رواية تحت جنح الظلام الجزء الثاني للكاتبة أسماء صلاح الفصل الثامن والثلاثون
ابتلعت ديمة تلك الغصة المؤلمة و قالت بصدمة: -يعني اي؟، والله لو
-بلاش كلام كتير هتنفذي بهدوء و الا.
تنهدت ديمة بحزن و قالت: -و الا اي يا تيام
حاوط وجهها بكفيه و قال: -بحبك يا ديمة و كل دا عشان خايف عليكِ
هبطت الدموع من عينها و ابعدت يداه لتصرخ به في حرقه بجد كلكم طيبين دلوقتي و انا الوحشة الوحيدة
-ديمة انتِ بتضيعي نفسك
-انا مبعملش حاجه غلط و انت مش والي أمري، دا حتى والي أمري رماني.
اقترب تيام منها و قال بهدوء: -طب عشان تيا و سليم سيبك مني، تخيل لو حصلك حاجه اي هيحصلهم
زفرت بحنق و قالت بنفاذ صبر: -والله يا تيام انا مبعملش حاجه غلط
-وجودك مكانها غلط، هو حاتم مقالش
-سيبك من حاتم و انا مليش علاقة بالمشاكل اللي بينك، و خليهم معاك و اعرف اني هاخدهم منك بس بالقانون
همت لتغادر و لكنه امسك بساعدها و قال: -أرضيكِ ازاي يا ديمة؟
-بأنك تبعد عني
ترك ذراعها و قال باستسلام: -تمام.
ذهبت ديمة من المنزل، زفر تيام بحنق فهو لا يدري ما الذي أصابها و جعلها تبدو هكذا هل كل ذلك بسببه...
و بعد ذلك ذهب إلى روانا لكي يطمئن عليهم، فتحت له و قالت بابتسامة: -مبسوطين مع زين اوي
لاحظت تعابير وجه العابسة و قالت: -مالك يا حبيبي
-زهقت من ديمة و تصرفاتها الغربية، حقيقي انسانة مملة
تنهدت روانا و قالت: -طب هي لسه طالبة الطلاق يعني
-اها بس اقسم بالله ما...
قطعته روانا قائلة: -لو بتحبها هتخليها تختار انت كدا بتجبرها على أنها تعيش معاك
تيام بدهشة: -بجد؟ انت بتقولي اي.؟
-تيام انت اللي وصلتها للحالة دي يمكن لو كنت قبلت بولادك من الاول مكنش كل دا حصل و يمكن الطلاق راحة ليكم بلاش تكون اناني
-بس انا مش عايز اسيبها؟
-تيام لو فضلت على موقفك دا هتخسر كتير على الأقل خلي في حاجه حلوة بينكم عشان تيا و سليم، فكر في كلامي كويس بلاش تبقى زي ابوك لازم اللي عايزه يحصل بلاش التسلط و الإجبار عارفة انك متعودتش تتساب بس المرادي الوضع يختلف لازم تضحي عشان حبك ليها
تيام بسخرية: -واضح انك اتجننتِ أطلقها و ابقى بحبها ازاي يعني؟
-و ليه نخلي الحب قانون و نخلينا نجبر ناس تانية عليه مش يمكن هي مبقتش تحبك.
صمت تيام لوهله و شعر بالحيرة حتى أن كان ذلك فهو لا يريد تصديقه و قال: -أنا مش عايز اخسرها
-هتتعود كلنا بنتعود على البعد و بيصبح روتين و متنساش تاخد العيال توديهم ليها لأنك لو معملتش كدا أنا هتصل بيها
-انا هوديهم.
نزلت إلى الأسفل بعد أن ارتديت ملابسها مستعدة لذهابها إلى العمل و بالطبع قابلت هنا و التي لم تكن تريد ذلك
و مرت بهدوء و لكن أوقفتها هنا قائلة: -حلوة العربية الجديدة
التفتت مرام إليها و فهمت ما تلمح إليه و قالت: -شكرا يا هنا
-أي اللي يخلي واحدة زيك تتجوز راجل أكبر منها بكتير مع ان كان قدامك فرص تانية
نظرت لها مرام و قالت: -ساعات مبيكنش من حقنا نختار.
-لو فاكره بأنك داخلة على جواز و خلفة و حوار من دا انسى انا هبقي البنت الوحيدة ديما
ضحكت مرام بسخرية لنتذكر تلك الجملة التي كانت تقولها دائما فهي كانت تظن بأنها الوحيدة و لكن لم يكن كذلك و قالت: -والله يا هنا مبقتش مضمونة بصي انا مش عايزة من ابوكي حاجه و كل فلوسه ملهاش لأزمة بالنسبالي انا واحدة بدأت من الصفر و وصلت لمرحلة كويسه بفضل ربنا و مازالت هوصل و هبقي أكبر محامية في العالم مش في مصر بس...
عقدت هنا ساعديها و قالت: -و ليه اتجوزتي؟
-ابوكي هو اللي يقدر يجاوب بعد اذنك
ذهبت مرام و تركتها غير مهتمة لما قالته و لكن لفت انتباها وجوده في الحديقة فتقدمت بخطواتها منه و قالت: -بتعمل اي؟
التفت إليها و عقد حاجبه في دهشة من سؤالها و قال: -و لا حاجه بس كنت بطمن على الأسود
ارتبكت مرام و وجهت نظرها إلى القفص و لم تجد به شئ و قالت: -هما فين؟
-واركي.
نظرت إليه بصدمة و امسكت ذراعه لتلتفت بخوف، و عندما رأته قادم ناحيتهم، شددت على قبضتها و قالت: -لا ونبي يا حيدر انا بخاف.
صمتت عندما شعرت بأن يده تلتف حول خصرها و قربها منه نظرت إليه بدهشة و بعد ذلك فاقت من شرودها و قالت: -حيدر
-جبانة
-ما هي مش قطة مثلا
ابتسم و تركها ليدخلهم القفص و بعد ذلك رجع اليها و قال: -امشي لأنك كدا اتاخرتي على الشغل
-عادي صاحبة المكتب بقا...
قامت و فتحت الباب و لم تصدق بأنه إعادة إليها أطفال و انحنت قائلة: -حبايبي قلب مامي
احتضنتهم و قبلتهم و قالت: -أدخلوا علي جوه...
نظرت ديمة إلى تيام و قالت: -مش هتدخل
-لا مش لازم، و شوفي عايزة نبدأ إجراءات الطلاق امتى؟
بهتت ملامحها و شعرت بارتجاف قلبها و قالت: -أي وقت عادى
-تمام، في أقرب وقت
اتجهت تيا اليه و أمسكت بيده تريد منه الدخول معاها، نظرت ديمة إليه لترى رد فعله.
حملها تيام و قال: -انا هروح و انتي هتفضلي هنا مع َماما
هزت رأسها نافيه و عناقته لتضع رأسها على كتفه، فتنهد تيام و قال: -معلش يا ديمة هفضل شوية عشان...
قطعته ديمة و قالت: -اتفضل
دلف هو إلى غرفتهم و بقيت ديمة جالسه بالخارج و بعد ذلك سئمت من الانتظار فقامت و ذهبت لتراهم
كانوا بالفعل ذهبوا في النوم، قبل هو جبهتهم و ابتسم بيأس قائلا: -واضح اني غلطت كتير.
التفت فوجدها واقفة و قال: -انا هسافر أمريكا، و ثائر هيخلص كل حاجه
-تمام بس اي مش مقرر تشوف عيالك تاني؟
-هنتفق مع بعض، و ابقى انزل مصر كل سنه او اتنين عشان اشوفهم و متقلقيش يا ديمة حتى لو قررتي تتجوزي مش هاخدهم منك...
حبست دموعها التي أوشكت على الهبوط و قالت بنبرة مهزوزة: -تمام، حتى النهاية بادرة
-انتي اللي اختارتها، و لو احتاجتي اي حاجه انا هبقي موجود.
استدار تيام ليذهب و غادر الشقة، جلست ديمة على المقعد و تساقطت دموعها في صمت...
منذ سنه و عدة أشهر
كانت ديمة قد ذهبت إلى شركة والدتها كالعادة فهي كانت تذهب من وقت لآخر بدون علم والدها حتى.
و لكن ذلك اليوم عملت بأن شخص ينتظرها في المكتب و عندما دخلت قالت بدهشة: -حامد باشا؟
ابتسم حامد ببرود و قال: -كنت متأكد انك هتبقى زيها اصل ناهد متجيبش حد عدل
جلست ديمة على المكتب و قالت: -فعلا بدليل انها كانت تعرفك.
كان حامد يلاحظ بطنها المنتفخ و قال: -حامل من تيام؟
-انت ناسي اني مراته؟!
-لا مش ناسي طبعا بس اديكي مشيتي و عملتي المظبوط و يوم ما تفكري ترجع البيبي الصغير هيروح يزور جدته
ديمة بدهشة: -انت جاي تهديني في مكاني
-لا فوقي يا بت ناهد مش عشان عامله فيها صاحبة شركة تنسى نفسك انا حامد المصري و بعدين ناهد ماتت و مصفتش حساباتها فانتي كدا اللي هتصفيها
-متقلقش هخلص من كل القرف دا و انت اول واحد هودي في داهية.
ضحك حامد ساخرا بجد و ابنك اللي هيشيل اسم العيلة و لا هتكتبي على اسم راجل تاني و صحيح انا عارف انك قاعدة في ألمانيا جنب ابوكي، و اتمنى ان تيام ميوصلش ليكي لأنه لو وصل و فكرتي تراجعي لي، هحزنك على اللي في بطنك و ابعدي عن طريقي لاني لو لمحتك في صدفة هتكون نهايتك على أيدي
عادت ديمة من ذكرياتها و مسحت دموعها لتقول بتوعد: -والله يا حامد ما هسيبك.
بعد مرور شهر
كانت ديمة تتعجب فهو لم يتصل و حتى لم يتحدث ثائر في إجراءات الطلاق كما قال لها فقامت بالاتصال بثائر لكي تطمئن منه و قالت: -اسفه يا ثائر بس تيام بقاله شهر من ساعة ما سافر و محدش يعرف حاجه
-هو مكلمكيش
ديمة بقلق: -لا، حتى اتصلت به و مردش
-و انا، حتى روانا قالت نفس الكلام و انا اعتقدت انه مشغول في حاجه بس كدا في حاجه غلط
-طب المفروض نتصرف ازاي؟
تنهد ثائر و قال: -متقلقيش يا ديمة انا هشوف و لو وصلت لحاجه هبلغك
جلست ديمة على الأرض و بقيت تفرك اصابعها بتوتر و تحاول الاتصال به و اخيرا انفتح الخط فقالت بلهفة: -تيام
و لكن ادهشها صوت انثوي يقول عايزة اي؟