قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية توأم الروح للكاتبة شاهندة الفصل الخامس عشر

رواية توأم الروح للكاتبة شاهندة الفصل الخامس عشر

رواية توأم الروح للكاتبة شاهندة الفصل الخامس عشر

نظرت أمانى اليه فى صدمة تحاول أن تستوعب كلماته، هى مازالت زوجته ولم يطلقها كما كان والدها يبغى اجباره، لا تنكر أن بداخلها فرحة كبيرة لمعرفة أنها مازالت مرتبطة به، حتى وان كان بالاسم فقط فهذا يكفيها، تساءلت بحيرة، لماذا احتفظ بها كزوجة وهو يحب أخرى وينوى الارتباط بها، ليجيبها بكلماته الحادة كسكين ذبحتها وأراقت دمها على الفور، انها دماء سالت بسبب القسوة والهجران وهو يقول:.

من أول لحظة سمعت فيها باباكى وهو بيقولى فى التليفون ان أمانى هانم السلحدار طالبة الطلاق عشان مش قادرة تعيشى فى مستوى أقل من اللى طول عمرك عايشة فيه، ومن اول ما خلى رجالته ورونى امضتك على ورق الطلاق وانتى انتهيتى بالنسبة لى، كان نفسى يكون ساعتها أدامى عشان أقوله بنتك هى كمان مش لازمانى.
نظرت اليه بعيون دامعة، رافضة لكلماته التى يتهمها بها ولكن ما الفائدة؟استطرد قائلا بقسوة:.

دموع التماسيح دى خليهالك، مبقتش تأثر فية زى زمان، بيجاد اللى كنتى تعرفيه مات بسبب غدرك، بقى جاد، جاد اللى لايمكن يضعف معاكى تانى او يسلملك قلبه او حتى يآمنلك، تعرفى؟أنا كرهت اسمى بسببك، كنتى بتنطقيه بمشاعر بتهزنى، بتزلزل كيانى كله، بس مع الأسف طلعت مشاعر خاينة، كدابة زيك تمام، أمانى انتى بكل أمانة، غلطة عمرى.

أطرقت أمانى برأسها تقاوم انهيارا حل بكيانها، مدت يدها تمسح دموعها التى تساقطت رغما عنها غافلة عن عيون اختلجت ألما وقلب تمزق حزنا، يدرك الآن أن كل محاولاته لكرهها باءت بالفشل وكل كلماته عن انعدام تأثيرها عليه ولامبالاته بها ذهبت أدراج الرياح عندما رآها مجددا، بل يكاد يقسم أنها حين غابت عن الوعى شعر بروحه تغادره لتعود اليه من جديد حين اسرع باسنادها وحملها لحجرة المكتب يتأمل ملامحها الساكنة باشتياق أخفاه على الفور حين دلفت والدته الى الحجرة خلفه تهدئه، تظن انه من الممكن أن يؤذيها فى غضبه، بالفعل كان يريد حتى أن يخنقها لما فعلته به فى الماضى ولكن عشقها النابض بقلبه وأد تلك الرغبة فى مهدها، لتفيق ويجد نفسه يقول تلك الكذبة الحمقاء ربما ليسترد كرامته المهدورة أو ليؤلمها كما آلمته من قبل، وان شك فى أن مثل هذا الخبر قد يؤلمها، فهو لا شئ بالنسبة لها، آلمه ذلك الاحساس ولكنه تجاهل ألمه وهو يستطرد فى أفكاره، يتساءل، لماذا أراد أن يبرهن لها أنها لم تعد تهمه وأنه احب مجددا؟ولماذا لديه الآن شعور قاتل بالألم لمرأى دموعها التى تتساقط على وجنتيها وتمسحها بيديها برقة، تلك اليدان اللتان كانتا بين يديه دوما، تشعرانه بأنه يملك الدنيا بما فيها ثم تخلتا عنه بكل قسوة ليشعر بالتحطم، تحطم قلب لم يعد قادرا على الحب مجددا، فإما هى وإما الوحدة للأبد.

افاق من أفكاره على نبرات صوتها الجامدة وهى تقول:
بما انى غلطة كبيرة اوى فى حياتك، ايه رأيك نصلحها دلوقتى؟
عقد حاجبيه فى توجس قائلا:
قصدك ايه؟
نظرت الى عمق عينيه وهى تقول:
تطلقنى.
أحست بملامحه تختلج لثانية، صدمة ظهرت فى عينيه للحظة قبل ان يحتل الغضب ملامحه قائلا:
ايه، الهانم نفسها تبقى حرة تانى عشان تشوف صيدة تانية تعيشها فى نفس المستوى اللى باباها كان معيشها فيه؟
ليميل مستطردا فى سخرية:.

باباها اللى قرب يعلن افلاسه.
نظرت أمانى اليه بدهشة، ظنها جاد بسبب معرفته هو بافلاس أبيها بينما كانت بسبب معرفتها هى لأول مرة بهذا الأمر، اذا لهذا السبب يحاول تزويج أختها بثرى آخر مثلما حاول معها، أحست بالمرارة من ذلك الأب الذى يبيع بناته دائما من أجل المال.
قال بيجاد بابتسامة ساخرة:.

مستغربة انى عرفت، آه أصل اول مانزلت خليت واحد صاحبى يسألى على وضع باباكى المالى فى السوق ورغم احتياطاته بس بردو عرفت، الحقيقة كنت ناوى ادمره بس لقيته مدمر اصلا، حكمة ربنا بقى، اصل الطماع اكيد بيبقاله يوم.
ظلت أمانى صامتة ليستطرد قائلا فى قسوة:
بصراحة كمان انا مش ممكن أسيب واحدة طماعة زيك تتحرر منى عشان تخدع غيرى، واذا كان ع الزوج الغنى، فانا اهو، مش محتاجة تدورى أبدا وتتعبى نفسك.

نظرت اليه قائلة فى قلق:
قصدك ايه؟
اقترب منها قائلا ببرود:
يعنى طلاق مش هطلق، هتفضلى مراتى غصب عنك، هتكونى زوجة لية بالاسم بس. هتعيشى فى جناحى، فى الاوضة اللى جنب اوضتى وهتقبلى بالوضع ده.
احست بالاختناق مما يحاول ان يفعله بها لتقول بصوت متهدج النبرات:
وتفتكر ايه اللى يخلينى أوافق ع الكلام ده؟

كان قلقا من شحوب وجهها الشديد وتهدج نبراتها ليرجع السبب كونها ستصبح فى وضع لا يليق بمكانتها، ليقسوا قلبه مجددا وهو يقول:
لو موافقتيش، هعمل فى باباكى اللى حاول يعمله فية زمان، هقتله يا أمانى.

أطرقت برأسها مجددا تفكر فى كلماته، تدرك أن بيجاد الذى تعرفه غير قادر على تنفيذ ذلك التهديد، ولكن هل هذا الذى يقف أمامها هو بيجاد الذى احبته؟بالطبع لا، الى جانب ادراكها التى باتت موقنة به الآن وهو أن عذابها قربه أهون ألف مرة من عذابها فى بعده، لذا رفعت عينيها اليه قائلة بصوت خال من الحياة:
وأنا موافقة.

تراجع بيجاد خطوة الى الوراء ربما صدمة من موافقتها السريعة، فهو لم يتوقع قبولها بهذا الخنوع، بل توقع رفضا قاطعا أو ربما أى مقاومة، عندما رأت صدمته استطردت ببرود قائلة:.

متفتكرش انى وافقت عشان خايفة تقتل بابا زى ما هددتنى، اذا كنت انت بتقول انك مهمتنيش زمان وضحيت بيك يبقى هيهمنى بابا اللى انت عارف بينى وبينه ايه، لأ، انا وافقت لأنك زى ما قلت زوج غنى، فليه هدور على غيرك وانت فى ايدى، ولو ع الزوجة التانية ميهمنيش لإنك أصلا متهمنيش يابيجاد.
أحست بعروقه تنتفض من الغضب وعينيه تلتمعان قسوة وهو يقترب منها ويمسك بذراعها فى عنف قائلا:.

أنا اسمى جاد، بيجاد قلتلك مات واللى شايفاه أدامك واحد تانى هيعاملك معاملة الخدامين وهيوريكى اللى عمرك ما شفتيه ياأمانى هانم، وصدقينى فى صفقتنا دى انتى الخسرانة.
لم تهتم بألم ذراعها الذى يضغط عليه بقسوة قائلة بلا مبالاة:
صدقنى مش هخسر حاجة اغلى من اللى خسرتها قبل كدة، وبالنسبة لية انت كنت ومازلت وهتفضل، بيجاد يا، بيجاد.

نظر الى شفتيها رغما عنه وهى تنطق اسمه، اسمه الذى يكرهه لأنه يذكره بها، كانت وقتها تنطقه بعشق جعله يعشق حروف اسمه، رفض سماعه من غيرها بعدما تركته، والآن تنطقه ببرود ولكنه يظل ايضا مختلفا من بين شفتيها، لانت ملامحه وخفت قبضته على ذراعها، أحس بقلبه يضعف ليستدعى كل ذرة ارادة لديه ليقاوم رغبته فى أن يميل الآن ويأخذ شفتيها بين شفتيه فى قبلة تجتاحههم سويا، قبلة مشتاقة تروى عطش الفراق، ليترك يدها فجأة وييتعد عنها مانحا اياها ظهره وهو يمرر يده فى شعره بغضب موجها لنفسه قبل ان يكون لها، تمالك نفسه ليلتفت اليها ببرود قائلا:.

انا هحذرك للمرة الاولى والاخيرة ياأمانى، ماتحاوليش تستفزينى وتخرجى أسوأ ما فية، صدقينى مش هيعجبك رد فعلى، مفهوم؟
اومأت برأسها ولم تعترض. فهى تدرك الان من ملامح بيجاد انه قد وصل الى اقصى درجات الغضب وانها ان استفزته قد ترى منه ما يجعلها تكرهه وهى لا تريد أن تكرهه فهو أولا وأخيرا، زوجها، حبيبها، وتوأم روحها.

كانت أميرة تجلس فى ذلك المكان الذى اعتادت أن تجلس فيه لتقرأ، تختلس بعض النظرات الى ظافر الذى يقرأ بدوره فى مكان بعيد عنها قليلا، بينهما هدنة ظاهرية، فهو قليل الكلام بطبعه، أدركت ان الجو يتحسن وأنها ربما مسألة وقت قبل أن تغادر ذلك المكان الذى أحبته دون أن تعرف قصة ظافر، والذى تعدى اهتمامها به اهتمام معجبة بكاتبها المفضل بل أصبح اهتماما شخصيا برجل لفت انتباهها وأثار اعجابها، تنحنحت لتجلى صوتها قائلة:.

احمم، ظافر!
نظر اليها بتساؤل لتستطرد قائلة بتردد:
الجو، احمم، يعنى، بتهيألى بقى احسن.
نظر اليها دون أن ينطق لتشعر بالغيظ بداخلها من نظراته وقلة كلماته والتى تشعرانها بالتوتر لتقول:
يعنى لو ممكن أجرب أكلم حد من أهلى عشان اطمنهم، أكيد الشبكة بقت احسن وهم يعنى...

قاطعها نهوضه واتجاهه الى المكتبة دون كلمة لتشعر بالغيظ من تجاهله اياها لتجده يعود بعد لحظات ويمنحها هاتفه فى هدوء ثم يعود للقراءة مجددا وسط دهشتها لتهز كتفيها يائسة، ثم تتصل بأختها امانى ولكن لا مجيب فهاتفها مغلق، اتصلت بدادة اعتدال ربما تعرف شيئا لتجيبها الدادة وتخبرها أمرا، هبت من مكانها فجأة وسط دهشة ظافر وهى تقول:
متأكدة يادادة؟ربيع كان هناك؟

لفت انتباه ظافر ذلك الاسم الذى نطقته دون ألقاب ليتساءل عن مكانة ذلك الرجل عندها، حاول نفض أفكاره ليركز فيما يقرأه ليعاوده صوتها القلق يخرجه من تركيزه وهى تقول:
كدة مش هينفع اروح هناك خالص، مادام شك فيه يبقى ممكن يبعت حد تانى هناك، انا كنت فاكرة ان المكان ده الوحيد اللى مش هيخطر فى باله.
عقد ظافر حاجبيه يتساءل مما تهرب أمانى، او على الاصح ممن تهرب؟
قالت اميرة بهدوء:.

خلاص يادادة، هتصرف، حاضر، متقلقيش، سلام دلوقتى.
اغلقت اميرة الهاتف وهى تضعه على الطاولة بشرود لينظر اليها ظافر ويدرك قلقها وحيرتها ليقول بهدوء:
خير فيه حاجة؟
افاقت من شرودها وهى تنظر اليه:
لا ابدا، بس مع الأسف مش هقدر اروح بيت الفيوم وهضطر أفكر فى حل تانى لغاية ما امانى اختى تفتح فونها واقدر اكلمها.

اومأ برأسه متفهما، هى تريد الرحيل ولا ملجأ لها مما تهرب منه ليشعر بغصة فى قلبه لرغبتها فى الرحيل تلك، فهى كالنسمة الهادئة، كطفلة بريئة اقتحمت عالمه الغريب، لمعت فى رأسه فكرة، لما لا يطلب منها المكوث معه لأيام أخرى، ربما تأكد وقتها ان لا شئ يجذبه تجاهها وانها فقط اوهام برأسه، ليقول بهدوء:
ايه رأيك لو قضيتى هنا يومين كمان لغاية ما تقدرى توصلى لأختك؟

أحست اميرة بالصدمة من عرضه فلم تتوقعه على الاطلاق، شعرت بسعادة داخلية وهى تفكر انها لم يكن عليها الرحيل وتركه وربما على مدار هذين اليومين تستطيع سبر أغوار قصته، أو تتأكد ان مشاعرها باتجاهه هو اعجاب لم يتخطى الحدود، الى جانب ان هذا المكان هو الملجأ الوحيد لها الآن والذى لن يستطيع والدها ان يصل اليها فيه، ربما مكوثها هنا هو افضل فكرة وربما لا، ولكنها ستفعل وليحدث ما يحدث، لذا أومأت برأسها ايجابا لتلتمع عينيه برضا قبل ان يعود لكتابه، غافلا عن عينين نظرتا اليه بسعادة وشفاه ابتسمت براحة.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة