قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية تحت جنح الظلام الجزء الأول للكاتبة أسماء صلاح الفصل التاسع

رواية تحت جنح الظلام الجزء الأول للكاتبة أسماء صلاح الفصل التاسع

رواية تحت جنح الظلام الجزء الأول للكاتبة أسماء صلاح الفصل التاسع

زفر تيام بحنق فتلك الغبية التي تقف أمامه لا تعلم بأن يوجد أشخاص لم يستطيع الوثوق بيهم و هو لا يريد أن يحدث لها شئ...
هبطت دموعها و نظرت إليه بخوف فهي معه بغرفة بمفردهم...
تنهد تيام و قال: -ديمة محدش جي جنبك...
نظرت ديمة إليه و بقيت تفرك اصابعها بتوتر لتدرك انه بالفعل لم يقترب منها حتى و بقى واقف مكانه و قامت مسرعة و قالت: -انا عايزة اروح اوضتي
-لا خليكي هنا
-مش هينفع لو سمحت.

زفر تيام بضيق و قال بنفاذ صبر: -ديمة ممكن تنفذي اللي بقوله هنا هتنامي و في اوضتك هتنامي...
و بعد ذلك صمت تيام لأنه يشعر بالتعب و كان الصداع يحطم راسه بلا رحمة، جلس على الاريكة و امسك براسه
ابتلعت ديمة ريقها و قالت: -انت تعبان؟
-دماغي مصدعه اوي
اقتربت ديمة منه بخطوات بطيئة و جلست بجواره مع ترك مسافة بينهم و قالت: -اكيد عشان شربت كتير، اعملك قهوة؟
تنهد تيام و قال: -لا.

ارجع راسه للخلف موصداً عيناه، بسطت كفها لتحسس جبنه بخفه و أبعدته فورا قائلة: -درجة حرارتك عالية اوي كمان
فتح عيناه و نظر اليها و قال: -نامي
-على فكرة المفروض تاخد حاجه عشان تخف
-انا ممكن اخد حاجه تانية و هخف برضو
نظرت له ديمة و رفعت إحدى حاجبياها و قالت بضيق: -من فضلك بلاش الطريقة دي...
-ماشي نامي بقا
-انا معايا خافض للحرارة و مسكن للآلام هروح اجيبه و ارجع.

تنهد تيام و تركها تذهب، خرجت ديمة من الغرفة و تركت الباب موارب
دلفت مونيكا إلى الغرفة و قالت: -تيام؟
انتبه تيام إليها و رد عليها ماذا؟
ذهبت مونيكا لتجلس بجواره على المقعد و قالت: -تعلم بأنني مازالت أحمل مشاعر تجاهك
-نحن الآن أصدقاء في العمل فقط، علاقتنا انتهت منذ فترة مونيكا
-تلك الشرقية لا تناسبك...
دخلت ديمة إلى الغرفة و عندما وجدتها، طرقت على الباب و قالت بحرج: -اتفضل الدوا.

قامت مونيكا لتخذه منها و سألتها قائلة: -ما هذا
-دواء
التفتت ديمة لتغادر و لكن أوقفها تيام قائلاً: -ديمة استنى
توقفت ديمة، نظر تيام إلى مونيكا و قال: -ليلة سعيدة، اغلقي الباب خلفك...
نظرت مونيكا إليها بغيظ و أعطيتها عبلة الدواء و غادرت و هي تشتعل غضباً و صفعت الباب خلفها...
اقتربت ديمة منه و أعطيته الكبسولة و أحضرت كوب من المياه له، تناولها تيام و بعد ذلك تمدد على الاريكة و قال: -ما تروحي تنامي.

ديمة بتوتر: -مش هعرف انام
-طيب
أوصد عيناه و وضع ذراعه أعلى راسه، ذهبت ديمة لتنم على الفراش و كانت تنظر إليه و انتظرت بعض الوقت و قالت: -انت نمت؟!
لم تجد رد منه و استسلمت للنوم بعد ذلك...
تقلبت ديمة في الفراش و فتحت عيناها و هي تتثاءب، و وجدته يخرج من المرحاض و هو يتوق المنشفة حول عنقه و قطرات المياه عالقة بصدره العاري...

أغلقت عيناها مرة اخرى لتكمل نومها، و لكنها تذكرت بأن تلك حقيقة و هي معه بنفس الغرفة، قامت بفزع
تعجب تيام و قال: -دا انتي مجنونة بقا و بعدين واضح انك مش عارفه تنامي
قامت ديمة و قالت بضيق: -هفضل صاحية يعني و بعدين ما انت نمت
-ممكن اكون بمثل يعني وعايز...
قطعته ديمة و قالت: -من فضلك متقولش حاجه و انا همشي بقا
قامت ديمة من على الفراش لتذهب و لكن وقف امامها ليعوق طريقها قائلا: -الباب مقفول.

نظرت إليه و تراجعت خطوة للخلف و قالت بقلق: -ليه؟
-يعني بمناسبة اننا مع بعض في نفس الاوضه، المفروض نقرب شوية
اخفضت نظرها لتهرب من تلك الثاقبتان التي تحدق بها و تفترسها و لكن حديثه آثار دهشتها، تراجعت خطوة لكي تضع مسافة لا باس بها بينهم و قالت: -انا مش ناسية اي حاجه انت قولتها تمام، و انا هنا عشان الشغل و بس مفهوم
-دا انتي غاوية مرمطه بقا
-لا دا شغل و انت اجبرتني عليه فخلاص هستحمل لحد ما يخلص.

-مدة العقد سنة يا ديمة، يعني سنه كامله هتفضلي منقطعة عن البرنامج و دا هيعمل فجوة بينك و بين الناس يعني هتخسري...
صمتت ديمة فهي في كل مكان تلتقي بشخص يريد تخريب حياتها التي مازالت تحاول ترميمها، شعرت بتجميع الدموع بعيناها و قالت بصوت خافت: -عادي و انا عايزاك تعرف حاجه اني مش النوع دا و مستحيل هكون منه، و انت كدا بتضيع وقتك
-على فكرة انا ممكن اخليكي توافقي على كل حاجه بس غصبن عنك...

ديمة بتهكم: -تفتكر ممكن تهددني بأي؟ مثلا، شغلي و باَظ بسببك اهو و تقربيا مفيش حاجه في حياتي مهمة
ابتسم تيام بمكر و قال: -و مرام؟ مش مهمة؟!
ابتلعت ديمة ريقها الذي جف فور سماعها لاسم صديقتها الوحيدة و التي تعتبر بمثابة أهلها و قالت بارتباك: -مالها مرام؟!

-طبعا ما ساعة ما انتي عملتي الحلقة و انا بدور واركي و عرفت ان اقرب حد ليكي هي مرام، محامية شاطرة، و جميلة، بس معروفة بلسانها الطويل ومن أحسن الناس اللي بتكسب قضايا الخلع، بتدعم الستات بطريقة متحيزة و دا بسبب عقدتها من الرجالة...
نظرت ديمة إليه بصدمة و تذكرت اول لقاء بينها و بين مرام في العيادة النفسية...

كانت هي جالسة تضع قدم على الأخرى، و تكتب رسائل على هاتفها و ذلك ما استنتجته ديمة، مع زيادة عبوس ملامحها و فجأة وجدتها تبكي و تركت الهاتف من يدها...
أخرجت ديمة مناديل ورقية من حقيبتها و مدت يدها لتعطيهم لها...
نظرت مرام إليها بعد أن انتهت من بكاءها و قالت: -انتي ميعادك مع الدكتورة امتي؟
-انا اخر حالة و انتي؟
-اللي قبل الأخيرة، اسمك اي؟
-ديمة و انتي؟
-مرام
ابتسمت ديمة و قالت: -لسه بتدرسي.

-اها، انتي بتتعالجي هنا؟ ليه شكلك كويسه
-و انتي؟!
ابتسمت مرام و قالت: -شكل قصصنا متشابهة...
نظرت إليه ديمة و تساقطت دموعها على وجنتها لتختلط تلك الحمرة بسمائها الصافية و قالت: -و انت عرفت ازاي؟

-جوز أمها، اللي خد كل حاجه منها و دخل السجن بتهمة مخدرات و اللي وراها مرام عشان تنتقم منه بسبب انه كان عايز يغتصبها، و تخيلي كدا لو طلع من السجن أو مثلا اثبت ان مرام هي اللي لفقت القضية دي لي عشان كانت على علاقة به و هو قرر يفضحها، أقل ما فيها شطب من نقابة المحامين لأنها سجنت شخص ظلم و ممكن تتسجن لو عمل محضر...
-و مرام مالها؟
-انا مليش علاقه بيها، بس هي وسيلة عشان اضغط عليكي...
-و ليه كل دا؟

-انتي اللي دخلتي مجال مش بتاعك، فكري كويس و انا هستني قرارك
-و دا كله عشان الحلقة؟
-الحلقة هي اللي خليتني احطك في دماغي...
مسحت دموعها بأطرافها و ابتلعت ريقها كيف له بأن يضعها في ذلك الموقف فهي لا تستطيع إيجاد حلاً للهروب
و قالت بتعجب: -مش مستوعبة اللي بتقوله بجد.

-أي الغريب؟، ليا مزاج فيكي و لما أنفذ اللي في دماغي هتنتهي كل حاجه، و بعدين انا ممكن أجبرك تعملي اللي انا عايزه زي مثلا ممكن متخرجيش من الاوضه دي غير لما اضاجعك...
شعرت ديمة بجفاف حلقها فوقاحته تزداد و لكن هي غبية، هي من سمحت له بتجاوز حدوده بتلك الطريقة و قالت باستهزاء: -انت مقرف اوي و انسان حقير...
-انهاردة بليل، عايزك في سريري و لو موافقتش استعدي بقا عشان تستقبلي مع صاحبتك الصدمات...

لم ترد عليه و ذهبت لتفتح باب الغرفة و خرجت منها، دلفت إلى غرفتها و اوصدت الباب خلفها و انهارت أرضياً باكية خلف جدار الباب و اصحبت تزداد شهقاتها، تحاول أن تجد حل لتلك الورطة و لكن لا يوجد و هي لا تستطيع بأن تترك مرام تعاني فهي لم تعلم ما حدث بحياتها و لكن بالتأكيد ليس هين، ماذا ستفعل و كيف ستوافق على ما يطلبه فالطبع هو لم يتراجع و يتركها لجمال عيناها، و لكن زعمت بأنها لم تسمح بان يحدث ذلك تحت أي ظرف، فهي لا تسلمه نفسها إليه برغبتها ابداً، بالطبع سوف تجد حلاً لم تقع أسيرة مرة أخرى، بل تلك المرة أن وقعت سوف تكون القاضية، و لكن كيف ستجعله يتراجع عن ذلك التفكير، مسحت دموعها لتحدث نفسها فهي تريد أن تخرج من تلك الحالة...

لابد من فعل شيء يجعله يبتعد على الأقل، لابد من أشغاله...
زفرت بحنق لتسئم من أفكارها التي لم تجد بها منفعة، فهو سيفعل كل شيء ليحصل على ما اراده و لم ينتبه لها...
دفنت وجهها بين كفيها لتعاود البكاء، فهي لا تستطيع أن تشرح له بأنه أن فعل ذلك سوف يعيدها لأسواء ذكرياتها التي حاولت التعافي منها و لا تستطيع فهي تبقى محاصرة بين أطياف الماضي اللعين...

مرت عليها ساعات لم تشعر بها، فهي قضيتهم في البكاء، حتى توقفت عيناها عن ذرف الدموع و كأنها تطلب منها أن تكُف عن ذلك فقد أرهقت، قامت ديمة و بدأت تشعر بأن عيناها تؤلمها من فرط بكاءها...
خرجت من غرفتها بعد أن قامت بغسل وجهها، و عملت بأنهم ذهبوا إلى التصوير، تنهدت بارتياح فهي تتمنى عدم رجوعهم من الأساس، تفحصت هاتفها و وجدت رسالة منه يخبرها بالذهاب إليهم...

استجابت إلى طلبه و ذهبت، لم ينتبه إليها أحد بسبب انشغالهم بالعمل، زفرت بحنق فلماذا طلب منها المجيء لكي تقف هكذا...
اقتربت مونيكا منها عندما راتها و قالت: -لماذا جيتي؟!
-تيام من طلب ذلك، أين هو؟
-لا أعلم، لقد انتهيت من التصوير للتو
تنهدت ديمة بسئم فهي تشعر بالنفور منها و قالت: -حسنا
نظرت إليها مونيكا و قالت: -هل انتِ على علاقة به؟، اعلم بأن تيام لا يحب العمل مع النساء من الأساس.

ديمة بسخرية من حديثها و قالت: -حقاً؟! هو يمارس معاهم الجنس فقط؟!
-أجل، هل انتِ كذلك.

نظرت ديمة إليها بامتعاض و هي تلعنهم جميعهم تبا إليها و إليه، فهم مقززين بالنسبة لها تكره كل ما يقوله و ما يفعله، و كانت لم تنقصها تلك العاهرة الشقراء، قررت أن تعود إلى المنزل، فهو من الواضح لديه عمل و وجودها ليس له داعي، ذهبت إلى المنزل و دلفت بهدوء لتصعد إلى غرفتها، و لكن عندما فتحت بابها لتدخل تفاجأت بأحد يدفعها إلى الداخل و يغلق الباب...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة