قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية تيراميسو للكاتبة ميرا كريم الفصل الثاني عشر

رواية تيراميسو للكاتبة ميرا كريم الفصل الثاني عشر

رواية تيراميسو للكاتبة ميرا كريم الفصل الثاني عشر

‏‏هذا التقلب من صميم طباعه
أن الجنون طبيعة الأنهار مادمت قد أحببتِ يا محبوبتي
فتعلمي أن تلعبي بالنار فالحب أحياناً يطيل حياتنا ونراه حيناً يقصف الأعمار
( نزار قباني).

أحتدت عين يعقوب بغضب وكاد يشد أجزاء سلاحه لولآ أن ضربة قوية أعلى رأسه جعلته يسقط مغشي عليه
حسابك معايا تقل أوي يا يعقوب بس مش وقتك
هدر بها وليد بنبرة شيطانية نابعة من أعماق الجحيم، وهو يلقي بتلك الألة الحادة الملوثة بدم يعقوب الذي ضربه بها لتوه ويرشق لين بنظرة شيطانية تنبأ بأن لا مفر من جحيمه بعد الآن.

بينما هزت هي رأسها بهستيرية وكأنها ترى أسوء كوابيسها المفزعةوصرخت تناجي بأسمه برعب: يعقووووووب، عملت أيه يا وليد حرام عليك
يعقووووووب
ليقترب منها بخطوات بطيئة أرعبتها وجعلتها تنتفض وتحاول التراجع ولكنها لم تقوى على الحراك بسبب تقيد الرجال لها.

ليجذب وليد خصلاتها بقوة ألمتها وجعلتها تشهق بقوة وتتساقط دمعاتها وهي تشعر أنه يكاد يقتلعهم من رأسها، ليهدر هو بغل من بين أسنانه: كنتِ فاكرة مش هعرف أجيبك دة أنا هوريكِ العذاب ألوان يا بنت خالي
ليقاطعه صوت يوسف المنهك وهو يحاول النهوض بصعوبة بالغة: سيبها، وشيل أيدك عنها يا حيوان.

ليحتل الغضب عين وليد بعدما أدرك أنه عربي من نبرة صوته و يرشقه بنظرة شيطانية متوعدة وقال بفحيح بعد أن نفضها عنه: مش كفاية أنك مصري كحيان لأ وكمان قلبك جامد و بتغلط متعرفش أنت بتتكلم مع مين، ليبتسم بسمة لئيمة متوعدة ويستأنف: بس ملحوقة هعرفك أنا مين بطريقتي
ليأمر رجاله بعدها بصوت جهوري: أحضروها وأحضرو ذلك اللعين لأقتص منه.

لينظر بشر ل يعقوب الذي كان غارق بدمائه ومازال فاقد الوعي ويضيف وهو يوجه حديثه لكبير الحرس الذي أخبره عن مكانهم سابقًا أثناء تتبعهم لهم: آما ذلك الخائن دعهم يتركوه هنا لعل الذئاب تنهش جسده وتخلصنا منه.

لينصاعوا رجاله إليه ويسحبوهم بالقوةولكن مع محاولات يوسف الممتنعة و تذمره وصرخات لين المستغيثة أضطروا لتخديرهم دون عناء بواسطة نثر بعض الرزاز على وجوههم ليسقطو بعدها فاقدين للوعي ويحملوهم إلى السيارات وينطلقوا بهم تاركين يعقوب ملقي على الأرض غارق بدمائه.

ابني
صرخت بها نجية بقوة بأنفاس متسارعة وهي تنتفض من نومتها وجبينها يتفسد عرقً
لتندفع حلا بقلق إلى غرفتها بعدما تناهى إلى مسامعها صراخها وتهتف وهي تقترب منها: مالك ياماما
لتجيبها نجية بأنفاس مضطربة وبقلب يمزقه القلق: أخوكِ، موجوع أنا قلبي بيحس بيه...
قلبت حلا عيناها وقالت وهي تناولها كوب المياه لتهدء من روعها: أهدى ياماما انتِ كنتِ بتحلمي.

تناولت منها نجية كوب الماء وأرتشفت منه القليل وقالت بعدها بتتضرع وهي تضع يدها على قلبها المقبوض بشدة: استرها معاه يارب واحفظه دة غلبان وملوش غيرك في غربته
تنهدت حلا وأمنت على دعوات أمها واضافت وهي تنهض: حاولي تنامي تاني، وان شاء الله خير.

نفت نجية برأسها ونهضت من فراشها وهي تهتف: يارب يا بنتي بس أنا مش هيجيلي نوم حروح أتوضأ وهصلي ركتين لله وهدعيله ربنا يرجعه ليا بالسلامة ويحفظه لتربت على كتف حلا وتستأنف بعاطفة أمومية جياشة: وهدعيلك انتِ كمان ربنا يبعد عنك ولاد الحرام ويصلح حالك.

زفرت حلا بضيق بعد دعوة أمها فهى تعلم أنها تخص بها شخص بعينه ولكن لم تجادل فليس لديها طاقة لذلك الأن، فيكفي أن بعد مشادته الأخيرة مع والدتها لا تستطيع أن تتوصل معه فهو يتجاهل أتصالتها كعادته، لتتركها وتتوجه إلى غرفتها وهي تنوي أن في الصباح الباكر ستلحق به قبل سفره إلى عمله فقد انتهت اجازته التي اخبرها عنها، تاركة نجية تتضرع إلى الله بقلب أم متألم أضناه فراق ولدها.

آما عنه رجفة قوية أحتلت جسده بعدما استرد وعيه وأدرك أن رجال وليد تمكنوا من أخذهم بعدما طاف محيط المكان بعينه، ليرفع أنامله الغليظة يتحسس ذلك الجرح العميق برأسه ويمسح وجهه بكم قميصه الملطخ بدمائه كي يزيل تلك القطرات المتساقطة التي تعوق رؤيته ويلعن بصوت جهوري وهو يتحامل على نفسه كي ينهض وما أن استعاد كافة تركيزه توجه إلى سيارته ليبحث عنهم، ولكن وليد ليس بهذا الغباء فقد أمر رجاله بأفرغ دواليب السيارة قبل رحيله.

ليصر يعقوب على أسنانه بقوة عندما تدارك الأمر والتقط هاتفه من تابلوه سيارته ليهاتف عمه ويخبره بكل ماحدث لعله يستطيع أن يفعل شيء يجدي نفعًا من أجل أبنته.

في صباح يوم جديد مليء بخيبات الأمل
استيقظت هي بنشاط كعادتها وهي تنوي أن تعاتبه على عجرفته مع والدتها وتتأكد هل حقًا تقصد ذلك الحديث أم أنه تفوه به فقط أثناء عصبيته ولم يتقصده، تحضرت كعادتها البسيطة بملابسها وجحابها الذي يزين وجهها وتوجهت بخطوات سريعة إلى وجهتها مستغلة أن والدتها مازالت تغط في سبات عميق تعويضًا
لاستيقظها طوال الليل تتضرع إلى الله.

كان هو في تلك الأثناء منهمك بتلك السيارة المعطوبة يصلح بها بمساعدة ماندو مساعده الذي كان يناوله قطع العدة واحدة تلو الآخرى بخفة ومهارة جعلت إسماعيل يمتن له كان كل شيء يمر برتابة دون شيء يذكر إلى أن تعالت دقات قلبه تنبأه بقربها وتسللت رائحتها المميزة إلى أعماقه، زفر الهواء المحمل برائحتها بقوة من رئته وكأنه يطرده عن محيط تنفسه و أغمض عينه الخائنة التي تود أن تسترق اليها بعض النظرات الخاطفة كعادتها حتى أنه أبتسم بسخرية مريرة على ما ولت إليه حالته فهو يجاهد بكبح كافة أعضاء جسده عن حبها فلا يقتصر الأمر على قلبه فقط لا كل أنش بجسده يعلن عصيانه عليه من أجلها ولكنه سيظل يجاهد ذاته كي لايبدو مثير للشفقة أمامها، نفض أفكاره سريعًا وأفرج عن بندقيتاه وهو يحاول الهاء نفسه بما يفعله.

لكن عندما أتاه نبرة صوتها الناعمة من خلفه وهي تلقي تحية الصباح، حينها شعر أنه لم يمتلك الحظ الوافر لذلك الجهاد حتى أنه التفت بحركة سريعة تنبأ بلهفته وقال بنبرة حاول أن تكون ثابتة رغم رجفة قلبه فتلك أول مرة تأتي إلى ورشته: صباح الخير
لتفرك حلا يدها وتطلب وهي تطرق عيناها بلأرض: ممكن تسمح ل ماندو يجي معايا مش هأخره عشر دقايق بس
أبتلع غصة بحلقه وقال: أنتِ تأمري يا اخت الغالي.

ليقول ل ماندو بود وهو يربت على كتفه: معلش يا ماندو روُح معاها ومتسبهاش خالص غير لما تقولك
أومأ ماندو بود مماثل وقال بترحاب: حاضر يا معلمي
ليعقب إسماعيل وكأنه يريد أن يسترد جزء من كبريائه المهدور و يثبت لها أن لقب مهنته لا يعيبه ولا يخجل منه: مش قولت بلاش معلمي دي قولي يا أسطى
هز ماندو رأسه بتفهم وقال بخفة وهو يتوجه لخارج الورشة: حاضر يا أسطى الأسطوات كلهم.

بينما هي تناوبت بينهم النظرات وتسلل بداخلها شعور غريب بالحرج بعدما تفهمت إلى ماذا يرمي بحديثه ولكن برغم ذلك وبعد كل ما بَدر منها بحقه إلا أنه لم يتعدى حدود الأدب واللياقة قط لتنفض أفكارها سريعًا فهو لا يشغلها على اي حال وترفع نظراتها اليه وتهز رأسها بأمتنان وتتوجه هي و ماندو إلى منزل
علاء وعند وصولهم أمام البناية طلبت من ماندو بلطف
أن يصعد إلى شقته ويخبره أنها تنتظره بلأسفل.

لينصاع اليها وبعد عدة دقائق نزل وبرفقته علاء الذي رمقها ساخرًا وقال بخبث ما أن وقف بمواجهتها: خير يابت أمك عايزة أيه؟
فركت يدها وقالت بعتاب: أيوة أنا بنت أمي ومقدرش أكسرلها كلمة، ولازم تعمل حاجة تثبتلها أنك شاريني بعد ما زوتها معاها وعليت صوتك عليها، وتخليها تغير رأيها أنها تطلقني منك.

ليصدر من فمه صوت أنة متهكمة ويقول بخبث: زوتها، أنتو لسة شفته حاجة أنتِ وامك مني دة أنا هخلي اللي مايشتري يجي يتفرج عليكم
واعملي حسابك أنا مش هعمل حاجة و أنتِ من الساعة دي متلزمنيش ومش هطلقك وهخليكي كدة زي البيت الوقف ووريني بقى المحروسة أمك هتعمل أيه؟

زاغت نظرات حلا وهي تطالع محيطهم بحرج فقد كان صوته عالي بعض الشيء ولفت نظر أحد المارة من بينهم ماندو الذي كان يقف على مقربة منهم وينفذ أوامر رب عمله بعدم تركها، لتحاول هي أن تبرر الأمر بسذاجتها المعهودة متغاضية عن عجرفته وأهاناته المتتالية: أنت بتقول كدة علشان متعصب واكيد مش في وعيك ومش هتعمل كدة فيا، صح.

نفى برأسه وقال بعيون تلمع بالخبث وبنبرة متوعدة: لأ يا حيلتها أنا راجل وراجل قوي وأنا هوري أمك إزاي تقل مني وتقولي إني مش راجل وقد كلمتي أنا بس مبيتلويش دراعي
لتغيم عيناها بعبراتها وتقول ببهوت: يعني أيه؟ والشقة اللي أنت وعدتني تجبها وفلوسي وشقايا اللي بتاخده مني على أمل بتدفعهم في الجمعية.

ليرد هو بتبجح: ملكيش عندي حاجة وشقة مش هجيب ولو أنتِ بقى عايزة تعيشي يبقى تيجي وأدخل عليكِ في بيت امي وتقعدي تحت رجليها تخدميها غير كدة معنديش ولو عاجبك
لطمت حلا وجهها وقالت بإنفعال أخيرًا بعدما صدمها حديثه وجعلها تشعر أن دلو مياه باردة أنسكب على رأسها للتو: يا لهوي، أنت بتقول أيه ده أنا أروح فيك في داهية.

ليحتل الغضب معالم وجهه المقيت ويقبض على ذراعها بقوة ألمتها ويهدر: متعليش صوتك أحسنلك مش علاء اللي وحدة زيك تعلي صوتها عليه يابت نجية
في تلك الأثناء كان ماندو يقف يتابع كل ما يدور من بعيد ولكن عندما لاحظ أن ذلك المقيت يحاول أن يتعرض لها أندفع بقوة إليه وقال وهو يسحبه من ملابسه: عيب كدة يا عم علاء.

نظر علاء لموقع مسكته و بكل عنفوانه نفضها وركل ماندو بساقه ركلة قوية سقط الآخر على أثارها يتلوى من الألم وما أقترب منه ينوي ركله من جديد منعته حلا وهي تجذبه من ملابسه بقوة وتصيح: سيبه يا واطي دة مش قدك
لتتوحش نظرات علاء بغيظ وهو يرى الناس بدئت تتجمهر من حولهم ويتهامسون، ليلتفت لها و يدفعها بقوة كادت تفقدها توازنها ولكنها أعتدلت صرخت به: أنت أكيد اتجننت هي حصلت تمد ايدك عليا يظهر إن أمي عندها حق.

جحظت عينه في غيظ من حديثها ثم دون أي مقدمات كان يرفع يده عاليًا ينوي صفعها على تماديها معه لتنكمش هي وتغمض عيناها بذعر وتتوقع أن يلطم وجهها لكن لم يحدث شيء وعندما فتحت عيناها البُنية المنكسرة وجدت قبضة يده المرفوعة معلقة في الهواء أثر قبضة إسماعيل القوية التي أعتصرت كفه وكادت تهشم عظامه، ليصرخ علاء بقوة عندما لوى إسماعيل ذراعه خلف ظهره وهو مازال يعتصر قبضته وقال بنبرة صارمة لا تقبل الحياد: محدش قالك قبل كدة أن عيب تمد أيدك على الحريم.

رد علاء بتبجح رغم ملامحه المتألمة: أنت مالك، دي مراتي وليا حق أكسر رقبتها
ليعقب إسماعيل وهو يشدد على ذراعه أكثر حد الكسر: اتقي الله دي بنت ناس وأنت عندك ولآيا زيها، و حتى لو مراتك دة ميدكش الحق تمد ايدك عليها.

ليهدر علاء من بين أسنانه بأستفزاز رغم أنه لايكاد يحتمل الألم بعد ولكنه تحامل حتى لا يجعله يشعر بلذة الأنتصار عليه: خليكِ في حالك متدخلش في اللي ملكش فيه يا مكانيكي ياعرة وبعدين هي أشتكتلك ولا عينتك محامي عنها، إذا كان هي مفتحتش بؤها وراضية.

رفع إسماعيل نظراته المتوسلة لها وهو يتمنى أن لا تنحاذ إلى ذلك المقيت وتؤيد حديثه وإن طال صمتها كاد أن يعنفه أكثر لولآ أن تدخلوا بعض الجيران اللذين لم يكتفوا بالمشاهدة والأحاديث الجانبية مثل غيرهم ونزعوا بالقوة علاء من قبضة إسماعيل وهم يحاولوا أن يهدؤ النفوس بينهم لكن إسماعيل أبى تركه فكيف يجرء ذلك المقيت أن يعنف صغيرته الذي يقسم لو كان محله لكان خشي عليها من نسمات الهواء التي تنعم بقربها عنه لتقطع هي أفكاره بنبرة راجية مخيبة للأمال وهي تشعر بالضيق من تجمهر المارة وهمهماتهم الجانبية التي أنتشرت بلأجواء وتناهت إلى مسامعها: كفاااااية فضايح، عجبكم كدة.

القت بجملتها بنبرة باكية قبل أن تركض إلى منزلها بينما نظر إسماعيل لأثارها بخيبة أمل آما عن ذلك المقيت ظل يدلك ذراعه ويرشق إسماعيل بغل ويتوعد له، ليخطو إسماعيل نحو ماندو الذي هرول اليه ليخبره وهو يعرج بقدمه أثر ركلة ذلك المقيت ليسنده ويقول بعدها بوعيد وبنبرة صارمة لا تقبل الحياد: أنا سبتك المرة دي علشان خاطر الرجالة اللي حامولك بس وعزة جلالة الله المرة الجاية اللي هتوقع تحت أيدي مش هخلي حتة فيك سليمة.

والواد اللي أنت ضربته دة مش هسيب حقه وهتشوف
ليغادر تارك ذلك المقيت يتوعد له بالكثير و يتأوه أخيرًا من شدة الألم فيبدو أن عظام ذراعه قد تأذت.

عودة آخرى إلى قلب أوروبا الرحيم كما يطلقون عليه الذي لم يكن رحيم أبدًا مع يوسف فقد كانت رؤية مشوشة تحتل عينه ورائحة ليست غريبة عليه تتسلل إلى أنفه مهلًا أنها رائحة البحر، التي تذكره دائمًا برائحة الموت الذي كان يحاوطه أثناء هجرته لا يعلم لم شعر نفس الشعور الأن ولكن رغم إنهاك جسده حاول جاهدًا أن يفتح جفونه المتثاقلة واسترداد وعيه، فمنذ أن أمرهم ذلك اللعين بأحضاره معهم وهو لايتذكر شيء غير أن أحد الرجال نثر رذاذ مخدر على وجهه أثناء محاولاته المستميتة بالفكاك منهم وبعدها لم يشعر بشيء سوى أنه ملقي مكبل اليدين على سطح هائم بارد أزداد برودة نخرت عظامه عندما رشقه أحدهم بدلو ممتلأ بالماء البارد فوق رأسه.

ليشهق هو بقوة وينتفض بعدما استعاد وعيه بالكامل ويبدء أن يطوف بعينه محيطه ببهوت وبأنفاس متلاحقة، ليدرك اخيرًا أنه على سطح يخت كبير وبعرض البحر، آما عن وليد فقد كان يشاهد هيأته ببسمة متشفية وهو يجلس على احد المقاعد بكل عنجهية و يضع ساق على آخر وبيده أنينة من المشروب يتجرع منها بشره
ليصيح يوسف بأنفعال وهو يحاول حل وثاق يده: هي فين عملت فيها أيه يا جبان؟

لو راجل فُكني وأنا أعرفك قيمتك واخد حق صحبي اللي قتلته بدم بارد
قهقه وليد بقوة وكأن يوسف القى عليه أحد الدعابات وقال ساخرًا: مش بقولك قلبك جامد، ليرفع أنينة الشراب على فمه و يتجرع منها دفعة واحدة ثم يقذفها بقوة بعدما أنتهى منها وقال بفحيح وهو يقترب أمام وجهه ويقبض على حاشية ملابسه: بس معزور متعرفش أنا هعمل فيك أيه؟

وعلى فكرة ليك حق تزعل على صاحبك أصله طلع عيني ومرضاش يريحني وكان مُخلص ليك أوي ومرضاش يجيب سيرتك، ليستأنف بتهكم وبنبرة مستخفة:
بس لازم زي ما عذرتك لازم تعذرني أنا كمان، أصلي خلقي ضيق ومستحملتش وعلشان كدة رصاصة واحدة من مسدسي كانت كفيلة بموته.

زئر يوسف بغضب عارم وجحظت عينه من شدة غضبه المكبوت حتى أنه شعر أن برأسه بركان ثائر على وشك أطلاق حممه الملتهبة، و دون أي مقدمات كان يستغل قربه منه وباغته بضربة رأس قوية تلاها ركلة أقوى من قدم يوسف أستقرت بمعدة الآخر وجعلته يرتد على أثارها ليهجموا أربعة من رجال وليد ويحجموا حركت
يوسف بصعوبة بالغة ويثبتوه من ذراعيه فقد بلغ الغضب منه أقصى مراحله وأراد لو أن يثأر من ذالك المقيت مهما كلفه الأمر.

ليلعن وليد تحت أنفاسه وهو يتمسك بمعدته ويهدر بوعيد: وحياة أمك لأموتك بس قصاد عينها
ليأشر لرجاله أن يحضروها من تلك الغرفة التي بالدور السفلي من اليخت والتي قام بأحتجازها بها من الأمس.

ليصيح يوسف بإنفعال وبعيون تقدح بالغضب وهو يحاول التملص من بين يدي الرجال: أنت جبان وبتتحامى في رجالتك، لو راجل فُكني وخليهم يسيبوني أتكلم معاك راجل لراجل بعيد عن نفوذك، وبعدين أنت مين علشان تذل فينا كدة وتموت اللي على كيفك
ليبرر وليد بغرور وبنبرة شيطانية وكأنها نابعة من أعماق الجحيم وهو يراها تقترب برفقة رجاله بحالة يرثي لها: أعتبرني عزرائيل اللي جي ياخد روحك معاه.

بينما هي شهقت ونفضت ذراعيها بقوة من قبضة رجاله الذين سمحوا لها بأشارة ماكرة من وليد و ركضت و وقفت إمام يوسف تحيل بينه وبين وليد وتهتف بترجي بنبرة ممزقة من شدة الصراخ: ملكش دعوة بيه سيبه يا وليد هو ملوش ذنب
حانت من وليد بسمة هازئة على دفاعها المستميت وهو يقترب منها ويقبض على فكها بقوة ألمتها ويهتف من بين أسنانه في غيظ: ليكِ عين بعد ما هربتي مني تقفي قصادي وتدافعي عنه.

ليصرخ يوسف وهو مازال يحاول الإنفلات من قبضة رجاله بعصبية مفرطة: شيل أيدك من عليها وسيبها ياحيوان وكلمني أنا
قهقه وليد بقوة وكأن يوسف ألقى عليه أحد الدعابات و جذب لين التي كانت ترتجف من الخوف من خسرها إليه وأضاف بسخرية وهو يتلمس بأنفه عنقها: يرضيكِ كدة، أنا حيوان
فرت دمعاتها دون هوادة وكادت تموت من شدة ذعرها حتى أنها هزت رأسها بلا وهو على وشك تحطيم فكها من شدة ضغطه عليه.

ليصرخ يوسف بقوة وهو يشعر بنيران مستعرة تنشب بداخله من قرب ذلك اللعين منها: متلمسهاش، ياجبان وتستغل خوفها منك، أبعد عنها
لتتسع أبتسامته الشيطانية ودون أي مقدمات نفضها عنه وبتهور كعادته كان يشهر سلاحه بوجه يوسف و يهدر بغل: تاني بتغلط، أنت مسبتليش خيار تاني غير لازم أفهمك غلطك.

ليرفع يوسف جانب فمه ساخرًا ويقول بشجاعة وبقلب من حديد: سيبك من تهديداتك دي مش هتخوفني، وياريت تبقى راجل ولو لمرة واحدة في حياتك
ليجز وليد نواجزه في غيظ بعدما استفزه حديثه ويصوب فوهة سلاحه على يوسف الذي كان يرمقه بتحدي سافر ولن تهتز به قيد إنملة.

آما هي فقد تعالت شهقاتها وظلت تتناوب النظرات بينهم بضياع تام، تعلم أن يوسف مازال غاضب منها ولكنه لن يتهاون بحمايتها من وليد وتركها له والأن هي لم تتوقع أن يتفاقم الأمر بينهم لذلك الحد وطالما أعتقدت أن يعقوب سيحميها من بطش وليد ولكن مع خسارته لا تستطيع خسارة يوسف أيضًا ولا تستطيع أن تكون سبب هلاكه فهى على يقين تام أن وليد هو صاحب السُلطه الأكبر الأن ويقدر على إيذائه بكل سهولة دون أن ترف له عين، لتفكر بحل سريع ومتهور ينقذ الموقف وينتشل يوسف من كل ذلك فهى لاتحتمل أن يصيبه مكروه على أي حال.

في تلك الأثناء كان يوسف لم يكف عن محاولاته المستميتة بالتملص من الرجال ومازالت نظرات التحدي قائمة أمام سلاح وليد
لتصرخ في هستيرية وهي تتعلق بذراع وليد رغبة منها أن يخفض سلاحه: هرجع معاك وهعمل اللي انت عايزه بس سيبه هو ملهوش ذنب.

كانت أثر كلماتها كالصاعقة على يوسف حتى أنه تاهت نظراته وتشوشت واحتل الألم معالم وجهه حينما أخذت هي تتمعن به وكأنها تريد حفر ملامحه تلك بداخلها لآخر مرة وتقول وهي تدعي الثبات تحت نظراته المشدوهة: خسارة تمن الرصاصة اللي هتطلع من مسدسك علشانه
ليبتسم وليد بخبث حينما
تبدلت نظراتها بآخرى راجية وهي تتأبط ذراعه ومازالت تحاول أن تخفضه: سيبه يمشي هو معملش حاجة يا وليد حسابك معايا أنا ومتهيألي مش هنتحاسب هنا.

انتِ بتقولي أيه؟ واللي بينا مستحيل كونتِ بتخدعيني كل ده، لو بتقولي كدة علشان خايفة عليا أنا مش خايف ولو لأخر يوم في عمري هقف قصاده متخافيش منه دة جبان و بيتحاما في رجالته
هدر بها يوسف بصوت جهوري منفعل وبطريقة جنونية
ليرفع وليد حاجبيه بغيظ من تكرار جملة يوسف وتصميمه وأقسم بينه وبين نفسه أن يثبت له العكس ليقول بشر وهو يوجه فوهة سلاحه على مرمى يوسف: أنا جبان طب تحب أثبتلك العكس وأخَلص عليك دلوقتي.

هزت رأسها هي بنفي قاطع وتعلقت بذراع وليد أكثر فأكثر تحاول أن تمتص غضبه وتجعله يعدل عن قراره ببسمة حيادية بالكاد أغتصبتها على ثغرها وقولها بتقطع تحت نظراته التي توحشت أكثر بالشر: صدقني، مفيش حاجة بيني وبينه يا وليد أنا مستحيل أفكر حتى في واحد زيه ده آفة و ولا حاجة بالنسبة ليا
أنا بس كنت بحاول ابقى لطيفة معاه علشان يساعدني أسافر ل يعقوب علشان يقنعك نأجل جوازنا شوية، لكن هو خياله واسع.

وأتهيأله إني ممكن أحب واحد حقير زيه
هز يوسف رأسه بجنون يحاول أن يستوعب ما تفوهت به لتوها وهو يشعر أنه سيفقد صوابه لا محالة فقد كانت دائمًا هي طريق ال لين لقلبه الذي يهون وَحشة الغربة وتلك الأيام الكاحلة ولكن الأن يشعر بألم حاد بصدره وكأنها وبكل قسوة طعنته للتو بنصل حاد بصميم قلبه.

بينما هي ظلت نظراتها ثابتة وتتدعي الثبات رغم حطام قلبها الذي يقطر دمًا على خسارته وظلت تقنع ذاتها أنها تفعل الصواب من أجله ليحيا بسلام بعيدًا عن حياتها السوداوية التي دون قصد أقحمته بها
قطع حبل أفكارها قول وليد في لؤم وهو يأشر لرجاله بلأبتعاد عنه: وعلشان هو خياله واسع زي ما بتقولي يبقى لازم نفوقه
مالبثت أن تتفهم لمَ يرمي
بحديثه إلا وكان وليد يضغط على ذناد سلاحه كاتم الصوت بسرعة متهورة.

لتنطلق منه رصاصة غادرة أستقرت بجسد يوسف ليأن بألم ويتراجع عدة خطوات إلى الخلف على أثارها ويحتل الألم معالم وجهه ويرمقها لأخر مرة بنظرة عميقة مبهوتة محملة بالكثير من خيبة الأمال ودون أرادة أستند على السور المعدني الذي يحاوط حافة اليخت و دون أي مقاومة منه تهاوى جسده و فقد توازنه وسقط من على حافة اليخت مرتطم في قوة بمياه البحر التي أستقبلته بحفاوة وغمرته بداخلها وكأنها كانت تتوعد له مسبقًا وتلومه على نجاتة وأنفلاته من الموت بداخلها أثناء هجرته، حدث كل شيء في لمح البصر في أقل من ثانية واحدة، حتى أن كل الحاضرين أنتفضوا بتفاجئ ماعداها هي فقد شهقت شهقة طويلة حارقة متألمة وكأن روحها تغادر جسدها وأن تلك الرصاصة أخترقت جسدها هي بدل عنه لتهز رأسها بهستيرية وكأنها فقدت صوابها للتو وغمغمت بنبرة متقطة غير مستوعبة لكل ما حدث وهي تندفع نحو الحافة تريد اللحاق به: لألأاااااااااااااااااااااااا يوووووووووسف.

صرخت بأسمه صرخة مدوية وصلت لعنان السماء وكادت أن تقفز بالماء لتلحق به لولآ جذب رجاله لها بقوة ومنعها لتصرخ برعب وبنبرة ممزقة من بين عبراتها المنهمرة دون إنقطاع وهي تتلوى بين يدهم بقوة: يوسف، متمتش، متمتش يوسف، أنا أسفة، أسفة، يااااااااا يوسف حققك عليا أنا السبب، أنا السبب، متسبنيش علشان خاطري، أنا السبب، سامحني...
لأاااااااااااا، لأاااااااااا.

لترفع نظراتها بضياع إلى السماء وتصرخ بتنهيدة حارقة، جثت على صدرها و أطبقت على روحها المتألمة: اه ه ه ه ه ه ه ه ه ه ه ه ليه، ليه؟
لتنفضهم عنها وتتوجه نحو نحو وليد بأندفاع جنوني وتقبض على حاشية ملابسه وتهزه بكل ما أوتيت من قوة وهي تصرخ بنشيج قوي يبلل وجهها: عملت كده ليه؟ ليه، ليه، حرام عليك
حرام عليك، ملوش ذنب، والله ما ليه ذنب، أنا السبب، موتني معاه، مستني أيه موتني وريحني.

ليقبض وليد على خصلاتها بقوة ويخبرها بنبرة شيطانية متوعدة: مش هموتك علشان انتِ كدابة، وحاولتي تخدعيني وأنا محدش يعرف يضحك عليا، وعلشان كدة هعيشك في جحيمي وأخليكِ تتمني الموت بكل لحظة.

صحب قوله وهو ينفضها بقوة جعلتها تتعثر وتفقد توازنها مما جعل رأسها ترتطم بقوة بحافة الطاولة الحديدية وتسقط فاقدة للوعي بينما هو نظر لها بتشفي وبعيون تقدح بالشر ومد يده بجيب سترته و اخرج تلك الصور الفوتغرافية خاصتهم التي كانو يسجلو بها لحظاتهم السعيدة أثناء رحلتهم للجزيرة فقد عثر عليها بين أغراضها التي كانت بحوزتها بسيارة يعقوب ليقذفهم بقرف بوجهها، ويلعن تحت أنفاسه بعدها و ينحني بجزعه عليها ويحملها وهو ينظر أثر سقطتت يوسف بتشفي وبعيون لامعة من نشوة الأنتصار، وأمر رجاله بصرامة بعدها بتنظيف الفوضى والعودة به مرة آخري لليابسة فمازال أمامه العديد من المخططات يوجب عليه تنفيذها.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة