قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية تيراميسو للكاتبة ميرا كريم الفصل الثالث والعشرون

رواية تيراميسو للكاتبة ميرا كريم الفصل الثالث والعشرون

رواية تيراميسو للكاتبة ميرا كريم الفصل الثالث والعشرون

ليس هنالك شخص كامل، ليس هنالك ملاك على هذه الأرض، تذكّر دومًا أن الشخص الجيّد ليس من لا يملك مشاعر سلبية أو سيئة، وإنمّا هو الذي يستطيع التحكّم بمشاعره السيئة ويسيطر عليها فلا يؤذي غيره بها.
(أفلاطون).

تململت هي بتكاسل في فراشها وهي تضم تلك الدمية المحشوة خاصتها التي لا تفارقها منذ صغرها
وما ان أفرجت عن بُنياتها الآسرة أبتسمت بسمة هادئة وهي تسترجع ذلك الحديث الذي دار بين والدتها وجارتهم وظلت تلك الجُمل البسيطة تتردد صداها في أذنها حتى الآن
( بيقولوا إسماعيل عدمه العافية ومضاه على. وصولات أمانة واستحلفله لو قرب من بنتك تاني، وخلاه يلف حولين نفسه وسرق أمه علشان يديله الفلوس ).

لتتهجم ملامحها عندما تذكرت أيضًا أن أهل منطقتهم الذين يدعون عليها ويلفقون لها العديد من الأحاديث التي لا تمت بالحقيقة بِصلة.

لتزفر بضيق وهي تغض الطرف عن التفكير بلأمر وتنهض وهي تفرك خصلاتها بفوضوية وتتوجه للمرحاض كي تؤدي روتينها اليومي وتستعد للذهاب للعمل من جديد فقد أصرت عليها والدتها أن تعود لعملها وأخبرتها أنها تحسنت ولا تريدها أن تهمل عملها الذي بالكاد وافق صاحبه على أجازتها بلأيام المنصرمة وعند أنتهاءها وطمأنتها على والدتها التي نهرتها من جديد عندما ألحت أن تتراجع عن الذهاب للعمل وتظل معها لكن أمها لم تقتنع وأصرت عليها بحدة أنها بخيرولا داعي لبقاءها، لتغادر شقتهم وإن كادت تتدلى الدرج سقطت عيناها عليه يخرج لتوه من باب شقته لتهمهم بنبرة هادئة وهي تشعر بخزي من نفسها عندما تذكرت موقف مشابه جمعهم من قبل حين ردت تحيته الودودة بقلة ذوق واستخفاف: صباح الخير.

تحمحم هو بأدب كعادته وقال وهو يستغرب مبادرتها: صباح الفل يا أخت الغالي
لتقول في هدوء وهي تعبث بطرف حجاب رأسها كعادتها عندما تتوتر: أنا عرفت اللي عملته مع علاء
عقد حاجبيه وأبتلع غصة بحلقه بتخبط شديد لا يعلم ما الذي يتوجب عليه قوله.
لتستأنف بنبرة هادئة وهي مطرقة الرأس بخجل وتتحاشى النظر له: أنت جدع أوي يا إسماعيل، بجد شكرًا على كل حاجة.

أتسعت عيناه بتفاجئ و تحمحم كي يجلي صوته بسبب أضطرابه من إطرائها الغير متوقع: أنا معملتش غير الواجب...
وعلى فكرة الفلوس...
قاطعته دون تفكير: مش مهم المهم إنك خلصتني من الواطي وخليته يبعتلي ورقتي وميتعرضليش تاني.

رفع نظراته لها وهو يشعر أن قلبه يصرخ بين ضلوعه بعشقها ويقسم أنه إن ظلت على حالتها تلك معه أنه سيفقد صوابه لا محالة فهي قد تغيرت كثيرًا عن سابقًا، مبادرتها للسلام و نبرتها الهادئة حتى نظراتها له لم تعد متعالية مستخفة مثل الأول
لتهمس هي بخجل ما أن تشابكت نظراتهم: أنا لازم امشي هتأخر على الشغل
ليتسأل هو بإستغراب: شغل، وهتسيبي أم الغالي لوحدها.

لتجيبه ببسمة هادئة وبخفة لم تتعمدها وهي تضع يدها بخصرها: أم الغالي بتاعتك اللي قلقان عليها أوي كرشتني
و قالتلي أنها بقت كويسة وبعتت لطنط عدلات تسليها وتقعد معاها
لتستأنف وهي تضيق عيناها تتصنع التشفي: تصدق تستاهل دي طنط عدلات هتورملها دماغها.

ليقهقه هو بكامل صوته الرجولي على طرفتها فهي محقة فتلك السيدة تجعلك تريد الصراخ تطالب بالرحمة لقواك السمعية، أبتسمت هي الآخرى ولكن دون ارادة عندما دغدغ مسامعها صوت ضحكاته الرجولية البحتة و.

شعرت بشعور غريب لم يراودها من قبل ثم رفعت نظراتها إليه ببطء إلى أن هدئت ملامحها وتشابكت نظراتهم مما جعله يهدء ضحكاته تدريجيًا بعيون تفيض بمكنونتها وضربات قلبه تتقاذف و تطرق بين ضلوعه آما هي فلأول مرة تتمعن بملامحه ويلفت نظرها لون عيناه البندقية الدافئة، ليبتلع ريقه ببطء مميت وهو يشعر أن نظراتها تلك مختلفة وتخبئ له شيء هو ذاته يجهله أهو أمتنان آم شيء آخر بعيد كل البعد عن توقعاته ليتناوب نظراته لبُنيتها بتخبط شديد و لوهلة شعر أن كافة الأصوات قد أندثرت وأن العالم أنقرض من كافة مخلوقاته ولم يتبقى سواهم على وجه الأرض ولكنه أدرك أنها مجرد تخيلات لا أكثر عندما تفاجئ بصوت مألوف يأتي من أسفل الدرج.

يووووه أيه اللي موقفكم كدة؟
قطع نظراتهم صوت عدلات الذي أجفلهم وجعل حلا تتلعثم وهي تفرك بطرف حجابها: أزيك يا طنط دة إسماعيل كان بيسأل على صحة ماما لتوجه نظراتها إليه تحثه بعينها أنا يأكد على حديثها
ليكتفي هو بهزه لرأسه وتستأنف هي ببسمة مرحبة: أتفضلي على فوق دي ماما مستنياكي من بدري بالله عليكِ يا طنط براحة عليها...

لتحمحم وتصلح حديثها ما أن شهقت عدلات و جعلته يكبت ضحكاته بصعوبة بالغة على مقصدها: قصدي خدي بالك منها
لوت عدلات فمها ورفعت حاجبها الأيسر وهي تتناوب نظراتها بينهم وقالت بتهكم تقصدته:
ماشي يا حلا ويلا يا ختي بلاش وقفة السلالم دي متصحش روحي على شغلك
لتوجه نظراتها ل إسماعيل وتستأنف بمغزى: وأنت يا اسطى إسماعيل هتتأخر على ورشتك وأكل عيشك.

تحمحم إسماعيل بحرج وهو يتفهم إلى ماذا ترمي بحديثها المبطن وإستأذن بأدب لتغادر حلا هي الآخرى و تودع عدلات ببسمة حانقة بالكاد أغتصبتها فهي أيضًا تفهمت مقصدها
لتنظر عدلات لأثرهم وتقول وهي تضيق عيناها وتسند ذقنها بأبهامها وسبابتها بتفكير:
الموضوع دة ميتسكتش عليه
لتستأنف بفخر وبكل ثقة وهي تصعد الدرج وتتوجه لشقة نجية: آُمال دة يبقى عيب عليا لما أكون خاطبة قد الدنيا وتستعصي عليا موضوع زي دة.

آما في إيطاليا وخصةً داخل تلك الشركة التي يتخذوها ستار لأعمالهم المشبوهة كان يجلس بكل غطرسة على مقعده منهك في مراجعة عدة أوراق أمامه
ليتناهي إلى مسامعه صوت جلبة تأتي من الخارج ليعقد حاجبيه ويرفع سماعة الهاتف ليحاكي سكرتيرته وما أن أجابته وقالت له السبب تجهمت ملامحه وقدحت عينه بالشر وقال لها بإقتضاب: دعيها تدخل.

استغرق الأمر ثواني معدودة ودخلت هي بكامل أناقتها وبطلتها المعهودة التي تسرق الأنفاس بثوبها الأسود الذي يلتزق بها كجلد ثاني لها وبخصلاتها الحمراء النارية التي تتمايل بنعومة مع كل خطوة تطرق بها بكعب حذائها الرفيع وتتوجه بها له.

عقد حاجبيه واستند بظهره على مقعده وهو يستغرب قدومها له فهو ظن أن بعد ما فعله بها قد خسرها للأبد ولكن خالفت كل ظنونه وتخطت الأمر وأتت له بكامل أرادتها و بحلتها المبهرة السابقة كما عاهدها
لتبتسم هي بمكر عندما وجدت عينه تنهش بمفاتن جسدها وقالت ما أن وقفت مواجته ومالت بجزعها عليه تقبله من وجنته قبلة تعمدت أن تطيلها أكثر فأكثر كي تلهبه وتستطيع أن تؤثر عليه: وحشتني يا بيبي.

رغم تأثره بها نهض بقوة وقبض على ذراعها وتسائل بغيظ وعينه تقدح بالشرار: طلعتي زي القطط بسبع أرواح، جية ليه أنطقي؟
حانت منها بسمة مغوية وهي تقسم بينها وبين نفسها أنها ستستغل كل أسلحة أنوثتها لتؤثر عليه من جديد:
وحشتني يا بيبي وبعدين أنا خلاص خلصت من الحمل زي ما أنت عايز، والبيبي نزل.

لترفع أناملها وتعبث بأظافرها المطلية بحمرة قانية بوجنته وتقول بغنج تعمدته: مش هلومك على اللي عملته واللي قولته وقتها علشان عارفة أنك كنت متعصب وبعدين دة حقك أنا عارفة أنك بتحبني وبتغير عليا مش كدة يا وليد
زمجر بقوة و دفعها عنه بقسوة كادت تسقطها على الأرض لولآ ذلك المقعد خلفها التي أرتمت عليه لينحني بجذعه عليها ويحتجزها بيده المسنودة على مقعدها ويهسهس بنبرة جحيمية وبشك عظيم:.

ماهي أنا مش غبي علشان أصدق أنك اتغاضيتي عن اللي حصل بسهولة كدة أنطقي وقولي عايزة أيه بالظبط!

أعتلى ثغرها بسمة مغرية وكوبت وجنته بيدها وهمست بطريقة خطيرة للغاية وبذكاء أنثوي أمام فمه بشفاهها المطلية بلونه المفضل الذي لايحيد بنظره عنه الآن: أتغاضيت صدقني، أنا بحبك ومليش غيرك أنت كل حاجة ليا يا وليد أنا وأنت ملناش غير بعض صدقني وبعدين دي مش أول مرة تضربني أنا خلاص بقيت بعشق قسوتك وكل حتة في جسمي تشهد على دة وإذا كان على البيبي أنا كدة أو كدة كنت هنزله وعمري ما كنت هخليه غصب عنك.

كانت تتحدث ومع كل جُملة من شفاهها تلحقها بقبلة مثيرة على عنقه تارة وعلى جانب فمه تارة آخرى لتحتد نظراته الجائعة بعدما استطاعت بطريقتها الفعالة أن تؤثر عليه فهو كأي رجل لا يستطيع كبح زمام نفسه أمام حيل المرأة وأسلحتها الأنثاوية ليبتلع ريقه ببطء مميت ويبتعد يواليها ظهره وهو بالكاد يكبح رغبته المقززة عنها وثورة جسده الذي يأن الآن يطالب بها لتستغل هي الأمر بمكر تعلمته منه وتتقدم تحتضن ظهره وتمد أناملها الرفيعة تعبث بفتحة قميصه.

وتهمس مرة آخرى كي تفقده صوابه: محتجاك أوي يا وليد
لوهلة واحدة وبطرفة عين لم تشعر بذاتها إلا وهو يزمجر و يلتفت لها ويرفعها عن الأرض يسندها على مكتبه الذي أزاح بيده كافة محتوياته على الأرض ومال بجسده القوي عليها يقيد حركتها وأخذ يقبلها بكل قسوة وهمجية وهو يكاد يزهق روحها مما جعلها تتلوى بين يديه وتخبره بصعوبة بالغة وهي تدفعه من منكبيه برفق: مش هنا يا وليد مش هعرف.

رفع نظراته الجائعة إليها وصرخ بأنفاس ثائرة وبنفاذ صبر: ليه؟
أجابته وهي تسلط نظراتها بوله مصتنع داخل رامديتاه و بانفاس متهدجة تحاول تنظيمها و هي تعبث بخصلاته القصيرة بحركات حثية تعمدتها: عايزة أبقى براحتي معاك يا بيبي، علشان خاطري هستناك بليل في شقتي
لتقبله بوجنته وتستأنف: وأوعدك هبسطتك أوي وهخليك تعمل كل اللي نفسك فيه ومتقلقش أنا روحت للدكتور و عاملة حساب كل حاجة.

أبتلع ريقه ببطء وهو ينظر لشفاهها التي أدماها لتوه وأعتلى ثغره بسمة مريبة للغاية وقال وهو ينهض عنها يعدل هيأته: ماشي يلا قومي غوري من وشي أحسن أنا ماسك نفسي بالعافية
لتنهض وتتناول حقيبتها وتضع قبلة على وجنته وتخطوا للخارج بخطى واسعة تحت نظراته التي كان يسلطها بوقاحة شديدة على أسفل ظهرها،.

وما أن وصلت لسيارتها التي تصفها بزاوية منعزلة أمام الشركة وقبل صعودها إليها أنحت بجزعها بجانبها وظلت تتقيء كل ما بمعدتها بتقزز شديد وبإشمئزاز من قبلاته الوحشية فهي تحاملت على ذاتها وبذلت كل ما بوسعها لتبدو طبيعية أمامه.

وعند انتهاءها صعدت لسيارتها وأغلقت بابها بقوة و سندت رأسها على عجلة القيادة واجهشت ببكاء مرير لعدة دقائق بأنهيار تام لترفع رأسها و تضرب عجلة القيادة عدة مرات بيدها، و حين رأت إنعكاسها المزري بالمرآة زاد نحيبها وظلت تسحب من علبة المحارم الورقية الموضوعة أعلى تبلوه السيارة بفوضوية وتمسح فمها بهستيرية حتى جرحت شفاهها المدمية بفعل قبلاته، و هي تشعر بخزي من نفسها وعلى ما أقدمت على فعله من جديد مع ذلك الشيطان اللعين لتصبر ذاتها وهي تشعل مقود سيارتها وتكفف دمعاتها فتلك الطريقة الوحيدة لكي تستطيع أن تثأر منه على كل ما فعله بها لتنطلق بسيارتها وتتوجه إلى المنزل كي تتحضر لزيارة اللعين.

عودة آخرى للقاهرة
فبعد عدة دقائق من مغادرة عدلات من عندها وتخطيطهم للأمر تعالى رنين الهاتف الأرضي لتتوجه إليه وترفع سماعته ليأتي لها صوته يجعل قلبها يتسارع لهفة له: وحشتيني يا نجية
قالها يوسف بأشتياق عارم وبقلب قد أنفطر من كثرة البعاد
لتبتسم نجية في سعادة متناهية وترد بتلهف شديد ودمعاتها تسبقها: قلب أمك ياابني، وحشتني يا يوسف وحشتني يا حبيبي وحشتني يا حتة من قلب نجية.

كدة يا يوسف أمك تهون عليك متكلمهاش كل دة ولا تسمعها صوتك وتطمنها عليك
ليرد يوسف من الطرف الآخر: سامحيني يا أم يوسف والله غصب عني وبعدين أن كلمتكم كتير مكنتوش بتردو
الأيام اللي فاتت وقلقتوني عليكم.

أجابته نجية كي تطمأنه وهي تتعمد أن تخفي عليه خبر مرضها كي لا تزيدها عليه بغُربته: ابدًا تلاقي التليفون الأرضي بيخرف أو كان عطلان زي عوايده، أحنا زي الفل ومش ناقصنا غيرك يا حبيبي ربنا يُجبر بخاطرك ويرجعك لينا سالم يارب
ليرد يوسف وهو يأمن على دعوتها فهو حقًا إشتاق لهم كثيرًا: يارب يا أمي طمنيني على حلا
تنهدت نجية بضيق وأخبرته: أختك اتطلقت بس الحمد لله أنها خلصت منه والبركة في إسماعيل ربنا يُجبره.

أبتسم يوسف بإمتنان وهو يقرب سماعة الهاتف على أذنه أكثر وقال: إسماعيل راجل يا أمي والحمد لله أنها خلصت من علاء دة مكنتش بقبله بس كنت بعصر على نفسي لمونة واتقبله علشانها
لتجيبه نجية بود تصدق على حديثه: وحياتك ولا أنا بس هي اللي موكوسة وكانت مصممة عليه...

تحدثوا للكثير من الوقت وأعطته رقم هاتف إسماعيل النقال لكي يشكره بنفسه فقد أخبرته بالعديد والعديد وهي في قمة سعادتها أنها أطمأنت عليه وأفصحت له عن نواياها حتى أنه رحب بلأمر وأخبرها أنه ليس لديه أي أعتراض وبعد الكثير من الوقت أغلقت معه الهاتف وهي تدعوا له بقلب أم أضناه فراق ولدها أن يرده لها سالمً.

بينما على الصعيد الآخر في إيطاليا وخصةً داخل قصر شكري الأنصاري
خرجت هي من غرفتها عازمة أمرها ان تذهب لأخيها في المشفى كي تطمأن عليه بعدما أخبرها الطبيب عبر الهاتف أن عز يستطيع المغادرة بعد يومين فقد تعدت السبع أيام على خير وحالته الآن مستقرة لحد كبير
ولكن لابد أن يلتزم بتعليمات الطبيب كي يتخطى فترة النقاهة اللازمة ويستعد جسده عافيته كاملة.

كان في تلك الأثناء شكري يجلس بردهة المنزل وما أن رأها هتف قائلًا: رايحة فين يا لين ؟
أبتسمت هي ساخرة من أهتمامه الزائف وأجابته بتبرم: هروح ل عز أصل الدكتور طمني وقالي أنه يقدر يخرج
أومأ لها شكري وأردف بجدية: وليد رجع من السفر وبيلح علشان يتمم جوازه منك
تنهدت بنفاذ صبر وأجابته بنبرة غامضة تخفي خلفها الكثير: مش هفكر في أي حاجة غير لما أطمن على عز ويخرج من المستشفى.

هز رأسه بتفهم لتستأنف هي بجدية: على فكرة عيد ميلاد عز كمان يومين أعمل حسابك هعمله حفلة كبيرة وهعزم فيها كل أصحابه وعلشان كمان نحتفل برجوعه وسطينا ولا أنت ليك رأي تاني
نفى برأسه وقال بخبث: لو أن خسارة فيه بس مفيش مشكلة وأهي فرصة كويسة ننوه عن جوازك أنتِ و وليد.

أومأت برأسها وهي ترشقه بنظرة قوية ثابتة دليل على موافقتها ليبتسم هو بإتساع ويربت على كتفها لتنظر هي على موقع يده وتبتسم بمكر أكتسبته من قسوة ما مرت به وتتركه وتغادر لكي تذهب ل عز
بينما هو كاد يطير من فرحته ليتناول هاتفه
ويبدء في التحضير لذلك الحفل الضخم الذي سيخيب كافة آمالهم ويخبئ لهم فاجعة تقلب كل الموازين.

آما عن ذلك الهائم بلا مأوى دونها رتب كل شيء لكي يغادر الجزيرة اليوم بعدما أطمأن على روبرتو على كافة وجه وعمل كافة الأحتياطات اللازمة تحسبًا لعدم سوء حالته مرة آخرى وطلب من خادمه
زيرف أن يظل بجانبه ولا يفارقه مهما حدث، فهو مضطر للمغادرة لأنه مازال أمامه الكثير من المهام في الأيام القادمة وعلى رأسهم هو الأنتقام من ذلك اللعين.

مساءً في القاهرة وبفرق ساعة واحدة بتوقيت البلدين وخصةً داخل ورشته كان يشرأب برأسه داخل كبوت السيارة يصلح بها
ليقطع عمله صوت مألوف بالنسبة له: أزيك يا اسطى إسماعيل
التفت لها و رد بأدب كعادته: الحمد لله يا ست عدلات
أؤمريني
لتتشدق عدلات وهي تضرب يدها أعلى صدرها: يوه مش تقولي أتفضلي الأول
ليتحمحم بحرج ويقول بود وهو يتناول عدة محارم ورقية مببلة ويمسك يده: حقك عليا، فاتتني، أتفضلي.

هزت رأسها واتبعته للداخل ليجسوا سويًا وتبدء هي الحديث: صل على النبي حبيبك يا اسطى إسماعيل
عليه أفضل الصلاه والسلام
لتستأنف هي: المرة اللي فاتت مشتني من عندك وأنا زعلانة علشان مفيش عروسة عجباك وبصراحة قولت حقك، أه دة جواز مش سلق بيض، وأظن بقى يا خويا كفاية السنين اللي ضاعت وجة الوقت أنك تتجوز ويبقى ليك بيت وعيال يملوا عليك الدنيا
عقد إسماعيل حاجبيه وهو يشعر أن تلك مجرد مقدمة لحديث آخر.

ليصدق حدسه عندما استأنفت هي: أنا بصراحة يا اسطى جيبالك عروسة ونفسي متردنيش المرة دي
أبتلع ريقه بحرج شديد ولم يعلم بما يخبرها فهو حقًا عدل عن تلك الفكرة تمامًا وحتى إن كان بنيته أمر كذلك فليس الآن بذلك التوقيت الغريب بعد ما تسلل بصيص الآمل إلى قلبه لتنتشله هي من خضم أفكاره:
يوه مالك يا اسطى مسهم ليه كدة، أنت خايف العروسة تكون وحشة ومتعجبكش، متقلقش دة أنا منقياها على الفرازة.

تحمحم بحرج وكاد ينطق بالرفض لولآ أنها قاطعه قولها وهي تخرج تلك الصورة الصغيرة من حامل نقودها وتمدها له بغرض أن يتناولها منها: متنطقش بولا كلمة غير لما تشوف صورة عروستك
مرر يده على وجهه بضيق من ذلك الموقف المحرج الذي تتعمد أن توقعه به ومد يده مضطر يتناول الصورة وهو ينوي بعدها أن يرفض بطريقة مهذبة كي لا يخجل تلك السيدة مرة آخرى.

ولكن ما أن سقطت عينه على الصورة أتسعت عيناه وتسارعت أنفاسه وهمس بنبرة ملتاعة يفيض منها العشق بأسمها: حلا
لتجيبه عدلات ببسمة واسعة: أيوة حلا بنت الست نجية
وأنا عارفة ومتأكدة أنك مش هترد طلبي ومش هتلاقي أحسن منها وأنا عارفة وأهل المنطقة كلهم عارفين أنك بتحبها من وانتو عيال
ليهمس بذهول وهو يمرر يده على وجهه مرة آخرى ويشعر أنه يكاد يفقد صوابه: أنا مش فاهم حاجة.

لترد عدلات بتوضيح: بصراحة كدة ومن غير لف ولا دوران الست نجية هي اللي قالتلي أعرض عليك الموضوع أصلها يعني أتكسفت تطلبه منك وخصوصًا بعد اللي حصل
وأهو المثل بيقول أخطب لبنتك ولا تخطبش لأبنك
والست نجية عداها العيب هي عارفة ومتأكدة أنك بتحب بنتها وهتصونها.

تقلصت معالم وجهه بتفاجئ وكاد ينطق بما يتخوف منه لولآ أن عدلات قاطعته تطمأنه: إذا كنت خايف من رفض حلا فمتقلقش هي لا يمكن تكسر كلمة لأمها بعد اللي حصل لتتشدق بعدها وهي تلوي فمها وتسند ذقنها على أبهامها وسبابتها: وهي هتلاقي أحسن منك فين بعد اللي عملته علشانها، دة أنت سِيد الرجالة.

لتشرأب برأسها وتستأنف بصوت خفيض وكأنها ستبوح له بسر من أسرار الحرب مما جعله يضم حاجبيه ويستمع لها بأنتباه: أصل كلام في سرك، الناس بتقول من ساعة ما كنتوا بتدور عليها عند عزيزة أم علاء أفتكروها هربت ل علاء الواطي في الغردقة و دخل عليها ولما شافوها راجعة متبهدلة و نجية يا عيني وقعت من طولها أكد لهم أن دة اللي حصل وكمان قالوا أن اللي قالته أم علاء وقتها صحيح أنكم متفقين تطفشوا علاء و تطلقوها علشان تجوزهالك.

زفر بضيق وهو يبتلع غصة مريرة بحلقه وقال بإنفعال وهو يضرب بقبضته الطاولة أمامه: ملعون الناس وكلامهم
أنا مش فاهم ليه كل واحد ما يخلهوش في حاله ويحط لسانه في بؤقه وبعدين أحنا مطفشتناش حد ولا طلقناها منه غصب عنه دة هو اللي طلع واطي وخسيس
لتجيبه عدلات وهي تضرب كف على آخر وتعتدل بجلستها: عارفة و نجية حكتلي كل حاجة بس هنقول أيه حسبي الله ونعم الوكيل فيهم، بس والله أنا رديت غيبتكم ومرضنيش أبدًا.

لتنهض عازمة المغادرة وتقول أخر ما بجعبتها كي تؤثر عليه: علشان كدة بقولك بجوازك منها هنقطع لسنة الناس وتتجوزو في أقرب وقت قبل ما يفكروا أن ليها عِدة علشان تثبتلهم أن البنت لسة بختم ربها، هستنى ردك يا اسطى علشان أبشر أم العروسة وخلي الصورة معاك.

ليتناول شهيق عميق وهو ينظر لأثرها بالتناوب مع تلك الصورة بيده بقلب يرتجف من أمكانية تحقيق ذلك الحلم الذي ظنه مستحيل وظل حديثها يدور برأسه مما جعل عقله يحثه أن قد آن الأوان يأخذ قرار حتمي بلأمر.

أسدل الليل ستائره على تلك المدينة القاسية التي لن ترأف بأحد
فقد تحضرت ماهي لزيارة ذلك اللعين بكل حلتها وهي تشعر أن قلبها سيتوقف لا محالة مما هي مقبلة عليه ولكنها أخذت تصبر ذاتها وتتذكر كل ما فعله بها كي تستمد القوة لمواجته.

طرقات قوية على باب شقتها جعلتها تنتفض وتتوجه إلى الباب بخطوات مرتجفة وقبل أن تضع يدها على مقبضه لتفتحه تناولت نفس عميق كي تحفز نفسها على الثبات ورسمت بسمة على وجهها بالكاد تمكنت من تصنعها وفتحت له وهي ترحب: أهلًا يا بيبي
رمقها من أعلاها لأغمص قدمها بنظرات شهاونية وقحة جعلت معدتها تتقلص من شدة توترها، لتبتلع ريقها برعب و تغلق الباب وتهمهم بثبات مصتنع: وحشتني يا وليد.

غمز لها بعينه الرمادية القاسية ورد بوقاحة وهو يجذبها من خصرها: هنشوف وحشتك ولا لأ عايزك تثبتيلي بالطريقة اللي بحبها
تحمحت بعدما تفهمت إلى ماذا يرمي ورفعت أناملها تداعب وجنته: النهاردة يا بيبي كل اللي نفسك فيه و بتحبه هعملهولك بس الأول نشرب كاسين ونتعشا مع بعض دة أنا عملالك البوفتيك اللي بتحبه بأيدي.

للحظة ضيق عيناه بشك التقطته هي ولكنها تعمدت بذكاء أن تجعله لا يفكر أكثر حين مالت عليه و وضعت قبلة طويلة على وجنته وهمست بإغراء شديد: علشان خاطري يا بيبي متكسفنيش.

أبتلع ريقه ببطء والرغبة تجتاح عينه وسار معها إلى طاولة الطعام التي أعدتها سابقًا وما أن جلس رشقها بنظرة غريبة أرجفت أوصالها ولكنها تصنعت الثبات و أبتسمت وحثته بعينها أن يشرع بلأكل ولكنه كعادته الخبيثة كان دائمًا يفاجئها ولكن تلك المرة كانت هي أذكى منه فقد أصبحت تحفظه عن ظهر قلب وتعلم طريقة تفكيره المسمومة لتبتسم مرة آخرى ولكن بمكر حين مد يده يسحب طبقها ويبدله بطبقه ويقول بخبث شديد وهو يغمز لها:.

دايمًا بحب أخد اللي في أيد غيري، بيبقى ليه طعم لذيذ مختلف
أومأت له ببسمة باهتة متفهمة وصبت له كأس تجرعه هو مرة واحدة وشرعوا بالأكل وحين أنتهوا جذب هو كعادة مقيتة لديه
أنينة الشراب وتجرعها كاملة وحين أنتهى قذف بها على الأرضيه مما جعلها تنتفض.

ودون أي مقدمات أزاح الأطباق بيده و حملها وتوجه بها إلى غرفتها وما أن وصل القى بها على الفراش بقوة ألمتها وجعلتها تنظر له بنظرات مترقبة مرتعبة وهو يتمسك بجبهته، فكان يشعر أنه ليس على ما يرام وأن رأسه تفتل به ليحل رابطة عنقه وهو يجاهد كي يكبح رغبته العجيبة بالنوم ويجاهد ليفتح عيناه ودون أي مقدمات كان يفقد توازنه و يسقط على الفراش فوقها، لتشهق هي وتزيحه عنها بكل ما اوتيت من قوة وتنهض تبصق عليه بإشمئزاز و تلعنه بسرها وبأنامل مرتعشة و بتوتر شديد تناولت هاتفها وخرجت من الغرفة بخطوات ترتجف لتطلب ذلك الرقم الذي حفظته عن ظهر قلب وبعد ثواني معدودة كانت تفتح الباب له ليدخل هو وهو يرتدي كاب رأسه الذي يخفي به نصف وجهه.

لتهمس هي برعب ما أن دخل وأغلق الباب خلفه: أنا مرعوبة يا يوسف لو فاق هيقتلني
نزع يوسف كاب رأسه وطمأنها بثقة: متخافيش المخدر اللي في الأكل قوي جدًا متقلقيش
هزت رأسها وتمتمت بقلب مازال يرتجف: بس الله يخليك خلص أنا حسة قلبي هيقف
ليجيبها يوسف بصوته الرخيم الواثق: قولتلك متخافيش أنا وعدتك هخلصك من كل دة متقلقيش و أنا مش غبي علشان أورطك معاه.

ليسبقها إلى الغرفة التي أشرت له عليها ويرشقه وهو مستلقى بعيون مشتعلة كفيلة بأحراقه وأحراق العالم أجمع فكانت نظراته كارهة والحقد الذي لم يجتاح قلبه من قبل يفيض بها الآن. ودون أي مقدمات أو أدنى تفكير منطقي كان يتخطى المسافة بينهم بخطوة واحدة ويرفع ذلك اللعين من منكابيه الذي كان مستغرق في سبات عميق، ليزمجر يوسف بغضب عارم وهو يلعنه ويسبه وثم بطرفة عين كان ينفضه عنه و يخرج سلاحه الذي تعود على حمله بلأيام السابقة وتدرب عليه خصيصًا ليوم كذلك كي يثأر من ذلك اللعين الذي قلب حياته رأس على عقب وجعله بفعلته أن ينشب النيران المستعرة بقلبه التي لن يطفئها أنهار العالم أجمع إلا بأنتقامه، لتحتد نظراته الكارهة أكثر فأكثر ويصوب فوهة السلاح برأسه.

بعدما شد أجزائه وهو ينوي أن يخلص العالم أجمع من شره.
فهل ياترى أيها الهائم بلا مأوى دونها قد حان الوقت لتثأر لكل ما عنيته بسبب ذلك اللعين آم ستتراجع و تفكر قليلًا بمستقبلك بعيدًا عن أنقامك الأعمى الذي سيفقدك كل شيء وخصةً ذلك اللقاء القريب الذي أوشك وأصبح على المحاك.

دعونا نرى ما تخبأه لنا الأحداث و نتآمل معًا أن يتراجع عن قراره المتسرع ذلك فربما قد حان وقت اللقاء وأذن الله آخيرًا بلقائهم المحتوم الذي سيكون بمثابة مفاجأة تقلب كافة الموازين.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة