رواية تحت جنح الظلام الجزء الأول للكاتبة أسماء صلاح الفصل الحادي والعشرون
حاتم باستهجان: -يعني اي؟
مرام ببكاء: -معرفش، مش موجودة في الاوضه...
ذهب حاتم راكضاً و سأل عنها، و لكن كل ما يسأله ينفي رؤيتها و أكد الطبيب على استحالة افاقتها
تقابل هو و مرام مرة أخرى و قال: -مش موجودة خالص، سألت كل الممرضين و الدكاترة.
مسحت مرام وجهها بحيرة فهي لا تعلم أين ذهبت و كيف اختفيت و كأن انشقت الأرض و ابتلعتها، خطر ببالها حديثها عن تيام و أمسكت بهاتف ديمة الذي استلمته منهم و اتصلت بتيام، لم يرد عليها، حاولت مرة أخرى...
تيام بضيق: -خير؟
-انا مرام، متعرفش عن ديمة حاجه؟
استغرب تيام من سؤالها و قال: -مالها ديمة؟
شعرت مرام بانه لم يعلم شيء بالبتاكيد و قررت عدم اخباره و قالت: -طيب
-هو في أي و انتي بتتكلمي من تليفونها ليه؟
نظرت مرام إلى حاتم الذي عاود البحث في الطرقة و قالت: -عملت حادثه و بعد كدا اكتشفت انها مش موجودة في المستشفي و محدش يعرف راحت فين؟
-فين المستشفى
أخبرته مرام بالعنوان، اتصل تيام بثائر فور إغلاقه معها و قال: -انت فين؟
-لسه داخل البيت في حاجه و لا اي؟
-انزل تاني، ديمة عملت حادثة و اختفيت من المستشفى
ثائر بدهشة: -ازاي؟
-معرفش، المهم عايز اقلب المستشفى كلها و دور بأي طريقة عليها، في كاميرات الشارع.
تنهد ثائر و قال: -تمام يا تيام أنت فين؟
-هخرج من البيت هبعتلك ال location
و بعد أن أغلق معه اتصل بحيدر و هدر به غاضباً: -مش قولتلك ملكش دعوة بيها
حيدر بتعجب: -هي مين دي؟
تيام بعصبية: -ديمة فين؟
-و انا اعرف منين يا تيام انت اتجننت و لا اي؟
-ديمة عملت حادثة و اختفيت من المستشفى
زفر حيدر بحنق و قال: -تفتكر انا هاخد وقت في قتل عيله زي دي؟
-يعني انت ملكش علاقه بالموضوع؟
حيدر مؤكداً: -لا يا تيام، و بعدين اظن ان حته المذيعة دي هتكون آخر همك
-هبعتلك عنوان المستشفى ابعتلي رجالة على هناك
تنهد حيدر بنفاذ صبر: -تمام.
دفنت مرام وجهها بين كفيها و أخذت تبكي بحرقة، كان حاتم يحاول تهدئتها
وصل تيام و ذهب إليها قائلا: -مرام؟
التفت حاتم و قال بدهشة: -انتي كلمتي ليه؟
تيام بزمجرة: -بقولك اي يا حاتم انا سكت كتير، بس اقسم بالله و لو سمعتلك صوت لأوريك حاجه مش هتحب تشوفها خالص
و بعد ذلك زفر بحنق و سأل مرام باهتمام: -أي اللي حصل؟
-اتصلت عليها و رددت عليا ممرضة من المستشفى و قالت إنها عملت حادثة و جيت أنا و حاتم و الدكتور قال إن حالتها صعبة و مستحيل تفوق دلوقتي خالص، و بعد كدا روحت عشان اطمن عليها لاقيت أوضه العناية فاضية...
نزل حيدر من سيارته و عدل حيلته السوداء، و فتح زر الأوسط، مخبراً حارسه مش عايز حد يخرج من المستشفى خالص
صعد حيدر و خلفه عدة رجال اتجه إليهم
كان ثائر معاهم و أخبر حاتم قائلا: -فرغت كل كاميرات المستشفى و هي مخرجتش
تيام بحيرة يعني اي؟، طب الطرقة
-مش شاغلة...
وصل حيدر إليهم و قال: -وصلتوا لايه؟
نظرت مرام إليهم بدهشة، و لافت انتباه ذلك الذي يتحدث بجمود
رد تيام عليه مفيش اي حاجه و ثائر شاف الكاميرات.
-فين الممرضة اللي كانت مسؤولة عنها؟
حاتم بتساؤل: -هو مين دا؟ و أي الرجالة دي؟!
قطب ثائر ما بين حاجبيه و قال: -حاتم ونبي وفر الكلمتين دول لنفسك
عقدت مرام ساعديها و قالت: -استنى يا حاتم، مكنش في ممرضة هي كانت لسه خارجه من العمليات
-اكيد هي في المستشفي مخرجتش منها
قالها حيدر بثقة شديدة و اكمل حديثه دوروا عليها في نفس الدور دا و بسرعة.
ذهب تيام هو الآخر لكي يبحث عنها فهو لا يطيق الانتظار، وصل إلى آخر الطرقة و عندها وجد سلم خلفي
صعد مسرعاً و بذلك وصل لنهاية طابق آخر، كان على يمينه مشرحة، دفع الباب و دخل
مر بين الجثث الموضوعة، لافت انتباه ذارع تلك الجثة، اقترب منها و أزاح الغطاء عن وجهها تدريجياً
اصدم عندما وجدها، و امسك يدها التي كانت عبارة عن قطعة جليدية، شعر بذلك الهلع ألذي لامس قلبه و قال: -ديمة...
كان وجهها مليء بالجروح و الكدمات، لأمس وجهها بأطرافه و قال: -انا مكنتش هعملك حاجه والله، كله كان كلام بس
حملها تيام و نزل إلى الطابق الآخر و أمرهم باستدعاء الطبيب
ركضت مرام إليه و قالت ببكاء و صراخ: -ديمة؟
وضعها تيام على الفراش و طلب منه الطبيب أن يغادر...
كانت مرام تقف بالخارج و تسير ذهاباً و إياباً و هي تدعي بداخلها أن تكون بخير، كان تيام هو الاخر يشعر بأنه يموت من القلق في كل ثانية تمر عليه...
اخذ حيدر ثائر على جنب بعيداً عنهم و قال: -الرجالة مسكوا واحد، الكاميرات لقطته و هو داخل الاوضه و هو تحت في العربية
-تمام خلي معاهم
خرج الدكتور و قال: -للأسف، حد حاول يقتلها عن طريق سم قوي جدا
تيام بعصبية: -يعني اي؟
-السم قوي جداً و خلاص وصل للأجهزة الجسم و كلها دقائق و تموت...
لم يستطيع تيام تمالك أعصابه و امسك الطبيب من ملابسه و قال بغضب: -اقسم بالله لو حصلها حاجه لأوديك في داهيه.
سحبه حيدر و خلص منه الطبيب و ابتعد عنهم قائلا بغضب: -تيام فوق كدا و أعقل و متنساش انك ممثل و أغلب الناس تعرفك و احنا في مستشفى
زفر تيام بضيق و قال: -تمام
اعتذر ثائر لطبيب قائلا: -آسف يا دكتور بس ديمة خطيبته و هو مش قادر يشوفها في الحالة دي
الطبيب بمهنية: -انا مقدر الحالة بتاعته بس انا بعمل اللي عليا و فعلا لو السم اللي خدته دا آثر عليها مستحيل تعيش، احنا ادينها مضادات كتيره و الأعمار بأيد ربنا...
رجعوا ليقفوا بجوارهم مرة أخرى و قال تيام: -مرام روحي البيت اكيد هي مش هتفوق دلوقتي
مرام بإصرار: -مش هسيب ديمة لوحدها هنا...
ثائر بضيق: -ديمة في غيبوبة و وقفتنا هنا ملهاش لأزمة، و بالنسبة لحمايتها ففي تلت رجاله هيفضلوا قدام اوضتها و الدكتور هيبلغنا أن حصل حاجه
تنهد حاتم و قال: -عندهم حق يا مرام و كفايه اللي حصل لديمة و هنبقي نيجي الصبح
تنحنح تيام و قال: -هاتي تليفونها
مرام بتساؤل: -ليه؟
-عادي هشوف إذا كان في حد كلمها أو هددها يمكن نوصل لحاجه
أعطيت له مرام الهاتف بتردد و أخبرته بكلمة السر الخاص به، و بعد ذلك أخذها حاتم و ذهبوا
حاتم بضيق: -معرفش مين دول و أي دخلهم الصراحة
-حاتم ديمة كانت على مشارف الموت و بعدين دول هي عايشه بسببهم دلوقتي...
حيدر ببرود: -نبهت على الرجالة و متقلقش محدش هيعرف يدخل الاوضه و كمان هسيب حراسه تحت المستشفى و بالنسبة للراجل اللي تحت هشوف إذا كنت هوصل منه لحاجه و لا؟
تنهد تيام و قال: -تمام لو وصلت لحاجه قولي و أنت يا ثائر روح معاه
ثائر بتساؤل: -انت هتروح؟
-لا هفضل هنا
عقد حيدر حاجبياه و قال: -بجد؟ لا واضح انك مزودها شوية بس تمام.
مر اسبوعين و كانت ديمة لم تعود إلى وعيها، و كان مرام تقيم معها في الصباح و تيام في المساء و يمر عليها حاتم أثناء النهار لكي يطمئن عليها...
كانت الممرضة تعلق إليها المحاليل، حركت ديمة عيناها ببطء و بعد ذلك فتحتهم و قالت بوهن: -انا فين؟
الممرضة بابتسامة: -في المستشفي
ديمة باستغراب: -ليه؟!
تعجب الممرضة من سؤالها فمن الواضح بأنها لم تتذكر الحادثة الذي تعرضت اليه و قالت: -لحظة هشوف الدكتور و اجي.
خرجت الممرضة و ذهبت إلى مكتب الطبيب لكي تخبره و كان تيام عنده و عندما سمع ذهب إلى الغرفة سريعاً
اغمضت ديمة عيناها مرة أخرى فهي كانت تشعر بألم في جسدها و كأن جميع عظامها متحطمة
فتح تيام الغرفة و قال: -ديمة
رفعت نظرها إليه و قالت بتعجب: -هو انا اسمي ديمة؟!..