رواية تحت جنح الظلام الجزء الثاني للكاتبة أسماء صلاح الفصل السادس والثلاثون
-ديمة خدت مكان ناهد و اظن انك تقدر تستنتج الباقي...
اعتدل تيام في جلسته و فرك عيناه ليقول بصدمة انت بتقول اي؟
-زي ما سمعت يا تيام، مراتك خدت مكان امها
ترك تيام الهاتف من يده، خرجت ديمة من المرحاض و هي تضع المنشفة حول جسدها و قالت:
-مقومتش ليه؟
رسم على وجه ابتسامة خفيفة و قام متجها إليها و حاوط خصرها قائلا:
-وحشتني
ابتسمت ديمة و قالت:
-ما انا معاك
قبل شفتيها بخفة و قال:
-انا هنزل عشان عندي مشوار مهم.
زمت شفتيها بحزن و قالت:
-والله؟ و هتروح فين؟
-لحيدر، في شغل و كدا و هاجي بسرعة
تركها تيام و دلف إلى المرحاض فهو لا يستوعب ما قاله حيدر حتى الآن، و لكن ما يخبرها بأنه علم شئ.
و بعد ذلك ذهب سريعا إلى رؤية حيدر ليعرف كل شئ بالتفاصيل...
-انا عايز افهم يعني اي؟
-يعني مراتك خدت مكان امها كل حاجه تخص ناهد شاغله و الوريثة الوحيدة بنتها
-انت متأكد انها ديمة، ممكن يكون أي حد؟
نظر له حيدر بتعجب و قال:
-ديمة هي اللي معاها حاتم و دا غير أن ناهد ملهاش حد.
دفن وجه بين كفيه و قال بصدمة:
-ازاي ديمة؟ ازاي تعمل كدا
-تيام الموقف دا محتاج تتصرف في بحكمة و متنساش انك عندك عيال منها
نظر إليه باستهجان و قال:
-المفروض اعمل اي؟
-تسيب كل حاجه، يا تسببها و تأخد عيالك منها
ضحك تيام بسخرية و قال:
-بجد؟! يعني لما اخد العيال منها اي اللي هيحصل
-تحافظ عليهم و تبعدهم، فكر كويس تيام و اعرف ان مش دي ديمة اللي اتجوزتها
-معرفش بس حقيقي مش عايزة اظلمهم و أبعدهم عن ابوهم.
قالتها ديمة بتنهيده فرد عليها حاتم من خلال تلك المكالمة الهاتفية اعترفي انك بتحبي يا ديمة مفهاش حاجه، و بعدين انتي اللي عايزة تبقى معاه مش عشان العيال
ازدارت ديمة ريقها فهي تعلم بأن تلك هي الحقيقة و قالت:
-مش عارفه بس انا قلقانه من اللي جاي و خايفه يعرف حاجه
-قوليله، يمكن وقتها يتقبل بس انا من رأيي تبعدي عن السكة دي عشان نهايتها مش حلوة و انتي عندك عيال
-مش لما اخد حقي الأول.
-ديمة حامد المصري دا جد عيالك، يعني تفكري الف مرة قبل ما تقرري و بعدين المجال واسع و كله بلاوي و صحيح نسيت اقولك ان امك كانت متفقة على صفقة أعضاء بشرية مع سامي الحديدي بس طبعا لما ماتت هو اعتبرها خلصت
اعتدلت ديمة في جلستها و قالت بتفكير:
-طب و حامد لي علاقه بالحوار دا؟
-لا حامد شغله في الألماس و الدهب، ممكن مخدرات لكن أعضاء لا بس رأفت لي فيها ابو سيا
-طب هات رقم سامي لاني عايزة اجدد معاه الاتفاق.
-ديمة سامي عدو لعيلة جوزك و...
قطعته ديمة و قالت:
-أنجز يا حاتم و قبل ما اعمل اي حاجه هقولك...
دخلت مرام إلى المنزل و تفاجأت بوجود هنا التي كانت تجلس بتباهي، لم تتحدث و اتجهت لتصعد السلم
-هو مش المفروض تسلمي عليا و لا مضايقة من وجودي
التفتت مرام و قالت:
-دا بيت ابوكي يا هنا قبل ما يبقى بيتي
-طب كويس انك عارفه
-بصي يا هنا انا مليش في الشغل دا فلو جايه عايزه تحاربي فأنا مش فاضية و لسه راجعة من الشغل.
قامت هنا و تقدمت بخطواتها منها و عقدت ذراعيها قائلة:
-طب بصي بقا يا حلوة لو فاكره انك تقدري تاخدي هنا مكان تبقى...
قطعها حيدر و قال:
-اخرسي يا هنا و اعتذري عن كلامك دا
التفتت هنا و قالت بصدمة:
-نعم أنا هعتذر من دي؟
-مسمهاش دى، و انتى هنا قاعدة في بيتها و انا معنديش دلع ماسخ زي امك
ابتلعت هنا ريقها و أدمعت عيناها و قالت بصوت متحشرج:
-أسفه
تنهدت مرام و قالت:.
-هنا مقالتش حاجه يا حيدر، و هي زي اختي الصغيرة بعد اذنكم
صعدت مرام إلى الغرفة الخاصة بها
نظر حيدر إلى هنا و قال:
-كفاية تافهة و أكبري...
-انا ماشيه و سوري اني ازعجتكم
-اطلعي على اوضتك و بدون نقاش...
طرق حيدر الغرفة و بعد ذلك انتظر اذنها و دخل قائلا:
-مرام
-نعم؟، على فكرة مكنتش مستهلة تخليها تعتذر و...
قطعها قائلا:
-طالما غلطت تتحمل النتيجة
عقدت حاجبيها في دهشة و قالت:
-طب في حاجه و لا؟
-لا بس انهاردة هنا هتبات هنا فقولت اقولك...
-طيب، هو انا ممكن أروح عند أخويا فترة.
-بس طبيعي هيتكلموا عنك عشان احنا لسه متجوزين جديد و انتم كمصريين بتهتموا بالعادات دي
عقدت ساعديها أمام صدرها و قالت:
-و مالهم المصريين و بعدين هو انت مش مصري
-امي الله يرحمها كانت إيطالية و انا معشتيش في مصر كتير
-بس ابوك من مصر و عادي كلكم بتتكلموا مصري.
-مكنش هينفع اكون الوحيد اللي بيتكلم إيطالي، و صحيح هنبات سوا انهاردة في نفس الاوضه عشان هنا
ابتلعت مرام ريقها و قالت بتوتر:
-لا طبعا مستحيل...
سحبها من معصمها و حاوط خصرها بذراعه و قال:
-هو اي اللي مستحيل
نظرت إليه بارتباك و قالت:
-لوسمحت
-مرام أظن انك كبيرة كفايه عشان تعرفي اننا متجوزين
-مؤقت
-حتى لو مؤقت فأحنا اتجوزنا
أخذت مرام انفاسها المتلاحقة و قالت:
-عايز ترجع في كلامك يعني؟
-لا طبعا، بس انتِ اللي مكبرة الموضوع مع انه سهل
ابتعدت مرام عنه و قالت:
-والله، على فكرة انا مليش علاقة بيك و جوازنا هيفضل كدا لاني مش معترفة به اصلا
-مرام انا شخص مبجبرش حد على حاجه و ان حصل بتكون لمصلحة الشخص دا
-زي ما حصل كدا عشان حوار نادر مع اني لحد دلوقتي بكلمه عادي و انت اللي مكنتش مقتنع بأني مش بكدب و بالنهاية روانا و نادر انفصلوا.
-انتي نفسك مكنتيش مقتنعة بنادر يا مرام، لأنه هوائي و مش ثابت على قرار و بعدين مكنتش عايز زين يتربى بين اب و ام منفصلين
ابتسمت مرام ساخرة:
-اها بس ولاد ديمة يتربوا عادي، بجد انتم ناس غريبة اوي
-بخصوص ديمة بقا و متأكد انك تعرفي خليها تبعد عن سكة ناهد لأن نهايتها خسارة و اولها ولادها
-و مين هياخدهم ابوهم اللي مكنش عايزاهم و لا مين؟
-المشكلة انها هبلة و ماشيه ورا هبل، انتِ ملكيش اي لأزمة و حاتم نفس الكلام.
نظرت إليه مرام و قالت:
-معرفش حاجه
-انا لو عايز اعرف حاجه منك هعرفها بطريقتي
-أي هتضربني و لا هتحبسني و لا هتخوفني بالأسود
حاوط خصرها ليجذبها إلى صدره و قال:
-كونك مراتي يخليكي متخافيش من حاجه
عضت مرام علي شفتيها السفلية، و اكتفت بالتحديق في عيناه تركها و خرج من الغرفة...
كانت ديمة منتظرة عودة فهو تأخر كثيرا مما قلقها تقلق كثيرا
سحبت تيا إليها و استندت على الاريكة، نظرت ديمة إليها و قالت:.
-اهمدي بقا و بطلي شقاوة
-ددو؟!
ابتسمت ديمة و قالت:
-جده في ألمانيا و احنا في مصر يعني هو مش موجود هنا
زمت تيا شفتيها بحزن و وضعت اصابعها بداخل فمها، اخرجتها ديمة و قالت بانفعال:
-متحطتيش ايدك في بوقك تاني
كان تيام وصل و تعجب من صوتها المرتفع و قال:
-بتزعقي ليه؟
-تيا مبتسمعش الكلام
-ما تخليها تعمل اللي هي عايزها
التفتت تيا اليه و صفقت بيداها، نظرت ديمة إليها و قالت:
-تيا اسكتي...
زمت شفتيها بحزن و صرخت باكية، اقترب تيام منها و حملها قائلا:
-حد يبقى قمر كدا و يعيط، ملكيش دعوة بيها و اعملي اللي انتي عايزها براحتك
عقدت ديمة ساعديها و قالت:
-تيام انا مش عايزة حد يدخل في تربية عيالي
-متنسيش اني عايش دا لو مكنتيش ناوي على موتي
نظرت ديمة إليه باستغراب و لم تفهم مقصده، ذهب تيام من أمامها و اتجه إلى غرفة تيا ليضعها بداخلها قائلا:
-العبي هنا مع سليم.
قبلت تيا خده بلطف، و ذهبت لتكمل لعبها، خرج تيام و وجدها أمامه و قال:
-في أي؟
-تقصد اي؟
-اديني مبرر واحد يخليكي تكملي شغل ناهد يا ديمة مش دي الست الوحشة اللي عمرك ما هتبقى زيها، أنا واحد مستهتر و فيا كل عيوب الدنيا بس انتِ ليه عملتي كدا، طب مفكرتيش لو حصلك حاجه مين هيبقى مع عيالك؟، لسه عارف الصبح و بصراحة مش قادر اسكت على حاجه زي كدا.
-لو عايزاني يبقي متتدخلش في حياتي خالص و بعدين كل واحد عنده حاجات التاني مش راضي عنها
-همنعك حتى لو غصبن عنك يا ديمة
ديمة بسخرية:
-هتعمل اي بقا و لا مفاجأة؟
-هقولك هعمل اي بس استنى
شعرت ديمة بالارتباك فردود أفعاله تبدو غير متوقعة بالمرة و قالت:
-انا هاخد تيا و سليم و واضح ان الكلام مبينفعش معاك...
ابتسم ساخرا و قال:
-للأسف مش هتعرفي تخرجي من هنا غير لما اقضي على إمبراطورية ناهد الألفي للأبد...