قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية تيراميسو للكاتبة ميرا كريم الفصل التاسع والعشرون

رواية تيراميسو للكاتبة ميرا كريم الفصل التاسع والعشرون

رواية تيراميسو للكاتبة ميرا كريم الفصل التاسع والعشرون

أليس الحب الاّ جنونا ينفذ الى القلب وقت ما يشاء و ينسحب وقت ما شاء أيضا
(مقتبس).

تململت بتكاسل شديد بعد ليلتها الجامحه معه وما ان أفرجت عن بُنياتها الآسرة أبتسمت بسمة حالمة عندما تذكرت ما حدث بلأمس فكم كان حنون معها و مراعي لأبعد حد وظل يغدقها بالعديد من همساته العاشقة التي كانت تصيب جسدها بالقشعريرة اللذيذة مثل الآن تمامًا عندما همس بأذنها: أحلى صباح على حلا اللي حلت أيامي ودنيتي.

أبتسمت هي بخجل وقطمت شفاهها وهو يدير جسدها له ويقول وهو يتمعن بوجهها الذي تدرج بحمرة محببة على قلبه ويزيح بأنامله خصلات شعرها المبعثرة على ذرعيها: كتير كنت بحلم أن أول حاجة أشوفها الصبح هو وشك أنتِ
بلتت شفاهها وتلعثمت بخجل: أنت صحيت أمتى
أجابها وهو يضع جبهته على خاصتها ويداعب بأنفه طرف أنفها بحركة حثية أفقدتها عقلها:
من بدري بس محبتش أقلقك وقولت أسيب القمر بتاعي يصحى براحته.

هزت رأسها ببسمة واسعة على إطراءه وقالت بنعومة و بدلال وهي تتعلق بعنقه: طب القمر بتاعك جعان يا إسماعيل
أبتسم بسمة واسعة على دلالها الغريب عليه و أومأ لها بتفهم وهو يقترب ينثر قبلات خفيفة على سائر وجهها ويهمس بتقطع:
حاضر، هناكل، ونشرب وكل اللي أنتِ عايزاه، بس مش دلوقتي، خليني أشبع منك الأول
تململت بين يديه وقالت بترجي: إسماعيل علشان خاطري
ليهمس هو برغبة قاتلة تملكت منه وبشدة أمام شفاهها: مش قادر...

نفت برأسها تعترض ولكنه لم يعطيها المجال لأي شيء وكتم بشفاهه كلماتها المعترضة بقبلة حالمة أندمج بها بشدة حتى أنه حاوط خصرها وإن كاد يعتليها تملصت هي منه ونهضت وهي تسحب الغطاء كي تستر به جسدها وقالت بتذمر:
مليش دعوة جعااااااانة يا مفتري
قهقه بكامل صوته الرجولي الذي طالما يأثرها ويجعلها تهيم بضحكته مثل الآن، ليبادلها نظراتها تلك بآخرى عابثة وهو يرفع حاجبيه يتعمد مشاكستها:.

أنا مفتري، على العموم براحتك بس أنتِ الخسرانة كنت هقولك على حاجة تبسطك
أتسعت عيناها وتراقص الفضول بها وصاحت بلهفة: قول الأول.

نفى برأسه ومد يده لها يحثها على الأقتراب، لتدب هي بقدمها بلأرض وتخطو نحوه وتجلس بجانبه على الفراش ليكبت ضحكته بصعوبة على تذمرها و يؤشر بأنامله على وجنته وهو يتصنع الجدية، لتتنهد وتنصاع له وتضع قبلة خاطفة على وجنته ليفرج عن بسمة راضية على شفتيه ويقول وهو يجول ببندقيتاه على ملامحه:
أنا موافق على عرض الشغل وكلمت مدام مارسيل وبلغتها وهبدء شغل بعد أسبوعين.

شهقت هي بسعادة متناهية وتعلقت بعنقه وقالت وهي تعبث بخصلاته البُنية القصيرة بحركة حثية لم تتقصدها أججت رغبته من جديد:
بجد أنا مبسوطة أوي إن شاء الله تكون فتحة خير علينا يا إسماعيل
أومأ لها وظل يتمعن بها بوله تام وعندما وصل بنظراته إلى ثغرها أبتلع ريقه وقال بنبرة متحشرجة وهو يغلغل أنامله بخصلات شعرها ويحركها بداخله بحنان: طب مستهلش حاجة حلوة على الخبر دة.

قطمت شفاهها بخجل وهي تقاوم تأثيره عليها عندما تفهمت إلى ماذا يرمي وتلعثمت وهي تتحاشى النظر لبندقيتاه الهائمة بها وتوجهها إلى تلك الخزانة التي يقتلها فضولها نحوها وتعزم الأمر أنها ستكتشفها لاحقًا:
تستاهل بس، أصلي جعانة خليك جدع بقى زي عوايدك
تناول شهيقًا عميق ثم زفره على مهل بعدما أغمض عينه بقوة و رد: زي عوايدي، طب قومي، قومي يا حلا الله يكرمك من قدامي.

هزت رأسها بطاعة ونهضت مسرعة قبل أن يغير رأيه ولكن بعد أن وضعت قبلة خاطفة على وجنته جعلته يتنهد تنهيدة حارة تفيض بمشاعره الجياشة لتلك التي تتعمد ان تذيقه الويلات تحت وطأة عشقها.

بعد مغادرته لمنطقته توجه إلى الغردقة من جديد ولكن تلك المرة وهو يعزم أمره
أن يستقر هناك بشكل دائم كي يتمكن من أقناعها بالعودة له أو على الأقل تتوسط له أن يعيدوه إلى عمله الذي خسره بسببها فمنذ ما حدث وهو يسوق عليها كل من له صلة بها كي تعفوا عنه وتعود له ورغم أن أصدقاءه الذين يشاركوه العمل بالسابق أخبروه انها ترافق رجل آخر ثري لكنه لم يقتنع ويظل على أصراره المقيت.

، وها هو كعادته منذ عدة أيام يذهب إلى ذلك الملهى الليلي التي تعمل به ويفتعل الكثير من المشكلات كي يقابلها ولكن الأمن منعه بالقوة مما جعله يهتف بالخارج بإنفعال تام:
انا لازم أقابلها يا شوووووق
يا شوووووق دخلوني ليها
يأما هعملكم مصيبة هنا.

وككل يوم نال من الدفعات واللكمات ما يكفي كي يبتعد ويكف عن المجيء ولكنه لم يتأثر و ظل يتربص امام الباب ينتظر خروجها، ثواني معدودة وظهرت هي بثوبها العاري الذي يلتصق على جسدها كجلد ثان لها برفقة شخص آخر يحاوط خصرها ويتمايلون من شدة تناولهم للشراب، مما جعل عين ذلك المقيت تقدح بالشر ويتقدم منهم دون رَويه.
توقفت سيارة فارهة أمامهم وإن كادو يصعدوا بها.

هتف هو بغضب وبغيظ شديد وهو يجذبها من بين يد الرجل الآخر الذي يحاوط خصرها: مين دة يا شوق هو دة اللي ملى عينك بعدي وعلشان كدة مش راضية ترجعيلي
نفضت يده بقوة وقالت بصوت جهوري لفت الأنظار لهم وهي تتأبط ذراع الرجل من جديد: ملكش فيه وموت بغيظك ياعنيا، و أه هو دة اللي ضفره برقبة عشر من عينتك يا عرة الرجالة
ليتدخل الرجل الذي معها بحدة: أنت مين أنت يا اللي عاملي فيها سبع رجالة في بعض وازاي تشدها من أيدي كدة.

لتطلق شوق ضحكة صاخبة لاتليق سوى بعاهرة مثلها وتعقب هازئة: سبع رجالة أيه،؟
يبقى فاتتك لقطة قميص النوم دة كان هياكل من عليه حتة ولا أجدع وحدة ست
زاغت نظرات علاء المستشيطة بالغضب بينهم وتهدجت أنفاسه وهو يقول من بين أسنانه: بتفضحيني يا شوق وبتتريقي عليا، دة كل اللي حصل دة علشان بحبك
لتضع يدها بخصرها وتتقصع يمينًا ويسارًا وتقول بكل غرور وهي تشمله بتقزز من رأسه حتى أخمص قدمه:.

بس أنا مبقتش أطيقك ياعنيا ومقدرش أرجع لواحد أتعلم عليه ولبس قميص نومي، وبعدين انا عذراك أصل مفيش حد مبيحبش شوق ، مش كدة ياعنيا؟
قالت أخر سؤال بميوعة وهي توجه حديثها لذلك الشخص التي تتأبط ذراعه، الذي أبتسم بدوره يؤكد لها وهدر بحدة بوجه علاء وهو يدفعه بصدره:
أبعد عنها يا بتاع أنت بدل ما عرفك شغلك وغور بقى متعكرش مزاجنا العالي.

لتسترسل شوق بميوعة وهي تضع أناملها الرفيعة المطلية على وجه الشخص بجانبها و ترمق علاء بإستخفاف قاصدة أغاظته:
ما عاش ولا كان اللي يعكر مزاج سيد الرجالة، سيبك منه ويلا بينا وحياتك عندي ياعنيا دة زبالة ولا يسوى
أحتدت نظرات علاء بالشر ورغم انه مخنث ورجولته معطوبة ولكن لم يستطيع الأحتمال أكثر ليجذبها من خصلاتها أثناء إنشغال الآخر بفتح باب السيارة لها
و دون أي مقدمات
أو أدنى تفكير طعنها بمديته.

الحادة التي لا تفارقه دومًا بمعدتها وأدارها بداخلها بكل قوة لديه، لتجحظ عيناها وتشهق بقوة وتتهوى بجسدها على الأرض الأسفلتية الصلبة طريحة لأثر طعنته الغادرة التي استقرت بمقتل وجعلتها تلفظ أخر أنفاسها بِوهن شديد، حدث كل شيء في لمح البصر وكأنه كان مغيب بلحظتها ولم يفق من غفوة الشيطان تلك غير وهو يجلس بجوارها عائم معها في بركةٍ الدم التي خلفتها وصوت نحيبه يتعالى كالنساء ويعلو على همهمات الناس التي تجمهرت حوله، دقائق معدودة وتم القبض عليه من قِبل رجال الشرطة التي داهمة المكان، لتكون تلك نهايته العادلة التي يستحقها أمثاله من المخنثين.

استغلت دخوله إلى المرحاض وتوجهت إلى تلك الخزانة التي يقتلها فضولها نحوها منذ أن وطأت قدميها منزله فهو قد قام بتغير كافة شيء بالمنزل وتخلص من كل الأثاث القديم إلا تلك الخزانة أصر على الأحتفاظ بها، أشرأبت برأسها كي تتأكد كونه لم ينتهي بعد وقامت بفتحها بحرص شديد وما أن وقعت عيناها على محتوياتها شهقت بتفاجئ شديد فكل ما بالخزانة له علاقة بها، مهلًا تلك الدمية هي مازالت تتذكرها، ونعم تلك رابطة شعرها، وذلك هو دفترها والكثير والكثير من الأشياء التي جعلت دمعاتها تفر دون وعي من شدة تأثرها فهو يحتفظ بأشياء لم تخطر على بال أحد قط والعديد من العلب الصغيرة المُدون عليها نفس يوم مولدها ولكن مع تعاقب السنوات، عقدت حاجبيها عندما وجدت شيء لامع لفت نظرها لتمد أناملها وتسحب ذلك السوار الذهبي من بين طيات الملابس لتجد أسمها منقوش عليه وتاريخ مولدها أيضًا عقدت حاجبيها بذهول تام وهي تشعر أنها لم تستطيع أن تستوعب الأمر.

ليأتيها صوته الرجولي من خلفها بعدما خرج لتوه من المرحاض والمياه مازالت تتساقط منه:
دة بتاعك على فكرة.

التفتت له بأرتباك عندما وجدته يحاوط خصره بمنشفته العريضة تارك المياه تتساقط على عضلات صدره الصلبة بشكل مغري للغاية مما جعلها تزيح بنظراتها بعيدًا وتقطم شفاهها بخجل وهي مازالت لم تتفهم شيء ليوضح هو وهو يقترب منها: دة هدية عيد ميلادك اللي فات أتعودت من وأنتِ صغيرة أجبيلك هدايا في عيد ميلادك بس كنت بحتفظ بيهم ومكنش عندي الجرئة إني أقدمهملك...

جذب وجهها له لترفع نظراتها الغائمة له وتتلعثم بندم: يااااه قد كدة بتحبني، أنا أزاي كنت غبية كدة ومقدرتش أفهم، سامحني يا إسماعيل علشان خاطري
جذب ذراعيها لتحاوط خصره و ودفن رأسها بين ثنايا صدره وقال بنبرة عاشقة نابعة من صميم قلبه:
علشان خاطري بلاش نفتكر اللي فات وخلينا في النهاردة تعالي نعوض كل السنين اللي فاتت ومتحسبتش من عمرنا وأحنا مع بعض.

شهقت هي بالبكاء دون قصد وقالت بود وهي تشدد على خصره: أوعدك، والله أوعدك
وعلى فكرة أنا كمان محتفظة بالعروسة اللي جبتهالي ومكنتش بنام غير وهي في حضني وأكتشفت أن سر تعلقي بيها علشان منك
أبتسم وهو يضع قبلة حانية على منبت شعرها وتسأل بمشاكسة: لسة مسمياها زي زمان
أومأت له بتأكيد وقالت وهي تخرج من أحضنانه و تستند بكفوفها على صدره العاري: إيسو
لتأتي ومضة من ماضي بعيد وتتسأل بترقب: ياترى لسة فاكر؟

هز رأسه وأكد لها وهو يمرر أبهامه على وجنتها يمسح دمعاتها: وعمري ما نسيت، أي حاجة تخصك، ليتنهد ويضيف وهو يتمعن بها في عشق: تعرفي إني بحب الأسم دة أوي، علشان بيفكرني بالبنت أم ضفاير بني وسنان مكسرة اللي مكنش بتعرف تنطق أسمي، اللي كنت فاكرها أبعد من نجوم السما ليا
أبتسمت بسعادة متناهية و قالت وهي ترفع عيناها له: أوعدك هناديك بيه بعد كدة، بس أنت كمان عيزاك توعدني بحاجة.

حثها بعينه الدافئة التي تشملها أن تستأنف، لتقول بتمنى: أوعدني انك تفضل تحبني كدة لأخر العمر
حانت منه بسمة مشاكسة أثرت قلبها وقال بصدق وهو يدثرها من جديد بأحضانه: أوعدك لأخر نفس فيا هفضل أحبك ولو أخر دقة في قلبي هتصرخ وتقولك بحبك، وعمري ما حبيت غيرك يا حب عمري و حلا أيامي
ذلك أخر ما تفوه به قبل ان ينحني بجزعه ويحملها ويتوجه بها إلى الفراش وكأنه أراد أن يوثق ذلك الوعد الأبدي بطريقته الخاصة.

“الوقت صناعة الهادئين وعذاب العجولين ومسألة التائهين الوقت رفاهية المطمئنين ورعب المنتظرين وفلسفة الواصلين. الوقت أعذب أمنيات الوصال وأصعب بوابات الفراق. الوقت أنت حينما تملك حالك والوقت غيرُك حينما تنتظر أمرك من غيرِك. والوقت هو الوقت. عداد العمر السائر نحونا قُدُما مهما استخفينا منه أو استبسلنا شُجعانا اعةَ لقياه. ”.

بعد ثلاث سنوات
الآن فقط تستطيع أن تشعر.

بسلام فها هي بعد ثلاث سنوات تعود إلى أرض الوطن التي فارقتها منذ عمر الخمس سنوات بفضل أبيها، فنعم قد عادت أخيرًا بعد ان أنهت كل شيء هناك فكانت تعمل ليل نهار هي و يعقوب و عز كي يسددو ديون والدهم الكثيرة ويقوموا بتصفية باقي أعماله التي أخذت الكثير من الوقت، فها هي عادت ولكن بمفردها ف عز منشغل بإدارة شركته التي أزدهرت أعمالها مأخرًا وأصبحت من أهم شركات الاستيراد والتصدير بالبلد آما عن يعقوب فمازال يتبقى بعض الأمور العالقة يقوم بتدبيرها مثل أوراق طلاقهم القانوني الذي لم يعد له داعي على الإطلاق، فقد وعدها انه سيلحق بها بعد عدة أيام ليس أكثر، فبعد وصولها منذ يومين ظلت تبحث عن والدتها لعلها تنعم بذلك الدفئ والحنان التي حرمت منه لسنوات طويلة من عمرها، وبالفعل قد عثرت على عنوانها أخيرًا وها هي تقف على أعتاب لتها الصغيرة التي تقطن بها بأحد الأحياء الراقية، ظلت تقدم قدم وتأخر قدم وهي حقًا تشعر أن قلبها سيتوقف من شدة أشتياقها استقبلتها الخادمة واجلستها بغرفة الصالون لتطوف هي المكان ببُنيتها الواسعة براحة شديدة فكان المكان أنيق و ينبعث منه دفئ غير عادي يبث الراحة بالنفوس ثواني معدودة وسمعت صوت طرقات حذاء لتقف بتأهب وهي تفرك يدها وما أن ظهرت هي أتسعت أبتسامة لين شيء فشيء فهي مازالت تتذكر ملامحها الحنونة إلى الأن.

عقدت الآخرى حاجبيها وتسألت بحنو شديد وهي مازالت تقف على أعتاب الغرفة: أهلًا يا بنتي قالولي أنك عايزاني
غامت عين لين وظلت تتمعن بها وشعرت أن الكلمات عاجزة عن الخروج من حلقها
لتقترب منها تلك السيدة ما ان لم يصلها ردها وترفع نظارتها المعلقة بسلسال بعنقها ويصعب عليها الرؤية بوضوح دونها وتتمعن بها لوهلة شعرت أن قلبها يعتصر بين ضلوعها ينبأها أنها هي.

لتغيم عيناها وتتسارع أنفاسها هي الآخرى وتهمس بترقب شديد: لين
حانت من لين بسمة متألمة وأومأت لها تؤكد حدثها
لتشهق بالبكاء وهي تركض نحوها وتحتضنها بينما خارت ساقي والدتها وكأنها لم تعد تستطيع أن تحملها من شدة تفاجئها لتتلقاها لين بذراعيها ويجثو سويًا على الأرض وتقول بنبرة متألمة لأبعد حد: وحشتني يا ماما...

أبتسمت فريدة بشدوه تام وصدمة عارمة وجذبتها بهستيرية لأحضانها وظلت تقبل كل أنش بوجهها بحنو شديد وبقلب أم أضناه فراق فلذة قلبها و تقول بنبرة حارقة ذاقت مرار البعد:
لين، بنتي أنتِ رجعتي لحضني ياقلب فريدة يابنتي، كنتي فين دة أنا قلبت الدنيا عليكِ ومسبتش بلد مدورتش عليكِ فيها، ربنا ينتقم منه هو السبب هو اللي حرمني منك وخدك وسافر
عقبت لين بدمعات متساقطة: بابا مات و متجوزش عليه غير الرحمة.

جذبتها فريدة مرة آخرى لأحضانها وظلت تربت على ظهرها بحنو شديد وقالت من بين شهقاتها هي الآخرى: الله يسامحه، هو السبب هو اللي حرمني منك بعد ما اكتشفت حقيقة شغله و أنو السبب في سجن أخوه وعلشان كدة طلبت منه الطلاق وأصريت ولما حصل هو كان أناني زي عادته وخدك وهرب ومعرفتش القيكي سامحيني يا بنتي والله كان على عيني غيابك عني لو أعرف أنو هيحرمني منك مكنتش خليته يطلقني وكنت عشت خدامة تحت رجليه.

هزت لين رأسها ودمعاتها الحارقة تتساقط على وجنتها بغزارة وقالت بنشيج: خلاص يا ماما مفيش حاجة هتفرقنا تاني، أنا هفضل جنبك لأخر يوم في عمري
وعايزة أعوض السنين اللي أتحرمت فيها من حضنك
هزت فريدة رأسها تؤكد على حديثها بشدة وأخذت تجفف بأناملها تلك دمعات المتساقطة من عين أبنتها تزامنًا مع دخول فادي الذي ما أن شاهدهم هتف بتفاجئ: أيه دة في أيه ياماما أيه اللي مقعدك كدة ومين دي.

كفكفت لين دمعاتها وتناوبت نظراتها بينهم وهي تنهض من على الأرض وتسند والدتها كي تنهض، لتوضح فريدة وهي تعتدل بوقفتها:
تعالا يا فادي، دي لين بنتي الكبيرة
عقدت لين حاجبيها فمن يكون هو أهي حقًا والدته ولكن هيأته توحي أنه يكبرها بالعمر فكيف ذلك، بينما تسأل فادي بذهول: بتهزري صح، بنتك أزاي يعني مش فاهم وبعدين هو أي حد يقولك أي حاجة كدة تصدقيه يا ماما مش لازم تتأكدي.

هزت فريدة رأسها بكل ثقة وقالت تؤكد حدثها: صدقني يا ابني دي لين
بنتي من جوزي الأولاني
أنا مستحيل أشكك فيها دي حتة من قلبي
لترفع لين يد والدتها وتقبلها بود وتوجه حديثها ل فادي : أنا عذراك وأكيد عندك حق.

لتمد يدها بحقيبتها وتخرج عدة أوراق كي ثبت له وتستأنف: دي شهادة ميلادي وكل اللي يثبت إني أبقى بنت ماما فريدة ليتناولهم فادي من يدها كي يتأكد من صحتهم تحت نظراتهم المتوجسة معا، ليهز رأسه بإقتناع ويضع الورق من جديد بيدها ويقول بود وهو يبتسم ببشاشة:
أهلًا بيكِ وسطينا دي ماما فريدة بقالها سنين بتدور عليكِ والحمد لله أن ربنا جمعكم من تاني، أنا بجد أسف لو شككت فيكِ بس أنتِ لازم تعذريني.

أومأت له لين بتفهم تزامنًا مع دخول فتاه شابة
تقترب منهم وهي تضع سماعات الأذن وتتمايل على الأنغام المنبعثة منها وما أن سقطت عيناها عليها تسألت بمشاكسة وهي تشملها وتزيح سمعاتها عن أذنها:
أيه دة مين المُزة الجامدة دي يا عم فادي لتشهق بشكل درامي للغاية وتستأنف: أوعى تكون اللي في بالي، هي حصلت تجيب المُزز بتوعك البيت والنعمة مارسيل هتنفخك وانا هكون أول من يفتن عليك.

نفى فادي برأسه وهو يحث فريدة أن توضح الأمر لها فهو يعلم أن زوجته لا تفهم المزح بتلك الأمور وتغار عليه حد الجنون لتتفهم فريدة وتصيح بتلك المشاكسة بجدية:
ميااااااان عيب كدة
فادي ملوش علاقة
لتجذب لين تقربها منها وتسترسل: دي لين شكري الأنصاري
بنتي من جوزي الأولاني
جحظت عين ميان وفغرت فاهها من شدة تفاجأها بينما أشرت فريدة عليها.

وقالت وهي توجه حديثها ل لين: ودي ميان محمد الأسيوطي بنتي من الراجل الوحيد اللي وقف جنبي وساعدني كتير أدور عليكِ، أتجوزته بعد باباكي ما طلقني
لتلتفت ل ميان التي مازالت فاغرة فاهها وتقول بجدية: أقفلي بوقك يا حبيبتي وتعالي سلمي على أختك
شهقت ميان بفرحة عارمة بعدما أنتبهت على حالها وأرتمت على لين تحتضنها وهي تصيح بحماس وبخفة كعادتها:.

مش معقول المُزة القمر دي أختي أن مبسوطة أوي يا ماما لتبادلها لين العناق وتقول بسعادة لا تقل شيء عن سعادتها: وأنا كمان مبسوطة أوي.

لتفصل ميان العناق وتقول بجنون كعادتها وبحماس شديد وهي تصفق بيدها: أنا لازم أقول ل مارسيل دي هتفرح أوي وهجيب محمد الأسيوطي الصغير يسلم عليكِ دة أنتِ هتحبيه أوي وكويس أنك هنا علشان تحتفلي بعيد ميلاده بكرة معانا لتقبلها من وجنتها بطريقة خاطفة وتقول بسعادة: يااااه انا مش مصدقة النهاردة أسعد يوم في حياتي أنا مبسوطة أوي أنا لازم أقول لكل صحابي وللمُز بتاعي.

لتركض من أمامهم وتبتسم لين على عفويتها وخفتها التي تذكرها بذاتها قبل فقدانها له لتحتضن الحجر بقوة بأناملها وترفعه لفمها تلثمه وتفر دمعة حارقة من عيناه تنعي نفسها القديمة، لينتشلها من شرودها حمحمت فادي: أنا بعتذر لازم أمشي أتأخرت على شغلي نورتينى بيت مامتك يا أنسة لين أومأت له بود لينصرف هو و.

تجذبها فريدة من ذراعها وتضعها بين أحضانها من جديد وتقول بود: ربنا ما يحرمني منك أبدًا تاني يا بنتي الحمد لله كنت خايفة أموت قبل ما أشوفك وأملي عيني منك
بعد الشر عليكِ ياماما ربنا يخليكِ لينا
لتتسأل بفضول وهي تدثر نفسها أكثر بأحضانها: مين مارسيل أختي هي كمان ومين فادي دة.

أجابتها فريدة وهي تربت على خصلاتها بحنو: مارسيل بنت محمد الله يرحمه و فادي يبقى ابن عمها وجوزها يا بنتي و على فكرة هي متقلش غلاوة عنكم علشان أنا اللي مربياها أبوها كان أرمل وكانت هي لسة صغيرة لما أتجوزته وبعدها ربنا كرمنا ب ميان، مارسيل عاقلة وحنينة آما بقى المجنونة التانية هي أي نعم طايشة وتموت في الهيصة والمشاكل بس طيبة و حنينة ومتأكدة أنكم هتحبوا بعض أوي.
لتؤكد لين بود: أكيد يا ماما.

لتتسأل فريدة بحنان وهي تربت على ظهرها: بعد ما ترتاحي عيزاكِ تحكيلي كل حاجة يا بنتي
أومأت لها لين بطاعة وببسمة واسعة وهي تدثر نفسها أكثر و اكثر بداخل أحضان والدتها كي تنعم بذلك الدفئ والحنان الذي سلب منها لسنوات طويلة.

صباح يوم جديد يحمل بطياته الكثير تململت هي بنومتها ببسمة واسعة عندما وجدت والدتها و أختها و مارسيل وحتى الصغير يجاوروها الفراش فقد ظلوا طوال ساعات الليل تصدر من غرفتهم ضحكات صاخبة على طرفات ميان والعديد من المواضيع الجادة التي كانت تطرحها مارسيل ووالدتها وتوجه دفتها ميان إلى ساخرة أيضًا وينتهي الأمر بهم أن يقهقهوا بقوة بعد كل مرة.

لتعتدل بنومتها وهي تتمعن بهم وتشعر براحة غريبة ودفئ لم يعتريها منذ رحيله عنها لتتنهد بآسى وتهمس وهي تتطلع لسقف الغرفة وتحتضن ذلك الحجر بقوة: الله يرحمك يا يوسف وحشتني أوي يا تيراميسو قلبي كان نفسي تبقى معايا وانا وسطيهم وتشاركني فرحتي
بتبرطمي تقولي أيه على الصبح يا مُزة أنتِ
صاحت بها ميان وهي تفتح عيناها وتتثاءب بتكاسل
لتبتسم لين وتقول بمشاكسة: قولي صباح الخير الأول يا لمضة.

قهقهت ميان وقالت وهي تحاول أن تعتدل بنومتهاولكن يد مارسيل التي تحاوط خصرها منعتها لتقول بخفة بصوت خفيض: صباح العسل، أففففف حتى النُومة مش مهنياني عليها لتنكز مارسيل بذراعها وتصيح: قومي يا مارسيل الله يخليكِ، طالما عندك فراغ عاطفي كدة منمتيش جنب جوزك ليه؟

رمشت مارسيل بأهدابها الكثيفة عدة مرات تستوعب الأمر ثم أنتفضت من نومتها وأخذت تركض تحت ضحكاتهم: جوزي، أنا ازاي نسيته نايم لوحده، دة زمانه اتقمص مني
لتهتف ميان : تعالي خدي ابنك معاكِ
نفت مارسيل برأسها وقالت بتوسل قبل ان تخرج من الغرفة: لا بالله عليكِ يا ميان خلي بالك منو عقبال ما أصالح
فادي
بس يارب الحقه قبل ما ينزل شغله
ليقهقهوا وهم ينظرون على أثرها وتقول ميان بمزاح: والله أختي دي مجنونة.

لتنهيها فريدة التي استيقظت على حديثهم: عيب كدة يا ميان أختك الكبيرة مينفعش تقولي عليها كدة، وسيبي الولد أنا هخلي باله منه ويلا قومي علشان ورانا حاجات كتير النهاردة.

أومأت لها ميان وهي تمط فمها بطريقة أضحكت لين وناولت فريدة الصغير وهي تضع قبلة خاطفة على وجنتها وتقول بخفة: حااااضر ياست الكل والنعمة ما تزعلي نفسك هعمل كل اللي أنتِ تأمري بيه، بس الأول أكلم المُز بتاعي أصبح عليه وأخد جرعة الحنان اللي بتديني positive energy
اللي بتصبرني عليكم
بنت احترمي نفسك
لترد ميان وهي تدعي البراءة: يوه يا ماما مش كلها كام يوم ويبقى جوزي.

لترد فريدة: لما يبقى، ويلا بطلي ملكعة علشان نلحق التجهيزات
أومأت لها ميان ونهضت تتوجه لغرفتها وهي تقول بخفة أثناء خروجها: والله بكرة أتجوز وتغنوا ظلموه من غيري
لتبتسم فريدة وهي تتطلع لأثرها وتقول: ربنا يهديكِ يا بنتي، ويكون في عونه والله الولد طيب و هادي و غلبان ومش حمل جنانها
لتحول نظراتها ل لين وتقول وهي تربت على خصلاتها: عقبال ما أفرح بيكِ ياقلب فريدة.

أحتل الألم عين لين أثر دعوتها وأحتضنت الحجر الذي يتدلى من سلسالها وظل عقلها يتسأل بآسى عن أي فرحة تتحدث والدتها بعد فقدانها له، أنتشلها من شرودها صوت فريدة من جديد: الفرحة النهاردة مش سيعاني، رجوعك ليا وعيد ميلاد محمد الصغير يلا ياحبيبتي عيزاكِ تبقي وسط البنات النهاردة ومتفارقنيش وبعد الحفلة ما تخلص لازم تحكيلي على حياتك اللي قبل كدة، الله يسامحها ميان ليلة أمبارح مبطلتش هزار.

أبتسمت لين بود بعدما أزاحت الحزن عن عيناها و قبلت وجنت والدتها وقالت بتنهيدة وهي تحتضنها:
أنا مبسوطة أوي يا ماما ربنا يخليكِ ليا ويديدمك نعمة في حياتي انا اول مرة أحس بالجو الأسري الجميل دة
ربتت فريدة على ظهرها بحنان شديد وهي تتيقن أن ما مرت أبنتها به ليس هين بتاتًا ولما لا وأبيها هو ذلك الجاحد الظالم الذي سلبها قسرًا منها.

الوقت يمضغ الساعات على مهل، و الحكايات توشك على النفاد، و أنا. وحيدة و آفتقدك.

كان الضجيج يعم المكان والكثير من الألعاب الترفيهية التي تخص الأطفال منتشرة بحديقة منزلهم والكثير من البالونات الملونة متناثرة في كل مكان فهنا ترى لعبة مطاطية ضخمة يملؤها الهواء يقفزون عليها الأطفال بكل سعادة ومرح وفي ركن آخر نرى العديد من العرائس المتحركة يقومون بعرض باهر للأطفال، آما عن المدعون فكانوا يتبادلوا أطراف الحديث بكل أريحية آما مارسيل و والدتها كانوا منهكين بتحضير كل شيء وبأستقبال المدعون، وسط كل هذا الضجيج كانت تجلس هي بزاوية بعيدة يصعب عليها التأقلم بعد فهي لم تعرف أي شخص هنا غير والدتها و مارسيل وتلك المجنونة ميان التي تشارك الأطفال بلعبهم ولا تكترث لأي شيء، أبتسمت لين وهي تراقبها من بعيد إلى ان شعرت بحركة غريبة تحت طاولتها أشرأبت برأسها كي تستكشف الأمر لتجد طفل لم يتعدى عمره العامين يحبو بالقرب من قدمها لتبتسم بسمة واسعة وتنحني ترفعه وتقول بحنان شديد وهي تلاعبه:.

بتعمل أيه هنا يا صغنن وفين مامتك؟
رفع الصغير أنامله الصغيرة الملطخة بالطين أثر الأرض ووضعها على وجنتها وكأنه يستكشف أمر فخوخها
التي ظهرت مع ضحكاتها.

التي تزايدت، لتسحب عدة محارم ورقية من على الطاولة وتمسح يده و وجهها وهي تداعبه بحركات لطيفة جعلته يقهقه في كل مرة ويضع يده على وجهها وكأنه يلهوا ببراءة خطفت قلبها مما جعلها تضمه لها وهي تهدهده بحنان بين يدها، لوهلة شعرت أن رائحته مألوفة بالنسبة لها حتى أن ملامحها هدئت تدريجيًا وشردت بعدما أحتل الحزن عيناها مرة آخرى كعادة ملازمة لها بالسنوات المنصرمة.

نقر على منكابيها من الخلف أنتشلها من شرودها لتلتفت بترقب وإذا بوالدته تقف خلفها وتقول بأمتنان وهي تتناول الطفل منها الذي ما ان أنتبه لوجودها أرتمي عليها: أسفة بجد لو تعبتك أنا بقالي عشر دقايق بدور عليه و ربنا انا حطيته جنبي على الكرسي علشان أعدل حجابي و ما أخدتش ثانية واحدة وملقتهوش ابن اللذينة دة وكأنه فص ملح وداب والله هيجنني.

أبتسمت لين بود وقالت وهي تقبل خد الصغير وتسحب نفس عميق من رائحته التي ذكرتها بهائمها الراحل:
ربنا يحفظه ويخليهولك.

أومأت لها والدة الطفل بينما استأذنت لين بلطف عندما لوحت لها فريدة من بعيد ان تأتي لتعرفها على الحاضرين، وبعد عدة ساعات كانوا يجلسوا جميعهم على طاولة واحدة ويتبادلوا أطراف الحديث التي كانت تشاركهم بها لين وهي تشعر بسعادة متناهية فتلك أول مرة تشعر بتلك الأولفة والدفء بجوار عائلة حقيقية لا يشغلهم أي شيء من أطماع الدنيا، سوى محبتهم و الود الذي يغدقون بعض.

به، أنتشلها من حالتها تلك صوت دافء رخيم أرجف كل خلية بها وجعل ضربات قلبها التي كانت غافية منذ سنوات تتراقص بشكل جنوني للغاية
أسف ياجماعة على التأخير
هتف بها هو برسمية شديدة عندما حضر لتوه بطلته التي تخطف الأنفاس وهيأته الشامخة الواثقة التي أكتسبها مأخرًا
أبتلعت ريقها ببطء شديد وهي تلتفت برأسها ترى صاحب ذلك الصوت التي تقسم أنه يخص أول و أخر شخص بذلك العالم تفتقده بشدة.

مهلًا، ليس هو أنا فقط أهزي، نعم أنا أهزي لا محالة، أنا فقط أتوهم الأمر، لأني أفتقده، فذلك الشخص الذي يقف أمامي هيأته بعيدة كل البعد عن هائمي، لا أقسم أنه هو، هو فقلبي يشعر به و يتراقص بحضرته كما السابق
ظلت نظراتها معلقة عليه بشدوه تام وهي تشعر أنها ستفقد صوابها لتهمس بلوعة حارقة وبصوت ممزق خفيض للغاية لم يصل لأحد بسبب تقطع أنفاسها وعصيان قلبها الذي أراد ان يصرخ هو بأسمه بدلًا منها:
يوسف.

نعم هو أيتها القطة ولكن لم يظل هائمك الذي طمح دائمًا بمأوى عيناكِ بل جعلته تلك السنوات شخص آخر سيصعب عليكِ حتى التعرف عليه...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة