رواية تحت جنح الظلام الجزء الثاني للكاتبة أسماء صلاح الفصل التاسع
سيا بجدية:
-تيام ممكن اتكلم معاك شوية
لاحظت وجود ديمة و تسألت بتعجب:
-هو انتي بتشتغلي هنا؟
نظرت ديمة إليها و لوت فمها في استنكار و خرجت من المكتب صافعه الباب خلفها
سيا باستغراب:
-ازاي السكرتيرة تكلمني بقلة ذوق كدا
-عايزة اي؟
-تيام انا فعلا زهقت من تصرفاتك دي و مين اللي كانت بتكلمك امبارح على فكرة انا حكيت لبابا لأنه كان جنبي امبارح
تيام بنرفزة:
-يا ستي انا اصلا مش خايف من ابوكي و لا منك و بعدين انا حر.
-يعني الساقطة اللي كانت قاعدة تبوس فيك امبارح هي اللي عجبك
طرق تيام المكتب بقبضة يده بعنف و قال بغضب هارد:
-الساقطة دي تبقي أنتي و إياك تتكلم بالطريقة قدامي
سيا بذهول:
-و مين هي عشان تتعصب عليها كدا؟
-سيا متحلميش أن الجوازه دي تكمل لأنه مش هيحصل تمام فبلاش تعيشي الدور
-و ليه متكملش عشان شايفلك واحده من العاهرات بتوعك
لم يتمالك أعصابه و قام بصفعها على وجنتها و قال بعصبية:
-اطلعي برا.
-والله لأدفعك تمن القلم دا غالي
خرجت سيا و هي مشتعلة تكاد تحرق كل ما في طريقها، عندما راتها ديمة دلفت إلى تيام و لاحظت وجوم وجه
-تيام
-اطلعي برا يا ديمة
ذهبت ديمة لتجلس على المكتب أمامه و قالت:
-هي كانت عايزة اي؟
نفخ تيام بنفاذ صبر فهو لا يكره في حياته أكثر من الأسئلة و قام لحقت به ديمة و وقفت أمامه و قالت:
-تيام انا عارفه اني غلطت امبارح بس...
صممت ديمة و بدأت بفرك اصابعها و اردفت بتردد:.
-بس يعني مش طبيعي اسيبك تكلمها قدامي و مطلبتش منك غير حاجه واحده و هو انك تحترم مشاعري
-ديمة أنا كدا و مش هتغير مهما كان السبب تمام و بعدين انا حر
-براحتك يا تيام، تصدق انا غلطانة اصلا بس من الواضح أنه مفيش فايدة لوسمحت طلقني و انهاردة
نظر إليها بغضب و قال:
-هو بمزاجك و لا اي؟، بصي يا ديمة الطلاق دا مستحيل يحصل فريحي نفسك و تأقلمي على الوضع دا
تجمعت الدموع بعيناها لتتلاقي بعيناه الثاقبة و قالت:
-تمام.
-و بالنسبة لو عايزة تشتغلي هنا شوفي اللي يناسبك مش سكرتيرة عشان تفضلي ورايا
-و على أي يا تيام؟ خلاص مش عايزة منك حاجه و على فكرة انا هروح على بيتي
-لو روحت البيت و مكنتيش هناك هتشوفي مني رد فعل مش هيعجبك...
لم تعيره ديمة اهتمام و خرجت من المكتب صافعه الباب خلفها، و أطلقت لدموعها العنان و غادرت الشركة...
دلفت روانا إلى تيام بعد ما سمعت ما حدث و قالت:
-انت زعلت ديمة ليه؟
-روانا انا مش طايق نفسي فلوسمحتي روحي على شغلك
-حقها يا تيام مفيش واحدة تطيق دا كله الصراحة
زفر تيام بحنق و دفع الأشياء التي المكتب بيده و قال بعصبية:
-خلاص يا روانا كلكم عندكم حق و انا لا، اتفضلي برا
-اقعد...
حسن بارتباك:
-انت مين بس؟ يا سيد هو في أي؟
-مفيش سيد و مفيش حد في المكتب غيرنا
تنحنح حسن و ازدار لعابه و قال:
-اممم، خير.
تنهد حيدر و اعتدل في جلسته قائلا:
-طلق مرام.
فرغ حسن ثغره بذهول و جحظت عيناه في صدمة نعم؟
-اولا دا امر مش طلب ثانيا انا معنديش طاقة استحملك
-و انا أطلق مراتي ليه؟
-نتفاهم و لا تشوف الطريقة التانيه؟
-انت مين؟
-خطيبها
ابتلع حسن ريقه و قال:
-خطيبها ازاي يعني و هي متجوزه
-تاخد كام و تطلقها و اعرف اني مبكررش عرضي مرتين لأنك في حالتين لو قربت منها هتبقى في عداد الموتى
-انت جاي تطلب مني اني ابيع مراتي
حك حيدر طرف ذقنه و قال بصوت رخيم:.
-أنا خلصت كلامي و وضح الجواب من ردك
تنحنح حسن عندما وجده يغادر و قال:
-موافق.
التفت حيدر إليه و قال:
-تمام...
استيقظت مرام على صوت الباب و قامت تفتح بتكاسل فقد تضرر ظهرها من نومة الاريكة و عندما فتحت الباب تعجبت من السيدة التي تحمل الأكياس بيداها و خلفها آخر و قالت:
-مين؟
تحدث السائق بإيجاز:
-حيدر باشا هو اللي طلب مني اجيب الحاجات دي و دي ماريا عشان تنضف البيت.
افسحت مرام إليهم المكان و بعد أن وضع السائق الأغراض بالمطبخ قال قبل أن يغادر لو احتاجتي حاجه انا تحت
-شكرا
قفلت مرام الباب و دلفت لكي ترى ما تفعله و وجدتها ترتب المطبخ، التفتت ماريا إليها و قالت:
-محتاجة حاجه؟
-لا هو انتي بتشغلي عند حيدر
تعجبت ماريا بأنها تلفظ اسمه بدون ألقاب و أجابتها قائلة:
-من فترة
-في المزارعة
-لا في البيت، بس حيدر باشا بيحب قعدة المزارعة اكتر
-هو عايش لوحده
-اها.
رحب حامد بيه فور دخوله المكتب و قال:
-رأفت مصدقتش انك برا
تنهد رأفت و لم يتحرك وجه فقط بقى عابسا و قال بضيق:
-حامد أي اخرتها مع ابنك؟
-ازاي
-سيا بتكلمه و سمعت واحده معاه، انا عارف ان أخلاقه زباله بس مش بنتي اللي يتعمل معاها كدا
ازدار حامد ريقه و قال:
-ما انت عارف ان تيام بيحب النسوان و بعدين ما كلنا كدا
-سيا مش هتستحمل دا و بعدين دا مش هاين عليه يقولها كلمه و بصراحة قلقانه تكون في واحده لحسه عقله.
-انا هتصرف و فهم سيا بأنها تتمسك بخطيبها
انتهيت ماريا من تنظيف المنزل و قامت بتحضير الغداء و قالت:
-احضرلك الاكل
-لا شكرا
-تمام انا همشي، انا نضفت كل الاوض و ظبطت المطبخ و حطيت الحاجة في التلاجه و رسيت الباقي بالمطبخ تؤمري بحاجه تانية؟
-لا شكرا جدا بجد، ممكن اعرف سعر الحاجات اللي السواق جابها و تكلفة التنضيف
-دا من ضمن شغلنا مع حيدر باشا
-ايوه بس انا مليش دعوة
اندهشت ماريا من جراءتها و قالت:
-بعد اذنك.
قامت ديمة و فتحت الباب و عندما وجدته أمامها، دلفت دون أن تقول شئ
صفع تيام الباب و قال بعصبية:
-هو انتي بتسيبي البيت بمزاجك كدا
-قولتلك اني هروح على بيتي
لم يعد قادر على التحمل و سحبها من معصمها بقوة ليقربها منه و قال:
-و انا قولتلك اي؟
-رايك مش مهم بالنسبالي
ضغط على خصرها بقوة و كأنه يكتم غضبه بها، تألمت ديمة و قالت:
-ابعد ايدك عني
لم يتحرك تيام و كأنه حجر و مازال يضغط عليها و قال بنبرة قاسية:
-أي بتوجعك؟
ابتلعت تلك الغصة التي تخترق حنجرتها و قالت:
-لا اللي بيوجعني اكتر وجودك مع واحده غيري...
تركها تيام و قال بزمجرة:
-فين يا ديمة؟ انتي اللي عايزة تخترعي مشاكل و خلاص
-فعلا عندك حق، اوعدك اني مش هتكلم في حاجه تانيه بس لوسمحت خليني هنا انهاردة...
حاوط وجهها بيداه و رفعه ليجعلها تنظر إليه و قال:
-بلاش تبعدي عني
ابعدت ديمة يداه و تراجعت للخلف و قالت:.
-احنا بعاد فعلا و بعدين انا مش واحده هتقضي معاها ليلتين و خلاص و لا عيله هبله هتيجي تصلحها بكلمتين...
-براحتك يا ديمة
ذهب تيام و تركها، اجهشت ديمة بالبكاء فهي في حيرة من أمرها، لم تستطيع أن تفعل شئ
رددت على هاتفها و قالت ببكاء:
-روانا؟
-أي يا ديمة مالك؟
-انا زهقت بجد و مش عايزة أفضل متجوزه تيام
روانا بدهشة:
-ديمة يادوب امبارح كان كتب الكتاب و انتي عامله كدا.
-مفيش سبب يخليني أقبل بالوضع دا يا روانا، و فعلا لو مطلقش هرفع قضية
تنهدت روانا و قالت:
-انا مقدرة غيرتك بس بكدا هتخسري حبه ليكي، يا ديمة ارجوك اهدي و فكري
-هو فين اصلا حبه ليا؟، اخوك بيعرف بيكدب كويس
-ديمة امبارح سالتني عن العملية تعرفي كانت من أي؟
ديمة باستغراب:
-أي علاقة دا بحوارنا
-لأنه هو اللي اتبرع ليكي و تقريبا كنتي هتموتي
ديمة بدهشة:
-تيام؟
-اها انا مكنتش موافقة كنت خايفه يحصله حاجه، تفتكري عمل كدا ليه؟، و كفاية بس انه سكت لما اتهمتي بأنه مشي و سابك...
جلست ديمة على المقعد الذي بجوارها فقد تسيبت مفاصلها من الصدمة و قالت:
-طب هو ليه مقالش
-شاف انها ملهاش لأزمة
سالت الدموع من عيناها فهي بالطبع لم تكن تصديقها و لكنها بالفعل رأت الندبة، شعرت بالذنب يتأكل فؤادها.
و أغلقت الخط ليشتد نحيبها القوى و بعد ذلك قامت و ارتديت ملابسها و ذهبت...
وصلت إلى المنزل و فتحت لها الخادمة و اخبرتها بأنه في غرفة المكتب، ذهبت ديمة في اتجاه و ارتعشت يدها و هي تضعها على المقبض و عندما فتحت شهقت بصدمة فالغرفة في حالة من الفوضى ما بين تكسير زجاجات الخمر خاصته و كل شئ يمكن تكسيره...
ارتجفت شفتيها و قالت بتوتر:
-تيام...
كان يستند راسه على المكتب و عندما استمع إلى صوتها رفع رأسه و قال بغضب: -انتي بتعملي اي هنا.؟
ازدارت ديمة ريقها فمن الواضح بأنه في أقصى مراحل غضبه و قبل أن تفتح فمها
صاح بها فجعلها تنتفض ذعراً اخرجي برا احسنلك لاني مش طايق اشوف وشك
توقفت ديمة مكانها فهي تشعر بالتوتر و الخوف و قالت: -تيام انا عايزة...
قطعها بحدة هطلقك حاضر.
اقتربت ديمة بخطواتها منه و كانت تتقدم بارتباك و وقفت امامه قائلة بتلعثم: -انا...
تخطاها تيام ليذهب و قبل أن يذهب قال: -انا مسافر و هطلقك بكرا الصبح بس بشرط واحد و هو انك هتبعدي عن مصر...
امتلأت عيناها بالدموع و تحشرج نبرتها فهي تناست قول ما تريده مصدومة من قراره فهو يريد أن يتخلى عنها و يرميها في بلد آخر...
غادر تيام غرفة المكتب و تركها بها تقف و مازالت لا تستوعب ما قاله...