قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية تراث عشقي للكاتبة حنين محمد الفصل التاسع

رواية تراث عشقي للكاتبة حنين محمد بجميع فصولها

رواية تراث عشقي للكاتبة حنين محمد الفصل التاسع

أهيلا انتي ليه خدتي الطعنة بدالي ؟! عاوز أجابة، ليه عملتي كده ! انتي ضحيتي بحياتك علشاني و حياتك لسه في خطر بسببي بردوا، و متقوليش أنك مضطربة و مش عارفة تاخدي قرار، و جاوبيني علي سؤالي من غير ما تخرجي بره الموضوع لأني هتجنن ومش لاقي اجابة

صمت صقر منتظراً اجابة منطقية علي سؤاله من أهيلا التي تنهدت قائله:
- أنا سبق و حذرتك منها و انت مسمعتش كلامي
أجابها بحدة:
- ‏كان المفروض أنا أتحمل نتيجة اختياري، خدتي الضربة بدالي ليه يا أهيلا
صرخت به قائله:

- علشان مش عاوزة أهلك يتفككوا زي ما أحنا أتفككنا، مش عاوزاك تموت و تسيب أخواتك البنات يحصل فيهم زي اللي بيحصلي، ليث مكنش هيقدر يشيل مسئولية المملكة من بعدك، هو يا دوب لسه راجع للحياة تاني بعد مولان و نسمة، مكنش هيقدر يحكم المملكة كلها، كان هيكون حاكم ضعيف، و الف عدو كان ممكن ييجي علشان يضم مصر لبلاده و تكون تحت أشرافه بسبب الخير الكتير اللي فيها، أخواتك البنات انا حبيتهم بجد و اعتبرتهم اخواتي،

مكنتش هقدر أشوفهم و هما بيتعذبوا كده زيي و هما جواري و بيتذلوا لحد تاني و مش بعيد يشوفوا أخوهم التاني بيموت قدام عينيهم و رقية تشوف جوزها التاني بردوا بيموت، لو كنت أنت مت كان الحال هيختلف خالص كل حاجة كانت هتبوظ حياتك انت و اهلك و مملكتك كلها، اما أنا فمليش حد و وجودي من عدمه مش هيفرق مع حد ولا عند حد أبداً.

هبطت الدموع من مقلتيها و تعالت شهقاتها بقوة قائله بحسرة و كسرة شديدة:
- ‏مكنتش هقدر أشوفك بتموت قدامي يا صقر
أمسكها وجهها بين يديه بقوة و مسح عبراتها التي هبطت من عينيها الجميلة ثم ضمها الي صدره ليهدأ من بكائها، أو ربما لانه يحتاج احتضانها اكثر منها، ازداد هبوط دموعها و هي تحضنه بقوة، فأبتعد عنها بعد مدة و نظر الي عينيها الباكيتان وعاد و ضمها بقوة الي صدره فأكملت نواحها علي كتفه و هي تضمه بشدة اليها و كأنه ملجأها الوحيد، أستمر في التربيت علي ظهرها و كتفها و تمرير أنامله بين خصلاتها حتي هدأت تماماً، فأبتعد عنها قائلا:
- يلا علشان ناكل.

هزت رأسها بالموافقة في صمت فأقترب منها بقطعة من اللحم فأبتسمت من بين حزنها قائله:
- معقولة هشاركك في اكلك و هتأكلني كمان
ابتسم و هو يبعد خصلاتها عن وجهها لخلف أذنها قائلا:
- ‏هتكوني أول واحدة.

أمسكت بيده في كفها و تناولت تلك القطعة من يده و أستمروا علي تلك الحالة وسط لقطات كثيرة قد ألتقطت من العيون الي بعضها، حتي انتهوا فأخذها صقر الي بحيرة صغيرة قريبة منهم و قاما بغسل أيديهم ثم عادوا الي حيث كانو فسألها صقر و هو يحاول تقدير حالتها الصحية قائلا:
- ‏ يلا نبدأ تدوير ولا أنتي تعبانة ؟!
‏هزت رأسها بالنفي قائله:
- ‏لا أنا مش تعبانة يلا.

‏أمسك بيدها و أعاد خيمته الي الحقيبة مرة أخري و صعدا الي الحصان و انطلق به سريعاً في تلك الغابة، لعلهم يجدون من يخبرهم بمكان قبيلة البوجا، أو تجد أهيلا تلك الزهرة التي تحفظها عن ظهر قلب لانها رأتها أكثر من مرة ..

أظلمت السماء و أشتعل ضوء القمر الذي كان بدراً في منتصف السماء و تحاوطه النجوم المتوهجة بقوة و كأنها تقدسه، كانت أهيلا قد تمكن الدوار منها بعد أن صمتت كثيراً حتي يقضوا أكبر قدر من الوقت في البحث و لكنها لم تتمكن من الأحتمال أكثر، ألتفتت الي صقر و قد ظهر عليها الأعياء الشديد فأوقف الحصان سريعاً و نظر لها بلهفة و هو يلتقط وجهها بين كفيه قائلا:
- أهيلا مالك ؟! أنتي تعبتي !

‏هزت رأسها بالإيجاب قائله بتفسير شديد و أسف:
- ‏حاولت أسكت كتير و الله عن تعبي بس مش قادرة أكتر من كده
أبتسم لها و حاول التخفيف عنها:
- ‏كفاية عليكي تعب لحد كده طيب و هننزل هنا ننصب الخيمة لحد الصبح، أثبتي كده فين قوتك
هبط عن حصانه و بدأ في نصب الخيمة من جديد، بينما ظلت هي في الاعلي حتي انتهي فحملها و أنزلها عن الحصان و كاد ان يدخلها الي الخيمة فنظرت له قائله:
- ‏مش عاوزة أدخل، خلينا بره شوية.

نظر لها بتعجب، فهو يشعر بأرتعاش جسدها المستمر، كيف تريد البقاء في الخارج، قضت هي علي حيرته تلك قائله:
- ‏صقر بعد أذنك خلينا بره شوية، الهوا حلو أوي، و شكل السما كمان، شوية بعدين ندخل
هز رأسه و أجلسها علي الارض قائلا:
- ‏خلاص خليكي براحتك، دقيقة هجيبلك الغطا علشان تدفي.

أحضر الغطاء الأسود و قام بوضعه عليها، فأمسكت بيده و دعته بعينيها لأن يجلس بجوارها، فأستجاب لها و جلس الي جوارها فوضعت عليه هو الاخر الغطاء و ضمت ركبتها الي صدرها و رفعت بصرها الي السماء في صمت تام، كانت تتأمل السماء و هي تلتقط انفاس عميقة ببطء، و هي تفكر في كل ما يحدث حولها و تمر به، ماذا فعلت هي ؟! لمَ كادت ان تموت من أجله ؟!

ماذا ستقول لشقيقها و توأمها الوحيد ! هل ستخبره أنها فعلت هذا لأنها لا تريد أن يموت صقر علي يد أي شخص غيرها، و ان جويانا كانت علي وشك أن تدمر كل مخططاتها في القضاء علي صقر رويداً رويداً ! أم ستخبره انها لم تكن تعرف ما هي نوايا جويانا تحديداً، فلم تتحمل أن يموت صقر و لم تفكر أبداً و اندفعت اتجاه الخنجر بدلاً منه ! ماذا ستخبره أن مشاعرها تجاه صقر أصبحت مشتتة !

من منهم ينتقم من الاخر و يريد السيطرة عليه، هو ام هي ؟! رأسها أصبح يؤلمها بقوة، كل هذا التفكير ألم رأسها بقوة، لماذا تفكر فمن الممكن ان تموت في تلك الغابة بين مخالب و أسنان أحد الحيوانات المفترسة، أو ربما قد يتلوث جرحها فتموت سريعاً دون ان تعود مرة أخري ؟! فلماذا هي تفكر، فلتهدأ و تأخذ قرار مناسب، هذا ان تمكنت من فعل هذا ..
فاقت من شرودها هذا علي نبرة صقر التي سألتها:
- خايفة ؟!

ظلت كما هي علي وضعها تنظر الي السماء في حيرة:
- خايفة من أيه بالظبط ؟! لو علشان قاعدة في غابة بالليل و فيه حيوانات مفترسة فأنا مش عارفة أذا كنت خايفة ولا لأ ! لو علشان جرحي اتلوث قبل ما نلاقي الزهرة و أموت، فانا بردوا مش عارفة ! لو علشان مستقبلي دلوقتي غامض و مبهم جدا و ضلمة زي الغابة دلوقتي كده، فمش عارفة خايفة ولا لأ ! كل حاجة في حياتي بتدمر ببطء أوي، تقريباً مفيش فيها حاجة صح، مفيش قرار صح، علطول كنت بعتز بأني اميرة و لحد دلوقتي،

بس بردوا أنا بحسد الناس اللي من عامة الشعب، اللي حياتهم أبسط من كده بكتير، ممكن الشغل و الفلوس ده كل همهم، أنما عندهم راحة بال و متطمنين وسط أهلهم، عارفين مستقبلهم رايح علي فين و متوقعين اللي ممكن يحصل، كان نفسي أكون طبيعية أنا كمان، بني أدمة عايشة وسط بني أدمين طبيعيين، و عايشة حياتي بسلاسة و بسهولة حتي لو جه في النص شوية مشاكل، بس علي الاقل عارفة طريقي فين و عارفة أيه الخطوة الجاية، كان نفسي أكون أنا من غير أي لقب قبل أسمي.

صمت صقر للحظات يحاول أن يحلل كلماتها بداخل عقله، ماذا تريد هي ! ألهذه الدرجة هي متشتتة لا تعلم ما بها وماذا تريد بالضبط ! أصبحت خيوط حياتها كلها متشابكة في عقدة معقدة، و هو لا يمتلك الحل لفك تلك العقدة ...

يقف شاكتي مع جلال و ليث منذ أن ذهب صقر من القصر و أعطاه مسئولية كل شئ هو و ليث، و قد عقد العزم علي ان يكون محل لثقته المطلقة به، يشعر و كأنه أصبح فرد حقيقي في تلك العائلة و في هذه المملكة، و لكنه يريد الانتقام منهم، ذات التشتيت لديه هو الاخر ...
أقتربت منهم رقية و هي تستمع الي حديث شاكتي:
- كده تمام أوي اعتقد كل حاجة جاهزة، و بكره الصبح هتروح تفتح السودان.

‏هز ليث رأسه بأبتسامة قائلا:
- ‏أيوه، و هسيب هنا أفراد حراسة كتير علي القصر علشان الملكات اللي جوا لو حصل أي اعتداء يكونوا في حماية تامة
تحدث جلال هو الأخر قائلا:
- و أنا هاجي مع سموك
‏هز ليث رأسه بالموافقة و هو يشعر بداخله براحة شديدة، شعر أنه شخص يعيش لأول مرة في حياته، شخص له هدف و أهمية في الحياة، أصبح له قيمة و لديه مسئوليات يجب أن ينفذها ..

‏نظر الجميع الي رقية التي تقترب منهم، فأستأذنوا من شاكتي و ذهبوا، فأبتسم لها شاكتي و تحدثت هي:
- شاكتي هو في أيه ؟! من امبارح و انت ولا قعدت ولا ارتحت
فسر لها أفعاله تلك التي بغضتها و أغضبتها منه قائلا:
- ‏رقية أنا بحاول أحافظ علي ثقة صقر فيا لأني مش عاوز أخسرها أبداً
سألته بكسرة قلب و حزن شديد و عيناها توشكان علي البكاء، فهي تشتاق له كثيراً و هو لا يشعر:
- ‏طب و أنا !؟!

أمسك من يدها بقوة و قبلها ثم أقترب ووضع قبله أخري علي رأسها قائلا:
- ‏حبيبتي أنا عارف أني مقصر معاكي أوي، بس أنا بعمل كده لاني عارف أنك عاقلة و انك هتفهمي ظروفي و هتعذريني و هتسامحيني، أنتي أكتر واحدة هتقدر اللي احنا بنمر بيه ده دلوقتي، أنا عارف أن لحد دلوقتي انتي محستيش أنك عروسة زي باقي البنات و أني سايبك من وقت الفرح، بس صدقيني غصب عني، أنا لو عليا مش عاوز أبعد عنك أو عن حضنك أبداً.

هزت رأسها بتفهم و عادت أبتسامتها تزين شفتيها من جديد و هي تتحدث:
- ‏طب نتغدي سوا طيب انت مكلتش أي حاجة
أبتسم لها و حاول أرضاءها حتي لا تعود الي حزنها من جديد قائلا:
- ‏ماشي يا حبيبتي، يلا بينا

‏تحدث بغضب شديد من ولدها قائله:
- سايب المملكة تضرب تقلب و رايح علشان يشوف دوا و علاج لأهيلا
حاولت جودا تهدأت صوفيا بعقلانية:
- ‏جلالة الملكة دي فدته بحياتها المفروض مولاكي تشجعيه أنه يهتم بيها مش تمنعيه
‏أرتفعت نبرة صوفيا و صرخت في جودا بغضب شديد:
- ‏أزاي يعني دي جارية ؟!

هزت جودا رأسها بالنفي و رفضها القاطع لحديث صوفيا:
- لا دي أميرة و جالتك عارفة كده كويس، أهيلا مش جارية أبداً دي اميرة و الا عملته يخلينا نحبها، ده أبنك أزاي حياته مش مهمة بالنسبالك !
وقفت صوفيا و تحدثت بحدة شديدة و هي تضع أصبعها أمام وجه جودا قائله:
- أتخطيتي كل حدودك يا جودا، بره، بقولك أطلعي بره
وقفت جودا و تنهدت قائله:
- امرك
خرجت جودا من الجناح الخاص بصوفيا و تركت صوفيا تتآكل من شدة غضبها من صقر و أهيلا قائله:
- مش هسمحلك يا صقر تكرر الا أبوك عمله، مستحيل

كان كلاهما أعلي حصان صقر يدوران منذ الصباح في الغابة و يبحثان عن تلك الزهرة أو عن القبيلة، فسمعا صوتا قويا، هبط كلاهما من اعلي الحصان و أقتربا قليلا من مصدر الصوت ليتفاجأ كلا منهما بمجموعة كبيرة من الاشخاص تجري باتجاههم و يحملون الرماح في أيديهم يتلونون باللون الاسود و يرتدون ثياباً من اوراق الشجر و يعتلي رؤوسهم عقد من اوراق الشجر، فأخرج صقر سيفه سريعاً، و أمسك بيد اهيلا ووضع خلفه فتحدثت أهيلا سريعاً:
- ‏صقر دي مش طريقة، أرمي سيفك لو عملت أي تصرف غلط، هما أكتر مننا و مسلحين هيموتونا بسهولة، اهدي و فكر بالعقل.

هز رأسه بالموافقة و ألقي بسيفه قائلا:
- ‏معاكي حق
‏أستسلما لهم فاخذوهم الي رئيسهم و في الطريق كانت أهيلا تنظر حولها بأبتسامة ثم همست الي صقر قائله:
- ‏دول أفراد من قبيلة البوجا يا صقر، الورد حوالينا في كل مكان
أبتسم هو الاخر بفرحة فإن أستطاعوا الخروج من هنا سيتمكنوا من مداواة جرح اهيلا، وقفوا أمام رئيس القبيلة و الذي يدعي مونانتو، فتحدث أحد الرجال:
- أركعوا.

‏نظر له صقر بدهشة، ماذا قال ! من الذي سيركع و لمن ! سيركع ملك مصر و بلاد الشام أمام رئيس قبيلة في دولته ! هذا مستحيل ! شعر بكف أهيلا يتخلل أصابعه فنظر لها و همست له:
- ‏أركع يا صقر متعارضش
هز رأسه بالنفي قائلا:
- ‏ مستحيل ! مستحيل اركع لحد أنا ملك مصر
صرخ الرجل بهما بقوة و اعاد عليهما أمره قائلا:
- ‏أركعوا.

جلست اهيلا علي ركبتيها و دفع الرجل صقر فوقع علي ركبتيه بجوارها، فنظر له بغضب شديد و قد ظهراللون الاحمر علي عينيه من شدة غضبه فتحدثت اهيلا برجاء و توسل:
- ‏صقر، أبوس أيدك بلاش مصايب هنموت، خلينا نخرج من هنا علي خير
أعاد ذات الرجل امره التالي عليهم قائلا:
- ‏ألمسوا رجله.

نظر صقر بصدمة الي اهيلا، لم يكن يتخيل أنه في يوم من الايام سيفعل ما يؤمر به الان، هو الملك صقر كيف يتم ذله بتلك الطريقة الرخيصة ! و لكن كانت أهيلا أسرع منه و بمكر شديد لمست قدم الرئيس و تحدثت حتي ينسوا عدم تنفيذ صقر للأمر قائله بابتسامة عذبة و جميلة:
- ‏ رئيس قبيلة البوجا، مونانتو، اتمني تسمعنا، احنا جايين هنا في خير مش في شر، جينا و مستعدين لكل الشروط و الطلبات في مقابل أننا ناخد من زهور البوجا و نكون سالمين من أي شر.

‏نظر لها الرئيس مونانتو بتعجب و سألها:
- ‏انتي مين و أزاي تعرفي أسمي !
أجابته بثقة شديدة:
- ‏أنا اهيلا تلميذة الحكيم مونابورت
سألها من جديد:
- ‏الحكيم مونابورت أكبر حكيم في ألمانيا !

هزت رأسها بالايجاب و تحدثت:
- ‏عاوزنين نتفق علي حل نخرج بيه من هنا من غير ما واحد مننا يضطر أنه يموت علشان التاني، و أحنا ‏مستعدين لكل الشروط و الطلبات
هز مونانتو رأسه بالنفي قائلا:
- ‏دي القوانين يا أهيلا، لازم واحد فيكم يموت علشان التاني.

‏تحول هدوء صقر المزيف الي غضب شديد و سحب سيفه الذي كان ملقي علي الارض بجواره بأهمال، و لكنهم كانو أسرع منه و أقتربوا منهم، و قامو بتقييدهم فنظرت اهيلا الي صقر بغضب فما فعله لن يخرجهم من هذا المكان ابدا، تحدث مونانتو بغضب شديد:
- ‏خدوهم علي السجون و بكره قبل ما الشمس ما تغرب هيكونوا بينالوا مصيرهم من العذاب.

حاولت أهيلا أن تتحدث و لكن سحبها الحراس هي و صقر الي السجون و ألقوهم في أحداهم، و قد كانت سجون تقليدية عبارة عن قفص صغير من ألواح الخشب، صرخت أهيلا في صقر بغضب شديد:
- ‏أنت أتجننت ! أيه اللي أنت عملت ده
صرخ بها هو الاخر بغضب و هو يمرر انامله في خصلاته:

- ‏مسمعتيش كان بيقول أيه ؟! مين فينا كان هيموت علشان التاني، انتي كالعادة مثلا ! مفكرة أني ممكن أسمحلك تموتي تاني علشاني يا أهيلا، انا ما صدقت أنك قومتي تاني و ان علاجك واقف علي زهور أنا هنا معاكي علشانها، و انا كمان مينفعش أموت، ليث و جنتي هيتدمروا وقتها، رقية أنا أتطمنت عليها مع شاكتي، بس دول لا
صرخت به بقوة أكبر و هي تقترب منه و رفعت سبابتها في وجهه قائله:

- ‏كنا هنلاقي حل، كنت أنا هتصرف و هتعامل معاهم لأن الحكيم مونابورت كان في رحلة للغابة هنا في مصر و لما مسكوه قدر يكون معاهم علاقة صداقة و قدر يخرج من عندهم سليم أنما باللي انت عملته ده مش هنخرج من هنا بسلام، احنا مش هنخرج أصلا يا صقر و ده بسببك
‏دفعها بقوة صارخاً بها:
- أقعدي بقاا يا أهيلا و أسكتي خليني اعرف أفكر.

‏سقطت علي الارض و لكن المعضلة هي سقوطها علي ذراعها المجروح صرخت بقوة و بدأت في البكاء، أما هو فقد عاد اليه وعيه و أتجه سريعاً اليها و هو يعلم بقبح ما فعله، أجلسها بأعتدال علي الارض و أسند ظهرها الي القفص قائلا:
- أهيلا أهدي، انا أسف.

‏قطع لها ذراع فستانها و وجد الدماء تتدفق بسرعة شديدة من ذراعها، فخلع شاله بسرعة و قام بربطه بقوة علي الجرح، أما تلك المسكينة فكان صراخها يرتفع من قوة ضغطه علي جرحها، فكاد ان يبكي لما تمر هي به الان ولا حل لديه سوي تثبيت الشال بقوة علي جرحها حتي يتوقف النزيف، أستمرت فترة طويلة تبكي و هو يجلس بجوارها و قد أحاطها بذراعه و وضع رأسها علي صدره بحنان و هو يربت علي كتفها الآخر في محاولات فاشلة في تهدأتها، حتي غطت في نوم عميق من كثرة البكاء و ظل صقر مستيقظاً طوال الليل و هو يدرس المكان حوله في محاولة للهروب من هنا في أقرب فرصة ..

وقف بجيشه الضخم أمام جيش العدو و قد أمسك بسيفه الحاد و درعه الحديدي القوي الذي يحميه، و أعتلي جواده السريع وخلفه الفرسان أمثاله، ثم يليهم المشاة، و امامهم بأمتار كثيرة كان يقف جيش السودان بقيادة ملكهم ..

صرخ ليث في جنوده بقوة " هجووووم " و كذلك فعل ملك السودان، فركض أطراف الاتجاهين باتجاه بعضهم بسرعة شديدة، حتي ألتحم الجيشان و بدأ القتال و تعالت الصرخات من الضحايا و هتافات قوية من جيوش مصر تكبر الله، و كان ليث يقاتل ببسالة و شجاعة شديدة و كأنه قد فعلها مرات عديدة من قبل، حتي وصل الي ملك السودان، و نشبت بينهم معركة قوية و كل منهما علي جواده،

فتمكن ملك السودان من الاطاحة بسيف ليث الذي هبط من أعلي جواده بسرعة شديدة وراء سيفه و ألتقطه بسرعة و جرح جواد ملك السودان الذي ألقي بالملك بعيداً و قد أبتعد عنه سيفه بأمتار كثيرة، فاقترب منه ليث بأبتسامة ماكرة و أمسك بسيفه و أطاح برأس ملك السودان الذي كان يترجاه أن يصفح عنه، فانتشرت دماء الملك علي وجه ليث و ملابسه، فمسحها بقوة و عاد ليقاتل من جديد مع جنود جيشه، و عندما وجد جيش السودان ملكهم و قد أصبحت رأسه بعيدة عن جسده و ذهبت روحه الي خالقه، أستسلموا سريعاً خوفاً من نفس المصير، ففي النهاية لم تكن السودان دولة واحدة بل كانت عدة دويلات كل منهما مستقلة عن الاخري و قد أستسلمت كل المدن الاخري عدا تلك المدينة، و ها هي الان أصبحت بين يديهم بسبب ليث ..

أسر جنود الجيوش المصري جنود السودان، و أعتلي ليث جواده من جديد و خلفه جلال و بعض الجنود و بدأ في السير في شوارع تلك المدينة، فكانت في غاية الجمال في حين انها كانت شديدة الحرارة، وجدوا بحيرة ماء صغيرة، فهبط ليث عن جواده و أقترب منها و بدأ في وضع المياه علي وجهه بأنتصار و هو ينظر الي أنعكاس وجهه في الماء، حتي سمع صوت مميز كثيراً بالنسبة اليه، صوت يعرفه تماماً، يصرخ بأسمه، ألتفت سريعاً، ليجد حبيبته و معشوقته الأولي نسمة، أمام عينيه و لكن الجنود يمنعونها من الأقتراب منه ..

ركض سريعاً في أتجاهها و سحبها من بينهم و أحتضنها بقوة فبدأت هي في البكاء، و في محاولاته لتهدأتها، وجد بعض الجنود المصريون يركضون بسرعة و كأنهم يبحثون عن شئ ما، فتعجب و أبتعد عنها و سألها و هو ينظر في عينيها الذي قد تاه بهما قائلا:
- انتي مين ؟! مولان ولا نسمة !
أستمر بكائها و هو يمسكها من ذراعيها بقوة غير مؤلمة، فتحدثت سريعاً من بين شهقاتها:
- ‏ليث أفتكرني أبوس أيدك أنا نسمة، ألحقني منهم يا ليث هيموتوني.

حاول تهدأتها:
- اهدي بس اهدي و فهميني كل حاجة بالراحة
نظرت الي بركة المياه و ركضت أليها و بدأت في غسل وجهها و و الشرب منها فأمسكها ليث سريعاً و أوقفها قائلا:
- ‏أستني، الماية دي مش نضيفة متشربيش
‏نظرت في عينيه بضعف و تعب:
- ‏مش مهم انا عطشانة أوي.

هز ليث رأسه و أشار الي أحد الحراس ليعطيه الماء، فجاء اليه الحارس بالماء فأخذته منه و بدأت في الارتواء و عندما أنتهت سألها ليث:
- ‏قولي يلا في ايه ؟!
أمسكت بملابسه بقوة قائله برجاء:
- أرجوك يا ليث خبيني منهم الاول و أنا هحكيلك كل حاجة
‏أمسك بيديها الموجودة علي ملابسه و تحدث بأبتسامة جميلة قائلا:
- أنتي في كل الحالات هتيجي معايا علي القصر، سواء علشان أعاقبك أو علشان أتجوزك يلا بينا.

حملها بين يديه ووضعها علي جواده، و صعد هو الاخر أمامها فتشبثت به بقوة و غمز هو الجواد ليبدأ في الركض بسرعة في أتجاه خيمات المعسكر، فهبط ليث و حملها مرة و أنزلها عن الجواد، ثم دلف بها الي خيمته الخاص و أجلسها علي الفراش و جلس هو أمامها علي ركبتيه لتكون عينيها في مستوي عينيه قائلا:
- هتفهميني كل حاجة دلوقتي، يلا.

هزت رأسها بالموافقة و بدأت في السرد بداية من يوم زفافهم التي ظن الجميع أنها قد هربت منه:
- يوم الفرح و أنا في أوضتي، فيه خادمة دخلت و كان معاها كاس فيه مشروب غريب، قالتلي أن ده مشروب لازم أشربه قبل الفرح و و لما شربته دخت اوي، و بعدين لقيت 2 حراس و كنت شبه واعية بس مش قادرة أتحرك أو أتكلم، و بعدين لقيت جنتي دخلت الجناح عندي و
كادت أن تكمل حديثها فتحدث ليث بغضب شديد:
- ‏جنتي هي اللي عملت كده !

أمسكت بيده بقوة لتهدأ من غضبه قائله:
- ‏لا مش جنتي سبني أكمل بس، جنتي دخلت و لما لقتهم شايلني كده و انا مش في وعيي كانت هتصرخ بس فيه واحد منهم ضربها جامد علي راسها ووقعت مغمي عليها
‏تنهد ليث بقوة، فللمرة الألف يظلم صغيرته جنتي، و هذا بسبب والدته التي زرعت داخله الحقد و تجاهها، فأكملت نسمة:

- و بعدين محستش بحاجة أنا كمان، و لما صحيت لقيت نفسي مربوطة في مكان غريب أوي و شكله يخوف و فضلت فيه لغاية النهاردة، و كل اللي كنت أعرفه أني كنت في السودان، و الحراس كانو بيدخلوا يأكلوني و يشربوني و يمشوا و بس كده
أزداد بكائها بقوة و هي تخبره بما قد علمته:
- عرفت أنك فاكرني هربت يوم الفرح و انا مستحيل أعمل كده، انا بحبك يا ليث .. و لما سمعت الحراس بيقولوا انك هتيجي هنا السودان علشان تضمها لمصر، حاولت أهرب و أجيلك تلحقني منهم، ده كل اللي حصل صدقني أنا مش بكدب و الله.

‏أمسكها من كتفيها بحنان و وضع قبلة صغيرة علي جبهتها، ثم مسح دموعها بأنامله بحنان شديد سائلاً أياها:
- مش بتكدبي يا نسمة ؟!
هزت رأسها بالنفي، و أجابته:
- مقدرش أكدب عليك يا ليث
أحتضن وجهها بيده و نظر في عينيها و سألها من جديد:
- ‏بتحبيني !

هزت رأسها و لمعت عينيها ببريق عشقها له قائله:
- بعشقك صدقني بقلبي و عقلي و روحي و كل حاجة فيها بتحبك يا ليث
أحتضنها بقوة فأحاطت كتفيه بيدها و زادت من قوة ضمته لها، فتحدث:
- أنتي أحسن حاجة في حياتي كلها، كنت من غيرك بموت يا نسمة، كان احسن يوم في عمري يوم ما شوفتك، و أتعينتي جارية خاصة ليا، بس دلوقتي هنرجع مصر سوا، و مش هتبقي جارية تاني بعد كده، هتكوني أميرتي و مراتي و حبيبتي.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة