قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية تعويذة عشق للكاتبة رحمة سيد الفصل الرابع

رواية تعويذة عشق للكاتبة رحمة سيد الفصل الرابع

رواية تعويذة عشق للكاتبة رحمة سيد الفصل الرابع

أيام مرت، منفرد، منعزل وراهب هو داخل محراب عشقه!
خاسر هو يُعاني سراب الخسارة الموحش، تلك الخسارة التي لا تكتمل فتقضي عليه بالكامل..
ولا تنتهي كالسراب تركك مُشتعل ك شمعة مناره وسط أغلالاً واضحة من الظلمات الموحشة!
ولكن انتهى العذاب، ليبدأ عذاب جديد!
اليوم يوم الإعدام، يوم القتل، او ربما يوم تنفيذ الغرامة!
غرامة سكوته على حبًا تتدفقه منابع جوارح غزيرة بلا هواده...!

قد تختلف المسميات، وتُمثل الحروف، ولكن يبقى الواقع واحد غير قابل للتغير، اليوم كتب كتاب حنين..
زواج المعشوقة الوحيدة!
بداية لحياتها الجديدة مع اخر، بداية لموته البطيئ...!
كلما تذكر ذاك ال شريف وهو يخبر كاميليا
معلش يا مدام كاميليا، أنا كنت اتمنى نكتب الكتاب قبل ما اسافر، احنا بقالنا شهر بنتعرف واعتقد حنين معندهاش مشكلة !
شعر بالدماء تحترق بين اوردته..
وللحق هو لا يلوم كاميليا على تلك الموافقة..

هي لم تجد مجالًا للرفض اساسًا، العريس جاهز للزواج ولم يكن معيوب يوما بنظرهم..
والعروس موافقة ولم تبدي ذرة من الأعتراض حتى!
وولي الامر صامت يبدي موافقته بسكون مؤلم...
تنهد بقوة وهو ينظر لتلك الحورية التي تجلس امامه لجوار ذاك اللعين شريف في إنتظار المأذون...
وجد شخص يربت على كتفه بهدوء ليلتفت فوجده مهاب الذي قال بمرح محاولاً اختلاق اي مدخل للسلام النفسي:.

-اية يا عم مطنشني كدة، ايش حال انا جاي اجاملك انت!؟
ابتسامة ساخرة قُتلت على ثغره، فتنهد مهاب قبل أن يخبره:
-أنا حاسس بيك يا حمزة، حاسس بكمية الوجع اللي جواك حتى لو مش عايز تحكي لحد عن حبك ليها!
نظر له حمزة مسرعًا، اخيرًا وجد طرفًا ظهر امام العلانية!
للحظات أعتقد أن ذاك الحب مختزنًا داخل دورات ملكومة داخله...
تنهد بقوة ثم همس بحرقة واضحة:.

-أنا هموت يا مُهاب، كل ما اشوفه ماسكة إيده ومستنين المأذون كدة بحس بنار بتاكل فيا، انا غيران، هموووت من كتر الضغط يا مُهاب، مش متخيل إنها هتكون ملك واحد غيري، هتخلف من واحد غيري!
امسك مهاب بذراعه، يحاول مده بطاقة تجعله يكمل صموده لاخر لحظة...
وتم كل شيئ، مر كغفوة قصيرة استيقظ منها على لدغة ثعبان لا تُمرضه فقط وإنما تُميته على الفور...
اصبحت زوجة لاخر!
ستستيقظ وتنام بين احضان اخر..!

تقدم منهم ببطئ ومهاب يسير لجواره يمسك بيده، حتى اصبحوا امامهم فقال مهاب بابتسامة مصطنعة:
-الف مبروك يا انسة حنين، مبروك يا شريف
اومأت حنين هامسة بابتسامة:
-الله يبارك فيك يا استاذ مُهاب
بينما كان شريف يختلس النظرات ل حمزة الذي لم ترتفع عيناه عن حنين..
وكأنه يحتفظ بأخر صورة ممكنة لها بين جفونه، فلا يقدر ألم او غيره محوها!

وهو، يشعر بالذنب، نعم قد كان يستشف ذاك الحب من تصرفات حمزة ولكنه جاهلاً في فك رموز حياته فلا يدري ما اليد التي دفعته لايلام ابن عمه وصديقه لتلك الدرجة!؟
اخيرًا خرج صوت حمزة واهن وهو يخبرها بفتور ويمد يده لها:
-مبروك يا حنين
حاولت الابتسام وهي تشعر بأصابعه تتحسس كفها الذي يكمن بين كفه العريض، لتهمس:
-الله يبارك فيك يا حمزة، عقبالك!
جهر القلب باعتراض حمقاء أنتِ يا حواء، تتمنين الاكتمال لمن جذرتيه حيًا!؟

مر الوقت ثقيل، ثقيل جدًا يجثم على دقات بطيئة تنذر باقتراب التوقف النهائي!
رحل الجميع ولم يتبقى سواهم، فجلس شريف وحنين بمفردهم في الصالون..
وهو هنا يتأكل إنفعالاً!
هز رأسه نافيًا وهو ينهض متجاهلاً مهاب الذي كان يحاول لهيه بالحديث:
-شد حيلك بقا ده انا فرحي بعد يومين عايزك تفيدني بخبرتك
وجد حمزة باب الصالون مفتوح قليلاً لتظهر جزء من الصورة...

ذاك الملعون يُقبل حنين برفق وهو يمسك وجهها بين يديه، وهي مستسلمة تغمض عينيها!
سحق عذرية شفتاها غيره!؟
اقترب منها غيره بتلك الطريقة...
ومن دون شعور كان يستدير ليلقي بالمزهرية ارضًا وهو يصرخ بجنون:
-ااااااه
وضع يده على قلبه يأن بألم حقيقي، ليأتي الجميع متساءلاً:
-في اية يا حمزة مالك؟
لم يرد حمزة وانما انطلق يغادر شبه راكضًا، ليقول مهاب مسرعا قبل ان يغادر خلفه:
-معلش حمزة تعبان شوية.

اومأت كاميليا موافقة بخفوت:
-ابقى طمنا عليه يا مهاب لو سمحت
اومأ موافقًا قبل أن يطلق قدماه للرياح تحمله مسرعًا لإنقاذ ما يمكن انقاذه من عملية دمار بدأت في الاشتعال!

وعلى الناحية الاخرى، تم الأنتهاء من عقد قرآن اسر و لارا
لارا التي كانت كالجسد بلا روح، وكالزهرة بلا رحيق..!
تنظر وتصمت، تسمع وتكتم، تتمنى وتسكن...!
انتهى كل شيئ بلحظات، انتهى حلمها بفستان زفاف ابيض وعرس يتحادث به الجميع!
انتهى بعقد قرآن صغير وشهدان...
رحل الجميع ولم يتبقى سواها و اسر في شقته المتوسطة...
جلس لجوارها يرفع وجهها بيداه قبل أن يهمس بخبث:.

-دفعنا الفلوس ومامتك عملت العملية وهتتحسن ان شاء الله، مش جه الوقت بقا اللي اخد المقابل
اومأت موافقة بشحوب وقلبها يرتعش في موضعه، بل يكاد يكون ليس في موضعه من الاساس!
اقترب منها ببطئ وهو يتحسس ظهرها بطريقة حميمية، حتى وصل لأزرار تلك - البلوزة - الخفيفة...
هنا نهضت لارا شاهقة بخوف تقدم حروف صوتها الواهن:
-طيب ممكن ناكل لو سمحت، انا جعانة.

نهض ليصبح امامها مباشرة، يمسك وجهها بين يديه وهو يهمس بالقرب من شفتاها:
-وانا جعان، جعان جدًا جدًا
كادت تبكي فعليًا وهي ترى اخر طريق يُسد امامها..!
وضعت يدها على صدره في محاولة لأبعاده بتوتر ضعيف:
-اسر..
كانت تلك المرة الاولى التي تنطق فيها اسمه، فتنبهت جوارحه لها، يرميها بنظرة متساءلة:
-اممم؟
ابتلعت ريقها بازدراء وهي تتابع هامسة:
-عايزة اشرب
تنهد بقوة قبل أن يحملها فجأة بين ذراعيه متجهًا نحو غرفة النوم..

ظلت ترفس بقدمها وهي تردد بخوف حقيقي:
-لا لا استنى، استنى بالله عليك
وضعها على الفراش برفق ليجعلها تتمدد، مد يده يفرد شعرها ببطئ وشفتاها تهبط تدريجيًا لشفتاها المنفرجة...
سحق شفتاها في قبلة متلهفة وجائعة، قبلة راغبة لابعد حد!
بينما هي تحاول التملص من بين ذراعاه، هبط بشفتاه لرقبتها يُقبلها بنهم وهو يلقي بجسده كله عليها..
غمس وجهه عند رقبتها يشبعها تقبيلاً، بينما هي تتلوى ذعرًا...

الى أن ابعدته قليلاً اخيرًا وهي تقول بحروف متقطعة من بين دموعها الصامتة:
-اسر بلاش النهاردة، والنبي بلاش النهاردة استنى شوية ارجوك، استنى شوية
لم يعطيها اهتمام ويداه تعبث بمنحانيات جسدها، بينما شفتاه لم تفارق شفتاها ورقبتها...!
دفعته مرة اخرى وهي تبكي بصوت عالي مرددة:
-ابعد عني، مش قادرة يا اسر!
ابتعد يجلس بغضب وهو يحدق فيها مزمجرًا:
-يعني اية مش قادرة، هو لعب عيال! ده أتفقاق.

ظلت تهز رأسها بهيسترية مُدمرة لأي هدوء كاد يرفرف على افق حياته، ليزجها بعنف على الفراش حتى سقطت بقوة هاتفًا:
-هي جوازة فقر انا عارف، معاكِ ليلة واحدة، ليلة واحدة بس والجوازة دي هتكتمل يا لارا!؟

في اليوم التالي مساءًا...
كانت حنين تقف في بلكون منزلهم، تتحدث مع شريف في الهاتف بخفوت وهي تنظر للسماء..
أنهت حديثها وهي تبتسم في فتور هامسة:
-ماشي يا شريف، مع السلامة
ما إن أغلقت حتى وقعت عيناها على حمزة وهو يسير مترنجًا متجهًا لداخل البناية..
عقدت حاجبيها بتعجب وهي تتيقن انه لثم!
حمزة الذي لم تمس الخمر فمه يومًا يأتي منزله مترنجًا بتلك الطريقة؟!

وجدت نفسها تتجه للباب دون تردد، فتحته لتجد حمزة امامها، ينظر لها بأعين زائغة ارتكز بين وميض الالم!
اقتربت منه ببطئ ولم تلحظ انها ترتدي نصف كم، لتمسكه من ذراعه هاتفة فيه:
-تعالى يا حمزة انت شارب اية!؟ من امتى وانت بتسكر؟
كاد يسقط فأسرعت تسنده فوضع يده عليها حتى اصبحت في احضانه تقريبًا!
صعدت معه تسنده حتى امام منزله، وهو مبتسم ببلاهه..!

فتحت له الباب ثم جعلته يدلف، كادت تستدير لتذهب ولكن وجدته يسحبها معه للداخل ويغلق الباب خلفه!
ابتلعت ريقها بقلق وخاصة انه ليس بوعيه، اقتربت من الباب تقول بحبور:
-حمزة انا لازم انزل
حاصرها عند الباب ينظر لها بسكون غريب، ليقترب بوجهه منها كثيرا وهو يهمس بحرارة:
-إنت بتعملي فيا كدة لية!
عقدت حاجبيها تنظر له مشدوهة، لترد بجدية:
-بعمل فيك اية!؟ حمزة انا حنين مش واحدة تانية!

اقترب منها اكثر يتحسس وجنتاها بوجنته الخشنة لتخدشها ذقنه النامية قليلاً..
حاولت ابعاده وهي تهمس بتوتر:
-حمزة خليني انزل، انت مش في وعيك!
وضع يده على خصرها يجذبها له يلصقها به، ليضع وجهه عند رقبته يلثمها بعمق حتى سارت قشعريرة باردة على طول عامودها وهي تحاول ابعاده:
-حمززززه!
ولكنه لم يبتعد او يرد، بل كان يلتصق بها اكثر قبل ان يهمس:
-إنتِ بتدبحيني ببطئ، لية بتوجعيني؟ أنا بعشقك!

اُصيبت اذناها بالصم حرفيًا!
اهي بحلم ام علم، هي مصدومة، مصعوقة من بركان إنفجر فجأة بأعترافًا كان كوشم وُضع بعد صراع طويل!
نظرت له بعينيها المتسعتين على وسعهما، لتهمس ببلاهه:
-حمزة أنا حنين!؟
نظر في غابات عيناها الزيتونية، هناك هو عالق بين تلك الجذور، أسير حرب العشق التي خرج منها منهزم...
ليتحسس وجنتها بأصابعه مكملاً بهمس خشن رجولي وعميق:
-إنتِ حبيبتي أنا، ملكي أنا، إنتِ روحي!

إبتلعت ريقها بشيئ من القلق، والعقل يردد داخلها
يبدو أنه يحلُم بأخرى حتى بات يراها في كل الوجوه!
وبالفعل إقتنعت بما املاه عليها عقلها المصدوم، لتومئ موافقة قبل أن تحاول إزاحته عنها:
-تمام، ممكن أنزل بقا يا حمزة؟
وجدته يسحبها بقوة مُعاكسة لرغبتها في المغادرة لتصطدم بصدره شاهقة، رفعت عيناها له لتُلاقي حتفها الأكيد!
نظرة عيناه في تلك اللحظات كانت كفيل بأرعابها حرفيا، لتجده يستطرد بشيئ من الحدة:.

-عايزة تروحيله صح؟ وحشك اوي كدة، مش عايزة تقعدي معايا عشانه!
هزت رأسها نافية بسرعة متوجسة:
-لا مش كدة بس آآ، الناس هتقول إية لو شافتنا كدة!؟
عاد يحتضنها مرة اخرى، يكبلها من خصرها، وشفتاه تبحث عن سبيلها لأرتواء عطشًا طال كثيرا على الروح حتى اُرهقت!
يقول بصوت مهزوز وسط قبلاته المتلاحقة:
-بحبك، بحبك بجنون، هموت لو راجل غيري لمسك!

حاولت ابعاد يداه عنها، ولكنها فشلت، تفوق هو هذه المرة، حُسبت لها جولة إنتصار بعد هزيمة ساحقة!
واخيرًا مس شفتاها، لا بل إلتهمها، يأكلها بنهم مشتاق، مشتاق بجنون!
ألف شعور وشعور تضاربوا داخل كلاهما!
كادت حنين تصرخ وهي تشعر بيداه تتسلل لجسدها اسفل التيشرت..
ظلت تُعافر بقوة، وهو كالملهوف ل إقترابًا لم يَحل له يوما!

إلى أن استطاعت دفعه اخيرا بقوة حتى ترنج للخلف، حبست دموعها بصعوبة لتركض مسرعة مستغلة فرصة ترنجه في مكانه..
وكأنه في حالة الوعي واللاوعي!
ظل ينظر حول والدوار اختلط بيه فمسح على شعره بوهن وهو يهمس بصوت يكاد يكون مسموع:
-حنين!

ليلة زفاف مهاب و سيلين ...
ليلة تقريبًا كانت خط بداية أحمر ومُخيف بالنسبة ل سيلين، فكانت ترجوه ألا يقترب!
كان كشبحًا يُلاحقها منذ اخر فترة، وخاصةً أنها لم ترى مُهاب منذ تلك الليلة!
وصراحةً هي حمدت الله أنه لم يتعرض لرؤيتها اساسًا...
كان الجميع في حديقة منزلهم الواسعة، الجميع يقف هنا وهناك في إنتظار العروس..
ومُهاب يتأفف كل ثانية والاخرى لجواره حمزة و اسر ..

كلاً منهم بئر من الاساس اوشك على الاكتمال وما بعده من مرحلة انفجار!
اقترب منهم والد مُهاب، ليلقي التحية على اسر وحمزة:
-منورين يا ولاد، كتر خيركم جيتوا المسافة دي
رُسمت ابتسامة باهتة على وجه كلاهما ليردوا في صوت واحد:
-احنا اخوات يا عمي!
ضحكوا ثلاثتهم على الجملة الصادقة التي إندفعت منهم..
بينما كان مُهاب في موال اخر، يرى اولى خطواته تخطها حروف الجدية لتلك الحياة البائسة...

سمع صوت عم سيلين وهو يقول مقتربا منه:
-يلا يا مهاب اطلع هات مراتك
اومأ موافقا:
-حاضر يا عمي
وما كاد أن يسير متجهًا للأعلى، حتى وجد والدتها تهرول ناحيتهم راكضة تضرب خديها وهي تردد بهيسترية:
-سيلين مش موجودة، سيلين مش موجودة يا كامل عم سيلين
إتسعت حدقتا عيناهم جميعًا في ذهول!
بينما شعر مُهاب أنه يتلقى صفعة جديدة من تلك الطفلة التي تُدعى زوجته!
هتف عمها مسرعا بغضب خروج في كلمات حانقة بصوت خفيض:.

-يعني اية اتنيلت غارت!؟ وإنت كنتي فين لما اتزفتت؟ والبنات؟ عرفت تغفل كل دول بسهولة كدة!
هزت رأسها نافية تحاول كتمان إنفعالها خوفاً من الفضائح التي ستحل على رؤوسهم جميعا:
-معرفش والله معرفش، أنا طلعت البنات قالولي إنها في اوضتها، وملاقتهاش خالص!
كاد عمها ينطق منفعلًا، إلا أن مُهاب قاطعه يشير له بأصبعه:
-أنا هجيبها يا عمي، هي هربت مني وانا هجيبها.

وبالفعل كان ينطلق متجهًا لسيارته دون ينظر خلفه ولو للحظة، دون أن يأبه ل حمزة واسر الذين يركضون خلفه!
ركب سيارته سريعا وطار بها يبحث في كل الاماكن القريبة...

مر الوقت بطيئ على الجميع، تكفل كامل ووالد مُهاب بإنهاء كل شيئ، بحجة أن العروس اصابها مرض فجأة...
بينما مُهاب يحلق بين افق الضياع والغضب، كتلة ثقيلة وعميقة تحتل ثنايا روحه حتى كاد يصرخ بكل ما تحمله تلك الكلمة من معنى آهٍ
آهٍ وألف آهٍ من ذاك الضغط النفسي الذي يُرهق اوتار قلبه، بل روحه بشكل عام!
واخيرًا وجدها، وجدها تسير بلا هوادة بين الشوارع متلطمة الشعور
متحطمة الكيان!

ترجل سريعًا من سيارته، ليقترب منها فجأة يمسكها من ذراعها صارخًا بجنون:
-كنتي مفكرة إنك هتعرفي تهربي مني؟ للدرجة دي عيارك فلت خلاص بتهربي من بيت اهلك؟
ذهلت في البداية ولكن سرعان ما قالت بشراسة:
-وأنت مالك أنت؟ أنت ليك عين تيجي جمبي بعد اللي عملته يا حيوان!
إحتدت عيناه بشرارة مشتعلة، بل حارقة لأبعد حد..
لم يتردد وهو يصفعها بكل قوته، بكل ذرة كيان رجل كاد يُهدم تحت الاقوال..

بينما وضعت هي يدها على وجهها شاهقة بعنف خرج بصوت عالي:
-أنت مين عشان تمد ايدك عليا يا حيوان، غور انا بكرهك مش عايزاك
صفعها مرة اخرى ولكن تلك المرة اقوى حتى ترنجت لتسقط على الارض باكية، انحنى نحوها يجذبها من شعرها الاسود بقوة ألمتها وهو يجرها نحو السيارة مغمغمًا:
-ورحمة امي لاربيكِ من اول وجديد، انا حتة عيلة تعمل فيا كدة وتفرج عليا الناس!؟ انا هخليكِ تتمني إنك ماعملتيش كدة يا سيلين.

حاولت إفلات شعرها من بين يديه وهي تصرخ بهيسترية:
-سبني، سبني ابعد عني ملكش دعوة بيا بقااا
ولكن كان كالوحش الكاسر، وحش هي اخرجته من كوكب الواجب والحنان الذي كان يتمرغ داخله!
اجلسها على الكرسي عنوة ولكنها لم تستسلم، فظل يصفعها صفعات متتالية حتى فقدت الوعي على الكرسي..
ليزفر هو بقوا لاهثا وهو ينظر لها من فرط الإنفعال!

كانت حنين تخرج من باب منزلها متجهة ل ذاك الذي يدعى شريف..
ولكن فجأة وجدت حمزة امامها، طل بهيئته الرجولية المعتادة التي لم تلون نظرات عينيها منذ ايام...
منذ ذاك اليوم لم تره وهو اساساً كان يتهرب من ذاك اللقاء حتى الان!
حتى الان وهو يراها تتهندم بأبهى شكل وقد علم من كاميليا
محدش في البيت اصلًا، حنين زمانها راحت تقابل شريف زي ما اتفقوا من امبارح، وانا في الشغل زي ما أنت عارف.

جن جنونه وهو يتخيلها مع ذاك!
يقترب منها مرة اخرى كما اقترب هو..
كادت حنين تهبط درجات السلم دون ان تهتف بحرف، لتجده يضع يداه امامها، نظرت له بعينيها الزيتونية التي اشتاقها حد الجنون..
ليقول بصوت اجش:
-انا اسف على اللي حصل، أكيد إنتِ فهمتي إنك ماكونتيش المقصودة!
اومأت دون ان تتحدث وهي تعود للخلف بتلقائية اسقطت قلبه صريعًا بتلك الحركة!
لم يتوقع ان يُخيفها منه يومًا ولو من دون قصد، ولو كان بيد العشق...!

حاول الخروج عن افكاره وهو يسألها بخشونة صلبة يحاول اخفاء الغضب بين جوارحها:
-رايحة فين؟
صمت برهه قبل ان تقول بثبات:
-رايحة اشوف شريف
-فين؟
سألها مباشرةً دون تردد وهو يحدق بها، ليجدها ترد بهدوء كُسرت له جميع قواعد الصمت داخله:
-في شقته، عشان هيسافر
صرخ فيها بحدة غاضبة ومفاجأة بالنسبة لها ؛
-إنتِ مجنونة ولا متخلفة ولا خلاص مابقتيش تلزمي حدودك وتحترمي نفسك؟! عايزة تروحي لراجل بيته ولوحدك!
قالت باندفاع:.

-ده جوزي!
كم قتلته تلك الكلمة، كم قتلت روابط كادت تنمو متعلقة بأمل كاذب!
كم تمنى أن يُمحى من سجل الاحياء الان لكان افضل من تلك الكلمة...
وجد نفسه يسحبها معه من يدها بقوة ألمتها الى حدًا ما، يزجها للداخل بعنف حتى كادت تسقط وهي تصرخ فيه:
-أنت مجنون! انا عايزة اخرج
اغلق الباب وهو يردد بصوت هادر:
-لو إنتِ مابقتيش تعرفي التربية الصح يبقى انا هربيكِ من اول وجديد.

سمع صوتها تتابع شبه متوسلة بصوت زحف البكاء لاوائله:
-افتح لي يا حمزة بالله عليك، سبني اروح عشان خاطري!
زمجر بعنف حاد وهو يستدير:
-اخررررسي، انا سبتك كتير، لكن خلاص بقا كفاية!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة