قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية تحت جنح الظلام الجزء الثاني للكاتبة أسماء صلاح الفصل الثامن

رواية تحت جنح الظلام الجزء الثاني للكاتبة أسماء صلاح الفصل الثامن

رواية تحت جنح الظلام الجزء الثاني للكاتبة أسماء صلاح الفصل الثامن

كانت ديمة جلست على الاريكة بالخارج و هبطت دموعها على وجهها بحزن
تيام بعصبية: -أي اللي انتي عملتي دا؟
نظرت ديمة إليه بعينيها الدامعة و قالت عملت اي؟
-ديمة من فضلك بلاش تخليني اخرج عن شعوري
-بجد؟ طب متنساش اننا اتجوزنا
تنهد تيام و جلس بجوارها قائلا: -طب و بعدين؟ بلاش تعملي مشاكل بينا
-عايزاني اعمل و انت بتكلم واحدة قدامي بس تمام براحتك عارفه اني مش فارقه معاك بس على الاقل احترام مشاعري.

اقترب في مجلسه منها حتى أصبح ملصقاَ لها و امسك بكفيها و قال: -مفيش غيرك بتفرق معايا
حدقت به عيناها بلمعتها التي بدورها كانت تبحث عن الصدق في نظراته فهي لا تصدق بانه يقول لها ذلك و قالت: -دا بجد؟ على فكرة مش مضطر تكدب عليا
انحني راسه قليلا ليرفع كفيها و يقبله قائلا: -و انتي شايفه اني بكدب عليكي؟
ابعدت ديمة يدها عنه فهو يسيطر عليها بكلماته و قالت ببرود: -ايوه يعني مفيش حاجه تثبت كلامك.

عقد حاجباه مندهشاً فهل حقا تريد إثبات على ذلك و قال: -لو على الإثبات في حاجات كتير انتي متعرفهاش.
همت ديمة بالذهاب فهي سئمت من عدم المعرفة و هو لا يخبرها بشئ و كأنها الطفلة الجميع يريد خداعها، امسك بمعصمها و سحبها لتجلس على فخذه و لف ذراعه حولها و قال: -لما اكون بكلمك متمشيش و تسيبني.

ازدارت ديمة ريقها متوترة من وضعها، و أنفاسه الساخنة التي تلفح وجهها مسببة عدم توازن في خفقات قلبها التي تسارعت بقوة، و حاولت القيام و لكنه امسكها جيدا و أخذ يبعث بخصلات شعرها.
ديمة بارتباك: -انا عايزة انام
قرب وجه منها هامسا فوق شفتيها هو انتي معنديكش فكرة ان انهاردة ليلة الدخلة و كدا
تسارعت وتيرة انفاسها و توردت وجنتها و قالت: -لا و لو سمحت خلي في حدود بينا.

-حدود اي و انتي قاعدة على رجلي و بعدين كانت فين و انتي بتبوسبني
ارتبكت ديمة بخجل و قالت: -خلاص بقا
-يا ستي بوسيني براحتك انا مش معترض
قبل تيام شفتيها برقة و نعومة و قال: -بس و حياتك عندي لو عملتي حركة من حركاتي دي لأكون مزعلك...
نظرت له بتحدي و قالت: -و انا مش هبطل لأنك جوزي
-جوزي كلام و خلاص
-لما تحس كدا انك هتقدر تكتفي بيا وقتها بقا ابقى مراتك بجد غير كدا لا...

تنهد تيام و ارخي قبضته عليها ليجعلها تقوم، و فسرت ذلك بأنه لم يستطيع الاكتفاء بها فالطبع هو محقا، ابتلعت تلك الغصة التي تقبض على حنجرتها قبل ان تفيض دموعها التي حاولت حبسها و لكنها لم تستطيع
فقامت و قالت: -انت اتجوزتني ليه؟ اكيد في سبب ورا تصميمك دا!
-ادخلي نامي يا ديمة
لم تقدر على التحكم بأعصابها و قالت بعصبية: -دلوقتي ادخل انام؟! تمام براحتك مارس حياتك الطبيعة في القرف و انا مش هتكلم.

-و ليه متتقبليش الوضع كدا؟ يعني مش هيكون في تقصير معاكي في أي حاجه؟
لم تستوعب ما يقوله و قالت: -بجد؟ اتقبل اي بقا انك خاطب و لا انك هتتجوز و لا اني هبقي قاعدة هنا و عارفه انك مع واحدة تانية بتعمل معاها علاقة تصدق فعلا وضع يتقبل و بالمرة ترجعلي سكران و تكمل هنا؟، و التقصير بقا هيكون مش في أي؟
غضب من سخريتها منه و قال: -ديمة انتي يهمك انك تكوني بعيدة عن المشاكل و تبقى في أمان و أي حاجه انتي عايزها...

قطعته ديمة بحدة و قالت: -فلوس بقا و لا هتعملي قناة زي ما قولتلي قبل كدا
-انتي عايزة اي نكد و خلاص و بعدين بكدا هنكون مبسوطين مع بعض
-بس انا مش هبقي مبسوطة و متتعبش نفسك انا مش هعيش مع راجل خاين و بعدين بما انك عايز تمشيها عادي فأي رايك انت تخوني و انا أخونك.

برزت عروق عنقه خانقاً و بدون مقدمات قام بلوى ذراعها خلف ظهرها بقوة قابضاً عليه و قال بنبرة قاسية: -ديمة متخلنيش أمد ايدي عليكي لأنه بجد لو لسانك نطق بكدا مش هيحصل كويس و بلاش تختبري صبري.
-و انا كمان غيرانة عليك و مش عايزاك تكون مع حد غيري
ارخي قبضته عليها و تركها قائلا: -طيب يا ديمة، روحي نامي بقا
-براحتك يا تيام.

دخلت ديمة إلى الغرفة و أغلقت الباب خلفها بقوة، فيبدو بأنها أخطأت عندما تزوجت منه للمرة الثانية.

فتحت مرام باب الشقة و دخلت، أشعلت الاضواء و هبطت دموعها بلا هوادة فهي لم تدخل ذلك المنزل منذ أعوام و لكنها مازالت تشعر بالدفيء، قادتها خطواها إلى غرفتها التي تركتها عندما حاول زوج والدتها الاعتداء عليها...
كان كل شئ كما هو ماعدا أشخاص المنزل فجميعهم رحلوا، نظرت مرام إلى صورة والدها التي وضعتها بجوار فراشها
و ذهبت لتجلس عليه و امسكت بالصورة لتمسح الغبار من عليها و قالت بحزن: -وحشتني اوي يا بابا.

و ضمت الصورة إلى قلبها و تساقطت الدموع من عيناها و قالت باسئ: -انا تعبت اوي بجد خلاص مش عايزة ابقى قوية، انا طلعت مش قد وعدي و مش هقدر أكمله خلاص مش قادرة ابدا من تاني، انت مشيت و سيبتني لوحدي...
اجهشت بالبكاء و تذكرت ما حدث مع نادر قبل أن تأتي
-نزلني
أوقف نادر السيارة و قال بتعجب: -بتقولي اي؟
-انت مش هتكمل للآخر و انا مش هدمر حياتك مع مراتك و ابنك
-يا مرام انا عايزك انتي.

-خلينا صحاب يا نادر، و سامحني انا مش هقدر ابقى كدا مراتك كويسه جدا والله و ابنك محتاجك جنبه
نادر باستغراب: -مش اول واحد يتجوز على مراته
تنهدت مرام باستياء: -نادر فكر كويس يوم ما هنتجوز و مراتك تعرف كل اهلك هيبقوا ضدك و هتبقى لوحدك و بالنهاية هتتخلي عني عشان مصلحتك و هتبقى وقتها انت صح اما بالنسبة ليا فأنا مستحيل ادمر حياة حد عشان نفسي، كفاية بس زين يكبر و هو جنبك و انت معاه.
-بس...

قطعته مرام و قالت: -ساعات بتيجي الحاجه اللي نفسك فيها بس في الوقت الغلط و وقتها بتكون لازم تتخلى عنها، دور على الحلو اللي جنبك و جايز انا مكنش مناسبة ليك...
رتبت علي يده و ابتسمت قائلة: -انا هنزل...
-طب اوصلك
-لا محتاجة اتمشى شوية...
انهالت الدموع من عيناها بغزارة لتغرق الصورة التي بين يداها و قالت: -الحياة مملة اوي بجد، ديمة كان عندها حق لما انتحرت اكتر مرة.

استمعت إلى رنين هاتفها الذي لم يتوقف عن الرن و رددت قائلة مين؟
-انا حسن جوزك عاملي بلوك على رقمي
زفرت مرام بحنق و قالت بغضب: -بالله عليك فكك مني لاني جايبه أخرى
-روحتلك البيت مكنتيش موجودة على الأقل من حقي اعرف مراتي كانت بتبات فين؟
-حسن احنا أطلقنا انت بقا ردتني خلال فترة العدة فدى مشكلتك
-لا يا مرام انتي هتيجي و هتقعدي مع جوزك و كلامي هيتنفذ و الا هجيبك من شعرك، مش عشان سيبتك شوية تاخدي راحتك...

مرام بسخرية: -بجد انا مش مستوعبة انك راجل والله يعني لسه فاكر اني مراتك بعد سنين عشان طمعان في فلوسي
-قصدك فلوس جدي اللي انتي خدتها و عملتي بيها المكتب و الشقة يا قطة
-سلام
أغلقت مرام الخط فهي لا ينقصها ذلك...
حك حسن طرف ذقنه و قال بتوعد: -يبقى انتي اللي جيبتي لنفسك يا بنت عمي دا انا بقالي ياما بخطط.

مر القليل من الوقت و لكنها كانت غفوت للحظات و فاقت على طرق الباب فقامت مفزوعة فمن سيأتي اليها في ذلك الوقت، ذهبت لكي تفتح الباب و قالت باستغراب: -مين؟
نظر الرجل حوله و قال: -اتفضلي معايا لأن جوزك طلب مني اجيبك بالعافية قبل الذوق
مرام بارتباك: -انا محامية و هوديك في داهية لو فكرت تعمل حاجه
ابتسم ابتسامة صفراء و قال بتهكم: -ما يلا يا اختي انا مش عارف اي النسوان دي؟

قبض على ساعديها و قال بزمجرة: -قدامي بهدوء كدا و مش عايز صداع
حاولت مرام التخلص من قبضته و قامت بعض ذراعه فتركها، ركضت لكي تذهب في اتجاه غرفتها الا انه لاحق بقا و دفعها لتصدم رأسها بطرف المقعد و فقدت وعيها...
-نهار اسود، انتي يا بت...
امسك يدها فكانت عضلاتها مرتخية و قال: -مش هتموت من الخبطة دي اكيد، انا هسلمها لي و هو يتصرف بقا.

في تلك اللحظة دلف حيدر إلى الشقة و تعجب من وجود ذلك الشخص و قال بصوته الرجولي الخشن: -بتعمل اي؟
ارتعشت يده و ابعدها عنها و التفت ببطء و ولج الخوف إلى قبله من ذلك الشخص المريب و الذي يرمقه بعينان يشع منهم الشرار و قال بتلعثم: -انت مين؟
أشار له حيدر بأصابعه و قال بهدوء: -أنجز بتعمل اي هنا؟

-و الله يا بيه مليش دعوة بحاجه، هو قالي اجبها و انا خدت قرشين و خلاص و هي اللي عضيتني و وقعت كدا انا معملتش، ونبي خليني امشي
تنهد حيدر و قال: -امشي
ابتلع ريقه و ذهب مسرعا، متعسرا في خطواته و هو يسير
اتجه حيدر ناحيتها و حملها ليضعها على أقرب اريكة، و تفحص نبضاتها و الجرح الذي أصاب رأسها
اتصل بسائقه الذي ينتظره بالسيارة و أخبره بأن يحضر أغراض من الصيدلية لكي يمضدد لها الجرح...

و بعد مرور دقائق كان السائق يطرق الباب و أعطاه الأشياء و بعد ذلك ذهب...
قام حيدر بتطهير الحرج اولا و بعد ذلك وضع الضماد حول رأسها، استعادت مرام وعيها تدريجيا شاعرة بألم في رأسها و لكنها عندما وجدته يجلس بجواره انتفضت قائلة: -انت؟
فتح حيدر زجاجة المياه و اخرج كبسولة من الشريط و وضعها في فمها و وضع الزجاجة بيدها
ابتلعتها مرام و ارتشفت القليل من الماء و قالت بتذمر: -أي دا؟
-مسكن
-شكرا
-مين دا؟

نظرت مرام له و قالت: -على أساس اني هقولك، انا خلاص قررت اني همشي و هسافر ريح نفسك بقا
-مش مضطرة تمشي طالما بعدتي عن نادر
-دا انت بتراقبني بقا...
-أي حد جايز يخلف بكلامه خصوصا لو كانت عيله
مرام باقتضاب: -تعديل بس انا مش عيله و على فكرة انا معملتش كدا عشان خايفه منك عملت كدا عشان اختك متستحقش دا...
-ليه كان عايز يخدك؟

زفرت مرام بحنق فبالتأكيد لم تحكي له قصة حياتها و قامت تقف قائلة: -شكرا بس انا مش هقدر اقولك حاجه
-على فكرة هو هيرجع تاني فكري بعقلك شوية
ركلت مرام الأرض بقدميها و قالت بزمجرة: -انت مالك؟ سيبوني في حالي بقا، بقولك هسيب كل حاجه و همشي اعمل اي تاني؟

اهتزت نبرتها في نهاية حديثها لتوشك على البكاء و اتجهت لتذهب إلى غرفتها و لكنها توقفت عندما شعرت بتحرك الأشياء أمام عيناها، امسك حيدر بذراعها و اجلسها على الاريكة مرة أخرى و قال: -اقعدي
نفخت مرام بحنق و قالت ببكاء: -انا زهقت بقا
جلس حيدر بجوارها و قال: -طب اديني فرصة اساعدك
-محدش بيساعدني و بعدين خلاص بقا سيبني في حالي انا همشي.
تنهدت مرام بسئم و قالت بحزن: -لازم كل مرة انا اللي امشي و اسيب مكاني.

-محدش قالك سيبي مكانك
فركت مرام عيناها بأصابعها و قالت ببكاء: -ما هو لازم عشان حسن عايز يقرفني
-مين حسن؟
-ابن عمي و كان جوزي بس الحيوان ردني في فترة العدة من غير ما اعرف
قطب حيدر ما بين حاجباه و قال: -و هو اللي بعت دا عشان يخدك
-اها
تنهد حيدر و قال: -طب مش هتمشي من هنا؟
-لا هفضل هنا لحد ما هشوف هعمل اي؟
-انتي معنديكش اخوات
-لا كنت بنت وحيده و معرفش ليه؟

و وضعت رأسها علي طرف الاريكة و وضعت أسفله ذراعها و سقطت دمعة من عيناها.
و بعد ذلك غفوت، قام هو و رفع ساقيها و وضع الوسادة أسفل رأسها و ذهب ليتفحص المنزل بفضول و اخيرا قادته قدماه إلى الغرفة التي كان بها سرير صغير و بها الكثير من الرفوف التي وضعت عليها الكتب و التحف
و صورة والدها التي تركتها مكانها...
و بعد ذلك جلس أمامها حتى مرت ساعات و بعدها نزل في الصباح الباكر.

فاق السائق قائلا: -نمت يا باشا مكنتش...
قطعه حيدر عادي المهم هتفضل هنا و محدش يدخل البيت نهائي و كمان شوية ابقى شوف حد ينضف البيت لأنه بقاله كتير محدش دخله
-تمام
وصلت سيارة اخري و نزل منها شخصين أمرهم قائلا: -لو حصل حاجه اتصرفوا
اتجه السائق اليه و سأله قائلا: -تؤمر بحاجه تاني
-لا و ابقى روح هات حاجات للبيت.

استيقظت ديمة في الصباح و ذهبت لتبحث عنه إلا أنها وجدته قد غادر، زفرت بحنق و قالت: -صحيح و كأنه سايب كلبه في البيت ماشي يا تيام...
دخلت ديمة إلى غرفتها و ابدلت ملابسها على عجل و اتصلت بروانا قائلة: -انتي فين؟
-في الشركة عندي شغل كتير
-و تيام فين؟
-هنا من شوية واضح انه اتنكد عليه جامد ليله امبارح
-طب بصي يا روانا انا عايزة...

شهقت روانا و اتسعت عيناها بذهول لا يا ديمة مش هيوافق و بعدين بلاش الطريقة دي
-هتساعديني و لا؟ و بعدين مفهاش حاجه هو قالي اني حره
تنهدت روانا و قالت: -تمام هظبط و اقولك...

دلف حسن إلى مكتبه قائلا: -ونبي يا عم سيد وصى على الشاي...
صمت عندما وجد شخص يجلس على المقعد و ينظر له بحدة و قال: -مين ساعدتك؟

كان تيام بجلس و يدفن وجه بين كفيه فهو سئم و حتى والده اتصل به عده مرات و لكنه تجاهل ذلك
طرقت الباب و دخلت لتضع الملف أمامه، رفع نظره إليها باندهاش و قال: -ديمة؟
-اها انا السكرتيرة الجديدة هنا
زفر تيام بحنق و ضرب المكتب بيده و قال بغضب: -ديمة بلاش تستفزيني انتي اصلا مين سمحلك...
قطع حديثه طرق الباب و دخول سيا التي جعلت وجه يختفي منه الدماء و نفخ بضيق فهو لا يستوعب ماذا سيحدث الان...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة