قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية تيراميسو للكاتبة ميرا كريم الفصل السادس والثلاثون

رواية تيراميسو للكاتبة ميرا كريم الفصل السادس والثلاثون

رواية تيراميسو للكاتبة ميرا كريم الفصل السادس والثلاثون

دائما يوجد في بعض الجنون حب و لكن دائما يوجد بعض المنطق في الجنون.

عدة أحاديث مطولة دارت بينهم أثناء زيارة نجية لها التي استماتت كي تقنعها وتؤثر عليها بعد أن قصت لها كل شيء كما وعدت يوسف
أبدت فريدة شيء من إقتناعها بعد أن دهشت بشأن كل ما فعله من أجل أبنتها مما جعلها تتنهد وتقول بجدية:
رغم أنه ضيع سنين من عمرهم بتفكيره السطحي، وبنتي اتعذبت بسببه بس هو كمان عمل علشانها حاجات كتير و واضح أنه لسة بيحبها.

شهقت نجية وأخبرتها في ثقة: إلا بيحبها، دة بيموت فيها يا فريدة، علشان خاطر العِشرة والعيش والملح اللي ما بينا بلاش تكسري بخاطره وخاطري وترفضي طلبي.

نفت فريدة برأسها وقالت بِحيرة: ازاي عايزاني أقبل يا نجية الناس إللي عارفة أنه خطيب أختها في يوم وليلة تتجوزه هي، طب و ميان أنا مش عارفة موقفها هيبقى أيه من لين، أنا عارفة أن ملهاش أي حق بعد عملتها السودة اللي خذلتنا كلنا بيها بس بنتي مذبذبة مش عارفة هي عايزة أيه، و برضو دول أختين وأنا مش عايزة يبقى في حساسية بينهم
بس ميان عمرها ما حبت يوسف يا ماما
قالتها مارسيل بإندفاع بعدما استمعت لحديث والدتها.

مما جعل فريدة تنظر لها بِصرامة وتقول بنبرة محذرة: مارسيل أنا قولت محدش يتدخل ولا يتعاطف معاها
أطرقت مارسيل برأسها وقالت بحرج: أسفة يا ماما بس لازم أتكلم أنا مش هدافع عنها وأقولك اللي هي عملته صح، لأ أنا عارفة أنها غلطانة وهي كمان معترفة بده أنا بس هقولك أن هي و يعقوب بيحبوا بعض من سنين قبل حتى ما تقابل يوسف.

عقدت فريدة حاجبيها بينما كانت نجية مترقبة لحديثها وهي تدعوا الله أن تكون سبب بإقناع فريدة لتسترسل مارسيل:.

لما بابا الله يرحمه تعب وسافر إيطاليا علشان يعمل العملية وقتها كنت على وشك ولادة محمد أبني وكنت محجوزة بالمستشفى وأنتِ كنتِ محتاسة ما بين الشغل وبيني وساعتها ميان هي اللي سافرت معاه، وقتها قابلت يعقوب هناك وحبو بعض ولما بابا اتوفى رجعت مصر وهو دور كتير عليها بس هي عمرها ما نِسته وكانت بتحكيلي عليه ويظهر أنه هو كمان لسة بيحبها.

كانت تستمع لها بنظرات زائغة و هي تشعر بالحرج من نجية التي باغتتها بقولها وهي تربت على ساقيها بتفهم:
شُوفتي بقى دة النصيب بتاع ربنا ومحدش ليه دخل بيه
ويمكن حصل كل دة علشان يتقابلوا من تاني وكل واحد يلاقي وَليِفه
هزت مارسيل رأسها تؤيد حديث نجية بينما تناوبت فريدة نظراتها بينهم وقالت بنبرة غامضة:
اللي عايزه ربنا هيكون.

كادت نجية تلح من جديد لولآ دخول الخادمة وهي تصحب أحد أفراد الأمن الخاص بمحيطهم الذي قال بإحترام:
أسف يا فندم، بس في واحد و اقف قدام لة حضرتك و عامل مظاهرة والناس متجمعة حوليه وأنا بستأذن حضرتك تشوفي أيه حكايته قبل ما أبلغ عنه.

عقدت فريدة حاجبيها وخطت للخارج بينما أسرعت مارسيل تلحق بها هي و نجية ليكتشفوا الأمر، وقفوا متسمرين بمحلهم والصدمة قد أحتلت وجههم وهم يروا ذلك الجامح الذي أتلف العشق عقله على الأخير يقف وهو يحمل بيده لافتة كبيرة كُتب عليها بخط واضح عريض ( أسف، مش هعمل كدة تاني، فرصة واحدة هثبتلك أن حبي ليها سبب جناني ).

كانوا بعض المارة يصورون بهواتفهم النقالة ما يحدث وهنا وهناك بعضهم يتهامسون ويضحكون على ما يفعله بينما شهقت مارسيل وأنفجرت ضاحكة على هيئته وهو يلوح بالافتة يمناً ويسارًا يحمس الجميع وبسمته العابثة تزين فمه ويهتف عندما رأهم بصوت جهوري جعل كل من يستمعوا له يكادوا يسقطوا بلأرض من شدة ضحكهم:
والنعمة بحبها أرأفي بياااااااااا وأديني فرصة دة أنا زي أبنك.

زفرت فريدة بِغضب من جموحه بينما كانت نجية تكبت ضحكاتها بصعوبة حتى لا تغضبها أكثر
لتهرول مارسيل إلى ميان التي مازالت بائسة حزينة بِغرفتها كي تجعلها تشاهد هذا الإنقلاب الذي فعله من أجلها، لتتقدم منه فريدة بخطوات غاضبة وتحذره بشدة:
ممكن تتفضل بدل ما هخلي الأمن يبلغ عنك ويجوا ياخدوك.

هز برأسه برفض قاطع وقال بنبرة تكاد متوسلة: أنا عارف إني غلطت، بس هي مش ذنبها حاجة بلاش تقسي عليها لو عايزة تعاقبي حد عقبيني أنا
زفرت بإنفعال وربعت ذراعيها على صدرها بحركة محذرة وهي تضيق عيناها تحت نظارتها بطريقة بثت الريبة في نفسه، مما جعله يتقهقر للخلف و يتمتم بشغب:
لأ، بلاش عشم زايد، أنا لسة القلم بيرن في وداني الله يخليكِ...

هزت رأسها بلا فائدة وهي تواليه ظهرها عائدة للمنزل وهتفت وهي تلوح بيدها بتحذير:
ثواني تفض التجمهر اللي أنت عمله وتاخد بعضك وتمشي بدل ما هسيب الكلاب عليك
لوح بيده بلا مبلاه وقال بإصرار وبكل تبجح: مش همشي غير لما تخليني أشوفها وأطمن انها بخير
أبتسمت فريدة بمكر وهي ترفع منكابيها وبإِشارة واحدة من يدها للحارس كان صوت نباح الكلاب يخترق مسامعه.

مما جعله يبتلع ريقه بذعر ويهمس بشدوه وهو يسقط اللافتة من يده: أيه الست الجاحدة دي؟
أنا قولت مفترية وقوية محدش صدقني
لينطلقوا الكلاب في طريقها له ولكن كان هو أسرع منها فقد ركض بسرعة بديهية وفي لمح البصر كان يوقف سيارة أجرة ويقفز بداخلها وتنطلق به ليخرج رأسه من النافذة الزجاجية ويهتف بإصرار جعل فريدة تبتسم دون وعي وتهز رأسها بلا فائدة:
برضو بحبهاااااا ومش هيأس يا فريدة.

بينما هي كانت تقف في شرفتها برفقة مارسيل تشاهد كل ما حدث فكانت تضحك تارة على جموحه التي تعشقه وتبكي تارة آخرى على موقف والدتها الصارم تجاهه فكم أرادت أن تصرخ هي أيضًا وتخبر العالم بأسره أنها تعشقه حد الجنون الذي هو بالنسبة لعشقهم أسلوب حياه.

في الحرب كما في الحب لكي ينتهي الأمر لابد من مقابلة مباشرة.

آما عن صاحبة الفخوخ الآسرة كانت تركض وهي تتحايل على قدمها أن لا تخور بها
لا تعلم كم مرة تعثرت ولكنها تعلم إن حدث له شيء لن تسامح نفسها ابدًا، فبعد أن جاءتها تلك المكالمة المشؤمة توجهت دون تفكير لتلك المشفى الذي أستعلمت عنها، دقائق مرو عليها كمرور الدهر وهي تسأل في.

الإستقبال عنه وما ان علمت هرولت إلى غرفته بوجه شاحب و عيون غائمة وقلب يعتصر بين ضلوعها من شدة القلق، لوهلة توقف الزمن بها وهي تدفع باب غرفته التي يقبع بها و وجدته مُمدد على الفراش بِإستسلام تام ويغلق عينه، مررت عيناها على جسده لتجد ساقه مجبرة.

ورباط طبي يحاوط جبهته وكذلك كدمة زرقاء كبيرة بجانب فكه، شهقت بقوة و وضعت يدها على فمها و أقتربت منه بدمعات متساقطة دون هوادة وهي تتأمل وجهه الغافي بحزن بَين، لتمد أناملها المرتعشة وتحتضن كفه البارد المسنود بجانبه وتهمس بأسمه بنبرة ممزقة غلفها القلق والضياع بآن واحد:
يوسف...
شعر بوجودها ليفتح عينه بتثاقل ويقول بصوته الرخيم الذي يرجفت أوصالها: لين.

أتسعت أبتسامتها من بين شهقاتها بهستيرية وهتفت بقلق كاد يفتك بها: أنت كويس، حاسس بأيه
أومأ لها بِضعف وقال ببسمة باهتة: أنا كويس متقلقيش، زي ما بيقولوا عمر الشقي بقي.

أتسعت بسمتها أكثر ونظرت له نظرة طويلة متمعنة وكأنها تريد أن تتأكد من صدق حديثه، لتتشابك نظراتهم لوهلة وتتحاكى بالكثير من الأحاديث المطولة التي عجز اللسان أن ينطق بها وكأنهم كانوا لتوهم بعالم خاص بهم مندثر من كل شيء سواهم، ليضغط هو على يدها التي تناستها ممسكة بيده وهو يجول بناعستيه على ملامح وجهها التي يعشقها حد الجنون وخصةً تلك الفخوخ الآسرة التي أوقعته بعشقها ربما للمرة المائة إلى الآن، قطمت شفاهها بعدما وترتها نظراته كثيرًا لتسحب يدها وتنهض وتبتعد عن الفراش وهي تواليه ظهرها وتكفكف دماعتها وتسألت وهي تحاول أن تلتزم بِثباتها:.

هو أيه اللي حصل؟
تنهد بضيق من عنادها وهو ينظر لظهرها وأجابها بنبرة ثابتة: نزلت من عند ماهيتاب مخنوق وقولت اتمشى شوية ويظهر إني كنت سرحان ومخدتش بالي من العربية اللي خبطتني، بس الحمد لله جت بسيطة زي ما أنتِ شايفة
هزت رأسها بتفهم وقالت بِثبات أجادته: الف سلامة عليك...
عرفتي منين إني هنا؟
= في حد اتصل بيا من تليفونك وقالي أنك عملت حادثة وإن رقمي أخر رقم حاولت تكلمه.

أومأ لها بتفهم وهو يحاول أن يعتدل بجلسته لتهرول إليه بِتلقائية و دون تفكير كي تساعده، تأوه بِخفوت وهو يحاول تحريك ساقه مما جعل قلبها يأن بين ضلوعها تضامنًا مع ألمه لتشعر بغصة مريرة بحلقها أرتعش فمها بسبب رغبتها الملحة بالبكاء ولكنها حاولت جاهدة أن تلتزم بثباتها وهي تسنده كي يعتدل، لتنحني بجذعها عليه تحاول وضع وسادة خلف ظهره ليغمض هو عينه من ذلك القرب المهلك له ويتناول نفس مطول من رائحتها التي تخدر كافة حواسه وتذكره بالحنين إلى الوطن، أنتهت و كادت تبتعد لولآ أنه منعها وقبض على ذراعها وهو ينظر لها بعيون عاشقة تفيض بالندم وهو يهمس بنبرة مترقبة:.

خوفتي عليا؟

نفت برأسها وأغمضت عيناها وهي تحاول جاهدة أن تشيح بنظراتها عنه حتى لا يفتضح أمرها وهي تجاهد أن تكبح شهقاتها وتسحب ذراعها من بين يده، ولكن كيف لا يلحظ و قلبه يعتصر مثلها، ليتصرف دون أن يدع مجال للتفكير أو حتى لرفضها و يجذبها عنوة إليه لتجلس بجانبه على الفراش ودون أي مقدمات آخرى كان يحتضنها بكل ما أوتي من قوة لتتلوى هي بين يده كي يتركها ليتحامل على ذاته وعلى أنهاك جسده ويقاومها حتى أنه دون قصد تأوه متألمًا وهو يعتصرها بين يده لا يعلم لمَ تأوه هل من شدة الألم آم من شوقه الجارف لها ليهمس بنبرة هادئة مطمئنة بجانب أذنها:.

خلاص، أهدي علشان خاطري يا لين وبلاش تعاندي أكتر من كدة
أنفجرت باكية بأنهيار تام بعد حديثه المطمئن لها الذي دعمه بمداعبة منبت شعرها بأنامله الغليظة بحركة حثية بثت بها القشعريرة وجعلتها تتراخى بين يده وتستسلم لذلك العناق وكأنه بفعلته تلك يريد أن يزيح ذلك الحزن الذي أجتاحها بسببه و يهدم كافة حصونها التي جاهدت بتشيدها ضده، لتغمغم هي برعب من بين شهقاتها:
كنت خايفة أسوء كوابيسي تحقق تاني.

تنهد تنهيدة حارقة بعد كلماتها التي أرجفت قلبه الملتهب بعشقها و همس بنبرة ممزقة وبقلب أضناه الفراق و هو يقبل قمة رأسها ويضغط أكثر وأكثر عليها بإشتياق قاتل وكأنه يريد أن يزرعها بين ثنايا قلبه:
أسف، أنا غبي والله غبي بعترف، أنتِ وحشتيني، و وحشتني كل حاجة فيكِ يا قطتي علشان خاطري بلاش تعاندي، أنا أسف والله أسف، أديني فرصة واحدة بس هفهمك كل حاجة.

لتغمغم بتقطع من بين شهقاتها: عز، و، ماهيتاب حكولي، كل اللي أنت عايز تقوله
أخرجها من بين أحضانه وكوب وجنتها وقال بصوته الرخيم الذي طالما بث بها السَكينة:
أنامش أناني يا لين أنا كان عندي استعداد أواجه العالم كله علشانك، أنا كنت بموت ألف مرة من غيرك وكنت عايز أطلع قلبي من جوايا وأتبرى منه كل ما أحن ليكِ وأفتكر أنك مع راجل غيري، أنا كنت هتجن و أنا فاكر أنك خدعتيني.

نفت برأسها وقالت بنحيب قوي يقطع نياط القلب وهي تحتضن وجهه أيضًا براحة يدها وتسلط نظراتها داخل بئر عسله التي أفتقدت الذوبان به:.

محصلش، أنا كنت بحميك كنت خايفة عليك ولما أتضربت بالنار قدامي كنت هرمي نفسي ورَاك، بس منعوني، أنا كنت كارهة حياتي بعدك و حاولت مرة واتنين أموت نفسي علشان أبقى معاك، اتحملت حاجات محدش يتحملها كنت بموت بدل المرة ألف وأنا فكراك ميت ومبقالكش وجود، لدرجة إني كنت بسمع صوتك وأنا نايمة وأنا صاحية ويتهيئلي أنك حواليا وبتناديني وتقولي وحشتيني يا قطتي...

كانت تتفوه بكل كلمة ودمعاتها الحارقة تتساقط على وجنتها دون هوادة مما جعله لم يستطيع الصمود أكثر و تفر دمعاته هو أيضًا و يسند جبهته على خاصتها ويهمس بلوعة حارقة:
أنا صحيح عشت بس عشت جسم بس من غير روح روحي كانت مرتبطة بيكِ وبوجودك جنبي، سامحيني يا قطتي، سامحي ابن بلدك
إللي عمره ما نساكِ ولا عرف يتخاطى حبه ليكِ
لتعاتبه من جديد: بس أنت قسيت عليا أوي...

وضع يده على فمها يقاطعها وهمس بندم قاتل يفتك به: حقك عليا، أنا كنت غبي وغصب عني كنت هموت وأنا شايفك مع راجل غيري كان قلبي بيتقطع جوة ضلوعي وكنت فاكر بكدة هوجعك زي ما وجعتيني...
ليمد أنامله ويزيح دمعاتها ويقول بترجي وبِصدق نابع من صميم قلبه المعذب بِعشقها:
سامحيني، علشان خاطر كل حاجة حلوة كانت بينا، خلينا نعوض كل اللي فاتنا.

كان يستعطفها بناعستيه أثناء حديثه مما جعلها لا تستطيع الصمود أكثر أمام سطوته وهيمنته عليها لتهز رأسها وعيناها متشابكة بخصته دليل على غفرانها ليجذبها من جديد ويحتضنها ولكن تلك المرة بادلته هي العناق بشوق جارف ممزوج بدمعاتهم معًا و شهقاتهم الخافتة التي كانت ينعون بها تلك السنوات العجاف التي كادت تقضي عليهم، لتتعالى خفقاتهم معًا وكأنها قارعة طبول حرب ويتصارعوا بينهم من سينتصر و يعلوا صوت أعلان عشقه على الآخر، لا يعلم كم من الوقت مر على عناقهم ولكنه يعلم أنه الآن فقط شعر بإنتماء و وجد سلام قلبه و ملجئه الذي طالما طمح به، عدة ضربات على باب غرفته جعلتها تنتفض وتنهض عن الفراش وهي تجفف دمعاتها، ليمرر هو أيضًا يده على وجهه وهو يبتسم لها بسمة صافية لا يشوبها شيء سوى العشق الخالص لها، بادلته بسمته وأطرقت برأسها وهي تقف في زاوية الغرفة، ليأذن هو للطارق بالدخول إذا برجل غزى الشيب رأسه ذو هيئه بسيطة يدلف من الباب وهو يقول بصوته الغليظ:.

لموأخذة يا بني أنا سواق التاكس اللي خبطك وجبتك على هنا حقك على راسي، يابيه وبالله عليك بلاش تشتكي عليا و تأذيني أنا على باب الله
قاطعه يوسف بود: حصل خير يا حج، متقلقش أنا مش هعمل كدة دة أنا اللي أسف كنت ماشي سرحان
رفع نظراته لها وهو يتفوه بأخر جملة مما جعلها تتنهد بحزن وهي تتناوب نظراتها بينهم، ليبتسم الرجل ويقول بسعادة:.

ربنا يجبر بخاطرك يابني أنا كلمت المدام وكويس أنها جاتلك أصلي كلمتها من تلفونك ولموأخذة لو فتحته ببصمتك من غير علمك بس أنت كنت في دنيا غير الدنيا
أومأ له يوسف بود وقال بإمتنان: أنت خدمتني خدمة عمري ياحج أنا مش عارف أشكرك أزاي
تناوب الرجل النظرات بينهم بعدم فهم، بينما هي أشتعل وجهها وظلت تقطم بشفاهها بحرج من تلميحاته.

ليتنهد الرجل ويخرج من جيبه الهاتف ومتعلقاته ويناولها له وهو يقول: دة تليفونك وحاجتك اللي كانت معاك، أنا كدة عملت اللي عليا تأمرني بحاجة
ليبتسم يوسف ويشكره بإمتنان ويتعهد له أن يصلح ضرر السيارة ليغادر الرجل ويتركهم من جديد، ليمد يده لها لتقترب منه وإن فعلت أنحنى برأسه و لثم يدها وهمس بحنين قاتل لها وهو يجلسها من جديد بجانبه:
وحشتيني يا قطتي
و عايز أكمل الباقي من عمري معاكِ.

تنهدت تنهيدة حارة وتمتمت بخجل وهي مطرقة الرأس: أنت كمان وحشتني يا ابن بلدي
ليبتسم في مشاكسة ويقول جملته المعهودة التي طالما أغاظها بها سابقًا: والله أنا كنت عارف أن عينك مني من زمان
di spessore
قالتها بخجل وهي تضرب كتفه بخفة مما جعله يعلق بمشاكسة كسابق عهده: =أيه دة لسة بتحبي تبرطمي
يوسف بَطل
= قلب وروح وعمر يوسف
قالها بنبرة مهلكة وبعيون تفيض بعشقها وهو يميل برأسه نحوها ينوي تقبيلها.

لتدفعه برفق بصدره وتقول بشراسة ليست غريبة عنها: أعقل، وخف بسرعة علشان تطلبني من ماما فريدة
أبتلع ريقه بحلق جاف عندما ذكرته بمعضلته العويصة مع تلك السيدة الصارمة التي حقًا جعلته يرفع رايات أستسلامه عاليًا إجلالً لذكائها، تراجع بجسده واخذ يفرك ذقنه كعادة ملازمة له عندما يفكر بشيء، لتهدر هي بترقب:
سكت ليه؟
أجابها بخزي من نفسه: بصراحة مكسوف منها ومش عارف هفاتحها أزاي بعد اللي حصل...

تقلصت ملامحها وتسألت بتوجس: يعني أيه؟
تنهد بعمق وهو يسحب يدها بين راحتيه كي يبث بها الطمأنينة و هدر بإصرار وبقرار قاطع:
يعني معنديش استعداد أضيع دقيقة في عمري بعيد عنك كفاية العمر اللي ضاع، لازم أواجه وعندي استعداد اتحمل علشانك أي حاجة بس تبقي معايا.

توهج وجهها بحمرة قانية وأبتسمت بسعادة متناهية حتى برزت فخوخها الآسرة التي تزعزع ثباته وطالما أوقعته في عشقها مما جعله يتفرس بوجهها بوله ويقول بمشاكسة كسابق عهده وكأنه استعاد نفسه القديمة لتوه بحضرتها:
هو في جمال كدة. حرام عليكِ قلبي هيقف
أتسعت أبتسامتها أكثر وهي تقطم شفاهها وتتحاشى السقوط ببئر عسله وضربته بخفة عدة ضربات بذراعه وهي تتمتم بسرها كعادتها ليقهقه ويقول من بين ضحكاته المستمتعة:.

بَطلي برطمة يا قطة، و حرام عليكِ دة أنا مفشفش خلقة ومش ناقص
قطع ضحكاته صوت رنين هاتفه ليتناوله ويجيب وإذا بوالدته تتصل به كي تزف له البشارة ولكنها تسألت أولًا من الطرف الآخر عنه وعن سبب تأخيره ليخبرها بما حدث بإقتضاب وبعد الكثير من النواح والنحيب منها أغلق معها بعدما أخبرته أنها ستأتي على الفور، لتنهض و تقول و هي تنوي المغادرة:
لازم أمشي قبل ماتيجي.

نفى برأسه وقال بتوسل: بلاش تسبيني مش هعرف أتنفس وأنتِ بعيد عني
تنهدت بقلة حيلة وأخبرته: مينفعش، هتحرج، هحاول أجيلك تاني علشان أطمن عليك
أومأ لها و تسأل بتوجس وعينه تطمأنها: لسة بثقي فيا
هزت رأسها دون تفكيرمما جعله يخبرها بإصرار عاشق ذاق مرارة الفراق: أوعدك هعوضك عن كل اللي فات
أومأت له وإن كادت تغادر منعها قوله بنبرة عاشقة تسربلت لمسامعها كلحن عذب تراقص قلبها على نغماته:
بحبك يا قطتي
=و أنا كمان بحبك.

قالتها بتنهيدة حارقة متيمة قبل أن تغادر مسرعة فإن بقيت أكثر تقسم أن قلبها لن يحتمل كل تلك المشاعر الفياضة دفعة واحدة.

بعد وقت قليل أجتمع الجميع فوق رأسه، والدته و حلا والصغير و إسماعيل، تعالى نحيب نجية وهي تنعي حظ ولدها ليقاطعها هو:
يا امي كفاية الله يخليكِ والله أنا كويس
نفت نجية برأسها بعدم أقتناع وهدرت بقلق: لأ أنت بتكدب عليا أنت موجوع.

تنهد يوسف وهو يحث حلا بعينه إن تقنع والدتها أن تكف عن نحيبها ولكن حلا كانت بعالم آخر شاردة بِزوجها وتلتزم الصمت منذ أتت وأطمئنت عليه فكان إسماعيل يتعمد أن يتجاهلها ولم ينظر لها منذ أتى وصب كافة تركيزه على الصغير الذي يجلس على ساقيه ويلاعبه، ليهدر يوسف ساخرًا:
أجبلكم اتنين لمون وشجرة
أنتوا قاعدين ليه كدة...
أجلى إسماعيل صوته وقال في ثبات: مالك بس يا غالي عايزنا نعمل أيه؟

ليتابع يوسف : سكتها ابوس ايدك وقولها الدكتور قالك أيه علشان تطمن
أومأ له إسماعيل بتفهم وقال يوضح وهو يجلس الصغير بجانبه: والله يا أمي الدكتور قال دة شرخ بسيط وجسمه مفهوش حاجة وعملوله كل الأشاعات والفحوصات متقلقيش هو بس هيفضل بالجبس اسبوعين تلاتة وهيبقى بعديها زي الفل، دة حتى الدكتور قال أنه يومين بالكتير و يقدر يخرج.

لتكفكف نجية دمعاتها وتقول بثقة عارمة: أنا عارفة أنك مش بتعرف تكدب يا إسماعيل وأكيد لو فيه حاجة مش هتخبي عليا
ضرب يوسف كف على آخر ساخرًا وقال بِمشاكسة: يعني لازم سي إسماعيل يتكلم علشان تقتنعي ما أنا بقالي ساعة بحاول أطمنك
، إجابته بِفطنة: أنت ابن بطني وعارفاك كويس لو فيك حاجة مش هترضى تقولي علشان متزعلنيش وتقهرني عليك.

ليضيف هو بغيظ: لأ متنكريش يا نجية أنك بتثقي في إسماعيل أكتر مني، على العموم الله يسامحك
لتقهق نجية على مشاكسته
و يهدر إسماعيل بخفة أيضًا: ياصاحبي ربك كريم وهيسامحها ملكش دعوة
لتقول نجية بِصدق وهي تحتضن يوسف وتربت على ظهره بِحنان وعيناها على تلك المتمردة الحزينة هناك التي لم تتفوه بشيء منذ أتت وهي تشعر بلآسى عليها وتمهد لمساعدتها كما وعدتها:.

كلكم حبايبي ومعزتكم واحدة بس إسماعيل أبني البكري اللي اتسندت عليه في سنين غُربتك، وبصراحة عمره مخزلني طول عمره راجل جدع وأصيل وقد كلمته وعمره ما يفرط في اللي منه، مش كدة يا إسماعيل
كاد يرد وهو يوجه نظراته ل حلا لولآ أنها
نهضت ودبت الأرض بقدمها بغيظ وقالت بإندفاع كعادتها المتمردة: يوووه بقى يا ماما بتشكري فيه دة بدل ما تيجي عليه وتقوليله أرجع بيتك دة مش بعيد تلاقيكِ عارفة ومشجعاه يشوفله شُوفة.

شهقت نجية بتفاجئ من حديثها بينما هو
رفع بندقيتاه لها وتنهد بيأس من تصرفاتها وهدر بإنفعال: حلااااااااااااا بلاش طريقتك دي
لوحت بيدها بإستخفاف
ليتدخل يوسف بحدة وهو يعتدل بجلسته: اتكلمي عدل عيب كدة متنسيش أنك بتكلمي أمك
ليقاطعه إسماعيل بنبرة قاطعة يائسة من تلك المتمردة: سيبها براحتها يا صاحبي، أنا مش هعتب عليها، وواضح أنها مش هتتغير وبصراحة انا مبقتش مرتاح وفعلًا شايفلي شُوفة زي ما بتقول.

لتهدر هي بنبرة مشدوهة: يعني أيه؟
هتجوز
هدر بها بنبرة حادة قاطعة جعلت كل خلية بها تنتفض من شدة صدمتها، لتهمس هي بعدم تصديق وبنبرة متقطعة:
أنت، بتقول، أيه؟
أجابها بثبات أجاده للغاية: زي ما سمعتي انا راجل ومن حقي أدور على اللي يريحني وأنتِ مش قادرة تعملي دة، ويا بنت الناس أنا مش هاجي عليكِ
نفت برأسها بهستيرية وصرخت بإندفاع: وأنت فاكر إني ممكن أقبل بكدة، طلقني يا إسماعيل.

صفعة قوية نزلت عليها كالصاعقة من يد نجية أخرستها تلاها قولها بِحدة: معندناش بنات تطلق أنتِ فاهمة واتكتمي وأعملي حساب ليا أنا وأخوكِ
لتوجه حديثها ل إسماعيل وتقول بِجدية: وأنت استهدى بالله يا بني حقك عليا أنا، أنت عارفاها دبش ومش بتعرف تنقي كلامها، متخليش الشيطان يدخل بينكم
نظرت له حلا بعيون غائمة معاتبة مما جعله
يستغفر ربه بسره و يحاول كبح جماح غضبه الذي نادرًا ما يظهر بهذا الشكل إلا بفضلها.

بينما يوسف كان مصدوم مما حدث فهو يعلم أن صديقه كاد أن يخرج عن طوعه ولكن هي من استفزته وجعلته بالتأكيد يفقد أعصابه
فنعم كان يشعر بنيران مستعرة تجتاحه من حديثها الذي أهدر كبرياء رجولته أرضً وجعله لم يعد يستطيع التماسك أكثر، ليقول قبل أن يغادر:
انا قولت اللي عندي والقرار راجع ليها.

ذلك أخر ما تفوه به قبل أن يغادر تاركها تتسمر بأرضها بوجه شاحب وتشعر أن ساقيها لم تعد تحملها، لتضرب نجية أعلى صدرها بِحسرة وتنهرها:
ليه كدة يا بنتي عايزة تخربي بيتك بأيدك طب مفكرتيش في أبنك ياما نصحتك وقولتلك هيدور على راحته برة.

ليعاتبها يوسف أيضًا: ليه استفزتيه يا حلا فيها أيه لما أمك تشكر فيه قدامنا مش هو جوزك وابو ابنك يعني مفروض تبقي مبسوطة، إسماعيل بيحبك ويمكن كان عايز يديكِ فرصة تصلحي من نفسك وتقدري حبه ليكِ وعمر ما كان في نيته أنه يطلقك أوحتى يتجوز عليكِ، ليه استهترتي و وصلتيه لكدة.

أرتمت هي على أقرب مقعد لها بِضياع واجهشت بالبكاء وهي تشعر أن تلك الكلمات كان تأثيرها كطعنة قاسية لها فهي بأسوء كوابيسها لم تتخيل أنه من الممكن أن ينطق بذلك الحديث وطالما ظنت أنه من المحال أن يبتعد عنها ويجعل آخرى تشاركها به ولكن هو لتوه كسر تلك الثقة التي مدها بها من حبه لها وللأسف استغلتها هي بسوءً وتمادت دون الأكتراث لكبرياءه كرجل.

دخلت بخطوات حثيثة منزلها تحسبًا من سؤال والدتها عن سبب تأخيرها وإن كادت تصعد لغرفتها جاءها صوت فريدة من أعلى الدرج:
كنتِ فين وأيه اللي أخرك كدة؟
أطرقت برأسها وزاغت نظراتها وهي تخشى رد فعلها، لتسألها من جديد: كنتِ معاه
أومأت لين بحرج وبرأس مطرق بلأرض، لتهدر فريدة بِصرامة: بس أحنا متفقناش على كدة يا لين.

تلعثمت هي: ماما يوسف عمل حادثة و في المستشفى و حصل حاجات كتير أوي عايزة احكيهالك ومتأكدة أنك هتفهميني
تنهدت فريدة بإمتنان لصراحتها وأخبرتها بِثبات وهي تربت على كتفها: نجية قالتلي وطمنتي عليه ومتهيئلي حكتلي كل اللي كان مفروض أسمعه منك دلوقتي، حتى انها طلبت أيدك
جحظت عيناها وفغرت فاهها وتسألت بتوجس وهي تشعر بقلبها يهوي بين قدمها: دة بجد، طب حضرتك أيه رأيك؟

أبتسمت فريدة بسمة حنونة وقالت وهي تربت على وجنه لين بحنو: أنا عارفة أنك اتعذبتي كتير ومقدرش اجي عليك وأحرمك منه، أنا متأكدة أنه بيحبك زي ما أنتِ بتحبيه وهيعرف يصونك، نجية قالتلي على اللي عمله علشانك ودة أكبر دليل أنه هيعرف يحافظ عليكِ و بغض النظر عن اللي حصل قبل كدة، بس هو في الأخر مشفتش منه حاجة وِحشة ولا من أهله.

شهقت لين بِسعادة متناهية وأرتمت بِحضنها وهي تقول بإمتنان عظيم: أنا بحبك أوي يا ماما ربنا يخليكِ ليا، أنا كنت هموت لو رفضتيه بعد كل دة وحتى هو كان متوقع كدة وكان مكسوف منك
ربتت فريدة بحنو أموي على ظهرها وقالت بنبرة متفهمة حنونة: أنا عارفة أخلاق يوسف كويس ولو مكنش دة رد فعله كنت غيرت رأي فيه
الدور والباقي على البجح اللي كان عامل مظاهرة ومش عايز يمشي وخلى الجيران يتفرجوا على جنانه:
يعقوب.

هتفت هي بها بذهول وهي تخرج من أحضانها، لتؤكد فريدة: أيوة هو أنا طردته ومرضاش يمشي غير لما سيبت عليه الكلاب ولو جه مرة تانية هبلغ عنه
شهقت لين بقوة وهي تتذكر ذلك الطلب الذي توسل لها من إجله فهي تناست تمامًا في خضم كل تلك الأحداث التي مرت بها اليوم لتلعلن ذاتها بسرها وتقول بترجي:
ماما يعقوب مش وِحش والله وكتير وقف جنبي وصدقيني هو مش مستهتر وبتاع بنات زي ما أنتِ فاكرة دة بيحبها.

تنهدت هي بسأم وقالت بِجدية وهي تربت على وجنتها في حنان: دة مش هيغير حاجة، كونه مجنون ومستحيل أأمن لبنتي مع واحد زيه عايش من غير هدف.

نفت لين برأسها وقالت بدفاع قوي: لأ هو مش كدة دة كان ليه شركة صغيرة على قده في نيو يورك بس صفاها وقت ما كنا بنصفي شغل بابا وبنسدد ديونه وهو دلوقتي هيبدء شغل جديد في شركة كبيرة وشوية شوية هيكبر نفسه بنفسه يعقوب ذكي دة هو اللي كان ممشي شغل عز وخلاه يكبر شركته ورفض أننا نبيعها وقتها
تنهدت فريدة بيأس من سيرة ذلك الجامح الذي يتكاتف الجميع كي يقنعوها به وقالت بنبرة غامضة لم يستشف منها شيء:.

سيبك من سيرة المجنون دة دلوقتي، نجية قالت بعد ما هيخرج من المستشفى هتجيبه وتيجي تطلبك رسمي
أومأت لها لين بِقبول وببسمة واسعة خجلة للغاية وقبلتها من وجنتها وهرولت لغرفتها بخجل من شدة سعادتها بينما نظرت فريدة لأثرها وهي تشعر انها راضيه عن قرارها و تدعو الله أن يسعد قلب أبنتها فهي على يقين تام أنه نال كفايته من العذاب.

جلس مُمدد على الفراش بعد عودته إلى ذلك الفندق الذي يقبع به مأخرًا وهو يشعر أن الشوق يقتله إليها، مرت ومضة آسرة لهم أمام عينه لتلك اللحظات التي سرقوها من الزمن قبل ما حدث، فكم كانت عفوية، رقيقة جامحة مثله، تنهد وهو يسأل ذاته لم هي دون عن غيرها لن يستطيع الصمود أمامها ليبرر عقله الجامح:
ربما بسبب تلك الرائحة اللذيذة التي تفوح منها وتجعلها قابلة للأكل.

نفى برأسه وهو يلعن ذاته فتفكيره الآن بها بتلك الطريقة تجعل النيران تنشب بجسده ويصبح لا يتوق من شدة شوقه العارم لها، أنتشله من أفكاره العابثة صوت رنين هاتفه إذا برقم لين ليرد بِغيظ ولكن بنبرة مشاكسة:
بصي بقى أنا كنت ناوي أخطف أختك وأقتل أمك بس بعد ما نسيتيني النهاردة والنعمة لأقتلك أنتِ كمان وأخلص منك
ضحكة ناعمة صدرت من الطرف الآخر جعلت حواسه كلها تتأهب وضربات قلبه تتسارع بقوة ليهمس بلوعة حارقة:.

مانجتي، ميان ده أنتِ صح
أجابته ميان من الطرف الآخر: وحشتني يا يعقوب
رد بِسعادة متناهية وهو ينهض ويخطوا ذهابًا وأيابًا من شدة سعادته: أنتِ كمان وحشتيني أوي، أنا أسف كل اللي حصل ده بسببي
أعترضت في ضيق وبعيون غائمة: مش ذنبك لوحدك، أنا كمان غلطت واستاهل بس خايفة عقابي يكون بعدي عنك...
=مستحيل أقبل بدة لو أخر يوم في عمري مش هيأس حتى لو فيها موتي
= بعد الشر عليك
بحبك يا ميان.

قالها هو بِصدق وبنبرة ملتاعة مما جعلها ترد بِتنهيدة حارقة ودمعاتها تتساقط دون هوادة:
أنا خايفة ماما تخليك تسبني وتبعد عني
أعترض بإصرار وبنبرة عاشقة لأبعد حد: مستحيل، أنا اتخلى عن روحي وأنتِ لأ...
اسمعي خلينا نتفق أننا مفيش حاجة هتفرقنا حتى لو كانت فريدة المفترية بذات نفسها
ضحكت من بين شهقاتها.

مما جعله يستأنف بِشغب: أنا عملت النهاردة مظاهرة سِلمية بس بعد كدة هعمل إنقلاب وهي حرة بقى هي اللي جابته لنفسها تبقى تشوف مين هيرضى يتجوزك بعد ما هجرصك وأقول أنك مانجتي أنا وبتاعتي لوحدي
قهقهت على حديثه وهمست: مجنون
بس بتحبيني و بتموتي في جناني، تقدري تنكري
تسأل بمكر وبنبرة عابثة مما جعل وجنتها تحمر وتقطم شفاهها بخجل فهي تعلم ماذا يريد أن يسمع لترد بخجل:
أيوة بحبك يا يعقوب.

ذلك آخر ما تفوهت به قبل أن تغلق الخط ببسمة واسعة.

لتفتح باب غرفتها وتعطي لين التي كانت تأمن محيط غرفتها تخوفًا من أن أحد يتنبه لهم ويخبر والدتها لتشكرها ميان بإمتنان بعد أن تعهدت لها لين انها سوف تساعدهم وتقنع والدتها، بينما هو ظلت بسمته مرتسمة على ثغره وهو يضم الهاتف إلى صدره بعد إغلاقها وتظل تلك الكلمة المذهلة التي تفوهت بها تترد بذهنه وتثلج تلك النيران بقلبه، ليظل يتنهد تنهيدات حالمة وينوي في قرارة نفسه أنه لن ييأس أبدًا من محاولاته المستميتة بشأن إقناع والدتها.

أؤمن دائمًا بالفرص الثانية بالحياه ومن منظوري الخاص أرى أن جميعنا نستحقها.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة