قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية تيراميسو للكاتبة ميرا كريم الفصل الأول

رواية تيراميسو للكاتبة ميرا كريم الفصل الأول

رواية تيراميسو للكاتبة ميرا كريم الفصل الأول

في احد شوارع نابولي وخاصةً ذلك الزقاق الضيق بالمقربة من ساحة ديل بنيبسيتو
كانت تركض بكل قوتها لاهثة بلكاد تستطيع أن تلتقط أنفاسها هاربة من هؤلاء الرجال الذين يلحقوا بها.

وبعد تعثرها عدة مرات توقفت في زاوية منعزلة ومعتمة للغاية بجانب حاوية القمامة قاصدة الأحتماء بجانبها، وضعت يدها على خافقها تحاول تنظيم أنفاسها، فتلك ليست المرة الاولى التي تحاول بها الهرب، وتقسم انها إن فشلت تلك المرة ايضا ستكرر فعلتها
كتمت أنفاسها بيدها وانكمشت بذعر عندما استمعت صوت أحد الرجال الذين يبحثون عنها يهتف بلغته الإيطالية المتقنة: لابد أن نجدها سيقطع رب عملنا رؤسنا إن لم نفعل.

أجابه الأخر وهو يلتقط أنفاسه بصعوبة وينحني يستند على ركبتيه: لم نترك أنش بذلك المكان اللعين ألا وبحثنا عنها ترى اين ذهبت؟
ليستأنف وهو يستقيم بوقفته: دعنا نكرر البحث مرة اخرى لابد انها لم تبتعد كثيرًا
تنهدت هي بأرتياح عند أستمعت لصوت خطواتهم تبتعد شئ فا شيء
لتنهض وتنفض ملابسها وتركض من جديد، ولكن لسوء حظها لمحها أحد الرجال الذي لم يبتعد مسافة كافية وصاح بقوة:
لقد عثرت عليها، توقفي، توقفي.

لكنها لم تكترث لصياحه واطلقت لساقيها العنان لتركض بأقصى سرعة لديها ولكن لحق بها احدهم وجذبهامن ذراعيها لتتلوي بين يده وهي تضرب يده الممسكة بهاوتصرخ بقوة:
اتركني ايها اللعين والا ستندم على ذلك لاحقًا، اتركني.

لم يستجيب لها وظل يبتسم بأنتصار وهو يمني نفسه انه سينال مكافأة مجزية من رب عمله لأمساكه بها لكن لم تكتمل فرحته تلك ألا ثواني معدودة حين قضمت هي ذراعه بقوة مخرجة بأسنانها دمائه لينفضها عنه و يلعنها و هويتفحص ماتركته أسنانها من أثر، أستغلت هي انشغاله بما يفعله وركضت من جديد وهي تشعر أن طاقتها استنفذت بالكامل ومازال باقية الرجال تلحق بها، توقفت بأحباط عندما وجدت أن ذلك الشارع التي وصلت لنهايته ماكان إلا شارع مسدود لايوجد به اي أزقة جانبية تصلح للفرار، أمتعضت ملامح وجهها ولعنت تحت انفاسها المضطربة بينما اهتزت نظراتها بذعر حقيقي مما هي مقبلة عليه، تباطئوا الرجال عندما وجدوها توقفت وقد تمكن منها اليأس ليتبادلوا السخافات والسخرية بينهم.

و هم يقتربوا منها بخطوات بطيئة أرعبتها، أغمضت عيناها بقوة تستعد للقادم ولكن ما لبث ثواني معدودة حتى تناهى الى مسامعها صوت موتور دراجة نارية يندفع نحوها بسرعة فائقة، تباعد الرجال ليتفادو
الاصتدام به، امَ هي شهقت بقوة وهي تنظر لاندفاعه نحوها بسرعة متهورة تكاد تصدمها صرخت بقوة ووضعت يدها تحمي رأسها بتلقائية ولكن ما فاجأها كثيرًا هو توقفه على بعد إنش واحد منها واتاها صوت سائقها المتخفي بخوذته:.

لا وقت للتفاجئ ايتها القطة أصعدي خلفي.

فتحت نصف عيناها تطالعه ثم أبتلعت ريقها بتوتر وانصاعت له بسرعة بديهية وهي تشاهد الرجال يتسابقوا للوصول اليهم والشرار يتطاير من اعينهم، لينطلق هو بها بسرعة فائقة فور تشبثها به، وظل يتفادى الرجال بقيادته المتقنة حتى تخطاهم وابتعد عنهم مسافة كافيةوهو يتفنن في المرور والاختباء بين السيارات، ليلعنو الرجال ويحاولون اللحاق بهم بسيارتهم لكن الوقت كان ليس كافي فقد ابتعدو مسافة بعيدة عنهم واختفو بلمح البصر.

تبًا، تبًا لكم جميعا
أقسم بروح أبي أن لم تجدوها لأجعل حياتكم جحيم
هدر بها وليد بقوة وبنبرة صارخة أرجفت الرجال من حوله
تحمحم أحد رجاله وهو مطأطأ الرأس بخزي: لولا ذلك الحقير صاحب الدراجة النارية لكانت برفقتك الأن سيدي
صرخ هو من جديد بنبرة جحيمية لا تبشر بخير وعينه تقدح بلغضب: أعثرو عليها مهما كلفكم الأمر وذلك الحقير الذي قام بمساعدتها
أريده طريح تحت قدمي لأقتص منه بطريقتي الخاصة.

هرعو الرجال من امامه لتنفيذ أوامره ليتوجه نحو البار الخاص به ويسكب الشراب ويتجرعه دفعة واحدة ويهدر بوعيد بلغته الأصلية: مش هسيبك مهما حاولتي تعندي وهرجعك لو في أخر الدنيا.

بعد أن تأكد انه أبتعد مسافة كافية وان لا أحد يتتبعهم توقف بدراجته بمنطقة خاوية تبعد عدة كيلو مترات من ضجيج البلدة
ليهمهم بمشاكسة لتلك التي مازالت تتشبث به وتحتضن ظهره بحماية: أيتها القطة يبدو أن أعجبك الأمر، وانا لا أمانع فمنزلي قريب...
أنتفضت بقوة على أثر كلماته ونزلت من أعلى الدراجة تلعن غبائها لتهدر بشراسة وهي تعدل من خصلاتها البنية اللامعة بكل غرور:.

هذا في أحلامك ايها الجامح لست من نوعي المفضل
قهقه بقوة وهو ينزع خوذته من على رأسه كاشف عن وسامته الطاغية وقال بمكر وهو يطالعها بعسليتاه العابثة:
انا ايضًا لا يروق لي أن اتورط مع أمثالك ليباغتها بسؤاله وهو يضيق عينه التي تكاد تنغلق من شدة ضيقها بمكر: أخبريني ايتها القطة لما يلاحقك هؤلاء الرجال؟

زاغت نظراتها ولملمت خصلاتها خلف اذنها بتوتر بائن التقطه هو وزاد من فضوله نحوها لتستطرد هي بغرور وبثقة زائفة:
وما شأنك انت؟
أبتسم ورفع حاجبيه بمكر وهو يكتف ذراعيه على صدره كأشارة على أصراره: أنتِ مدانة لي بمعروف، فقد أنقذتك للتو من براثنهم
أفأفت بغيظ وهي تلوح بيدها بلا مبالاه وهمهمت بلغتها الاصلية وهي تنتقي من حصوات الأرض ما يصلح لمخططها وتدسها بجيب سترتها ظن منها انه لم يلحظها:.

هو انت صحيح مُز اوي، بس رخم وشكلك مش هتسكت غير لما اخبطك بطوبة
ضحك بكامل صوته الرجولي حتى انه تمسك بمعدته التي بدئت تألمه من كثرة الضحك، عندما التقط حديثها
زفرت هي بغضب من ضحكاته المستفزة وضربت الارض بقدمها و صرخت بلغة إيطالية: ما المضحك الأن، هل ابدو لك مهرج؟
أجابها من بين ضحكاته بنفس لغتها الأصلية: شكلك يموت من الضحك وانتِ بتبرطمي، وانا اللي كنت برسم عليكي فاكرك خواجاية.

ما أن استمعت لآخر ما تفوه به بلغتها العربية شعرت بألفة غير مسبوقة فهى نادرًا ما تقابل أحد خارج محيطها يتحدث نفس اللغة، لتهتف في خفة ممزوجة بالحماس وهي تبتسم ببلاهة:
الله، انت صنع في مصر؟
هدئت ضحكاته واجابها وهو يعقد حاجبيه: نعم، انتِ شيفاني تلاجة ولا أيه!
لا بصراحة ابقى ظلمتك أنت ديب فريز
تنهد وتوجه الى دراجته من جديد وهتف بلؤم: بقى كدة، طب سلام ياقطة
لتلحقه وتهتف بذعر وهي تتطلع لمحيطها.

فكان هدوء مريب يخيم على المكان و يخلو من المارة والسيارات: أستنى يا كابتن بالله عليك
فين شهامة ولاد البلد هتسبني في المكان المقطوع دة لوحدي
أخفي بسمة كادت أن تسلل لجانب فمه ورد ببرود: علشان تتعلمي الأدب ياقطة...
هتفت بغيظ وبنبرة شرسة وهي تضع يدها على خصرها بكل غرور: ايه قطة دي اللي كل شوية تقولها ماتحترم نفسك، وانا مؤدبة غصب عنك، عايز تمشي أتفضل.

أبتسم ساخرًا على شراستها وغرورها الواضح وشرع في ركوب دراجته وانطلق بها بسرعة اجفلتها وجعلتها تتطلع لأثر دراجته بعيون جاحظة لم تستوعب بعد انه بلفعل تركها في ذلك الطريق المعتم بمفردها، تمالكت نفسها قليلًا ولكن دون ارادة منها أرتجف جسدها لاتعلم هل من البرودة ام من شدة ذعرها، ضمت سترتها تحتمي بها ونظرت للطريق بترقب تدعو الله أن تمر سيارة لتقلها وتنتشلها من ذلك السكون المريب المحيط بها.

مر أكثر من نصف ساعة وهي تسير بلا وجهة محددة حتى انها بدئت تشعر أن قدماها تخدرو من شدة التعب ولكنها ظلت تتحامل على ذاتها بمسابرة، تناهى الى مسامعها نباح غريب كاد يصيبها بنوبة قلبية من شدة الذعر لتزيد من سرعة خطواتها و تدعو الله أن يسلمها فأخر ما تتمناه أن تنهش الضباع لحمها، صرخت بقوة عندما تعثرت بحجرة كبيرة لم تنتبه لها في الظلام، جلست على الارض الأسفلتية الخاصة بالطريق بعدما نزعت حذائها الرياضي وظلت تدلك قدمها برفق وهي تأن من الألم لتشهق بلبكاء وتلعن حظها العسر الذي اوصلها إلى هنا لكن مالبث وتحولت حالتها لأبتسامة عريضة.

وهى تري نور مصباح ينبثق من عتمة الليل يقترب منها
تهللت اساريرها وكففت دمعاتها ونهضت بتحامل تلوح كي يلحظها ويقلها معه
وما أن توقف امامها صرخت تنهره: سبتني ليه يا ندل ياجبان ياعديم النخوة، أنا كنت هموت من الخوف.

حانت منه بسمة هازئة على انهيارها فهو تعمد تلقينها درس قاسي حتى تكف عن غرورها وعجرفتها فكان يتابعها من بعيد بعد أن أبعد دراجته مسافة كافية وما كان صوت النباح الذي كاد يصيبها بنوبة قلبية صادر ألا منه هو، ولكن عندما رأى تعثرها وسقوطها أرضًا أشفق عليها وعاد لدراجته ليعود اليها، أتسعت أبتسامته بتسلية من صياحها فمن يستمع لها يظن انها حبيبته وتعاتبه ليهمهم بمشاكسة: اهدي واركبي بدل ما هرجع في كلامي.

وما أن انهي آخر كلمة بحديثه كانت تستقل الدراجة خلفه وتتشبث به بقوة أضحكته
لتهمس بنبرة شبه باكية بعدما طال انتظارها و لم ينطلق، حتى انها ظنت انه سيغير رأيه ويتركها من جديد:
ممشتش ليه، اوعى تكون غيرت رأيك يابن بلدي عيب عليك!
كبت ضحكته بصعوبة وهدر بحدة مصتنعة اجادها: ايوة طبعًا غيرت رأي مستحيل أمشي وانتِ كدة!
تراجعت برأسها وهي على وشك البكاء وهمهمت بتوجس: قصدك ايه؟

التفت نصف التفاته وقال بمشاكسة وهو ينظر لقدمها: قصدي انتي حافية يا قطة فين فردة جزمتك
رمشت عدة مرات ثم أستوعبت ماذا يقصد وهمست بخفة وهي تدلي تحضر فردة حذائها الذي غفلت عنه: قطة، وحافية هو انا ليه حاسة انو عادل أدهم في فيلم (حافية على جسر الذهب )نفس كريزمته و الشر بيطل من عينه
وبعدين سامعك بطلي برطمة هتخلصي ولاااااااااا
هتف بها بنفاذ صبر وبنبرة متوعدة.

لتهتف بتراجع وهي تعود بتحامل بفردة الحذاء: لأ الله يخليك انا هتكتم خالص
لتصعد مرة اخري بعدما ارتدت حذائها تحت نظراته العابثة وحين انتهت أنطلق بها غافل أن تلك هي بداية لعنته.

بينما على الصعيد الآخر في مدينة القاهرة وخاصةً ذلك الحي الشعبي المليء بالضجيج، داخل ذلك المنزل المتواضع ذو الأثاث البسيط كانت تجلس سيدة في نهاية العقد الخامس من عمرها بعد انهت أدات جميع فروضها ظلت تناجي ربها بتضرع
تشكره على نعمة الستر التي أنعم عليهم بها وتدعو لأبنائها بصلاح الحال وان يرد الغائب لأحضانها.

من جديد قطع خلوتها فتاه جميلة جمال هادئ بعيون بنية ووجه خمري وخصلات متوسطة الطول تشبه لون عيناها تخفيهم تحت حجابها الفضفاض: ماما انا حضرت العشا
ردت امها وابتسمت لها بود وهمهمت بصوت متحشرج اثر بكائها: حاضر يابنتي هاجي وراكِ
أقتربت حلا وجلست بجانب والدتها بعدما لاحظت الحزن بصوتها: ياماما حرام عليكِ أنتِ كدة بتبشري عليه، يوسف هيرجع اكيد مش هيفضل متغرب العمر كله، واديكي شوفتي انو داخ على شغل هنا وملقاش.

همهمت نجية بضيق: غصب عني يابنتي قلبي بيوجعني عليه...
لتهتف حلا وهي تربت على يدها تواسيها: معلش ياحبيبتي وبعدين هو مش بيكلمك علطول ويطمنك
وقالك انو لقى شغل هناك واستقر
أجابتها والدتها بتحسر: شغل، اخوكِ المهندس اللي كان الأول على دفعته كل سنة بيغسل صحون، هو دة يرضي ربنا، أنا شقيت عليكم علشان أعلمكم ويبقى معاكم شهادة تنفعكم
ولما خدتوها بروزتوها على الحيطة، حتى أنتِ يابنتي شغلك في المصنع قاطم ظهرك.

تنهدت حلا وقالت بيأس: دة حال شباب البلد كلها محدش بيشتغل بشهادته...
همهمت والدتها بنبرة متأثرة: ربنا يفرجها علينا وعلى البلد يابنتي...
لتباغتها حلا بخفة وهي تنهض: طب يلا بقى يا ست الكل العشا برد وهروح امري لله اسخنه، بس متخديش على الدلع دة
أبتسمت والدتها بحنان واتبعتها لتناول العشاء وهي تدعو بسرها أن يحفظ أبنائها ويسلمهم من كل سوء.

انتِ مجنونة صح، يعني
أيه مش عارف مكان بيتك؟
هتف بها هو بغيظ بعدما ظل ازيد من ساعة يدور بها داخل المدينة وعندما يأس وقف على جانب الطريق
فركت اناملها بتوتر وهمهمت: لأ عارفة مكانه، بس بصراحة خايفة ارجع البيت القيهم مستنيني هناك وانا مليش حد هنا اروحله، ارجوك ساعدني
أحنا مصرين و في غُربة زي بعض.

هز رأسه بضيق من الصعبنيات التي تتعمد تغدقها عليه فهو لن يغفل عن تذكيرها له في كل جملة بأنه ابن بلدها: شكلك هربانة من مصيبة!
وانا مش هساعدك غير لما افهم مين دول وبيدور عليكِ ليه؟

أجابته بعيون زائغة بعدما وضعت خصلاتها المتمردة خلف اذنها بتوتر: هقولك، أنا كنت شغالة في مطعم صغير وفي واحد حاول يتحرش بيا روحت خبطه بفازة كانت على الترابيزه و تقريبًا فتحتله دماغه ورجالته هي اللي كانت بتجري ورايا وزمانهم بيدور عليا...
هدر هو بحدة: والله انا كان قلبي حاسس ان وراكي مصيبة وبغبائي ورط نفسي معاكِ...

ليستأنف وهو يشهر أصبعه لها بتحذير: اسمعي انا مليش في المشاكل وعايش في البلد دي جنب الحيطة، حتى معيش اقامة واي غلطة هيرحلوني لبلدي
شهقت بلبكاء وجلست على الرصيف بهوان تضع يدها على وجهها تخفيه وغمغمت كي تستعطفه:
أنا غبية و استاهل كل اللي يجرالي، أنا عارفة إني مش مسؤلة منك وانت مش مضطر تساعدني واعذرني أصل انا معنديش حد الجأ ليه.

لا يعلم لما بكائها أرجف قلبه رغم غرورها التي لم تتنازل عنه الا انها بدت هشة ضعيفة أمامه مما جعله يتهاون معها ويهتف وهو يحك ذقنه النامية بنفاذ صبر:
خلاص مش بحب العياط
متصدعنيش...
رفعت عيناها الغائمة بدمعاتها اليه وهمهمت وهي تمسح وجهها بطرف كمها بطفولة: يعني هتساعدني؟
أجابها بتبرير وهو يمرر يده بخصلاته البنية: أمري لله اتفضلي هخدك معايا ودة مش علشان سواد عيونك لأ.

علشان أنا مش عديم النخوة زي ما أنتِ قولتي
نهضت وصفقت في سعادة: هييييي، تعيش يا فخر الصناعة المصرية
أبتسم بعدما لفت نظره غمازاتها الجذابة التي ذكرته بشقيقته وأمرها بثبات: يلا اركبي علشان اوصل الموتوسيكل لصاحبه وبعدين نشوف هنعمل ايه؟
شهقت ثم قالت ساخرة بعدما صعدت خلفه وتشبثت به: كل النفخة دي و طلعت شاحت الموتوسيكل، أمال لو كان بتاعك كنت عملت ايه؟

التفت وهو يرفع حاجبه بتحذير من تلك المشاكسة التي يتبدل حالها في ثواني
لتهتف بأندفاع وهي تضع يدها على فمها: والنعمة مش هنطق تاني قلبك أبيض يا ابن بلدي
أرتسمت على جانب فمه بسمة ماكرة وانطلق بها وهو يشعر ان تلك المشاكسة سوف تقلب حياته رأس على عقب فيما بعد.

جلس وهو يستشيط غضبًا
يلعن ويسب كل من يقابله بعد أن ورده تلك الأخبار المشؤمة عن ابنته ليباغته وليد بحدة بعدما اقتحم مكتبه: بنتك هربت وعملت اللي في دماغها بس ورحمة امي اللي هي اختك ما هسيبها ولو في أخر الدنيا هرجعها
وهتجوزها حتى لو غصب
وليييييييد متنساش نفسك اللي بتتكلم عليها دي بنتي وانا مسمحلكش
هتف بها شكري وهو في قمة انفعاله.

ليهتف وليد بعصبية: يعني انت يرضيك اللي هي عملته دة تصغرني قدام الناس وتهرب قبل يوم كتب الكتاب
ليقاطعه شكري بغضب: قولتلك الف مرة لين عنيدة ومش هتيجي بالهمجية بتاعتك دي
ليهتف وليد بأنفعال: بنتك مش بتديني اي فرصة حتى اتكلم معاها، وبعدين الهمجية دي اللي مش عجباك هي اللي ممشية شغلك زي الساعة.

ليرد شكري بمحايدة: يابني افهم الشغل حاجة وهي حاجة تانية لازم تحاول تقرب منها أنت عارف معزتك عندي، بس دة ما يمنعش أنها بنتي ومن حقي اخاف عليها منك
ليهدر وليد بخبث: خالي انت عارف إني بحبها ومستحيل أأذيها، انا بس مش قادر افهمها واقرب منها ودة اللي خلاني اضغط عليك توافق تكتب كتابنا، كنت فاكر أن دة هيقربنا وهخليها تحبني زي ما بحبها.

اجابه شكري بحدة: خلاص يا وليد أجل الكلام دة لبعدين، المهم دلوقتي اننا نلاقيها ونرجعها
امأ له وليد وقال بعيون يملأها الحقد وبنبرة يشملها الغموض: هلقيها يا خالي وهترجع...
ليغادر بعدهاوهو يتوعد لتلك المدللة التي تتعمد أن تفسد عليه كل شيء.

في صباح اليوم التالي تململت بتكاسل على الفراش المكتنز التي تستلقى عليه
بعدما تسلل الى انفها تلك الرائحة الشهية، رمشت عدة مرات لكي تستفيق بلكامل لتفرج جفونها عن حبات القهوة خاصتها التي تحاوطها رموش كثيفة وكأنها سهام عشق مصوبة تصيب بمقتل كل من يقع عينه عليها.

اعتدلت بنومتها ومررت يدها تعدل خصلاتها البنيةالطويلة ثم اتجهت نحو باب الغرفة الوحيدة بشقته، فعندما احضرها إلى هنا بلأمس توترت كثيراً من مجرد فكرة انها ستظل معه بمفردهم وخشت أن يظنها سهلة المنال لموافقتها المكوث معه حتى انها تراجعت وكانت ستغادر لكن هو كان اسرع منها برد فعله فيبدو انه أستطاع قراءة ما يدور بخلدها حتى انه وئد افكارها وطمأنها بأستحالة تفكيره بلأمر لكونها فتاه وحيدة بلغربة ونخوته كعربي تحتم عليه الحفاظ عليها،.

فما كان منها غير البقاء فهى لاتمتلك خيارات أخرى على اي حال، وبعد أن أصر على مكوثها بالغرفة وأعطاها مفتاحها وأكد عليها بأصرار أن توصده؛ أطمئن قلبها وشعرت بمدي صدقه نحوها، ادارت مفتاحها بحرص ثم أتبعت تلك الرائحة الشهية التي جعلت معدتها تقرر مطالبة بالطعام
، أخذتها قدميها الى المطبخ لتقع عيناها عليه منهمك فيما يفعله لتهمهم بصوت متحشرج بنعومة اثر النعاس: صباح الخير يابن بلدي.

التفت بعابثتيه و هويرد تحية الصباح لتتوقف الحروف على لسانه وهو يتطلع لتلك المشاكسة بأعجاب فكانت كتلة من الانوثة الصارخة بعيونها البنية الواسعة وأهدابها الكثيفة ووجهها الخمري الذي يشع بحمرة رائعة أثر النوم، نفض افكاره سريعًا بعدما شعر أنه أطال من نظرته لها وقال بثبات أجاده: أقعدي ثواني وهخلص.

أومأت له وهي تبتسم بسمة هادئة وما أن جلست على طاولة الطعام كان هو يلحق بها وبيده طبقين من الطعام وضع احدهم أمامها والأخر أمامه
شكرته بأمتنان وشرعت بلأكل بشهية كبيرة وتلذذ فهى منذ مساء أمس لم تنزل لقمة واحدة جوفها وحين أنتهت من ألتهام طعامها تطلعت لمحيط الشقة وهتفت بغرور: هي دي شقتك ولاسالفها هي كمان زي الموتوسيكل؟
تنهد واجابها بسخرية متهكمة وهو يلوك طعامه: سالفها...

لوت فمها واسترسلت بغرور أكبر: انا برضو قولت كدة
رفع حاجبه بغيظ من طريقتها وأستأنف في جدية: دي شقة صاحبي وعلى فكرة مصري برضو وانا وهو عيشين مع بعض بس هو ساعات بيشتغل بليل علشان كدة مشفتوش أمبارح
هزت رأسها بتفهم وتحمحت في خجل وهي تفرك يدها: أنا مش هينفع اقعد هنا، انتم اتنين رجالة وميصحش استنى و أكيد انت فاهمني يابن بلدي...

رفع عينه الضيقة اليها يستغرب تغير نبرتها وأخبرها بجدية: فاهمك، متقلقيش أنا النهاردة لما ارجع من شغلي هكلم المسؤل عن البناية في شقق بتتأجر هنا للطلاب
هخليه يشوفلك واحدة فاضية بسعر مناسب
أطرقت عيناها بحرج أكبر وقالت وهي تلعن غبائها الذي جعلها لم تنتبه حين هروبها انها لم تحمل المال فقط جواز سفرها هو كل ما تذكرته وقتها:
بس انا معيش فلوس دلوقتي
هز رأسه بتفهم وقال بثقة: تمام انا هتصرف؟

هتفت بأمتنان و هي تبتسم: أنت جدع اوي، أنا مش هقعد كتير كام يوم وهسافر لقريبي اللي عايش في نيو يورك
باغتها بسؤاله: وانتِ معاكِ ثمن تذكرة الطيران؟
هزت رأسها ب لا واجابته بأمل: انا هدور على شغل وبأذن الله هجمع ثمنها في أقرب وقت.

أبتسم ساخرًا من سذاجتها فهى لابد أن تعمل لشهور طويلة حتى تتمكن من ذلك، وكاد يتحدث لتقاطعه وهي تغير مجرى الحديث و ترفع الأطباق تنوي غسلهم: تسلم ايدك على الفطار أنت ازاي بتعرف تطبخ كدة؟
أجابها وهو يسبقها للمطبخ لصنع قهوته المُره التي لايستطيع بدء يومه دونها: انا شغال في مطعم قريب من هنا و ساعات بساعد الشيف وهو بيطبخ
هتفت هى: اه يعني أنت مساعد الشيف.

أجابها بنبرة محبطة وهو يسكب القهوة بفنجانين: لأ بغسل صحون
لوت فمها وتعمدت عدم سؤاله مرة آخرى والصمت حتى لا تشعره بالخجل
ليباغتها بأستغراب: سكتي ليه اتفاجأتي مش كدة؟
انهت غسل الأطباق والتفتت له وعلى محياهها بسمة حالمة وقالت بثقة وهي تجفف يدها بأحد المحارم: الشغل عمره ما يعيب صاحبه
أهم حاجة أنك تكسب بلحلال وتعمل اللي يمليه عليك ضميرك.

أبتسم بود وتعلقت نظراته بها لثواني معدودة قبل أن يرتشف أخر رشفة بفنجان قهوته لتحمحم هي بخفة كعادتها: هو انت أسمك ايه يابن بلدي؟
أتسعت أبتسامته لتزيد ملامحه الرجولية وسامة طاغية
وهمهم: يوسف
وانا لين
ليستأنف يوسف وهو ينهض ينوي المغادرة: ماشي يا لين أنا همشي علشان متأخرش على الشغل ومتقلقيش صاحبي مش هيجي النهاردة كلمني من شوية وقالي.

ياريت متفتحيش الباب لأي حد وانا هحاول متأخرش ولو نمتي اقفلي الأوضة على نفسك علشان تبقي مطمنة أومأت له بود واوصلته الى الباب وان كاد يخرج باغتته هى: لا اله الا الله يا يوسف
نمت بسمة هادئة على جانب فمه وهو يتذكر والدته التي كانت تودعه دائمًا بنفس كلماتها الجليلة ليهمهم بود: سيدنا محمد رسول الله
ليغادر وهو يشعر ان تلك المشاكسة دون وعي أشعرته بالحنين لدفئ أسرته الصغيرة لينوي أن يهاتفهم بعد انتهاء عمله.

كان يجلس بمكتبه المخصص له بقصر خاله شكري الأنصاري ليزفر بضيق وهو يحل رباط عنقه بعدما اتاه اتصال هاتفي من احد رجاله يعلمه انهم لم يجدوها الى الان؛ أندفع الدماء برأسه لينهض بقوة ويطيح بكل مقتنيات سطح مكتبه أرضًا وهو يصرخ بهياج:
هتروحي مني فين يابنت خالي ورحمت امي لهرجعك ليا راكعة تحت رجلي وبمزاجك يا لين.

ليهدء قليلًا ويرفع سماعة هاتفه يضغط على بضع ارقام يحفظها عن ظهر قلب ولما لا وهي تخص يعقوب ابن عم لين ليأتيه الرد من الجانب الأخر:
خيرررررررر ياعريس أؤمر؟
ليجيبه وليد بحدة: مهو نق أهلك دة اللي جبني ورا
عايزك يازفت ضروري لازم ترجع
اجابه يعقوب بضيق: عايز ايه ياوليد؟ أنا مش حابب أرجع دلوقتي ولسة ورايا شغل هنا.

ليهدر وليد في جدية: لين هربت يا يعقوب ومحتاجك جنبي علشان أعرف القيها أنت اقرب حد ليها وممكن تخمن هي فين بحكم انك تعرف كل صحباتها والأماكن اللي بتروحها
أجابه يعقوب بنبرة مهزوزة سيطر عليها القلق: هربت امتى؟
أجابه وليد بغيظ: هربت قبل كتب الكتاب وخلتني فورجة قدام الناس بس ملحوقة
طال صمت يعقوب ولم يصل للآخر إلا صوت انفاسه الثائرة ليباغته بحدة: هااااا يازفت مش بترد ليه؟

أجابه يعقوب بنبرة محملة بالكثير: انا راجع يا وليد على اول طيارة
ليغلق وليد الخط وهو يمني نفسه أنه سيساعده بإيجادها فهو الاقرب لها و رفيقها الدائم.

أثناء تناولهم وجبة العشاء دق جرس الهاتف لتندفع نجية تجيب بلهفة فقد اخبرها حدثها كأم انه ابنها: الوووو يا يوسف ياحبيبي وحشتني طمني عليك ياقلب امك
اجابها يوسف بلهفة مماثلة: حبيبتي يا أمي أنا كويس كله تمام متقلقيش، طمنيني عليكم وصحتك عاملة ايه؟ والبت حلا الهبلة عاملة ايه مع خطيبها؟
ردت بود: الحمد لله ياحبيبي مش ناقصنا غيرك وسطينا.

لتجذب حلا سماعة الهاتف بعدما ملت من استراق السمع والصاق اذنها بها وتهتف بخفة: ياماما سبيني اسلم عليه، وحشتني ياچو اخبارك ايه؟
يوسف: وانتي كمان وحشتيني ياهبلة ووحشني جنانك
حلا: ياسلام انا مجنونة دة الكل بيحلف بعقلي انت بس اللي مش بيعجبك العجب وبعدين انا مش هبلة يا رخم
قهقه يوسف واخبرها بمشاكسة: في حد يقول لأخوه الكبير يارخم، لما ارجعلك هعلمك الأدب من جديد يا أم نص لسان.

ضحكت حلا وهمهمت بحنين وبنبرة متأثرة لفراقه: بس انت أرجع يا چو و أعمل اللي انت عايزه فيا أنا راضية...
انا مفتقداك اوي وماما كمان، وعلى فكرة بتدعيلك اكتر مني
وانا مش مسامحاها
نكزتها والدتها بخفة بينما بلجانب الأخر
انسابت دمعة متأثرة من عين يوسف ولكنه تعمد ان يلتزم بثباته حتى لا يصعب الأمر عليه وهتف بخفة عكس ثقل ما يختلج بصدره: قولي أنك غيرانة بقى علشان بتدعيلي اكتر منك، بطلي حقد بقى مليتو البلد.

قهقهو سويًا لتعطي والدتها الهاتف من جديد ويخبرها انه أرسل لهم المال مع أحد زملائه العائدين الى مصر واخبرها ايضًا أن توصل سلامه لصديقه الوفي إسماعيل وترد له جزء من ماله الذي أستنده منه سابقًا، لتهمهم والدته بحرج: والله يابني من ساعة ماكسفنا الراجل وردينا طلبه وانا وشي منه في الارض، بس نقول ايه النصيب
قالت أخر جملة وهي ترمق حلا بمغزى تفهمته هي حتى انها تأفأفت بأمتعاض عن الحديث عنه.

ليرد يوسف بثقة على الطرف الاخر: امي إسماعيل ابن أصول وعارف ان الحاجات دي نصيب بتاع ربنا
لتجيبه والدته بطيبة: ايوة يابني ربنا يجعل نصيبه ونصيبنا في الطيب
لتختم والدته المكالمة بتلك الكلمات الجليلة التي تشعره دائمًا بلأطمأنان
لا اله الا الله
سيدنا محمد رسول الله
وعندما أغلقت الخط هتفت حلا بغيظ: يعني لازم السيرة دي ياماما.

تنهدت نجية وهمهمت: مالها بس سيرته يابنتي دة راجل ابن أصول وكفاية وقفته جنب اخوكِ وجنبنا في غيابه
لتقاطعها حلا بأندفاع وغرور أعمي: اه وعلشان كدة كنتي عايزاني أقبل اتجوزه وابقى مرات الميكانيكي المشحم
ضربت نجية كف على آخر وهتفت توبخها: دة صنايعي وكسيب
لتضيف نجية بتهكم تقصدته: طالما شغله شريف وما بيدخلش جوفه لقمة حرام يبقى ايه اللي يعيبه.

ردت حلا بعصبية وهي تلوح بيدها فهى تعلم أن حديث والدتها مبطن بلكثير وتقصد به شخص بعينه: يووووووه بقى مش هنخلص من سيرة سي زفت دة انا داخلة أنام تصبحي على خير
وإن انصرفت تمتمت نجية بتضرع: ربنا يهديكِ يابنتي ويبعد عنك ولاد الحرام.

تمددت على الفراش وهي تتحامل على ذاتها بعد ليلة جامحة اغدقها بها ذلك القاسي الذي لا يعرف التهاون طريق إلى قلبه يوم فبكل مرة يأتي اليها يترك أثار تعنيفه على كل أنش من جسدها ليذكرها بهيمنته وخنوعها اليه فتلك هي ضريبة العشق كما تظن هي بتفكيرها العقيم.

تنهدت بعدما طال صمته وشروده في الفراغ فهى تعلم ما يشغله ورغم ان الغيرة تتأكلها الا انه يخبرها دائماً أن ذلك بدافع مخططه لتهمم وهي تعدل الشرشف المخملي حول جسدها العاري: كنت واحشني أوي يابيبي.
رمقها بطرف عينه واجابها وهو مازال يركز نظراته في الفراغ: مفيش غيرك بيفهمني يا ماهي
علشان كدة لما بحس إني متضايق بجيلك.

همهت ماهي بدلال وهي تحاوط وجهه بأناملها: ماهي تحت أمرك وتدفع عمرها كله تحت رجليك بس تعرف أيه مضايقك؟
أبعد وجهه بضيق ورد بنبرة صارمة تحمل الكثير من الغموض بطياتها: متشغليش بالك ومتسأليش، اهم حاجة تنفذي اول ما ترجعي اللي اتفقنا عليه وفي اقرب وقت
تنهدت بيأس من طباعه الصارمة وغموضه وهتفت بثقة: متقلقش كلها كام يوم و يبقى خاتم في صباعي.

ابتسم بأعجاب وهتف: تعجبيني يا ماهي وانا زي ما وعدتك بس الاول أحقق اللي في دماغي
ضحكت ماهي بإغواء تام وهمست بنبرة مثيرة وهي تتعلق بعنقه: انا مستعدة أستناك العمر كله
أبتسم بخبث ثم جذب علبة سجائره وتناول واحدة واخذ ينفث دخانها بوجهها بشكل مثير
راق لها حتى انها التقطت باقي دخانها من بين شفاهه ليجذبها هو اليه ويغوصو من جديد في بحور أثامهم.

أستلقت لين على الفراش المكتنز وهي تشرد بكل ما مرت به.

بالسنوات المنصرمة من حياتها معهم، فمنذ أكثر من عشرون عام انفصل ابويها ليصحبها والدها الى تلك البلد التي لم تشعر يومًا بلأنتماء لها ومنذ ذلك الحين وهي لا تعلم اي شيء عن والدتها حتى انها يأست من سؤال ابيها فهو بكل مرة يخبرها ان والدتها تركتها له بكامل ارادتها وانها لم تكلف نفسها عناء البحث عنها او استرجاعها، ولكن هي تشعر أن يوجد سر غامض لم يكشفه والدها بعد، تعلم أن والدها ليس بسيء فابرغم زواجه بأخرى وانجابه لأخيها عز الذي يصغرها ألا انه لم يقصر يوم معها وتظل هي مدللة ابيها حتى انها استغربت كثيرًا موافقته على زيجتها من ذلك المقيت ابن عمتها وكانت مشدوهة من طاعة أبيها له بهذا الشكل فا بالفترة الأخيرة كانت تشعر أن والدها مغلوب على أمره ويخشى شيء ليس بهين، وبرغم أنها تربت أيضًا مع وليد ألا أنها لم تستشعره قط ووافقت فقط لتحاشي غضب أبيهاولكن عندما أكتشفت نوايا.

وليد تراجعت فأخر لحظة.

تنهدت بعمق وهي تتذكر رفيقها الدائم يعقوب الذي كان يساندها دومًا ويشاركها بكل قراراتها ولكن عندما طرح أمر زواجها الميمون قرر أن يبتعد ويسافر الى نيويورك بحجة ادارة بعض الأعمال هناك ليتركها ضائعة من دونه لم تقوى على أخذ قرار سوى الهرب والذهاب اليه فهو الوحيد الذي سيتفهم رغبتها ويساعدها بكشف نوايا وليد ومن المأكد أن أبيها سيعدل عن قراره بعدها بتزويجها وحينها سوف تذهب الى مصر لتبحث عن والدتها، بعد تفكير طال إلى كثير من الوقت سقطت سهواً في النوم حتى انها نست تمامًا انها لم توصد باب الغرفة كما أمرها يوسف لتكون فرصة لذلك العابث الآخر بتسلل اليها وعلى وجهه نظرات جائعة ونوايا دنيئة.

أسدل الليل ستائره على تلك المدينة المتلبدة بلغيوم تنذر بهطول الأمطار
فبعد يوم شاق بالعمل دخل الى منزله الذي يتقاسمه مع صديقه وهو يشعر انه يتوسل حتى يصل للفراش وما أن ولج داخل الغرفة الوحيدة بشقتهم جحظت عينه بذهول من تلك الحورية الفاتنة التي تتوسط فراشه ليبتسم بلؤم ويتسلل لجانبها وهو يمني نفسه بليلة جامحة برفقتها.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة