رواية تحت جنح الظلام الجزء الأول للكاتبة أسماء صلاح الفصل الثالث عشر
طرق باب شقته، تعجب شادي فهو لم ينتظر أحد و خرج ليري مين...
فتح الباب و لكنه تعجب من وجود تيام أمامه، فهو راه على الشاشات فقط، فماذا يفعل هنا
-هي فين؟
شادي بدهشة: -مين؟
-ديمة
شادي باستنكار: -و انت عايز اي من ديمة
زفر تيام بحنق و دفعه ليسقط على الأرض و دلف هو للبحث عنها بنفسه، غضب شادي من تصرفه و لحق به.
عندما دخل تيام إلى الغرفة وجدها نائمة، تنهد بهدوء و التفت خلفه قائلا: -انا هاخدها و امشي و اعرف انك مش هتعرف تمنعني
-مستحيل، بص انا عارف انها اشتغلت معاك آخر فترة بس اللي اعرفه انك ملكش غير في الاجانب و بصراحة ديمة تخصني.
توقف عن الحديث عندما سدد إليه لكمة قوية جعلت الدماء تنزف من أنفه و قال بغضب: -والله متعرفوش عني انا ممكن اقتلك دلوقتي و الأفضل ليك انك تخرس خالص.
اتجه إليها و حملها من الفراش، و خرج من الغرفة، كان يقف شادي يراقبه بدهشة فهو أخذها منه بكل سهولة و هو تخلي لأنه شعر بالخوف، نعم فهو جبان و لا يريد أن يعلم احد بما كان سيفعله...
مرام بعصبية: -ديمة فين يا نهال بدل ما هفرج الناس عليكي
-قولتلك معرفش يا مرام تلاقيها نزلت و لا كان وراها حاجه ما انا كنت معاكي
مرام بغضب: -الشغل دا مش عليا، انا هنزل اعملك محضر و ابقى قولي بقا وديتها فين؟
أخذت شنطتها و ذهبت مسرعة، فهي كانت تخشى حدوث شي للديمة خصوصا مع اختفائها المفاجئ و قررت أن تبلغ الشرطة.
مرر على انفها زجاجة من العطر لكي يفقها، فتحت عيناها ببطء و نظرت حولها في اندهاش و اخيراً رأته هو
-انا فين و انت جات ازاي؟!
نظر لها تيام و قال بسخرية: -و انتي مش عارفه كنتي فين؟
هزت ديمة رأسها نافية فهي آخر شي تتذكره ذلك العصير و ذهاب مرام مع نهال و قالت: -لا معرفش
-طيب، تقدري تقومي تمشي
-هو انا في بيتك صح؟
أومأ برأسه و قال: -اها، صحيح ردي علي تليفونك لأنه رن كتير
-هو فين طيب؟
أشار تيام عليه فهو وضعه على الطاولة الصغيرة بجانب الفراش، مددت ذراعها و أخذته و قامت بالاتصال بمرام و قالت: -انا كويسه
-انت فين و الكلب شادي دا عمل اي؟
-شادي؟!
-اها هو مشي و خدك، انتي فين يا ديمة؟
نظرت ديمة إلى تيام و قالت: -انا تمام متقلقيش، بصي هروح و اكلمك و انتي كمان روحي...
قفلت ديمة سريعا لكي لا تسمع ردها فهي تعلم أن مرام لا تكفُ عن سؤالها و قالت: -انت وصلتلي ازاي؟
-من فترة كدا و انا مراقبك يا ديمة ما ساعه الحلقة فتلاقي اني عارف كل مكان بتروحي
قطبت ما بين حاجبيها و قالت: -و انت بأي حق تراقبني؟
-متقلقيش حقي لسه مخدوتش و لسه الحساب موجود و انا متعود اني اخلي عدوى تحت عيني
-طب انا كنت فين؟
-كنتي في البيت مع شادي و طبعا انتي فهمتي الباقي...
صمتت ديمة فهي لم تتوقع بأنه وصل إلى تلك الدرجة من الانحدار و هبطت دمعة من عيناها، قامت من الفراش و اتجهت لتذهب...
-رايحه فين؟
نظرت له ديمة و قالت: -هروح
-خليكي هنا الوقت اتأخر
-لا مش هينفع، انا لازم أرو...
وضع سبابته على شفتيها، نظرت له بدهشة قولتلك خليكي هنا و بعدين الاوضه بتتقفل من جوه عادي
ارتبكت ديمة و تراجعت للخلف و قالت بتوتر: -انا همشي
-تصحبي علي خير
خرج تيام من الغرفة و اغلق الباب خلفه، صمتت ديمة و تنهدت بضيق فهو أصبح منقذها على كل حال و الآن هي تشعر بالتعب، قامت بغلق الغرفة من الداخل و اتجهت إلى الفراش...
اخذ ثائر زجاجة الخمر من يده و قال بضيق: -تيام كفايه شرب و ركز
زفر تيام بضيق و قال: -هتجنن يا ثائر، ساعات بكون عايز امحيها من على وش الدنيا و ساعات بحس اني عايز أقرب منها...
قطب ثائر ما بين حاجبيه و قال: -و بعدين يا تيام انت مش مراهق، و زي ما قولت رأيي انك تسيبك منها
دفن وجه بين كفيه و قال: -مش عارف...
تنهد ثائر بحيرة و قال: -و لا أنا بس انا عارفك ديما بتمسك في الحاجة البعيدة، انا هروح و الصبح هنتقابل في الشركة، ياريت تروح تنام لأن عندك شغل كتير بكرا...
زفر تيام بحنق و قال: -انا مش هروح الشركة زهقت...
-بجد؟ و عايز تخلي كل اللي حواليك يستغلوا دا،؟! بلاش شغل عيال يا تيام انت عارف ان الكل مستني غلطة...
كانت ديمة لا تستطيع النوم و بقيت تتقلب في الفراش و قامت لتنفخ بضيق...
ذهبت لتقف في الشرفة و تستنشق الهواء البارد، لتظهر ذكرياتها أمام عيناها فهي دائماً ما تشاهد خيانة الآخرين إليها
-بجد يا داليا، انا كنت بعتبرك اختي
نظرت لها داليا و قالت بسخرية: -و انا عمري ما حسبتك اختي يا ديمة، و كنتي عايزة تاخدي سامر اللي طول عمري عيني عليه.
اوصدت عيناها لتنهمر الدموع منها و قالت بقهر: -انا مكنتش اعرف و لا عمري ما كنت افكر أخونك بس الخيانة جات منك انتي
لوت داليا فمها و قالت بتهكم: -انا هعمل بأصلي و مش هفضحك
ضحكت ديمة و قالت: -تفضحيني؟! داليا انتي خايفه أن امك تموت فيها اكيد مش هتستحمل الكلام دا عن جوزها
فاقت ديمة من ذكريات و مسحت دموعها بأطرافها و تنهدت باستياء.
خرجت من الغرفة، كان المنزل هادئاً و مظلم لا يوجد به غير ضوء خافت بالكاد يضئ لها الطريق
بحثت إلى أن وصلت إلى المطبخ فهي كانت تشعر بالعطش.
فتحت الثلاجة و أخذت زجاجة من الماء و بعد ذلك خرجت و بقيت تستكشف المنزل، لفت انتباها تلك الغرفة المغلقة، فالمنزل به الكثير من الغرفة و لكن لما تلك تبقى منفردة في ذلك الطابق
فتحت الباب فقد انتباها الفضول حول تلك الغرفة التي لم تراها و قررت أن تدخلها.
أشعلت الضوء و الذي كان خافت يتلون ما بين الاحمر و الأصفر، رمشت عيناها بدهشة مما رأته، فهي لا تصدق بأن تلك الأشياء موجودة بالفعل، و بالتالي ما كان يفعله لم يكون تمثيلاً فحسم فكان جزء من شخصيته، خطوت ببط و حذر لتتفحص تلك السياط ذات الجلد الرفيع الموضوعة على الحائط بعناية و تنظيم و تلك القيود الحديدية الغربية التي تراها لأول مرة في حياتها.
و خاطر ببالها بأن تلتقط صور لكل ركن بتلك الغرفة و امسكت بهاتفها و بدأت بالفعل...
و لكن فجأة انطفئ ضوء الغرفة فشعرت بالتوتر، خصوصا بعد ما استشعرت بقدومه و قد انتشرت رائحته بالغرفة، سقطت الهاتف من يدها و بدأت جسدها في الارتجاف...
و تراجعت خطوة إلى الخلف و صدمت به خلفها، تخشب جسدها و كل الأفكار السيئة تدور بعقلها، فهو بالطبع سيعاقبها و هبطت دموعها على وجنتيها و قالت بتلعثم و توتر: -أن ا مكنت ش اقص، د...
و التفت ببطء لتجده مازال واقف لم يتحرك و عيناه لا تحمل تعبيرا محدداً، و رغم أن الغرفة كانت مظلمة الا انها شعرت بأن عيناه أشد ظلاماً منها، تراجعت للخلف بخطوة لتبتعد عنه قليلا، و لكن تفاجأت بيده تقبض عليها و يجعلها تقف مكانها مرة أخرى، بدأت انفاسها تتلاشى و كأنها سوف تفقد قدرتها على التنفس ربما ذلك بسبب الخوف و عدم توقعها لما قد يفعله...