قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية تراث عشقي للكاتبة حنين محمد الفصل العاشر

رواية تراث عشقي للكاتبة حنين محمد بجميع فصولها

رواية تراث عشقي للكاتبة حنين محمد الفصل العاشر


أستيقظت من نومها فوجدت نفسها مقيدة في جسد صلب للغاية و لكنه يدق بحيوية، نظرت خلفها بكسل فوجدت صقر خلفها و قد قيدها بصدره حتي تظل ثابتة، نظرت حولها و هي تشعر بالهواء القوي يندفع نحو وجهها، و سرعان ما أستطاعت فهم ما يحدث حولها، لقد هربا ! و هما الان علي جواد صقر الذي يركض بهما بسرعة كبيرة، و سرعان ما نظرت الي صقر مجدداً و سألته:
- هو في ايه ؟! أيه اللي حصل !

أبتسم لها و وضع قبلة صغيرة علي خصلاتها و أجابها:
- أتصرف و هربنا
نظرت له بتعجب و أستفهام من جديد و سألته:
- أزاي بردوا
وضع يده علي خصرها و ظل يتحسسه و هو يحاول البحث عن مراده فهو غير قادر علي النظر اليها، أما هي فكانت في حالة دهشة مما يفعله و لكن سريعاً ما وجد مراده فسحبه و نظرت الي ما في يده، فوجدت انه الخنجر الذي أخذته هدية من توأمها شاكتي، فأجابها قائلا:
- هو ده اللي ساعدنا نخرج، قطعت بيه الخشب من غير ما يصدر أي صوت و شيلتك و خرجنا من هناك الحمدلله.

ضمت شفتيها الي داخل فمها و تحدثت:
- وقف الحصان يا صقر
تعجب من طلبها و سألها و هو يعدل من وضعها أمامه حتي تجلس علي راحتها قائلا:
- ليه يا أهيلا خلينا نخرج من الغابة
كادت أن تبكي و ظهرت الدموع في مقلتيها و تحدثت:
- ‏صقر لو سمحت وقفه.

‏أوقف صقر جواده سريعاً، فحلت هي العقدة التي تقيدهم سوياً و هبطت عن الحصان و أتبعها هو بتعجب يزداد، و كان سيبدأ في الحديث عما أصابها و لكن سريعاً ما اجابته:
- أنا عاوزة أفضل هنا
سألها بنظراته عما أصابها و ما الذي يحدث معها، فلم تتحمل و سقطت دموعها بهدوء و تغيرت نبرتها ليظهربها البكاء الصامت قائله:
- ‏الجرح أكيد أتلوث لأن عدي 3 أيام خلاص و دمي هيتلوث كمان و هموت و اكيد أنت مجبتش الزهرة و انت بتهرب، علشان كده ملوش لازمة أرجع القصر، خليني هنا.

أبتسم لها و هو يقترب منها و يمسح دموعها قائلا:
- و مين قالك أني مجبتش الزهور، الزهرة معايا
‏أبتسمت و قد أشرقت الضحكة علي وجهها من جديد مثل الاطفال و هي تمسح عينيها من الدموع قائله:
- بجد !

‏هز رأسه لها بالايجاب فأرتمت علي صدره تضحك بقوة بعد أن كانت تبكي، فظل يمرر يده علي خصلاته و هو يستمتع بضحكاتها الجميلة التي تؤثر علي قلبه بسهولة، وهو يفكر في ما فعلته به تلك الجميلة العنيدة، بدأ في تذكر أول مرة قد تقابلا بها، عندما وقفت أمامه تحمل قوساً و هي ترفع رأسها بشموخ بعد أن قتلت ببساطة والي الشام، تذكر عندما ذهب اليها في معتقلها بعد موت زوجته و طفله،

شعر بالضيق عندما تذكر انها السبب في موت حبيبته و طفله و لكن حاول السيطرة علي غضبه و هو يقنع نفسه أن والديها ماتو في مقابلهم و اخيها و اختها أيضا قد ذهبا من تلك الحياة، أبتعد عنها بابتسامته ثم سحبها معه بجوار الجواد مرة أخري و أمسك بالغطاء الاسود و وضعه علي الأرض و أجلسها عليها، ثم أخذ الزهور و بعض المكونات التي أعطاها اليه شاكتي، و جلس بجوارها وبدأ في صنع تلك الخلطة، و كانت اهيلا تجلس يتسلل الخوف الي قلبها ببطء، فهي تعلم حجم الألم التي ستتعرض له عندما يهبط هذا السائل في جرحها، فهو مسئول عن أغلاق جرحها و بمجرد ان يوضع تتصاعد فقاعات منه و يبدأ الجرح في الألتئام بوجع كبير، أغمضت عينيها بقوة و هي تعد للعشرة مئات المرات حتي أنتهي صقر و نظر اليها و علم ما بها من خوف ..

‏أقترب منها صقر و جعلها تستلقي علي الارض، و هي تضغط علي شفتيها بقوة كبيرة، حتي كادت ان تجرحها، فوضع يده علي شفتيها و أبعدهما عن أسنانها و أبتسم قائلا:
- ‏هيوجعك جدا و انا عارف شاكتي قالي، بس خليكي فاكرة أن ده اللي هيخليكي عايشة و كمان خليكي عارفة أن الوجع هيخلص مش هيفضل معاكي علطول
‏هزت رأسها و بدأت في التنفس بعمق و هي تحاول السيطرة علي نفسها، فأمسك صقر بالطبق الذي يحتوي علي الخليط و أعتلي أهيلا فتحكم في قدميها ثم ثبت ذراعه اعلي صدرها ليتحكم في كتفيها و يدها و تحدث الي أهيلا:
- ‏عدي لتلاتة و بصي الناحية التانية.

هزت رأسها و أغمضت عينيها بقوة و أبعدت رأسها الي الجهه الأخري و بدأت في العد قائله:
- ‏واحد ... أتني
صرخت بقوة عندما وضع الدواء في جرحها و حاولت التحرك و لكنه كان قد أحكم تقييدها بجسده، و تعالت صرخاتها شيئاً فشيئ و أمسكت الغطاء من أسفلها بيدها السليمة و قد بدأت في البكاء، حتي انتهي صقر، فوضع الطبق بجواره ثم ثبت كتفيها بيديه الاثنين، و هو يحاول تهدأتها قائلا:
- ‏أهيلا انا خلصت اهدي، دقايق و الوجع كله هيروح صدقيني.

كان قلبه ينتفض في صدره من خوفه عليها و أشفاقه عليها من هذا الالم الذي تعاني منه الان، دقائق و صمتت أهيلا و لكن أرتسمت ملامح التعب و الوجع علي وجهها الذي تغطيه دموعها بحرفية، فنظر صقر الي جرحها فوجد انه قد أغلق نوعاً ما، فأبتعد عن أهيلا و نهض عن الأرض ثم حملها بين يديه و هو يتجه بها الي جواده فوضعها عليها ثم سحب الغطاء و قام بأحاطتها به، و صعد هو الأخر الي جواده خلفها ثم أنطلق بها في رحلته الي طيبة مرة أخري، و احاط خصرها بذراعه فقربها منه أكثر ليحكم توازنها علي الجواد، ثم أقترب من اذنها و تحدث بهمس:
- ‏خلاص يا أهيلا، الوجع خلص مفاضلش منه كتير، و انتي أتكتبلك عمر جديد.

هزت رأسها في صمت و هي تريح رأسها علي صدره، و غطت في نوم عميق ناتج عن الالم الشديد الذي شعرت به، و في منتصف النهار أستيقظت ووجدت نفسها بداخل الخيمة، نهضت منها و خرجت اليه فوجدته قد جاء ببعض الأخشاب و قام بأشعال النار بها ووضع عليها طبق به بعض الماء من بحيرة بجوارهم، فنظرت له بتعجب و سألته:
- وقفنا هنا ليه ؟!

تنهد و هو يمسح حبات العرق الموجودة علي جبينه بتعب قائلا:
- بنرتاح شوية و بنريح الحصان بدل ما يجراله حاجة
سألته و هي تنظر الي هذا الصحن الموجود به الماء قائله:
- و بتسخن ماية ليه ؟!
أجابها بمعرفة سابقة له:
- لما الحصان بيكون تعبان لازم يشرب ماية سخنة أو دافية يعني و يتغطي كويس.

هزت رأسها بهدوء و هي تقترب من الحصان الممدد علي الأرض بجوار صقر، و خلعت الغطاء الاسود من عليها ووضعته عليه و بدأت في تمرير يدها علي وجهه و شعره فأنسجم هو مع لمساتها، فأبتسم صقر قائلا:
- ‏يا بخته
نظرت له قائله:
- بتقول حاجة يا صقر !
‏هز رأسه مع ابتسامته قائلا:
- بقول أخدتوا علي بعض بسرعة.

‏اجابته و هي تجلس بجوار جواده و قد أحاطت رقبته بذراعها و هي تمرر يدها علي شعره قائله:
- بابا علمني أزاي أراوض الأحصنة، ده غير أني بحبهم أوي
هز رأسه بتفهم و ألتفت ليحضر الماء للحصان، ثم وضعه امامه و احضر بعض الثمار و بدأ في اطعامه و ساعدته اهيلا، ثم تحدث صقر و قد ظهر عليه التعب مثلما تظهر الشمس في فصل الصيف قائلا:
- هو أكيد هينام دلوقتي شوية، و انا كمان محتاج أرتاح، هتيجي تنامي ولا هتفضلي جنبه.

وقفت من مجلسها و تحدثت:
- انا هتمشي شوية
‏أبتسم صقر برخامة قائلا:
- لو توهتي أو صحيت ملقتكيش همشي و أسيبك
‏وضعت يدها علي صدره و هي تدفعه بخفة قائله:
- ‏مش هرد عليك علشان عارفة أنك بترخم عليا
‏أمسك بيدها بسرعة و سألها:
- أنتي عملتي فيا أيه يا أهيلا !؟

‏أبعدت يدها عنه بهدوء و أرتسمت أبتسامة جميلة علي شفتيها قائله:
- أنا معملتش حاجة، بس أنت اللي بتعمل كده في نفسك
‏تركته و ذهبت من أمامه فتنهد هو و دلف الي الخيمة ليرتاح قليلاً

كان يقف مع جلال في الصباح بعد أن نال الجميع قسطاً من الراحة، و كان جلال يخبره بأخر التطورات التي حدثت معه، فتنهد ليث بقوة بعد أن أنهي جلال حديثه ثم تحدث:
- كده تمام، و بما أن الجنود بقاا مسيطرين تماماً علي السودان، فكده مش ناقص غير الوالي بس
هز جلال رأسه ثم سأله:
- ‏حضرتك قررت مين اللي هيكون والي علي السودان.

‏هز ليث رأسه بالايجاب و هو يخبره بقراره قائلا:
- ‏اه، الوزير أشرف عبدالله هو اللي هيكون والي علي السودان
أبتسم جلال و تحدث بفخر:
- قرار موفق سموك
‏أمر ليث أحد الحراس بأحضار أشرف اليه، و الذي كاد أن يطير من شدة السعادة لثقة ليث به، بعد أن أخبره أنه من سيحكم السودان نيابة عنه.

أستيقظ من قيلولته علي صوت جواده، فنهض من مكانه خرج من الخيمة، ثم أبتسم عندما وجد جواده قد أستعاد نشاطه من جديد، و أقترب منه و أمسك بوجهه بيه يديه و أسند بجبينه علي جبين جواده، و بدأ بتمرير يده علي جسده مثلما أعتاد أن يفعل دائما معه، فهذه الحركات أحدي الطرق للتعبير عن حبك للأحصنة..،

أبتسم و هو يفكر، لمَ لا يكون التعبير عن حبه لأهيلا بهذه البساطة أيضاً ! و لكن هل أحبها فعلاً، هو لا يعلم ما يحدث معه و لكن يعتقد أنه حب، و أحياناً لا يعتقد ذلك، فلم يكن يحب موناي بهذه الطريقة، نعم لم يكن يحبها بتلك الطريقة أبداً، حسنا هذا جعل هناك خيارين فقط، أما أنه لا يحب أهيلا لأن حبها لا يشبه حبه لموناي، أو أن حبه لموناي ليس مثل عشقه لأهيلا، لا يعرف ماذا يفعل مع تلك الجميلة العنيدة التي عبثت بحياته كثيراً، أين هي ؟!

أبتعد عن الحصان، و ظل يدور في مكانه يبحث عنها، أم من الممكن انها لم تأتي بعد من نزهتها في الغابة ؟! ماذا ! ملابسها هنا علي شاطئ البحيرة ؟!
أقترب بسرعة من الملابس في الأرض، و أمسك بها و بدأ في تفحصها، حسنا لا دماء لا قطع سوي هذا الذي فعله في ذراع فستانها عندما كانا محتجزين، هذا يعني أنها هي من خلعت ملابسها، و لكن أين هي !

نظر أمامه بعد أن سمع صوت قادم من البحيرة، ووجدها ترفع رأسها من تحت الماء و هي تزيح الماء عن وجهها و ترتب خصلاتها للخلف، فتحت عينيها لتجده ينظر لها، فأبتسمت بخجل و قد أحمرت وجنتيها و هي تحمد الله ان الماء يغطي جسدها عنه، فتحدث قائلا:
- بتعملي ايه ؟!
أجابته بهدوء و هي تثبت هذا الشال البسيط الذي تغطي به جسدها تحت الماء:
- باخد حمام، الماية بقالها كتير ملمستش جلدي.

أبتسم بسخرية و هو يشير بيده عليها قائلا:
- ‏و هو ده مكان علشان تبلي جسمك فيه بالماية ؟! مستنتيش ليه لحد ما رجعنا القصر
رفعت كتفيها بلامبالاة:
- عادي اللي حصل حصل
‏أشار مرة أخري بسبابته علي الشال الذي ترتديه قائلا:
- ‏و هو اللي بينزل الماية بيلبس شال ؟! و الشال بتاعي كمان
ردت عليه بسخرية قائله:
- قولت أعمل حسابي علشان لو سيادتك صحيت من النوم زي دلوقتي بالظبط كده.

أقترب صقر من البحيرة ثم هبط بها و هي تتراجع للخلف في خجل و خوف نوعاً ما، فأمسك بيدها بسرعة، و أقترب منها هامساً:
- متتحركيش
همست هي الاخري بخوف:
- هتعمل أيه أحنا في الغابة ؟!
وضع أصبعه علي شفتيها، ثم مد يده الي هذا الشال الذي ترتديه و سحب منه شئ، ووضعه أمام عينيها، فصرخت أهيلا و أبتعدت بسرعة، فوقعت في الماء، فضحك صقر بقوة و هو يلقي بهذا الثعبان الذي وجده علي الشال بعيداً خارج الماء، ثم أمسك بيدها و ساعدها في الوقوف في الماء، فتحدث اليها:
- ‏كده يبقي انقذت حياتك مرتين.

‏أبتسمت له و شكرته:
- ‏شكرا يا صقر
أمسك بيدها و أخرجها من الماء قائلا:
- يلا ألبسي هدومك علشان نمشي
أمسكت بالغطاء الأسود و أعطته اليه قائله:
- ‏طب أمسك ده كده
وضعته أهيلا بين يديه فأصبح مثا الستار،فنظر لها بسخرية قائلا:
- ‏يعني أعتقد أنتي حطاه علشان يخبيكي عن عيني، هيخبيكي أزاي بقاا و النبي و أنا اللي ماسكه و انتي هتكوني مكشوفة قدامي.

ذمت شفتيها بتفكير، فألقي الغطاء بوجهها، ثم ألتفت و اعطاها ظهره قائلا:
- ‏فيه شجرة هناك، روحي غيري هدومك عندها، و انا هروح أجهز حاجتنا علشان نمشي
هزت رأسها و التقطت ملابسها و ذهبت الي تلك الشجرة لتبدل ملابسها، أما هو فأقترب من الخيمة و بدأ في ثنيها عدة مرات بعد ان جمع كل ما بها، و جهز كل شئ من اجل العودة، فسمع صهيل جواده، فألتفت ليجد تلك الجميلة تقف خلفه و تداعب الحصان و تبتسم له بأبتسامتها التي تدخل القلب بسرعة، فتنهد و أبتسم قائلا:
- ‏يلا علشان نمشي ولا أيه ؟!

ألتفت له و أبتسمت له هو الاخر قائله:
- يلا أنا جاهزة
‏وضع كل ما في يده علي الحصان، و هي حاولت الصعود علي ظهر الحصان و لكنها لم تتمكن بسبب هذا الفستان الذي ترتديه، فهي لم تعتاد أن تصعد الي الأحصنة الا ببنطالها الألماني الذي ييسر لها الحركة، فمد صقر يده اليها، فأمسكت بها ثم حملها ووضعها علي ظهر جواده و صعد هو الاخر و غمزه، فركض بهما بعيداً صوب طيبة، لتبدأ مرحلة جديدة من علاقتهما ربما هي جيدة، و ربما لا !

ساد الصمت لمدة طويلة الي أن قطعه صقر و هو يسألها بتعجب:
صحيح يا أهيلا، أنتي ازاي بتتكلمي عربي كويس ؟!
أبتسمت و اجابته:
- أنت لسه فاكر تسأل !
هز كتفيه بلامبالاة بينما تعلو شفتيه أبتسامة جميلة، فأجابته:
- من زمان أوي كان فيه خلافات كتير بين مصر و ألمانيا أنتهت بالنسب فجوزوا بنت الملك من مصر بأبن الملك الألماني، ولما خلفوا الملكة علمت اولادها العربي و ولادها لما كبروا و خلفوا علموا ولادهم العربي و فضلوا كده لحد دلوقتي، و الملكة ماريناد كانت تعرف عربي فعلمتنا انا و شاكتي.

نظر لها بتعجب و سألها:
- ‏ بس مولان كمان عارفة عربي
أجابته بعد تنهيدة طويلة:
- شاكتي علمها العربي هي و مراد ابن عمي يامن
هز رأسه و صمت و أكملوا رحلتهما

‏ألقي بجسده بتعب شديد علي الفراش، فأقتربت رقية منه و جلست بجواره علي الفراش و بدأت في تدليك رأسه بحب، فأبتسم لها بصمت، ثم سألته:
- ‏هما أهيلا و صقر هيرجعوا أمتي ؟!
‏تنهد شاكتي بقوة قائلا:
- المفروض النهاردة الصبح بس بقينا بالليل و هما لسه مجوش و ده قالقني عليهم أوي و بعت جنود يدوروا عليهم في الغابة
‏وضعت قبلة صغيرة علي رأسه قائله:
- طيب أرتاح شوية.

‏أعتدل في جلسته و نظر لها، فقد اتخذ قراره ولا مجال للعودة عنه، هو يحبها و انتهي الامر، ستكون زوجته و حبيبته حتي اخر أنفاسه، و لكنها لن يتخلي عن أهيلا و أنتقامها، سيحاول حل تلك المعضلة بلا شك
نظر في عينيها بحب قائلا:
- ‏بس أنا عاوز أقعد مع مراتي و حبيبتي شوية
ذمت شفتيها بذعر قائله:
- هو انت لسه فاكر ! ده أنا أفتكرتك نسيت أننا متجوزين، روح شوف في ايه في المملكة لسه معملتوش.

‏أمسك بوجهها بين يديه و قبل رأسها بأحترام شديد قائلا:
- ‏حبيبتي أنتي اعقل من كده، يعني أسيب المملكة تضرب تقلب من غير حكم ! أنتي عارفة أن ليث راح السودان و قايم بكل مهمته، لازم أنا كمان أعمل اللي عليا، ولا أنتي عاوزة أخوكي يزعل مني ولا أيه، لازم تقدري ده
هزت رأسها بالنفي قائله:
‏- لا طبعا يا شاكتي مش عاوزاه يزعل منك، بس انا فين من كل حساباتك دي.

أمسك يديها و قبلهم بحب:
- ‏أنتي في قلبي ي رقية و صدقيني أنا لو شايف أني بضغطي عليكي بده مكنتش عملته، انما انا عارف انك قوية و هتستحملي معايا، هو انا قولتلك أني بحبك قبل كده ؟!
أتسعت عينيها بدهشة و هزت رأسها بالنفي فهذه المرة الاولي التي تسمعها منه، فأبتسم و تحدث:
- طب انا بحبك أوي يا رقية
أخفضت عينيها بخجل و أقترب هو أكثر فوضعها بين ذراعيه و ضمها بقوة اليه، لينفرد العاشق بمعشوقته بدون فواصل او قيود، و لم تفور القهوة و لم ينكسر الزجاج، و بالطبع لم تهطل الامطار و لكن فقط أنتصر الحب ..

‏عاد ليث مع نسمة و باقي الجيش الي مصر في منتصف الليل، و كان كلا من شاكتي و الملكة صوفيا و جودا و رقية و جنتي في أستقبالهم، و صعقوا عند رؤيتهم لنسمة، فأنتهوا سريعاً من مراسم العودة و دلفوا الي القصر و خاصةً في جناح ليث و كان شاكتي متعجباً من وجود تلك الفتاة و ما أصابهم جميعاً عند رؤيتها، فسأل رقية بصوت هامس:
- مين دي و فيه أيه ؟!

‏اجابته بأختصارشديد:
- ‏دي نسمة
‏صمت و صمتت هي الاخري فالآن فهم ما يجري من حوله، ساد الصمت في جناح ليث فقطعه صراخ صوفيا:
- ‏ليث ايه اللي جاب الخاينة دي هنا ؟! و ازاي مش قابض عليها
حاولت نسمة الحديث:
- جلالة الملكة أسمعيني
قاطعتها صوفيا بقوة و غضب قائله:
- أخرسي.

تحدث ليث بسرعة و حدة:
- ‏جلالة الملكة بعد أذنك، نسمة كانت مخطوفة مهربتش
‏نظرت الي نسمة بأستحقار شديد قائله:
- ‏و انت ازاي مصدقها !
‏هز ليث رأسه بضيق من طريقة والدته و تحدث:
- ‏نسمة كانت مخطوفة في السودان و انا اتأكدت من ده بنفسي و الا خطفها حد من جوه القصر و مش بعيد يكون واقف معانا كمان دلوقتي.

نظر الي الجميع ليحلل ملامحهم بسرعة بعد ان ألقي عليهم جملته تلك، فوجد رقية متعجبة من حديثه في حين أن شاكتي طبيعي للغاية، أما جنتي فكانت خائفة تقف بجوار جودا المصدومة و بجوارهما صوفيا التي ظهر التوتر عليها من حديثه، اما نسمة فكانت تقف خلف ليث تتمسك بقوة بقميصه، و ليث أطال نظراته الي جنتي التي شعرت بالرهبة و الرعب من ان يكون قد شك بها فبكت بصمت و هي تقول:
- انا معملتش حاجة و الله، انا و نسمة كنا اصحاب اوي و أكيد مش هعمل فيها حاجة، ليث مش انا و الله صدقني.

ألتفت اليها جودا و احتضنتها بقوة لتهدأ من روعها، فتحدث صوفيا بهجوم غريب:
- اكيد أنتي يا بنت الجارية اللي عملتي الحركة دي
نظر ليث الي صوفيا و تحدث بثقة:
‏- لا مش هي
نظرت له صوفيا بذهول و تحدثت:
- انت بتدافع عن دي ! بتدافع عن بنت الجارية يا ليث !

صرخ بها ليث هو الاخر قائلا:
‏- مالها دي ! دي اميرة عارفة يعني ايه أميرة، و احنا ظالمينها لأن اليوم اللي نسمة اتخطفت فيه جنتي كانت مضروبة علي راسها و مغمي عليها، يبقي ازاي هي !
نظر له شاكتي و سأله بتعجب:
- ‏اكيد مش جنتي اللي عملت كده هي أطيب من انها تعمل كده، بس مين اللي من مصلحته تبعد انت و نسمة.

‏هز ليث رأسه بنفي و تعجب قائلا:
- ‏مش عارف بس أكيد لما أعرف مش هسامحه أبداً ولا هرحمه، شاكتي .. مراسم جوازي انا و نسمة تجهز لازم نتجوز بكره، هعتمد عليك أنت و رقية و أمي جودا في الموضوع ده
تحدثت جنتي بخوف و هي تمسح دموعها قائله:
- ‏ممكن اساعدهم ؟!
‏هز رأسه قائلا:
‏- براحتك يا جنتي
نظرت له صوفيا و بدأ الشر و الحقد الملئ بقلبها الظهور علي عينيها قائله:
- ‏و لو قولتلك مش هسمحلك تتجوزها يا ليث.

‏نظر لها بعدم أهتمام قائلا:
- دي حرية شخصية و انتي من حقك تقولي رأيك و من حقي أرفضه، أنا و نسمة هنتجوز و مفيش حاجة هتوقفني أني اعمل كده
تحدثت جودا بأبتسامتها الجميلة:
‏- ليث، أنا أكيد مش معترضة عن جوازك من نسمة بالعكس انا مبسوطة جدا علشانك، بس أستني لحد ما صقر ييجي، مش معقول هتتجوز و هو مش هنا !
‏هز ليث رأسه و أخبرها باخر المستجدات:
- وصلي خبر أن صقر وصل طيبة مع اهيلا و خلال ساعة هيكونوا هنا.

هزت جودا رأسها و أبتسمت قائله:
‏- مبروك ليث، حمدالله علي السلامة يا نسمة و مبروك
أقتربا كلاهما منها، فأحتضنتهما و باركت لهما و تركوهم جميعاً سوياً بعد ان أصر ليث علي بقاء نسمة بجواره حتي لا يفقدها مرة اخري
مرت ساعة أخري، و وصل كلا من صقر و أهيلا و كان الجميع في أستقبالهم ما عدا صوفيا التي رفضت استقبالهم و ليث و نسمة بسبب تعب سفرهم و نومهم، بمجرد أن هبط صقر عن جواده، مدت له أهيلا يدها فأبتسم و أمسك بيدها ثم حملها عن الحصان و أوقفها علي الارض، فركضت جنتي الي صقر و أحتضنته بقوة قائله:
- صقر، وحشتني أوي، الحمدلله أنكم بخير.

وضع صقر قبلة صغيرة علي رأسها قائلا:
- ‏و انتي كمان وحشتيني يا حبيبتي
أقتربت من اهيلا ايضا و القت بنفسها عليها تحضنها بقوة:
- شكرا يا أهيلا، شكرا علشان أنقذتيلي اخويا، وحشتيني
أبتسمت اهيلا علي تلك الأميرة الصغيرة التي تتصرف مثل الاطفال فتذكرها بمولان قائله:
- ‏و انتي كمان وحشتيني يا سمو الاميرة.

أقتربت رقية و عانقت صقر و كذلك فعلت مع اهيلا ثم أقتربت أهيلا من شاكتي، و امام أنظار الجميع جلست علي قدمها أمامه و لمست أطرافه قائله:
- متشكرة جدا يا سمو الامير، بسببك أنا فضلت عايشة و الخنجر اللي أخدته منك ساعدنا كتير، أنا مديونالك بحياتي كلها
‏أوقفها شاكتي و نظر اليها و يتمني أن يجذبها بين أضلعه، ففي النهاية هي تؤامه و شقيقته الحبيبة و كانت علي وشك الموت و فارقته عدة أيام أشتاق اليها كثيرا و لكن لم يستطع أي منهما ان يعانق الاخر، بينما بدأ الشك يتسرب الي قلب صقر من جديد حول علاقتهما و كونها توأمه ..

تحدث شاكتي بعد صمت:
- ‏الفضل كله يرجع للملك صقر هو الا أنقذك فعلا و جابلك الزهور و عالجك و جابك سليمة وكلنا اللي مديونين ليكي بحياتنا علشان انقذتي الملك صقر من الموت و لو عاوزة تشكري حد فعلا مش لازم يكون غير الملك صقر
نظرت أهيلا الي صقر بحب قائله:
- أكيد، بس هيكون بطريقة مميزة شوية
أشار شاكتي بيده الي داخل القصر قائلا:
- ‏أتفضلوا ادخلوا، جلالتك محتاج اتكلم معاك كتير أوي.

أبتسم له صقر قائلا:
- ‏أكيد بس ساعة واحدة بس أخد حمامي
ثم نظر الي اهيلا قائلا:
- ‏أصل الماية بقالها فترة ملمستش جلدي
أبتسمت في خجل بينما عاد هو بصره نحو شاكتي قائلا:
- هاخد حمامي و أغير هدومي و هنتكلم
هز شاكتي رأسه بأبتسامة و دلف الجميع كلاً منهم الي الجناح الخاص بهم عدا أهيلا ذهبت الي الحرملك بينما انتظر شاكتي صقر حتي جاء اليه في حديقة القصر و جلس بجواره قائلا:
- ‏عاوز أعرف كل حاجة حصلت في غيابي.

‏أبتسم شاكتي قائلا:
- حصلت حاجات عظيمة كتير اكيد جلالتك هتفرح بيها
‏بدأ شاكتي بسرد ما حدث في غياب صقر من الحفاظ علي المملكة و تنفيذ طلبات الشعب و فتح السودان و ضمها الي مصر و بعد التجديدات التي كان سيقوم بها صقر في القصر و لكن سبقه شاكتي، فأبتسم صقر قائلا:
- ‏كده كويس جداً
نظر حوله و أكمل حديثه:
- بس أنا ليه حاسس أن فيه حاجة غريبة في القصر ؟!

هز شاكتي رأسه و فسر له قائلا:
- أيوه جلالتك، الأمير ليث لقي نسمة و قرر أنه يتجوزها بكره و دي التجهيزات اللازمة اللي أمر بيها
‏وقف صقر بغضب شديد و تحدث:
- ‏نسمة ! و هيتجوزها !

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة