رواية تحت جنح الظلام الجزء الأول للكاتبة أسماء صلاح الفصل السادس
رمشت بعيناها لتتأكد بأن ما تسمعه صحيح و ليس حلماً، بالتأكيد انها تحلم بكابوس مروع، تركت الهاتف من يدها و أخذ جسدها يرتجف بشدة فماذا عرفت، لا تصدق بأنها سوف تواجه شيء لا تستطيع الحكي عنه حتى، فهي لم تفعل ذنب قط فقد كانت الضحية و ان قالت شيء لم يصدقها احد
لم اذهب إليها بالتأكيد هي تريد إلحاق المشاكل بي، جميعهم يريدوني تدميري...
قامت ديمة و خرجت من الشقة فمرام قد ذهبت إلى عملها و قامت بإغلاق هاتفها...
-طلع جوز بنت عمتها
التفت تيام إليه واضعاً يداه في جيوبه و قال: -اكيد مش دا اللي انا عايز اعرفه
-مفيش حاجات كتير عن علاقته بديمة و بعتلك مسدج فيها رقمه و عنوانه بس انت مهتم بديمة زيادة لدرجة انك أجلت تصوير الفيلم
-بصراحة داخلة دماغي لأبعد الحدود فيها حاجه غريبة، لدرجة اني كنت بتمنى انها كانت تبقى البنت بتاعت امبارح
عقد ثائر حاجبياه بتعجب و أي المميزة فيها، ما انت على طول بتقول انهم زي بعض.
-و رايي زي ما هو بس ديمة نظرة الخوف اللي في عيناها بتكون غريبة اوي، بتتوتر بسرعة، رعشة جسمها لما بلمسها
-يا سلام دا كله من يومين، تيام بقولك اي سيبك من ديمة
-انفذ اللي في دماغي الأول
-تيام انت عارف يعني اي تنفذ اللي في دماغك و بعدين ما يمكن فعلا تكون ملهاش في حاجه
-هشوف بس الاول لازم اعرف اي علاقتها بسامر...
اتصل تيام به و طلب منه مقابلته، و بالطبع سامر ذهب لأنه لديه فضول لكي يعرف ما علاقته بديمة
ذهب سامر إلى الشركة و صعد إلى مكتبه الخاص و عندما دلف وجده يجلس في انتظاره
تنحنح سامر قائلا: -طلبت تشوفني ليه؟
تنهد تيام و قال: -اتفضل، تشرب اي الأول؟
-قهوة...
طلب تيام القهوة و بعد ذلك شبك أصابعه معاً لينظر إليه و قال: -انت تقرب لديمة اي غير انك جوز بنت عمتها
-بحبها.
تيام باستغراب: -بتحبها ازاي؟ و انت جوز قربتها
-ديمة حبي الاول و الأخير و كنا مرتبطين قبل ما اتجوز داليا بس اختلفنا في فترة بسبب مشاكل و انفصلنا
ابتلع تيام ريقه و قال: -و أي المشاكل؟
لاحظ سامر اهتمام تيام و تساؤلاته الكثيرة عنها و قال: -كنا على علاقه و لما حصل حمل ديمة كانت مش عايزة تنزل الطفل و حصلت مشاكل و اختلافات من دي...
بهت وجه فهو لا يستوعب بأن الموضوع وصل لذلك و حتى أن كان شبه منطقي فهي فتاة تركها والدها و والدتها و ليس لديها رقيب على تصرفاتها و قال: -بس دا اي علاقته بداليا؟
و قبل أن يرد سامر وصله اتصال فرد عليه فهو ما صدق ان يفر من تلك الإجابة و لكن وصله صوت داليا الباكي سامر الحقني ماما ماتت
هب واقفاً و قال بصدمة: -ماتت ازاي يا داليا؟، اهدي، دقائق و هكون عندك انا جاي حالاً.
زفر تيام بضيق و حاول الاتصال بيها و لكن كان هاتفها مغلق...
اجتمع الناس حول الفتاة التي صدمتها السيارة لا إله إلا الله
قال صاحب السيارة الذي قام بخبطها انا مكنتش اقصد و هي اللي طلعت قدامي فجأة
تنهد آخر و قال: -هي عايشه، عايزين نبلغ حد من أهلها قبل ما نوديها المستشفى
اتصلوا بالإسعاف و بحث ذلك الشخص بداخل حقيبتها ليخرج هاتفها و قام بفتحه و ما أن مرت ثواني حتى وصله اتصال رد قائلا: -صاحبة التليفون عملت حادثة
تيام بصدمة: -نعم؟! انت مين؟ و هي فين؟
-احنا اتصلنا بالإسعاف عشان تيجي تخدها و صاحب العربية اللي خبطتها موجود
-مستشفى اي؟
أغلق المكالمة و ذهب إلى العنوان الذي أخبره به فوراً و وصل إلى المستشفى و سأل عنها
وجد الطبيب يخرج فقال: -ديمة حالتها كويسه و لا؟
-لا كويسه الحادثة كانت بسيطة، هي عندها التواء و يفضل انها ترتاح يومين و دا غير الجروح و الكدمات بسبب الخبطة.
تنهد تيام و قال: -تمام، عايز اخدها على البيت ينفع و لا؟
-ينفع...
فتحت ديمة عيناها و نظرت على جانبيها لتتعجب من تلك الغرفة التي تراها لأول مرة، آخر شيء تذكرته هي اصطدامها بالسيارة، قامت تجلس و قد شعرت بألم في ظهرها و قدميها، و اخيراً اكتشفت بأنها ترتدي قميصاً حريري بلون الأسود، ذات حملات رفعيه، رفعت يداها لتسمك بمقدمة رأسها و تحاول أن تتذكر ما حدث و كيف جاءت إلى ذلك المكان، و حركت قدميها ببطء و انزلتهم على الأرض لكي تستطيع الوقوف عليها...
فتح تيام الباب و دخل و قال: -انتي قومتي ليه؟
رمشت بعيناها و ابتلعت ريقها و قالت بقلق: -هو انا جيت هنا ازاي و امتي؟
اقترب تيام منها و انحني ليرفع قدميها من على الأرض و وضعهم على الفراش برفق قائلاً: -ارتاحي
فقدت ديمة السيطرة على أعصابها فهي تفكر بأشياء عدة و قالت بعصبية: -مش عايزة ارتاح، انت عملت فيا اي؟
-متقلقيش مش هنام معاكي و انتي نايمه.
خففت دقات قلبها و احتقن وجهها بالدماء و قالت بتوتر و حرج: -انا مقصدتش كدا
-واحد من الشارع كلمني و قالي أنك عملتي حادثة و انا روحت على المستشفى
نظرت ديمة إليه و قالت بارتباك و تردد من سؤالها: -طب يعني و هدومي؟ يعني ازاي؟! قصدي يعني...
كان تيام يراقب تعبيراتها و حركة يدها التي تفركها من فرط التوتر و قال: -انا غيرتها ليكي لأن هدومك اتبهدلت.
ابتلعت ديمة ريقها و تجمعت الدموع بعيناها و قالت بغضب: -و انت مالك؟
-في اختراع اسمه شكرا على فكرة
-و انت ممكن كنت كلمت مرام أو حاتم و هما كانوا هيتصرفوا
-معلش المرة الجاية
صمتت ديمة و تخيلت مشاهد عدة لحدوث ذلك و رأيته لها عارية و نظرت إليه بغضب و قالت بضيق: -تمام
حركت قدميها و قامت، كان تيام يراقبها ببرود فهي لا تهدأ، امسك يدها ليسندها قائلاً: -هو انتي مبتسمعيش الكلام ليه؟
-ابعد عني، انا عارفه انا بعمل اي كويس
زفر تيام بضيق و ابعد قبضته عنها، سارت ديمة ببطء ملحوظ و توقفت مكانها لتشعر بألم شديد في تحريك قدميها و التفتت لتنظر إليه قائلة: -هي رجلي مالها
-عندك التواء بس و المفروض تقعدي عشان تخفي
-انا رجلي وجعاني اوي
اقترب تيام منها و وقف أمامها قائلاً: -هتخف بس اسمعي الكلام و بعدين في حاجه تانية حصلت
ديمة بقلق: -أي؟
-عمتك ماتت.
تذكرت ديمة مكالمتها الأخيرة لها و قالت بصدمة: -ماتت؟!
تهاوت الدموع من عيناها فهي لا تعلم كيف ماتت و متى؟! و لكن هل أخبرت احد بما علمته، و عملت بأن والدها على وصول فبالتأكيد جاء إلى مصر
رتب علي كتفها و قال: -ديمة
دفنت وجهها بين كفيها و بكت بشده فهي يدور بعقلها الآلاف السيناريوهات، ضمها تيام إليه محاوطها بذراعيه و رتب عليها برفق و قال: -ديمة من فضلك اهدي
زاد بكائها و نحيبها قائلة من بينهم انا السبب،.
تعجب تيام من جملتها التي رددتها أكثر من مرة و استنتج بأن ذلك من تأثير الصدمة عليها
أبتعد عنها و مسح دموعها بأنامله قائلاً: -بطلي عياط و المفروض دلوقتي تفتحي تليفونك عشان تردي على اهلك لأن زمان العزا اتعمل من بدري
ابتعدت ديمة عنده و انتبهت لما فعلته فهي كانت بين ذراعيه و قالت: -ماشي
شعرت بيده تلتف حول خصرها و الأخرى أسفل ركبتيها شهقت ديمة بصدمة و قالت: -نزلني
وضعها تيام على الفراش و قال: -اقعدي بقا.
ذهب تيام و احضر شنطتها و أعطاها إليها قائلا: -شوفي تليفونك
أخرجت ديمة هاتفها و قامت بفتحه و وصلها العديد من الرسائل و المكالمات...
نظرت إليه و قالت: -انا لازم امشي
-تمام، انا جبتلك هدوم غيري و هوصلك
ابتلعت ديمة ريقها و قالت: -طيب شكرا اتفضل بقا
-مش عايزة مساعدة
ديمة بارتباك: -مساعدة في أي؟
-هيكون في أي و بعدين عادي يعني.
أحمر وجهها بشدة و قالت بضيق: -لو سمحت اتفضل كفاية اللي عملته، و مش معنى اني سكت انه عادي و عديت الموضوع بس انت انسان وقح فعشان كدا عادي بالنسبالك بس اياك تفكر تلمسني تاني
نظر لها تيام بهدوء و خرج من الغرفة في صمت، نفخت ديمة بغضب شديد و قامت لتخذ ذلك الفستان الموضوع على الاريكة و ارتديته على الفور، و رددت على هاتفها قائلة: -انا كويسه يا حاتم، تعالي خدني انا عند تيام في بيته.
حاتم بانفعال: -بتعملي اي عنده؟
-معلش يا حاتم تعالي بس و انا هفهمك كل حاجه
قفلت ديمة معه و تنهدت باستياء و سارت لتُحمل على قدمها الأخرى و خرجت من الغرفة و نظرت إلى السلم بسئم فبالتأكيد لم تستطيع النزول
-مش هتعرفي تنزلي و لو نزلتي فإنتي محتاجة سنه مثلا؟
التفتت ديمة إليه و قالت: -عندي اتكسر ميت حته و لا انك تيجي جنبي و بعدين حاتم جي و هو هيساعديني.
اقترب منها بخطواته المريبة و قال: -تعرفي لو انا مش مقدر وضعك كنت هزعلك على كل كلمة بتقولها بس اعرفي ان حسابك كتر و بصراحة انا مش عايزك تتكسري دلوقتي خليها بعدين...
حملها تيام و نزل الدارج، أخبرتهم الخادمة قائلة: -أستاذ حاتم وصل
انزلها برفق، كانت ديمة تشعر بالارتباك من اقترابها منه بتلك الوضعية دخل حاتم و اتجه إليها و قال: -ديمة انتي كويسه.
هزت رأسها بخفوت و قالت: -انا كويسه يا حاتم بس عملت حادثة ممكن نمشي
امسك حاتم ذراعها لكي يساعدها على السير و خرجوا من المنزل...
زفت تيام بضيق و قال: -حاتم و زفت
-بتكلم نفسك؟
نظر تيام إلى ثائر لا الهانم اتصلت بالأستاذ عشان يخدها
ثائر باستغراب: -تصرفاتك مش عاجبني و كمان انا لحد دلوقتى مش معاك في اللي عملته لأنه مش من حقك
تيام بغضب: -اقفل الموضوع دا بقا و خلينا نركز في شغلنا عشان نخلص...
تنهد ثائر و قال: -أتمني انك تركز في شغلك و هرجع و اقولك اللي حصل دا لو اتعرف مش هيعدي...