رواية تحت جنح الظلام الجزء الأول للكاتبة أسماء صلاح الفصل الحادي والأربعون
وضعت زجاجة السم بيدها و قالت: -اديني بسهلك الموضوع و متقلقيش هتبقى موته طبيعية عشان محدش يقول المجنونة انتحرت، هتاخدي منه كل يوم نقطتين على كوب مياه و تستمري في لمدة عشر ايام و في اليوم العاشر هتكوني خلاص ميتة، السم لو دخل جسمك مفهاش رجوع لأن الترياق بتاعه محدش بيعرف يجيبه لأنه اصلا سم عديم الطعم و اللون و الريحة
ديمة بتساؤل: -هو انتي ليه بتعملي كدا؟
تنهدت منار و قالت: -زمان اتجوزت ابوكي عشان فلوسه و منصبه و قولت هجيب عيل ياخد كل حاجه بس للأسف طلعت مبخلفش
و طبعا الموضوع مشغلش ابوكي، كان بيعتلك فلوس كل شهر و كتب الفيلا اللي في مصر و نصيبه في المستشفى باسمك و طبعا هو لو مات هتخدي كل حاجه.
ابتسمت ديمة و قالت بحسرة: -بجد يعني انتي حاسدني على الحاجات دي؟ و مخدتيش بالك من وضعي، طب على الأقل انتي و لا بتصرخي و لا بتقومي تنتحري و محدش ضحك عليكي و سابك و لا اهلك سابوكي، طب تعرفي انا عيطت قد إي؟ و كل مرة كان قلبي بيتكسر فيها اكتر من المرة اللي قبلها، انا حتى معرفش يعني اي اب و ام، و جربتي احساس مرات الأب اللي عملتك أسوأ معاملة و لا احساس انك تكوني وحيدة و حتى مفيش حد بيسأل عليكي، اكيد لا، انا مش فارق معايا كل دا تعرفي ان حتى فلوس بابا اللي كان بيبعتها مخدتش منها حاجه و لسه في الحساب زي ما هي و كل جنينة اتصرف عليا من ساعة ما ارتميت في بيت عمتي رجعته تاني، لو دا تمن نفسيتي اللي اتدمرت و حياتي اللي مش عارفه ازاي هكملها فمش عايزها، ، و فعلا مش مقتنعة بأنك عايزة تقتلني عشان كدا.
منار بسخرية: -ديمة بلاش تعملي فيها ملاك ونبي و صحيح وراثه التمثيل من أمك
والدتها التي لم تراها لأعوام فهي حتى نسيت شكلها و قالت بسخرية: -انا اصلا مش فاكرها
نظرت إليها منار و قامت لتذهب، أمسكت ديمة بالزجاجة و وضعتها في دُرج الطاولة المجاورة إليها...
-اتفضل يا افندم
رفعت عيناها لكي تراه و قالت بدهشة: -هو انت؟
نادر بابتسامة: -اها يا قمر، بس حلو المكتب، بس هو في محامية جامدة كدا
ابتسمت مرام و عقدت حاجبياها و قالت: -جاي تهزر و لا في شغل
-الاتنين
-نادر فكك مني لأن سكتك غيري و انا مش ناقصة هم الصراحة
-طب ما نتفق؟
تنهدت مرام و قالت: -مراتك و ابنك أولى بيك، و بعدين انا نفسي افهم فين المشكلة، روانا المصري أنجح سيدة أعمال في الوطن العربي.
-و مين قال ان روانا فيها عيب
مرام باستغراب: -اومال؟
-بصي احنا ولاد عم و خلاص و فجأة كدا عمي قرر اننا نتجوز
-و اتجوزتوا و معاكم طفل فعلي الأقل مشوا الدنيا عشانه
-طب انتي متجوزتيش ليه؟
-عشان انا و لا ينفع اتجوز و ابني بيت و لا ينفع اكون ام للأطفال
ضاقت عيناه و عقد ما بين حاجبه و قال: -دا ليه؟
-أسباب بقا، فين الشغل لاني مش مرتاحلك
ابتسم نادر و قال: -واحد اسمه فريد رافع عليا قضية
-أي هي؟
-بصي احنا بينا مشاكل و مش بنطيق بعض اصلا و قال اني باستخدام الشركة في تجارة المخدرات
-و دا بيحصل فعلا و لا؟
-و حياة عينكي الحلوة محصلش، الشركة دي كل شغلها في السليم، فريد عايز يعلم عليا و يديرها هو قال اي خايف على حق مراته اللي هي اختي اصلا...
-تمام الموضوع سهل لأنه اكيد مفيش دليل هو بيعمل كدا تهويش
-عايز البسه قضية بقا...
-بس دا جوز اختك و بعدين من جلسه واحدة هو هيخسر القضية.
-اختي اصلا نفسها يتسجن، هو بيتاجر في السلاح و في مخزن انا عارف مكانه
-شرير انت. بس انا عندي فكرة تجيب أجله
-قولي
-انا هثبت انك برئ و هرفعه عليه قضية سب و تشوهي سمعتك لأغراض الاستلاء على حق الإرادة في الشركة و بالنسبة للسلاح فممكن نستفيد به، طالما عارف المكان تبعت رجالة على هناك تاخد السلاح و تحرق المخزن و بكدا خدت حقك، حرقت دمه، خربت بيته، عملت عليه...
نادر بتفكير: -كلام معقول بس مش عايزه يعرف اني وراها
-مستحيل مش هتسيب إثر لحاجه، و انا هقولك هتمشي آزاي؟
كانت الايام تمر عليها و لا تشعر بشيء نهائي سوى الملل و الوحدة التي طالما شعرت بيهم، كانت مستسلمة للاودية التي تأخذها حتى أنها تسأل عن مصدرها و لم تهتم...
دخل مراد إلى الغرفة و قال بضيق: -عاجبك اللي انتي في دا؟، سايبه جوزك و بيتك و قاعدة هنا، انا كلمت الدكتور و قولتله انك هتمشي كفايه قرف و فضايح بقا...
كانت ديمة تشعر بأن صوت يزعجها بشدة و وضعت يداها على اذنيها و قالت بصراخ: -بس مش عايزة اسمع حاجه
زفر مراد بحنق من حركاتها و اتجه إليها ليسحب يداها و قال: -بقولك أي اتعدلي و اجهزي و يلا
-انا مش هاجي معاك، انت عايز تموتني و مراتك عايزة تموتني
-انتي فعلا اتجننت بجد
ابتعدت ديمة بخطواتها و قالت ببكاء: -انا مش عايزة اجي سيبني هنا؟، خلاص والله انا مش عايزة حاجه منكم.
-يا بنتي على ذمة راجل انا عايز اخليكي انسانة محترمة و انتي بتعملي كدا
هزت رأسها بهستيرية وقالت: -انا مش هتكلم تاني خالص، بس بلاش تخرجني من هنا...
لم يفهم مراد ما تفعله، نظرت إلى الباب وجدت معتز يدخل و قال: -عمي انا جهزت أوراق الخروج...
انهارت ديمة ببكاء و قالت: -انا مش عايزة اخرج، سيبوني هنا، انا معملتش لحد حاجه و لا طلبت حاجه انا واحدة مجنونة و عايزة أفضل هنا.
تنهد مراد و أشار إلى معتز لكي يجلب الطبيب أو أي أحد يعطي إليها حقنة مهدئة و بعد ذلك قال: -يا بنتي اعقلي بقا
-هو انت ليه مبتحبنش مش انا المفروض بنتك الوحيدة، انا بكرهك اوي و بكره الحياة اللي انتم فرضوتها عليا
انهالت الدموع على عيناها بغزارة و قالت ببكاء شديد: -انا خلاص مش عايزة اعيش تاني والله، بس ارحموني شوية.
دخل معتز و معه الطبيب عملت ديمة بأنه يريد أعطاها مهدي و قالت بصراخ: -انا مش عايزة زفت، كفايه مهدئات انا مش عايزة حاجه
اقترب منها معتز في محاولة لتهدئتها و قال: -ديمة اهدي من فضلك، بصي احنا هنطلع برا
-انتم كدابين، كلكم بتكدبوا عليا
تراجعت ديمة و أسندت ظهرها على سور الشرفة و أكملت باكية: -انا كنت عايزة اعيش زي اي حد، بس محدش ساعدني...
مراد بقلق: -طب خلاص احنا هنمشي، بصي تعالى اقعدي.
بكت بشده و تزايدت شهقاتها و قالت: -انا اللي همشي و اسيبلك الدنيا تشبع بيها، خليك مع مراتك و كلام الناس، أجرى ورا فلوسك و عملياتك، حتى يوم ما رجعت جوزتني واحد مش بحبه و مش عايزاها، كل دا ليه معرفش؟
رفعت نفسها لكي تجلس على طرف السور، و كان الجميع يقف عاجز
مراد بترقب: -اتصرف يا دكتور
خطي خطوة واحدة لكي يحدثها، و لكنها تركت نفسها تسقط...
حلقت الصدمة عليهم فمراد لا يتوقع بأنها ستفعل ذلك...
كان في تلك اللحظة وصل تيام و معه مرام أمام المستشفى و دلفوا إلى الداخل و و لكن لافت انتباههم تجمع الممرضين
أوقف تيام احد الممرضين و قال: -هو في أي؟
-حالة انتحار
ابتلعت مرام ريقها و شعرت بوخز في قلبها و قالت: -ديمة...
اقترب تيام منهم و اصدم عندما رآها وسط بركة من الدماء، شعر بتصلب جسده فهو لا يدرك بأنه سيأتي و يراها هكذا
كان مراد و معتز نزلوا و تعجب عندما رأى مرام و تيام...
مراد بتساؤل: -انت بتعمل اي هنا؟
مرام بعصبية: -انت اي جبله معندكش احساس
وصلت الإسعاف لكي تنقلها، تنهد مراد و قال: -انا مش هرد عليكي لأنك قد بنتي و بالنسبة ليك فبقولك ملكش دعوة ببنتي و الا هزعلك...
ذهب مراد لكي يركب في سيارة الإسعاف و تابعه معتز الذي كان يرمق تيام بضيق...
همت مرام لتذهب خلفهم، أوقفها تيام قائلا: -استني...