رواية تحت جنح الظلام الجزء الثاني للكاتبة أسماء صلاح الفصل الثلاثون
نظرت إليه بعيناها الواسعة التي تميزت ألوانها بين الأزرق المختلط بالرمادي
فهم تيام بأنها صغيرة و لا تستطيع التحدث فقال:
-طب فين ماما؟
زمت شفتيها فهي لا تعلم أين والدتها، تنهد تيام و قبل وجنتها قائلا:
-طب هندور عليها...
أمسكت تيا بخصلات شعره الحريرية تعبث بها
تعجبت رزان عندما رأتها و اقتربت منهم مسرعة و لكنها اصدمت عندما عملت بأنه تيام و قالت:
-تيا
التفت تيام إليها و قال:
-انتي والدتها؟
-لا.
مدت يدها لتصافحه قائلة:
-انا رزان هكون معاك في الفيلم الجديد و جيت هنا عشان أطمن على اميلا
بادلها المصافحة، و ترك لها تيا و بعد ذلك خرج ثائر فذهبوا على الفور...
ألتفت خلفه و قامت تيا تحريك يدها، أبتسم لها و فعل لها المثل
رزان بابتسامة هو عجبك انتي تاني شكله قمر صح، و تعالى بقا اوديكي لديمة عشان تنفخك
ثائر بتعجب:
-انت كنت بتعمل بأي لمين
-بنت صغيرة، هنبدا التمثيل امتى؟
-اميلا تخف بس هي اتحسنت و المشاهد في ألمانيا مش كتيره و بعدين هنرجع أمريكا و لقوا البنت العربية
تذكر تيام الفتاة التي التقى بها منذ قليل و قال:
-كانت موجودة...
دخلت رزان إلى المكتب و قال:
-تيا كانت بتتمشي في المستشفى لوحدها
قامت ديمة من على المكتب و اخذتها منها قائلة:
-نعم ازاي يعني؟
-والله بس حبيب قلبي كان شايلها
ضربت رزان تيا بخفة و قالت:
-الا تيام يا تيا.
ابتلعت ديمة ريقها و هربت الدماء من وجهها و أنزلت تيا على الأرض و قالت بصدمة:
-تيام مين؟
رزان بعفوية:
-تيام المصري كان في المستشفى و شايل بنتك، حتى تيا معطيتش
شعرت ديمة بجفاف حلقها و جلست على المقعد المجاور لها فهي لا تستطيع تحمل تلك الصدمة
شعرت حينها بسخرية القدر و بأنه يتلاعب معي كما يفعل كل مرة فلماذا يأتي تيام تلك المستشفى من الأساس، لماذا يتواجد في ألمانيا من الأساس اللعنة علي ذلك...
أخذت ديمة تيا و خرجت مسرعة من المكتب و ذهبت إلى مكتب والدها و عندما رأت الممرضة قالت بصرامة:
-كيف تغفليني عنها؟، اخرجي
-اسفه مدام و لكن
أشارت لها بيدها لتسكت و قالت:
-اتفضلي...
اجلستها على الاريكة بجانب شقيقها و قالت بانفعال:
-بعد كدا لما تكونوا في مكان محدش يتحرك منه فاهمين...
أخذت الهاتف من يده و قالت بعصبية:
-مفيش لعب
زم سليم شفتيه بحزن، فصرخت بهم قائلة:
-مش عايزة اسمع صوت حد فيكم...
دخل مراد و اندهش عندما وجدها في تلك الحالة و قال:
-في أي يا بنتي بتزعقي ليه؟
-الهانم خرجت لوحدها يعني ممكن كان اي حد خدها والله ما هنزلهم من البيت تاني
-طفلة، دول لسه صغيرين يا بنتي و بعدين فيها أي المستشفى بتاعتي و كل اللي فيها عارفهم
ديمة بنفاذ صبر:
-تيام كان هنا انا معنديش حمل اني اخسر ولادي و معرفش اي اللي هيعمله لو عرف الحقيقة
مراد بتردد:.
-جوزك لازم يعرف مش هتفضلي هربانه منه كدا و كمان يطلقك اكيد مش هتفضلي قاعدة كدا على ذمة راجل و خلاص
أخذت انفاسها و قالت:
-لو سمحت يا بابا اقفل الموضوع دا، تيام مش هيعرف أن عنده عيال تمام...
ذهبت رزان إلى location التصوير و كانت تشعر بالحماس لرؤيتها إليه مرة أخرى فهو لم يتحدث معها...
كان تيام يجلس في طرف بمفرده و يمسك بهاتفه كان منفصل عن العالم تماماً يحدق في حبيبته التي غادرت و لم يجدها، نعم فهو مشتاق إليها، يريد أن يراها لمدة ثانية حتى...
قطعته رزان عن شروده و قالت:
-ممكن اقعد معاك،؟
ترك تيام الهاتف و اعتدل في جلسته و قال:
-ما انت قعدتي
-انا رزان عندي 29 سنة بحب التمثيل جدا و مثلت في اكتر من فيلم من لبنان بس عيشت في مصر فترة كبيرة و طبعا سافرت بلاد كتير
تعجب تيام و قال:
-أمم طيب.
-أي مش هتعرفني على نفسك
-معروف كفاية و بعدين انتي عايزة اي من الاخر؟
-معجبة بك
ابتسم تيام نصف ابتسامة و قال:
-بالسرعة دي
-انا شوفت كل افلامك و كررت اكتر من مرة و بحب تمثيلك جدا
نظر إليها تيام و قال:
-و على كدا بتعرفي تمثلي؟
قامت رزان لتقترب منه و قالت بجراءة:
-بعشقه اوي
أبتعد تيام عنها و قال بجدية:
-افصلي بين الشغل و الحياة الشخصية و بعدين انا مليش في الحوارات دي
-اومال ليك في أي؟
نظر إليها من فوقها لأسفلها لتفسر عينه جسدها و قال:
-هقولك بعدين...
مرام بضيق:
-حقيقي مش فاهمة ليه بتعامليني كدا
رنا بعدم أكترث:
-عادي بس الصراحة مش حابه وجودك امك زمان خدت ابويا من وسطنا و دلوقتي جايه تظهري في حياتنا بعد اي؟
-مالك هو اللي طلب دا و...
قطعتها رنا بحدة و قالت:.
-مالك بس عمه قاله أن عندك اختي شمال و رجالة داخلة و رجالة خارجة و عرفه كل حاجه و طبعا مالك راح عشان يشوف و عشان كدا طلب منك انك تقعدي معانا...
أدمعت عيناها فهي شعرت بالحزن و الخذلان و لكنها لم تكن مرتها الأولى و قالت:
-تمام يا رنا همشي
في تلك اللحظة دخل مالك إلى الشقة و كان قد طرق الباب لكي يعلمهم بدخوله
ذهبت رنا و قالت:
-أي يا حبيبي جيت بدري انهاردة
ابتسم مالك و قال:.
-عندي خبر حلو اوي، مرام متقدملها عريس
مرام بدهشة:
-عريس اي؟
اقترب منها مالك و قال:
-مهندس و هو جارنا في العمارة شقته دي تمليك و عنده شقة في مصر و بيشتغل في شركة و...
ابتعدت مرام عنه و قالت:
-مش هتجوز و لو عايز عندك اختك اهي...
و دلفت مرام إلى غرفتها و صفعت الباب خلفها بقوة
رنا بتهكم:
-تفتكر بقا مش عايزة ليه؟ و الله شكل كلام عمك مظبوط...
تنهد مالك و قال:.
-بس يا رنا و بعدين دي اختك مش واحدة من الشارع اكيد ليها أسبابها
-تفتكر...
تركت ديمة تيا و سليم عند رزان و ذهبت هي فقد أتى إليها عمل و اضطرت إلى الذهاب سريعا...
حضرت رزان اليهم كيك بالشكولاتة فهي كانت المفضلة إليهم و قالت:
-يلا بقا عشان أشعلكم فيلم كرتون
صفقت تيا بيداها التي أصبحت ملونة بالشكولاتة، ابتسمت رزان و قبلت وجنتها قائلة:
-قمر انتِ.
قامت رزان لتفتح الباب و تفاجأت بأنه تيام فهي طلبت من المجيء بالأمس و لكنه لم يرد عليها و قالت:
-جيت؟
-اميلا اعتذرت و هتكوني انتي بطلة الفيلم
شهقت رزان بسعادة و عناقته قائلة:
-بجد...
-أها، نص الفيلم ليها و النص التاني ليكي اتغير حاجات بسيطة في السناريو
ابتعدت رزان عنه و قالت بإغراء و هي تتلاعب بداية قميصه:
-طب و المقابل اي؟
و قبل أن يرد عليها رأي تيا تقرب منهم و بالتحديد كانت تذهب في اتجاه، ابتسم إليها و انحني على ركبته
اقتربت منه و لكن نهرتها رزان قائلة:
-تيا هتبهدلي...
أمسك تيام يدها و أكل قطعة الكيك التي كانت تريد أن تعطيها له و قال:
-هي مامتها عربية و لا من هنا
-مصرية
اخرج منديل من جيبه و مسح يداها و فمها بلطف و حملها قائلا:
-تيا جميلة اوي
عقدت رزان ذراعيها قائلة:
-طب هتفضل واقف على الباب كدا، اتفضل...
-لا ملهوش لازوم.
انزلها تيام برفق و هم ليذهب و لكنه امسكت بيده و استدارت لتأخذه خلفها، ابتسم تيام و استجاب لطلبها و أغلقت رزان الباب و دخلت
و قالت:
-سليم أخو تيا التوأم، بس تيا شقية عنه هو هادئ احيانا...
حملها و اجلسها على الاريكة و قال:
-انا همشي بس هبقي اجي عشان اشوفك و ممكن رزان تجيبك معاها التصوير
-امها تقتلني، دي بتخاف عليهم اوي
-مش لازم تقوليلها
و داعب خصلات سليم الذي كان ينظر إليه بهدوء و قام
رزان بتعجب:.
-انت مستعجل ليه؟
-عادي انا كنت قريب فقولت اديكي السناريو و امشي على طول...
خرج تيام من الشقة و ذهب ليطلب المصعد، لم يعلم لما كان يفكر بديمة في تلك اللحظة، زفر بحنق فهو بالكاد يستطيع إخراجها و خرج ليدلف إلى سيارته...
طرقت رنا غرفتها في الصباح لكي تتناول معاهم الفطور و لكنها لم ترد ففتحت الباب و اندهشت عندما وجدت الغرفة فارغة و قد أخذت ملابسها.
فهرولت مسرعة و قالت:.
-الهانم سابت البيت و مشيت عشان تعرف بس ان كلامي صح
اخذتهم رزان معها إلى التصوير لكي تتقرب منه أكثر و لكن تيام اندمج معاهم و بالفعل نسي وجودها من الأساس...
و اقتربت منه و قالت:
-واضح انك نسيتي خالص
-لا بس انا حابب شقاوتهم، هنبدا امتي؟
-نص ساعة كدا
-هو فين ابوهم؟
رزان بحزن:
-ميت، ربنا يرحمه بقا و اصلا مامتهم لسه صغيرة اوي على تحمل مسئولية طفلين...
-طب قوليلي عنوان عشان ابعت حد يوصلهم و نبدأ احنا التصوير.
-انا هوصلهم و ارجع بسرعة
-خلاص هاجي معاكي...
اوصلها تيام إلى المستشفى و انتظرها في السيارة و لكن اتسعت عيناه بدهشة عندما رآها تمر الطريق فلم يصدق و لكنها بالفعل أمامه فهو لم يتوه عن زوجته...