رواية تحت جنح الظلام الجزء الأول للكاتبة أسماء صلاح الفصل التاسع والأربعون
وضع سبابته على شفتيها و قال: -خلصتي، اقعدي بقا لأنك مش هتمشي
نظرت ديمة إليه بعدم استيعاب و قالت: -بجد اقعد و مش همشي هو انت بجد كدا ازاي مش فاهمة؟، طب انا مش هقعد هنا لحظة واحدة
سحبها من ذراعها و حملها على كتفه مثل الشوال و بعد ذلك القها علي الفراش برفق، كادت تجن من أفعاله و قالت بصراخ: -بقولك عايزة امشي، اوف
خطف قبله رقيقة من شفتيها و قال: -اسكتي...
قام تيام و فتح الخزانة و اخرج اصفاد و اتجه إليها قائلا: -للأسف هعمل كدا عشان انتي مبتسمعيش الكلام
وضعها حول معصها و ثبتها بطرف الفراش، حركت ديمة يدها بغضب و هتفت بحدة: -يا تيام بلاش الطريقة دي
اتجه إلى الطاولة و أخذ هاتفه ليجيب قائلا: -بجد، طب دا من أي؟
تنهد الطبيب و قال: -التحاليل اللي قدامي بتثبت انها معندهاش أمراض ممكن يكون اللي حصلها بسبب تسمم
تيام بقلق: -تسمم؟!
-اها عادة بتحصل حالات تسمم بتسبب ارتفاع درجة الحرارة
تيام بعدم اقتناع: -بس دا مظهرش في التحليل ازاي؟، طب المفروض اعمل اي دلوقتي
-ممكن تجيبها المستشفى و نعملها إشاعة
قفل تيام معه و نظر إليها و قال: -ديمة
كانت ديمة تركت تحريك معصمها و صمتت فقد خارت قواها بسبب ذلك الهبوط القوى و كانت تشعر بألم قوي في معدتها، جلس تيام بجوارها و قال: -تعبانة
-انا عايزة اروح.
تعجب تيام من اصرارها و قال: -تمام يا ديمة هروحك حالا...
فك تيام الاصفاد و اسندها لتقوم و قال بضيق: -طب تروحي المستشفى
-لا عايزة اروح البيت
حملها تيام و نزل ليضعها في السيارة و كان يدور برأسه آلاف الأسئلة و قام بالاتصال بمرام قائلا: -انتي فين؟
-في البيت، ديمة حصلها حاجه
-هبعتلك رسالة على الواتساب شوفيها و ردي عليا
كانت ديمة غير منتبه لما يقوله و لكنه لم يرد أن يتحدث أمامها.
فتحت مرام الرسالة مرام ديمة في حاجه مش طبيعية و تعبت فجاه و بطنها وجعتها لدرجة أنها مكنتش عارفه تقف، و الدكتور قال إن التحليل سليم و مصممة انها تروح على البيت
رددت مرام عليه كلامك صح و كمان مش بتاخد الدوا و دكتورة عائشة قالت إن دا غلط عليها و كمان مرحتش جلسات العلاج الطبيعي و خرجت من المستشفى بدري، دا حتى الأودية اللي الدكتور كان ممشيها عليه مش بتاخدها و لحظت حاجه غربية انها مش بتأكل و لا بتشرب.
رأي تيام رسالتها و زفر بحنق فهو لا يفهم لماذا يحدث ذلك و نظر عليها قائلا: -ديمة...
كانت ديمة فقدت وعيها و ارتفعت درجة حرارتها بشدة، اخرج المفتاح من حقيبتها و نزل من السيارة ليصعد إلى شقتها و بدأ بالبحث في كل مكان، بدأ بالصالة و منها إلى غرفتها و بالطبع وجد الأدوية كما هي مثلما قالت مرام.
بحث في الخزانة و في الادراج و وجد زجاجة صغير، فتحتها و لكنه لم يشم رائحتها و يبدو أنها يتم التناول منها فهي وصلت إلى أقل من النصف...
اتصل بتيام به قائلا: -حيدر عايزك تجيلي حالا
حيدر باستغراب: -خير في حاجه و بعدين ما تيجي انت افضل
-تمام هاجي انا، مسافة الطريق.
ذهب تيام إلى المزارعة و حملها ديمة من السيارة و صعد إلى غرفته و وضعها بها و نزل إلى حيدر و قال: -عارف انك مستغرب بس الاول انا لاقيت الازازه دي و حاسس انها غريبة، عايز اعرف دا عبارة عن أي
اخذها حيدر منه و وضع القليل في الغطاء الخاص بها و خرج ليقف في الحديقة و سكبها على إحدى الأزهار ليتغير لونها على الفور و قال: -سم
تيام باندهاش: -عرفت ازاي؟
-تيام انتي ناسية اني كنت دكتور و لا إي و بعدين قدامك الزرع اهو بس النوع دا مبيكنش مع أي حد
-طب و علاجه؟
-لازم يتعمل تحليل لمكوناته الأول و بعدين الأنواع دي بيكون صعب الوصول لترياق
-ديمة خدته و بطنها بتوجعها جامد و حرارتها بترتفع بطريقة مش طبيعية
حيدر بتعجب: -و انت مالك؟، مش هي اللى خدته بمزاجها
-ما هو انت يا تساعدني يا أدور على حد تاني يشوف حل
-تيام دي واحدة واخدة سم قوي و...
قطعه تيام قائلا: -اكيد في حل، اتصرف اكيد في حد استعمل السم دا قبل كدا اعمل اي حاجه بس المهم ميحصلهاش حاجه
تنهد حيدر و قال بنفاذ صبر: -طيب هتصرف بس ليها وقت و هتموت لأن صعب نلاقي الترياق تمام
أخبر حيدر إحدى رجاله بإحضار بعض الأغراض و صعد إليه قائلا: -هتفضل قاعد جنبها زي العيل الصغيرة اللي مستني أمه تفوق كدا و لا اي؟
نفخ تيام بضيق من سخرية أخيه و قال: -عادي، لحد دلوقتي مفقتش.
-دا هبوط من قله الاكل و دلوقتي هعلق ليها محاليل و هتاخد حقن و هتبقى تمام يعني لوقت مؤقت
امسك حيدر معصمها ليتحسس نبضها و قال: -النبض ضعيف اوي
وضع المحاليل إليها و حقن وريدها قائلا: -انا هخلي حد يبقى معاها عشان مواعيد العلاج و لا هتسيب شغلك و خطيبتك و هتقعد جنبها
تيام بضيق: -حيدر كفاية تريقه بقا
أبلغ تيام مرام بما حدث و ذهبت إليه مسرعة، استقبلها و قال: -دكتورة عائشة جات و لا أنا متأكد أن ديمة مش هتسكت.
مرام بحزن: -اكيد المهم فين ديمة؟
-نايمه حيدر قال هتفوق كمان شوية
مرام بسخرية: -حيدر و هو يفهم اي عشان يقول كدا
في تلك اللحظة كان دخل حيدر و اجابها باقتضاب: -عشان دكتور مثلا
ةمرام بدهشة: -أنت دكتور؟!
التفتت مرام إلى تيام و قالت: -هي ديمة بتعمل اي هنا يا تيام؟!، احنا مش مطمنه عليها هنا الصراحة.
تالين بتساؤل: -مالك يا فريد من امبارح و انت على حالك دا؟
نفخ فريد بضيق و قال: -تالين سيبك من دور الزوجة دا عشان مش لايق عليكي
عقدت تالين حاجبها و قالت: -طيب انا هروح لطنط نادية و قبل ما تقول حاجه اختك سيا بتلبس فوق و هتيجي معايا
-طيب ماشي
انصرفت من أمامه و تذكر ما قالته، و اخذ يلعنها و يسبها قائلا: -مش هتعدي على خير، مش فريد رأفت اللي بنت متسواش تخلي واقف ملهوش لأزمة...
استيقظت و كانت تشعر بأنها أفضل، نظرت حولها و قامت بفزع فهي لا تعرف تلك الغرفة، تذكرت اخر شئ كان معها تيام و في طريقهم إلى منزلها و لكنها لا تعرف أين هي؟
ازلت المحلول من يدها و قامت و قبل أن تصل إلى الباب وجدت تيام يدخل و قالت: -انا هنا ليه؟ و فين
-حضرتك هتشرفي لحد ما تخفي من القرف اللي خدتي السؤال بقا جيبتي منين السم دا؟
ابتلعت ديمة ريقها فهي لم ترد أن يعرف احد بذلك و قالت: -أي الكلام دا.
-ديمة خلاص مفيش داعي للكدب و اعملي حسابك انك مش هتخرجي من هنا
تنهدت ديمة و قالت بعصبية: -انت مالك بيا؟، ارحمني بقا انا مش ناقصة حد عليا
-ديمة كلامك كله ملهوش لأزمة تمام و انتي هتفضلي هنا
ديمة بعدم استيعاب: -ليه؟
-مش هسيبك تموتي و حتى لو حاولت تنتحري تاني هنقذك
-انت مش طبيعي بجد...
اخرج هاتفه و رد عليه نعم يا روانا
-سيا جات من بدري و مستنياك حاول تيجي عشان تجبر بخاطرها كفاية انك سيبتها يوم خطوبتها.
زفر تيام بحنق و قال: -مش فاضي، و بعدين هو حد قالها تيجي
-ماما عزمتها، متوافقين مع بعض الحمد الله
-روانا اقفلي انا مش جاي تمام، خليها تشبع بنادية
روانا بضيق: -تيام دي أمك على فكرة و حاول تحترم نفسك شوية لأنك بجد بقيت مزودها في كل حاجه
قفل تيام في وجهها و نظر إلى ديمة التي كانت ترمقه بدهشة و قال: -خير؟
-و لا حاجه، عايزة أمشي
-خدي الدوا و صحيح فيهم حقن
ديمة بزمجرة: -مبخدش حقن و مش هاخد دوا.
رفع تيام حاجباه و قال بهدوء: -هتخدي غضبن عنك، و بلاش تخليني اخرج عن شعوري عشان بجد هزعلك
-انا كدا كدا زعلانه عادي
تنهد تيام و اقترب منها و حاوط وجهها قائلاً: -و انا مقدرش على زعلك بس بلاش تنشفي دماغك و انا خليت حد يجيبلك هدوم لحد ما تخفي و مفعول السم يروح و ارجعي اعملي اللي انتي عايزها...
ترقرقت الدموع بعيناها و قالت: -هو انت بتحب سيا؟
-اها جدا بعشقها.
سالت الدموع على وجنتها و قالت بحزن: -تمام، اطلع برا بقا
تيام باستفزاز: -لا أصل دي اوضتي و بعدين لسه شوية عشان انا اللي هديكي الحقنة
مسحت ديمة دموعها و قالت بغضب: -كفاية برود بقا
همت ديمة لتذهب و لكنه سحبها بقوة و قال: -ديمة انا بسيبك بمزاجي بس اقدر في ثانية اخليكي تسمعي الكلام
-بصفتك اي بقا؟
نزعت يدها منه و اتجهت ناحيه زجاجات الأدوية و كانت رميهم على الأرض ليتهشموا واحدة تلو الأخرى.
جز على أسنانه بغضب و الضيق من تصرفها و وقف يراقبها و هي تكسر كل ما وجدته أمامها في الغرفة بهدوء تام حتى أنه كان متعجب من هدوئه المبالغ به و لكن هل سوف تهب العاصفة...
كانت مرام تنظر إليه و تظن أنه لم يلاحظ بسبب انشغاله في الهاتف
-خلصتي الصورة و لا لسه؟
تنحنحت مرام بحرج و قالت: -بتامل الطبيعة بلاش
-اللي هي انا
مرام باقتضاب: -انت انسان مستفز
-صحيح يا مرام انتي ثبتي فريد ازاي امبارح؟
مرام بدهشة: -و انت عرفت ازاي؟
-عرفت و حسابك و حساب البهوات اللي كانت معاكي هيحصل، ما انا حواليا عيال
ابتلعت مرام ريقها و قالت بارتباك: -انت عرفت ازاي؟
-فريد هو اللي قالي و طالب اني أسلمك لي...
فركت مرام يدها بتوتر و قالت: -و انت هتسلمني؟!