رواية تحت جنح الظلام الجزء الثاني للكاتبة أسماء صلاح الفصل التاسع والأربعون
أخذت أنفاسها المتلاحقة و فتحت الباب و دخلت تبحث عنه في أنحاء المنزل، شعرت بالقلق عندما لم تجده و ذهبت تبحث بالحديقة، و تنهدت بارتياح عندما رأته يقف بظهره.
-بتعملي اي هنا؟
عقدت ديمة حاجبيها و اقتربت منه قائلة: -عرفت ازاي اني موجودة؟
التفت إليها و قال: -لاني بحس بوجودك لما بتكوني قريبة مني.
حدقت به لوهلة و قالت: -بيخيرني بينك و بينهم.
-و أنتِ اختارتي مين؟ اكيد عيالك، كانوا ديما بيقولوا ان مش لازم الشخص اللي بنحبه يكون بيحبنا بنفس القدر ممكن يكون هو بيحب حد اكتر.
تنهدت ديمة و ترقرقت الدموع بعينها قائلة: -تفتكر انا هعرف اختار بين تيا و سليم؟
-لا اكيد
-نفس الكلام مش هعرف اختار بينك و بينهم بس انا بجد خايفه يحصلهم حاجه.
امسكت بيده و قالت ببكاء: -ارجوك راجعهم ليا
حاوط وجهها بين كفيه و قال: -اوعدك بأن مفيش حاجه هتحصلكم طول ما انا موجود.
حاوطت ديمة خصره و أسندت رأسها على صدره قائلة: -بحبك
حاصرها بذراعيه و قال: -مش عايزاك تبعدي عني يا ديمة، خليكي معايا لاني مستحيل اطلقك
ابتعدت ديمة عنه و قالت: -نطمن عليهم و بعدين هقولك قراري.
استيقظت مرام من نومها على صوت الباب و بحثت عن ديمة و لم تجدها فظنت بأنها هي، و لكنها اندهشت عندما رأت حامد، تلك الشخصية التي سمعت عنها الكثير من الأساطير.
مرام باستغراب: -اتفضل
دخل حامد، و دلفت هي خلفه و قالت: -ممكن اعرف سبب الزيارة، و ديمة مش موجودة
-جاي ليكِ انتِ مش لديمة
قطبت حاجبها بتعجب و قالت: -انا ليه؟
-بصي يا مرام انا اعرف عنك كل حاجه، و وصلني ان سامي كان بيلف حواليكي.
-ايوه مش فاهمة حضرتك عايز اي؟
-سلمي سامي للشرطة و معايا كل حاجه و اظن انك تقدري تودي في داهية و مكسب ليك لأنك بعدها هتتشهري
مرام بتساؤل: -و اشمعنا انا و بعدين مش انت متورط معاه في حاجات؟
-اللي اعرفه انك ذكية، اشمعنا انتي لأنك بعيدة عننا و في الوقت مننا لأنك مرات حيدر المصري، و لو على سامي فهو اللي بدا الحرب و اللي بيقف قدامي خسران.
مرام باندهاش: -سامي تاجر أعضاء و انت...
قطعها حامد قائلا: -المصري ملهوش في الأعضاء انا تجار سلاح و تساهيل العمليات الصعبة.
-و الدعارة؟
-برضو مش مجالنا بس من باب فرفشة العملاء و كله بالتراضي
مرام بسخرية: -و أي اللي يخليني اسكت عنك؟
-لاني عرضي كويس و زي ما قولتك انك تابعة لينا لأن حيدر جوزك و انا دلوقتي كل هدفي عيال تيام يرجعوا و مفيش وقت للتفكير.
تنهدت مرام و قالت: -موافقة.
ابتسم حامد بثقة و اعطها ما في حوزته من فلاشات و قال: -كل واحدة من دول فيها عدد من الضحايا و كمان هتلاقي بيانات عنهم، و اتمنى انك تكوني قدها.
-قدها المهم بلاش حيدر يعرف
نظر إليها و قال: -تمام، انهاردة يكون الموضوع خلص و متقلقيش كل حاجه هتكون مستهلة ليكي.
غادر حامد و قبل أن يركب سيارته، اتصل به قائلا: -ال 24 ساعه عدوا
سامي بارتباك: -انا معرفش حاجه عنهم و...
-و لا رأفت و لا ابنه ليهم لأزمة، و محدش فيهم هيقدر يحميك، هات العيال و خليني انا اكمل
تردد سلمي قليلا و قال: -طب و انا اضمن منين و بعدين ما هو ابنك مش هيسكت
-و مين قالك اني هرجع لابني العيال، الصفقة هتعجبك و اظن انت عارف كلامي
-تمام، هسلمك العيال كمان ساعه محدش جي جنبهم بس البنت تعبانة و معرفش مالها.
-معاك نص ساعه و تكون جاهز.
-ممكن تبطلي عياط و تثقي في كلام
مسحت ديمة دموعها العالقة و قالت ببكاء: -انا خايفه اوي، خايفه يحصلهم حاجة
امسك كفها و رتب عليها قائلا: -والله انهاردة عيالك هيكونوا معاكِ، أنا هنزل دلوقتي و لو وصلت لحاجه هكلمك بس انتِ خليكي هنا و انا هخلي روانا تجيلك.
دخلت مرام إلى رئيس المباحث و قالت: -عايزة أقدم بلاغ في رجل الأعمال سامي الحديدي و معايا الأدلة
نظر إليها بتعجب و قال: -متأكدة من كلامك؟
-ايوه.
زفر تيام بحنق: -هعمل اي يا أسيل معنديش غير الحل دا؟
أسيل بسخرية: -تثق في حامد، و انت صدقته ازاي؟
-لأن مفيش حل تاني قدامي، لو متأكد اني لو خلصت على سامي بأيدي هوصل كنت عملت كدا و بعدين حتى انتِ معرفتش توصلي لحاجة
تنهدت أسيل و قالت: -تمام خلينا منتظرين، و انا هعمل اللي عليا و لو وصلت لحاجة قولي.
رد على هاتفه قائلا: -تمام دقايق و هبقي عندك.
تنهد تيام و قام قائلا: -انا هروحله، أسيل لو حصل حاجه ابقى خلي بالك من ديمة.
ترقرقت الدموع بعينها و احتضنته قائلة: -متقولش كدا تاني انت عارف اني مليش غيرك.
ابتسم و حاوط وجهها بيده و قبل جبهتها قائلا: -خلي بالك من نفسك و متظهريش مهما حصل خليكي بعيدة.
ذهب تيام لمقابلة والده في المكان المحدد و قال: -وصلت لأي؟
-سامي على وصول، بس انا محضر للغدره لاني عارف هو بيفكر ازاي؟
-هو بيعمل كدا ليه؟ طب فريد و عارفين
-لأن سامي مقتنع ان لو حصلي حاجه هو هياخد مكاني و قبل دا لازم يقضي عليكم و على بنت ناهد من الاخر نختفي عشان الساحة تبقى بتاعه و طبعا اقنع رأفت الغبي بكدا و اصلا رأفت و عياله قلبوا علينا من ساعه ما سبت بنته.
زفر تيام بحنق و قال: -تمام اي الخطة؟
-سيف و نادر مأمنين الطريق و جاهزين في أي لحظة.
-انت ناوي تقتله؟
ابتسم حامد ساخرًا: -لا ناوي اخلي يتمنى الموت و يتشنق
صمت تيام قليلا و قال: -و انا المفروض اعمل اي؟
-هتستني معاهم و لما العيال يظهروا هتبدوا.
بعد مرور دقائق وصل سامي بسيارته و كان يضع الأطفال بالمقعد الخلفي، هبط من السيارة و ذهب في اتجاه حامد و قال: -العيال في العربية، اي الصفقة؟
تخطاه حامد و ذهب إلى السيارة لرؤيتهم و هلع عندما وجد الفتاة فاقدة الوعي و قال: -مالها؟ عملت في البت اي؟
-من ساعه ما خدتها و هي تعبانه والله و الواد عندك زي الفل اهو.
لم يتحمل تيام سماع ذلك و هرول إليهم متجنبًا جميع النداءات و لكمه بقوة قائلا: -والله لأقتلك يا حيوان.
سامي بصدمة: -أنت بتضحك عليا يا حامد و عاملي كمين؟ طب انا هوريكم...
تيام بانفعال: -هتعمل اي يا زبالة.؟
و قبل أن يمسك هاتفه، أخذه حامد منه و ألقاه على الأرض و دهسه بقدمه قائلا: -عارف انك اكيد مش لوحدك و عامل حسابي، و ممكن اسيبك تمشي بكل هدوء لو عايز
نقلهم تيام إلى سيارته و عاد إليهم و هو يمسك بسلاحه قائلا: -هقتلك عشان بعد كدا متفكرش تغلط.
رفع حامد يده في وجه قائلا: -تيام، ملكش دعوة ب...
و لم يكمل حديثه عندما استمع لصوت طلقات النار و اختبئوا خلف السيارة و كذلك فعل سامي.
حامد بغضب: -كان لازم اللي عملته دا، حاول تقوم و امشي لان كدا العيال في خطر...
ركضت ديمة إلى المستشفى عندما جاءتها المكالمة و كانت معها روانا، سألت عنهم و ذهبت راكضة تبحث عن الغرفة و تعجبت من وجود حامد و اقتربت قائلة: -هما كويسين؟
أومأ برأسه و قال: -ايوة الدكتور بس يخلص و يطمنا
ديمة بقلق: -دكتور ليه؟ و فين تيام مش المفروض هو معاك؟
-البقاء لله.
ديمة بعدم تصديق: -في مين؟، أنت بتعمل اي هنا اصلا و فين تيام؟
-عيالك جوه، هي بس تيا تعبانة شوية و...
قطعته ديمة صارخة: -فين تيام؟
-مات.
سقط الهاتف من يدها على الأرض و نظرت إليه و قالت بصدمة و صراخ: -لا انت كداب، هو كويس و وعدني انه هيرجع.
شعرت بثقل لسانها فتوقفت عن الصراخ، و عندما فقدت الأمل في إجابته سقطت على الأرض مغشيمًا عليها....