قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية تيراميسو للكاتبة ميرا كريم الفصل التاسع عشر

رواية تيراميسو للكاتبة ميرا كريم الفصل التاسع عشر

رواية تيراميسو للكاتبة ميرا كريم الفصل التاسع عشر

الخَيْرُ فيه ثَوابه وإن أبطأ، والشَّرُ فيه عقابه وقلّما أخطأ.
الخَيْرُ تَنْفحُك جَوَزايه، والشَّرُ تلفحُكَ نَوازِيه.
( أحمد شوقي).

عودة آخرى إلى قلب أوربا الرحيم الذي لم يكن يوم رحيم أبدًا بأحد
فكان روبرتو يجلس داخل مركبه الصغير وحيدًا بعد مغادرة خادمه لشراء المُأن اللازمة لهم، فكان يريح ظهره على أحد المقاعد الخشبية على سطح المركب و يحتضن صورة محبوبته الراحلة.

ماري التي أشتاق لها كثيرًا فمنذ وفاتها وهو فقد شغف الحياه وزهد في كل مُتعها وأكتفى فقط بالعيش من أجل أن يمجد ذكراها بداخله قطع سيل أفكاره حركة غريبة داخل مركبه ليدس الصورة بجيب بنطاله وينهض ليتفقد الأمر وهو يظن أن خادمه قد عاد ولكنه تفاجئ باثنان ملثمين يعتلوا سطح مركبه ويقتربوا منه بحرس شديد لتحتد نظرات روبرتو ويخرج سلاحه من خلف ظهره الذي لم يفارقه يومًا منذ ما حدث ويشهره بوجههم ليصيح أحدهم بفحيح شيطاني وهو يقترب خطوة للأمام: أخيرًا تمكنا من العثور عليك سيد فليب وقد حان الوقت لتدفع ثمن كل جرائمك الشنعاء بحق منظمتنا.

ليجيبه روبرتو بنبرة صارمة وبثبات ووقار قاتل دون أن تتأثر به قيد أنملة: جرائم شنعاء ليس بمصطلح سليم أيها الوغد فما فعلته كان الصواب بعينه وطالما طمحت بالقضاء على أمثالكم بكل بقاع الأرض
ليقهق الآخر ويقول ساخرًا وهو يقترب منه أكثر: حسنًا دعنا نمهلك تلك الفرصة العظيمة للقضاء علينا كم أتشوق للموت على يديك أيها العجوز الخرف.

ليطلق روبرتو طلقة من مسدسه ما أن رأه يقترب أكثر كي تمنعه وتستقر بساقه ليأن بألم ويرتمي على الأرض بينما باغته الأول بلكمة قوية تفاداها هو بأحترافية شديدة ليستغل الآخر الهائه ويركل بساقه السليمة يديه التي تحمل سلاحه ليسقط منها على أرضية سطح المركب ويتناوله الأول بسرعة بديهية مما جعل روبرتو يتراجع إلى الخلف عدة خطوات وهو يستعد لمَ سيحدث فربما قد حان وقت الرحيل للأبد، ليبتسم أحدهم بخبث تحت قناع وجهه بعدما رأى تراجعه ونظرات الخوف التي تملكت منه أخيرًا ليركله ركلة آخرى ولكن تلك المرة بمعدته مما جعله يسقط بإنهزام ويأن من الألم فهو ليست لديه القدرة على المعافرة أكثر بحكم تقدم سنه ليعاجله أحدهم بلكمة قوية تبعها لكمة آخرى دون أي مقاومة منه وكأنه أستسلم لفكرة الموت اليوم واللحاق بمحبوبته.

ليقهقهو الاثنان عليه هازئين من قلة حيلته ويشهر أحدهم سلاحه برأس روبرتو ليغمض هو عينه ويرحب بالموت عندما استمع لشد أجزاء السلاح فهل ياترى سيصبح ذلك مصيره المحتوم آم سيكون للقدر رأي آخر...

نعم سيكون للقدر رأي أخر فطالما كان الله حليم رؤف بعباده وساق اليه ذلك الهائم بلا مأوى سوى مركبه الصغير، فقد تفاجئ روبرتو عندما فتح عينه بظهوره خلفهم بحرص تام و هو يأشر له بسبابته على فمه أن يصمت و لا يلفت الأنظار له ليتقدم ببطء شديد وهو يحمل بيده أحد العدد الحديدية الطويلة الخاصة بصيانة المركب ودون أي مقدمات كان يضرب يد ذلك الملثم ليسقط منه السلاح ولم يعطيه وقت للتفاجئ فقد باغته بعدة ضربات قوية على كافة أنحاء جسده جعلته يتراجع للخلف ويختل توازنه ويسقط في المياه، وما أن التفت للآخر الذي صوب روبرتو على ساقه سابقًا، فقد كان يشهر سلاحه بوجهه وهو يقف بميل غير قادر على الأرتكاز على ساقه المصابة ليبتلع يوسف ريقه ببطء شديد ويرمي تلك القطعة الحديدية من يده ويرفع يده باستسلام وهو يجثو بلأرض مدعي المسالمة والخنوع وما أن كاد يبتسم الملثم بأنتصار باغته يوسف بذكاء بركلة قوية بساقه المصابة جعلته يصرخ من الألم تبعها ضربة رأس بمعدته أسقطتته أرضًا تزامنًا مع قبضه على ذراعه المحملة بالسلاح ورفعها لأعلى وهو يضغط بكل قوته على أصبع ذلك الملثم لكي يفرغ خزينة سلاحه لتنطلق عدة طلقات عشوائية بالهواء نتيجة تسارعهم المستميت ومعافرة يوسف للاستحواذ عليه ومع آخر طلقة من السلاح كان يضربه ضربة رأس قوية شوشت رؤيته ليعاجعله يوسف بآخرى ثم آخرى ثم نهض و أصتحبهم بركلة قوية بصدره جعلته يبصق دمً ويشعر بإنهاك شديد ليركله يوسف ركلة أخيرة بمعدته جعلته يتلوى من شدة الألم ويجر به من ملابسه ويلقي به من على سطح المركب ليسقط في مياه البحر.

ليجلس يوسف على ركبتيه بتعب وبأنفاس متسارعة ويمسح الدم المتساقط من فمه بظهر يده وهو يشعر بوخز قوي بصدره وما أن تتحسس ضمادته وجدها غارقة بدمائه ليهرول روبرتو اليه الذي كان مشدوهًا من كل ما حدث ومن عودة يوسف وأنقاذه له ليسنده وينهضه ويتوجه به إلى تلك الغرفة الصغيرة والفراش الضيق داخل المركب تزامنًا مع وصول الخادم بعدما قام بشراء كل ما سيلزمهم ليتفاجئ بالفوضى وسيده يسند يوسف ليصيح روبرتو ما أن رأه: أنطلق بنا زيرف يجب أن نغادر بأسرع وقت فقد كشف أمرنا.

لينصاع له الخادم ويشعل محرك المركب وينطلقوا إلى عرض البحر مرة آخرى.

بعد عدة ساعات كان مستلقي على الفراش يرمش بعينه يحاول أن يستعيد وعيه ليجد يد حنونة تربت على يده ليتمتم بجزع بلغته الأم وهو ينتفض: أيه اللي حصل،؟
أجابه روبرتو بود وبنبرة مطمئنة بعدما تفهم لغته: أهدء بني أنت بأمان
ليزفر يوسف بأرتياح ويسند ظهره مرة أخرى على الفراش ليهمهم روبرتو بعرفان: أشكرك بني لولآ عودتك وأنقاذك لي لكنت جثة هامدة الآن.

أغمض يوسف عيناه بألم وتحسس ضمادة صدره وقال بنبرة متألمة: أشعر بوخز قوي بصدري
ربت روبرتو على يده وأخبره بود: لا عليك سيزول الألم لقد أعطيتك مسكن قوي سيبدء مفعوله بعد قليل، فقد تضرر جرحك ونزف من جديد ولكني عالجت الأمر.

عقد يوسف حاجبيه وتسأل بريبة: تعلم أنك غريب الأطوار حقًا أيها العجوز، من أنت ليريدو هؤلاء الرجال قتلك؟ وكيف تمكنت من مداوة جرحي والأعتناء بي وأنت مجرد صياد يقصد البحر من أجل قوت يومه، أقسم أن من الوهلة الأولى التي رأيك بها وأنا أشعر أن لك هيبة و وقار لا يليقوا أبدًا بمهنتك فالتخبرني رجاءً فليس لي جلد لمصادمات آخرى.

أومأ له روبرتو وأخبره بود شديد: حسنًا بني سأخبرك ولكن عليك أن تعدني أنك لا تتركنا وتظل برفقتنا وتجعلني أحظى برفقتك فأنت أنسان نادر الحصول عليه بزمننا هذا فقد خاطرت بحياتك من أجلي ودون أي دافع أو غرض سوى سلامتي وأثبت لي حقًا أن الرجل العربي لديه أصالة عريقة ونخوة العروبة تسري بدمه.

حانت من يوسف بسمة ساخرة على حاله وقال بقلة حيلة: أطمئن لن أتركك فليس لي مأوى على أي حال وبسبب نخوتي تلك التي تتحدث عنها حصدت الكثير من الخيبات وقد أكتفيت
لينفي روبرتو برأسه ويخبره بثقة عارمة ووقار لن يضاهيه به أحد: معي أنا ستحصد ما جنته يديك وستتغير كل قناعاتك.

عقد يوسف حاجبيه بريبة وظل يردد حديث روبرتو برأسه يحاول أن يستشف إلى ماذا يرمي وما أن يأس من التفكير أكثر قال بفضول أصبح يتأكله: حسنًا أخبرني أولًا من أنت حقًا حتى لا أفقد صوابي؟
أبتسم روبرتو وتنهد تنهيدة عميقة محملة بالكثير من الألم وبدء الحديث برَوية: أنا كنت أعمل كطبيب بشري أدعي.

فليب مرديني كنت أعيش حياه هادئة مع زوجتي الراحلة ماري تلك العربية الفاتنة التي سرقت قلبي منذ الوهلة الأولى عند أنتدابها من بلدها إلى المشفى التي أعمل بها.

كنت أعشقها حد الهوس ومتيم بكل شيء بها فكانت شخصية حنونة وعفوية للغاية ولديها جاذبية خاصة بها تخطف الأنفاس، عند عرضي الزواج عليها رفضوا أهلها الأمر وبشدة كوني لست عربي مثلها فقد كانوا يريدون لها زواج تقليديًا داخل بلدها الأم لكنها تمسكت بي وعارضت أهلها من أجلي وأصرت على الزواج مني والعيش معي وبالفعل أتممنا كل شيء غير عابئين سوى بتكليل عشقنا بالزواج و بعد سنوات قليلة لم يأذن الله لنا بأطفال فكنت أعاني من عدة مشكلات صحية متعلقة بلإنجاب إلا أنها لم تعترض يوم و كانت تشعرني أنها تكتفي بي عن العالم أجمع ولذلك كنت أريد تعويض قلة حيلتي وحياتنا المنقوصة بأي شيء يمكن أن يسعدها ويعوضها عن كافة تضحياتها من أجلي، وذلك ما جعلني أتورط مع منظمة إجرامية كبيرة، و كنت أريد حصد المال من أجل تحقيق أحلامها وطموحها الجامح و بالفعل أصبح لدي الكثير وكنا نعيش في رغد وسعادة متناهية، وأصبح لدي السُلطة والنفوذ التي تجعلني أتحكم بكل شيء بفضلهم.

ليتنهد بآسى ويستأنف بضيق تحت نظرات يوسف المتأهبة: إلى أن أكتشفنا بعد سنوات عجاف من المعالجة أن زوجتي أخيرًا بعد عناء دام لسنوات دون أمل تحمل طفلي بأحشائها، رغم سعادتنا المتناهية بلأمر إلا أني أنتابني رهبة غريبة من الأمر وبعد تفكير كثير أدركت أن الله بعثه لي كي أكف عن تلك الأعمال المدنثة وأعود إلى رشدي وشعرت حينها أن من حق زوجتي أن تنعم بحياه هادئة سالمة برفقتي من أجل ذلك الطفل التي طالما أنتظرته بعيدًا عن كل المخاطر التي أقحمت نفسي بها، لم أتوانى بالأمر واسرعت بأخبارهم إنني أريد أن أكف عن العمل معهم وكوني أطمح بتكوين أسرة فكان ردهم رد قاطع لا يقبل الحياد أن لا أحد يخرج من عالمهم سوى بالموت، ولكني عارضت وبشدة وأصريت حتى أني تفوهت بالكثير من التراهات وتعاملت مع تهديداتهم بلامبالاه شديدة و أخذت زوجتي وأبتعدنا عن كل شيء ظنًا منا أنهم تقبلوا الأمر.

لتفر دمعة حارقة من عيناها وتتهدل ملامحه للحزن الشديد وكأن تلك الذكرى الأليمة مازالت منقوشة على جدار قلبه ليربت.

يوسف على ساقه ويحثه بعينه على المتابعة ليسترسل هو من جديد: فبعد أن أمهلوني عدة شهور من الخوف والحذر أنتظرو ما أن أنجبت زوجتي طفلنا الموعود الذي كان يشبهني كثيرًا حينها وقاموا بقتلها وقتل الرضيع دون أي شفقة منهم، ليستأنف بدمعات حارقة ونبرة متألمة: قاموا بقتلهم فقط كي يثبتوا لي أنهم هم الأقوى وأن حتى الشرطة التي حققت بمقتلهم لن تستطيع ردعهم و تتستر على جرائمهم وأيقينت حينها أن لا مفر من جحيمهم، وأن عقابهم كان مدروس ومحسوم بإتقان من أجل أن يجبروني مرة آخرى للعودة للعمل معهم ولكن دون قيود أسرية تعيق مصالحهم، لم أعلم كم من الوقت استغرقته لاستوعب الأمر ولكن ما أعلمه إنني أقسمت أن أريهم الجحيم على الأرض حقًا فقد استغليت نفوذي ومعرفتي بكل ما يخصهم وحكت خطة محكمة بإتقان شديد و أشعلت النيران في أكبر مؤسساتهم.

أثناء الإجتماع السنوي لأهم الأعضاء بهم وتسببت في خسائر فادحة وموت الكثير منهم وكم أردت أن أحرق قلوبهم قبل أجسادهم مثلما أحرقوا كافة آمالي ودمرو أسرتي ومن حينها وأنا زاهد بكل شيء و أعيش على تلك المركب بهوية جديدة وأسم مستعار كي لا يتعرفوا علي أعوانهم وينتقموا مني.

رغم قصته المأثرة تلك التي أثارت الكثير من التناقضات بداخله إلا أنه قال في ثبات بعدما عذره تمامًا فمن منا لم يخطئ كلنا خطائون وخصتًا عندما يتعلق الأمر بمن نحب فحتى هو ذاته كان على استعداد أن يفعل أي شيء من أجلها يقسم أنه كان سيجاهد لأخر رمق به ويحرق الأخضر واليابس لتكون له ولكنها خزلته و لم تكن بأخلاص واكتفاء زوجة روبرتو وجرحته في صميم قلبه: لن ألومك على حياتك السابقة فهي ملك لك لوحدك، واعذرك ولكنى أشعر أنني في حلم سيء لم استيقظ منه بعد، فكنت على حافة الموت أيضًا من أجل امرأة ولكنها لم تستحق بعد أن كانت أبسط طموحي أن أعيش بسلام دون نزاعات ولكن دائمًا ما ترغمني الحياه على مواجهة صعابها دفعة واحدة.

ليربت روبرتو على يده المسنودة على الفراش بود ويخبره: أشعر بك بني وبما يختلج بصدرك فإن نار الأنتقام حارقة فلا تدعها تتأكل قلبك
حانت من يوسف بسمةهازئة وقال بسخرية مريرة: طالما كانت هي طريق اللين إلى قلبي ولكن بعد ما حدث أشعر إنني أنا المخطئ كوني جعلت قلبي هين عليها وسمحت لها أن تتغلل بين جوانبه وتتسبب بطعنه في صميمه.

ليتسأل روبرتو بحنو شديد بعدما لمس بفطنته أن خلف قناع السخرية هذا قصة أليمة: أظن إننا أصبحنا رفقة الآن فلتبوح لي وتخفف عن قلبك ذلك الحمل الثقيل، ربما استطيع مساعدتك
ليتنهد يوسف بعمق ويسند رأسه على ظهر الفراش ويطالعه بتوجس ويقول في حزن جلي على صوته: حقًا تستطيع مساعدتي؟
أومأ له روبرتو بثقة عارمة وقال: جربني إذًا...
ليستأنف يوسف بضيق: حسنًا سأخبرك كل شيء ولكن أريدك أن تسدي لي معروفًا.

رحب روبرتو بود شديد ليسرد له يوسف كل ماحدث من بادئة الأمر وهو يشعر أنه الغريق الذي يتعلق بقشة لا يعلم أن تلك القشة التي يستهان بها هي من ستقسم ظهر البعير.

بين الصخب وتلك الموسيقى الغربية داخل أحد النوادي الليلية كان يجلس عز صاحب غابات الزيتون الزابلة بأحد الطاولات المنعزلة وينظر لمحيطه بتيه شديد و هو يفرك أرنبة أنفه بحركة أصبحت مستديمة لديه بعد تعاطي تلك السموم البيضاء.

فكان يشعر بالضياع وكأنه فقد ضالته يطالع كل الوجوه حوله بغرابة شديدة وكأن ذلك العالم غريب عليه وزهد كل مُتعه التي كانت تستهويه سابقًا، حتى أنه يشعر أن برأسه حرب ضارية من التساؤلات التي تكاد تفقده صوابه لا محالة إن لم يعرف إجابتها
فلمَ الآن فقط يشعر بوحدة قاتلة تكاد تفتك به؟
لمَ لم يحظى بقلبها؟
لمَ فعلت به ذلك؟
ترى من هو ذلك الشخص التي فضلته عليه؟

هل كان ذلك الشخص ينعم بقربها مثله هل كان يحتويها ويغدقها بحنانه كما يفعل هو، والأهم من كل ذلك هل حقًا تحب ذلك الشخص؟
وإن كانت تحب آخر غيره لمَ استكانت بين يديه و بادلته قبلته بكل دفئ ورقة!؟
و لمَ أيضًا كان يرى بعيناها تلك النظرة الصادقة المفعمة بلأهتمام؟
قطع صراع عقله وأفكاره التي تكاد تفتك به قول أحد المروجين للمخدرات وهو ينحني عليه بحذر ويعطيه ما بيده: أحضرت طلبك.

أومأ له عز وأخذ منه طلبه ودس بكفه النقود ونهض بخطوات مسرعة إلى المرحاض كي يأخذ جرعة وفيرة من تلك السموم البيضاء بإستسلام تام لكي يلبي نداء جسده ويسكن أنينه ويخرس طنين رأسه قليلًا.

بعد يومان في مقر عمل ذلك اللعين الذي لم يعرف اللين طريق إلى قلبه يوم كان يدور ويدور حول نفسه بعصبية مفرطة فكل مخطتاته تبوء بالفشل فمنذ أحتراق المستودع خاصته وهو يكاد يفقد صوابه ويعلم من قام بذلك وبعد بحث دام للكثير لم يتوصل رجاله لأي شيء فمن قاموا بتخديرهم وأشعال المستودع كافتهم ملثمين ولم تلتقط الكاميرات أي دلالة عليهم ولا حتى تركو أي أثر يستدل عليهم مما جعله يستشيط غضبًا على رجاله ويفرغ بهم كافة شحنته السلبية فلم يسلم أحد من شره قط،.

زفر بضيق عندما تعالى رنين هاتفه وعلم هوية المتصل ليرد بعجرفة بعدما استمع لحديث الطرف الآخر: نعم حرق بالكامل وأصبح كوم رماد، ترى من أخبرك بالأمر؟
أجابه مارك من الطرف الآخر: أتت لي مكالمة هاتفية للتو من مجهول تنبأني بلأمر
ليصرخ به وليد : تبًا من ذلك المجهول اللعين الذي يريد تدميري لهذا الحد ويعبث بكل ما يخصني أقسم إنني سوف أقضي عليه ما أن أعلم هويته.

رد مارك بحدة وهو ينهره من الطرف الآخر: أنت حقًا أحمق أيها اللعين ذلك فقط ما يشغل بالك
يوجد شيء أهم بكثير من كل ذلك
ليعقد وليد حاجبيه بعدم فهم ويتسأل بريبة: ماهو؟
ليرد مارك بِفطنة: ألم يخطر بذهنك لمَ هاتفني أنا شخصيًا؟

فلابد أنه يعلم تمام المعرفة أمر توريطي معك وبأتفاقنا سويًا فلا تنسى أيها اللعين أن ما يدور ليس للزعيم أنطونيو علم به وإن علم أني متورط معك وقد رشحتك لتلك الصفقة عن عمد وأنها مناصفة بيننا سوف يقضي علينا دون أن يرف له جفن.

ليتعالى صوت سباب وليد بألفاظ نابية ما أن تفهم الأمر وقال بثبات وثقة رغم أنتفاضة دواخله وتسلل الخوف إليه: لا تقلق فمن الممكن أنه أتصال كيدي من أحد الحاقدين يريد به أن يزعزع ثباتنا، فقط دع الأمر لي فمن المأكد أنني سأعرف هوية ذلك المجهول وأقتص منه
ليتسأل بعدها بإنفعال بدى جلي على صوته: دع من ذلك و أجبني الآن ما العمل؟

أنت تعلم أني وضعت بتلك الصفقة كل ما أملك من مال ولا استطيع خسارتها بعد حريق المستودع وخصتًا أن يتوجب علي السفر بعد يوم غد
ليخبره مارك بلؤم شديد: حسنًا لدي حل قد يناسبك
ليرحب وليد راجيًا: ما هو أخبرني به رجاءً في الحال؟

ليقول مارك بحيطة وبذكاء: يوجد لدي من يتدبر الأمر شخص موثوق منه ولديه مستودع معد مسبقًا ولكنه يريد أن يتحمل هو كافة التصرف بالشحنة من بدء دخولها للبلد وهو لا يطمح بنسبة كبيرة فقط ثلاثون بالمائة منها.

زفر وليد بإرتياح وأجابه دون تفكير بعدما وجد العرض يناسبه للغاية فثلاثون بالمائة لا تعني شيء من تكلفة تجهيز مستودع جديد، و طالما أخبره مارك أنه شخص موثوق فلا داعي للقلق فهو يظن أن مارك لا يستطيع أن يغشه لكونه متورط معه حتى أنه يكاد يثق به ثقة عمياء غافل عن كونه يريد توريطه بعيد عنه ليضمن سلامته بعد تلك التهديدات الصريحة بإبلاغ الزعيم أنطونيو على أعماله التي تتم خلف ظهره و دون علمه فإن علم حينها سوف لم يتوانى في قتله هو وكافة سلالته: حسنًا أوافق دعني أقابله و اوقع معه العقود الجديد الخاصة بالشراكة، ليبتسم مارك بخبث من الطرف الأخر على نجاح حيلته ويخبره بثبات: حسنًا هو أوكلني بكل شيء فلا وقت لديه، سوف أتي لك في الغد وأوقع معك العقود اللازمة.

ليبتسم وليد بإنتشاء وتلتمع عينه بوميض الحقد والجشع من جديد ما أن أغلق الخط معه وهو يمني نفسه أنه سيحصل على كل مايريده بعد أيام معدودة وأن لا أحد سيقدرعلى رضعه غافل أن سيكون للقدر رأي آخر ويبعث من يطيح به في شر أعماله.

عودة إلى القاهرة وخصتًا تلك المنطقة الشعبية البسيطة التي يقيموا بها فقد كانت حلا تستعد في صباح يوم جديد للذهاب إلى المشفى ككل يوم برفقة إسماعيل الذي منذ ما حدث لوالدتها ولم يتركها قط
وكان دائمًا يلتزم بتلك الأصول المتبعة تجاهها، لا تنكر أن وجوده بجانبها أشعرها بشعور غريب بالأمان التي أفتقدته منذ وفاة أبيها ورحيل يوسف.

، لا تنكر أن تصرفاته المتزنة معها تلك تشتت عقلها، فهو يفعل كل شيء بعفوية شديدة وتلقائية دون طلب مستخدم فطرته الرجولية، لوهلة تذكرت ذلك المقيت وخداعه لها لتلعنه ربما للمرة المائة بسرها وتدعوا الله شاكرة أنه نجدها من براثنه فكلما تتذكر ما حدث تنقم على ذاتها وتتسأل لمَ كانت مغيبة لهذا الحد وغافية عن كل تصرفاته الدنيئة معها لاتعلم لمَ بهذا التوقيت بالذات أراد عقلها أن يعمل بشكل صحيح ويقارن بين أفعالهم فهذا شهم ومتفهم وتصرفاته جميعها تصدر منه بصفة رجولية بحتة، أما ذلك المقيت فهو كل أفعاله بغيضة لا تمت للرجولة بشيء، نفضت أفكارها سريعًا وهي تشعر بمدى غبائها فما الداعي الآن لتلك المقارنة هو لن يشغلها على أي حال ولا تكن له سوى العرفان بجميله ومساندته لها فتلك الظروف العصيبة، ما أن أنهت أرتداء ملابسها ووضعت حجاب رأسها توجهت إلى باب الشقة لتغادر لتتفاجئ بشخص يحمل عدة أوراق بيده و يقف على باب شقتهم وعلى وشك أن يطرق الباب.

ليتسأل ما أن ظهرت أمامه: دة منزل حلا كمال
أبتلعت ريقها ببطء وأجابته: أيوة أنا حلا
ليستطرد الرجل بنفس واحد وهو يخرج ورقة من مجموعة الأوراق التي يحملها ويناولها لها ويطلب برسمية: أنا محضر من المحكمة وأتفضلي دي قسيمة طلاقك من الاستاذ علاء الفقي وقعي هنا لو سمحتي
لوهلة توقف الزمن بها وشعرت أن دوار شديد أنتابها
وأن عيناها ترغرغت بالدمع فرغم كل ما قاسته منه إلا أن الموقف له رهبة غريبة من نوع آخر.

لتتناول القلم من يده بأيدي مرتعشة وتوقع على أستلام قسيمة طلاقها ليغادر الرجل
تاركها متسمرة تنظر لتلك الورقة بيدها وغصب عنها تتساقط دمعاتها دون هوادة.

تزامنًا مع خروج إسماعيل من باب شقته وما أن استمع لشهقاتها المميزة المنبعثة من محيط الدرج صعد إليها وهو يأخذ عدة درجات من السلم بخطوة واحدة من شدة قلقه وما أن سقطت بندقيتيه المتلهفة عليها تستند على باب شقتهم من الخارج وتبكي بحرقة شديدة وهي تمسك بيدها ورقة خمن هو بفطنته فحواها ليقول بضيق وهو يشاهد أنهيارها بقلب منفطر: أنتِ كويسة؟
نفت برأسها وغمغمت من بين شهقاتها: لأ، بس لازم أبقى كويسة.

لترفع قسيمة طلاقها أمام عينه وتستأنف: علشان بقيت حرة والواطي بعتلي ورقتي
رفع نظراته اليها لوهلة يريد أن يستنبط شيء من ملامحها والسبب الحقيقي خلف بكاءها ولكن بلاجدوى وما أن يأس تسأل بتوجس بما يتخوف منه: أنتِ زعلانة علشان بعتلك ورقتك؟
نفت مرة آخرى برأسها وقالت.

بصدق أشعره بالأرتياح: لأ بالعكس أنا كنت متخيلة أنو هيساومني ويذلني علشان يبعتهالي، أنا بعيط على نفسي وعلى بختي وعلى الست اللي مرمية في المستشفى بسببي.

لايشعر متى تسللت تلك البسمة الحالمة إلى ثغره الذي وئدها سريعًا وهو يتذكر تلك الحرب الضارية بينه وبين قلبه الذي أكتفى خيبات أمل ليلتزم بثباته ويقول كي يواسيها: بمناسبة الست اللي مرمية في المستشفى جاتلي مكالمة الصبح بيقولي أنها الحمد لله خرجت من العناية وقعدوها في أوضة عادية
وأن حالتها مستقرة لحد كبير.

أبتسمت تدريجيًا بسعادة متناهية جعلت أنفاسه تحتبس بصدره وهو يركز لوهلة خاطفة على وجهها، لتجفف دمعاتها بظهر يدها وتعتدل بوقفتها وتقول دون تعمد وهي تتمسك بذراعه:
بجد يا إسماعيل ماما بقت كويسة
أهدء أيها القلب رجاءً وكفاك طرق بين أضلوعي بذلك الجنون، هي لم تفعل شيء لعصيانك ذلك، ليجيبه قلبه لا بل فعلت فهي تمسكت بذراعك لتوها كطوق نجاه وتفوهت بأسمك لأول مرة منذ عدة سنوات وجعلتني أتراقص طربًا على أنغامها.

فلا تكبح جموحي بها، فأنا لن أخفق سوى لها ودعك من قرارات عقلك الواهية وأؤمن بي فربما هناك بصيص من الأمل يلوح في الأفق رجاءً أنصاع لي مرة آخرى فقط وسوف ترى أن خفقاتي لم تكن هدرًا، نفض أفكاره سريعًا كعادته بعد كل صراع بين قلبه وعقله وهو مازال ينظر لموضع يدها على ذراعه لتتبع هي نظراته وتسحب يدها بحرج وتظل تعدل بحجاب رأسها عندما تتوتر ليهمهم هو بثبات بعدها وهو يتجنب النظر لها: أه بجد، تعالي يلا نروح نطمن عليها.

أومأت له بطاعة وأغلقت باب شقتهم وأتبعته إلى خارج البناية وما أن وطأت قدميهم إلى الخارج ظلت النظرات تتربص بهم والأحاديث الجانبية تنتشر من جديد حتى كانت في تلك الأثناء عدلات تلك السيدة ذات الصيت الشائع بمنطقتهم تتبع بعيناها وتستمع بأذنها لكل الأحاديث الجانبية التي تعتمد على نظرتهم السطحية للأمور غير مراعين حقوق الجيرة ولا مرض جارتهم الودودة نجية لتستغفر ربها وترد غيبتهم وتتجادل مع الكثير منهم وتحاول أن تقنعهم أن يتقوا الله ولا يرموا الناس بالباطل وتقرر أن بعد خروج نجية من المشفى سوف تعلمها بكل ما يدور بغيابها.

عودة آخرى لقلب أوربا الرحيم
وخصةً عند صاحبت الخُصل النارية ماهي فمنذ ما حدث وهي لم تغادر فراشها وتشعر بإعياء شديد وكأن جسدها أعلن عصيانه عليها
دون أي مبرر فقد أصبحت معدتها تتحسس من كل شيء ولا تتقبل الطعام، لا تعلم لمَ راودتها فكرة عابرة أرجفت أوصالها وجعلت الذعر يتملك منها لتتحامل على نفسها وتستعد للنزول لتقطع الشك باليقين وهي تدعوا الله أن يخلف ظنونها.

آما بالمشفى التي تقبع بها لين فكان يعقوب بطريقه لغرفتها بخطوات متلهفة لكي ينبأها بلأخبارالجديدة ونجاح خطته بألهاء وليد وعند وصوله للمصعد وإن كاد ينطلق به أندفعت بداخله فتاه صهباء ذات خصلات برتقالية قصيرة وملامح جذابة رقيقة للغاية لاتتناسب مع طلتها الجنونية تلك أطلاقًا فكانت ترتدي بنطال جينز ممزق وفوقه كنزة شبابية بها كافة ألوان الطيف وحذاء رياضي وتحمل على ظهرها حقيبة ظهر ذات رسوم كرتونية مضحكة جعلته يقهقه دون قصد على هيأتها لترمقه هي شذرًا ما أن استمعت لضحكاته الساخرة، ليتحمحم هو بعدها بحرج و يخفي فمه بيده ويحاول جاهدًا كبح ضحكاته على هيئتها التي تشبه الشخصيات الكرتونية كثيرًا لتزفر هي بضيق وتضرب الأرض بقدمها بغيظ من عجرفته بينما هو شعر أنه تمادى بسخريته ليستعد ثباته من جديد عندما أمتلأ المصعد برائحة عطرها الفواح الذي يشبه كثيرًا عطر لين ولكن ذلك أكثر سحرًا فكان ممتزج برائحة آخرى تشبه رائحة المانجو قليلًا مما جعله يفرك أرنبة منخاره وكأنه يريدها أن تختزن تلك الرائحة الساحرة بداخلها لأطول وقت ممكن ليغض الطرف عنها ويركز نظراته الثاقبة على اللوح الألكتروني الخاص بالمصعد وكأنه يرجوه أن يصل إلى وجهته بأسرع وقت.

ولكن خابت كافة آماله عندما أنطفئ ضوء المصعد وأرتجت جوانبه وتوقف بهم بالحائط ليستمع لصوت صرخة صادرة من تلك الصهباء ودون أي مقدمات وجدها تتشبث به بقوة وهي تصرخ راجية: ماذا حدث أنا لدي رهاب من الأماكن المغلقة رجاءً ساعدني أكاد أختنق.

ليسحب يعقوب نفس عميق من عبق شعرها الذي أرتطم بوجهه فقد أدرك أخيرًا من أين تبعث رائحة المانجو التي يعشقها ليقول بإنزعاج أصبح جلي على صوته بسبب قربها الخطير منه وتلك الرائحة التي عبثت بثباته: حسنًا ولكن أبتعدي قليلًا كي استطيع أن التقط بعض الهواء.

لم يرى ردة فعلها بسبب العتمة ولكنه شعر بتحريكها لرأسها بنفي على صدره وهي تتشبث به أكثر برعب تام، ليتنهد بنفاذ صبر بعد كل حركة منها تزعزع ثباته كرجل و رفع يده يتجنب لمسها وقال ليطمأنها كي تبتعد قليلًا وترأف به: حسنًا أهدئي لا شيء يدعو للذعر ربما عطل بسيط وسيتم إصلاحه الأن...

لم يستكمل جملته بسبب تحريك المصعد بهم ووقفه بعشوائية من جديد ومازالت أضواءه مطفأة لتدفعه هي دون قصد وهي تصرخ وتدفن وجهها بصدره برعب أكبر مما جعل توازنه يختل تزامنًا مع حركة المصعد مرة آخرى ليسقط على أرض المصعد وتسقط هي فوقه وهي ترتجف بقوة وتقول بلغتها الأم التي صدرت منها دون قصد من شدة رعبها: أنا خايفة أوي ومش عايزة أموت.

لتحين منه بسمة عابثة بعدما تيقن أنها عربية ولكنه لم يريد أن يرد بنفس لغتها وأراد مراوغتها قليلًا، فما المانع من قليل من المشاكسة الآن ليهمهم وهو يعتدل بجلسته بصعوبة بسبب أنها مازالت متشبثة به ويقول وهو يبعدها برفق عنه: أقسم أنني لن أهرب وسأظل بجانبك ولكن أمهليني فرصة كي أهاتف أمن المشفى لاستعلم عن الأمر.

لتبتعد قليلًا مما أتاح له أن يخرج هاتفه ليلعن بسره عندما أنار شاشته و وجد أن لا توجد تغطية أرسال للهاتف داخل المصعد ليضغط على زر أشعال الضوء الخاص بهاتفه الألكتروني وظل على وضعيته الجالسة على أرضية المصعد، لتنكمش هي بذعر حقيقي بزاوية المصعد وتتسارع أنفاسها بشكل غير منتظم وهي تتمتم بأشياء عدة لم يتفهم منها شيء.

حتى ظنها مشعوذة وتطلق تعاويذ سحرية عليه ليقترب بحرص شديد وهو حقًا يشعر بالشفقة عليها فيبدو أنها لا تمزح ولديها رهاب حقيقي ليربت على ذراعها ويقول بهدوء: حسنًا حاولي أن تتنفسي ببطء، هزت رأسها على ضوء هاتفه الخافت دليل على عدم مقدرتها، ليكرر بأصرار: حاولي رجاءً ولا تفكري بشيء سيء، أغمضي عينك وفكري بأمر إيجابي كي تتغلبي على مخاوفك.

صرخت به وهي تهز رأسها وتدلك عنقها تطالب بالهواء: لا استطيع، أشعر أنني سأختنق لا محالة
ليزفر هو بنفاذ صبر ودون أي مقدمات كان يجذبها من مأخرة رأسها ويقبلها قبلة خالية من أي مشاعر
فقط لكي يشتت تركيزها ويجعلها تغض الطرف عن شعورها الواهي بلأختناق.

دفعته هي بكل قوتها بعيون جاحظة من شدة التفاجئ ولكنه لم يتأثر قيد أنملة ولم يفصل قبلته وما زاد دفاعتها إلا نهم لقبلته وكأن الأمر قد راق له كثيرًا أو أن حياته تعتمد على ذلك لتستغل هي شفاهه التي تنتهك شفاهها دون رحمة وتقطم بأسنانها الحادة شفته السفلية بقوة أدمتها وجعلته يبتعد وهو يقول بإنفعال وبأنفاس ثائرة بلغته الأم: يابنت المجنونة.

لتشهق بقوة بعد سبابه وتيقنها أنه عربي لترفع يدها دون أدني تفكير وتصفعه صفعة قوية على وجنته كانت تأثيرها عليه صاعق تزامنًا مع عودة الأضواء وعودة المصعد للعمل لتنهض بعصبية ما أن أنفتح الباب وتغادر بخطوات غاضبة للغاية بعدما تحسست شفاهها المنتفخة بألم أثر قبلته الجامحة و رشقت ثاقبتيه المميزة بنظرة شرسة مشتعلة من خاصتها وغادرت بأنفاس متسارعة دون أن تتفوه ببنت شفة تاركته يضع يده على وجنته وهو مازال مشدوه مما حدث، لا ينكر في بادئة الأمر تقصد تقبيلها لغرض سامي كما يدعي ولكن عندما تلاحمت شفاههم وتذوق رحيقها شعر بلذة خطيرة لم يجربها من قبل وذلك ما جعله يتمادى أكثر فأكثر ويستهوى الأمر لينظر لأثارها بنظرة عميقة وبمشاعر متخبطة وهو يحرك فكه ليتخلص من تشنجه بسبب صفعتها القاسية ويتوجه إلى غرفة لين من جديد وهو يبتسم بسمة حالمة غير مبررة تمامًا بالنسبة له.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة