قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية تيراميسو للكاتبة ميرا كريم الفصل السادس

رواية تيراميسو للكاتبة ميرا كريم الفصل السادس

رواية تيراميسو للكاتبة ميرا كريم الفصل السادس

دخلت المطعم بخطوات متسرعة تبحث عنه لتتهلل أساريرها ما أن وجدته يباشر عمله بغسل الأطباق لتهتف في مرح وهي تنقر بإصبعها على كتفه: أنت يا باش مهندس كدة تسيبني أجي لوحدي
التفت لها نصف التفاتة وقال بفتور: نعم
أذدرقت لعابها ببطء عندما وجدت ملامحه متجهمة يكسوها البرود على غير عادته لتخبره ببسمة بسيطة: أنا أستنيتك عل...
تستنيني ليه هو أنتِ طفلة صغيرة و هتوهي
وئدت بسمتها وأحتل مكانها.

الحزن وهي تسأله: يوسف بتكلمني ليه كدة هو أنا زعلتك في حاجة؟
أجابها بنبرة باردة أصابت قلبها بالصقيع: أظن أنا عملت اللي عليا معاكِ وشوية زيادة كمان ياريت بقى تحلي عن سماية وتسبيني أشوف شغلي
هدر بكلماته القاسية التي أوجعت قلبها وباشر عمله دون أن يعطي لها حتى فرصة لتستفهم ما حل به لتهمس بنبرة مختنقة على وشك البكاء وهي تنظر لظهره: أنا أسفة لو كنت بتطفل عليك.

وشكرًا على مساعدتك ليا وأوعدك كل يورو صرفته هرده ليك في أقرب وقت
تساقطت دمعاتها أثناء حديثها ووضعت الحقيبة التي بها ملابس كرستين بجانبه دون أن تتفوه بكلمة أخرى وتوجهت لبدء عملها الشاق.

أما عنه قد تيبست كل خلية بجسده وهو ينظر لأثارها وغامت عينه بحزن بَين فنبرتها تلك قطعت نياط قلبه لكنه جاهد ليكون صامد أمامها حتى أنه لم يشعر بضغطه على أحد الأكواب أثناء حديثه وتهشمها بين يديه، نفض يده من تناثر الزجاج ولولآ أنه كان يرتدي قفاذ الجلي لكانت تراشقت بيده ليلعن تحت أنفاسه ويقنع نفسه أن ذلك هو الصواب له و صديقه محق لابد من وئد مشاعره ليتمكن من الأستمرار.

في المساء داخل تلك الشركة التي يتخذونها ستار لأعمالهم المشبوة
دخل وليد مكتب خاله بخطوات غاضبة ليتأهب شكري ظنًا منه أنه يحمل أخبار عن أبنته الهاربة
ولكن هدمت كل أماله عندما هتف وليد : واحد من رجالة انطونيو
كلمني الصبح وبيقول أن المسؤل عن شحنة السلاح بتاعت البرازيل أعتذر عن أستلامها وكلفني أنا بالمهمة دي.

أومأ له شكري بتفهم وظل على سكوته ليباغته وليد بحدة: الصفقة دي بأسمي أنا ولصالحي بعيد عنك أنا بس قولتك علشان تمشي شغلك بنفسك الفترة دي
يعني خلاص بتخرج عن طوعي يا وليد و بتشتغل لحسابك
حانت من وليد بسمة هازئة وأخبره بسخط: أنا خدمتك كتير ونوبت مكانك في صفقات كتير وكان أيه جزاتي غير أنك بتديني الفرافيت وحتى بنتك اللي وعدتني تجوزهالي هربت وخلتني فورجة قدام الناس.

حل شكري رابطة عنقه وقال وهو يحاول أن يستعطفه: بس أنا خالك وخيري عليك و لين مصيرها ترجع وكل حاجة ترجع زي الأول
توحشت عين وليد الرمادية بالغضب وهدر بإصرار: أكيد هترجع و وقتها لينا كلام تاني وعلى فكرة أنا بلغت كل المطارات بأسمها علشان لو فكرت تسافر وتهرب من البلد
نهض شكري بإنفعال وهتف بإستنكار: لأ مستحيل تسافر مش ههون على لين تسبني أنا متأكد أنها هترجع.

حانت من وليد بسمة هازئة على سذاجته وثقته الواهية بتلك المدللة الذي يقسم أنه سيذيقها العذاب ألوان ما أن يعثر عليها.

آما على الصعيد الآخر في وطننا الحبيب عادت حلا من عملها وتمددت بسأم على فراشها فكل يوم يمر بروتينية كما اليوم الذي يسبقه فهى يأست من مهاتفته وبكل مرة يتجاهل أتصالتها حتى أنها لجأت الى الرسايل النصية عبر الهاتف ترجوه أن يجيبها ويعلمها فيما أخطأت
لكن دون جدوى تنتظر وتنتظر ولا جديد ولكن ما يطمأنها قليلًا أنه سيعود بعد عدة أيام من عمله فهو لن يفوت عطلة واحدة ليطمأن على والدته.

دخلت والدتها إلى غرفتها لتسألها بود وهي تضغط على زر الأنارة
لتضيء تلك العتمة التي تغرق بها أبنتها منذ بضع أيام: مش هتاكلي معايا يا حلا
هدرت حلا وهي تخفي عيناها بذراعها: لأ تعبانة وعايزة أنام يا ماما معلش كُلي أنتِ
لتسألها نجية بقلق: يابنتي ريحي قلبي وقوليلي مالك حالك مش عاجبني!؟
تأفأفت حلا وهي تتقلب لتميل على جنبها وتسحب الوسادة على رأسها: يوووووه بقى مفيش عايزة أنام ولو سمحتي أطفي النور.

هزت نجية رأسها بلا فائدة وانصاعت لرغبتها وهي تتمتم بالدعاء لها وطبعًا لم تغفل عن ذكر ولدها الغائب بالدعاء.

تحت أمرك يا أستاذ
شرفتنا
هتف بها إسماعيل وهو يسلم تلك السيارة التي قام بإيصلاحها وقد نال من المديح ما يكفي من صاحبها، تنهد بأرتياح بعد مغادرة السيارة وهتف في مساعده
ماندو الذي كان يلملم العدة وينظفها بالكيروسين من أثار الشحم: مش قولتلك روُح علشان تعرف تصحى لمدرستك
أجابه ماندو : يا معلمي بكرة الجمعة
تنهد إسماعيل بضيق واخبره: نسيت والله الأيام كلها شبه بعضها يا ماندو.

ليباغته ماندو : هتعمل أيه في أجازتك بكرة يا معلمي
أجابه إسماعيل بسأم: هعمل أيه يعني هقضيها في البيت زي كل أسبوع
ما انت عارف أنا مليش حد
أومأ له ماندو وهمهم بمحبة: أنا هدعيلك بكرة في الصلاة يامعلمي ربنا يريح قلبك
ويرزقك ببنت الحلال اللي تملا وحدتك.

شرد لوهلة بدعوته وشعر بوخز بصدره لمجرد أن جال في خاطره أن تلك الدعوة يستحيل أن تخص من أحتلت قلبه و رغم صمود عقله أمامها ومجاهدته كي ينزعها منه ألا أنه يرفض رفض قاطع التفكير بغيرها هي حلاه أجمل ما رأت عينه نفض أفكاره سريعًا كي لا يفقد صوابه و تنهد وهو يربت على كتف ماندو بأمتنان: تسلم يا ماندو يلا روُح علشان أمك متقلقش عليك.

رص ماندو العدة بمكانها ثم غادر وترك إسماعيل يغلق ورشته ويتوجه الى منزله وهو ينعي نفسه على وحدته ولكن عندما وجد نجية تنتظره على باب شقته تهللت أساريره وتوجه بسرعة اليها يتناول صنية الطعام التي تحملها وهو يهتف:
برضو تعبتي نفسك يا أم الغالي
ناولته الصنية وربتت على يده بحنان: تعبك راحة يا ابني.

فتح إسماعيل باب شقته ودعاها بترحاب وهو يضع ما بيده على الطاولة: تعالي يا أم الغالي والله ما عارف أودي جمايلك دي فين
جلست على أحد المقاعد حول الطاولة ذاتها وهتفت بود: متقولش كدة أنت معزتك من معزت يوسف
يلا أنا هسيبك علشان تأكل
وما أن كادت تنهض عازمة المغادرة تمسك إسماعيل بيدها وترجاها بود مماثل: بالله عليكِ يا أم الغالي تاكلي معايا أنا مش بحب اكُل لوحدي.

تنهدت وهي تعدل من جلستها وقالت بضيق: والله يا بني الواحد نفسه مسدودة عن الدنيا كلها
تسأل بطيبة وهو يواسيها: ليه بس إذا كان على
يوسف بكرة يرجع مجبور وأهو بيطمنكم عليه كل شوية في التليفون
هزت رأسها وأضافت بحسرة: يوسف لينا رب أسمه الكريم
وان شاء الله مش هينساه وهيرده ليا بخير، أنا قصدي على البت المقلوب حالها.

وخزه قلبه بقوة وزاغت نظراته من شدة القلق ليقول بلهفة وهو ينهض بوجه شاحب: مالها حلا تعبانة أجبلها دكتور.

جذبته نجية برفق لتجلسه من جديد وظلت تطالع خوفه ولهفته عليها بملامح حزينة متألمة فهى تعلم مدى حبه لأبنتها ودائمًا ما تمنته لها لكن كان لأبنتها رأي آخر تنهدت بعمق وهي تراه يتأهب لأي كلمة تطمئنه بها: هي كويسة متقلقش بس متغيرة علطول قاعدة في الضلمة ولا بتأكل ولا بتشرب يدوب تيجي من شغلها وتنام من غير متتكلم معايا نص كلمة.

زفر بأرتياح وأبتسم وهو يخبرها: هي بس تلقيها شدة مع خطيبها ولا حاجة متقلقيش يا أمي أنتِ عرفاها أكتر مني لما بتكون حاجة مضايقاها بتحب تقفل على نفسها
أبتسمت نجية على طيبته وعشق أبنتها الذي تفضحه عينه وظلت تناجي ربها بسرها أن يكون رؤف بقلبه ويمنحه التعافي منها فهى تعلم أن أبنتها متيمة بلآخر وتصر عليه ذلك المقيت التي لم يروقها يوم: ربنا يريح بالك، يلا علشان الأكل برد.

قبل جبهتها بود وقال وهو يهرول الى المرحاض: ثواني هغسل أيدي و اجي بس أعملي حسابك هتاكلي معايا دة أنا مصدقت حد يونسني، هزت رأسه توافقه وهي تعزم أمرها أنها ستبحث له على عروس مناسبة كي تساعده في تخطي حبه لأبنتها غافلة أن أبنتها تسري بدمه سريان الدماء ولا يستبدلها بنساء الأرض أجمع.

عودة أخرى الى قلب أوروبا الرحيم الذي لم يكن رحيم أبدًا ب يوسف
بعد ان أنهى عمله تحت نظراتها المشتعلة التي لم تكف عن رمقه
بها من بداية اليوم و لكنه تعمد تجاهلها تمامًا
خرج من المطبخ وهو يتوجه إلى ساحة المطعم بعد أن حمل حقيبة الملابس ليعيدها إلى كرستين لتزفر هي بقوة بعد مغادرته وتقذف بالممسحة على الأرض وتتبع خطواته وتتواري وراء أحد الأعمدة كي تسترق النظر،.

كانت كرستين أيضًا تستعد للمغادرة تلك الفتاه الشقراء ذات العيون الفيروزية والقوام الممشوق بإغراء تحمحم يوسف بلغتها الإيطاليه وهو يقف خلفها ويمد يده بالحقيبة: لقد جلبت لكِ ملابسك وأشكرك على معروفك
أستدارت له كرستين وهى تبتسم وقالت بتعالي: لا عليك يوسف أحتفظ بهم لا استطيع أرتدائهم مرة آخرى على أي حال.

أومأ لها وكاد يستأذن ليغادر لولآ أن أقتربت منه و استوقفته يدها وهي تداعب شعيرات صدره من فتحة قميصه بحركات حسية تقصدتها تزامنًا مع ميلها بإغواء على أذنه هامسة بمجون بعدما لمحت بطرف فيروزتها لين وهى تتواري وتسترق النظرات لهم لتلتمع عيناها بمكر أنثوي وتقرر أن تثير غضبها فهى أيضًا لم يخفي عليها نظرات الأعجاب التي ترمقه بها: أريدك بشدة يوسف ، لتكن معي الليلة، أقطع لك وعد أنها ستكون ليلة مميزة لن تنساها مهما حييت.

أنتفض بقوة وكأنه أصابته صاعقة ومد يده يقبض على يدها العابثة وينفضها عنه بإشمئزاز
وهتف بنبرة صارمة لا تقبل الحياد: عذرًا لا يروق لي العاهرات أمثالك
ليغادربعدها بخطوات غاضبة تاركها تضرب الأرض بحذائها ذو الكعب الرفيع بغيظ حتى أنها رفست حقيبة الملابس التي ألقاها من يده قبل مغادرته ليتبعثر محتواياتها كما تبعثرت لين وهي تشاهد رد فعله بمشاعر لم يسبق لها تجربتها من قبل.

ظلت ماهي تعدو ذهابًا وايابًا بعصبية مفرطة تلعن قلبها الذي دائمًا يهيم به ولا يستطيع رفض له طلب فيكفي أشارة واحدة من أصبعه لتأتيه راكعة تحت قدميه تتوسله ليذيقها ويلات العذاب، فركت خصلاتها النارية بقوة وهي تعاود الأتصال به للمرة ربما المائة لذلك اليوم ولكن اخيرًا عندما أتاها رده من الجانب الأخر هتفت بتلهف: مش بترد عليا ليه؟
أتاها صوته القاطع كحد السكين: أفتحي الباب.

أبتسمت بسعادة مطلقة وتوجهت الى المرآة تطالع هيأتها لتتناول قلم حمرة بلون الأحمر القاني الذي يفضله ومررته بدقة على شفاهها الممتلئة و ركضت إلى باب الشقة بعدها بتلهف كي تستقبله
وما أن فتحت ظهر هو بهيأته الغامضة وعيونه الرمادية تخترق جسدها لترتمي بين أحضانه بقوة وتهمهم بدلال: وحشتني مكنتش بترد ليه عليا
نزعها من بين أحضانه و.

تقدم خطوتين للداخل ثم أغلق باب الشقة بعنف أنتفضت هي على أثره لتحمحم هي بخوف وبملامح شاحبة وهي تتراجع للخلف، فهى تعلم تلك النظرات جيدًا وتعلم ما يحل بعدها: مالك يا بيبي هو أنا عملت حاجة ضايقتك
أحتدت نظراته أكثر وأختصر المسافة بينهم بخطوة واحدة
وباغتها بصفعة مدوية على وجهها نزفت شفاهها على أثارها.

شهقت بوجع وهي تتحس شفاهها التي تقطر دمً، ولكنه لم يكتفي فقد عاجلها بصفعة أخرى أكثر قوة أسقطتها أرضًا وهي تأن من شدة الألم الذي حل بها ليجثو أمامها ويجذب خصلاتها بقوةو يقول من بين أسنانه: قولتلك ألف مرة متتصليش بيا أنا اللي هكلمك
صح ولا، لأ، ردي علياااا
أجابته هي بتقطع وبدموع متساقطة وهي تتعلق بقبضته التي تجذب خصلاتها و تكاد تقتلعهم: صح، صح، أسفة، والله أسفة.

ليصرخ بوجهها بأنفاس غاضبة أرجفتها: بتعصيني ليه، أعمل أيه بأسفة دي أصرفها منين يا روح أمك
لتقول بتوسل وهي تتحسس وجهه بأناملها تحاول أن تهدئته: حقك عليا، أهدى علشان خاطري أنا غبية والله غبية.

تهاوت قبضته قليلًا على خصلاتها لتتعمد أسبال أهدابها وأستخدام كل أسلحتها الأنثواية لتهدئته لتتحسس بأناملها شفاهه الغليظة وتهمس بإغواء: أنت وحشتني ومقدرتش أصبر لغاية ما تكلمني أنت عارف يابيبي إني بحبك ومفيش راجل غيرك بيملى عيني
تركزت نظراته على شفاهها المطلية بلونه المفضل الذي يشبه لون الدماء الذي يقطر من جانب فمها ببزخ، ليبتلع ريقه ببطء شديد وتحتل الرغبة عيناه الرمادية، أبتسمت بعدما لاحظت.

تأثره بها لكنه دائمًا ما يفاجأها ليصدر منها صرخة متألمة وهو يشدد أكثر على خصلاتها من الخلف ليثبت رأسها ويلعق الدماء المتساقطة بداية من عنقها حتى شفاهها مستمتع بطعم الدماء الذي زاد من أثارة غريزته المقززة و دون أي مقدمات أخرى حملها بقوة عاتية نحو الفراش ليذيقها على طريقته الخاصة عذاب من نوع أخر تعودت هي عليه وتتحامل من أجله ولكن هل يكون ذلك فقط ضريبة لعشقها أياه أم سيكون للقدر رأي آخر.

أشرق صباح يوم جديد ربما يخبئ الكثير لتلك المتمردة حلا التي نهضت مفزوعة من نومها على رسالة نصيه منه يخبرها بها بإقتضاب أنها تعلم ما يتوجب عليها فعله لأرضائه
حاولت مرة وبعد مرة أن تهاتفه لكن دون جدوى لم يجيب على هاتفه وما أن يأست من التفكير كررت أن تفعل ذلك دون أن تخبر والدتها رغبة منها أن تثبت له أنها تستطيع التحكم بزمام الأمور.

من أجله، استعدت وارتدت ملابسها التي أختارتها بعناية لتظهر بصورة لائقة وتعمدت وضع القليل من مستحضرات التجميل التي برزت من جمالها الرقيق
وما أن أنتهت من ارتداء حجابها خرجت بخطوات متثاقلة إلى والدتها وهي تفرك يدها وتفكر بحجة واهية لإقناعها
كانت نجية بتلك الأثناء تعد كل ما لذ وطاب من طعام بالمطبخ ليلفت نظرها تأنق أبنتها ووقوفها تفرك يدها لتصيح بقلق: لابسة ورايحة فين أنهاردة يوم أجازتك.

تلعثمت حلا واخبرتها وهي تعدل حجابها كعادة عندها عندما تتوتر: أصل ياماما، أنا، كنت رايحة عند وفاء زملتي في المصنع أصلها كانت تعبانة ولازم أرُوح أطمن عليها
تنهدت نجية وهي تجفف يدها وأخبرتها: ياحول ولا قوة إلا بالله
استني هاجي معاكِ دة واجب برضو ولازم نعمله
لأ، مش هينفع
هتفت بها حلا بنبرة مهزوزة متسرعة بثت الشك بوالدتها.

لتنظر لها تحثها بعيناها على المتابعة وذكر سبب رفضها لتهمهم حلا: أصل، أنا مش هتأخر علطول وبلاش تتعبي نفسك أنا هسلملك عليها
هزت نجية رأسها بتفهم لتهتف حلا قبل أن تغادر مسرعة: أنا ماشية تحبي أجبلك حاجة وانا جاية
أجابتها والدتها: لأ أنا بعت ماندو من شوية يجبلي شوية حاجات زمانه على وصول
أومأت حلا وهي تلوح لوالدتها وتنطلق بخطوات متعثرة من شدة توترها.

وبعد عدة دقائق وقفت تفرك يدها بذعر وهي تنظر بمحيطها قبل أن تدق باب الشقة التي تقطن بها والدة علاء
وهى تقنع ذاتها أن ذلك هو السبيل الوحيد لإرضائه وجعله يكف عن تجاهلها والشجار الدائم معها
طرقت باب الشقة بخفوت ووقفت تنتظر أن يفتح لها
لتبتسم بأتساع وهتفت ما أن أستقبلتها والدته تلك السيدة البدينة ذات الملامح القاسية التي تقسم أنها لم تراها تبتسم قط بحياتها: أزيك يا ماما وحشاني و الله.

لوت عزيزة والدت علاء فمها يمينًا ويسارًا بإمتعاض وتشدقت وهي تشملها من رأسها لأغمص قدمها:
أهلًا أزيك
أقتربت منها حلا وطبعت قبلة بتناوب على وجنتها كعادة للمصرين كنوع من أنوع السلام المتعارف عليه لدى النساء: الحمد لله، مش هتقوليلي أتفضلي؟
هزت رأسها وهي تضع يدها بخصرها وتفسح لها المجال، تقدمت حلا بخطوات مهزوزة فتلك هي المرة الأولى التي تأتي إلى هنا دون والدتها، وجلست على أحد المقاعد بالزاوية.

واخذت تفرك بيدها بتوتر لتباغتها عزيزة بقولها بخبث: متخافيش ياغالية ولادي الرجالة مش هنا مفيش غير عمرو ومراته والمحروس خطيبك مسافر يعني أقعدي براحتك محدش هياكُل منك حتة.

أبتسمت حلا ببهوت وما لبث ثواني حتى أنتفضت عندما استمعت لصوت أخوه الأكبر ينبعث من أحد الغرف وهو ينهر زوجته ويوبخها بألفاظ بذيئة جعلتها تشهق بخفوت عند سماعها دون قصد، لتهتف عزيزة قبل أن تجلس بالمقربة منها: متخديش في بالك دة العادي لازم يصبحها كل يوم بعلقة علشان تتعدل، لتتسأل في فضول وهي تضع سبابتها وأبهامها تسند بهم ذقنها بلؤم: قوليلي أخبار أخوكي ايه وياترى بيبعت ليكم فلوس.

أومأت حلا برأسها وهي تستمع لتلك المسكينة التي تصرخ طالبة المساعدة من الداخل بقلب يرتجف لتنهض وتهدر بأنفعال: حرام عليه دة هيموتها لوسمحتي حاولي تهديه وتتدخلي
رفعت عزيزة حاجبيها بأعتراض وبررت بنبرة متشفية: هي أخدة على كدة متقلقيش عليها وبعدين أهديه ليه سبيه يربيها تستاهل، واقعدي بقى متصدعنيش.

استغربت حلا تلك السيدة المستفزة كثيرًا وشعرت بالغرابة من رد فعلها ذلك، فكيف تترك أبنها أن يفعل ذلك دون تردعه أيعقل أنها هي من حرضته عليها ولكن أثناء زيارتها السابقة مع والدتها كانت تبدو لطيفة وتتعامل مع زوجة أبنها التي لن تكف عن خدمتها بلطف أو هيء لها ذلك حينها نفضت أفكارها سريعًا عندما خرج أخاه من الغرفة بسرواله الأبيض عاري الصدر لتشهق هي بقوة وتطرق برأسها بحرج ليبتسم بسماجة ويرحب بها دون أن يعير هيأته المخجلة اي أهتمام وكأن من الطبيعي أن يقف أمامها بتلك الهيئة: أهلًا نورتي يا غالية.

أبتسمت بسمة بسيطة باهتة وهي مطرقة الرأس ليستأنف أخاه بفخر وهو يربت على كتف والدته التي تجلس أمامها: ربتها يا اما زي ما أمرتيني ولو فتحت بؤها معاكِ تاني قوليلي هكسر رقبتها لينحني يلثم يدها ويضيف: أهم حاجة ترضي عني يا اما
أجابته والدته بزهو وتفاخر: راضية عنك طول ما أنت بتسمع كلامي يا عمرو وبتديها على دماغها ومبتخليهاش تركبك بنت ال.

شهقت حلا بخفوت من حديثها وذلك اللفظ البذيء التي نعتت به زوجة أبنها مهلًا فربما سابقًا كانت شكوك لديها لكن الأن أصبحت حقيقة مأكدة فهى من حرضته لفعل ذلك بتلك المسكينة زوجته التي يتعالى صوت نحيبها من الداخل لتنهض قبل أن تفلت زمام أعصابها وتتفوه بشيء تحاسب عليه عند عودة علاء وهدرت وهى.

تعدل من حجاب رأسها كعادتها عندما تتوتر: يظهر إني جيت في وقت مش مناسب أنا كنت جية أطمن عليكِ والحمد لله أطمنت، أنا لازم أمشي علشان متأخرش
لتنهض عزيزة وتهدر بغيظ: تمشي هو انتِ لحقتي دة أنتِ مهنش عليكِ تقوليلي أعملك حاجة يا حماتي انتِ مش شايفة البيت عامل أزاي والمحروقة اللي جوة دي هتقعد تندب طول اليوم ومش هتعمل حاجة.

كادت ترفض وتعلن تمردها وتلقي بكلماتها بوجهها وليكن ما يكون بعدها لكن تماسكت و أومأت برأسها بتفهم وكادت تضع حقيبتها وتبدء بتنظيف الشقة فهى تعلم أن شرعًا هي ليست مجبرة بذلك ولكن أخذت تقنع ذاتها أن والدته بمعزت والدتها ويتوجب عليها مساعدتها من أجل أرضائه.

لتلوي عزيزة فمها من جديد بإمتعاض وتستأنف بنبرة لئيمة بصوت خفيض لم يصل ل حلا : والله ما هتنفعي في جواز ولا في خدمة ابدًا أنا مش عارفة أبني عجبه فيكِ أيه يابت نجية
لعنت حلا بسرها غبائها وهي تري أخاه يبتسم بسماجة و يتوجه لغرفته وكادت تبدء بالتنظيف
لولآ جرس الباب الذي تعالي صوته ليأتيها صوت عزيزة التي جلست على أحد المقاعد القريبة كي تشاهد عملها وتقيمه عن كثب: أفتحي الباب مش قادرة أقوم.

أومأت وما أن فتحت زاغت نظراتها وتجمدت كل خلية بها وشعرت أنها ستسقط مغشي عليها لا محاله...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة