رواية تحت جنح الظلام الجزء الثاني للكاتبة أسماء صلاح الفصل العشرون
فتحت ثغرها ببلاهة عندما رؤيته يدلف إلى الغرفة و قالت: -هو اي اللي حصل و احنا فين؟
-و انتي مش فاكره حاجه من اللي حصل
ابتلعت ريقها بصعوبة فهي لا تستوعب ما حدث، اللعنة هل فقدت الذاكرة أثر الصدمة
-مش فاكره؟!
-هتفتكري كمان شوية و اجهزي عشان نروح
-احنا فين؟
-في الفندق
ذهب حيدر و تركها فالطبع سوف تتذكر ما حدث الأن، اغلق الباب و انتظرها في الخارج.
سالت الدموع من عيناها وضعت يدها على فمها لتكتم صوت بكائها و اخيرا بدأ توضح تفسيرات ما حدث.
قامت مرام و لكنها تعسرت في خطواتها فامسك بها ليحلقها و قال: -رايحه فين؟
مرام بثمالة: -مش عارفه، انا دماغي مصدعه اوي، هو سيف فين؟
نظر حيدر حوله و كان سيف قد اختفى من الوسط، اسندها و خرجوا من الملهي.
بدأت بفقدان وعيها تدريجيا و امسكت بيده.
-و لما انتي مش قد الشرب بتشربي ليه؟
حملها فعقدت ذراعيها حول عنقه لتتمسك به و أغلقت عيناها، ذهب إلى الفندق المجاور و الذي يعود إلى ملكيته و صعد إلى الجناح المخصص له، وضعها على الفراش.
همست مرام بخفوت نادر؟
ضاقت عيناه و نظر إليها فهي تردد اسمه أثناء ذهاب وعيها و جلس بجوارها قائلا: -عايزة اي من نادر؟
فتحت مرام عيناه بصعوبة فكانت تشعر بثقل جفنيها و قالت: -و لا...
انحني عليها ليقبل شفتيها بعمق و بدات يده تسير على جسدها تستبيح ما تصل إليه...
كتمت مرام صوت بكائها واضعة كفها على فمها مازالت لا تستوعب كيف حدث ذلك.
قامت مرام و ارتديت ملابسها و دلفت إلى المرحاض لتغسل وجهها و بعد ذلك خرجت و وجدته أمامها و قالت: -حقيقي انت اانسان شوفته في حياتي، كل دا ليه؟
صفقت بيداها و اردفت: -بس برافو دا مش اغتصاب يعني واحدة سكرانة و واحد شارب فالاتنين مش في وعيهم بحيك على ذكاءك
نظر إليها ببرود لا يحمل تعبيرات و قال: -اديكي قولتي كنتي سكرانة و بعدين...
قطعته مرام بحدة: -اوعي تكون فاكر انك بكدا بقا كسرتني و هقعد اندب حظي و كدا لا مفيش حاجه من دي...
-طب نمشي؟
-عندك بنتك متقلقش الدنيا بتلف كتير و مسير الدور هيجي
جز على أسنانه بغضب و قال بنرفزة: -أتمني متكنيش اول واحدة امد ايدي عليها...
استيقظت ديمة و همت لتقوم و لكنها تفاجأت بسحبه عليها، فسقطت عليه و قال: -رايحه فين؟
-هقوم البس عشان نمشي
قبل شفتيها بخفه و حاوطها بذراعه لتنم بين أحضانه و قالت: -يا تيام هنتاخر
-ورانا اي هناك يعني؟
-تيام هي ماما ليه عايزة تعمل معايا كدا يعني هي من زمان بتشتغل في كدا؟
-اها العيلة كلها بتشتغل في كدا و المقبرة بتكون ليها خدام عشان تفتح و طلبات بقا و كدا و ساعات بيكون القربان حد من العيلة و الساحر اللي بيعملوا معاه هو اللي قالها انك انتي القربان من خلال الطقوس.
ترقرقت الدموع بعيناها فهي مازالت لم تصدق بأن والدتها أرادت قتلها و قالت: -بجد مش مصدقة ان في أم تعمل
مرر أنامله ليداعب خصلاتها بلطف و قال: -ربنا ياخدها...
-نادر أصحى
تقلب نادر بنعاس و فرك عيناه قائلا: -في أي؟
تنهدت روانا و قالت: -مفيش حاجه بس عشان تلحق تفطر و تمشي
-هروح فين؟ هو احنا هنا مش في اجازة
-لا ثائر لسه قافل معايا و قال إنه عايزك في شغل لأن في مشكلة في ال system
قام نادر و زفر بحنق قائلا: -طيب
-أول ما ننزل مصر هكلم بابا و اتفق معاه عشان نطلق
نادر بدهشة: -دا بجد؟
-نادر احنا في الأول و الآخر ولاد عم و اتربينا مع بعض و فعلا جوازنا فاشل و انا كست مش قادرة استحمل تصرفاتك نهائي و آخرهم مرام، فالأفضل لينا احنا الاتنين الانفصال.
و بعد قالت ما أرادت خرجت من الغرفة و أغلقت الباب، سقطت دمعة شاردة من عيناها و مسحت بأطرافها سريعا
قابلت مرام التي كانت في حالة يرثى بها و قالت: -مرام انتي كنتي فين؟ خبطت عليكي الصبح مردتيش
-لسه جايه من برا، بعد أذنك.
دخلت مرام إلى غرفتها، تعجبت روانا من ردها و لكن ما تسألت عنه أين بقيت و لما هي في تلك الحالة...
اعتدلت هنا في جلستها وقالت: -اعمل اي بابا قرر يخدني معاه اقوله لا و بعدين انا خايفه أوي يقرر يخليني اعيش عنده
مازن بضيق: -ميقدرش طبعا و بعدين ما احنا هنتجوز
هنا بتردد: -حاسه ان مستحيل بابا يوافق، و مش عارفه بصراحة هقوله ازاي؟
عندما استمعت إلى صوت الباب قالت بتبرجل: -اقفل دلوقتي و نبقى نتكلم بعدين
أغلقت المكالمة سريعا و وضعت الهاتف أسفل الوسادة و قالت: -اتفضل
دلف حيدر إلى الغرفة و قال: -كنتي نايمه.
-لا
-طيب اعملي حسابك أننا بعد ما نرجع مصر هتعيشي معايا
بهتت ملامحها و قالت بتذمر: -ليه؟
-والله مش هينفع امك تتجوز و انتي تعيش مع جوزها و ابنه
-طب ما انت مش هتتجوز يعنى ما كلكم شايفين حياتكم
-مش هعيد كلامي تاني و اديني قولتلك من دلوقتي...
لم تغادر مرام غرفتها طوال اليوم حتى أنها امتنعت عن الطعام و لم تخبر احد بشي متحججة بأنها متعبة، اما بالنسبة لتالين فكانت تفكر في حل لتلك الورطة التي أصبحت بها و بقيت في غرفتها هي الأخرى...
تيام بتساؤل: -هي مرام و تالين فين محدش فيهم ظهر انهاردة؟
ديمة بحيرة: -معرفش انا سالت مرام و من الواضح أن في حاجه مضايقها بس مش عايزه تقول.
إجابته روانا على سؤاله الآخر و تالين نفس الكلام و نادر سافر لثائر عشان المشكلة اللي حصلت و سيف كالعادة مش موجود و صحيح يا تيام انا قررت انفصل عن نادر
تيام بتعجب: -نعم؟! و أي سبب القرار دل؟
-اولا انا استحملت كتير و عديت بس اني افضل على ذمة راجل بتاع نسوان يبقى كدا بظلم نفسي، كفاية الست سنين اللي عشتهم معاه.
-فكري يا روانا عشان زين
قالتها ديمة بحزن فهي ترى بأن روانا متسرعة في ذلك.
تنهدت روانا بيأس وقالت: -الحياة صعبة مع راجل مش بيحبك يا ديمة، و اللي اهم من الحب الاحترام و اننا نخاف على شعور بعض...
كانت تسير على الرمال وسط الظلام و تتطلع إلى البحر و امواجه العالية، لم تستيطع إيقاف دموعها لوهلة تشعر و كأنها طائر مذبوح و لكن مازالت الروح به لا تريد أن تفارقه.
تراجعت خطوة للخلف و لكنها شعرت بأحد خلفها و مسحت دموعها على الفور و التفتت و قالت بصدمة: -خير في حاجه؟
-بتعملي اي هنا
مرام بسخرية: -و سعادتك مالك؟ من الاخر كدا يا حيدر اعرف اني عملك الأسود و هدفعك تمن اللي عملته كويس اوي.
نفخ بضيق و قال بتحذير: -كان بمزاجك مش غصب راجعي ذكرياتك كدا
-مكنتش في وعيي
-مكبرة الموضوع انتي مع انه بالنسبالك عادي دي انتي واحدة...
قطعته مرام بحده: -تفتكر اني لو كنت عايزة اتجوز نادر و أخلي يسيب اختك كنت عملت كدا و سهلة جدا عليا و انت عارف دا كويس لكن اللي خلاني أرفض وجود طفل بينهم يمكن انت مش هتفهم كلامي بس عادي في داهية، و عايزة اقولك على حاجه انت فعلا مش راجل و زبالة اوي بس انا اوريك اقدر اعمل اي و بالنسبة لواحدة زيي عملت مع علاقة مع واحد قذر زيك اقدر اعمل دا مع غيرك و استفاد...
لوي ذراعها خلف ظهرها بقوة و ضغط عليه قائلا بحدة: -تعرفي اني لو مش مقدر موقفك كنت دفنتك مكانك، بس اعرفي اني هسكت المرادي و المرة الجاية لا و بعدين لو الموضوع مضايقك اوي روحي اعملي عملية.
دفعته مرام بعيد عنها بقوة و قالت بتحذير و غضب: -ايدك لو اتمدت عليا تاني هقطعها فاهم و مش كل الطير اللي يتأكل لحمه يا باشا
-متقدرش تعملي حاجه لاني اقدر اخليكي مجردة عاهرة بتشتغل لحسابي...
ضحكت مرام بسخرية و قالت: -يبقى متعرفش حاجه، انا كل حاجه بتقف في وشي بطلع منها
-تمام و انا هخليكي تقفي مكانك و متعرفيش تعملي حاجه
حبست الدموع بعيناها و قالت بصوت باكي: -هدمرلك حياتي زي ما عملت معايا
ذهبت مرام من أمامه و اتجهت إلى المنزل و عندما صعدت إلى الدارج توقفت امام غرفة تالين بسبب الصوت الذي سمعته و طرقت الباب و بعد ذلك دخلت و قالت بصدمة: -تالين؟
كانت تالين ممدده على الأرض و تضع يدها على خصرها و قالت: -لوسمحتي متقوليش لحد انا كويسه
اسندتها مرام و قالت: -طب اقدر اساعدك في حاجه
-لا
ذهبت تالين لتنم على الفراش، نظرت مرام في زوايا الغرفة و لفت انتباه عبلة الدواء و قالت: -انتي حامل؟
-اها و عايزة أنزله لاني مستحيل اخلف من فريد.
-البرشام مش بيعمل نتيجة كويسه لازم تروحي لدكتور و انا اعرف دكتورة كويسه كانت واحدة من معارفي سقطت عندها و مضمونة اول ما ننزل مصر اوديكي عنده...
بعد مرور شهر عاد جميعهم إلى مصر...
كانت ديمة منذ يومين تشعر بألم في خصرها و تفرغ ما معدتها، خرجت من المرحاض و هي تمسك بخصرها بتعب
دخل تيام في تلك اللحظة و امسك بها فكانت سوف تسقط و حملها يرفق ليضعها على الفراش و قال: -لسه تعبانة برضو قولتلك اجبلك دكتور و انتي رفضتي
ابتسمت ديمة و رتبت على يده قائلة: -انا كويسه يا حبيبي و بعدين دول شوية برد عادي
-طب ريحيني انتي بقالك يومين على الحال دا؟
-هبقي أخد مرام و اروح بكرا المستشفى...
تنهد تيام و قال: -طيب، انا هروح لحيدر و ارجع على طول لو في حاجه كلميني...
أومأت ديمة له إيجابا و قالت: -حاضر انا اصلا هنام
-روانا قالت هتعدي عليكي...
قامت مرام لتفتح الباب و تفاجأت عندما رأته و قالت: -اتفضل يا نادر
دخل نادر خلفها و قال: -عايز افهم مالك؟
-مفيش حاجه شوية مشاكل في الشغل و بس كدا
نادر بعدم تصديق: -كدابه، حيدر عملك حاجه؟
-لا مفيش حاجة بجد، انا كويسه
تنهد نادر و قال: -طيب يا مرام، قومي اعمليلي حاجة اشربها
-عينا صحيح هتعمل اي مع روانا؟
-مش عارف والله هي حره انا زهقت من كل حاجه.
قامت مرام و دلفت إلى المطبخ و أحضرت القهوة له و التفتت و لكنها شهقت عندما وجدته خلفها و قالت: -أي خضتني...
ابتسم نادر و قال: -داخل اشرب
-روح اشرب التلاجة قدامك
-كان هيحصل اي يعني لو كنت قبلتك من ست سنين فاتوا
عقدت مرام ساعديها أمام صدرها و قالت: -مكنش هيحصل حاجه.
-مين قال كدا، اكيد كان زمانا متجوزين دلوقتي...
ترقرقت الدموع بعيناها و قالت بحزن: -نادر بلاش تفتح مواضيع من دي ارجوك لأنك كدا بتضغط عليا و على نفسك
حاوط وجهها بيداه و مسح تلك الدمعة التي فرت من عيناها و قال: -بتعيطي ليه؟
عقدت مرام ذراعيها حول خصره و أسندت رأسها على صدره و اجهشت بالبكاء، رتب عليها برفق فهو لا يعلم ماذا أصابها فجأة.
ذهب تيام مسرعا إلى المستشفى عندما اتصلت به روانا و أخبرته بتعب ديمة...
تيام بقلق: -في أي يا روانا مالها؟
ابتسمت روانا و قالت: -متقلقش كدا، هي فقدت الوعي و اتصلت بالإسعاف و هي كويسه
-عندها اي؟
عناقته روانا بحب و قالت: -مبروك يا حبيبي اخيرا هتبقى اب
تجمدت ملامحه و شعر ببرود جسده عندما نطقت روانا تلك الكلمة و ابعدها عنه، تعجبت روانا من فعلته و قالت: -تيام في اي؟ بقولك مراتك حامل...
-و انا مش عايز ابقي و الطفل دا هينزل قبل ما تخرج من المستشفى...