رواية تحت جنح الظلام الجزء الثاني للكاتبة أسماء صلاح الفصل السابع عشر
رتبت مرام عليها لتهدئها و قالت: -هنفهم كل حاجه يا حبيبتي
-امي بتخطفني ليه؟!
كانت ناهد في السيارة التي أمامهم و اتصلت بحامد قائلة بثقة: -خلاص بنتي و معايا و هطلع على الأقصر، و هنتقابل هناك
ابتسم حامد بشر و قال: -هتضحي ببنتك كدا عادي و نعمه الأمهات
-المهم انت هتقابلني هناك انهاردة و لا عشان عايزة اخلص
-هتقعدي في الفندق بتاعي هناك و انا لما اجي هنروح على مكان البيت اللي تحته المقبرة.
قفلت ناهد معه و تنهدت و بعد ذلك قالت للسائق: -أنجز شوية
اما بالنسبة لديمة فهي كانت منهارة و تبكي بشدة فهي لك تتوقع ذلك من والدتها فبالتأكيد تفعل ذلك لغرض ما
كانت مرام في حيرة من أمرها هي الأخرى و تربت عليها فحالتها التي تسوء تلك لم تكون مباشرة
و قالت ببكاء: -انا عايزة تيام...
لف إليها أحدهم و قال: -اسكتي يا بت مش عايز اسمع حسكم.
و بعد ذلك نظر إلى المرأة و قال إلى السائق الذي يقود السيارة: -في عربية ورانا، استنى اتصل بالهانم
و لكن تلك السيارة قطعت عليهم الطريق، توقف فجأة لكي لا يصدم بها و نزل الأخر قائلا: -مش تفتح
لم يجد رد فعل من الذي السيارة و اقتربت ناحيه الباب لكي يفتحه و لكن من بداخلها دفع الباب بقوة ليسقط الآخر على الأرض متألما، و بعد ذلك أطلق عليه...
اندهشت مرام و قالت: -نادر
اقترب نادر من السيارة و قال: -انزل.
رفع يداه في استسلام و نزل من السيارة بهدوء، نزلت مرام و هي تمسك بيد ديمة التي لم تستوعب ما يحدث
-اركبي العربية و امشوا لأنهم هيرجعوا
مرام بإصرار: -لا مش همشي و اسيبك
اتجهت ديمة إلى ناحية الرجل الذي يجثي على الأرض و قالت: -كنتم هتاخدوني على فين؟
نظر إليها بقلق و قال برجاء: -والله يا هانم انا مليش علاقه احنا بنفذ أوامر والدتك
ديمة بصراخ: -أي هي أوامرها؟
اتجه اليها نادر و سحبها من ذراعها و قال بحدة: -روحي اركبي
ديمة بانفعال: -لا لازم اعرف انتم مخبين عليا اي؟
و بالفعل عادت ناهد عندما وجدت السيارة اختفت من خلفها و نزلت من السيارة و قالت: -مالك بحوارنا يا نادر، امشي بدل ما اخلص عليك
نادر بسخرية: -هخاف على آخر الزمن من
اتجهت ديمة ناحية السيارة و أخذت سلاح من داخلها فقد تركه الآخر قبل أن يغادر السيارة و يقتل و قالت بعصبية: -اسكتوا، انتي بتعملي كدا ليه؟
تصطنع ناهد الطيبة فالأفضل أن تأخذها بالذوق و قالت: -عايزاكي يا حبيبتي عشان تكوني معايا
انفعلت ديمة لتصرخ بها منفعلة بطلي كدب انتي خاطفني
وضعت السلاح في رأسها و قالت: -هموت نفسي لو مقولتش حالا
شهقت مرام بصدمة و قالت بتوسل: -نزلي السلاح يا ديمة لو سمحتي
ارتبكت ناهد فأن ماتت سوف تفسد خطتها و قالت: -سيبي السلاح دا يا بنتي.
همت ديمة لتضغط على الزناد، فصرخت مرام باكية و تتوسل إليها بأن لا تفعل و نادر الذي بقي مصدوم مما يحدث
وصل تيام في تلك اللحظة و اخذ السلاح منها التفتت ديمة و قالت: -تيام
احتضنته ديمة و اجهشت بالبكاء قائلة: -ماما كانت عايزة تخطفني
ابتلعت ناهد ريقها و قررت أن تعود و لكن توقفت عندما قال تيام: -مش هتقولي كنتي عايزة تخدي بنتك ليه؟
نظرت له ناهد بارتباك و قالت بتوتر: -مش من حقي.
ابعد تيام ديمة عنه و قال: -انتي علي الطريق الصحراوي و في طريقكم للأقصر عشان أمك عايزة تقدمك قربان لمقبرة
رمشت بعيناها غير مستوعبة ما قاله بالتأكيد انه يمزح معها و قالت: -يعني اي؟
زفرت ناهد بحنق و قالت: -و ابوك شريكي
ديمة بدهشة: -قربان اي؟ انا مش فاهمة حاجه...
عقدت ناهد ساعديها و قالت: -و دلوقتي هاخدها و بمزاجك يا ابن المصري بما ان اللعبة اتعرفت
اقترب من ناهد و قال: -معنديش مانع اني اقتلك.
ناهد بتهكم: -متقدرش لأنك متأكد وقتها بأنك هتفتح أبواب جنهم عليك، انت ناسي اني ناهد الألفي و لا اي؟
-تفتكري انا بخاف من كل دا؟!
سحب سلاحه و قام برفع في منتصف رأسها
ديمة ببكاء و صراخ: -لا ارجوك يا تيام
ضمتها مرام و رتبت عليها، ابتعدت ديمة عنها و قالت ببكاء: -خليها تمشي
شعرت ديمة بعد ذلك بالاختناق و انسحاب أنفاسها و حتى قدميها لم تعد تحملها و سقطت مغشية عليها، اسندتها مرام و قالت بصدمة: -ديمة؟..
انزل المسدس و قال: -اوعدك أن المرة الجاي هتموتي أن حاولتي تلمسيها تاني
-يبقى هتقتل ابوك كمان لأنه يا حرام مش هيسيبك تتهني بيها
-يبقى هحضر جنازتكم انتم الاتنين...
استقطبت ديمة و تفقدت المكان من حولها لتبدأ تتذكر جميع ما حدث معها و دخلت في نوبة من البكاء، فتح تيام الباب عندما استمع إلى صوتها و اتجه ليجلس أمامها و ضمها إليه و مسد على شعرها برفق قائلا: -اهدي يا حبيبتي
ديمة ببكاء: -انا مش مصدقة ان امي عايزة تقتلني
شدد قبضته عليها ليعانقها بقوة، ابتعدت ديمة عنه و قالت بعصبية: -انت كنت عايز تعمل فيا كدا صح؟ كل اللي في حياتي كدابين يعني...
تنهد تيام فهو يعلم بأن ذلك طبيعي بالنسبة إلى ما حدث لها و رتب عليها، و لكنها ابتعدت عنه بانفعال: -متقربش مني انتم كلكم زي بعض كلكم بتمثلوا عليا
تراجعت للخلف و ضمت ركبتيها إلى صدرها و وضعت يداها لتصم اذنيها و قالت بصراخ: -ابعدوا عني، ماما كدابة و بابا و عمتي و جوزها كلكم زي بعض
لم يدري ما الذي يقدر على فعله و هي في حالتها تلك و كان يتطلع إليها في استياء و حزن و قال: -طب عايزة اي؟
لم ترد ديمة عليه و تمددت على الفراش و هي تضم ركبتيها و وضعت ذراعها أسفل رأسها...
-انا مكنتش عايزك تعرفي عشان كدا بس و الله انا مش بكدب عليكي...
تنهد تيام و خرج من الغرفة فهي لا تستجيب لشيء، نزل إلى أسفل فسألته مرام بلهفة: -فاقت؟
-اها
اتجه تيام ليجلس على المقعد و دفن وجه بين كفيه، فهمت مرام بأن حالتها ليست جيدة...
وصلت عائشة إلى المزرعة فقد أخبرتها مرام بما حدث...
-اتفضلي يا دكتورة هي فوق.
تنهدت عائشة و قالت: -مين الدكتور اللي ادها مهدي
حيدر باقتضاب: -انا
-تمام
صعدت عائشة و خلفها مرام، طرقت الباب و دخلت
-ديمة...
اتجهت لتجلس إليها و قالت و هي ترتب عليها بحنان: -ديمة بلاش تسكتي كدا قومي و اعملي اللي انتي عايزها، و اكيد هتعدي كل دا
لم ترد ديمة عليها و حتى لم تتحرك، تنهدت عائشة و نظرت إلى مرام بعدم ارتياح و قالت: -ديمة طب ردي عليا.
قامت عائشة و اتجهت ناحيه مرام و قالت بخفوت: -للأسف لازم تروح المستشفى
مرام باستهجان: -قصدك المصحة
رتبت عائشة على كتفها و قالت: -اديكي شايفه، لازم تطلع من الحالة دي و متقلقيش انا اللي هتابع حالتها، انا هنزل اقول لجوزها و أفهمه الموضوع
نظرت مرام عليها و هي تغادر و تساقطت الدموع من عيناها و جلست بجوارها قائلة: -ليه كدا يا ديمة؟
تهاوت الدموع من عيناها و قالت: -لأن مفيش فايدة يا مرام، امي كانت راجعة بعد السنين دي كلها عشان تموتني، انا مش زعلانه بس مبقاش عندي طاقة استحمل تاني خلاص بجد انا مش عايزة اتكلم و لا أقول حاجه
-و حياتك يا ديمة فالأخر عايزة تفضلي في مصحة نفسية؟
-هي دي آخرتي زي ما هما قالوا و انا خلاص مش هحاول تاني
-و تيام؟
-هرميني في المستشفى و بعدها هيطلقني
-انتي كويسه و مش محتاجة تروحي في حته...
-انا مش كويسه و مش هتعالج هفضل طول عمري مريضة و مجنونة لحد ما اموت...
دخل تيام فتوقفت ديمة عن الحديث و قامت مرام لتركهم معا، جلس تيام بجوارها و قال: -الدكتورة قالت انك المفروض تروحي المستشفى بس انا مش موافق
نظرت ديمة إليه بعدم تصديق فاكمل تيام حديثه و قال: -بس القرار ليكي
ديمة بسخرية: -قول انك زهقت و عايز...
قطعها تيام و قال: -مستحيل هزهق يا ديمة، بس انتي مش سايبه اي حاجه ينفع اساعدك بيها و اكيد مش هتفرج عليكي و انتي بتروحي مني، الدكتورة قالت إنه باختصار ممكن تقومي تنتحري زي ما بتعملي و عايزة معامله خاصه محتاجة انتظام على الأودية مش مهدي و خلاص و انا عارف انك لسه بتخدي المهدئات بتاعتك
تساقطت الدموع من عيناها و قالت ببكاء: -مش عارفه ابطل و حاولت و رجعت ليها تاني.
تنهد تيام و امسك بكفيها ليرتب عليه برفق و قال: -بطلي وقت ما تحبي
لافت انتباه علامات اظافرها التي غرستها على جلدها و لكنه لم يعلق فالطبع كلام عائشة لم يكن مريح و لكنه لا يريد تركها في المستشفى...
أبعدت ديمة يدها و قالت: -انت كنت تعرف ان هي رجعت عشان كدا
اومأ تيام و قال: -ايوه كنت اعرف بس بعد ما دخلتي حياتي
-كنت هتعمل زيها؟
-لا
-ابوك هو اللي قالك تقتلني يوم الحادثة اللي حصلت بس أزاي؟
-كان عايز يخلص حوار المقبرة و يفتحها
-و اشمعنا انا؟
-طلب حارس المقبرة يعني الجن بيطلبوا حاجات عشان تتفتح
-و انت رجعت في كلامك ليه؟ و بعدين لو فضلت عايشه دا هيحصل
-و انا مش هسيبهم يعملوا كدا
-بس انهاردة انت مكنتش موجود و لو نادر مكنش رايح لمرام كانوا زمانهم خلصوا مني...
ضمها تيام إليه واضعا رأسها على صدره و قال: -انتي مشيتي من البيت من غير ما تقولي و بعدين محدش يقدر يعملك حاجه و انا موجود.
لفت ديمة ذراعها حول خصره و قالت بصوت باكي: -انا بحبك بس مش هستني لما اشوفك بتتخلي عني، فأنا قررت اروح المصحة عشان اتعالج
ابتعدت عنه و مسحت دموعها بأطرافها و اردفت: -و انت من حقك تطلقني و متقلقش مشاعري مش هتتجرح و لا هزعل، أنا همشي معاها...
صمت تيام ليتذكر كلام الطبيبة ديمة حالتها بتتراجع مش بتتحسن و باختصار ممكن تصحى الصبح تلاقيها ميته
-يعني المستشفى هي اللي هتمنعها من الانتحار.
-بنحاول مع المرضى على قد ما نقدر و بعدين هي محتاجة رعاية خاصه انا ضد انها تفضل في مصحة بس حالا مفيش حل و على الأقل نلحقها قبل ما تتدمر خالص...
قامت ديمة و اتجهت لتفتح الباب و بعد ذلك ذهبت، نزلت إلى الأسفل و قالت: -انا موافقة اني اروح المصحة يا دكتور
مرام بصدمة: -ديمة،؟