قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية بين الرذاذ للكاتبة أنستازيا الفصل العشرون

رواية بين الرذاذ للكاتبة أنستازيا الفصل العشرون

رواية بين الرذاذ للكاتبة أنستازيا الفصل العشرون

كتاليا:
جثيت التقط انفاسي اغمض عيناي احاول تهدئة اعصابي وتمالك رباطة جأشي.
اعتقدت ان موتي محتم.!
ظننت انني سأغادر تاركة خلفي الفوضى التي احدثتها دون تصحيح أي مسار.! خشيت انها. ستكون اللحظة الأخيرة.
كانت الافكار المشؤومة تنهش رأسي بعنف! اردت سبباً لأتمسك بالحياة اكثر رافضة ترك ذلك الجذع رغم اخشابه البارزة التي واللعنة كانت حادة الى درجة لا تطاق.
وما وجدته لم يكن سببا واحد فقط!

عشرات الاسباب دفعتني للتشبث به وعلى رأسها وجه أبي الذي لا اريد رؤية المزيد من النظرات المكسورة تعتلي وجهه!
ريتشارد وهانا. روز وجانيت!
رفعت يدي نحو صدري اهدء من روعي مدركة للفوضى من حولي، استشعرت يد احد المرشدين على ظهري يتفقدني ويسألني بينما اجيبه بلا وعي وقد القيت نظرة على لاري الذي يقوم مرشد اخر بالعناية بقدمه المصابة: أنا بخير.
بحثت من حولي فوراً باضطراب هنا وهناك.
لا أثر له!

ظهر فج?ة كما اختفى فجأة!
رحل بعد ان القى بتهديداته وتوعد لي دون تردد!
عقدت حاجباي بحيرة وارتياب شديد وقد وجدت نفسي ادخل يدي في جيبي فوراً ابحث عن رقم ابي!
لقد وعدته.
ولن اخلف وعدي!
هناك امر خاطئ! ان كان احد رجال ابي في الارجاء فكيف بحق الاله كان باتريك حولي طوال الوقت؟
ابتلعت ريقي بصعوبة جراء جفاف حلقي وعيناي تبحث عن تابع ابي، يبدو لي انه يتعمد الان ان يتوارى عن الانظار.
أبي.

همست فور ان اجاب على المكالمة وقد كان صوتي منهكا رغما عني!
اتى رده فوراً: أنتِ بخير كتاليا؟ اصبتِ بسوء؟ سوف ارسلك حالا الى المشفى!
قال كلماته بنفاذ صبر وعصبية.
لقد اخبره بكل شيء اذاً.
ولكن هل يعلم بظهور باتريك؟
ترددت متسائلة: كانت حادثة نظرا لاهمالي ولكن. هل اخبرك بظهور باتريك؟
ساد الصمت اترقب رد أبي الذي التزم الصمت تماماً.
تمتمت بتشتت: أبي؟
ذلك الطفل بخير؟
يبدو لي انه بخير. لن تجيبني؟

تجاوز كلماتي وقال على عجالة: لم تخبريني بعد هل اصبت بأي أذى؟
تجاهلني مجددا.!، ومع ذلك اجبته بانصياع: انا بخير، مجرد خدوش بسيطة لا تقلق، سأطمئن على الولدين لا يجب ان يسوء الوضع اكثر، اه صحيح يوجد عيادة هنا تابعة للمنطقة لذا سيكون كل شيء بخير.
احرصي على الاعتناء بنفسك، على اجراء مكالمة حالاً، الى اللقاء.
بدى عجولا عصبياً بشدة!

انهيت المكالمة انظر الى بعض الاخشاب الصغيرة العالقة بمرفقي ويدي احاول نزعها ببطء وحذر، استمرت عيناي تبحث في الارجاء بتوتر وقلق ولكن باتريك قد اختفى بالفعل دون اثر كما لو كان ظهوره محظ خيال!
نظرت الى لاري الذي حمله المرشد فوق ظهره وسار به مبتعداً، وقفت كذلك بمساعدة المرشد الذي امسك بمرفقي وقد لمحت الرجل التابع لأبي يقترب يلقي على نظرة متمعنة وعلى المكان بتركيز بينما يضع الهاتف على اذنه.

سمعته يقول مرتبكاً متضايقاً: اعتذر انه خطأي سيدي، لا ادري كيف ظهر فجأة انا واثق انه لم يكن في الارجاء. نعم فهمت، حسناً.
همهم بفهم واردف: فهمت سيدي.
انهى المكالمة ونظر إلى للحظة قبل ان يسرع في خطواته كما لو تم أمره بالتوجه الى وجهة معينة فوراً.
هل سيبحث عنه في الارجاء يا تُرى؟

تحركت مع المرشد وقد ادركت ان لاري قد سبقني الى العيادة فأسرعت بخطواتي لولا ان وقفت بذعر وجثيت على الارض احتمي من احدى الحشرات الضخمة التي اصدر جناحها ازيزاً قوياً.!
ت. تبا هذا يفوق طاقتي!
انتابني الذعر حين استمرت في حركتها حولي وقد وقفت لاصرخ برعب امسك بقميص المرشد بقوة: ابعدها عني!
تعجب وعلق باستنكار وبلا حيلة: كيف قررت الدخول الى هنا ان كنتِ تخشين الحشرات الى هذا الحد.!

تمسكتُ بقميصه أكثر وقد جذبته احتمي به اغمض عيناي بهلع كلما سمعت صوتها قريباً.
لم أعد اطيق الوضع اكثر.!
سمعت صوته مطمئناً: لا بأس لن تقترب يا انسة لا داعي للصراخ قد تجذبين انواع اخرى من الحشرات! لنذهب الى العيادة.
اصابني تحذيره بالقشعريرة فالتزمت الصمت اطبق فمي فوراً.!
نظرت من حولي بحذر ومشيت اتمسك بقميصه بقوة دون السماح له بالابتعاد.
كانت خطواتي سريعة ارغب في التوجه الى العيادة فوراً.

لذا تمكن هو ايضا من التحرك بخطوات واسعة. اريد رؤية لاري وروي، ارجو حقا ان اصابة كل منهما بسيطة! هذا الشرير لاري.
من الخطر التقرب اليه، ربما على التوقف والاستسلام بشأنه.!
جزيت على اسناني بتوتر وتركت قميص المرشد امرر يدي فوق رأسي خشية اقتراب صنف ضخم آخر من الحشرات التي تحلق فوقي، يكاد قلبي يتوقف عن ضخ الدم لم أعد قادرة على مسايرة هذا الوضع اكثر.!

شهقت بارتياب وقفزت بخطوات مضطربة اسرع في خطواتي عندما ادركت ان الارض ايضا تعج بعشرات الحشرات وقد صرخت بذعر حين استوعبت ان احداها عالقة في حذائي!
هذا. يصيبني بالدوار!
صرخت برعب ادفع قدمي بالهواء احاول التخلص منها بكل قوتي، اجفلت بدهشة مدركة تعثري بغصن صغير ويد قد استوقفت جسدي تمنعه من السقوط للأمام لتعيد إلى توازني!
يد قوية.
احكمت قبضتها الامساك بكلا مرفقاي!
قميص اسود شمّر صاحبه عن اكمامه.

هذا ليس المرشد!
رفعت رأسي باضطراب احدق الى العيون الزمردية هامسة باستيعاب: دانيال.!
لقد. وصل بسرعة!
ما السرعة التي كان يقود فيها دراجته بحق الاله؟
يفترض ان يستغرقه الوصول إلى هنا وقت أطول.!
عقد حاجبيه وقد بدت عيناه مليئة بالاضطراب وهو ينظر الى يدي بعد ان انسحب يبعد يديه عني وقال بحزم: لا تبدين بخير! ما الذي حدث لكِ واين لاري؟ ماذا عن روي! هل هما بخير؟

اعقب بعصبية: لماذا كل هذه الخدوش؟ كيف اصبتِ بها؟ لماذا واللعنة لا تتوقفين عن جلب المصائب الى نفسك!
طرفت بعدم استيعاب ولم اكد انبس بكلمة حتى احتد صوته يحدق إلى بنفاذ صبر: لماذا لستِ حذرة بما يكفي؟ كيف من المفترض أن تعي ضرورة أخذ الحيطة والحذر!
ما كل هذه العصبية!
عروق عنقه قد برزت وتورد وجهه بوضوح جراء علو صوته!
اجفلت لسؤاله المليء بالسخط: لستِ مُخيرة في العناية بنفسك لماذا لا تفهمين هذا؟
م.
ما هذا؟

فغرت فمي احدق اليه بينما اردد كلماته في عقلي!
بقي المرشد يحدق الينا باستغراب وترقب في حين تحرك ثغري لاقول ببطء: كما ترى أنا. بخير! لاري على ما يرام لا تقلق بشأنه، روي يتم العناية به أيضاً!
وقبل أن أتفوه بكلمة أخرى اتسعت عينيه لصراخي المفاجئ بتقزز وخوف.
ابتعدت عنه حين لمحت ما يحلق بالقرب من رأسه!، طرف باستنكار ونظر حيث احدق مشيرة بغضب واشمئزاز: اللعنة هذا يكفي اريد الخروج من هنا حالاً!

سمعتُ المرشد قد تنهد بلا حيلة: يا آنسة اخبرتك انه يوجد اصناف من الحشرات تنجذب الى الصوت العالي!
نفيت برأسي بغضب: لا اهتم.! اريد الخروج حالاً لا تسمح لها بالاقتراب مني.
قلت كلماتي الاخيرة وقد انحنيت أكثر وحركت يدي فوق رأسي، عندما ابتعدت الحشرة أسر عت في خطواتي نحو دانيال وقد سحبت قميصه ارغمه على التحرك معي بتوتر وعنف: لنتحرك ونخرج من هذا الجحيم لا اشعر بأنني على ما يرام! دقيقة أخرى و سأفقد وعيي.

كانت لحظات صعبة بطيئة وبالكاد يستجيب جسدي فيها. ولكن التناقض الحقيقي أنني كنت أعدو بخطوات واسعة جراء اضطرابي البالغ!
عيناي لم تترك زاوية الا وابصرتها بحذر واشمئزاز.
قبضتي تتمسك بقوة بقميصه رغماً عني! وبقدر خوفي من هذا المكان برمته. وجدت نفسي أتمسك بقميصه أكثر تحت تأثير الضغط والقلق الذي ينتابني. باتريك لن يظهر مجدداً صحيح؟ طالما.
طالما دانيال هنا.
لا يجب أن يجرؤ على الإقتراب مني!

أرجو أنه قد غادر المكان فعلاً، لا أدري ما الذي يخطط له ولكنه بدى غريباً حانقاً بشدة!
شعرت بدانيال الذي ابطأ من خطواته ففعلت المثل بدوري، زفر و قال بارتباك: هذا يكفي اقتربنا من المخرج!
اشار بكلماته الى يدي التي تتمسك به.

وقفت بتوتر احاول ان اهدئ من روعي، ابعدت يدي اتفهم رغبته وسرت بخطوات مضطربة، كان المرشد يسير بالقرب منا وما ان لمحت المزيد من تلك المخلوقات حتى امسكت بقميص المرشد وقلت بحزم بصوت مبحوح: لن اصرخ ولكن احذرك ان اقتربت مني احدى هذه الحشرات هل تفهم؟
اتسعت عيناه بارتياب: ما ذنبي انا.؟
نهرته بذعر احكم قبضتي بقوة اكبر: ان اقتربت مني ولو حشرة فسأقتلك! عليكَ ان تكون يقظاً. انتبه جيداً.!

اومأ بلا حيلة وكلما لمحت احدها ارغمته على التحرك امامي احتمي به اجر قميصه بقوة اكبر.
تأوه المرشد وقال مطمئناً: يا انسة لا داعي للقلق، ولكن من فضلك هوني عليك اكاد أختنق!
خففت من قبضتي ومشيت بجانبه وتمسكت بالجهة اليمنى من قميصه وقلت بحزم: اياك والابتعاد عني.
يا الهي! حين هرعت الى هنا لم انتبه لهذا الكم الهائل من الحشرات! ربما كان عقلي مشغولا بالعثور على لاري فقط!

لا اصدق انني لم ابصرها جيدا في حين تتواجد في كل مكان بمختلف الاحجام والاشكال. هذا أسوأ مكان قد اتواجد فيه حقاً.!
لمحت دانيال الذي توقف عن المشي امامي والتفت يرمقني بجمود قبل ان يقول للمرشد: ترتدي خاتماً، يبدو انكَ متزوج؟ الا بأس بالتصاقها بك طوال الوقت؟
هاه.!
توقف المرشد بتوتر واومأ ايجاباً: مع انني امارس عملي ولكن زوجتي لن تكون راضية بالفعل.!
اعقب يحدثني باحراج: من فضلك يا آنسة. هل تسمحين؟

اشار نحو يدي راغبا في ابتعادي عنه.! انزلقت يدي ببطء وقد بدت الرجفة تسري في اناملي جراء قلقي وارتباكي ومع ذلك ابعدت يدي وتركته فتقدَمنا بخطوات واسعة وقال: يصبح المكان مظلما اكثر فأكثر لنتحرك.
بقيت في مكاني للحظة انظر من حولي قبل ان اسرع خلفه لاتبعه.

ولكنني سرعان ما توقفت باستنكار انظر الى دانيال الذي يرمقني بحدة واستدار يعطيني ظهره يسبقني بخطوات قليلة، تحركت خلفه فوراً حتى سمعتُ صوته يتمتم بتلعثم: أنتِ. يمكنكِ. التمسك بقميصي حتى نصل فقط، توقفي عن الصراخ والتذمر وانتبهي لخطواتك. ثم ذلك الرجل متزوج لا يجب أن تتجاوزي حدودكِ معه! لا تجلبي المشاكل إلى الآخرين.
قال كلماته دون ان يبطء في خطواته او يتوقف.

رفع يمناه يحك انفه ويمرر يده في شعره بشيء من العصبية وعدم الاتزان، لم اتردد للحظة وقد تبعته امسك بقميصه اسير خلفه بحذر احدق الى موضع قدمي ومن حولي.
كانت ثواني فقط حتى رفعت عيناي قليلا احدق الى ظهره بصمت.
كان للتو.
غريباً!
نظراته تجاه المرشد بدت. عدائية!
أرجو حقاً أنني أفكر أكثر من اللازم.
ما الذي حدث للاري؟ واثقة أنه بخير؟ ولماذا أنتِ ملطخة بالتراب بشدة ما الذي حدث تحديداً؟ وما هذه الخدوش على مرفقك!

اجبته بصوتي الذي بات مبحوحاً بوضوح: روي اصاب قدمه بعد تعرضه للدغة من احدى الحشرات ويتلقى العلاج في العيادة، عندما بحثت عن اخاك وجدته يتنزه في منطقة وعرة، زدت الطين بلة ولم ادرك اننا سنتعرض للخطر، اصاب قدمه ولا ادري ان كانت اصابته سيئة.! بصراحة لا الومه ان شعر بالحقد تجاهي. ربما الالتواء في قدمه ليس خطيراً فبدى قادراً على التحرك لاحقاً.

بدى صوته محتارا وهو يسألني: لماذا قد يشعر بالحقد؟ يوجد غصن كبير انتبهي لخطواتك.
تحاشيت الغصن أتبع خطى مماثلة لخطواته وقد تمتمت أجيبه على مضض: انزلق عندما طلبت منه العودة، ربما يشعر بانه لم يكن ليصاب بالاذى لو لم اظهر نفسي امامه.! بصراحة أخبرته أنني اتصلت بك وقد بدى غاضباً فزعاً.
زفر بانزعاج وقال بجفاء: هذا الصغير الأحمق.!

اردف بجدية: انتابني شعور سيء بذهابك وحدكِ معهما، سأتصرف بهذا الشأن سأرى كيف سأخبر والدا روي، وايضاً حين نصل احرصي على تطهير تلك الخدوش جيداً. أخبريني هل لوى لاري قدمه بقوة؟ هل الأمر سيء جداً؟ حتى وان كان قادراً على التحرك ماذا لو ساءت إصابته؟
صوته الآن وتعابير وجهه قبل لحظات.
لم تكن معتادة!
هل هكذا يبدو حين يشعر. بالقلق؟

لا أدري إن كانت اصابته سيئة ولا تفترض تصورات سلبية سنراه الآن. أرجو أن يكون بخير.
أرجو ذلك.
كانت لحظات حتى خرجنا أخيراً من الغابة، أنزلت يدي اترك قميصه وسرت بجانبه وقد بدى هادئاً غريباً بالفعل وغارقاً في أفكاره! هو حتى لم يبتعد عني او يترك بيننا مسافة كبيرة كالعادة!

عندما سبقنا المرشد إلى العيادة القريبة من المدخل استوقفت دانيال منادية باسمه فتوقف بترقب، حينها تراجع قليلاً خطوات صغيرة للوراء وتساءل: ماذا!
أخفضت ناظري قليلاً قبل ان ارفع يدي اعيد شعري خلف اذني وقلت بجدية: التقرب إلى أخاك مهمة في غاية الصعوبة، سأترك الأمور على ما هي عليه. ولكن لا أريد العودة إلى الوراء!
وضحي قولك.؟
ان قمتَ بمعاتبته فسيكرهني أكثر، لا تفعل.

عقد حاجبيه بعدم اقتناع: ما هذا الهراء! وهل من المتوقع ترك فعلته المتهورة تمر مرور الكرام ببساطة؟ ماذا لو كرر هذا الفعل مجدداً؟ هو لن يتعظ بسهولة.!
ان أردت توبيخه فلا تفعل هذا بقسوة، لا يجب أن يشعر بالكراهية نحوي أكثر!
أعقبت مقترحة: كارل!
نفي برأسه بعدم فهم: ما خطبه؟

تخيل انك كارل!، كارل لديه أسلوب لطيف حتى أثناء عتاب الطرف الآخر، لن يقسو على لاري وسينهره بطريقة أقل حدة ولكنها مؤثرة!، هل تفهم ما أحاول قوله؟ لا تصرخ عليه أو تضربه كن لطيفاً معه واستخدم أسلوب ترهيب بسيط.
طرف بعينيه بتفاجؤ للحظة، ثم سرعان ما ضاقت عينيه قبل ان يشيح بوجهه ينظر بعيداً.
أحكم قبضتيه وتصلب فكّه يطرف بحركة سريعة وقد بَدى يصارع نفسه للحظة كما لو سينفجر في وجهي!

ثواني معدودة حتى اكمل طريقه متمتماً بجفاء: إذاً اتصلي بكارل في المرة القادمة. سيغمركم بلطفه بلا شك.
لويت شفتي بإنزعاج شديد أنظر إليه بينما يسير إلى العيادة.
زفرت بقوة وتابعته بعيناي، ما خطبه بحق الإله عليه أن يفهم ضرورة ألا تسوء علاقتي بلاري أكثر! وما الخطأ فيما قلته؟
دانيال:.

تكتفت بحزم أنصت إلى استكماله لقائمة الأعذار بينما يجلس ويتم تضميد كاحله من قِبل المُسعف: ث. ثم حاولت اصطياد أحد الخنافس واعتقدت ان روي يتبعني! لم أعلم أنه سلك طريقاً مختلفاً. داني أنا آسف!

ضربت بسبابتي على مرفقي الآخر وبقيت متكتفاً أستند على الحائط خلفي، لا أحد هنا في هذه الغرفة فروي وتلك المتهورة في غرف أخرى مجاورة. ومنذ أن رأيت لاري انفجر باكياً وبقي يعتذر دون توقف وها هو الآن يسرد باقي أعذاره بعينيه المتورمة والمتوردة إثر البكاء وقد بحّ صوته بشدة: وبعدها ظهرت هي وأخبرتني أنه قد أصيب فتبعتها ولكنني تعثرت وانزلقت، داني لقد حملتني فوق ظهرها ولكنها زادت الوضع سوءاً! هي لا تجيد فعل أي شيء! وأيضاً إنها مجنونة حقاً أنت لن تصدق ما حدث عليك أن تسمعني!

قلّبت عيناي بنفاذ صبر واقتربت منه في حين وقف المسعف وقال يربت على رأس لاري مبتسماً: مجرد التواء بسيط في الكاحل سيزول الألم في غضون يومين لا داعي للقلق.
تنهدت بعمق وأومأت بفهم، تحركت يدي لأمررها على جبيني أتنفس براحة.!
جيد. ليست إصابة خطيرة، هذا الغبي المثير للمتاعب كم أود ايساعه ضرباً!

أضاف المسعف ينظر إلي: سيشعر بالنعاس بعد تناوله للمسكن لذا قد ينام خلال ساعة أو أقل، يمكنكَ أخذ أقراص المسكن والمرهم الطبي ستجدهم في ذلك الكيس هناك.
فهمت، شكراً.
حين خرج المسعف اعترض لاري يعقد حاجبيه: داني لماذا لا تنصت إلي؟ صدقني تلك الفتاة مجنونة عليك الابتعاد عنها! لا يجب أن تحتك بها ابداً!
جلست على السرير بجانبه أنظر إلى كاحله المضمدة قبل أن اضرب جبينه بخفة فتأوه بعبوس.

أشعر بالغضب الشديد ولكنني سأتجاوز الأمر حتى نعيد صديقك إلى منزله، لست شقياً فقط ولكنك عنيد جداً وتثير المتاعب بقصد ودون قصد! ألم أحذرك قبل خروجك معها؟ ألم أقل لك كن مطيعاً وانصت إلى ما ستقوله لك؟ لماذا تفعل العكس بحق الإله؟
ضربت رأسه مجدداً فمرر يده عليها وقال يخفض عينيه بتوتر: هل قلت بأنك ستتجاوز الأمر؟ حقاً؟ لن تغضب؟
التزمت الصمت قليلاً قبل أن أزفر بلا حيلة.

لا تريد أن تسوء علاقتها معه.! لو كان الأمر بيدي فلن أتردد في ارعابه ومعاقبته ولكن.
ماذا لو تعقد الوضع بالفعل؟ هي حتى تقارني بكارل وتفضل أسلوبه اللطيف دون أن تعلم مسبقاً عما كان سيكون عليه رد فعلي!
أرغب فجأة في لكم كارل بقوة.
نظرت إلى كاحله مجدداً وسألته: لا تشعر بالألم؟
ارتخى جفنا عينيه قليلاً وبدى نعساً وهو ينفي برأسه: لم أعد اشعر بالألم ولكن داني لا تتجاهلني هناك ما عليك سماعه أرجوك!

يا لك من مُلح! ما الذي تريد قوله اختصر علينا ان نغادر.!
نظر إلى بجدية وأومأ بسرعة: سأثبت لك أنها مجنونة! لقد تعثرّت وكادت تسقط من على الجرف.
ماذا؟ هي لم تقل شيئاً مماثلاً!
لماذا لم تخبرني بما حدث تفصيلاً؟ كيف تتجاوز قول أمر بهذه الخطورة!
تلك الخدوش. هذا يفسر سببها! انتابني الانزعاج الشديد وقد سألته بحزم: أكمل!؟
ضاقت عينيه بحذر وأمسك بيمناي بكلتا يديه بقوة: انها. تحاول الانتحار!

عقدت حاجباي باستنكار في حين أكمل: ظهر رجل لطيف ينوي مساعدتها ولكنها رفضت! بقيت تتمسك بالجذع لوقت طويل رغم خوفها من الحشرات! داني انها مجنونة تحاول الانتحار بلا شك!
لماذا قد ترفض مساعدة رجل ينوي مساعدتها؟
ما الذي قد يدفعها لرفضه في لحظة حرجة!
نظرت إليه بحزم ووليته اهتمامي بجدية: لاري. صف أكثر ما حدث! ما الذي قاله الرجل؟ كيف يبدو؟ هل قالت هي أي شيء؟

طرف بعينيه بتفكير وأومأ: صرخت وقالت له أن يتركها وشأنها، أو أنها ليست بحاجة إليه. شيء من هذا القبيل! كان يحاول مساعدتها رغم انه كان معرض للخطر أيضاً، ولكنها بقيت مصرة على رأيها ولم تقبل مساعدته.
هذا. غريب جداً!
هل بدت تعرفه؟ ما رأيك لاري أخبرني! هل كان يبدو الوضع وكأنه لقاءها الأول به؟

استهجن كلماتي ونفي فوراً: مستحيل! لقد بدت متفاجئة بوجوده وبقيت تتمسك بالجذع بعناد! كانت ستسقط في أي لحظة هذه المجنونة ربما تريد حقاً الانتحار!
مهلاً ركز معي ولا تتشعب في حديثك!
قلتها بعصبية وأكملت: لم يبدو لقاءها الأول به ولكنها رفضت مساعدته صحيح؟ ماذا أيضاً؟ هل قال شيئاَ؟
أخفض عينيه قليلاً ولوى شفته مفكراً: ما الذي قاله؟ آه صحيح! لقد قال تحركي كتاليا! هو يعلم بإسمها بالفعل.!
هذا. قد يفسر الكثير!

يظهر رجل لمساعدتها وترفضه بشدة! رفضها للعون في لحظة كهذه قد يشير إلى أمر واحد فقط. هل كانت خائفة منه؟
وما التفسير المنطقي الآخر الذي سيرغمها على تحمل وضع خطير مماثل سوى هذا؟
صِف شكله لي! كيف يبدو؟
أجابني ينظر إلى السقف يتذكر: يبدو رجل مُهندم لطيف، كان أشقر الشعر و. ماذا كانت عينيه؟ خضراء على الأغلب، لا أتذكر جيداً كانت الشمس قد بدأت بالغروب بالفعل.

ثم سرعان ما شهق وقال: تذكرت! كان هناك ندبة لجرح أعلى جبينه!
بقيت متسمراً في مكاني منذ أن أنهى كلماته، أنا حتى لا أدري منذ متى أحدق إلى لاري بتعجب وعدم استيعاب.
أشقر ذو ندبة على جبينه! هل هو نفسه ذاك؟

إن كان الأمر كذلك حقاً. ستكون هذه هي المرة الثالثة التي يتواجد فيها هذا الرجل في الأرجاء حولها! لو فرضت أنني رأيته في المجلة بصفته موظف هناك فلماذا اختار محل الحلاقة الخاص بأبي فقط دون غيره ولاسيما بعد انتقالها إلى منزلنا؟
وجوده اليوم هنا. يصعب وصفه بالصدفة! بل مستحيل.
رفضها لمساعدته إياها دليل كافي على أن وجوده حولها. أمر يشكل تهديداً أوخطراً بالنسبة لها!

هل يلاحقها؟ أيعقل أنه من يقوم بتعنيفها إذاً؟ لماذا!
ما علاقتهما تحديداً؟
كيف من المفترض أن أتأكد من هذا؟ هل أجرب. سحب الكلمات منها باختلاق كذبة مؤقتة؟
ربما تكون الحيلة الوحيدة أمامي!
انتبهت لتحديق لاري إلى وقد بدى نعساً أكثر وارتخت ملامحه بشدة حتى اسند رأسه على حجري ببطء، تنهدت بعمق وعشرات المشاعر الغريبة تنتابني!
هي حتى لم تذكر تعرضها للخطر وقد تجاوزت الحديث بشأن هذا الموضوع!

رفعت يدي وربت على رأسه في حين أغمض عينيه ورفع قدميه على السرير متمتماً: انها مجنونة. لا أحبها. ولكنها ساعدتني. لن أخيفها بالحشرات ولكنني لن أسمح لها بخداعي كما تحاول خداعك. سأتوقف عن ازعاجها حتى يتحسن كاحلي فقط، وسأفكر ان كان على تركها تعيش بسلام مؤقت.
أعقب بعدم وعي يتمتم يكلمات مبعثرة: لا تخبر أبي أرجوك. سيعاقبني.

مررت يدي في شعره بهدوء: لن أفعل، أحسنت صنعاً في عدم اخفاءك تلك التفاصيل عني، لذا سأتجاوز الأمر هذه المرة فقط.
كانت لحظات قصيرة فقط حتى انتظمت انفاسه وغط في نوم عميق.

لمحت خدشاً صغيراً أسفل ذقنه، مررت سبابتي عليه وحين شعرت ببروزه بحثت بعيناي حتى لمحت لصقة طبية قد وجدتها بجانبي على طاولة الأدوية بجوار السرير، أخذت واحدة ووضعتها على ذقنه قبل أن أحمله ليستلقي على السرير جيداً، لا زال على الاطمئنان مجدداً على روي وتلك العنيدة.

وها هو الطبيب يؤكد لي أن تورم قدمه قد خف تدريجياً، تعرض للدغة إحدى الحشرات مما تسبب في ذلك الألم الشديد جراء الحساسية التي أصابته. بدت اصابته مؤلمة بالفعل لذا تم اعطاؤه مسكناً للألم وتخدير موضعي للمنطقة.
حين خرج الطبيب من الغرفة أنبته منزعجاً: ما كان عليك أن تسمع كل كلمة يقولها لاري الأحمق! على كل حال أحتاج إلى رقم والدك لأتحدث معه.

عبس مجيباً: أبي ليس في المنزل، سافر منذ يومين ولن يعود قبل نهاية الشهر.
أردف من تلقاء نفسه: أمي ذهبت إلى اجراء فحوصات في المشفى مع خالتي وأخبرتني أنها ستتأخر.
عقدت حاجباي مقترباً منه أكثر: من في منزلك إذاً؟
شقيقتي.
أجفلت نافياً: ماذا عن شقيقك؟
ليس لدي أحد عدى شقيقتي.
تأففت واومأت بفهم: أخبرني برقمها حالاً.

علي الأقل يمكنني الذهاب إلى متحجرة الرأس تلك وأخبرها ان تتصل بها لتتفاهم معها، نظرت إلى روي وقلت بجدية: دقائق قليلة وسنغادر، عليك ان ترتاح لا تضغط على قدمك، انتظر هنا قليلاً سأعود بعد لحظات.
أومأ بفهم فخرجت أبحث عن الغرفة التي رأيتها تتجه إليها، طرقت الباب ودخلت ولم أرى برفقتها أحد وقد سبق وان تم وضع بعض اللاصقات الطبية على الجروح التي أصابت مرفقيها.

بقيت أقف عند الباب في حين وقفت وتساءلت: هل هما بخير؟
رمقتها بجفاء: نعم، إليكِ هذا الرقم. تحدثي مع شقيقة روي وأخبريها بأسلوب لطيف مماثل لأسلوب كارل أن أخاها بخير ولكنه بحاجة إلى العناية.
ارتفع حاجبيها قليلاً قبل ان تعلق بسخرية: ما هذا فجأة! منزعج إلى هذه الدرجة من مقارنتك بكارل!؟
التصرف بلطف.
اتباع أسلوب كارل اللبق اذاً.
فليَكن.!
نظرت إلى هاتفي قليلاً ثم أشرت إليها بذقني بتبرم: أرسلت الرقم إليكِ.

وصلها اشعاراً على هاتفها فاسرعت تتصل بشقيقته، كان أسلوبها هادئ ومطمئن بالفعل وأوضحت كم ان الأمر لا يستدعي أي قلق.
طرفت بعينيها بحيرة قليلاً ولا أدري ما قالته لها شقيقته، ولكنها رمقتني بنظرة سريعة قبل أن تقول تخفض ناظرها: آ. آه صحيح آسفة لم أعرفكِ بنفسي! كتاليا صديقة شقيق لاري الأكبر.
أي نوع من الصداقة تحديداً! حري بها أن تقول أي شيء آخر! مررت يدي على عنقي وأشحت بوجهي بصمت بينما أكملت حديثها معها.

حسناً قول ذلك ببساطة. لا يبدو سيئاً جداً في الواقع.!
عندما انهت المكالمة سألتها أنظر إلى اللصقات الطبية على مرفقها: ماذا قال الطبيب؟
وقفت ترفع يديها تمدد جسدها: مجرد خدوش بسيطة لا أكثر، هل سنغادر الآن؟
إنه الوقت الأنسب! على التأكد مما يجول في ذهني.
أومأت لها إيجاباً وأشرت بإبهامي للخلف أترقب رد فعلها: نعم، ولكن رجل ما بانتظارك يبدو لي أنه يريد قول شيء ما.
عقدت حاجبيها بإستغراب وتفكير: من؟

رفعت كتفاي بعدم علم: لا أدري! تعرف عليه لاري و قال أنه الرجل الذي حاول مساعدتك آنذاك.
شيء في صدري قد انقبض بشدة ما ان تفاجأت بشحوب وجهها وقد رفعت يدها لتحكم قبضتها تغطي ثغرها للحظة قبل ان تسأل باضطراب واضح: أعتقد أنه علينا الرحيل سيتأخر الوقت، شقيقة روي في انتظارنا.
سايرتها بهدوء: لن يستغرق من وقتك الكثير، ربما يريد قول شيء ما لكِ.

تسارعت أنفاسها بوضوح، اتسعت عيناي ما ان تقدمت نحوي وقلصت المسافة كثيراً تقف أمامي مباشرة هامسة: دانيال. لِنعد!
تصاعد توترها أكثر وفي المقابل ارتبكت رغماً عني لاقترابها حتى رفعت يدها تمسك قميصي! ثم سرعان ما انزلت يدها بسرعة لتقول بتلعثم: أ. أشعر بالصداع لا أستطيع رؤية أي شخص الآن! حدث ما حدث فلماذا يريد الحديث إلي؟ هل نذهب الآن؟ لنتحرك!
كما توقعت!

انكفأ لونها بشدة. شحوب وجهها ليس طبيعياً! اضطرابها الشديد قد جعلها تعض على طرف شفتيها بقوة وتنظر في أرجاء الغرفة بتشتت!
ذلك الوغد هو بالفعل من تسبب بتلك الكدمات والرضوض! ستلتزم الصمت؟ ستتصرف وكأن شيئاً لم يكن؟ لا يمكنها أن تكون جادة!
لماذا لم يغادر بحق خالق الجحيم.!
سمعتها تهمس بذلك محدثة نفسها وقد ابتعدت للوراء تتجه إلى السرير دون هدف معين فقلت بجدية: هل أطلب منه المغادرة؟

طرفت بعينيها بضياع وقد قالت باندفاع: لا تذهب! أ. أقصد نعم. كانت مجرد حادثة لا داعي لكل هذه المبالغة من الأفضل أن يغادر وحسب.
أخفضت رأسي أنظر إلى موضع قدمي.
شعرت بالإنزعاج الشديد والضيق يعتريني! أنا حتى لم أشعر بنفسي وقد تحرك فمي من تلقاء نفسه: إلى متى؟

ظهرت تقطيبة صغيرة بين حاجبيها تنم عن عدم فهمها! ازعجني ذلك أكثر وقد نهرتها بغيظ: إلى متى تنوين اخفاء الأمر! ان كان هناك من يضايقك أو ينوي فعل أي شيء أشيري بسبابتك إليه واصرخي بأعلى صوتك أين تكمن المشكلة في فعل هذا؟
أعقبت بحزم: قلتُ لكِ سأتحمل مسؤوليتك لماذا لا تفهمين؟
بدى التفاجؤ جلياً على وجهها وقد تساءلت بإستنكار شديد: أنت. ما الذي تتحدث عنه!

أتحدث عن تهورك الذي لا نهاية له! قلتِ مسبقاً أنه لديك ظروفك الخاصة ومسائل شخصية لا تريدين التحدث عنها ولكن هل حقاً لا بأس بانسياقك خلف حماقتك باستمرار؟ هل تظنينها الطريقة المثالية لتعيشي حياة تتمتع بالخصوصية؟ ان كان يعنفكِ فلماذا تختارين الهرب! لماذا واللعنة لا تقولين شيئاً!

اتسعت مقلتيها تحدق إلى بأعين رمادية مذهولة قبل أن أتفاجئ بارتباكها متسائلة: لا تخبرني أنكَ قابلته! دانيال أنت. أنت لم تحتك به بأي شكل من الأشكال صحيح؟ هل أخبرته أي شيء؟
احكمت قبضتي بحنق: وان فعلت؟
لا يجب أن تفعل!

صرخت في وجهي منفعلة وأعقبت بصوت مبحوح: إياك وان تسمح له بالاقتراب منك! لا يمكن لأي أحد مجاراة جنونه لن يتردد في اتباع الحيّل للإيقاع بك أو بعائلتك! أخبرني حالاً. دانيال تحدث! ما الذي قلته له؟

بدت لحوحة بشدة وهي تقترب مني مجدداً تشبك يديها بهلع أرغمني على خفض نبرتي مهدئاً: رأيته في المجلة، ثم في محل الحلاقة، و وجوده اليوم حولك لن يكون صدفة، لم أتوقع أنه الشخص نفسه الذي يعنفك. ان سنحت لي الفرصة بمواجهته أو رؤيته ولو من بعيد فخيار التجاهل لن يكون ضمن الخيارات المتاحة أمامي.
ا. ان سنحت لك الفرصة؟ مهلاً هل كنت تحاول استدراجي بحق الإله! هل تقصد أنه ليس هنا؟ واللعنة كيف تجرؤ على الكذب علي!

اعترضت بسخط تدك بقدمها على الأرض بإنزعاج، قلت بجمود أتجاهل كلماتها: قال لاري أنه حاول مساعدتكِ ولكنك رفضت. إلى هذه الدرجة هو شخص غير جدير بالثقة؟ طالما تخشينه إلى هذا الحد متى تنوين ايقافه عند حده؟
أنت تتدخل في شؤوني الخاصة!
تحدثي!
لا شأن لك! سأتعامل مع كل شيء بنفسي لا تحشر انفك في حياتي وابقى خارج الموضوع!
كفاكِ سخفاً!

استرسلت بغيظ أحاول كبح نفسي بصعوبة: أخبريني إذاً أين هو والدكِ تحديداً؟ ما الذي يفعله في هذه الأثناء وأين هو من كل هذا؟ لا أدري من يكون آرثر فريمان تحديداً ولكن يبدو لي قادراً و بلا شك على معالجة كل هذه الفوضى! إلى متى سيحوم ذلك الرجل حول ابنته ومتى سيوقفه عند حده؟ إن لم يكن مسموح لي التدخل فهل من المتوقع أن أقف مكتوف الأيدي فقط؟

انهيت كلماتي بأعصاب تالفة، وقد أتلفها أكثر الكلمات التي نطقت بها بحنق: أبي يعلم جيداً ما عليه فعله، لا تتحدث وكأنك تعرف كُل شيء!
أرجو المعذرة! ما الذي يحدث هنا؟
نظرتُ إليها بحدة قبل أن ألتفت خلفي انظر إلى أحد المسعفين، وقف يحدق إلى بقلق وتساءل: هل كل شيء على ما يرام؟ هل تتشاجران؟
زفرت بقوة ورمقتها بسخط، استدرت انوي الخروج ولكنني توقفت إثر قولها: كاذب لحوح مزعج! لا تتحدث إلى أبداً.!

نظرت إليها من فوق كتفي بجفاء فأعقبت بحزم: ماذا؟ لماذا تنظر إلى هكذا! إنها الحقيقة أنت مزعج بالفعل توقف عن حشر أنفك في كل شيء وحسب! دعني وشأني أنا لا أطلب الكثير.
شعرت بحرقة شديدة في جوفي.
أحشر أنفي؟ مجدداً! هل أفعل هذا أكثر من اللازم؟ هل حقاً. أتدخل في خصوصيات الآخرين!؟ هل من المتوقع أن أتصرف وكأن شيئاً لم يكن؟ وكأنني لا أسمع او أرى؟ ما الذي على فعله تحديداً؟

ان رأيت شخص يبدر منه تصرفاً خاطئاً. فعلي البقاء ساكناً في مكاني؟
ببساطة؟
جزيت على أسناني بقهر شديد وأومأت بجمود: فهمت. أعتذر على التدخل في أمر لا يعنيني، افعلي ما شئتِ.
كارل:
من الواضح أنهما تشاجرا مجدداً.

فمنذ أن عادوا جميعهم في الأمس والصمت التام يعم أرجاء المنزل! الآنسة كتاليا وجهها متجهم بشدة وتتحاشى النظر إلى دانيال! في حين الآخر خرج للهرولة في الأمس فور عودته وعندما عاد استحم وخلد إلى النوم مبكراً وبدى غريباً بتصرفاته الهادئة!
وها هو الآن قد ترك طاولة الفطور بعد ان تناول طعامه وسمعت خطاه تتجه إلى الدرج لينزل، نظر أبي إلى ثم إليها واعاد ناظره نحوي فرفعت كتفاي بعدم فهم أو معرفة.

وقف كيفين وقال بهدوء: لاري أحتاج إلى الهدوء في الغرفة لدي بعض الأمور لأنجزها.
علق لاري منزعجاً: ولكنها اجازة نهاية الأسبوع توقف عن الدراسة في وقت كهذا!
تجاهله كيفين وخرج من المطبخ، عبس لاري في حين سأله أبي: قدمك أفضل؟ تشعرن بالتحسن؟
أومأ فوراً: نعم! لم أعد أشعر بالألم.

وفق ما سمعناه من دانيال في الأمس تعرض لاري لالتواء بسيط في كاحله، عندما عادوا جميعهم لم يكن دانيال قد عاد بدراجته وإنما عادوا معاً بإحدى الحافلات يحمل لاري على ظهره وقد كان يغط في نوم عميق.
يبدو أنه سيخرج بعد قليل ليُحضر دراجته حيث تركها.
نظرت إلى الآنسة كتاليا التي وقفت وقالت بهدوء: طعام الفطور لذيذ كالعادة سيد هاريسون، بالمناسبة سأخرج مساءً مع رفاقي وقد أتأخر قليلاً في العودة.

استوقفها: حسناً ولكن. لم تنهي طبقك بعد!
ابتسمت له مطمئنة: سأكمله لاحقاً لست جائعة بعد.
نظرتُ إلى الساعة حول معصمي أتفقد الوقت، لازال مبكراً جداً، تبدأ المقابلة في تمام العاشرة.
ولكن هذه المرة سأخرج مبكراً أكثر لتفادي أي ظرف قد يؤخرني!

تأملت المقهى من حولي بتعجب وبقيت احدق إلى تفاصيله!
التصميم عصري ومنظم، كل شيء هنا مثالي! الطاولات الدائرة المتفاوته بالحجم والكراسي السوداء المحيطة بها، تصميم السقف الخشبي ونوافذ المقهى التي كانت ضخمة مطلة على الشارع مباشرة والطاولات الخارجية التابعة للمكان.

ركن القهوة الذي كان في زاوية المقهى في الجهة اليسرى وبجانبه ركن المبخوزات والحلويات الطازجة التي من الواضح أنها تخبز يومياً، كما يوجد زاوية أخرى على اليمين تضم الأرائك الواسعة بدلاً من الكراسي للتجمعات الكبيرة.

تبعت أحد الموظفين أسير خلفه حتى صعدنا الدرج المؤدي إلى الطابق الثاني، كان الدرج حديدياً أسود يوحي بأناقة شبابية للمكان تميزه أكثر!، يوجد المزيد من الطاولات هنا، استمريت في المشي خلفه حتى أشار مبتسماً نحو الباب في الزاوية: إنه مكتب السيد وولتر، مدير ومالك هذا المقهى، كن طبيعياً ولا تشعر بأي توتر نحن بحاجة إلى باريستا في أسرع وقت لذا أضمن لك الحظ الموفق إن برعت في مقابلته.

قال ذلك وطرق الباب ليسبقني ويعلمه بوجودي.
هندمت قميصي ومررت يدي في شعري أتنحنح مستعداً للدخول. لا بأس كارل، مجرد وظيفة مؤقتة إلى حين العثور على مكان يناسب مؤهلاتك وشهادتك الجامعية.
يمكنك فعلها.

الأمر أسهل واسرع مما ظننت!
لم أتوقع الانتهاء بسرعة، بدى مقتنعاً جداً وأخبرني أن أباشر التدريب في الغد، هو حتى اكتفى ببضع أسئلة سريعة لها علاقة مباشرة بالوظيفة، علم بأنني أبرع في الطهي ولكنه يرى أهمية تلقي التدريب في كل ما يخص القهوة لأشغَل الركن الموجود في الطابق الأرضي.
كما أخبرني أن المقهى يكون مكتظاً معظم أيام الأسبوع ويرتاده الفئة الشابة وطلاب المدارس والجامعات.

أتساءل إن كانت تلك المرأة المدعوة ستيلا قد أخبرته شيئاً؟ أو أنه بحاجة فعلية إلى موظف بسرعة ولا يريد تعقيد الأمر؟
تنهدت بعمق وراحة وخرجت من مكتبه لأنزل حيث الطابق الأرضي، بحثت بعيناي عن الموظف الذي أخبرني السيد وولتر أنه في انتظاري وهو نفسه من أرشدني إلى مكتبه، وجدته يبتسم ممازحاً أحد زملائه فاتجهت إليه: أرجو المعذرة.
نظر إلى بترقب قبل أن يقول بحيرة: هل تم قبولك؟

أومأت بهدوء وابتسمت برسمية: أخبرني ان أباشر التدريب غداً.
غمز لي مشجعاً: أحسنت صنعاً! السيد وولتر يبحث عن معايير معينة ويهتم كثيراً بجذب الزبائن، أراهن على أن ركن القهوة سيكون مكتظاً جداً في الأيام المقبلة، كن حذراً يا رجل الكثير من فتيات الجامعة يفضلن زيارة هذا المقهى.
أجفلت لقوله وعقدت حاجباي بإنزعاج!

لماذا لم يقل المدير هذا بصراحة؟ غرضه جذب المزيد من الزبائن! حسناً هذا بديهي ولكن. أريد تأدية المهام بأريحية!
تساءلت فوراً بجدية: ألستم بحاجة إلى طاهٍ إضافي؟ أو شخص يقوم بغسل وتعقيم الأطباق؟ التنظيف؟ أي مهام أخرى؟
نظر إلى بحيرة وكذلك حدق إلى زميله باستغراب وقال: لن تكون مجرد باريستا طبعاً، فبعد انتهاء ساعات عملك ستنظف الركن وترتب ال.

ماذا عن التبديل؟ ماذا لو شغلت وظيفة أحد زملائك ليبادلني العمل على ركن القهوة؟
طرف بعينيه بعدم استيعاب فتداركت نفسي فوراً واعدت اتزاني الى نفسي أقول: ل. لا بأس.
ياللحظ السيء!
ولكن كارل لا مجال للتراجع! أين عساك تجد مهنة أخرى بسرعة؟ كن شاكراً واخرس!
اشار الموظف الذي أرشدني إلى نفسه وقال معرفاً: أدعى ويل، وهذا زاك. سأتولى تدريبك لهذا الأسبوع ولكنني لا أدري كيف سيكون جدول التدريب لاحقاً.

نظر إلى بعينيه السوداء مترقباً فابتسمت له بلطف وصافحته: سررت بمعرفتك، شكراً جزيلاً ويل.
ثم صافحت زاك الذي بدى حيوياً جداً يميزه لونه الأسمر وشعره الذي يصففه بطريقة عصرية شبابية للوراء ووشم على ذراعه الأيسر، صافحني مبتسماً بتحفيز: الجميع هنا سيكونون متعاونين معك، لا تقلق ستعتاد على المكان بسرعة.
أيده ويل: محق، الجميع هنا لطيفين ولن تواجه أي صعوبة في التعامل معهم.

نظر إلى شيء ما خلفي وقد زفر متمتماً على مضض بصوت خافت: ولكن يوجد استثناء.
عقدت حاجباي التفت للوراء واذا بي أتسمر في مكاني بدهشة كما وقفت هي أيضاً تقطب جبينها تحدق إلى بعدم استيعاب!
ترتدي زياً رسمياً مشابه لزيهم! بِنطال بُني ضيق وقميص أصفر فوقه مئزر بني عليه شعار المقهى! لا هرب من حقيقة أنها تعمل هنا.! لماذا هذا العالم صغير جداً؟

احتدت عينيها السوداء الواسعة واقتربت متكتفة تستمر في النظر إلى فهمس ويل محذراً: لا تحتك بها كثيراً، نسميها متعاطية المال، لن تتخيل كم تكون مرعبة عندما يتعلق الموضوع بالنقود! ابقى بعيداً عنها.
هاه!
نظرت إليه بتفاجؤ ثم أعدت ناظري إليها لأتفاجئ بقولها بحزم: كنت مستمرة في الدعاء بشكل متواصل آمل أن ألتقي بكَ مجدداً وها قد تحققت أمنيتي أسرع مما ظننت.!

هذه الفتاة. هل تكن لي الضغينة إلى هذه الدرجة؟ اعتقدت ان الموضوع قد انتهى!
ابتعدت للوراء أتنحنح بهدوء وحاولت امتصاص غضبها اتجنب النظر إليها: أنا على عجلة من أمري وعلى المغادرة، انتهت القضية منذ ان خرجتِ من المركز لذا آمل أن نتخطى ما حدث.
رسمت ابتسامة هازئة مقيمة وقد اعادت شعرها الأسود القصير خلف أذنها وأومأت إيجاباً بتهكم: انتهت؟
تساءل زاك بإستغراب: تعرفان بعضكما!

دخلت مجموعة من الزبائن فقال ويل مشيراً لها بهدوء: أسرعي تاتيانا انهم ينتظرون.
بقيت تحدق إلى دون أن تبعد عينيها!
استشعرت نيتها في القتل فأخفضت عيناي قليلاً قبل أن ارفع يدي بتلقائي نحو عنقي.
هذه الفتاة واللعنة تربكني بتحديقها المتواصل!، نظرت بعينيها الحازمة إلى زاك وقالت بجمود: لماذا هو هنا؟
أجابها يزفر بلا حيلة: سيباشر العمل بعد تلقيه التدريب.
ومن سيقوم بتدريبه؟
سيتولى ويل المهمة.

انفرجت زاوية فمها وأومأت بفهم، شمرت عن أكمام قميصها حتى رسغها وقالت: قرار حكيم من السيد وولتر، نحتاج إلى موظف يلبي الطلبات المتزايدة طبعاً.
أعقبت وبريق عينيها مليء بالوعيد: لا تبحث عن عمل آخر، مكانك هنا. ركن القهوة في انتظارك أنت سيد كارل.
هي حتى لم تنسى اسمي بعد ان تفوه جيمس به صدفة!
نظرت إلى موضع قدمي للحظة والتزمت الصمت! مجادلتها فكرة سيئة جداً.

تجاهلها كارل هي لا تزال غير ناضجة وطالبة جامعية صغيرة لذا تصرف وكأن شيئاً لم يكن ولا تزيد الطين بلة! أنت بحاجة إلى هذا العمل ولا مفر من هذه الحقيقة.
تصرف وكأن شيئاً لم يكن.
تظاهرت بالإنشغال اخرج هاتفي من جيبي فتحركت لتستدير تتجه إلى الزبائن لولا ان توقفت ونظرت إلى من فوق كتفها: لقد سررت بلقائك مجدداً.

نبرتها مليئة بالوعيد والازدراء! التفتت وأكملت طريقها نحو طاولة الزبائن تمسك بالجهاز اللوحي وقد وضعته على الطاولة ترحب بهم بهدوء وما ان انهمكوا بالنظر إلى الجهاز حتى القت على نظرة متمعنة.
سألني ويل بإستغراب وحذر: يا رجل لماذا أزعجتها هي من بين الجميع! ما الذي حدث بينكما؟
اختصرت بهدوء اعيد هاتفي إلى جيبي: سوء فهم.

علق زاك يشبك يديه خلف رأسه وينظر إليها بملل: ابقى بعيداً عنها، انها مزاجية جداً وعدائية مع الجميع.
أعقب بإستيعاب: صحيح دعني أحذرك منذ هذه اللحظة! هي تحتل غرفة الاستراحة معظم الوقت لذا كن حذراً من ازعاجها.

عقدت حاجباي بعدم رضى فوضح فوراً بصوت خافت: تعمل طوال الوقت خلال الوردية الصباحية والمسائية بل وتحرص على العمل في نهاية الأسبوع ولا تتردد في أخذ أي مناوبة لأحد الزملاء فقط للحصول على المزيد من المال! وعندما يحين وقت الاستراحة ستجدها تدرس بتركيز في الغرفة وتنزعج من أي ضجة!
حسناً هذا. مزعج قبل حتى تجربته!
ابتسمت لهما بهدوء: لا بأس علينا مجاراتها وحسب، إنها مجرد طفلة، واثق انها ستنضج بمرور الوقت.

ارتفع حاجبا ويل ببلاهة في حين ردد زاك: طفلة؟ إ. إنها في العشرون من عمرها يا رجل!
رفعت كتفاي: هذا لا يغير الواقع.
ابتسم ويل بسخرية وضحك بخفوت: تتحدث كما لو كنت في العقد الثامن من عمرك!
ثم بدى وكأنه يرغب في تحذيري مجدداً بجدية: كن رسمياً معها هذا أفضل، ولا تمزح معها في أي أمر يتعلق بالمال.

ضاقت عينا زاك وقال بصوت هامس: هناك إشاعة تقول أنها تتعمد البقاء في المقهى لوقت متأخر بحثناً عن العملات النقدية أو الورقية أسفل الطاولات والكراسي!
أيده ويل بهمس: تقول الأسطورة أنها شوهدت تبحث عن العملات النقدية أسفل ثلاجات العصائر في الشوارع العامة، إن كان هناك أي عرض أو خصومات في المراكز التجارية ستكون هي أول المتواجدين والأمهر من بينهم!
هما لا يعلمان أنني ودانيال الأسرع في تلقي أخبار الخصومات.

بل لا فكرة لديهما عن الفريق الذي لا يقهر في كل خصومات يتم الاعلان عنها.!
كيفين الافضل في احتساب الاسعار وتوقع خصم المنتجات، مهارة لاري في جمع الاشياء في لمح البصر، اقتناص دانيال للفرص وتمسكه بالمنتجات ولو على جثته، وتركيزي على المداخل والمخارج الانسب لتفادي الزحام.
ابتسمت مسايراً: شكراً جزيلاً، أنوي التركيز على عملي وحسب، سأكون هنا في السابعة صباحاً في الغد.

تحركت لأخرج أتنهد بعمق وقد لمحتها تجهز طلبات الزبائن وبدت منهمكة فيما تفعله أمام ركن المخبوزات.
تتعاطى المال إذاً.
هذا يفسر سبب سلوكها العدائي تجاهي واتهامي بالسرقة، ومع ذلك لا يفسر فظاظتها المبالغ فيها. ستكون أيامي هنا صعبة، سأواجه وقت عصيباً بلا شك!
كتاليا:
ترجلت من سيارة الأجرة أتجه إلى المطعم الجديد الذي اختاره سايمون كالعادة، يُطل على الشارع العام المجاور لسلسلة فنادق صغيرة.

كنت حريصة على ارتداء قميص أبيض فضفاض لأتجنب أي سؤال حول اللصقات الطبية على مرفقي، أريد حقاً الاستمتاع معهم واستغلال الفرصة.
نظرت إلى الاكياس الصغيرة التي أمسكها بيداي ودخلت أبحث عنهم في أرجاء المكان.
لمحتُ جاك الذي أشار لي ينبهني فابتسمت بهدوء لأقترب، الجميع هنا مسبقاً.
عندما وصلت إلى الطاولة ابتسمت روز بتهكم: اعتدتِ أن تكوني اول الواصلين كات!

ولكنها سرعان ما انتبهت للأكياس بيدي يداي فخمنت سبب تأخيري عن الموعد تغمز لي مشاكسة فابتسمت بلا حيلة.
ارتفع حاجبا ديفيد متسائلاً: ما كل هذه الأكياس؟
نظرت إلى جانيت التي تجلس تسند وجنتها على يدها وتنظر إلى هاتفها بصمت بجانب جاك، تقدمت و جلست بجانب سايمون حيث المقعد الشاغر وقلت: بعض الهدايا البسيطة لكم.
ابتسم جاك بسعادة وارتخت ملامحه: كنت أعلم أنكِ تبادلينني الشعور كتاليا.

قلّبت عيناي بنفاذ صبر في حين تمتم سايمون بإنزعاج: دعها وشأنها!
ثم قال يوجه حديثه إلى الجميع: أسرعوا! لنختار الطعام أنا جائع. يتأخر هذا المطعم قليلاً في التجهيزات لذا هيا. كما أن زوجتي ستعود مع الأبناء بعد فترة وجيزة على الخروج لاحقاً لاصطحابهم.
اسندت روز مرفقيها على الطاولة وقالت تبتسم ممازحة: كم هي محضوضة إيلينور، سايمون عليك أن تكون قدوة جميع الأزواج في هذا العالم!

تمتم ديفيد على مضض متكتفاً وقد وكزها بذراعه بخفة: كنتِ قبل لحظات فقط توجهين الشتائم إلى كل رجال العالم ما الذي تغير فجأة؟
علقتُ بسخرية: وما مناسبة تلك الشتائم يا ترى؟ دعني أخمن. آه لا داعي للتخمين فجادلكما المعتاد سيتم تكراره إلى آخر رمق، حسناً قبل كل شيء هذه الأكياس لكم، هذا الكيس لك سايمون.
ناولته إياه فأخذه مبتسماً بلطف ينظر إلى ما في داخله وقد ارتفع حاجبيه معلقاً: محفظة جِلد فاخرة!

غمز ديفيد له محفزاً قبل أن يسألني بترقب: ماذا عني كتاليا؟
ناولته الخاص به فنظر إليه فوراً لترتخي ملامحه قبل ان يخرج الساعة فوراً ينظر إليها بتعجب: مهلاً. هذه العلامة التجارية. كات ألم تبالغي قليلاً؟
رفعت كتفاي بملل: ستكون المرة الأولى والأخيرة.
علقت روز حائرة: سمعنا هذا مسبقاً عندما قمتِ بشراء الهدايا قبل ثلاثة أشهر فقط!
بقيت جانيت تنظر إلى هاتفها بينما تعلق بهدوء: صحيح.

أيدها سايمون بإحراج وامتنان: لا تكلفي نفسك كات، نحن أصدقاء لا داعي لكل هذا.!
ابتسمت بهدوء ونفيت: لا بأس توقفوا عن المبالغة، إليك هذا جاك.
اغمض عينيه ورسم ابتسامة واثقة وقد نفي سلباً: لا كتاليا، الرجل من يقوم باهداء فتاته خاتم الزواج، لا تتخذي خطوة عكسية.

عقدت جانيت حاجبيها تنظر إليه بإنزعاج، في حين رمقته بملل وبلاهة وقد زفرت بضجر القي بالكيس جانباً بينما اعترض ديفيد بإشمئزاز: متى ستتوقف عن اسلوب الرجل الزير هذا يثير حنقي! من هي فتاتك أصلاً من بحر الفتيات اللواتي تواعدهن؟
قلّب سايمون عينيه بنفاذ صبر في حين ضاقت عينا روز بإزدراء، نظر جاك إلى بترقب فقلت له بحزم: انسى الأمر.
عبس واعترض: حسناً أعتذر! ناوليني إياه.

تجاهلته ونظرت إلى روز: إليكِ هذا، إنه لكِ.
أخذته مني بحماس تنظر إلى ما في داخله قبل ان تشهق بسعادة وتخرج منه الإصدار الجديد لأحمر الشفاه الذي يعود إلى إحدى العلامات التجارية الشهيرة، نظرت إلى بعدم استيعاب وقد قالت بعدم تصديق: متى صدر هذا بحق الإله؟ متى قمتِ بشرائه؟ يا إلهي!
أجبتها ضاحكة بخفوت: إنها مصادفة! رأيته بينما أتسوق لذا لم أتردد.
زفر جاك بإنزعاج: بربكِ كات أريد هديتي!

رمقته بحدة: في المقابل توقف عن إزعاجي.
أومأ فوراً: أعدك!
ناولته الكيس الخاص به فأخذه بلهفة لينظر إلى ما في داخله قبل ان يعقد حاجبيه ويرمقني بشك، ثم عاد يحدق إلى ما في داخله فكتمت ضحكتي ارتدي قناع الهدوء والبرود.
سحب ديفيد منه الهدية على حين غرة لينظر إليها قبل ان يضحك بسخرية ويضرب كفه بكفي: أحسنتِ الاختيار!
تمتم جاك بجمود: اخرس ديفيد! وأنتِ كتاليا لماذا هذا التمييز!

أجبته بملل: توقعتُ أن يصدر من فمك كلمات مشابهة لذا أهديتك ما تستحقه.
نظر سايمون بفضول إلى الكيس يأخذه من ديفيد قبل أن يضحك بلا حيلة يخرج كُتيب صغير: ارشادات الأخلاق والمبادئ العامة؟ يا رفاق إنها أفضل هدية بالفعل.
ضحكت روز بينما تنهد ديفيد: خذه! اقرأه بتمعن يا حضرة مدير القسم الفني.
أشار جاك إلى بسبابته واصبعه الوسطى وقد ضيق عينيه ذات البريق الزيتوني محذراً: أراقبكِ جيداً، ستندمين على العبث بمشاعري.

ابتسمت مسايرة: آه نعم.
بدأ ديفيد وسايمون وروز بالسخرية والتهكم في حين القيت نظرة سريعة على جانيت التي لا تشاركنا الحديث كثيراً وقد اعادت نظرها إلى هاتفها.

خرجت قبل الموعد بوقت مبكر لأتجه إلى المركز التجاري، أردت حقاً أن تنسى الخلاف الذي بيننا ونتجاهله تماماً، كما لا ضرر من اهداء الجميع بعض الهدايا، يستحق الجميع هنا الشعور بالسعادة! كل منهم قد وقف إلى جانبي في وقت ما منذ بداية التحاقي في المجلة. ليسوا مجرد زملاء عمل، هم بالفعل أصدقائي.
لم يكن من السهل بناء صداقات حقيقية فيما سبق! كما أن جميعها قد بُنيت على المصالح وحسب لذا. الشعور بالفرق أمر حتمي!

اعتدت ان يحيط بي مجموعة من الفتيات أثناء الدراسة، ولكن تلك المجموعة كانت إما بغرض تجنب شخصيتي المريعة أو. بغرض الاستغلال لا أكثر.
لذا بناء علاقات جديدة لا تمت لكتاليا القديمة بأي صلة. هو مجهود بالفعل قد استنزف الكثير من طاقتي ومحاولاتي!
ابتسمت أتجاهل الاحساس الموحش بالعودة إلى نفسي القديمة وقد نظرت إلى جانيت وناولتها الكيس الخاص بها، تمتمت على مضض تشيح بناظرها: لم يكن عليك شراء أي هدية.

أعقبت تتنهد بعمق: هل أعلنتِ افلاسك؟
ابتسمت مطمئنة: ليس بعد لا تقلقي.
في الواقع قمت بسحب الأموال من بطاقتي الائتمانية التي أبقيها معي للاحتياط، الأهم أن الجميع سعيد حولي هنا.!
ارتفع حاجبيها تنظر إلى ما في داخل الكيس الصغير وقد اخرجته تحدق إليه بين أناملها.
بقيت أنظر إليها بترقب وحماس: أعجبك؟

ارتخت ملامحها كثيراً تتأمل الاكسسوار المخصص للنظارات ليعلق سايمون وهو يركز ناظره بهدوء: هذا الشِعار، أعتقد أن الاكسسوار مصنوع يدوياً من أحد الحِرفيين ذوي الشهرة الواسعة!
بقيت جانيت تحدق إليه قبل أن تنزع نظارتها وتقوم بتركيب الاكسسوار بالإطار الخارجي، ابتسمتُ براحة ولكنني سرعان ما أجفلت لوقوف جاك الذي وَقف بصمت وتحرك مبتعداً عن الطاولة!

تابعته بعيناي وكذلك الجميع، تبادلنا النظرات الحائرة في حين تجاهلته جانيت وارتدت النظارة متمتمة بهدوء: سأحتفظ بها.
اتسعت ابتسامتي في حين قال سايمون: شكراً جزيلاً كات، آه تباً لقد نسينا أمر الطعام أسرعوا.!
انشغلنا بطلب الطعام والاختيار من القائمة، نظرت من حولي باحثة بعيناي عن جاك بحيرة.
هل وردته مكالمة؟ لا اظن ذلك! أين هو؟

بقيت أنظر من حولي حتى لمحته من الزجاج خارج المطعم يقف أمام الواجهة واضعاً يمناه في جيب بنطاله، وجهت نظري إلى المجموعة وقلت بإستغراب: يا رفاق! لماذا خرج جاك؟
ضاقت عينا روز البنية بشك: هل تضايق من كُتيب الارشادات يا ترى؟
شبك ديفيد يديه خلف رأسه بتبرم: هو ليس بهذا السخف. سأذهب لأرى.
استوقفته بسرعة: مهلاً سأذهب انا.
أعقبت أشير إلى احد الأطعمة في القائمة: سايمون أريد تناول هذا الطبق، وهذا.

أومأ بفهم فتحركت لأخرج من المطعم أتجه إليه أتجاوز بعض الزبائن الذين دخلوا، تقدمت نحوه وقد وقفت بجانبه باستغراب وتهكم: اعتقدت ان مكالمة هاتفية قد وردتك!
نظر إلى بصمت للحظات وقد جابت عينيه على بهدوء، بادلته النظرات بترقب حتى ابتسم بسخرية: ماذا؟ أرى الندم في كلتا عينيك! تريدين الاعتذار؟
أشرت بإبهامي للخلف: لنعد، أنت لم تقم باختيار الطبق الذي تريد تناوله حتى!

أردفت بجدية: ما الأمر؟ هل تضايقت؟ أنت لن تشعر بالانزعاج لأمر مماثل جاك كفاك سخفاً!
نظر للأعلى بلا حيلة: قاسية!
وقف مواجهاً لي مباشرة وقد دنى قليلاً نحوي وارتخت عيناه ينظر إلى بهدوء: وماذا لو كنت أشعر بالانزعاج فعلاً؟
طرفت باستنكار وبقيت واقفة مكاني!، استكمل كلماته بنبرته وقد انخفض صوته أكثر يطرف ببطء: لماذا تعملين معنا في المِجلة كات؟

عقدت حاجباي بإستنكار أحدق إليه بهدوء، وضعت يدي على صدره أدفعه قليلاً وقلت بجدية: ما خطبك فجأة؟
تنهد يقف مستقيماً، أخرج يمناه من جيب بنطاله ومرر بها شعره للوراء متمتماً: مجرد سؤال. لماذا ابنة آرثر فريمان تعمل مصورة وتتقاضى أجراً أقل بكثير مما اعتادت عليه؟ لماذا أنتِ في المجلة دون غيرها؟ لماذا قررتِ امتهان التصوير بدلاً من الجلوس في المنزل وممارسة هواياتك بشكل جانبي وحسب؟

ما خطبه تحديداً؟ لا أتذكر أن جاك كان يتعمق معي في هذه التفاصيل مسبقاً! ثم يبدو غريباً منزعجاً بالفعل!
طرفت بتردد وسألته بإهتمام: أنت. منزعج مني؟ كانت مزحة! تستحق هدية أفضل جاك ولكنني رغبت في ممازحتك ولم أقصد مضايقتك! ماذا أفعل؟
ارتفع حاجبيه للحظة قبل أن يضحك بخفوت!
نفي برأسه وقال بلا حيلة: تارة تكونين جامدة قاسية وتارة أخرى تصبحين لطيفة طفولية! أحب تنوع أساليبك كات.
لويت شفتي بإقتضاب: تباً لك!

أعقبت بجدية أنظر إليه بترقب: ما مناسبة تلك الأسئلة؟ ما الخطأ في العمل في المجلة؟ فقط لأن أبي يدير مدينة إعلامية لا حق لي في اتخاذ طريقي بنفسي؟ هل على الاعتماد على أموال أبي فقط؟
أخفض مقلتيه قليلاً قبل أن يرفع رأسه بهدوء ينظر إلى الفراغ، بدى يفكر بعمق قبل أن يقول ببطء: لا. ليس عليكِ الاعتماد على أمواله، لكِ كامل الحق في امتهان الوظيفة التي ترغبين فيها، تمنيتُ فقط لو ان الظروف مختلفة كات.

تفاجأت بابتسامة لطيفة مضمرة على ثغره وقد رفع يده ببطء يربت على رأسي: اجتهدي وحققي طموحك، لا تنظري للوراء مهما كان.
أردف وقد انزلقت يده على كتفي مربتاً ببطء بيد حانية: إيّاك وان تفقدي شغفك في منتصف الطريق، اتفقنا؟
جاك. يبدو مختلفاً كثيراً! لم يكن يوماً بهذه الجدية أو هذا الهدوء!
لماذا يبدو وكأنه. يحذرني؟ لا أفهم! ما مناسبة قول هذه الكلمات؟

ضاقت عيناي بجدية وشك ونظرت إليه بتمعن: لماذا تسدي هذه النصيحة لي الآن؟ ما الذي دهاك جاك؟
غمز بعبث: كل إجابة تتطلب عناق أو موعد، ما رأيك؟
أنا جادة!
أبعد يده بتبرم وقال معترضاً: لطالما كنت أسدي لكم النصائح القيّمة كات! أنتِ لئيمة، لا أحد ممتن لكرمي في كلماتي اللطيفة.
أعقبت متذكراً: صحيح! هل كل شيء على ما يرام في منزل ذلك العارض الفظ؟ هل يحاول إيذائك بشكل أو آخر؟ هل يقوم بمضايقتك؟

تكتفت بعدم رضى: غيرت الموضوع وكأن شيئاً لم يكن!
أردفت أستدير لأعود إلى المطعم: ما كان على التحرك من مكاني.
أسرع يتبعني يلح في سؤاله: لماذا تتجاهلينني؟ هل على حمايتك منه؟ ألا يحاول فعل أي شيء لكِ؟ لا يعقل!
أومأت بملل: أنا بخير كما ترى! تسير الأمور بشكل طبيعي لا تقلق.
بشكل طبيعي؟
لا أنا او هو تحديثنا إلى بعضنا منذ الأمس!
لا أصدق انه استدرجني بكلماته وكذب بشأن وجود باتريك.

خشيت ان يكتشف المزيد من التفاصيل! أردت ان اكون حريصة على الحفاظ على خصوصيتي. ولكنني فشلت!
هذا الأحمق. أنا حقاً غاضبه منه!

مضغت طعامي أتناول اللقمة الأخيرة من طبقي وقد ضحكت بخفوت على تعليقات ديفيد وسايمون وجانيت اللذين يتجادلون مع جاك وروز!، تمتمت جانيت ببرود: ولكنك فشلت بالفعل جاك في مسايرة المقيمين، كان عليك أن تبذل المزيد من الجهد!
أيدها ديفيد منزعجاً: هذا ما أحاول قوله!
تناول طعامه وأكمل يشير إلى جاك بإنزعاج: توعد السيد كوفمان بأن ينال الجميع جزاءه! من سيجرؤ منهم على أن يقول بصراحة أنه كان خطأ جاك في التوجيه!

علق سايمون يؤيده: فقط لأن مجموعة المقيمين كانت تتضمن امرأة فاتنة استسلم لهم وأيد رأيهم!
اعترضت روز بملل: حمقى أخبرتكم أنه فعل هذا ليلفت انتباههم عن نقاط الضعف الأخرى أثناء التقييم، كان عليه أن يؤيدهم لا أن يستفزهم آنذاك.
جادلتها جانيت بعدم اقتناع: السيد كوفمان غاضب بالفعل، تأهبوا جميعكم للاجتماع الذي سيعقده غداً.

ابتسمت برضى وراحة: من الجيد أنني لا أمارس مهام إدارية وإلا تورطت مع الجميع، أنتِ محظوظة كذلك روز.
عادت روز بظهرها للوراء وقالت مبتسمة براحة: محقة!
زفر جاك يسند وجنته على كفه متمتماً بضجر: مع أنني أبحث عن مصلحة الجميع، ولكن لا أحد يفهمني. لا بأس ستفهمون تضحيتي يوماً ما، وما رأيكم بالتوقف عن الحديث حول العمل نحن هنا لنستمتع بحق الإله! لقد شبعت أريد تناول التحلية حالاً.

كانت دقائق وقد استبدل النادل كافة الأطباق بأطباق التحلية والشراب، وكالعادة كانت روز الوحيدة التي تتجنب تناول التحلية واكتفت باحتساء الشراب من كأسها تسند مرفقها على كتف ديفيد الذي يبالغ قليلاً في الشرب إثر حماسه بجداله مع جاك حول أحد الأفلام!
نظرت بدوري إلى جاك الذي اعترض يضرب الطاولة بيده بخفة: غير صحيح! من الواضح أن البطل قد مات في نهاية الفيلم لقد كان التلميح واضحاً جداً ولا يوجد جزء ثاني.

زفرت بملل ونظرت إلى سايمون: لم أنتبه لبداية هذا الحوار عن أي فيلم يتحدثان؟
أجابني يركز اهتمامه على طبق التحلية: دموع قرمزية، ذهب ديفيد وروز لمشاهدته في السينما وقد سبقهما جاك في مشاهدته في بداية العرض في أول الأسبوع.
أومأت بفهم: آه هكذا إذاً.

نظرت إلى كعكة الكريمة بنكهة الفانيلا اتناول منها ببطء أنصت إلى جدالهما حول نهاية الفيلم حتى انتبهت لجانيت التي تقوم بتعديل الاكسسوار الذي وضعته على النظارة، رمقها جاك بنظرة سريعة قبل أن يسكب لنفسه المزيد في الكأس ويرتشف منه دفعة واحدة.!
ابتسمت بهدوء وسألتها: متى ستبدئين في ارتداء العدسات الشفافة؟
أجابتني ببرودها المعتاد: لست بحاجة إليها.

انفرجت زاوية فم جاك بإستخفاف دون أن يعلق فرمقته بحيرة والتزمت الصمت!
هل أتخيل أم أن مزاجه سيء؟
اعدت ناظري حيث ديفيد الذي انتابه الحماس ليسكب لنفسه أكثر فأكثر فقلت منبهة لروز: أعتقد أنه سيثمل، ستضطرين لقيادة سيارته ابقي في كامل وعيكِ روز.
أومأت بفهم تربت على كتفه: توقف ديفيد لا تسرف!

تجاهلها وبدأ يسكب المزيد هو وجاك في حين كان سايمون ينظر إلى الساعة حول معصمه وقال يقف: على المغادرة يا رفاق، إلى اللقاء، جانيت شقيقك على وشك أن يثمل حذاري أن يورطك مجدداً.
لوحت لسايمون ابتسم بهدوء: كن حذراً، أبلغ سلامي إلى إيلينور، إلى اللقاء.
ابتسم وغادر مسرعاً فتنهدت بعمق قبل أن أجفل لرؤية روز تقاوم يد ديفيد الذي يقول بعدم وعي: تناولي القليل من الكعك إنه لذيذ!

حاول اطعامها بالملعقة ولكنها تراجعت للوراء بوجه مشمئز: لا أريد ديفيد توقف!
بقيت أنظر إليهما بلا حيلة حتى زفرت جانيت وقالت تنظر إلى جاك: توقف عن الشرب أكثر.
رفع عينيه عن كأسه ونظر إليها بعدم اتزان قبل أن يقول بسخرية يجوبها شيء غريب قد استنكرته في نفسي: أطبقي فمك.
أعقب بكلمات عدائية يضرب بسبابته على الكأس قبل أن يشير إليها ويقول بتلعثم: مُجرد بديلة.
هاه!

انتفضت بفزع لوقوف جانيت بوجه مليء بالجمود والحزم تحدق إليه بعينيها بغضب! ابتسم بتهكم واسند مرفقيه على الطاولة ينظر إليها بمكر وعدم وعي: سماع الحقيقة يستفزك؟ لن تأخذي مكان أحد. أنتِ مجرد بديلة تعيشين وهماً كبيراً.
ما الذي يقوله؟ عن ماذا يتحدث؟
طرفت بعيناي بعدم استيعاب حين تحرك جانيت بغضب وقد تورد وجهها بشدة، اتجهت نحوه وأمسكت بيده تحاول سحبه بحنق: تحرك! لنعد إلى المنزل. تحرك أيها الثمل الأحمق!

أغمض عينيه بنعاس فأسرعت اقول بتدارك: لا رخصة قيادة لديكِ، هل أقود سيارته أنا؟
نفيت برأسها بحزم ورمقتني بحدة: لا داعي لذلك.
تسمرت في مكاني جراء حدة نظراتها والتزمت الصمت فوراً!
كانت ثواني فقط حتى نجحت في ارغامه على الوقوف وقد استند على كتفها يغمض عينيه بنعاس وترنح بجانبها!، من الواضح أنهما تشاجرا او اختلفا مسبقا فهما لا يتصرفان على سجيتهما!
ربما.
من الأفضل ألا أتدخل.

ولكن. هل سيكونان بخير حقاً؟ لست معتادة على رؤية جاك يتصرف بهذه العدائية.
بدت جانيت غاضبة بشدة كذلك.!
اعدت ناظري إلى روز التي لا زالت تحاول ابعاد يد ديفيد حتى نجح في اطعامها الكعك وقبل ان تمضغه تفاجأت بها تبصقه فوراً وتمسح فمها!
عاد بظهره للوراء يغمض عينيه يتمتم بكلمات ثقيلة بطيئة بصوت غير مسموع، تحركت روز واقفة وقالت على عجالة: سأذهب إلى دورة المياه.
تابعتها بعيناي حتى اختفت عن ناظري.

هل هي بخير؟ لماذا كل هذا الانفعال بحق الإله؟
تكتفت وبقيت أجلس بصمت بينما ديفيد يدندن بصوت خافت حتى تحسس مقعد روز باحثاً عنها، فتح عينيه الخضراء ينظر من حوله قبل أن يغمضهما وقال: قبلة المساء. لم أحظى بها بعد! اين روز.؟
قلتُ بإنهاك: لا بد أن يتم افساد كل عشاء بسبب افراطكم بالشرب!
بقيت أنتظر عودة روز وما ان انتبهت لوصول إشعار على هاتفي حتى ابتسمت بتلقائية لرؤية تحديث المدونة.!

تلهفت لقراءة التحديث الجديد واعتدلت في جلستي لتغيب أصوات جميع من في المطعم عن أذني.
انسلخت عن المكان تماماً وعيناي تتجول على الهاتف بتركيز.
الكتاب الذي تضعه على المنضدة كل ليلة بجانب سريرك واعتاد قربك.
هل يدرك عن الأسرار التي تخفيها بين صفحاته؟ هل يعي الغرض من وجوده إلى جانبك طوال الوقت؟
هل لديه أدنى فكرة. أنك اخترته بغلافه القبيح الغير ملفت لتحمي أسرارك فيه؟

زميت شفتاي بقوة أقرأ السطور الأخيرة مراراً وتكراراً.
لست واثقة ولكن هل. يشير إلى الاستغلال؟ أم أمر آخر؟
ابتسمت أتجول بين التعليقات أسفل التحديث وأقرأ كل تفسير تم كتابته ونقاش متابعيه، وقد بدى أن معظمهم قد توصلوا إلى ما توصلت إليه أيضاً.
ربما يشير إلى الاستغلال بالفعل، أو ربما. خيبة الأمل؟ ثقة الكتاب بصاحبه؟ وربما جميع تلك الاستنتاجات تشير إلى المفهوم الكامن وراء كلماته.

لا أدري حقاً ولكن غموض كلماته يعجبني فعلاً.
تلفت من حولي بإستغراب.
أين روز؟ لماذا لم تعد بعد!؟
بدى ديفيد يغط في نوم عميق لذا تحركت بسرعة حيث دورة المياه، دخلت أدفع الباب وقد سمعت صوت مياه المغسلة، تقدمت ورأيتها تغسل فمها وتمسحه بالمناديل مرارا وتكرارا بوجه مشمئز فقلت بحيرة: روز؟ هل أنتِ بخير؟

أومأت تتنفس بعمق وأغلقت صنبور الماء فاقتربت أكثر اربت على ظهرها: أعلم أنكِ تكرهين السكريات ولكن. قطعة صغيرة لن تضر! ألهذه الدرجة تشعرين بالغثيان؟
أغمضت عينيها البنية لترخي أعصابها قليلاً قبل ان تطمئنني بصوت مبحوح قليل: لا بأس أنا بخير كات، تأخر الوقت لنعد.
أعقبت تسألني باستيعاب: أين ديفيد؟
أجبتها بهدوء: غاب عن الوعي تماماً، من الجيد أنكِ تستطيعين قيادة سيارته، عودي إلى الشقة لقد تأخر الوقت.

أسندت جذعها للوراء حيث رخامة المغاسل وقالت تتنفس بعمق: سأوصلكِ في طريقي.
أومأت دون اعتراض وحفزتها: هيا لنتحرك!
تحركت بجانبي فقلت بحيرة: جانيت وجاك، هل هناك أمر ما بينهما؟ بدى مزاج جاك غريباً جداً، جانيت هادئة أكثر من العادة ثم بدت فجأة سريعة الاشتعال هل هي منزعجة منه؟ بالكاد تحدثا إلى بعضهما اليوم!
طرفت بعينيها تنظر إلى الأمام بهدوء قبل أن ترفع كتفيها: ربما اختلفا بشأن أمر يخصهما. لا أدري.

ترجلت من السيارة اقف على الرصيف ولوحت لها بينما تنزل النافذة: شكراً روز، تأني في القيادة.
أعقبت أنظر إلى ديفيد الذي ينام في المقعد الخلفي: اعتني به وبنفسك.
ابتسمت بهدوء: اهتمي بصحتك كات، عودي إلى العمل وأنتِ في كامل قواكِ وحماسك، فرانك يفتقد وجودك ليزعجك لا بد وأنه يشعر بالملل.
أرغب في الشجار معه قليلاً بالفعل!
ضحكت بسخرية وقالت: إلى اللقاء.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة