رواية تحت جنح الظلام الجزء الثاني للكاتبة أسماء صلاح الفصل الخامس
أمسكت بهاتفها لكي تتصل بحامد و اقترب تيام منها قائلا:
-احلي فيلم اباحي ينزل على المواقع متنسيش أني حالا جاي من شقتي و هي هناك
نظرت له بذهول فهي لا تصدق ما قاله و قالت:
-انت كدا بتغلط
-يعني مليش حق اقرفك في حياتك شوية
اخذت ناهد أنفاسها و شعرت بجفاف حلقها و جلست على المقعد المجاور لتستعد قوتها و قالت:
-يعني هتتجوز واحدة...
قطعها تيام و قال:.
-بصراحة يا ناهد مش لاقي حاجه أذلك بيها و بعدين ادينا بنصفي حساباتنا
حاتم بغضب:
-لا واضح انك غاوي النسوان اللي بيكونوا معايا قبلك
نظر له تيام ببرود و لم يرمش جفنه حتى فهو يعلم بأنه يريد أن يفقده سيطرته و مسالتش نفسك ليه انت اللي بتتساب
ناهد بعصبية:
-دي بنتي يا تيام و بعدين انت عايز منها اي؟ هتقولها حقيقتي و لا هتاخدها عشان تخليها تنتحر.
-دا على أساس أم و بنتك فارقه معاكي، دا انتي ظهرتي عشان تفتحي بيها مقبرة و كنتي مسلطة عليها الحيوان دا و الاسواء انكم انتم اللي رمتوها في طريقي...
تنهدت ناهد و قامت و قالت بهدوء:
-نتفق، خلينا عارفين انك و لا كنت بتحب حلا و لا بتحب ديمة، و انها ماتت و لا عاشت مش هتفرق معاك في حاجه و هي راضية تتجوز حاتم.
-اسكتي و صحيح عايزك تكوني جنبها أصل الصدمة دي هتبقى صعبه اوي عليها...
زفر حاتم بحنق فهو لا يريد أن يتركها له و قال:
-تيام بلاش تعطل شغلنا...
نظر لهم بامتعاض و ذهب تركهم يفكرون في حل لذلك...
عندما وصل إلى المنزل وجد روانا جالسه بالخارج، فسالها بقلق:
-ديمة فين؟
-حابسه نفسها في الاوضه و مش راضية تخرج
زفر تيام بضيق و قال:
-أي الدلع دا.؟
-تيام انت غلطان مينفعش تعمل معاها كدا
-عملت اي يا روانا انتي هبله، الهانم عايزه تتجوز زفت و قالت لا مش هتجوزك و انا مش فاضي ادلع.
شعرت روانا بأنه يبدو غاضبا و قالت بهدوء:
-تمام يا حبيبي، في حاجه و لا اي؟
-مفيش يا روانا و روحي على بيتك اتفضلي
-هيخليني هنا عشان لو احتاجت حاجه
تيام بنرفزة:
-روانا روحي، السواق تحت هيوصلك...
طرق تيام الغرفة بعنف و قال:
-افتحي الباب بدل ما اكسره...
فتحت ديمة الباب و قالت:
-ياريت توطي صوتك شوية و بعدين انا حره
اخذ انفاسه المشتعلة و قال بهدوء مصطنعة:.
-ديمة انا عايز كلام كتير، و حاولي تظبطي كدا لأن صبري لو خلص هزعلك
ابتلعت ديمة ريقها و رمشت عيناها و قالت:
-هتعمل اي؟ تيام انت حتى مبتحسش بالذنب...
-هحس بالذنب ليه؟، مراتي و هرجعها فين الغلط في كدا...
-مراتك اللي انت سيبتها و خلعت و لا اللي حاولت تغتصبها اكمل و لا كفاية، فاكر اني خايفه لتضربني مثلا و لا انك لويت دراعي كدا
تيام بنفاذ صبر:
-و بعدين يا ديمة، نهاية الموضوع اي.
-مرام مختفية بقالها يومين و انا مش عارفه أوصلها...
تنهد تيام و قال:
-تمام هشوفها حاضر، في حاجه تانية؟
-ينفع امشي و ابقى اجي بكرا الصبح
اوصد عيناه ليكبح غضبه و قال:
-ديمة بالله عليكي متعصبنيش...
دلف تيام إلى الغرفة و كانت هي واقفة عند الباب ترمقه بنظراتها التي تتسأل عن أفعاله الغامضة معها و لكنها بالفعل تأكدت و حتى سمعت حديثه مع روانا...
خلع تيام قميصه، و لاحظت ديمة تلك الندبة التي كانت في خصره و اقتربت منه و قالت:
-أي دا؟
كان هو نسي ذلك و لم ينتبه و قال:
-كنت عامل عملية
وضعت اناملها عليها و قالت:
-واضح انها مش بقالها كتير عملية اي؟
ابعد يدها و قال:
-مليكش دعوة و شوفي انتي هتعملي اي؟
تخشبت مكانها و هي تشعر بالذهول من طريقته الفاذة و عندما رأته يخرج ملابس من الخزانة قالت:
-انت هتنزل؟
-اها نازل، في حاجه؟
-هو انت هتتجوزيني ازاي و انت خاطب.
-أي المشكلة هو الشرع حلل أربعة و لا أنا غلطان
فرغت ثغرها بدهشة و جحظت عيناها قائلة:
-و انا مش موافقة.
-مش مهم، و بعدين انتي هتتجوزيني غصبن عنك مش هتفرق يعني
-ايوه بس مش تاخدني من خطيبي عشان تتجوز عليا و بعدين هي تعرف و لا
-لا متعرفش و ابقى روحي قوليلها زي ما رددتِ عليها
شعرت ديمة بأنها على وشك البكاء و التفتت لكي تخرج من الغرفة، و توقفت فجأة بسبب شعورها بالدوار...
لحق بها تيام و امسك ذراعها ليساندها، أبعدت يده و قالت:
-انا كويسه
حملها بين ذراعيه و انزلها على الفراش برفق و قال:
-لو احتاجتي حاجه ابقى كلميني
ديمة بتذمر مش هحتاج منك حاجه
تعجب حيدر من ذهاب تيام له و قال:
-خير جاي دلوقتي ليه؟
-فين مرام يا حيدر متأكد انك انت اللي وراها
رفع إحدى حاجباه و قال بثقة:
-اكيد بس الهانم و صاحبتها هما اللي كانوا ورا حوار فريد، و طبعا سندريلا اللي معاك محدش يعرف يكلمها.
-عملت اي فيها؟
-و لا حاجه بس مش هسيبها لاني مش ناقص قرف من شوية عيال
-لو سمحت حيدر خرجها عشان ديمة محتاجها الفترة دي
حيدر بعدم استيعاب:
-ما تظبط كدا يا تيام. بقولك الحلوة هي اللي ورا حوار فريد و الله اعلم هتعمل اي تاني دي بنت ناهد يعني مش قطة مغمضة و لا حاجه...
زفر تيام بغضب و قال:
-عارف انها بنت زفت بس في كل مرة بحاول اذيها مبعرفش انا حاولت كتير بس في كل مرة كنت بفشل...
-براحتك.
-حيدر انا كدا كدا اتخنقت، كل اللي عايز يعمل حاجه يعملها
زفر حيدر بحنق و قال:
-نفسي تتصرف بعقل لو مرة واحدة، ديمة مش مناسبة ليك و في الاخر الدنيا هتبوظ و كل حاجه هتبقى ضدك
صمت تيام و كان يشعر بأنه يدور في دوامة لا يعلم نهايتها و اجابه خلي مرام تكلمها
قام تيام و ذهب، تنهد حيدر باستياء فعقله لا يستوعب طريقة تفكير أخيه و ذهب إلى غرفتها و قال:
-هتكلمي ديمة دلوقتي و بلاش ترغي كتير.
كانت مرام تشعر بأن الغرفة تدور بها فهي لم تتناول شئ، قامت تقف و فقدت وعيها...
لحق بها و حملها قبل أن تسقط على الأرض و بعد ذلك خرج من الغرفة و صعد إلى الطابق الأعلى ليضعها بأحد الغرف و أخبر احد بإحضار بعض الأشياء من الصيدلية فهو علم بأنها لديها هبوط بسبب عدم تناولها للطعام...
ارتبك نادر عندما دخل إلى الغرفة و وجدها مازالت مستيقظة و قال:
-صاحية لحد دلوقتي ليه؟
روانا بسخرية:.
-شارب كالعادة طبعا بجد معرفش هتبطل القرف دا امتى؟
-روانا هو انتي مبتعمليش حاجه غير كدا اصلا
قامت روانا من على الفراش و وقفت امامه عاقدة ساعديها و قالت:
-اعمل اي؟ متجوزه بيجري ورا واحدة و سايب بيته بس اعمل حسابك يا نادر انك يوم ما تفكر تتجوز عليا هتكوني مطلقني و بعدين اي المميز فيها؟
-مبتعدلش على حد و مش شايفه انها مثالية...
استعادت مرام وعيها و حركت ذراعها التي شعرت بثقل به و عملت بأنها تعلق إليها محاليل، زفرت بحنق و إزالتها من يدها بعنف و قامت من الفراش.
دخل حيدر الغرفة في تلك اللحظة و قال:
-و بعدين؟
مرام بتوسل:
-لو سمحت خليني امشي من هنا؟ انا زهقت...
تنهد حيدر و ذهب ليجلس على الاريكة و قال:
-تعالى اقعدي
نظرت له مرام بنفاذ صبر و ركلت الأرض بطفولية و ذهبت لتجلس في نهاية الاريكة...
شبك حيدر أصابعه و قال:.
-عندك 25 سنه يعني في سنه بنتي
-ليه و انت عندك كام سنه؟
نظر له حيدر بتعجب و قال:
-38
-13 سنه بس
تنهد حيدر فهي مختلة عقلياً من الواضح و قال:
-مرام انا عمري ما اذيت حد بدون سبب
نظرت مرام له و حدقت بعيناه الفيروزية التي تقابلت مع عسليتها و قالت:
-والله؟
-لاني معنديش الرمادي هو يا ابيض و يا أسود. و انتي اللي غلطانة و دخولك لأي حاجه كان بمزاجك و بإرادتك، و مع ذلك كلنا بنغلط بس انتي من الناس اللي مبتتعلمش من غلطها
فركت مرام اصابعها بتوتر و اخدت تقطم اظافرها و قالت:
-اها.
-ممكن تكوني أعجبتي بنادر و دا مفهوش حاجه غلط، بس هو مش الشخص المناسب لأنه عنده التزامات تانية و وجودك قدامه هيشوش تفكيره و تفكيرك انتي كمان، و بالنسبة لموضوع فريد فهو غلط، و مش هقولك اني هسامحك بس هتاخدي فرصه بس هتكوني تحت نظري...
قام حيدر و قال نامي و الصبح أبقي كلمي ديمة.
استيقظت ديمة و قامت لتبحث عنه و تعرف اذا كان جاء أم لا، زفرت بحنق عندما لم تجده فهو الأخر يريد حبسها و أخذت تهمهم بكلمات تدل على غضبها و عادت إلى غرفتها و أمسكت بهاتفها فرأت مسدج من رقم مجهول
ارتبكت ديمة و فتحت الشات بتوتر و انهالت الدموع على وجنتها عندما رأت الصورة التي تجمع به مع أخرى و يدلف إلى المنزل بالرسائل المكتوبة...
الوهيفضل و أدى اهو سابك و راح لواحده.
توقف عقلها عن التفكير بشيء و لكن من كتب تلك الرسالة على حق فذلك ما بيحدث، خرجت من الشقة و اندهشت عندما وجدت الباب مفتوح و ليس مقفول عليها من الخارج...
استقلت تاكسي و أخبرته بالعنوان و كانت لم تستطيع التحكم ببكائها، فاقت على صوت السائق وصلنا يا انسه
أعطيت له أجرته و نزلت من السيارة و دلفت إلى القصر و بعد ذلك طرقت الباب.
فتحت لها الخادمة التي تعجبت من وجودها في ذلك الوقت و قالت: -اتفضلي بس تيام باشا مشغول حالا...
قطعتها ديمة و قالت بعصبية:
-روحي على شغلك...
ذهبت ديمة إلى الغرفة التي دخلتها مسبقاً، زادت وتيرة أنفاسها، بسطت كفها على ثغرها لتكتم نحيبها...
وضعت يدها على مقبض الباب و كانت يدها ترتعش فهي لا تعلم اذا كانت ستقدر على ذلك ام لا...