قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية بين غياهب الأقدار الجزء الثاني للكاتبة نورهان العشري الفصل الثامن

رواية بين غياهب الأقدار الجزء الثاني للكاتبة نورهان العشري الفصل الثامن

رواية بين غياهب الأقدار الجزء الثاني للكاتبة نورهان العشري الفصل الثامن

لم أكُن يومًا شخصًا متقلبًا لا يعرف ماذا يُريد. لطالما كانت خطواتي دائمًا ثابتة و لكنه الخوف! منذ أن زارني هذا الشعور حتى استوطن جميع خلايا جسدي فصِرت أتخبط بكل شئ حولي لا أدري اى طريق يجب عليا أن اسلُك. أرهب الوحدة بشدة و اخاف الفقد كثيرًا؛ أخشى أن أرسو بسفينتي على شاطئ السراب ف تبتلعني دوامات الغدر مرة أخرى فتكون النجاة أمرًا مستحيل. كل ما أرجوه أن أجِد وِجهة أمنه تُعيد لي ثباتي. تحتضن ثقوب روحي. وتُرمم ما فعلته عواصف الهوى ب قلبى.

نورهان العشري.

كان «عمار» يسير بخطٍ ثابته يشوبها الفخر و هو يطالع أراضيهم الشاسعة تحيط به هالة من القوة و هيبة تليق كثيرًا بملامحه التي كانت وسيمة بقدر خشونتها و كانت «فرح» تسير بجانبه تستمع إلى ما يقول بإهتمام و ب قلب يرتجف تأثرًا حين يمر به طيف الذكريات الجميلة التي جمعتها معه و مع أرضها و عائلتها و التي تبعث بداخلها مزيج من السرور و الشجن و لسان حالها يردد ياليت الزمان يعود يوماً.

فاكره اهنه لما جعدتي تحاولي تطلعي عالشچرة و وجعتي و يدك اتكسرت؟
قالها «عمار» بلهجته الخشنة و ابتسامته الهادئه و هو يناظرها بعينين تلمع من وهج الشمس التي كانت لانعكاسها أثرًا كبيرًا على غاباتها الزيتونيه فجعلتها مُتعه للناظرين و خاصةً حين اضفت عليها الابتسامه اشراقه جميلة
مانت و ياسين مكنتوش موجودين و كان نفسي آكل توت جدا.
افلتت من بين شفتيه ضحكة خشنه اتبعها قائلًا.

طول عمرك عنيدة يا فرح. طالعه لعمى محمود الله يرحمه.
و بعدين بقي في إلى عاملنا فيها ذئاب الجبل دا؟
كان هذا صوت «مروان» الخفيض و هو يتحدث إلى «حلا» التي كانت تنظر حولها بضياع ولكنها تنبهت حين لكزها «مروان» في كتفها وهو يقول بغضب
أنتِ يا عملى الأسود في الدنيا سرحانه في أي؟
«حلا» بغضب
بتزوقني كدا ليه انت كمان؟ هو أنا ناقصاك؟
«مروان» بتهكم.

ليه ياختي مالك زرعتيها فجل طلعت جرجير؟ مش كفايه مشحططانا وراكِ من اسماعيليه لحد هنا. مين قالك تتخطفي بعيد كدا ما كنتِ اتخطفتي في أي حتة قريبه فاضيلك انا.
«حلا» بنفاذ صبر
هو في حد بيختار يتخطف فين يا بني آدم انت؟ وبعدين مش كفاية الستريس إلى انا فيه. كمان جاي تتريق عليا.
«مروان» بتهكم.

اس ايه يا عين خالتك استريس؟ الله يرحم الست الوالدة كانت بتسرحلك شعرك بالجاز كنتِ تدخلي علينا كدا تجيبيلنا إغماء جماعي من الريحة.
تلفتت «حلا» يمينًا ويسارًا خشية من أن يسمعها أحد ولكزته في كتفه قبل أن تقول بغضب
اخرس يا حيوان. اياك تقول الكلام دا قدام حد. وبعدين دي كانت وصفات دادا نعمة المنيله قال ايه عشان شعري يبقي ناعم.
حاول كبت ضحكته بصعوبة قبل أن يقول بتخابث.

عشان يبقي ناااعم. قولتيلي. شوف ياخي وانا إلى كنت ظالمك و فكرت أنك مقملة ولا حاجه؟ صحيح أن بعض الظن إثم.
ما أن نطق كلمته تلك حتى وجد «حلا» تطبق على عنقه تحاول خنقه وهي تصيح بغضب
مقملة يا جزمه يا واطي وربنا لهخلص عليك.

أخذ «مروان» يحاول تسليك عنقه من يد «حلا» التي كان الغضب يأكلها من الداخل و في تلك اللحظة كانت تتخيل «ياسين» بدلا من «مروان» تريد أن تلقنه درسًا قاسيًا لما فعله معها و كأن أفكارها قد استدعته ليأتي في تلك اللحظة و يراها وهي بهذا القرب من «مروان» الذي كان يضحك على محاولاتها الفاشلة في النيل منه حتى أنه أخذ يعبث بخصلات شعرها التي التفت حول قلبه التي نهشته غيرته القاتلة فقال بغضب.

مش كبرتوا على حركات العيال الهايفه دي؟
توقف الإثنان إثر كلمات «ياسين» الغاضبة و توجهت أنظارهم لتصطدم بعينيه التي ينبعث منها الشرر و الذي قابله التبلد و الاستفزاز من جانب «مروان» الذي قال
لا مكبرناش لو مضايقينك اوي حركاتنا ولاد عمك هناك أهم روح افتكر ذكرياتكوا المهببة سوي و سيبنا هنا نخلص احنا خناقاتنا.

كان وميض الخطر يغلف عينيه مما جعلها تضيق عينيها بخبث تجلي في نبرتها وهي تقول بدلال
اه ياريت تفارقنا عشان احنا نوتي وانت متربي عشر مرات قبل كدا.
نجحت في استفزازه و التعزيز من غضبه و الذي تجلي في ذلك العرق النافر في رقبته فعلا صوته حين قال حانقًا
والله لو أنتِ كبنت مبتخافيش على شكلك يبقي انا مجبر أحافظ على شكلنا قدام الناس وانتوا المفروض ضيوفنا.

واصل «مروان» حمله الاستفزاز التي شنها عليه منذ البداية وقال ساخرًا
تقصد أننا هنعركوا يعني؟ طب والله فكرة. ما تيجي نجبلهم العار العالم إلى متعرفش ربنا دي.
قال جملته الأخيرة وهو يطوق كتف «حلا» بذراعيه في حركة ودودة جعلت عيني «ياسين» تظلم غضبًا فاقترب منه مكورًا قبضته وهو يقول صارخًا بغضب جارف
شيل ايدك من عليها بدل ما أكسرهالك.

تنحي المرح جانبًا و تحول «مروان» من ذلك الشخص الساخر إلى آخر مختلف تمامًا فقام التشديد من يديه حول كتف «حلا» بطريقه آلمتها زاويًا ما بين حاجبيه بينما قست نظراته و شابهتها نبرته حين قال
لو راجل تعالي وريني هتقدر تكسرها ازاي؟

لم يتمهل «ياسين» ولو ثانية واحدة بل اقترب من «مروان» ينوي الإطاحه به ولكنه توقف على بعد خطوة من تحقيق هدفه حين سمع صوت «عمار» القوي وهو يقول بصرامة
وجف عندك يا ياسين.
توقف «ياسين» على مضض حين وجد «عمار» يقف أمامه ينهره بقوة
خبر ايه عاد ايه إلى عم هتعمله دا. دول ضيوفنا ولا نسيت.

كانت عينيه متعلقة بذراع «مروان» التي مازالت تحيط ب«حلا» التي كانت ترتعب فشددت من احتضان «مروان» أكثر من شدة خوفها فتعاظم الغضب بداخله وصاح بانفعال
قول للحيوان دا يبعد عنها احسن ما ادفنه حي.
تدخلت «فرح» محاولة تهدئه الموقف
اهدي يا ياسين في اي؟
صاح «مروان» منفعلًا
و أنت مالك أهلك و مالها؟

جن جنونه من حديث «مروان» و أوشك بالهجوم عليه فتصدي له «عمار» الذي قال معنفا
اهدي يا ياسين جولت.
تراجع «ياسين» بغضب إلى الخلف بينما التفت «عمار» ينظر إلى «مروان» بوعيد تجلي في نبرته حين قال
أكده انت غلطت. و عندينا الغلط بحساب
صاح «مروان» بقوة وهو يقف ندا بند بنظر إلى «عمار ».

الغلط بحساب عند الناس كلها مش عندكوا انتوا بس. وابن عمك غلط و مالوش دعوة بحلا ولا له كلمه عليها. ولا يفكر يقرب منها
«عمار» بتخابث
ايه جولك بجي أنه اتجدملها وهي وافجت. مش أكده يا عروسه؟
قال «عمار» جملته وهو ينظر إلى «حلا» المرتعبة فقام «مروان» بلكزه في كتفه وهو يقول غاضبًا
طلعها هي من الموضوع و كلمني انا.

برقت عيني «عمار» حين شاهد يد «مروان» الممدودة على كتفه و لمع وميض الخطر بهما حتى يظن أن من يراهم الآن يقسم بأن هناك شيطان تلبسه خاصةً بعد أن نفرت عروق رقبته و وجهه وقال بلهجه مرعبة
كتبت نهايتك بيدك يا كلب.

انهي جملته و قام بتوجيه لكمة قويه إلى وجه «مروان» الذي طار للخلف لبضع خطوات من قوه الضربة فتعالي صراخ الفتاتين و تدخلت «فرح» معنفه «عمار»
انت اجننت يا عمار اي اللي بتعمله دا.
لم تكد تنهي جملتها حتى فاجئها «مروان» الذي قام برد لكمه «عمار» بأخرى مساويه لها في القوة وهو يقول بصوت جهوري
ماتخلقش اللي يمد أيده على ابن الوزان لسه.

صاحت «حلا» من بين انهيارها
مروان ارجوك كفايه بقي.
كان «ياسين» غاضبًا بشدة ولكنه استطاع السيطرة على غضبه وقال بصرامة
خلاص يا عمار كفايه دا ميستاهلش توسخ ايدك بيه.
لم يكن «عمار» في حاله تسمح له بالإستماع إلى أحد فقام برفع قدمه و توجيه ضربه قويه إلى معدة «مروان» الذي تراجع صارخًا من شدة الألم فصاح «عمار» قائلا بصراخ.

من ميتا واحنا بنسيب النساوين يعلوا صوتهم يا ولد عمي.
اومال انت بتعلي صوتك ليه؟

تفاجئ الجميع من ذلك الصوت الآتي من الخلف وما أن التف «عمار» لرؤيه المتحدث حتى قام «سالم» بتوجيه ضربة قويه كانت من نصيب أنفه الذي تقاذفت منه الدماء بكثرة فشهقت «فرح» برعب مما حدث و سقط قلبها بين قدميها حين رأت «ياسين» الذي أقبل ليرد الضربه ل«سالم» دفاعا عن «عمار» ولكنه تفاجئ بذراع قويه تطوقه من الخلف و التي كانت ل«مروان» الذي حاول تكتيف «ياسين» ولكن الأخير تبدلت دماءه بنيران مستعرة جعلته ينفض «مروان» و يقوم بإعطاءه لكمة قوية طرحته أرضا وانهال عليه باللكمات بينما احتدم الصراع بين «عمار» و «سالم» الذي لم يعطي الفرصه لخصمه بأن يأخذ أنفاسه بل كان يُكيل له اللكمات و يتلقي منه مثلها و أن كانت الغلبة ل«سالم» الذي بدا وكأنه وحشًا لا يرى سوى ألسنه الغضب التي كانت تتراقص أمام عينيه لتزيد من جنونه و كان كل ذلك وسط صرخات استغاثة من «فرح» و «حلا» التي تحلت بفضيلة الشجاعه واندفعت تقف أمام «ياسين» الذي كان يكيل اللكمات ل«مروان» وهي تقول بصراخ.

ابعد ايدك عنه يا حيوان.
توقف الزمن فجأة عند كلماتها و عينيها التي تطالعه بكره كبير سددته نظراتها كسهام مشتعله في قلبه الذي امتزج به الألم و الغضب معًا فأصبح وجهه لوحه مرعبة ظنت أنها لأحد الوحوش الذي سيجهز عليها بأي لحظه و لكن فجأة تجمد الجميع بمكانه إثر تلك الطلقات النارية التي دوت حولهم مُصدره أصوات اقشعرت لها الأبدان تلاها صوت «عبد الحميد» الذي قال بغضب جحيمي
وجف المهزلة دي منك ليه.

قبل أن ينهي كلماته كان جميع الغفر يطوقون الرجال يحاولون منعهم من إكمال تلك الملحمة التي ستكون أرواحهم ضحية لها في النهاية
في ايه يا سالم؟

كان هذا صوت «سليم» الذي وصل لتوه و خلفه «جنة» فتفاجئوا من رؤيه تلك الدماء التي تغطي الوجوه و تفترش بها الأرض فكان المنظر مروعًا و لكن الأكثر من ذلك هو حديث «سالم» الذي خرج صوته كالزئير حين صرخ موجهًا حديثه ل«عبدالحميد»
زيارتنا خلصت خلاص. ملكوش نسب عندنا يا حاج عبدالحميد وقول لابن ابنك لو شفته قريب من مزرعتها هدفنه فيها.

صاح «عبد الحميد» بغضب
الحديت ده مينفعش اهنه يا سالم. نعاودوا البيت و نتحددته براحتنا.
اجابه «سالم بصرامة»
الكلام ما بينا خلص و ردنا وصلكم. اما بالنسبه لجنة و سليم فاتفاقنا زي ماهو. والمرة الجايه لما نيجي ناخد عروستنا تكون ربيت أحفادك احسن ما اربيهملك انا.
انهي جملته و التفت إلى «سليم» قائلًا بأمر
سلم على مراتك و حصلنا عالعربيات.

نظر إلى كلًا من «حلا» و «مروان» وقال آمرًا
ورايا.
أوقفه «عبد الحميد» قائلًا بتهديد
أكده أنت بتفتح على نفسك ابواب چهنم و انت مش جدها.
واصل «سالم» طريقه دون أن يعيره نظرة واحدة وهو يقول بصرامة
اللي بيعمل مابيقولش وأنا عايز اشوف آخركوا يا عمارنه.

الراچل دا لازمن يتأدب يا چدي.
هذا كان صوت «عمار» الذي كان وجهه متورمًا جراء تلك المعركة الداميه التي كانت قبل قليل فصاح به «عبد الحميد»
اجفل خشمك يا عمار و متسمعنيش صوتك واصل.
تدخل «ياسين» معارضًا
يعني ايه يا جدي يعني يقولك أدبهم و احنا نسكت كدا عادي.
ناظره «عبد الحميد» بغضب تجلي في نبرته حين قال.

الدكتور بتاعنا كنه العشج لحس عجله و طيرله البرچ إلى كان في نافوخه. دلوق متعصب و متضايج و موافج عالغلط إلى حوصول و نسيت زمان لما فارجتنا جال عشان مش عاچبك طريجتنا دلوق ايه إلى اتغير؟
اعادت كلمات جده بعض من التعقل إليه ولكنه لم يجيبه فهو بالفعل انساق خلف غيرته الهوجاء التي جعلت المسافه بينهما كالسماء و الأرض و زادت من تلك العداوة اللعينة بين العائلتين.

عاچبكوا أكده. بعد ما كان خلاص كل حاچه خلصت و جدرت اضمن سلامه بتنا معاهم ضيعتوا كل حاچة بغباوتكم
صاع «عمار» غاضبًا
كنك عايز تچنني. احنا إلى لينا حج عِنديهم يا چدي. احنا إلى مفروض نخلصوا عليهم جصاد إلى عملوه مع چنة.
صاح «عبد الحميد» بنفاذ صبر.

و لما تخلص عليهم فكرك الموضوع هيخلوص؟ هياجي من عنديهم إلى يخلص عليك و يبچى الدم للركب. و اخسرك انت و ابن عمك كيف ما خسرت راضي الله يرحمه. انت لسه ماعيزش تفهم.
«عمار» بانفعال
ماجدرش افهم. انت ليه عايز تچوز چنة عنديهم من الأساس؟ أن كان عالي حوصول انى اتچوزها و لا أنها تروح للكلاب دول
«عبد الحميد» بقسوة.

كنك غبي ولا مفكرني اني اللي غبي. ماتجولي يا عمار هتجدر تجرب من چنة بعد اللي حوصول ليها؟ ولا هتتچوزها و ترميها عندك و الاسم انك داريت عالفضيحه؟
لم يستطيع التفوة بحرف فقد وضع جده سيف الحيرة الباتر على رقبته فرجولته تأبى عليه أن يقترب منها بعد ما حدث و أن كان هناك ضميرًا يوخزه و يذكره بأنها لم يكن لها ذنب ولكنها لعنة ذكورية خلقت به لا يستطيع التخلص منها.

عرفت ليه اني عايزها لابن الوزان؟ تفتكر ليه عملت التمثيلية دي و خليته يتوهم اني ممكن أأذيها؟ ده كلاته عشان اتوكد إذا كان بيحبها بچد ولا رايدها لجل ما يرضي ضميره عشان اللي الكلب اخوه عمله.
تدخل «ياسين» منبهرًا بتفكير جده
طب ولو كان فعلا اتجوزها تأنيب ضمير كنت هتجوزهاله
صاح «عبدالحميد» قائلا بصرامة.

الله في سماه ما كنت هخليها على ذمته لحظه واحده. اني مش هظلم اليتيم كفايه اللي حوصول زمان. و دلوق معايزش حد فيكوا يعارضني. اللي هجوله يتسمع.

كان ينظر إلى الحزن الساكن بعينيها و قلبه ينفطر ألمًا ناهيك عن غضبه لما حدث فإن لم يتدخل «عبد الحميد» في الوقت المناسب لكان لقن هؤلاء الأوغاد درسًا لن ينسوه ولكنه القدر تلطف بهم و انتهت المعركة قبل وصوله حتى لا تزداد الأشواك بطريقه معها فيكفيه ما حدث سابقًا
طلقني يا سليم؟

وقعت الكلمه على مسامعه وقوع الصاعقة التي غيبته عن الوعي فلم يشعر بنفسه وهو يقبض بقوة على رسغيها بأصابعه النحيلة التي كانت كالمقصله على جلدها الرقيق بينما برقت عينيه و لونتها دماء الغضب الجحيمي الذي تجلي في نبرته حين قال
أنتِ اتجننتِ ايه اللي بتقوليه دا؟
كان الألم داخلها يفوق الخوف بمراحل فلم تتأثر ملامحها ولكن تجمعت سحب الألم بعينيها فامطرت وجعًا غزا نبرتها حين قالت.

كفايه لحد كدا. مش مُجبر تتحمل أخطاء غيرك و لا تشيل شيله مش شيلتك
مش شغلك. انا حر و اعرفي اني عمري في حياتي ما اتجبرت اعمل حاجه انا مش عايزها.
هكذا تحدث بقلب فاض به الألم و الغضب معًا لتُجيبه بنبرة مُتألمه
اعتبر نفسك مقابلتنيش و متخافش عليا عمر جدي ما هيأذيني بالعكس أنا لأول مرة احس اني في مكاني و في بيتي.
قاطعها بغضب ممزوج بألم كبير كان يقطر من بين كلماته و نبرته الخشنه.

مكانك جمبي. انا بيتك. و اللي حصل دا كله براكي
- اللي حصل دا كله بسببي
صرخت بغضب وهي تحاول التملص من بين يديه التي لم تفلتها أبدًا بل شددت عليها حتى آلمتها وهو يقول بهسيس مرعب قاصدًا إقحام حديثه في عقلها
دا قدر و مكتوب. و محدش يقدر يغير قدره. اسمعيني كويس يا جنة. جوازي منك دا أمر واقع و عمره ما هيتغير أبدًا. حتى لو الدنيا كلها اتجمعت عشان تغيره مش هيحصل.
ضاقت ذرعًا بعناده فقالت بقلب ممزق و لهجة حانقه.

يعني هتجبرني و أنا مش عايزة.
سليم بصرامه
لو لزم الأمر اه هجبرك.
جنة بصراخ
ليه؟ ليه تتجوز واحدة اخوك ضحك عليها و اتفضحت و بقت في نظر الناس كلها خاطيه. فوق دا كله مريضه بالسرطان و عمرها ما هتخلف تاني ليه؟
كان استفهام مؤلم بل مميت و خاصةً وهي تسرد عليه ما حدث لها من كوارث و مصاعب و تحديدًا أمر مرضها والذي جعله يقول بثبات
حتى لو حصلك اكتر من كدا هفضل متمسك بيكِ لآخر نفس فيا.

واصلت الدهس على جراحه قائلة باستفهام مؤلم
و مش عايز تبقي أب؟ أنا بشوفك بتبص لمحمود ازاي؟ بشوف في عنيك لهفه وحب و حنان من ناحيته كبير اوي ازاي هتقدر تتنازل عن احساسك دا بسهوله
خطت بأسلاك حديثها الشائكه فوق قلبه الذي تمزق من فرط الألم ولكنه تجاهل ذلك و أجابها بثبات
بغض النظر انك مهولة موضوع مرضك دا بس هفترض معاكِ انك صح انا معنديش مشكله و كفايه عليا محمود.
صرخت بغضب
محمود مش ابنك. محمود ابن حازم.

قاطعها وقد بلغ الغضب ذروته خاصةً حين نطقت اسمه فجن جنونه حتى أنه قام بهزها بعنف تجلى في نبرته وهو يقول
اياكِ تنطقي اسمه تاني على لسانك. اقطعي الصفحة دي من حياتك و احرقيها بقي.
تفاجئ بضعفها الذي جعلها ترتجف بين يديه وهي تقول بوجع من بين عبراتها الغزيرة
بس انا لسه موجوعه منها اوي. مش قادرة انسى. مش قادرة. مش قادرة.

صارت تردد جملتها الأخيرة بانهيار فتت قلبه و طحن عظامه من فرط الألم الذي جمع بينهم ولكنه للأسف لا يملك رفاهيه الإنهيار مثلها فإن كان يريد دعمها فعليه أن يكن جدارًا قويًا تتكئ بثقلها عليه فقام بجذبها من يدها ليغرسها بقوة بين أحضانه مغلقًا ذراعيه عليها كالحصن المنيع يود لو ينتشلها من بؤرة الألم تلك حتى تصفو عينيها من ذلك الوجع الذي يلوث بحرها الأسود الذي غرق به ولا يعرف سبيل للنجاة فمن بين جميع النساء هي من احتلت قلبه الذي لأول مرة يعلن خضوعه مستسلمًا أمام طوفان العشق الجارف الذي اجتاحه بدون سابق إنذار.

كانت تنتحب بقوة تردد صداها في أرجاء تلك القاعة الكبيرة التي كانت بأحد أركان هذا المنزل الضخم الذي يود لو يختطفها منه و يهرب بها بعيدًا عنه و عن كل شئ حتى يستطيع أن يجعلها تنسي كل هذا الألم الذي يجيش بصدرها ولكنه أولًا يجب أن يعيد لها كرامتها التي اهدرها ذلك الذي للأسف يحمل نفس دماءه.

قام بوضع قبله قوية فوق جبينها اودع بها الكثير من الحب و الاعتذار معًا ولكن فجأة وجد صوت بكاءها قد هدأ و تجمد جسدها الذي يسكن ذراعيه و بلمح البصر وجدها تدفعه بكل قوتها وهي تناظره بعينين تقطران حقدًا تجلي في نبرتها حين قالت
ابعد عني. انا بكرهك اياك تقرب مني تاني.
ألقت جملتها على مسامعه و هرولت للخارج دون أن تعطي له الفرصة لاستيعاب ما حدث...

كان «سالم» ينتظر في السيارة أمام المقود و بالخلف كانت تجلس «حلا» التي كانت تضمد جراح «مروان» الذي صاح بها غاضبًا
بالراحه يا زفته ايدك تقيلة أحسن والله اطرمخلك معالم وشك.
ح«لا» بارتجاف
وانا ذنبي اي هو انا إلى ضربتك؟
التفت «مروان» غاضبًا
مين دا إلى انضرب يا بت انتِ جتك ضربة في عينك. مشوفتنيش لما اديته لوكاميه طبقتله وشه.

«حلا» باندفاع
لا شوفته لما أداك شلوط وداك أسيوط.
جذبها «مروان» من خصلات شعرها وهو يقول متوعدًا
أسيوط دي إلى هدفنك فيها أن شاء الله أنتِ اوس البلاوي إلى في الدنيا كلها لولاكِ مكنتش اتخانقت مع البغل دا.
«حلا» وهي تحاول جذب خصلاتها منه و بالمقابل يدها الأخرى تمسك خصلاته
انت إلى عملتلي فيها سبع رجاله في بعض اشرب بقي. سيب شعري.

«مروان» بغضب وهو يهزها من خصلات شعرها
يالا يالي بتحطي جاز في شعرك يا معفنه. صدقوا لما قالوا الجنازة حارة و الميت كلب.
بس انت وهي.

هكذا صرخ بهم «سالم» الغاضب حد الجحيم الذي سيحرق الجميع أن أطلق له العنان فذلك الرجل نجح بجدارة في استثارة غضبه النفيس و لأول مرة بحياته يشعر بأنه على وشك القتل لولا تدخل «عبد الحميد» لم يكن ليترك ذلك الرجل حيًا أبدًا. و لكن أنقذه القدر من بين براثنه.

أنوار سيارة قادمة شتت تفكيره وخاصةً حين وجد ذلك الذي ترجل منها والذي لم يكن سوي «صفوت» ابن عم والده و مدير أمن المنيا الذي هاتفه «عبد الحميد» ليأتي و يصلح الأمور بينهم.
لم تدم المفاجأة كثيرًا فقد فطن «سالم» لما حدث فزفر بحنق من دهاء ذلك العجوز
بما انك كشرت كدا يبقي عرفت انا جاي ليه. انزل.

ترجل «سالم» من السيارة التي أوقفها على أول البلد في انتظار قدوم «سليم» ولكن بدلًا عن ذلك اتي «صفوت» الذي قال بهدوء
معقول سالم الوزان يخرج عن شعوره بالطريقة دي؟
«سالم» مغلولًا
سالم الوزان في اللحظة دي عنده استعداد يحرق البلد دي باللي فيها.
ابتسم «صفوت» وقال مهدئًا
اهدي يا راجل. المواضيع متتحلش بالطريقه دي. ويالا تعالوا معايا.

«سالم» بجمود
احنا مستنيين سليم.
سليم هييجي ورانا هو و عبد الحميد.
«سالم» بغضب
ودا جاي يعمل اي انا مش قولتله إلى عندي.
«صفوت» مؤنبًا
احنا مش ظلمه يا سالم. انا حاسس بغضبك و انفعالك. بس احنا غلطنا في حق الناس دي. و عبدالحميد مش طيب زي مانتا فاهم عبد الحميد مش عايز يخسر أحفاده لكن غضبه وحش و مش عاوزين نوصل للمرحله دي معاه عشان حتى الانتصار له ضرايب احنا في غني عنها.

زفر «سالم» حانقًا فقد كان يعلم بأن عمه مصيب فالخطأ يلطخ صفحتهم البيضاء ولكنه حاول بكل الطرق تصحيحه و الخروج منه بأقل الخسائر فماذا بعد؟
بعد مرور وقت لم يكن طويل وصل كلًا من
«سليم» و «عبد الحميد» إلى فيلا «صفوت» و اجتمع الرجال في جلسة منفردة لمحاولة ترميم ذلك الصدع الذي احدثه هذا الشجار الغبي.

حجك عليا يا سالم بيه. إلى حوصول ده مكنلوش داعي من الأساس وانت مفروض مكنتش تشترك فيه لإنك راچل واعي انما هما شباب طايش كان واچبك تعجلهم.
«سالم» بغضب
مش دوري اعقلهم يا حاج عبد الحميد. لكن دوري لما الاقي حد بيتعرض لابن عمي مسكتش.
«عبد الحميد» بوقار
حجك. وعشان أكده انا بجول نجفلو عالموضوع بكل غلطه ونبدؤا صفحه چديدة اني چيت اهه و بديت بالصلح. ايه جولك. س
«سالم» بجفاء.

ماشي قبلت الصلح بس رأيي مش هيتغير موضوع حلا منتهي.
صاح «عبد الحميد» معارضًا
لا أكده يبجي متصالحناش. اتفاجنا انك تسألها لول. ليه بجي بتجدم الرفض.
«سالم» بفظاظة
اصرارك اني اسألها دا مش مريحني يا حاج عبد الحميد. حاسس كدا أنه وراه حاجه
«عبد الحميد» بمراوغه.

يا ابني انت ليه عايز تعجد الأمور؟ اني بنحل و معايزش يبجي فيه بيناتنا غير كل خير. لكن اني صبري جرب يخلوص. لو عايزها شر يبجي شر معنديش مانع ولا اي يا سيادة اللوا؟
تدخل «صفوت» بحكمه
سالم. الراجل جه و مد أيده بالصلح يبقى عايز اي تاني؟
زفر «سالم» بحنق تجلي في نبرته حين قال
ماشي انا هسألها بس لو رفضت الموضوع دا ميتفتحش تاني.
وماله و أني موافج.

نظر «سالم» إلى «سليم» الذي نهض من مكانه متوجهًا إلى شقيقته في الخارج وقال بهدوء ينافي غضبه
حلا لآخر مرة هسألك اذا كنتِ موافقه على جوازك من ياسين؟
بالرغم من غضبها و حزنها وآلمها مما حدث فهي مجبرة على الموافقه و خاصةً بعد ما حدث فهي تنوي جعله يتذوق الجحيم الذي رماها به دون أن يرف له جفن من الرحمة
موافقه يا أبيه.

شهقة قويه خرجت من جوفها حين شاهدت «سالم» الذي كان يطالعها بعيون تتراقص بها ألسنه الغضب الذي تجلي في نبرته حين سألها
متأكدة من قرارك دا؟
لوهله شعرت بأن قدميها لم تعد قادرة على حملها فهي ترتعب من نظرات «سالم» التي تحرقها بنيرانها ولكن الأصعب من ذلك هو خسارة أحد من اشقائها لذا قالت بنبرة مرتجفه
مو. موافقه.

تأكد ظنه فهو فطن إلى أنها ستوافق ولكن رغمًا عن إرادتها فالآن هو شبه متأكد من أن شقيقته تعرضت للتهديد بطريقة أو بأخرى لذا لم يزيد من حديثه بل التفت عائدًا إدراجه إلى الغرفه وهو يقول بفظاظة
حلا مش موافقه.
هب «عبد الحميد» من مكانه وهو يقول بانفعال
كلام اي ده إلى عم تجوله؟
«سالم» بهدوء
طلبت مني أسألها وهي قالت مش موافقه. ايه الغريب في كدا.

ناظره «صفوت» باندهاش فقد سمع موافقتها بأذنيه وقد علم بأن «سالم» فرض رأيه عليها لذلك تدخل قائلًا بتعقل
ممكن تكون مكسوفه منك يا سالم. انا هدخل اسألها.
اغتاظ «سالم» من تدخل صفوت و قال بفظاظة
مالوش لزوم يا عمي.
«صفوت» بنبرة ذات مغزي
معلش يا سالم. حلا قريبة مني و هتصارحني.

زفر بحنق و توجه يجلس على كرسيه بشموخ منتظرا قدوم «صفوت» الذي ما أن آتي حتى قال
زي ما قولت كانت مكسوفه من سالم. مبروك يا حاج عبد الحميد.
ابتسم «عبد الحميد» وقال بوقار
مبروك علينا كلنا يا صفوت بيه. السبوع الجاي أن شاء الله هنندلي على اسماعيلية و ناجوا نطلبوها منيكوا رسمي.
لم يجيب «سالم» انما تولي «صفوت» المهمه قائلًا
تنورونا يا حاج عبد الحميد.

«عبد الحميد» بتعاطف
كان نفسينا ناجوا نطلبوها منيك أهنه بس احنا عارفين الظروف.
اومأ «صفوت» برأسه بحزن تجلى بوضوح في عينيه و نبرته حين قال
ربنا يتمم بخير.

كان الليل طويلًا في هذه البلدة الريفية التي و بالرغم من كآبتها ألا أنه ترك بها قلبه. ويستطيع أن يجزم بأن روحه هي الأخرى غادرته و ظلت معها على الرغم من غضبه و غيرته التي تملكته حين رأي ذلك الرجل بقربها ولكنه يشعر برغبة مُلِحه في رؤيتها يُريد انتزاعها من بين براثن ذلك البيت. لأول مرة يكُن مُمزق هكذا بين واجبه تجاه عائلته و بين قلبه المُصاب بعشقها. يعلم بأنه كان اليوم بصدد خسارتها كليًا ولكنه لا يتحمل أن يجبره أحد على فعل شئ. لم يحدث ذلك طوال سنوات عمره الأربعين. لطالما كان هو سيد قراراته و قرارات من يتبعه. و الآن يجد نفسه في معركة داميه بين كبرياءه الذي يأبى الإنصياع لما يحدث و قلبه المذعور من فكرة فقدانه لها.

اخرج الهواء المكبوت بصدره دفعة واحدة و خطى بأقدامه إلى الشرفه يحاول استنشاق بعض الهواء النقي عله يطفئ نيرانه المتقدة ولكن دون جدوى فتلك النيران لا يخمدها سواها. نعم يريدها والآن يريد أن يقف معها على أرض صلبة حتى يعلم ماذا عليه أن يفعل لاحقًا.

تفاجئ حين رأي «سليم» الذي كان يتوجه ناحيه حظيرة الفرس الخاصة بعمه و دون أن يفكر قام باللحاق به فوجده يقوم بوضع السرج على ظهر الفرس يهيئها حتى يمتطيها فصاح «سالم» مستفهمًا
بتعمل اي يا سليم؟
جفل «سليم» حين سمع صوت شقيقه خلفه فصاح غاضبًا
انت لو قاصد تقطع خلفي مش هتعمل كدا!
«سالم» بفظاظة
مجاوبتش على سؤالي.
«سليم» بنفاذ صبر
رايح اشوف جنة!
ازاي؟

كلمت فرح عشان اطمن عليها قالتلي أنهم قاعدين في الجنينة فقولتلها هاجي اشوفها حتى لو من بعيد.
حين ذكر «سليم» اسمها تنبهت جميع حواسه و لمعت عينيه بوميض خاطف قبل أن يقول بصدر خافق
و من بعيد ليه دي مراتك.
«سليم» بحسرة
مش عايزة تشوفني و عايزة تطلق.
صمت لثوان قبل أن يقول
دافع عن حبك. البنت دي اتظلمت متستاهلش إلى حصلها دا كله.
«سليم» بصرامه
هعمل كدا.
«سالم» بخشونة.

طب يالا عشان منتأخرش.
التفت «سليم» بذهول
منتأخرش! هو انت جاي معايا ولا اي؟
«سالم» وهو يمتطي حصانا آخر بعد ما قام بتجهيزه
مش هسيبك تروح هناك لوحدك.
«سليم» بتخابث
مش هتسبني اروح لوحدى ولا وحشتك؟
نفرت عروق رقبته و اشتدت ملامحه بينما أجاب بجمود
هي مين!
ابتسم «سليم» على عناد أخيه وقال متحمحمًا
احنا فينا من الكذب.
«سالم» بفظاظة
بطل كلام كتير و يالا بينا.

بالفعل توجه الإثنان إلى ذلك المنزل الكبير و قام «ليم» بالإلتفاف إلى الباب الخلفي كما هو الإتفاق مع «فرح» التي قالت بخفوت
سليم بالله عليك متعملناش مشاكل. هتشوفها من بعيد وتمشي.
«سليم» بنفاذ صبر
مش معقول هاجي المسافه دي كلها عشان اشوفها من بعيد يعني هقولها كلمتين و امشي على طول.
«فرح» بغضب
انت هتستهبل. افرض حد شافك
«سليم» بحنق.

بقولك اي اسمعي الكلام أنتِ و ملكيش دعوة و بعدين متقلقيش سالم معايا بره.
تقاذفت ضربات قلبها حتى وصل طنينها إلى أذنيها لدي سماعها اسمه وتسارعت أنفاسها بصورة كبيرة حتى بعثرت الحروف على شفتيها حين قالت
و. هو. اي إلى جايبه معاك؟ مش. قولت انك هتيجي لوحدك.
«سليم» بنفاذ صبر
بقولك اي سيبك منه المهم عايزك تجيبي جنه عند اسطبل الخيل إلى ورا هقولها كلمتين و همشي على طول.
«فرح» بغضب
سليم.

«سليم» برجاء
وحياة اغلي حاجه عندك يا فرح.
انصاعت لرجاءه على مضض و نظرت إلى «جنة» التي كانت تنظر إلى البعيد بنظرات ضائعه و قد تألمت لأجلها كثيرًا فتقدمت منها وهي تقول بمرح
عارفه يا جنة مش طلع هنا في اسطبل خيل.
لم تتغير ملامح «جنة» التي اومأت برأسها دون حديث فقامت «فرح» بجذبها من يدها لتجعلها تقف أمامها لتقول بصوت قوي.

جنة بطلي تعملي في نفسك كدا. كل حاجه هتتصلح و هتبقي كويسه بطلي تحملي نفسك فوق طاقتها أرجوك.
أوشكت «جنة» على الجدال فقالت «فرح» بنبرة آمرة
مش عايزة جدال في الفاضى و يالا بينا تعالي نروح نشوف الفرس واثقة أنها هتخلي ضحكتك الحلوة ترجع تاني.

اومأت «جنة» بانصياع و سارت خلف «فرح» التي كانت ترتعب من ظهور أي شخص من المنزل و قامت بالعبث بهاتفها قبل أن تصلها رساله نصيه فقامت بالنظر حولها فرأت «سليم» الذي كان يختبئ في أحد الحظائر فقالت ل«جنة»
بقولك اي روحي شوفي الفرس دي شكلها قمر اوي.

لم تجادل «جنة» بل سارت إلى حيث أشارت «فرح» التي قامت بإرسال رساله نصيه ل«سليم» فحواها
عشر دقايق بالظبط لو طولت وربنا لهنادي على الغفر انا قولتلك اهو.

ارسلت رسالتها و توجهت إلى أحد الحظائر التي تحوي فرس بني ذو شعر كثيف و عينين بنيتين ذكرتها بذلك الذي احتل عالمها و قلبه رأسًا على عقب فقامت بمد يدها و ملامسه شعر الفرس بحنان زافره أشواقها و ألمها في آن واحد وهي تتذكر كل تلك العواقب و العراقيل التي تضعها الحياة بطرقهم. و فجأة و هي بخضم تخيلاتها وجدت يد قويه تقبض على خصرها و تقوم بدفعها بداخل الحظيرة وما أن التفتت حتى تفاجأت ب«سالم» الذي وضع إصبعه فوق فمها فقد كانت على وشك الصراخ من صدمتها فتمتم بخفوت.

هششش.

بللت حلقها الجاف و أخذت أنفاسها تتقاذف بعنف حتى أوشكت على تحطيم صدرها الذي كان يعلو و يهبط بقوة جراء تلك المفاجأة الغير متوقعه والتي ألجمت لسانها بينما عينيها وقعت أسيره لخاصته والتي كانت تطالعها بشوق ونهم و خاصةً حين تحرك إصبعه على شفتيها الوردية فأشعل ملمسها الحريري نيران الرغبه بقلبه الممزوجه بعشق جارف قد يغرقهما معًا ولكن جاءت حركه الفرس لتعيد إليها توازنها فقامت بالتخلص من أصفاد ذراعيه قائله بغضب.

سيبني.
لم تتحرك عينيه من فوقها انما تعمقت أكثر بالنظر إليها و اكتفى بالهمس
مش هسيبك
كان همسه مثير بدرجه كبيرة ولكنها حاولت الثبات قائلة
أنت اي اللي جابك هنا في وقت زي دا؟
اكتفى بكلمه واحدة أطاحت بكامل ثباتها و أودت بها الى الهاوية
وحشتيني!
شهقه خافته خرجت من جوفها اثر سماعها كلمته التي لم تكن تتوقعها أبدًا فاقترب أكثر منها حتى لفحت أنفاسه الساخنه بشرتها الرقيقه قائلًا بصوت أجش
وحشتيني أوي يا فرح.

لأول مرة تشعر بهذا الضعف الذي سرى كالمخدر في أوردتها و تجلى في نبرتها حين قالت
سالم أرجوك. بعد اللي حصل النهاردة.
سحب أكسجينها الدافئ بين رئتيه قبل أن يقول بنبرة رخيمة
هصلح كل حاجه.
ارتفعت عينيها تطالع عينيه التي أظلمت بنيران العشق و قالت بخفوت
ليه؟
امتدت يديه تتلمس ملامحها بحنان حتى استقرت على خصلات شعرها التي قام بلف إحداها حول إصبعه وهو يستنشق عبيرها الآخاذ قائلًا بخفوت
لسه بتسألي يا فرح؟

انسابت حروف اسمه همسًا من بين شفتيها
سالم.
فجأة صدح صوت طلقات النار من حولهم وووو.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة