رواية تحت جنح الظلام الجزء الأول للكاتبة أسماء صلاح الفصل الثامن والثلاثون
فتحت عائشة الباب و نظرت إليه باندهاش و قالت: -تيام؟
-اها تيام المصري بس انا جايلك بخصوص ديمة
ارتبكت عائشة و قالت: -اتفضل...
بدا تيام حديثه قائلا: -أكيد انتي عرفتي اننا اتجوزنا من مرام، و عارف انها كانت بتتعالج عندك بس اي السبب
-مقدرش اتكلم لأنها أسرار المريض و...
قطعها تيام و قال: -تمام أنا فاهم كل دا، بس مش شايفه اني من حقي اعرف بصفتي متجوزها و خصوصا بعد كلام جوز عمتها اللي سمعته...
-و أنت صدقت؟
-لا بس انا مش فاهم ديمة، و هي و لا بتتكلم و لا بتحكي و حاسس اكنه بيهددها بحاجة
صمتت عائشة لكي تفكر إذا كان من المناسب أن تحكي إليه شئ أم لا و لكنها تتمنى ان تستطيع ديمة أن تتخلص من عقدتها و قالت: -ديمة أهلها انفصلوا و هي صغيرة و خلال فترة حياتهم مع بعض كان في خناقات و مشاكل كتير و دا قصر على نفسيتها، بدأت كطفلة لسه بتوعي على المشاكل بين أهلها و انتهيت بالطلاق
-اتعرضت للعنف الأسرى؟
-والدة ديمة مكنتش ضحية يا تيام و دا من كلام ديمة و بالنسبة لوالدها فهو كان بيعامل ديمة اسوء معاملة فهي اصلا معندهاش ترابط به خالص و لما طلق مامتها خد ديمة منها و لما اتجوز بعدها على طول مراته مكنتش متفقة مع ديمة خالص مع انها كانت مجرد طفلة عندها 10 سنين، فقرر مراد لما يسافر يسيبها عند اخته و كان مانع ناهد والدتها تشوفها نهائي و اخته وافقت، ديمة عاشت معاهم في البداية قالت إن جوز عمتها اللي هو منير كان بيعاملها كويس زي داليا بظبط لدرجة ان بنته كانت بتضايق من كدا و بدأت الايام تعدي و برغم أن معاملة فاطمة كانت مش حلو معاها، ديمة كانت بتكره عمتها جدا لأنها دائما كانت بتكلمها وحش و معاملة اوحش في كل حاجه، كانت بتحسسها بأنها ليها فضل كبير عليها و انها رحمتها من مرات ابوها بس من خلال كلام ديمة عمتها كانت بتكرها اوي مع اني معرفش اي اللي يخليني واحدة تكره طفلة بالطريقة دي و حتى ابوها مكنش بيسأل عليها غير لو هيقولها حاجه تضايق.
تنهدت عائشة و أكملت حديثها و بعد سنتين بدأ منير معاملته تتغير و بقى يتعمد يلمسها بطريقة مش مظبوطة و دا خلها تقلق لأنها مكنتش بتشوفه بيعمل كدا مع داليا و بدأت بقا تبحث على النت و طبعا ديمة مكنتش قريبة من حد عشان تقدر تحكيله حاجه و بعد ما قررت تواجهه، قالها انها لو اتكلمت هو هيقول انها هي اللي بتقرب منه، ديمة بدأت تسكت لأنها كانت بتخاف من ابوها اوي و مكنتش بتكلم امها اصلا، لحد ما في مرة حاول يعتدي عليها و ديمة لما فقدت الوعي عاشت بعدها سنين و هي عندها وهم بأنه اغتصبها و خلال الفترة دي ديمة بدأت تنعزل عن العالم نهائي و بقيت بتتعامل على أنها عايشه في الدنيا لوحدها، اول مرة شوفتها فعلا صعبت عليا اوي، تعرف اني كان نفسي أخدها عندي و ارحمها من القرف اللي شوفته بعد مكنتش هقدر على مواجهه أهلها...
#فلاش باك.
ابتسمت عائشة بلطف و قالت: -اتفضلي
جلست ديمة و كانت تفرك يدها من شده التوتر
لاحظت عائشة توترها و قامت لتجلس امامها و قالت: -عندك كام سنه؟
-18
-و اسمك
-ديمة
كانت عائشة تعلم بأن تلك الحالة التي تجلس أمامها لا تستطيع التحدث و لكنها تعجبت من أخذها خطوة كهذا و قالت: -طب عايزة نتكلم عن أي؟
ابتلعت ديمة ريقها و أخرجت روشتات كثير و قالت: -الدوا دا بيخليني اتخيل حاجات و انا مش مجنونة.
اندهشت عائشة من الأدوية التي تتسبب في تدمير حالتها و قالت: -عندك هلاوس
-لا هما بيكدبوا انا مش بتخيل حاجه، انا بقول الحقيقة بس.
صمتت ديمة و بعد ذلك قالت: -انا عايزة مهدي
-لازم افهم انتي بتاخدي الدوا ليه الأول؟
تنهدت عائشة و قالت: -طبعا هي محكتش حاجه في أول مرة و بدأنا نعمل جلسات، حبيت اخلي علاقتنا تبقى أفضل مني اني دكتورة و هي المريضة اللي بتتعالج، فكنت بحاول علي قد ما اقدر اتكلم معاها الكلام العادي و كنت مستنية اللحظة اللي هي هتبدا فيها تحكي و فعلا بعد حاولي تلت شهور بدأت ديمة تتعامل معايا بصورة طبيعية و بدأت اخليها تيجي البيت لأن حسيت ان ديمة كمان عندها رهبه من المستشفيات و الدكاترة...
تيام بتساؤل: -طب هي عندها خلل فعلا و لا؟
-ديمة معندهاش مرض عقلي، هي عندها مشاكل نفسية بسبب اللي حصل معاها خصوصا أن منير بدأ يقول عليها مجنونة عشان يوهمها بأنه مكنش بيعمل حاجه و انها هي اللي بتتخيل كدا، و حكيت ديمة بأنها انتحرت مرة و منير اقترح انهم يعرضوها على دكتور و بدأ يحكي بأنها بتتخيل حاجات و بتفضل في اوضتها معندهاش صحاب و بعد كدا سبوها في المستشفى...
تنهدت عائشة و بدأت في سرد أحداث الماضي.
-اتاخرتي ليه؟
ابتسمت ديمة و قالت: -عشان كنت في الجامعه و خلصت المحاضرات و جيت
-طب نتغدي؟
-لا انا مش عايزة
-يرضيكي اكُل لوحدي
و بعد أن انتهوا من تناول الطعام جلسوا و بدأت عائشة قائلة: -هو باباكي مش بيسال عليكي خالص
ديمة بحزن: -لا آخر مرة كلمني كانت من ست شهور تقريبا، انا اصلا مش بحبه يكلمني
-ليه؟
صمتت ديمة و تجمعت الدموع بعيناها كانت تتمنى أن يظهر له شئ جيد فعله لها و لكنها لم تجد و قالت: -عادي بس مفيش حاجه كويسه عملها معايا
-ازاي؟، ديمة احكيلي جايز اقدر اساعدك.
كان تيام لا يصدق ما يسمعه فهو لم يخطر على باله ذلك من الأساس و قال: -و حكيت
-اها بدأت تحكي من اول باباها و ماماتها و خناقاتهم لحد جوز عمتها و قذرته و سامر و داليا
#فلاش باك...
-ديما كنت بسمعهم و هما بيتخنقوا مع بعض تقريبا مكنش بيعدي يوم من غير مشاكل، بابا ديما كان بيقولها كلام غريب و بيشتمها و هي كانت بتعند معاه
-و انتي كنتي بتعملي اي؟
ترقرقت الدموع بعيناها و قالت: -كنت بقفل اوضتي و انام على السرير و احط السماعات عشان مسمعش حاجه، كنت عايشه مع نفسي، حتى الأكل مكنش حد بيسالني، حتى دراستي مكنش حد بيهتم بيها نجحت زي سقطت و يوم ما بابا كان بيسأل فهو كان بيعمل كدا عشان يضربني و خلاص، و بعد الفترة دي ماما مشيت و أطلقت منه و هو اتجوز منار، و كانت ديما بتقول لبابا اني قليلة الادب و مبسمعش الكلام مع اني اصلا مكنتش بتكلم، كانت عارفه اني بحب أقعد في الاوضه لوحدي فكانت ديما تطلب مني اطلع اقعد برا و بعد كدا لما بابا قرر يسافر ألمانيا، قولتله انها مش عايزاني و انها مش مطالبة تربى بنت مش بنتها و اقترحت عليه يسيبني عند عمتي و طبعا وافق، بس ديما كنت محتارة هو ليه مسبنيش في دار أيتام على الأقل مكنتش وصلت للمرحلة دي...
-مكنش ليكي صحاب؟
-كنت بحس ان الناس بتكرهني و انا كمان كنت بكرهم، كل اللي كانوا في حياتي كانوا مجرد أعافي بتتلون عشان يذوني في الوقت المناسب. ، بدأت حياتي مع عمتي اللي كانت شبه مرات ابويا، بس لاقيت العطف من جوزها و بنتها اللي اكتشفت بعدها انهم أكبر أعدائي و فهمت ان كل اللي بيمد أيده ليا بيكون عايز يسحبني عشان أقع اتكسر ميت حته.
اكتشفت ان جوز عمتي بيتحرش بيا و قفلت معاه باغتصاب، مكنتش متخيلة أن في راجل يبص لطفلة بس عرفت ان الدنيا مليانه من النوع، و لما بدأت اهاجم، كنت عايزة احمي نفسي منه، بدأ يفهم عمتي بأني اتجننت بسبب انفصال اهلي و ان دا قصر عليا و بدأت من هنا اني اروح مستشفى مجانين عشان مقدرش افتح بوقي محدش هيصدق عيله مجنونة انتحرت مرة...
منير بشماتة: -شوفتي عشان زعلتني بقيتي فين؟
نظرت إليه بعدم اهتمام و صممت لتنظر أمامها
-يارب جلسات الكهربا تجيب نتيجة لأنك كدا هتقضي حياتك في مستشفى المجانين، و ابقى قولي بقا عمو منير بيتحرش بيا...
تنهدت ديمة و أكملت: -خرجوني من المستشفى بس فعلا بعدها بدات اتعب، جلسات الكهربا كانت بتوجع اوي و الحقن اللي كنت بخدها، و لما خرجت حبيت اني افضل ساكته، لحد ما كانوا افتكروا اني بقيت خرسة و دا كله مكنش هاين عليه يسيبني في حالي، كنت بخاف من اي حد يقرب مني و الدنيا بتسود في عيني و نفسي بيروح كأني بموت...
-و بعدين؟
-و لا حاجه بقيت بفكر في طريقة للانتحار عشان اموت...
تنهدت عائشة و نظرت إلى تيام و قالت: -خدت ديمة و ورحنا للدكتورة عشان تكشف عليها و تتأكد انها مازالت عذراء، وقتها كنت خايفه يكون كلامها صح بس الحمد الله طلع انه ملحقش يغتصبها و بدأت اخليها تحاول تتكلم و تتعامل مع الناس و جاب نتيجة، بس ديما كنت بكون عارفه ان ديمة هترجع تتعب تاني، لأن الحياة ديما بتقف في وشها، الفترة اللي قعدتها في المستشفى كانت عبارة على أنها نائمة و لا بتتكلم و لا بتدي اي رد فعل...
قام تيام و قال: -بعد اذنك
عائشة بتساؤل: -ديمة ملهاش ذنب في حاجه هي بس كانت ضحية
-عارف...
فتح منير الباب قائلا: -مين اللي بيخبط كدا، هي القيامة قامت ولا اي؟
اندهش عندما رأى تيام أمامه و أرتبك قائلا: -انت؟
دفعه تيام و أغلق الباب خلفه و قال: -اها انا ما هو لازم تخلص اللي عليك
منير بتوتر: -انت مجنون و لا اي، ما تروح تشوف مراتك اللي كانت...
لم يكمل حديثه بسبب اللكمة الذي اخذها في وجه، امسكه من طرف ملابسه و قال بغضب: -سيرتها متجيش على لسانك يا و
-هطلب البوليس لو مخرجتش.
لكمه تيام عده لكمات حتى سالت الدماء من أنفه، و قال: -انا هخليك تعيش اللي عملته فيها...
-انا معملتش حاجه هي اللي...
دفعه بقوة ليسقط على الأرض و انهال عليه بالضربات المبرحة حتى أصبح وجه يسيل منه الدماء و قال بغضب: -مش هموتك دلوقتي لأنك متستهلش راحة الموت، ، كل لحظة حسيت فيها بخوف أو بألم هطلعها عليك
ابتلع ريقه و قال بخوف: -انا معملتش حاجه هي مجنونة و بتتخيل حاجات.
تيام بعصبية: -و انا هوريك الجنان يا زبالة...
خرج تيام من الشقة و دخل حراسته ليخذوه معاهم و بعد ذلك ذهب تيام إلى حيدر في المزرعة
تعجب حيدر من هيئته و قال: -مالك؟
-طلع ديمة من الحوار الزبالة دا؟
حيدر باستغراب: -دا ليه؟ تيام احنا قولنا انك هتمثل الحب مش هتحبها
-مش هستغل واحدة ملهاش ذنب في حاجه عشان نكسب جوله، مش هبقي حقير اوي كدا، و انا اللي هقف قصادك لو لمست شعرها منها.
-انت اتجننت طبعا و عقلك خف، بص يا تيام انت عارف احنا عايزين ديمة ليه؟ و بعدين ما كله تخليص حق
-مش بيها، كل حاجه كانت شاغلة من قبلها ملهاش ذنب فأن كل اللي حواليها استخدموها...
-و انت هتنسي؟
-مش هقدر اكمل، و الفيديو اتمسح و انا و لا هصور و لا همثل
حيدر بسخرية: -و هتحميها من مين بظبط، دا كفايه ابوك اللي مستحيل يسيبها أصلا لو شم بخبر بأن البت دي موجودة معانا.
-هعمل اللي اقدر عليه و اديني بحذرك لآخر مرة محدش يجي جنبها...
-تمام و بالنسبة لمرام اللي معاها تسجيلات تودينا في داهيه
تيام بتساؤل: -و انت مالك بمرام؟، حيدر و لا ديمة و لا مرام سيبهم في حالهم.
فتحت مرام له و قالت: -اتفضل يا تيام.
-مرام انا عرفت كل حاجه عن ديمة، يمكن انتي نفسك متعرفيش كل التفاصيل...
مرام باستغراب: -قصدك على العلاج و المشاكل اللي مرت بيها
-اها عايزك تروحي ليها و خليكي جنيها؟
مرام بتعجب: -و انت؟
-طلقتها و هروح المأذون عشان يكون رسمي، ، و بالنسبة ليكي هاتي التسجيلات اللي معاكي...
مرام بصدمة: -طلقتها ليه؟ انا ساعات كنت بحس انك بتحبها...