قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية تيراميسو للكاتبة ميرا كريم الفصل السابع

رواية تيراميسو للكاتبة ميرا كريم الفصل السابع

رواية تيراميسو للكاتبة ميرا كريم الفصل السابع

لعنت حلا بسرها غبائها وهي تري أخاه يبتسم بسماجة و يتوجه لغرفته وكادت تبدء بالتنظيف
لولآ جرس الباب الذي تعالي صوته ليأتيها صوت عزيزة التي جلست على أحد المقاعد القريبة كي تشاهد عملها وتقيمه عن كثب: أفتحي الباب مش قادرة أقوم
أومأت وما أن فتحت زاغت نظراتها وتجمدت كل خلية بها وشعرت أنها ستسقط مغشي عليها لا محاله لتهمهم بذعر وهي تتراجع خطوتان للخلف: ماما...

نظرت نجية لها نظرة طويلة من اللوم يشملها خيبة الأمل و شردت لوهلة فيما حدث من بضع دقائق
Flash Pack
بعد نزول حلا بعدة دقائق دق جرس الباب لتفتح نجية ببسمة بشوشة وهي تستقبل ماندو مساعد إسماعيل الذي كان يحمل عدة أغراض قد طلبتها منه سابقًا: تعبتك يا حبيبي معلش
رد ماندو بود: انتِ تأمريني يا حجة ومعلمي قايلي متأخرش عنك ابدًا.

ربتت على كتفه وتناولت منه بعض الأغراض وهتفت بود: تسلم أنت ومعلمك، قوله إني هخلص الأكل وهنزله
أومأ لها لتتوجه إلى المطبخ لوضع الأغراض وتستأنف: تعالا أدخل ومعلش هات باقي الحاجة معايا للمطبخ أصل حلا نزلت
ليرد ماندو بتلقائية وهو يتبعها إلى الداخل: اه ما أنا شفتها داخلة بيت علاء من شوية
ضربت نجية على صدرها بعدما أسقطت ما بيدها على الأرض و سألته بريبة: يالهوي، متأكد يا ماندو أنك شفتها.

ايوة هو أنا هتوه عن ست حلا برضو
أومأت نجية بملامح شاحبة وأسرعت ترتدي إسدالها وهي تدعو ربها أن يخيب ظنونها
End Flash Pack
للحظة رأت بملامح والدتها الألم لكن ما لبثت ثواني معدودة و تبدلت ملامحها لأبتسامة واسعة وهي تقول: كدة برضو تسبقيني وتيجي لوحدك
أبتلعت حلا ريقها ببطء تحاول أن تتفهم ماذا تقصد لتباغتها نجية: مش هتدخليني ولا ايه يابت
أومأت لها بذعر و بأيدي مرتعشة أفسحت لها المجال كي تدخل.

لتنتفض عزيزة ما أن رأتها وترحب بها بحفاوة كبيرة وما أن جلسوا ثلاثتهم هتفت عزيزة بخبث وبنبرة متهكمة وهي تضع سبابتها وإبهامها تسند ذقنها:
كنت فاكرة أن حلا جية لوحدها
من غير ما تقولك، أصل مكنش ليه لزوم تتعبي نفسك وخصوصًا أن المحروس ابني مسافر مش هنا
أجابتها نجية بمغزى وهي ترمق حلا بعتاب وخيبة أمل: بنتي مش بتخبي عليا حاجة يا ام علاء ومتقدرش تكسر كلامي واظن الأصول متزعلش حد.

لتتشدق عزيزة بلؤم وهي تلوي فمها: هو أنا قولت حاجة يازين ما ربيتي، لتصيح بعدها بصوت مزعج للغاية على زوجة أبنها المسكينة التي خرجت من الغرفة وهي تتحامل على نفسها
تلك الفتاه اليتيمة التي تدعى أميمة التي تتمتع بنسبة كبيرة من الجمال و تكبر حلا بسنوات قليلة ورغم صغر سنها إلا أنك تعطيها فوق عمرها عمر بسبب بؤس ملامحها وحزن عيناها وذبول جمالها لتصيح عزيزة بنبرة ودودة مصتنعة:
تعالي شوفي الغالين يشربو ايه؟

قاطعتها حلا بتعاطف وبعيون غائمة فكانت هيئة أميمة مروعة بكدمات وجهها و بعيونها المنتفخة أثر البكاء ووجنتها المتورمة المطلية بحمرة قانية مشكلة على هيئة أصابع غليظة تخص زوجها المقيت عديم النخوة:
لأ خليها تقعد أحنا مش عايزين حاجة
لتنهض وتبتسم لها بود وتجذبها لتجلس بجانبها لتتشدق عزيزة بلؤم وهي توجه حديثها ل نجية التي كانت تنظر لها شذرًا:
هي اللي بتجيبه لنفسها، وأنا حذرتها قبل كدة الف مرة متفتحش بؤها.

لتتنهد نجية بحسرة على تلك المسكينة و تربت على ظهرها بحنان وتقول بمغزى تقصدته:
ربنا ما بيرضاش بالظلم يابنتي فوضيله أمرك والمستقوي فيه اللي أقوى منه وعليه ربنا
تناوبت أميمة نظراتها بينهم وهي منكمشة ولم تجرء على التفوه بكلمة واحدة خوفًا من عزيزة لتنهض وتستأذن نجية بعدها فهى إن بقيت أكثر لن تستطيع التحكم بأعصابها ساحبة أبنتها خلفها وهي تتسأل بينها وبين ذاتها هل سيكون ذلك مصير أبنتها أيضًا.

لتنظر عزيزة لأثرهم وتنهر أميمة بغيظ قبل أن تدخل غرفتها: عجبك كدة يا وش المصايب سمعتينى كلمتين من اللي يسوى واللي ميسواش
يلا غوري نضفي البيت اللي لآمك دة واعمليلك همة
هزت أميمة رأسهابطاعة وقلة حيلة فهى ليس لها أحد تلجئ اليه وتحتمي به من بطش تلك السيدة المتسلطة وطغيان أبنها لترفع رأسها للأعلى وتهمهم بقلة حيله:
ياااااارب مليش غيرك فوضتلك أمري.

ما أن وصلت إلى منزلها دفعتها بقوة إلى الداخل لتقول حلا وهى تحاول التبرير لوالدتها:
ماما أنا...
قطع حديثها صفعة قوية من والدتها سقطت عليها كالصاعقة وجعلتها ترتد على أثرها وتمسك وجنتها بألم
لتهتف نجية تنهرها: ليه كدبتي عليا كنتِ قوليلي وكنت هخدك من أيدك أوديكي لغاية عندها
لتصرخ حلا بعدما غامت عيونها بالدمع: ياماما أنا مش عيلة صغيرة وبعدين أنا مغلطش دي حماتي وواجب أروح أشوفها و علاء مكنش هناك.

يعني مفهاش حاجة
هزت نجية رأسها وأخبرتها بعصبية: لو أنتِ مش غلطانة كدبتي ليه عليا
علشان هو عايزني أثبتله إني...
صفعة آخرى أكثر قوة قطعت حديثها من والدتها التي تمسكت بذراعيها بعدها
وهزتها بعنف وكأنها تريد نفض أفكار ذلك المقيت من رأسها وهدرت بوجهها: هو، هو، هوسبب لغيانك لعقلك.

هو اللي بيملا دماغك أنا لو منعاكي من المرواح عندهم لوحدك فدة علشان أحافظ عليكِ واعززك في عنيهم وأديكي شايفة مرات أخوه بيستقوا عليها علشان ملهاش حد يعملولوا حساب
لتغمغم حلا من بين دمعاتها: عارفة أن مامته طبعها صعب بس لازم أتحملها علشان أنا بحبه و مش عايزة أزعله.

لتصرخ والدتها من جديد وهي تشدد على ذراعها بقوة: الحب مش كل حاجة، فكري يابنتي بعقلك ومتخليهوش يأثر عليكِ وينسيكي اللي أتربيتي عليه، وطول ما أنتِ على حق سبيه يتفلق وعززي نفسك وبلاش تبقى ملهوفة كدة وتثقي بزيادة
أومأت حلا دليل على أقتناعها وهمهت من بين دمعاتها بصوت مختنق: حقك عليا متزعليش مني و الله مش هكدب عليكِ تاني.

لتقول نجية بحزن وبملامح مكفهرة وهي تجلس على أقرب مقعد لها: أوعي تخيبي أملي فيكِ يابنتي وكفاية أنك أنتِ اللي أصريتي عليه رغم إني عمري ما أرتحتله لا هو ولا أهله بس أنا بدعي ربنا في كل صلاه يخيب ظني فيه ويطلع ابن حلال ويصونك
جثت حلا وقبلت هامت والدتها وقالت تطمأنها بسذاجتها المعهودة: علاء بيحبني ياماما وبكرة يثبتلك أنو جدير بيا
يارب يابنتي.

هتفت بها قبل أن تنهض وتتوجه لغرفتها لتكفف حلا دمعاتها وتتوجه هي أيضًا إلى غرفتها
وما أن جلست على الفراش.

ظلت عقلها يدق كبندول الساعة فأفكارها متشوشة للغاية لا تعلم اين الصواب واين الخطأ تخشى غضبه وتخشى ايضًا عصيان والدتها تشعر دائمًا أنها دمية مربطة اليدين وكل طرف يجذب لجهته ولا أحد يكترث لها تعلم أن والدتها على حق وهي مؤمنة تمامًا بحديثها حتى أنها ببعض الأحيان تستعوذ الشجاعة عليها وتجعلها متأهبة له ولكن عندما يحضر هو تتبخر كافة شجاعتها ويصبح كبريائها وتمردها الذي تتباهى به مثل قصر من رمل على شط بحر هائج أمواجه عاتية، تنهدت بسأم ثم تمددت على الفراش وأغمضت عيناها تحاول ترتيب أفكارها والحصول على حل لتلك المعضلة العويصة بالنسبة لها.

بعد عدة أيام كانت تسير هي بخطى بطيئة وهي شاردة تضع يدها بجيب سترتها وتتأمل المارة بعيون غائمة تشعر أنها وحيدة ضعيفة بلا سند حقيقي،.

زفرت بضيق وهي تمرر يدها بخصلاتها البنية لتلمح ذلك المطعم الصغير الذي جمعهم سابقًا قبل عدة أيام فهو منذ ذلك الحين وهو يتحاشاها بكافة الطرق حتى أثناء العمل يكتفي فقط ببعض النظرات الباردة التي تصيب قلبها بالصقيع، لا تعلم فيما أخطأت معه فهى تفتقده بشدة و تفتقد دعاباته، مشاكسته، رفقته، حتى لقب قطة الذي منحها أياه.

وضعت يدها بجيب سترتها من جديد تتفقد راتبها الأسبوعي الذي أدخرته وتوجهت إلى هناك دون تردد لتحصل على حلواها المفضلة التي تعشقها حد الجنون فهى ربما الشيء الوحيد الذي سوف يشعرها بالراحة الآن.

جلست على أحد الطاولات وهي شاردة تقلب بطبق الحلوى دون شهية على غير عادتها وكأنها فقدت شغفها بالحياه وكأن العالم حولها فقد كافة ألوانه وأصبح بلون العتمة تنهدت تنهيدة حارقة وهي تتذكر بئر العسل خاصته التي تري من خلاله دفئ وأمان لم تشعر به من قبل إلا في حضرته هو، الأن فقط شعرت أنها وحيدة وحياتها أصبحت فارغة من دونه، زفرت بسأم من الجلوس بمفردها و نهضت لتعود إلى منزلها بخطوات مهزوزة وملامح بائسة غافلة عن الذي يتتبعها في الخفاء كعادته منذ عدة أيام كي يطمئن قلبه فهو قد جاهد ليتجاهلها ولكن دون جدوى ينصاق خلفها كالمغيب و هو يكاد قلبه يتمزق لرؤيتها تتألم من وحدتها فهو يعلم بما تمر به فقد كان له أسبقية في شهوره الأولى بتلك البلد ويعرف المعنى الحقيقي للوحدة.

وما أن دخلت إلى البناية
تنهد هو بأرتياح وباشر صعود الدرج ليتفاجئ بها تجلس على احد درجات الدرج مغمضة العينين و تسند رأسها على الحائط بهوان
تحمحم قبل أن يقترب منها لتفتح هي عيناها ببطء وتسقط حبات القهوة خاصتها على عسليتاه وترمقه بنظرة عتاب طويلة أرجفت قلبه وجعلته يلعن قراره ويلعن تلك الظروف التي تجعله يتجاهل ذلك النابض بعنف بين ضلوعه فهو أيضًا يتألم و يجاهد كي يبقى صامدً.

أبتلع ريقه ببطء وهو يحاول غض الطرف عنها ومباشرة الصعود وما أن كاد يتخطاها تمسكت هي بيده وهمهمت بنبرة متعبة وبفضول يتأكلها لتعلم سبب تغيره معها:
قولي زعلتك في أيه؟

أغمض عينه يحاول التماسك وكاد يرد عليها ببرود كما قرر سابقًا ولكن توقف عندما تناهى إلى مسامعه شهقاتها الباكية، لتنهار كل حصونه فهو أيضًا حاله لم يختلف عنها كثيرًا فقد مرت عليه تلك الأيام العجاف بصعوبة بالغة، جثى على ركبتيه بجانبها وهي مازالت متشبثة بيده ليسألها: بتعيطي ليه؟
رفعت نظراتها الباكية اليه وهي تغوص داخل عيناه التي تتيه بملامحها الحزينة وأخبرته بصدق: علشان حسة إني لوحدي.

لتستأنف بنبرة متألمة: أنا خايفة يا يوسف خايفة أوي علشان خاطري خليك جنبي
مد يده الأخرى ووضع خصلة متمردة من خصلاتها خلف أذنها وقال بنبرة هادئة رخيمة بثت بها السَكينة وهو يمرر أبهامه على وجنتها يمسح دمعاتها:
متخافيش يا لين أنتِ مش لوحدك
هزت رأسها وأخبرته بعتاب: أنت بقالك أسبوع مش بتكلمني وبتتعمد تتجاهلني وأنا مش عارفة غلطت في أيه؟

لتشدد على كفه البارد بين يدها وتسألت بنبرة معاتبة: قولي يا يوسف غلطت في أيه؟
تنهد بعمق و نظر ليدها الناعمة وهي تحتضن كفه البارد ورفع نظراته اليها بمشاعر مضطربة
تأكد منها الأن فقط عندما أنهارت كافة دفاعاته وحصونه أمام عيناها وهمهم بأول شيء جال في خاطره: كان لازم أبعد علشان الحب رفاهية أنا مش قدها يا
لين
حب
رددت الكلمة بنبرة مهزوزة وكأنها لأول مرة تسمع بها.

هز رأسه وقال بنبرة صادقة نابعة من صميم قلبه: أيوة حب يا قطة
أتسعت أبتسامتها وتدرجت وجنتها بحمرة الخجل حتى أنها أخفضت رأسها تتحاشا نظراته التي تهيم بها وتشعر أن ضربات قلبها تكاد تصم أذناها
رفع وجهها بطرف أنامله الغليظة وقال بنبرة هادئة رخيمة بثت بها القشعريرة: من أول يوم شفتك فيه وأنا عارف أنك هتقلبي حياتي ياقطة.

أتسعت أبتسامتها بخجل أكثر وأخذت تغوص داخل بئر العسل خاصته التي أفتقدته بقلب يرتجف ومشاعر لأول مرة تعلم بوجودها، دام تشابك نظراتهم لعدة دقائق دون حديث تتخاطب عيناهم بأجمل كلمات العشق الصادقة حتى شعر أن لو دام على وضعه ذلك لبقية عمره فلن يمل أبدًا فقد وجد بعيناها دفئ وطن يأويه ويشعره بالانتماء وعند ذكر الوطن تسلل الحزن الى عيناه مما أثار حفيظتها وجعلها تتسأل بنظراتها ليخبرها بنبرة مختنقة: خايف أكون مش جدير بيكِ أنا واحد معدوم عايش تحت الصفر.

قاطعته وهي تضع يدها على فمه: متكملش، أنت أجدع راجل قابلته في حياتي متحاولش تقلل من نفسك قدامي علشان أنت كبير أوي في عيني
خايف يا لين أظلمك معايا
قالها هو بنبرة متعبة وكأنه يحمل على عاتقه حمل ثقيل
هزت رأسها وأخبرته بأصرار وهي تكوب وجنتيه براحتها: أنا بثق فيك يا يوسف.

أبتسم بسعادة وهو يرى عيناها تتلألئ بوميض عشقه ليجذبها اليه ويحتضنها وكأنه يريد زرعها بين ضلوعه ويهمهم وهو يضع أنفه بين خصلات شعرها و يستنشق عبيرها بإنتشاء:
بحبك يا لين.

تشبثت به أكثر وعيناها غارقة بالدموع وضميرها ينهش بها فهى من تخدعه الآن ولا تقوى على الأعتراف له وهدم كافة أماله فهى تعلم تمام المعرفة أن عزة نفسه تفوق كل شيء فماذا ستخبره أتخبره أنها من عائلة فاحشة الثراء وأنهم يعتبرو أمثاله آفة ضارة لايعترفون بها، آم تخبره بشأن شكوكها المستديمة حول عمل أبيها و أرغامه لها بالزواج من وليد آم تخبره أن.

وليد لم يتوانى بقتله أذا علم بأنه هو من ساعدها بالهرب من براثنه، لا لن تخبره ستتمتع بقربه الآن دون أن تشتت أفكاره، الآن فقط و من المأكد أنها ستفعل فيما بعد عندما تتوصل لحماية يعقوب وحينها ستؤثر على يوسف بشتى الطرق وتقنعه أن يهربو بعيدًا
عن كل هذا الهراء بعيدًا عن براثن وليد وقلة حيلة أبيها لتهمس بضعف وهي تمرغ جانب وجهها بكتفه:
أوعدني متبعدش عني مهما حصل.

رد دون تفكير وهو يستنشق عبقها الأخاذ الذي يشبه رائحة الوطن: أوعدك
لا يعلم أن بوعده ذلك سيكون سبب لعنته للأبد.

على الصعيد الأخر بأرض الوطن.

لم تيأس قط من مهاتفته في الأيام السابقة وهو كعادته يتجاهلها بل يتعمد أن يعلمها فنون الأشتياق ولكنها كادت تفقد صوابها فيبدو أن نصائح والدتها قد تبخرت تمامًا، تمددت على فراشها لتشرد قليلًا فيما مضى بينهم بلقائهم الأخير فما دار بينهم لا يستحق كل ذلك الجفاء منه حتى بعد معرفته أنها زارت والدته لم يتأثر ترى ما حدث هل أخبرته والدته بما دار بينهم لذلك مازال يلتزم بتجاهله لها قطع أفكارها وأنتفضت بقوة عندما تعالى رنين هاتفها برنته المميزة التي تخصه بها لتجيب حلا بتلهف:.

علاء أنت فين؟ و مش بترد عليا ليه؟
وصلها رده من الجانب الأخر: لسة واصل والأيام اللي فاتت كان عندي شغل ومكنتش فاضي أرد على حد
أبتسمت بسذاجة من حجته الواهية التي صدقتها دون تفكير وهتفت: أنا كنت قلقانة عليك بس الحمد لله أنك وصلت بالسلامة
عاوز أشوفك.

أذدرقت ريقها بتوتر وهي تنظر لساعة الحائط فقد تأخر الوقت ولا يصح نزولها بوقت كهذا وخاصةً أن والدتها خضعت للنوم منذ قليل لتهمهم بتوجس من رد فعله: مش هينفع أصل م...
قاطعها صراخه بقوة: أتصرفي أظن أنتِ مراتي ودة حقي إني أشوفك وقت ما أحب
ماما نايمة خليك الصبح هستناك تفطر معانا
ليصرخ بأنفعال: عشر دقايق يا حلا لو مكنتيش تحت البيت مش هتشوفي وشي تاني
ردت هي بطاعة وبنبرة ترتجف: لأ خلاص حاضر عشر دقايق وهنزل.

وما أن أغلقت الخط وضعت يدها على خافقها لتهدء رجفاته وتبدء بأرتداء ملابسها بسرعة متناهية حتى لا تغضبه، وعند أنتهاءها توجهت لغرفة والدتها بخطوات حذرة حتى تتأكد من أستغراقها بالنوم وما أن تأكدت تسحبت كالصوص على أطراف حذائها لتغادر، أغلقت باب شقتهم ببطء شديد حتى لا تشعر والدتها لتزفر بأرتياح وتتدلى الدرج بخطوات حسيسة، لكن فاجأها يد كبيرة تكمم فمها وتسحبها إلى ركن مظلم بمدخل البنايه، صرخت وهي تتملص من قبضته ليأتيها صوته كالفحيح:.

أتهدي يا بت ده أنا علاء
هدئت حركاتها ليسحب يده يحرر أنفاسها لتزفر هي بأنفاس متسارعة وهي تضع يدها على خافقها:
حرام عليك يا علاء قلبي وقع في رجليا
أبتسم في مكر وهو يلهو بطرف حجابها: سلامة قلبك اللي واحشني
فركت يدها بخجل من كلماته المعسولة التي دائمًا ما تتلاعب على أوتار قلبها وهمهمت: لو كنت وحشتك كنت رديت عليا او كلمتني.

ليهدر هو بنبرة حادة: تاني، ما قولتلك كان عندي شغل وبعدين أنا كنت مضايق منك علشان أمي حكتلي على زيارتكم ليها و على الكلام اللي أمك قالته
لترد حلا بدفاع: أمي ما قالتش حاجة تزعل وتصدق أنا غلطانة إني كنت عايزة أرضيك
ليبتسم بمكر و تتحول نبرته الحادة إلى أخري ماجنة ويقترب منها لتلفح أنفاسه جانب وجهها ليجعل قلبها يتهاوى بين ضلوعها ولكنها لا لن تخذل والدتها لهذا الحد: انتِ مراتي وحرماني يابت ودة حقي.

هزت رأسها برفض قاطع ودفعته عنها بقوة وهي تهتف تنهره: أحترم نفسك يا علاء والتزم حدودك أنا لسة مبقتش مراتك
هبقى مراتك جوة بيتك وبفرح وزفة وبعلم كل الناس مش في بير السلم
ليجذبها من ذراعها بقوة ويهدر من بين أسنانه بغيظ أمام وجهها: بقولك أيه يا بنت الناس، أنا على أخري ومبحبش كهن النسوان دة.

لتشهق بقوة من وقاحة كلماته تزامنًا مع جذبه لها ومحاولته المستميتة بتقبيلها عنوة لتصرخ به وتدفعه بكل ما أوتيت من قوة: أبعد عني يا علاء بقولك
حرام عليك حد هيشوفنا وهنتفضح
لكن هو لم يغير رجاءها شيء من عزيمته الماجنة
كان في تلك الأثناء إسماعيل.

عائد من ورشته ليتناهى الى مسامعه صوت همهمات من دخلة البناية وما أن أقترب تجمدت كل خلية وشعر بالخدر يحتل جسده وكأن خنجر مسموم أخترق أحشائه وسممها وهو يراها معه تلك التي عشقها حد الهوس يراها بوضع أقل ما يقال عنه أنه فاضح.

حاول صوته يخرج من أحشائه لكن لم تسعفه الكلمات كما ساقيه خارت وكادت لا تحمله أراد أن يندفع الى ذلك المقيت التي فضلته عليه ليهشم جمجته اللعينة أمام ناظريها، أراد لو ينزع قلبه من بين ضلوعه ويقذفه بعيد عنه ويتبرأ منه لكن مهلًا أيها القلب فذلك المقيت زوجها على أي حال ولا فائدة لثورتك فهى لا تعترف بحق نبضك من الأساس.

جمع كل ألامه في حمحمة خفيضة وكأنه ينازع الموت من أجلها لتنتفض بقوة وتصرخ مستغيثة بأسمه وهي تدفع علاء عنها بكل ما أوتيت من قوة:
إسماعيل ...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة