قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية جحيم الليث للكاتبة سامية صابر الفصل الثاني

رواية جحيم الليث للكاتبة سامية صابر الفصل الثاني

رواية جحيم الليث للكاتبة سامية صابر الفصل الثاني

طِفل صغير في عربية سوداء مع والدتهُ ؛ والدتهُ فتاة مصرية أصيلة، احبت رجُل صعيدى وتزوجا، ولكِن لم ترتاح معهُ غيرتها وحبه لها الزائد والغير مُتوقعَ، ومنعها من احلامها وعملها، طبعاً رجُل شرقى صعيدى ستكون هذهِ النهاية.

لم تتحمل المكوث معهُ لفترة طويلة وأخذت ابنها منهُ وهربت، كان لها فتى اخر ولكن تركتهُ في القاهرة مع ابيهِ، فهى كانت متزوجة من قبل وتطلقت، والان تهرب للمرة الثانية من عالم الرجال المُخيف، معها طفلها الصغير في سن العاشرة من عمره، قبَّلت جبينه بحنان ليسألها بطفولية
=رايحين فين يا ماما
=رايحين لبعيد يا ليث.
=وبابا مش هييجى معانا؟

نظرت لهُ ولم تتحدث بينما ظل هو يلح عليها بالسؤال، فجأةً انقلبت تدحرجت السيارة لتنقلب رأساً على عقب، صرخت وهي تلقى بطفلها للخارج ليقع وتنجرح يديهِ وقدمه بينما هي انقلبت بها السيارة وبالسائق، نهض وهو يبكى ويرتعش اقترب منها ورأسها تخرج من السيارة والدماء حولها في كُل مكان. قال وهو يميل عليها ويبكى بحرقة طفل على والدتهُ
=ماما ماما. ماما.

نطقها وهو يتحرك في السيارة، يُفتح عيناه للمرة الثانية بحادثة سيارة، حاول النهوض ولكن يبدو ان هُناك كسر في ذراعه، صرخ بتأوه شديد حتى استطاع الخروج من السيارة وهو يتدحرج ويتالم، ينظر حوله ويتذكر نفس المشهد القديم لهُ، لمحها تنام في سلام على الارض، وحولها بركة من الدماء.
اقترب منها بعد مُعاناة، وجثي على رُكبتيهِ يُملِس على وجهها ليتأكد اذا كانت حية أم ميتة، فقال بتنهيدة وألم
=أوشكت على الموت.

وضع يديهِ على رأسه بغضب شديد من هؤلاء الاثنين الذين لم يتوقفوا عن المشاجرة من يوم اتوا، نهض بغضب يضرب سطح المكتب قائلا
=اخرسوا بقا صدعتونى والله.
صمتت ورد عن الكلام يليها احمد، فقال النائب العام
=بهدوء علشان افهم مشكلتكم، والا هتتحطوا في السجن سوا.
قالت ورد بتنهيدة
=عايزة اعمل مُكالمة وبعدها مش هنطق بحرف الا بإذنك!
=اتفضلى يا ستى بس مش أزيد من خمس دقائق.
قال احمد بحُنقْ
=انا كمان عايز اتكلم.

=اتفضلوا ماهو سنترال.
قامت ورد بالحديث مع ريم التي اجابت بصوت ناعِس
= الو يا ورد فينك يا بنتى؟
=فى القسم. تعالى ساعديني بسرعة.
=نعم! يا نهار اسود رجعنا تانى للأقسام، يخربيتك والله فتحتى دماغ مين النهاردة؟
=مش وقته يا ريم يلا تعالى.
=معرفش ازاى انتِ مُحامية والله
=لسه مابقتش ده اولاً وثانياً انا هطلع بس اكيد هحتاج حد يضمنى ف اخلصى تعالى.
=طيب طيب سلام يا وش المصائب.

أقفلت ورد الهاتف وتركتهم جانباً تنظُر ل احمد بغل واشمئزاز، لم يكون اقل منها في الشعور فكم ود قتلها، قام بالإتصال على صديقه عُمر ليرد قائلا
=الو يا دنجوان عصرك. فينك؟
=عمر انا في القسم.
=نعم يا خويا؟
=مش وقت اندهاش، تعالى انقذنى وبعدين اندهش.
=لا ما أعرفكش، شييل بلوتك لوحدك.
=اخلص يا عمر الموضوع مفيهوش هزار.
=خلاص جى، بس بعد ما أنقذك هنرفدك م الشركة مش عايز اعرفك تانى، اقفل.

اقفل احمد الهاتف ووقف على الجانب فقال النائب العام
=حُطهم يا بنى في التخشيبة على ما ييجى المحامي بتاعهم.
نظرت ورد بغضب الى احمد بادلها النظرة ولم يتحدثوا، الى ان دلف عمر الى الداخل بصحبة محامى شركتهم، التقى مع احمد في الداخل ليقول له وهو يلكمه بغيظ
=منك لله كُل اسبوع في الزفت التخشيبة، جبتلنا العار..
=آه. يا عم هي نقصاك، كفاية الليلة اللى باظت.

بدء المحامي يستمع الى احمد ثُم خرجوا بكفالة بسيطة وضمنهُ عمر وخرجوا من المكان نهائى، شكر عمر المحامى وقال لهُ
=شكرا ليك على تعبك. بس متنساش اللى اتفقنا عليه، عايزين مُحامى بيتدرب عندك لشركتنا بخصوص الشغل ويكون كُفأ.
=متقلقش من الموضوع ده يا عمر بيه. عن اذنك
غادر المحامى بينما التفت عمر الى صديقه قائلا بغل
=امشي يا دنجوان عصرك.

رمقهُ بضيق ودلف الى السيارة ورحلوا معاً، بينما وصلت ريم متأخرة بسبب زحمة السير وان القاهرة مدينة غير مالوفة لها كثيراً ف استغرقت وقت للوصول، دلفت الى الداخل لتلتقى بصديقتها وتضمنها ليخرجان معاً، قالت ورد بضجر
=كُل ده تأخير يا ست ريم.
=معلش معرفتش اجى بسرعة، بس ايه اللى حصل علشان تيجى هنا؟
روت لها ورد ما حدث كاملاً فقالت لها بصدمة
=كُل ده حصل، وازاى خرجت بسرعة؟

=اتنازل عن المحضر وانا معلييش حاجة ف خرجت بس البت الغلبانة احتجزوها.
=ده اكيد تهمتها مصيبة مش هقولك يعنى.
=انا لو اشوف الواد ده تانى هخرشمة، ده مش راجل خالص بجد عايزة اقتله وقح، وقليل الادب، وسرسجى، وفيه كُل العِبر، عايزة اقطع وشة..
=خلاص يا ورد اهدى بقا اكيد انتِ عملتى اللازم، يلا بقا نمشى احنا لسه راجعيين السكن بعد طول غياب، مش هنعمل خناقة قبل ما الدراسة تبدء كمان.
=اهى سنة باينة من اولها.

رحلتا معاً الى السكن الجامعى، حيث أوشكت الدراسة على البدء لذالك عادوا ليباشروا فيها.
=حاول تهدى اول مرة اشوفك متعصب كده؟
قالها عمر الى احمد الذي ينظر امامه بغضب شديد، ف رد احمد قائلا
=دمى بيغلى والله. دى مش بنت دي بواقى بنت واقل، بجحة وقليلة الادب وشرشوحة، لا وكمان ضربتنى انا احمد، وفوق كُل ده بتزعق وعاملة شريفة وهي في مكان وسخ زيها.

=بطل تشتم يا احمد وتخوض في شرف واحدة ست، اولا انت متعرفش هي هناك ليه ما يمكن فعلا مفيش فيها حاجة غلط ولو فيه مالناش دعوة، وكمان انت كُنت في المكان ده برضوا معناها انك وسخ؟
=انا راجل.

=مفيش فرق بين راجل وست، اللى يعيبك يعيبها، وكذالك، الموضوع اتقفل خلاص، مش عايزين مشاكل تانى وبطل تروح الاماكن المحرمة دى اديك ما استفدتش حاجة، انا رايح البيت الحاجة عاملة اكل زى الفل يستاهل بوقك، وكمان انا جايب حلويات ناكُل ونحتفل ونلعب جيمين كورة.
=جيمين ايه بس يا عمر هو احنا اطفال، لا يا عم انا رايح اشوف ساندى.
=ساندى تانى، يابنى حرام عليك العلاقة الحرام اللى مش هيبقى ليها غير نهاية زى الزفت.

=اعمل اللى بقولك عليه بس لانى على اخرى.
=ربنا يهديك ويهدينا. المهم متتأخرش بكرا عايزين نكمل بقيت المشروعات.
=انتوا كلتوا دماغ امى بشغلكُم.
بعد مرور شهرين .
وقفت ورد امام المرأة ترتدى ملابسها بعناية وقامت بإحكام حجابها، قائلة بضجر
=اخلصى يا ريم مش رايحين نتجوز..
خرجت ريم من المرحاض قائلة
=لازم اعتنى بالبشرة بتاعتي كويس يا ستى، واديني حطيت الايلاينر مظبوط؟

=يا مصبر عبيدك صبرنى، ده انا غسلت وشى بالعافية اساساً، تقوليلي عناية بالبشرة وايلاينر، يلا يا اختي علشان الحق اروح الشركة اللى هساعدهم فيها.
=بجد هتدربى في شركة يالهوى، تخيلي تلاقى مُديرك وسيم وتحبوا بعض وتتجوزوا..
=يخربيت احلامك ورواياتك اللى عايشة فيها، عيشي عيشة اهلك بالله عليكى، المدير مش هيبصلى انا ولا انا هفكر فيه اصلا لانى هتخطب ل ابن خالتى ماشى.
=خليه ينفعك بقا.

=هينفعني، يلا ياختي قولتى رايحين فين؟
=اه هروح ادى الراجل اللى قابلته من شهرين فلوسه بتاعت التاكسي، انا نسيت الموضوع اصلا وامبارح بالصدفة لاقيت الورقة بتاعته وافتكرت قولت لازم ارد ليه دينه.
=كويس هاجى معاكى عقبال ما يبعتوا عنوان الشركة اللى هروحها. يارب بس يلاقوا خبر عن فجر.
هبطوا معاً للاسفل ل تقول ريم بحزن.

=انا هموت من القلق عليها، الفون لحد دلوقتى ما اتفتحش واهلها قالبين الدنيا عليها من بدرى، بس لو هربت بجد زى ما بيقولوا كُنا عرفنا كانت عملت اى حاجة وعرفتنا.
=ان شاء الله هتبقى كويسة ادعى انتِ بس.
=يارب
صعدوا الى الحافلة التي ستوصلهم للشركة.

تسللت آشعة الشمس على احد القصور الفخمة والزاهية، تحديداً في احد الغرف الراقية، ترقُض هي بسلام على الفراش نائمة وشعرها مُنفرد حولها، لتتململ في نومها بأرقْ وتعب شديدين، فتحت عيونها الزيتونية لتنظُر حولها الرؤية غير واضحة.

ولكن رُويداً أتضحت، لتنظُر بتركيز وكأنها لم تفيق لشهور وأيام، تنظر جيداً انهُ مكان ليس معروف أو مألوف لها، وضعت قدمها علي الارضية لتُلامِسها، ثُم دارت في الغُرفة عِدة مراتٍ، تستوعب اين هى، وماذا تفعل هُنا؟ ظلت تمشى إلى أن خرجت للخارج هبطت السلالم بعناية ومازالت تنظُر حولها بتركيز، لتراه يجلس في الصالون يعمل بهدوء وتركيز.
تألمت من حركاتها قليلاً لكنها استقرت واخيراً، قالت وهي مُرهقة
=انا فين؟

نظر لها بطرف عينيهِ قائلا بثبات
=حمداً لله على سلامتك يا فجر.
=انت تعرفنى؟ انت مين اصلاً
اقترب منها قائلا برزانة
=انا جوزك. ليث الشرقاوى.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة