قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية توأم الروح للكاتبة شاهندة الفصل السادس عشر

رواية توأم الروح للكاتبة شاهندة الفصل السادس عشر

رواية توأم الروح للكاتبة شاهندة الفصل السادس عشر

بحث بدر عن والدته وأخيه فلم يجدهما، كان يريد ان يبلغهما بما حدث، تعثرت فرح فجأة بذلك الكعب العالى الذى ترتديه فأسرع بدر باسنادها ليضمها بذراعه الى صدره بسرعة، ادركت فرح وجودها بين ضلوعه تشعر بدقات قلبه المتسارعة، تسارعت دقات قلبها بدورها وأحست بالحرارة تغزو جسدها لتحاول الخروج من محيط ذراعيه بارتباك ولكنه شدد عليها وأبى أن يتركها دون وعى منه، يتسلل اليه عبيرها الساحر ويغرق فى قربها الشديد منه، ليدرك بعد لحظات محاولتها التحرر من أسر ذراعيه ليتركها فى الحال وهو يتعجب من رغبته الشديدة فى قربها، تمالك نفسه بسرعة وهو يتنحنح قائلا:.

احمم، ابقى خدى بالك.
قالت فى ضيق طفولى:
كله من الكعب العالى ده، أنا مبحبوش.
كاد أن يبتسم على طفولتها المحببة اليه ولكنه منع نفسه بصعوبة ليأخذ يدها بين يديه برقة فرفعت اليه عينين دهشتين فنظر الى عمق عينيها قائلا:
طول ما ايدك فى ايدى، عمرك ما هتقعى تانى يافرح.

نظرت الى عينيه بحيرة، تتساءل عن جملته تلك، ترى هل تحمل معان أكثر من حروفها؟هل هو وعد منه بالبقاء الى جوارها وعدم تركها لتقع مجددا فى الحياة؟أم هى مجرد كلمات قصد بها موقف حدث منذ برهة قليلة؟هى حقا لا تدرى.

تابعا سيرهما وكل سارح فى أفكاره وشعوره ويده تحتضن يد الآخر برقة، انه شعور غريب بالراحة والأمان، توقف بدر ليسأل فتاة ما عن مكان والدته، كانت الفتاة جميلة، شقراء وذات عيون عسلية، تطلعت اليها فرح بغيرة وهى تراها تنظر الى بدرها بألفة وتقول برقة:
كانت هنا دلوقتى مع جاد وواحدة اغمى عليها فنقلوها جوة يفوقوها.
عقد حاجبيه بحيرة يتساءل عن تلك الفتاة التى أغشى عليها، ليومئ برأسه قائلا:
شكرا ياسمر، عن اذنك.

أحست فرح بعروقها تنتفض لنطقه اسمها بتلك الأريحية، تابع بدر سيره وهو يجذب فرح للدخول الى المنزل ليتناهى إلى مسامعه همهماتها، التفت اليها بدهشة قائلا:
بتقولى حاجة يافرح؟
توقفت ناظرة اليه بعينين تقدحان شرارات الغيرة قائلة:
مين سمر دى؟

عقد بدر حاجبيه بحيرة، فسؤالها تغلفه نبرات الغيرة، غيرة عجزت عن اخفائها فهى رغم كل التغيير الذى أصابها مازال بداخلها فرح الذى عرفها، فرح الشفافة، كاد ان يبتسم لإدراكه ذلك ولكنه توقف للحظة قبل أن يقول بهدوء:
سكرتيرتى يافرح، ليه فيه حاجة؟

كادت فرح أن تموت غيظا، تتساءل هل تلك الفتاة الفاتنة تقبع فى مكتبه طوال اليوم؟هل تعجبه؟هل يبتسم لها وتبتسم له؟هل، وهل، وهل، أسئلة كثيرة اجتاحت قلبها العاشق الغيور لتفيق من تساؤلاتها على صوته وهو يقول:
مادام مفيش حاجة يبقى يلا بينا عشان نروح لماما وجاد، زى ما سمعتى واحدة مغمى عليها وبيفوقوها ولازم نطمن.

استوعبت تلك الكلمات فجأة والتى أعمتها الغيرة عن استيعابها من قبل، لقد تركت أمانى مع والدته، ترى هل تكون أمانى هى تلك الفتاة المقصودة؟أصابها الجزع ليترجمه صوتها وهى تقول:
أمانى؟
نظر اليها بحيرة لتستطرد قائلة:
أمانى صاحبتى كانت واقفة مع مامتك، احتمال تكون هى.
قال بنبرة هادئة مطمئنا اياها وهو يرى شحوب وجهها المفاجئ:
متقلقيش يافرح، حتى لو كانت أمانى، فأكيد ضغطها كان واطى حبة و جاد فوقها، تعالى معايا.

أومات برأسها وهى تستسلم ليده التى جذبتها مجددا لتسير بجواره الى حيث والدته وأخاه ليطمئن قلبها.
اشار بدر الى حيث تقف والدته أمام حجرة المكتب قائلا:
ماما هناك أهى.
نظرت فرح الى حيث يشير لترى والدته بالفعل تقف أمام المكتب، عقد بدر حاجبيه وهو يلاحظ ملامحها القلقة، ترك يد فرح وتقدم تجاهها بسرعة قائلا فى قلق:
مالك ياماما؟فيه ايه؟
أمسكت فريدة يد بدر قائلة فى قلق:
اخوك يابدر، اخوك لقى مراته فجأة ادامه.

عقد حاجبيه بقسوة يدرك الآن شعور أخاه، فهو يعلم بقصة اخيه وتلك الفتاة التى تزوجته ثم غدرت به ليتحطم قلبه ويسافر خارج البلاد هربا من ذكرياته معها، قال بنبرة غاضبة:
وهما فين دلوقتى؟
اشارت فريدة الى حجرة المكتب قائلة:
اول ما شافته أغمى عليها، اكيد خافت من رد فعله، المهم شالها وجابها على هنا وخرجنى برة، أنا خايفة يعمل فيها حاجة ويودى نفسه فى داهية.
ربت على يدها قائلا بنبرة هادئة:.

متخافيش ياماما، جاد عاقل ومش ممكن يعمل حاجة غلط.
ربتت على يده بدورها قائلة فى رجاء:
يارب ياابنى يارب.

كانت فرح تتابع ما يحدث بحيرة، هى تعرف ان جاد الأخ الأكبر لبدر وأنه نصف شقيق، لم تراه أبدا، فقط سمعت عنه من حماتها، كان من زواجها الأول وعندما ارادت الزواج من والد بدر حبيب صباها، أخذوه أهل زوجها الاول منها وحرموها منه، حتى كبر بعيدا عنها وتزوج ثم غدرت به زوجته ليعود لوالدته لفترة يتعافى فيها من جراح جسده العديدة وتهنأ هى بقربه ولكن لم يلبث ان سافر الى فرنسا هربا من أشباح الماضى التى تؤرقه، انتابها الفضول لترى تلك الزوجة الخائنة والتى تود تمزيقها بيديها هاتين، تريد ان تعرف من تلك المرأة التى يعشقها رجل مثل جاد وتغدر به؟انتابتها الحيرة، اذا كانت الفتاة بالداخل زوجة جاد، اذا اين ذهبت أمانى؟

فتح الباب فجأة ليظهر على عتبته جاد بوجه خال من المشاعر لينظر اليهم بهدوء قائلا بصوت بارد لا يعكس ثورة الغضب بداخله:
ماما، مراتى هتعيش معايا هنا، فى جناحى. ياريت الدادة تحضرلها الأوضة اللى جنب اوضتى.
أومأت فريدة برأسها بهدوء رغم حيرتها من قراره، بينما نظر جاد الى فرح نظرة عابرة قبل أن يعود بنظراته الى بدر قائلا:
انا هخرج انهى الحفلة دى، مبقالهاش لزوم.
اومأ بدر برأسه قائلا:
تمام، أنا جاى معاك.

لتظهر فجأة امانى من خلف بيجاد، عقد بدر حاجبيه بدهشة حين أدرك ان امانى هى زوجة أخيه، كاد أن يقول شيئا ولكنه أغلق فمه على كلماته فبالتأكيد الوقت غير مناسب، بينما اتسعت عينا فرح فى صدمة وهى تقول:
أمانى!

رمقتها أمانى بنظرة صارمة تمنعها من الكلام وهى تهز رأسها نفيا، عصفت بفرح الحيرة ولكنها التزمت الصمت، حتى تستطيع الانفراد بأمانى لتجيب عن كل تلك الأسئلة التى تجتاحها الآن، غافلة عن عيون التقطت نظراتهم لتتأكد شكوكه بأن هناك خطأ بالأمر وسيسبر أغواره ولكن كما قال سابقا، الوقت حاليا ليس بالمناسب أبدا.
ابتعد بيجاد يتبعه بدر بعد أن رمق امانى وفرح بنظرة غامضة، بينما اقتربت فريدة من أمانى قائلة بمرارة:.

غدرتى بابنى، وعملتى زى اهل جوزى، بعدتيه عنى كل السنين اللى فاتت دى، كنت بتمنى اليوم اللى أشوفك فيه عشان أسألك ليه خنتيه؟ليه كسرتى قلبه اللى شاف فيكى كل حاجة حلوة، انتى كنتى توأم روحه مش مراته بس، ليه عملتى كدة، ليه؟
ترقرقت الدموع بعيون أمانى من كلمات فريدة التى لن تستطيع الرد عليها، لتقول:
أنا، أنا...
قالت فريدة فى سخرية مريرة:.

انتى ايه، ها، آل وانا اول ما شفتك فى الحفلة قلت انتى اللى هتكونى املى فى ان ابنى ينسى المه وتخليه يحب من تانى، بس الظاهر انى اتخدعت فى وشك البرئ زى ما ابنى اتخدع بالظبط.
الى هنا وكفى لم تعد فرح تتحمل تلك الاهانات التى تكال لأمانى من قبل فريدة، تلك الملاك التى توقن انها تقع ضحية سوء تفاهم وظلم جرير، لتمسك أمانى بيدها بسرعة وتضغط عليها وهى تنظر اليها تمنعها من الحديث، لتقول أمانى بهدوء:.

متقلقيش على ابنك يامدام فريدة، هو خلاص حب واحدة تانية وخطبها كمان وهيتجوزها، انا بالنسبة له مش أكتر من واحدة قرر ينتقم منها، انا بالنسبة له ولا حاجة.
احست فريدة بالمرارة تغلف صوت أمانى لتنتابها الحيرة وتلقى نظرة أخيرة عليها قبل ان تبتعد، لتلتفت فرح الى أمانى على الفور قائلة:
فهمينى ايه الحكاية بسرعة ياأمانى، انا هتجنن.
قالت لها أمانى بانكسار حزين:.

تعالى بس نقعد فى حتة محدش يسمعنا فيها وأنا هقولك على كل حاجة.

نهضت فرح قائلة فى صدمة:
يعنى جاد هو بيجاد؟ياربى، باباكى ده ايه ياأمانى، شيطان، ازاى عمل كدة فيكم، ازاى قدر يفرق بين اتنين بيحبوا بعض بالشكل ده، ازاى هانت عليه بنته؟
قالت أمانى بمرارة:
وأنا من امتى كنت بنته؟من امتى اهتم بمشاعر حد فينا؟احنا بالنسبة له مش اكتر من ورق بيلعب بيه.
ربتت فرح على يد أمانى قائلة:.

والله ما انا عارفة اقولك ايه ياأمانى، هتلاقيها من باباكى اللى معندوش قلب ولا ضمير، ودمر حياتك وحرمك من حبيبك، ولا هتلاقيها من بيجاد اللى ظالمك وفاكرك غدارة ويشهد ربنا انى مشفتش أطيب من قلبك ولا أخلص منه لحبيبه. أنا اكتر واحدة عارفة اد ايه كنتى بتحبيه وعايشة على ذكراه ورافضة أى حد يدخل حياتك بعده، صدقينى بكرة هيندم على كلامه ليكى.
قالت أمانى فى حزن:.

وهتفرق فى ايه يافرح، هو خلاص حاكمنى وحكم علية من غير ما يسمعنى، صدق انى ممكن اعمل كدة، صدق انى اقدر أبيعه بسهولة عشان الفلوس، شاف منى ايه يخليه يصدق عنى حاجة زى دى، كلامه دمرنى وكمل علية بخبر نسيانه لية وحبه لواحدة تانية، بيجاد قدر يدخل حد تانى فى قلبه، حد تانى أخد مكانى، بقت حبيبته وخطيبته وهتبقى مراته، انا بقيت بالنسبة له ماضى لازم ينتقم منه عشان يقدر يكمل، وانا مستعدة لانتقامه لو كان ده هيريحه، أنا كدة كدة ميتة، فى بعدى عنه ميتة وفى قربى منه وانا عارفة انه لغيرى برده ميتة، يبقى خلينى فى قربه، أنا ما صدقت لقيته عايش، حي أدامى بعد ما صاحبه عزيز ورانى صورته وفهمنى انه مات، حياته عندى بالدنيا وما فيها.

تساقطت دموعها بغزارة لتشاركها فيها فرح وهى تحتضنها قائلة:
انتى مفيش فى الدنيا زيك ياأمانى، حب نادر واخلاص محصلش، نفسى بيجاد يفوق قبل فوات الأوان، نفسى يفتح عيونه وميضيعش منه جوهرة غالية زيك ياحبيبتى.
خرجت امانى من محيط ذراعيها قائلة وهى تمسح دموعها:
أهم حاجة دلوقتى يافرح، ان محدش يعرف حاجة عن الموضوع ده ولا حتى بدر مفهوم؟
أومأت فرح برأسها قائلة:.

متقلقيش مش هقوله حاجة، اهم حاجة انتى متأكدة انك هتقدرى تعيشى بالشكل ده؟
اومأت امانى برأسها قائلة فى حزن:
هقدر يافرح، لازم أقدر، زى ما قلتلك قبل كدة، أنا كدة كدة ميته، مش هتفرق كتير صدقينى.
قالت فرح وهى تربت على يد امانى فى حنان:
كل اللى فى ايدى أعملهولك انى ادعيلك ليل ونهار يريح قلبك يا أمانى.
ربتت امانى على يدها بدورها قائلة:
يارب يافرح، يااارب.

كانا غافلين عن آذنين استمعتا الى كل ما يقولون، لتتأكد شكوكه بالكامل حول كل ما يحدث، يتساءل عما يجب عليه فعله ليفتح عيون أخيه على الحقيقة، فأخاه لن يصدق بسهولة وسيكون عليه أن يجد دليلا على كلامه، دليلا واحدا فقط وهو يعرف أين يجده.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة