رواية تحت جنح الظلام الجزء الأول للكاتبة أسماء صلاح الفصل الخامس
قام سامر و اتجه إليها قائلا: -وحشتني
زفرت ديمة بحنق فماذا يقول ذلك فهو قد تركها و تخلي عنها و بالنهاية تجوز ابنة عمتها و رددت عليه سامر من فضلك اتفضل برا لاني مش عايزة مشاكل في حد
-غلطت...
تنهدت ديمة رافضة أن تستمع إلى مبررات كاذبة انا مش عايزة اسمع منك حاجه و اتمنى انك تكون سعيد مع مراتك
وضعت يدها على المقبض لكي تخرج من الغرفة و لكنها تفاجأت به يمسك بكفها قائلا: -صحيح اي حوار تيام دا؟
سحبت ديمة يدها بعنف و قالت بغضب: -اتفضل برا
-نفسي نكون مع بعض تاني يا ديمة
ابتسمت ديمة بسخرية و ابتعدت عن الباب قائلة: -و انا مش عايزة و نفسي أشكر داليا لأنها خدتك
التفت إليها لينظر لها بضيق فهو لا يصدق بأنه أصبحت لا تحمل له أي مشاعر ديمة اعرفي اني مش هسيبك و اديني بتكلم معاكي بالذوق، و متخلنيش اوصلك لمرحلة بأنك انتي اللي هتجري ورايا عشان...
قطعه رنين هاتفها و رددت ديمة على الفور و كأنها تستنجد بتلك المكالمة تمام نازلة
أغلقت الهاتف و نظرت إليه قائلة: -ياريت الموقف دا ميتكررش تاني لاني المرة الجاية مش هسكت
سحبها سامر بعنف قابضاً على كتفيها بحدة و الصق ظهرها بالباب قائلا بغضب: -انا مبخافش يا ديمة و بعدين هتقولي عليا انا بتحرش بيكي و لا حاولت اغتصبك،؟
لمعت عيناها بالدموع فهو يقوم بمعايرتها، و اكمل هو حديثه بس انا معنديش مانع لأنك انتي اكتر واحدة هتقعي في مشكلة مش انا و انتي لازم توافقي اننا نتجوز و اظن ان الجواز ارحم من حاجات تانية كتير
ابتلعت ديمة ريقها و قالت بتوتر: -سامر ابعد عني...
-لا يا ديمة لاني عايز ردك حالاً و اقولك على حاجه انتي لو رفضتي كل اللي عرفته زمان هقوله.
ارتعش جسدها أسفل يداه و بدأت حرارتها تذهب تدريجياً و تزاد انفاسها تارة و تختفي تارة و قالت: -ابعد عني...
سامر بضيق و انفعال: -قولتلك مش هبعد يا ديمة و قولي ردك حالاً
أعاد تيام الاتصال مرة أخرى لكي يستعجلها
ديمة بتوسل: -خليني انزل و هطلع على طول
-هو عايز اي؟
-عايز ياخد مني الايميلات اللي انا طبعتها...
تنهد سامر و قال: -هستناكي يا ديمة انزلي و اطلعي على طول.
خرجت ديمة من الغرفة مسرعة و من ثم الشقة، ركضت هاربة إلى المصعد و بدأت تلتقط انفاسها الهاربة
نظرت إلى هيئتها المعكوسة في المرآة و هبطت دموعها على وجنتها فهي لا تستطيع أن تتجاوز تلك الحالة التي تصبح عليها في لمحة البصر، و لكن الآن عادت انفاسها لطبيعتها فقد خرجت و هذا اهم شيء و لم تعود الان.
مسحت دموعها و خرجت لتجده يقف أمام السيارة، اقتربت ديمة منه و أخرجت الأوراق من حقيبتها و قالت: -اسفه نسيت.
-مش مشكلة
اخذ تيام الأوراق منها و اتجه ليركب سيارته و لكن لافت انتباه وقوفها، أدار السيارة و ذهب و لكن مازال يرى انعكاسها في المرآة زفر بحنق متحدثاً نفسه اوف و بعدين بقا
رجع بالسيارة مرة أخرى و نزل منها و كانت ديمة مازالت على حالها حتى أنها لم تشعر بوقوفه أمامها
تيام بضيق: -هو في حاجه؟
انتبهت ديمة إليه و قالت: -لا، انت نسيت حاجه معايا تاني؟
-لا، انتي هتفضلي واقفة هنا؟!
-لا همشي.
تيام باستغراب: -هتمشي تروحي فين دلوقتي؟!
-معرفش، ممكن تمشي
صمت تيام و أخذ يفكر هل يذهب و يتركها أم يبقى، و لكن تسائل بداخله لماذا يبقى فهو ليس يحب أن يجلس و يواسي أحدهم.
-طيب؟ ممكن اوصلك لأي مكان انتي عايزها...
هزت ديمة رأسها ناهية و قالت: -شكرا.
ذهبت ديمة من امامه لتسير في طريقها، ضرب كف على آخر متعجباً من تصرفاتها المتناقضة فهي تبدو و كأنها رياح قوية لتهب و تعصف و أحيانا أخرى تبدو كنسمة الهواء الخافتة.
تساقطت الدموع من عيناها، فهي لا تعلم إلى أين تذهب و حتى لا تستطيع أن تفسر شعورها
بقى واقف مكانه ينظر عليها بتعجب و بعد ذلك قرر أن يركب سيارته و يذهب، كانت ديمة تمر الطريق ببطء فكل ما يهيئه عقلها و تتمناه هو أن تأتي سيارة و تصدمها...
زفر تيام بضيق و أوقف سيارته بجانبه، و ترجل منها قائلا: -ديمة
التفتت ديمة إليه و قالت بصوت منبوح: -نعم؟
تيام بتساؤل من رؤيتها تبكي مالك؟
تنهدت ديمة و قالت: -مفيش حاجه، انا كويسه و حتى لو مش كويسه فأكيد مش هتقدر تعمل حاجه
-تمام بس الشارع ساكت هنا خالص و مينفعش تمشي لوحدك و غير أننا بقينا نص الليل
-ماشي شكرا على النصيحة.
زفر تيام بضيق فهي تسخر من حديثه، امسك ذراعها قائلاً: -بصي بلاش تخنقيني اكتر من كدا و تعالى اركبي
نظرت ديمة على يده الممسكة بذراعها بصرامة، ابعدها عنه و قال: -اركبي طيب
صمتت ديمة لتفكر قليلا و قالت: -حاضر وصلني عند مرام
و بعد ذلك شعرت بالتردد و تراجعت قائلة: -لا هاخد تاكسي احسن
تنهد تيام و قال بضيق واضح: -ما تنجزي بقا
نظرت له ديمة و قالت: -و انت مالك؟ انا مش هركب معاك.
-براحتك، بس ممكن حد يطلع عليكي يثبتك
عضت على شفتيها السفلية لتفكر فيما يقول و فتحت الباب و ركبت بهدوء
أدار تيام السيارة و قال: -مرام ساكنه فين؟
وصفت له ديمة العنوان و صمتت طوال الطريق لتنظر من نافذة السيارة شاردة في ذكرياتها.
استيقظت مرام على صوت جرس الباب و قامت لتفتح، فركت عيناها بنعاس و قالت: -مين؟
نظر إليها سامر فشعرها النحاسي المبعثرة قليلا و بشرتها البيضاء مع ذلك القميص القصير الذي يبرز تفاصيل جسدها يجعلها فاتنه للغاية، أدار بصره بعيدا عنها و قال: -انتي مرام
مرام بتعجب: -ايوه خير؟
-ديمة فين؟
قطبت مرام ما بين حاجبياها و قالت باستغراب: -و انت عايز اي من ديمة و هي حصلها اي؟
شعر سامر بالغضب فهي أن لم تأتي إلى مرام فأين ذهبت، و بالطبع فكر بأنها مع ذلك المدعو تيام.
ابتسمت ديمة و قالت: -شكرا
-على أي؟
-على انك فضلت تلف شوية بالعربية مع ان الطريق قصير
تنهد تيام فهو لا يريدها أن تظن بأنه فعل ذلك لأجلها و قال ببرود: -عادي
فتحت ديمة السيارة لكي تنزل و استمعت إلى هاتفها و أخرجته لترد قائلة: -مرام؟
مرام بلهفة: -ديمة انتي فين؟ و بعدين اي اللي حصلك؟
ديمة باستغراب: -في أي؟
-واحد اسمه سامر جي عندي و سأل عليكي
ديمة بتوتر: -هو مشي و لا راح فين؟
-معرفش هو لسه نازل من عندي...
ارتبكت ديمة و نظرت إلى تيام فهي لا تريده بأن يعلم شيئاً عنها لأنه بالتأكيد سوف يستغل ذلك و قالت: -شكرا انا هطلع
كانت ديمة متوترة من وجود سامر في نفس المكان و من المحتم بأنه ينتظرها، و في تلك اللحظة قطع استرسال أفكارها خروج سامر من العمارة، ابتلعت ريقها بخوف، و قفلت باب السيارة لكي تجعله يذهب...
و لكن سامر لم ينتظر و اتجه إليها ليسحبها بعنف و قال بزمجرة: -انتي بتتضحكي عليا.
اندهش تيام من الموقف و نزل من السيارة و قبض على ذراعه الذي يمسك بساعدها و قال: -خير
رفع سامر إحدى حاجبيه و قال: -ناس و بتتفاهم مع بعض انت مالك؟
جز تيام على أسنانه و قام بركله في قدمه بعنف حتى شعر سامر بتحريك عظام ساقه و نزل علي ركبتيه متألماً
وضعت يداها على فمها و شهقت بخوف، ابعدها تيام ليقف أمامها و قال: -اتعلم تتكلم ازاي؟ احسنلك عشان انا بضايق بسرعة و دا مش في مصلحتك.
قام سامر ليقف متحملاً على قدمه الأخرى و قال بتساؤل: -و انت مين عشان تتدخل اصلا؟، ديمة اتكلمي انتي؟!
تنهد تيام بنفاذ صبر و نظر إلى ديمة الصامتة و قال: -هتقولي حاجه و لا هتطلعي لمرام
نظرت له ديمة بتوتر و كانت دموعها تهبط على وجنتيها في صمت و قالت بصوت خافت هطلع
سامر بعصبية: -ديمة متخلنيش ازعلك...
زفر تيام بضيق و قال بتحذير: -وريني هتزعلها ازاي؟
ذهبوا ليدلفوا إلى العمارة و كان قلبها يقفز خوفاً فهي تخشى من تهديد سامر إليها و لكن لم توافق على ما يطلبه
دلفت إلى المصعد عندما فتح لها الباب، كان تيام يشعر بالغرابة في أمرها فهي تبدو و كأنها تائهة
عندما أغلق الباب تدريجياً، التفت تيام إليها و قال: -هو كان عايز؟
فركت يدها بتوتر و بقيت صامته فهي الان تحت تأثير خوفها، زفر تيام بضيق و صاح بها: -ما تنطقي.
رفعت وجهها إليه و قالت: -حياتي الشخصية و مبحبش حد يدخل فيها.
تيام بغضب: -...
توقف المصعد فخرجت ديمة هاربة و طرقت الباب، فتحت مرام و قالت بقلق: -ديمة انتي كويسه،؟
التفتت ديمة لتراه و لكن لم تجده خلفها فعلمت بأنه غادر، دلفت مع مرام
جلست على الاريكة و حاولت أن تعود إلى طبيعتها، رتبت مرام على ظهر كفها برفق و قالت: -مالك يا ديمة و مين سامر دا؟
أوصدت ديمة عيناها و انبعث الدموع من بينهم و قالت باكية: -مش قادرة اتكلم يا مرام انا عايزة انام بس َ و بكرا هحكيلك كل حاجه عنه.
بعد أن أنهى سهرته في الملهي الليلي، ذهب بصحبة فتاة إلى المنزل
عندما رآه ثائر، نظر إلى الفتاة بحدة فأخذت جنب بعيداً عنهم و قال: -تيام
-ثائر انا مصدع
-تمام هي عارفه انك...
قطعه تيام بسخرية ثائر دي عاهرة يعني ميفرقش معاها و صحيح في واحد من عيلة ديمة اسمه سامر عايز اوصل لعنوانه أو رقم تليفونه و كام معلومة عنه
ثائر باستغراب: -خير ليه دا؟
نظر له تيام ببرود و أخذ الفتاة ليصعدوا إلى الطابق الأعلى، كانت تراقب المكان بإعجاب شديد و حتى أنها لم تتخيل بأنها ستكون مع تيام المصري حتى و إن كانت لحظات
سار تيام إلى أن وصل للنهاية الطرقة و فتح باب الغرفة فدلفت هي خلفه و لكن عندما فتح الضوء
ولج الخوف إلى قلبها عندما رأت تلك القيود الحديدية و الجليدية و بعض العُصيان التي كانت بين الرفيعة و السمكية و قالت بتلعثم: -هو انت من النوع دا؟!
نظر لها تيام بطريقة مريبة و قال: -اها و المكسب كبير برضو، و اظن اني مش اول واحد يكون كدا
-اها بس انا...
قطعها تيام و قال بخبث: -متقلقيش اكيد اللي يهمك المتعة و الفلوس...
استيقظت ديمة على رنين هاتفها و نظرت إلى ساعة يدها لتجد أن الوقت تخطي الحادية عشر صباحاً
رددت على الهاتف نعم يا عمتو
فاطمة بعصبية: -تعالي حالاً على البيت يا ديمة
-في أي؟
-في إني عرفت اللي بينك و بين جوزي...