رواية تحت جنح الظلام الجزء الثاني للكاتبة أسماء صلاح الفصل السادس عشر
-هو الموضوع فارق معاكي اوي كدا ليه؟
-بجد هو عادي يعني؟، تيام حط نفسك مكاني و شوف هتضايق و لا؟ أظن انك لو اكتشفت اني عملت كدا من وراك كنت قلبت الدنيا بس انا عادي طبعا لاني مليش اي قيمة بالنسبالك و واحدة اهلها رموها
-ديمة من الاخر كدا طلاق مش هطلق، لو مش هتفضلي معايا بالذوق هخليكي بالعافية
تهاوت دموعها على عيناها و قالت بسئم: -طب ليه عملت كدا يعني اي السبب؟ ما هو اكيد في حاجه.
-ديمة انا لو مش عايزاك مكنتش اتجوزتك
بكت ديمة فذلك فهو تزوج الأخرى لأنه كان يريدها و قالت: -سيبني لوحدي يا تيام
-ديمة مفهاش حاجه لو الحوار اتأجل
-و التأجيل لحد امتى؟
-لحد ما نتفق مع بعض و بعدين حياتنا لسه مش مستقرة
مسحت دموعها بحزن و قالت: -ممكن كنت تقولي على فكرة و انا كنت هوافق
-سيبتي البيت عشان عرفتي مستحيل كنتي هتقبلي.
تنهدت ديمة فهي تشعر بثقل على قلبها و قالت: -كنت هقبل و حتى لو مش عايز خلفه خالص انا موافقة
ابتلع ريقه و نظر لها حائرا فهل تقول الصدق ام تسايره إلى أن توضح نيته و قال: -اقفلي الموضوع دا أفضل
قامت ديمة من علي الفراش و ذهبت إلى الخزانة لكي تغير ملابسها، و دلفت إلى المرحاض.
زفر تيام بحنق فهو يحتمل ذلك بصعوبة بالغة فكيف ستواجه الحقيقة و هي تتأثر من أقل شئ، ماذا سيقول لها فيما بعد بأنه لا يريد إنجاب الأطفال اما انه والده و والدته سيقوم بقتلها لتقدم كالقربان لمقبرة، الكثير و الكثير من الأسئلة و العقد تحل به، فهو يعلم بأنه ظلمها بذلك الوضع و لكنه احبها فهو لم يتعرف بذلك و لكنها الحقيقة...
دلفت ديمة إلى الغرفة و وجدته جالس على الفراش كما كان و يبدو و كأنه شاردا في عالم آخر، جلست بجواره و قالت: -تيام؟
انتبه إليها و قال: -انا همشي و هتصل بمرام تجيلك
وقفت ديمة أمامه و قالت بتذمر: -هو انت جيت عشان تمشي و بعدين كلامك كله ملهوش لأزمة و طول ما انت بتكدب عليا كدا فأنا مش عايزاك و لا تيجي جنبي
-ما انا بقولك همشي
-لا مش هتمشي و يعني لو مشيت من هنا هتروح؟
-لا هسهر برا انهاردة.
-انسى و اعمل حسابك لو مشيت هسيبلك البيت دا كمان و هروح بيتي
زفر تيام بحنق فهي بدأت بوصلة الجنان خاصتها و لكن لافت انتباه قميصها العاري الذي كان به فاتحة تكشف ساقها بالكامل و طوله يتوقف عند الركبة و ذات حملات رفيعة و قال: -هو انتي لابسه كدا ليه؟
ديمة باستغراب: -لابسه اي؟
-يعني عامله حسابك على خناقة و لابسه كدا خير؟
عقدت ديمة ذراعيها أمام صدرها بعد أن ابتعدت عنه و قالت: -ما انا قاعدة في البيت و بعدين انت مالك؟
-طب بلاش تلبسي كدا تاني بقا غير و انتي في اوضتك و لوحدك
رفعت ديمة حاجباها و قالت ببرود: -انا براحتي و بعدين لو مش عاجبك غمض عيناك
قام تيام و تيام خطوة للخلف و ترك لعيناه العنان لكي تتفحص جسدها و قال: -بقولك اي يا ديمة ما ترقصيلي، لأن حوار غمض عيناك دا مينفعش.
فتحت ديمة ثغرها بدهشة و قالت بتعجب: -ارقص ازاي يعني؟!
-زي الناس مبتعرفيش
-انا مش واحدة جايبها من الشارع يا تيام
سحبها تيام من معصمها و قربها منه و قال: -و فيها أي؟
تعالت انفاسها المضطربة و قالت بضيق: -انا قولتلك بلاش تلمسني و لو عملت كدا تاني همشي و هسيب البيت
زفر تيام بحنق و قال بعصبية: -طب اعمليها و شوفي رد فعلى هيبقى عامل ازاي؟
-محدش قالك اتجوزتني و انت مش بتحبني.
-تمام براحتك، انا نازل لأني مكنتش جاي اتخانق معاكي الصراحة...
-رايح فين؟
-في داهية عايزة حاجه...
-على فكرة حوار انك تشرب و تيجي سكران دا مش عاجبني و انك مقضيها بقا برضو مش عاجبني مش عشان غيرانة مثلا لا خالص و لا فارق بس كفايه قرف
-خلصتي
قالها بنفاذ صبر فهي تتعمد أن تخرجه عن شعوره
-اعملي فشار عشان عايزة اتفرج على الفيلم
لم يستوعب تيام ما قالته و قال بدهشة: -فشار اي؟
-فشار عادي، عشان تتفرج معايا لاني محبش اتفرج لوحدي
اخذ أنفاسه و قال بغضب: -ديمة مش تيام اللي هيعمل فشار و الهبل دا
اقتربت منه تلك الخطوة التي فصلت بينهم و قالت: -عشان عايزاك تقعد معايا يبقى هبل، تمام براحتك امشي و انا هدخل اعمل فشار لنفسي و هتحرق عشان مش بعرف اعمله اصلا، و بعدين هروح اتفرج على الفيلم لوحدي و بعدها هقوم انتحر ما انا هبقي زهقت...
-عايزة عليه فانيليا و لا؟
ابتسمت ديمة و قالت: -اها عشان بحب ريحتها...
انتظرته ديمة و هي تشاهد التلفاز، كان تيام يشعر بالاختناق في الداخل فهي من تتحكم به و قد انقلبت الآية، خرج بعد ما أعد الفشار و وضعه أمامها على الطاولة و جلس ليشاهد الفيلم بعدم اهتمام
كانت ديمة تأكل الفشار و تشاهد الفيلم باندماج، انتبهت إليه و قالت: -هو الفيلم مش عاجبك
تيام باقتضاب: -لا جميل خالص، فيلم كرتون حاجه مبهرة خالص.
ضحكت ديمة فهي تعلم بأنه لا يحب تلك الأشياء و قالت: -بتتريق؟ طب شكراً...
-ديمة مش واخدة انك مبتعمليش حاجه غير انك بتستفزيني
-فعلا دي حقيقة و طالما انت بتمشي كل حاجه عادي فخلاص و بعدين دي ما قولتلك لما اعرف الحقيقة نبقى نشوف حياتنا هتمشي آزاي غير كدا لا و هنعيش اخوات
-اها في المشمش طبعا...
فصلت التلفاز و بعد ذلك تمددت على الاريكة و وضعت رأسها على فخذه و قالت: -طب انا عرفت انك كنت متجوز واحده تانيه.
اتسعت عيناه بصدمة غير مستوعبا ما تقول و بقى يحدق بها، أكملت ديمة و قالت: -بس مش مشكلة لأنها اكيد مش موجودة في حياتك دلوقتي و كانت حاجه من الماضي بس زعلت لأن كان في واحدة تانية مكاني...
-محدش كان في مكانك و لا هيكون يا ديمة و زي ما قولتي كانت من الماضي
-بس انا بحبك و بجد مش متخيلة حياتي من غيرك، هو انت بتحبني و لا؟
صمت تيام فهي عقدت لسانه بكلامها، ادمعت عيناها و قالت: -لا؟ طب هو انت كنت بتحبها هي؟
ابتلع تلك الغصة بصعوبة و كانه يقف شيئا في حلقه لا يستطيع ابتلاعه فعل فهي تعيد إليها الذكريات و قال: -ديمة بلاش تتكلم كتير يعني هي ماتت؟
-ماتت ازاي؟
نظر إلى عيناها التي تحدق به منتظره جوابه، ابعدها عنه و قام قائلا بنرفزة: -و انتي مالك؟ ديمة من فضلك متتدخليش في اللي ملكيش في
-انت جوزي على فكرة و من حقي اعرف
التفت إليها و صاح بها قائلا: -لا مش من حقك و بلاش تفتحي الموضوع دا تاني.
ذهبت ديمة إلى الغرفة و صفعت الباب بقوة خلفها، جعلت أركان المنزل تهتز...
فتحت مرام الباب و عقدت حاجبياها بدهشة و قالت: -حيدر باشا خير؟
دلف حيدر إلى الداخل فتعجبت و قامت بغلق الباب و تابعته قائلة: -لو هتتكلم عن القضية فبقولك انسى
-سامي الحديدي تجار أعضاء
مرام بذهول: -أعضاء اي؟
-بشر و اللعب معاه صعب و ميجيش من وراها خير
-طب هو انا قاعدة مع أمام مسجد ما انت مجرم برضو
نظر لها بدهشة و قال: -بس مليش في تجارة البشر
-يا راجل اومال اي الدعارة دي؟
-كله بمزاجه و بعدين مليش علاقة يعني انا مش هاخدك من ايدك و اقولك اشتغلي عاهرة
مرام بجدية: -فعلا بس ليك ايد في الموضوع و بعدين كفاية عشيقتك اللي قتلتها قدامنا و حتى مصعبتش عليك
-مبيصعبش عليا حد و بعدين انا كدا بحذرك لآخر مرة
-انت اي علاقتك به؟
-خطيب طالقتي
مرام بصدمة: -نعم؟! و انت بقا عايز تسجن ابنه عشان غيران على المدام
-اكيد انا مش ساذج لدرجة دي بس بنتي في النص ما بينا.
نظرت له مرام و قالت بهدوء: -بس مازن كدا هيتظلم
-الهدف شوشرة بس
قطعهم طرق الباب فقامت مرام لتفتح و عندما نظرت من خلال العين السحرية، جحظت عيناها بصدمة و رجعت إليه قائلة: -دا سامي
-و جاي هنا ليه؟
-معرفش تفتكر ليه؟
-روحي افتحي
مرام بارتباك: -و انت، مينفعش يشوفك اكيد.
-ليه بينكم علاقة غرامية مثلا؟
نظرت مرام إليه بغضب و ذهبت لتفتح الباب و قالت: -سامي باشا؟
-في تطور مهم كنت عايز اقوله
-اتفضل.
دخل سامي و لكنه تفاجأ عندما وجد حيدر و قال: -انتي تعرفي حيدر منين؟
تبرجلت مرام و رد حيدر بدلا عنها مرتبطين، خير يا سامي جاي في وقت زي دا تعمل اي
سامي بدهشة: -مرتبطين ازاي يعني؟، طب بما ان الموضوع كدا سيبك من ابني يا حيدر لكن بنتك هتبقى تحت رحمتي
ابتسم حيدر باستفزاز و قال: -أتمني انك تلمس منها شعرة واحدة عشان اوعدك بعدها هتكون قطع غيار في السوق.
سامي بنرفزة: -مش سامي الحديدي اللي يخاف و بعدين الحلوة بتاعتك دي مش هسيبها
وضع قدم علي اخري و اجابه ببرود: -راجل ابقى المسها و وقتها هدفنك مكان
نظرت مرام إلى حيدر عاقدة حاجبياها متعجبة لما يقوله، زفر سامى بحنق و غادر
-هو انت ماسك عليهم اي؟
قام حيدر و رفع يداه في استسلام و قال: -و لا حاجه بس هما اللي بيخافوا
-بكرا اعرف و بعدين انت كدا ضيعت مني قضية.
-كلمي ثائر و خدي منه عشرة بس سيبك من دي لأنها اصلا قضية فاشلة و سامي واحد دماغه فاضية
مرام بضيق: -هو اي اللي انت قولته دا؟
-اي عشان قولت كدا، معلش ما هو مكنش هيقتنع لو قولت حاجه تانية، اكيد مكنتش هقوله انك زي بنتي
-أكيد طبعا و بعدين هو في آب بيعمل...
صمتت مرام و توقفت عن إكمال جملتها لشعورها بالحرج، رفع حاجبه و قال: -لا مفيش و بعدين واضح انك متأثرة شوية.
فتحت ثغرها متعجبة و قالت بصدمة: -أي؟ انت قصدك اي يعني
ابتسم ابتسامه الخفيفة و قال: -تصبحي على خير يا مرمر
-مرمر اي؟! يا حيدر.
شهقت مايا بصدمة و قالت: -متجوزها
سيا ببكاء لم تتوقف عنه منذ علمها اها يا مايا، انا مش عارفه ازاي اونكل حامد موافق على كدا و بعدين اي الحلو فيها
رتبت مايا عليها و قالت: -اهدي يا حبيبتي و بعدين تعالي نفكر و نخلص منها بقا
-ازاي بقا؟ تيام بيحبها و دا واضح من كلامها عنه.
ضحكت تالين بسخرية فهي قد استمعت لحديثهم و لم تقدر على إمساك نفسها و قالت: -كان غيرك اشطر و بعدين يا سيا انتي معنديكش كرامة لا، متقلقيش تيام اصلا مش شايفك و بعدين بقى جوزها يعني خلصت
قامت سيا و قالت بانفعال: -ما احنا الاتنين في نفس الوضع
-لا ما هي خلصت خلاص و بعدين ما اتجوزت اخوكي ال
سيا بعصبية: -اخويا دا أفضل من عشرة زيك يا زبالة...
استمع فريد إلى ما قالته و جذبها من شعرها بقسوة قائلا: -انا هوريكي يا بنت
صرخت تالين بألم و قالت: -ما انت حيوان طلقني و خليك راجل بقا بدل القرف دا
صفعها بقوة جعلتها ترتمي بالأرض و قال: -والله لاوريكي انتي و عيلتك ال.
ذهبت ديمة إلى مرام فاليوم التالي، و كان تيام غادر قبل استيقاظها...
-هدخل اعمل الفطار و اجيلك
-مليش نفس لأي حاجه بجد؟ و اتخنقنا امبارح
-اي الجديد يا ديمة المهم بلاش تضيعي من ايدك
ديمة بتعجب: -لا واضح انه ضاع اصلا، تيام محدش يعرف عنه حاجه مثلا مفيش سبب انه يكون مش عايز يخلف
-انتي نفسك مش مستعدة تبقى ام و بنفسك كنتي بتقولي الكلام دا.
تنهدت ديمة بحزن و قالت: -هبقي ام ازاي و انا اصلا مريضة نفسية و مازالت بأخذ مهدئات بس على الاقل كان يقولي معرفش من برا، و يمكن دا اصلا السبب و هو مش عايز يقولي
رتبت مرام عليها و قالت: -بكرا كل حاجه تبقى كويسه و بعدين الايام بينكم انا هدخل اعمل قهوة و احضر الفطار
كانت ديمة تمسك بهاتفها و كانت تريد الاتصال به إلا أنها تراجعت فهو المخطئ و ليس هي...
قامت لتفتح الباب قائلة: -انتي مستنية حد و لا؟
و لكن مرام لم تستمع إليها، فتحت الباب و اندهشت عندما وجدت والدتها و قالت: -ماما؟
-اها ما صدقت انه سابك فقولت اشوفك
خرجت مرام و عندما وجدتها شعرت بعدم الارتياح لقدومها و قالت: -اتفضلي
نظرت إليهم ناهد و قالت: -ما تيجي معايا يا ديمة عشان منضايقش مرام
-لا عادي يا طنط اتفضلي
تنهدت ناهد بإحباط فمخططها الاول و لكن يوجد آخر بديل فقالت: -تمام.
همت مرام لتغلق الباب و لكنها تفاجأت من قدوم رجال و يبدو من الحراسة و قالت بارتباك: -في أي؟
ناهد ببرود: -بنتي هتشرفني شوية و انتي هتيجي معاها
ديمة بتوتر: -انتي بتعملي كدا ليه؟ انا مش جايه معاكي؟
-مش بمزاجك و بعدين ما جوزك هيدور عليكي و لا مش واثقة في
سحبهم حتى لم تعطي مجال لأحد منهم أن يأخذ هاتفه و وضعهم في السيارة، اقتربت منهم و قالت: -بهدوء يا حبيبتي و بعدين انا مش هعملك حاجه خالص....