسك كده، اللي حصل حصل كبري دماغك.

أجابتها ريم بضيق أنا مش فاهمه هو حاططني في دماغه وبيكرهني كدة ليه؟

ردت عليها سارة بإنتشاء طب اسمعي الجديد بقا.

نظرت لها ريم بترقب فأكملت سارة فاكرة اليوم اللي إتخانق معاكي فيه، لما روحت عملت عنه سيرش لقيت الجرايد الصفرا كاتبه بالبونط العريض، تفاصيل فضيحة إبن الحسيني، الفضول جنني ودخلت أشوف، لقيتهم كاتبين إن خطيبته سابته وهربت مع صديق عمره قبل فرحهم بتلات شهور.

شهقت ريم ووضعت يدها فوق فمها بذهول وتحدثت معقوله؟!

تحدثت ساره بتأكيد ايوة يا بنتي زي ما بقولك كده، وعرفت كمان إن من يومها وهو بقا معقد ستات ورافض الجواز، والدليل على كده معاملته ليكي يوم التليفون وكمان إنهاردة، الواد إتعقد يا حرام وكرة الصنف كله.

هزت ريم رأسها وتحدثت بنفي يا بنتي متصدقيش كلام الجرايد اللي من النوعيه دي، تلاقيهم كانوا قابضين من منافسين شركة بباه وبيشهروا بيه مش أكتر.

أكدت سارة ودي حاجه تفوتني بردوا، أنا بحثت عن البنت المذكور إسمها وفعلا الموضوع طلع حقيقي.

نظرا إثنتيهم لذلك المغرور الذي يخرج من باب الشركه متوجه إلى سيارته التي أتي بها العامل إليه بكل إحترام،
وتحرك هو يتخطاهم بكل غرور وكبرياء دون النظر إليهما وأستقل سيارته.

فتحدثت ريم وهي تنظر إليه والله مجنون، وكلامك ده أكد لي اكتر إنه فعلا مريض نفسي وان المفروض ياخدوه يعالجوه، مش يسيبوه كده يقرف في خلق الله ويعقدهم في حياتهم.

نظرت عليه سارة وتحدثت بإعجاب بس بصراحه الواد قمر، طول بعرض بعضلات، حاجه كده من الأخر.

ضحكت ريم وتحدثت وهي تتحرك بإتجاه سيارتها لتستقلها أهو قدامك، روحي فكي له عقدته وحلال عليكي.

ضحكت سارة التي إستقلت بجانبها وتحدثت يااااريت كان ينفع، بس للأسف مليش في الصعب، انا بتاعة التجارب السهله المستقرة، والحمدلله ده كله لقيته في احمد خطيبي، بس ربنا يبعد عني أمه ورزالتها.

ضحكت الفتاتان تحت أنظار ذلك الجالس بسيارته يدعي مهاتفتة لأحدهم، وهو يراقب تعبرات وجهها ويقرأ حركة شفاها من تحت نظارته الشمسيه الذي يحجب بها عيناه،
كان غاضب إلى حد كبير بعدما فهم من حركة شفاها ونظرات عيناها عليه أنها وصديقتها يسخران منه ووصفته هي بالجنون.

فتوعد لها وأنتوي على أن يضيق عليها الخناق بالشركة ويريها كيف يكون الجنون حتى تفر هاربه من الشركة ولا تعود إليها من جديد، و حتى لا يري وجهها الذي بات يؤرقه ويصيبه بالإشمئزاز والتشنج كلما نظر إليها ورأها أمامه.

في المساء.

جاء هشام إلى منزل فؤاد ليطمئن على حالتة الصحيه، جلست معه فريدة وقصت لهم ما حدث،
مما أشعل النار من جديد داخل صدر هشام ولكنه فضل الصمت مؤقتا.

هللت والدتها وسعدت كثيرا وأردفت بسعادة ألف مبروك يا فريدة، ربنا يا بنتي يكتب لك السعد والهنا كله.

علي عكس والدها الذي تحدث بقلق أيوا يا بنتي بس الكلام ده معناه إنك ممكن تسافري برة البلد في أي وقت؟

أجابته فريدة بهدوء موضوع السفر مش وارد في الوقت الحالي يا بابا، أنا معظم شغلي معاهم هيكون عبر مشاركتي ليهم أون لاين، وأحتمال السفر هيكون ضعيف جدا.

تحدثت نهله بسعادة قائلة حتي لو فيه سفر يا بابا أيه المشكله، حضرتك عارف النقله دي لفريدة معناها أيه وهي لسه في بداية مشوارها كده، ده غير إن أكيد المرتب هيكون مجزي جدا.

ثم نظرت إلى شقيقتها وتحدثت بدعابه شكلك كده عديتي خلاص يا فيري.

إبتسمت لشقيقتها وترقبت ردة فعل والدها وهشام على الموضوع.

تنهد فؤاد بإستسلام ثم نظر إلى هشام الصامت وأردف بتساؤل وإنت أيه رأيك في الموضوع ده يا هشام؟

إبتسم هشام بجانب فمه بطريقه ساخرة وأردف قائلا أيضا بنبرة ساخرة كتر خيرك والله يا عمي إن حضرتك أخدت بالك إني موجود.

نظر له الجميع خجلا فحقا هم تغافلوا وجوده أو على الأقل فريدة هي من تغافلت!

وأكمل هو معاتبا وبعدين أظن إن رأيي ملهوش أي أهمية بالنسبة للباشمهمدسه،
بدليل إنها أدت موافقتها للباشوات من غير حتى متقول لهم أدوني وقت أعرف البني أدم إللي أنا مخطوبة ليه، وأشوف رأيه أيه في موضوع السفر.

إبتلعت لعابها خجلا فحقا هي مخطئة وأردفت بتعقل ونبرة هادئة أنا حقيقي أسفه يا هشام، بس أكيد أنا مقصدتش أضايقك أو حتى أوصلك الإحساس اللي حسيته ده،
وأكملت مبررة أنا وافقت علشان عارفه إنك أكيد مش هتكره لي الخير، ثم إن سليم الدمنهوري زي ما أنت عارف، تفكيرة عملي ومعندوش حاجه إسمها لما أسأل خطيبي، كده كنت هخلي شكلي وحش جدا قدامه يا هشام.

أجابها وهو يهز رأسه ساخرا لا إزاي، أهم حاجه إن شكلك ميبقاش وحش قدام سليم الدمنهوري، لكن بالنسبة لهشام الغلبان يتفلق ويولع.

نظرت له بهدوء فأكمل والدها إنت أيه بس إللي مزعلك كدة يا هشام؟

أجابه بنبرة هادئة عكس ما يدور داخله من بركان لازم أزعل لما ألاقي نفسي أخر إهتمامات خطيبتي، لما فريدة تاخد قرارات مصيريه زي دي من غير ما ترجع لي يبقا أنا مليش أي قيمة ولا لازمه عندها يا عمي!

تحدثت عايدة بنفي قاطع متقولش كدة يا حبيبي، ده أنت على العين والراس ورأيك بالنسبة لفريدة أهم رأي، ده أنت هتبقا راجلها وسندها بعد ربنا يا هشام.

أجابها بجديه مش باين يا ماما، لو فعلا فريدة بتعتبرني إني هكون راجلها مكنتش تجاهلت وجودي ورأيي بالشكل المهين لرجولتي ده،
وأكمل بضيق ظهر بصوته يعني أيه ميكونليش رأي في موضوع يخصني من الدرجة الأولي بالشكل ده!

تحدثت فريدة بهدوء بس الموضوع ميخصش حد غيري يا هشام، ده شغلي ومستقبلي وأظن إنه ميزعلكش إن يبقالي كارير في شغلي.

أجابها بقوة ونبرة حادة لما مراتي إللي هتبقا في بيتي وأبقا مسؤل عنها تيجي في يوم وتقولي إنها مسافرة برة مصر في شغل ضروري، يبقا ساعتها الموضوع يخصني ولا لاء يا باشمهندسه؟

إنت مش هتعيشي حياتك لوحدك يا فريدة،
وأكمل بحدة ظهرت بصوته رغم محاولاته المستميته في السيطرة على غضبه أنا شريكك في الحياة دي، وبالتالي قراراتنا لازم ناخدها بتنسيق وموافقه مننا إحنا الإثنين، وإلا وقتها حياتنا هتتحول لفوضي.

تحدث فؤاد بهدوء أقعد مع فريدة يا أبني وأستقروا على رأي، وفي الأخر مش هيتم غير اللي يرضيك.

وقف وأشار إلى غرفة الضيافه وتحدث تمام يا عمي، وأنا بعد إذن حضرتك محتاج أقعد حالا مع فريدة لوحدنا.

وافق فؤاد ودلفت فريدة مع هشام داخل الغرفة وبقيا بابها مفتوحا.

وتحدثت عايدة بنبرة صوت ملامه ملكش حق تقول له مش هيحصل إلا اللي يرضيك، كدة طمعته في بنتك يا فؤاد.

أجابها بهدوء متقلقيش يا عايدة، فريدة هتعرف تقنعه وهيتفقوا من غير مشاكل إن شاء الله!

أما بالداخل تحدث ذلك المستشاط بعيون غاضبه ليعلن عن إخراج غضبه الذي كتمه بالخارج مضطرا هو ده وعدك ليا يا فريدة؟

إنت مش وعدتيني إنك هترفضي أي عرض ممكن يخليكي تشتغلي تاني مع إللي إسمه سليم ده؟

تحدثت بأسي وعيون حزينه لأجل ما أصابه من حزن عند إستماعه لذلك الخبر من فضلك يا هشام إهدي علشان نعرف نتفاهم كويس، طول ما أنت متنرفز بالشكل ده مش هنعرف نسمع بعض.

إبتسم ساخرا وأردف أديني هديت يا أستاذة، أتفضلي إتكلمي، أنا سامعك.

أخذت نفسا عميق وأردفت بهدوء هو أنت تكره لي الخير يا هشام؟

أجابها بهدوء أكيد لا، بس لو الخير ده هيكون سبب في خراب حياتنا وخلق مشاكل إحنا في غني عنها يبقا مش خير من الأساس.

أردفت بهدوء المشاكل دي ملهاش وجود غير في دماغك وبس يا هشام، ده خير وفرصة عمري اللي هثبت للكل إني أكبر غبية لو فرطت فيها وسيبتها،
ده مستوي وظيفي تاني، عارف يعني أيه أكون مستشارة لشركة عالمية زي دي في سني ده، طب إنت عارف مرتبي كام من الوظيفة دي؟

أجابها بضيق وإحنا مش محتاجين فلوس يا فريدة، إحنا مرتباتنا إتضاعفت وتقريبا خلصنا جهازنا،
وأكمل بحب وأنا بعد كده مش هخليكي محتاجه لأي حاجه خالص، حتى لو هضطر أشتغل شغل تاني بالليل هعمل كدة علشان أعيشك في المستوي إللي يليق بيكي وتستحقيه.

هزت رأسها بإعتراض وأردفت مفسرة يا هشام إنت ليه مش قادر تفهمني، أنا مش هاممني الفلوس على قد ما هاممني المستوي الوظيفي وتقدم مستوايا في شغلي بالشكل السريع ده.

وقف بغضب وتحدث بعناد وأنا مش موافق يا فريدة.

تنهدت بألم وتحدثت بنبرة حزينه وصوت مختنق يا خسارة يا هشام، كان نفسي توفي بوعدك ليا اللي قطعته على نفسك أول ما أرتبطنا،
وأكملت بتذكير لما قولت لي إنك هتقف دايما في ضهري وهتدعمني لحد ما أوصل لأعلي المناصب في وظيفتي.

أجابها بحده وأنا لسه عند وعدي ليكي، لكن بعيد عن سليم الدمنهوري، قولتي أيه؟

أجابته بنبرة جادة قاطعه وحزينه أنا مش هعتذر عن المنصب ده يا هشام.

نظر لها بعيون حادة وأردف قائلا ده أخر كلام عندك؟

صمتت ولم ترد ففهم هو وخرج كالإعصار من الغرفة بل ومن المنزل بأكمله.

خرجت إلى والدها الذي تحدث بإعتراض إنتي كدة ممكن تخسري هشام يا بنتي!

أجابت بقوة مش هتوصل للخسارة إن شاء الله يا بابا، هشام طيب، هما يومين وهيهدي ويراجع نفسه تاني.

أردفت عايدة ربنا يهديه.

دلفت إلى غرفتها فلحقتها نهله التي أردفت بحديث ذات مغزي أنا شايفه إن القدر بيخدمك وبيعمل معاكي أحلا واجب.

نظرت لها بإستغراب فأكملت نهله بدهاء الشغل اللي هيخليكي قريبه من سليم وممكن كمان تسافري معاه، وهشام وغضبه ورفضه للموضوع كله من الأساس،
وإنت وإصرارك اللي عكس رغبة هشام، واللي ممكن يخليه ينهي موضوع خطوبتكم بمنتهي السهوله،
وأكملت بذكاء وكده تبقا إتحلت من عند هشام نفسه وريح لك ضميرك اللي كان موقفك محلك سر.

نظرت لها بذهول وأردفت بقلب منتفض، لما تدري هل هو خوف وحزن لأجل هشام، أم أنه سعادة لا متناهيه من حديث نهله إنت بتقولي أيه يا نهله، إزاي تفكري بالطريقه دي؟

كادت نهله أن تكمل فأسكتها حديث فريدة من فضلك يا نهله، سيبيني لوحدي وأخرجي.

وبالفعل خرجت نهله وخرجت هي إلى الشرفه لتشتم بعض الهواء عله يهديء نبضات قلبها وروعها وحزنها على هشام وما أصابه من حزن لأجل ذلك الموضوع.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة