قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية بين الرذاذ للكاتبة أنستازيا الفصل الحادي والعشرون

رواية بين الرذاذ للكاتبة أنستازيا الفصل الحادي والعشرون

رواية بين الرذاذ للكاتبة أنستازيا الفصل الحادي والعشرون

لقد. تحرك فمي من تلقاء نفسه وقد انغمست في أفكاري الخاصة!
أنا لم أقصد جدياً سؤاله بشكل مباشر ولكنني. ربما اندفعت قليلاً جراء رغبتي في التفكير بحل جذري للمسألة!
بقي يحدق إلى بعينيه الزمردية التي اتسعت وقد فغر فمه قليلاً يلتزم الصمت تماماً.!، أعلم أن ما قلته مفاجئ. أعلم أنني تهورت قليلاً ولكن. سيُؤخذ مني.!

إن لم أتصرف فلارز لن يتردد في تنفيذ ما يرغب فيه، أعلم جيداً كم يستمتع باستفزازي بتصرفاته وفي الوقت آنه يرغب في تجنبي بقدر الإمكان.! لطالما كان يكره مجرد الجلوس معي، اعتدنا الشجار والجدال في كل صغيرة وكبيرة! ولن يتردد حتماً في تنفيذ ما يهددني بشأنه.
أعرفه جيداً! آه يا الهي على محو هذه التعابير المتفاجئة عن وجهه فلا يزال يقف بعدم استيعاب.!

تنحنحت قليلاً ومررت يدي في شعري قبل أن أزفر بهدوء باحثة عن الكلمات المناسبة.
طرف باستنكار شديد وهو يشيح بوجهه فوراً وقد رفع أنامله المرتجفة يحك انفه بسبابته، بدى يطرف بسرعة بإضطراب واضح ولكن الإنزعاح قد سلك مجراه نحو وجهه تدريجياً! كما توقعت سيغضب. هذا بديهي! أنا حتى لم أتصالح معه وبكل جرأة أطلب منه طلب كهذا.!

أجفلت لصوت قريب وكذلك التفت نحو المصدر لينظر كلانا حيث الزقاق الجانبي لمحل الحلاقة، عقدت حاجباي حين لمحت جسداً في الظلام وبالكاد استوعبت الأمر حتى زمجر دانيال بنفاذ صبر: هذا أنتَ مجدداً.!
لم أكد أتساءل عما يجري حتى تسمرت أنظر إليه يقترب منه بخطوى واسعة ولكن ذلك الكيان الواقف في الظلام قد تحرك فوراً ودخل عبر الزقاق ولحق به دانيال!
مهلاً.
لماذا يلحق به؟ من كان هذا؟

طرفت بدهشة أستوعب امكانية خوضه في شجار أو تعرض ذلك الشخص للأذى!
هذا المتهور عليه أن يتوقف.! لا أدري من الذي كان يراقب هناك ولكن.
آه تباً! تحركت قدماي خلفهما بسرعة ودخلت الزقاق أركض بأقصى سرعتي، لا يجب أن يقوم بضربه والشجار معه ماذا لو ساءت سمعته وأحدث جلبة؟ وماذا لو أصاب وجهه سوءاً؟ إن كان يريد الامساك بذلك الفتى فسأفعل هذا عوضاً عنه فأنا لا أنوي التدخل وايقافه على أي حال!

ولكن لا يجب أن يفعل هذا بشكل مباشر، أعلم جيداً أنه مجنون ولن يستمع إلي.
لمحته قد انعطف خلفه يميناً فوقفت قليلاً ونزعت حذاء الكعب العالي وامسكت به لأعدو خلفهما.
يبدو ان ذلك الفتى ينوي الخروج نحو الشارع العام في نهاية الأزقة!، تبعتهما وقد سمحت لنفسي باستخدام جُل طاقتي.

اقتربت كثيراً من دانيال حتى أصبحت خلفه مباشرة، انتبه لي وبدى متفاجئاً فقلت أحذو حذوه وأركض بمثل سرعته لاهثة: سأتولى أمره، ابقى خارج الموضوع إياك ولمس شعرة منه، من هو؟
امتعض بشدة وقال يعيد نظره للأمام: لا شأن لكِ، إنه متربص يظهر فجأة ثم يختفي فجأة، أرسل هدايا ولم يترك خلفه ولو رسالة. ابقي بعيدة لا تتدخلي الأمر لا يعنيكِ!

تجاهلت قوله وبقيت أركض بجانبه حتى اقتربنا منه كثيراً، الازقة مظلمة وضيقة والكثير من الصناديق والحاويات في أرجائها تعيق الحركة.
هذا الفتى سريع جداً!
ولكن إن كان الامساك به قد يكون سبباً في الصلح بيني وبين دانيال فلن أتردد، أريد حقاً أن أحاوره بجدية.

كما توقعت لقد خرج للطريق العام، تبعناه إلى الشارع وقد كانت بعض الاماكن مكتظة هنا وهناك، تجاوزت حشداً بسرعة وسرت خلفه بأقسى سرعتي، شهقت بعدم استيعاب أراه يدخل من بين الدراجات الهوائية عمداً فسلكت الطريق الجانبي أتجاوز الطريق الذي قد يعرقلني.
بدأت أنفاسي تنفذ وبالكاد ألتقطها، أشعر بالإنهاك! مما خُلق هذا الفتى بحق الإله؟

اتسعت عيناي حين انتبهت لدانيال الذي تجاوزني بخطوات واسعة يعدو خلفه فزدت من سرعتي مجدداً. إشارة خضراء، ينبغي أنه سيتوقف!
هذا ما توقعته ولكنني حدقت بعدم استيعاب إلى الفتى يركض من بين السيارات التي بالكاد حافظت على مسارها واتزن سائقيها لتتعالى أصوات تحذيرات أبواقهم ويعلو صوت احتكاك اطارات السيارات على ارضية الشارع!
هذا الفتى المجنون هل ينوي الانتحار بحق الإله!

شهقت بعدم تصديق أنظر إلى دانيال الذي سلك الطريق نفسه ينوي اتباعه دون توقف، تحركت دون تردد وحاولت امساك يده ولكن الحل الأسهل كان التمسك به بقوة لأحاوطه بكلتا يداي أرغمه على التوقف!
يبدو أن ما فعلته لم يكن متوقعاً وقد أفقدته توازنه ودفعته دون قصد! تأوهت أشعر بارتطام ظهري بالأرض وقد أغمضت عيناي بقوة.
أصوات الناس من حولي، اصوات السيارات والضجة. كل شيء يزداد أكثر فأكثر!

ظهر ي واللعنة يؤلمني! وما هذا الثقل فوقي!؟
فتحت عيناي بإضطراب وقلق لأستوعب أنني أرغمته على الوقوع فوقي مباشرة!
استند بكلتا يديه التي استقرت بجانبي، في حين ادركت أنني كنت لا أزال متمسكة به!
كِلانا يلتقط أنفاسه نلهث بتعب.
كلانا يحدق إلى الآخر دون أن يطرف!، وجهه قريب. كلتا عينيه تحدق إلى بعدم استيعاب وتشتت، يدي لا تزال تتمسك به بقوة!
ينويان الانتحار معاً؟
هل يعتدي عليها؟

لا يبدو ذلك، من ستعانق رجل يعتدي عليها؟
حين سمعت هذا التساؤلات بنبرة مستنكرة قريبة أدركت نوع النظرات الموجهة نحونا من الجميع حولنا، ابعدت يداي فوراً وقلت أدفع صدره أنهره بحزم: حتى لو كنت تنوي الامساك به ولكنك بالغت كثيراً! الاشارة خضراء هل تريد الموت بهذه السرعة؟

ابتعد فوراً ووقف يتنحنح يمرر يده على عنقه يشيح بناظره بعيداً وقد اعترض بغضب واضطراب: بأي حقِ ت. تعيقينني بهذه الطريقة! أخبرتكِ أن تبقي خارج الموضوع ألم أفعل؟
جلست امرر يدي على ظهري قبل أن أقف متذمرة أرتب ملابسي وابعد الغبار عنها اضرب عليها بخفة: أحمق! قلت لك اترك الأمر لي. من يكون على أي حال ولماذا يرسل الهدايا؟ ثم لم أرى أي هدية أمام المنزل فلماذا كان هناك يختبئ في الزقاق؟

استدار واقفاً وبدى غارقاً في أفكاره للحظات وبقي في مكانه لأواجه ظهره، التزم الصمت حتى تحرك والتقط شيئاً من على الأرض.
التفت نحوي بوجه ممتعض وتحاشى النظر إلى مباشرة، وقد قال دون أن ينظر إلي: خذي.
حذائي!
اقتربت منه أخذ منه فردة الحذاء الأيمن، بحثت في الأرجاء عن الآخر ولكنني لم ألمحه.

بقيت قدمي اليسرى حافية وعيناي تستمر في البحث هنا وهناك، بدى كذلك يبحث عنها وقد تمتم بإنزعاج وفي صوته تهدج غريب: أخبرتك ألا تتطفلي وابقي خارج الموضوع والآن أين فردة الحذاء اللعين!
عقدت حاجباي وقد زفرت بتهكم واقتضاب: رغم انني حاولت مساعدتك!
انظروا إلى من يُجادل زوجته حول فردة حذائها!
التفت كلانا حيث مصدر الصوت!

ارتفع حاجباي بحيرة شديدة أنظر إلى اثنين من الفتية المراهقين وقد تقدم أحدهما ذو البنية الضخمة والجسد الممتلئ ليقول بإمتعاض: أنت في كل مكان في أرجاء المدينة بالفعل!
اقترب صديقه ذو شعر بلون فاقع وتمتم بتململ مستكملاً حديثه وقد كان من ألقى بالتعليق الأول: كُن شهماً واحمل زوجتك التي تقف بفردة حذاء ضائعة!
اضطرب دانيال بوضوح واعترض بحدة: توقف عن تفسير الأمر بتفكيرك السطحي! مزاجي سيء أغربا عن وجهي.

أعقب بصوت متهدج: كما أنها ليست كما تعتقد!
هذا الفتى. تذكرت أنني رأيته ذات مرة يتشاجر مع زملائه بجانب لوحة اعلانية بعد ان ظهر باتريك فجأة! إنه من قمت بمساعدته قبل تعثره على الرصيف!
مهلا زوجته؟ لماذا يظن هذا؟
عقدت حاجباي باستغراب وتساءلت بجدية: من أين لك بتفسير مماثل؟ نحن مجرد جيران وأصدقاء عمل!

تمتم الفتى بملل يضع يده اليمنى في جيب بنطاله المليء بالسلاسل: إذاً لماذا بدى قلقاً غاضباً عندما سمع بأنكِ تعرضتِ ل.
تفاجأت بدانيال الذي اقترب منه على حين غرة ووضع يده على فمه بقوة يمنعه من استكمال حديثه!
نهره يبتسم له بشيطانية: لا تثرثر كما يحلو لك، هل تحتاج إلى إعادة ضبط اعدادات فمك المِهذار؟ كسر سن أو اثنين سيفي بالغرض ما رأيك؟

اتسعت عينا الفتى بذعر في حين اعترض صديقه وقال محذراً: دع آرنولد وشأنه! على كل حال مررنا هنا صدفة وشهدنا عناقكما أمام مرأة الجميع ولا ننوي التدخل في أمورك، نحن في انتظار باقي الزملاء وسنكمل طريقنا.
أعقب بإنزعاج: يوم ميلاد إيما قد اقترب وعلينا استكمال التجهيزات، أخبر أخاك كيفين أن يتوقف عن جرح مشاعرها ويقبل بدعوتها إلى الحفل.

زفر دانيال بنفاذ صبر ودفع الفتى بعيداً نحو صديقه: هذا الموضوع مجدداً! اغربا عن وجهي مللت سماع اسم تلك الفتاة في كل حين.
أشار بيده بلا اكتراث وتذمر بخفوت: سأعود أدراجي. تباً لذلك المتربص السريع.
بحثت من حولي عن حذائي فتمتم المدعو آرنولد وتساءل بحيرة وتفاجؤ: لستِ زوجته حقاً؟
ابتسمت بتهكم أستمر بالبحث عن من حولي: سأتزوجه في حال فقدان عقلي القدرة على التفكير فقط.

عقد حاجبيه قليلاً ومرر يده على فكه بألم قبل أن يقول ممتعضاً: أنا أيضاً لم أقتنع! من ستتزوج من رجل مثل هذا الطاغية المتمرد الذي يعتقد أن كافة أرجاء المدينة مسجلة بإسم جده التاسع!
نفيت برأسي بلا حيلة في حين قال الفتى الممتلئ بعدم اكتراث: تحرك لنكمل طريقنا آرنولد.

هذا الفتى شو الشعر الفاقع قد لمحني ذلك اليوم ويتذكرني على ما يبدو! هل أخبر دانيال بما رآه حينها؟ يبدو لي ذلك.! وإلا لما كان دانيال واثقاً حول موضوع باتريك وقد ربط المواضيع جيداً!
يمكنك أن تكمل طريقك تيدي، سألحقك.
استغربت قوله ونظرت إليه بحيرة فتمتم مستكملاً حديثه يتحاشى النظر إلى ويبعثر شعره الفاقع: لا زال لدي متسع من وقت، ربما تكون فردة الحذاء هناك.

وقفت في مكاني انظر إليه بينما يبحث في الأرجاء ويخفض جذعه ينظر تحت مقاعد الانتظار وبين المارة، تململ المدعو تيدي واسرع في خطواته مبتعداً ليغادر!
مظهره ولون شعره، كل شيء بشأنه يوحي بسوء سلوكه ويُنفر الطرف الآخر، ولكنه يرغب في البحث معي عن الحذاء ببساطة؟
التقت عينيه البنية الداكنة بعيناي فأجفل وحك وجنته ليقول: م. ماذا! أنا رجل شهم حتى وان تمردت على القانون! لن تكون خدمة مجانية طبعاً. أياً يكن.

ابتسمت بتبرم والتزمت الصمت أبحث من حولي كذلك.
لا بأس بتلقي مساعدته إذاً.
ابتعدنا قليلاً عن هذا الشارع نستكمل البحث حتى تمتم مقترحاً: بحوزتي بضعة أوراق نقدية هل. أشتري خفين من أحد المتاجر القريبة لتعودي أدراجك؟
وضعت يدي على خصري بضجر وملل قبل أن أقول بهدوء: لا بأس احتفظ بها.
خلعت الحذاء الآخر وأمسكت به وقلت مشيرة: شكراً جزيلاً ولكنني سأعود لا بأس قد اعثر عليه في طريقي.

أشار بيده فوراً نحو قدمي: ولكن من الخطر أن.
تلعثم فجأة حين حدقت إليه فأشاح بناظره قليلاً قبل أن ينظر إلى مجدداً: يوجد الكثير من القطع الحادة والنفايات التي قد تعيقك، هذا ما أقصده. المتجر قريب سأشتري خفين لكِ انتظري هنا.
تراجع ينوي الابتعاد بالفعل فأسرعت استوقفه: مهلاً!
وقف بترقب فابتسمت بهدوء: لا داعي لذلك المنزل قريب.
أضفت وقد اتسعت ابتسامتي بإمتنان: مظهرك لا يوحي بلطفك، ماذا كان اسمك؟ آرنولد؟

أومأ وقد تورد وجهه بوضوح فأسرعت أقول مقتربة لأربت على كتفه: شكراً جزيلاً ولكن يمكنك اللحاق بصديقك، ليس بالأمر الكبير أنا واثقة أنني سأعثر على حذائي في طريق عودتي.
طرف بعينيه بسرعة وحدق إلى وقد تمعن النظر إلى فتساءلت إن كان هذا الفتى بدأ يتصرف على غير سجيته! تورد وجهه أكثر وبدى خجلاً بالفعل لذا ابعدت يدي وأوحيت له بشيء من الجمود ليستفيق من أفكاره التي ترجمتها ملامحه وتحركاته: إلى اللقاء.

ولكنه بدى في عالم آخر وهو يومئ برأسه إيجاباً يحدق إلى بشرود!
تراجعت للوراء واستدرت مبتعدة.
أجفلت في مكاني وقد شهقت بخفة أنظر إلى الجسد الواقف خلفي على بعد مسافة! حيث تحدق عينيه الزمردية إلينا ببرود ويمسك بيده فردة حذائي الأخرى!
عثرعليها في طريقه وعاد أدراجه إذاً. كنت أعلم أنه ليس من الأشخاص الذين سيتجاهلون الأمر بسهولة.
علي أن أتصالح معه حالاً!

نظرت حيث الفتى خلفي وقلت مبتسمة: تم حل المشكلة الآن لذا يمكنك اللحاق بصديقك، شكراً مجدداً.
لوى شفته بإقتضاب وتكتف يحدق إلى من يقف خلفي: لا يليق بك التصرف كالنبلاء على الإطلاق. أنت لست الأمير الذي يبحث عن صاحبة الحذاء وإنما الوحش الذي يحتجزها في قلعته المريعة.
بمجرد ان خطى دانيال خطوة للأمام مقترباً حتى انتفض في مكانه وتراجع ليقول بحزم: تأخرت لا بد وأن تيدي في انتظاري.

اعقب يرمقني بنظرات متقطعة: إ. إلى اللقاء.
استدار مغادراً ولكنه سرعان ما وقف ونظر إلى مترقباً: أنتِ. ما اسمك!
أنتَ بالفعل ثرثار مزعج! الم تقل أن صديقك في انتظارك؟
تساءل دانيال بنفاذ صبر في حين جادله الآخر: لم أكن أحدثك!
تدخلت فوراً: كتاليا.
نظر آرنولد إلى بفهم ورفع يده يمررها على رأسه قليلاً قبل أن يومئ وتراجع للوراء مغادراً.

تابعته بعيناي بينما يغادر حتى تنهدت بعمق واستدرت نحو دانيال الذي وضع يده الأخرى على جانبه ورفع بيده حذائي متمتماً بجمود: ارتديه أنتِ تلفتين أنظار المارة لا تتصرفي كالمتسولة.
ياللوقاحة!
اقتربت بحزم انتزع الحذاء منه لأرتديه بصمت وقد تحركت بعصبية دون أن أنبس ببنت شفة. سبقته بخطوات واسعة حتى وقفت في إشارة المشاة متكتفة بجفاء.

لمحته قد وقف على بعد مسافة متجهم الوجه، زفرت الهواء من كلتا رئتاي بقوة قبل أن اتحرك لأقف على مقربة منه.
نظر بعيداً يتجاهلني فقلت بهدوء: ما حدث في العيادة. آسفة بشأن التصرف ببذاءة!
رمقني بطرف عينه بنظرة سريعة قبل أن يضع كلتا يديه في جيبه وتمتم ببرود: أياً يكن.
هل هذا يعني. أنك ستتجاوز الأمر؟ تذكر أنكَ خدعتني أيضاً وكان من الطبيعي أن تبدر مني ردة فعل عدائية!

تعلقت عيناه على الشارع وحركة السيارات قبل أن يتنهد: مهما كان ما يحدث أو الطريقة التي أتصرف بها، لا ترددي مجدداً قول مماثل.
ما الذي تقصده؟
بقي يحدق إلى الشارع وقد تحرك ثغره ببطء وبدى غريباً شارداً بينما يوضح: أنا لا أحشر أنفي في شؤون الآخرين، لستُ كذلك.
ولكنها الحقيقة بحق الإله لا يمكن أنه سينكر هذا.!
غير معقول.
لويت شفتي بتفكير قبل أن أن أقول بهدوء: لنتجاوز الأمر وكأن شيئاً لم يكن.

أومأ يمرر يده في شعره ثم عاد ليدس يده في جيب بنطاله واشاح بوجهه ليتلعثم بقوله: وما كان ذلك قبل قليل! توقفي عن التفوه بأفكار غريبة جريئة واحتفظي بأفكارك الداخلية لنفسك.
ارتفع حاجباي بحيرة حتى أدركت ما يشير إليه.
أضاف معترضاً بصوت خافت وتحرك ما ان اضاء اللون الأخضر في اشارة المشاة: من يعلم ما الجنون الذي كنت تنوين التفوه به لو لم يظهر ذلك المتربص فجأة. قد أكون ممتناً له، لقد أنقذني!

تابعته بعيناي بينما يبتعد وقد ازدحم تقاطع المشاة، تحركت خلفه ليتحرك فمي بحزم: تلك لم تكن مجرد أفكار داخلية! واعِدني.
توقف عن المشي متسمراً في مكانه، تابعتني أعين الناس من حولي باستغراب لأسمع تعليقاتهم الخافتة حولي بينما أقف في مكاني بثبات.
ياللجرأة! هل سمعتِ ما قالته؟
طلبت من ذلك الرجل مواعدتها بكل وضوح!

تجاوزت التعليقات وقلت بجدية أتقدم نحوه أكثر: مؤقتاً دانيال، لن يطول الأمر ولستَ بحاجة إلى بذل جهدك في أي شيء عدى ان تقول في الوقت المناسب أننا نتواعد. هذا كل شيء!
تجاهلت رجل يمشي مع رفيقه ويحدق إلى بسخرية وترقب، وتجاهلت امرأة تنظر إلى بعدم استيعاب، وجميع من سمع كلماتي التي تفوهت بها!، بقيت واقفة في مكاني حتى التفت نصف التفاتة ينظر إلى بتفاجؤ وعدم تصديق مشيراً إلي: أنتِ مجنونة وهذا لا يقبل الشك!

أومأت بتبرم: تفوه بخبر حصري لا أسمع شيء جديد، وافق على مواعدتي دانيال ستكون فترة مؤقتة أعدك!
نفي برأسه بحزم وأشار لي بالبقاء بعيداً عنه: غادري يا امرأة وخذي برفقتك أفكارك الغريبة! اعتقدت للحظة أنني تهورت في الحكم عليكِ ولكنك لا تمانعين ترديد هذا الهراء!
تقدمت نحوه فتراجع بسرعة ونهرني: ابقي حيث أنتِ.

تجاهلت قوله واقتربت منه فاسرع هو يتحرك بخطى واسعة، تبعته حتى وجدت نفسي ألحق به وبدوت كالمطاردة التي كل ما يهمها هو الظفر به!
تجاوز الزحام واسرع في عدوه فعدوت خلفه، رمقني بنظرة سريعة من فوق كتفه وعقد حاجبيه بإستنكار وتشتت: اعتذرتِ للتو فقط وها انتِ الآن تنفذين ما هو أسوأ! متى ستتعظين من أفعالك تحديداً؟
أجبته لاهثة: توقف بحق الإله قدمي تؤلمني، أنصت إلى قليلاً!
كارل:.

ألقيت بأكياس المهملات في الحاوية في الزقاق الجانبي ونفضت يداي لأعود أدراجي إلى المنزل.
ما ان وضعت يدي على مقبض الباب أنوي الدخول حتى استنكرت سماع صوت مألوف ينادي باسمي!
نظرت إلى يميني وقد وقفت في مكاني بحيرة شديدة أحدق إلى من يركض متجهاً إلى وخلفه. الآنسة كتاليا.؟
ما الذي. يحدث؟
طرفت بعدم استيعاب وقلق حتى تفاجأت بوصول دانيال الذي قال لي بجدية قبل أن يضع يده على قبضة الباب: أخاك بحاجة إليك، ضحي لأجلي.

لم أفهم ما يعنيه وقد بقيت في مكاني في حين أسرع يدخل!
نظرت إلى الآنسة كتاليا التي وصلت تلهث وقد احنت جذعها واسندت كلتا يديها على ركبتيها، م. ما الذي يهربان منه تحديداً؟
بحثت بالأرجاء بناظري حتى تساءلت بجدية: ما الأمر؟
بقيت تلتقط أنفاسها حتى استقامت وقالت بإنهاك: كيف يجرؤ على رفضي!
رفضها؟

بقيت حائراً حتى زفرت بدورها واحتدت عينيها وبدت مليئة بالوعيد!، مررت يدي على عنقي وترددت متسائلاً بحذر: هل. كان يهرب منكِ؟
رمقتني بجفاء للحظة قبل أن تقول بهدوء: كنا نهرول معاً. اليس هذا واضحاً؟
انهت كلماتها وأسرعت لتدخل!
تهرول معه؟ من الواضح أنه كان يهرب!

ما الذي يحدث تحديداً منذ الأمس؟ منذ انا عادا إلى المنزل في ذلك الوضع المريب وكل شيء يبدو مختلف! الآنسة كتاليا تحاول التودد إليه بوضوح. في حين يبدو حذراً حازماً وغريباً!
حاولت استيضاح الأمر قبل أن ينام في الأمس ولكنه وضع الوسادة على رأسه يحجب صوتي عن أذنه ونام دون أن ينبس ولو بكلمة!

بقيت أقف عند مدخل المطبخ أنظر إليه يُعد طعام الفطور منزعجاً منكمشاً على نفسه في حين تقف بجواره واستكملت حديثها بتودد: الجميع في هذا المنزل لديهم اماكانيات عالية في الطهي! ما الذي ستفعله الآن؟ كيف أساعدك؟
اعترض يشير لها بالابتعاد: دعيني وشأني! قلتُ لكِ عرضك مرفوض ابحثي عن أي مجنون غيري!
اي عرض هذا الذي يتحدثان عنه؟

أجفلت في مكاني حين انتبهت الآنسة كتاليا لوجودي، تنحنحت ودخلت متجهاً إلى الثلاجة لأخرج زجاجة ماء وارتشفت منها فأسرع دانيال يقول باندفاع: كارل يمكنك مساعدتي اليس كذلك؟
قال ذلك بينما يغمز لي محذراً بوعيد فتجاهلت تهديده وقلت بهدوء: لسوء الحظ سأخرج بعد نصف ساعة فقط، هل يوجد ما أتناوله؟

تفاجأت بالآنسة كتاليا التي أسرعت تبحث من حولها حتى أخذت طبقاً كبيراً وقالت مقتربة: يمكنك تناوله، أعدّ دانيال البيض المخفوق مع الجبن هنا.
وقفت في مكاني ببلاهة بينما طرف دانيال بعدم استيعاب!
ربما لا تعلم الآنسة كتاليا أن تصرفاتها واضحة جداً! ولكن. لا سبب آخر يدفعها للتصرف هكذا عدى رغبتها في لفت انتباهه!
ترددت قليلاً ولكنني أخذت الطبق بإمتنان: شكراً جزيلاً.

تحركت وجلست لأضعه على الطاولة وبدأت أتناول الفطور بصمت وقد تعمدت أن يواجها ظهري، القيت نظرة خاطفة للوراء فوجدته يشير لها بالابتعاد عنه متوعداً بالملعقة الخشبية الكبيرة.
عادت لتحاول تقشير البطاطا وانهمكت في ذلك، كان قد انهمك فيما يفعله هو أيضاً لذا جلست باعتدال أتناول طعامي حتى لمحت كيفين الذي دخل إلى المطبخ بوجه متجهم بشدة وهو يحدق إلى هاتفه.
سألته باستغراب: ما هذا المزاج السيء منذ الصباح الباكر؟

اتجه بحزم نحو الثلاجة ولكنه وما ان لمح الطبق الذي أتناول منه الطعام حتى غير وجهته نحوي وجلس أمامي يتناول معي لقمة سريعة وهمس بإنزعاج: لم تتوقف تلك المزعجة عن الاتصال بي! شخص ما قد منحها رقم هاتفي.
خمنت باستغراب: تلك المدعوة بإيما؟
أومأ بإمتعاض وضاقت عينيه بتفكير: الخلايا البيضاء في جسدها مُركزة وبشدة على مناعتها النفسية! لا يهم كم مرة رفضت محاولاتها هي لن تتعظ.
ما الذي تريده الآن؟

دعوتي إلى حفل يوم ميلادها! ياللسخف.
فكرت بحيرة: يمكنك الحضور بصفتك زميلها في الفصل لا تهول الموضوع.
أعقبت بهدوء: حتى وان ابدت عدم تأثرها لا بد وأن الأمر يعني لها، والا لما حاولت مرارا وتكرارا!
نفي برأسه بعدم اقتناع وتمتم يتناول الطعام على عجالة: فليكن سأخرج بعد قليل، يريد أبي من أحدنا شراء بعض المستلزمات.
ابتسمت بتهكم: من النادر تطوعك، لو لم يكن الأمر مرتبط بالدراسة فلن تبدي اهتماماً.

أومأ وهو يدفع النظارة بسبابته: أرغب في الخروج قليلاً، سأمضي الوقت في الترفيه عن نفسي.
اسندت مرفقاي على الطاولة: من الجيد أنك قررت التنفس أخيراً! وكيف سترفه عن نفسك يا ترى؟
سأستعير بعض الكتب المرجعية من المكتبة العامة وسأمضي وقتي هناك في تلخيصها.
ضاقت عيناي أحدق إليه بإمتعاض! هذا الفتى يعيش لأجل الدراسة فقط.
زفرت بلا حيلة ووجهت ناظري إلى الطعام: لم يخطئ دان في نعتك بدودة الكتب، افعل ما شئت.

رفع عيناه البنية عن الطبق ينظر خلفي قبل ان يقول بصوت خافت ببرود: هاذان الإثنان. ما قصتهما تحديداً؟ لماذا يتصرفان بحماقة؟
ابتسمت بسخرية وأجبته: لم ترى شيئاً من الحماقة بعد، دعهما. يبدو أبي راضياً عن هذه التصرفات الهوجاء ففي جميع الأحوال هو مقتنع تماماً أن الآنسة كتاليا وسيلة لتغييره تدريجياً.

أومأ دون أن يعلق وقد عدنا لتناول الطعام بصمت لولا أن أجفل كلانا ونظرنا حيث دان الذي شهق شهقة تنم عن انزعاجه وغضبه معترضاً: لهذا أقول بأن تواجدك هنا كارثي! أنظري إلى ما فعلته.
عقدت حاجبيها بعدم اقتناع: لقد سألتك للتو فقط وقلت لي بأنك ستضيف البطاطا التي قمت بتقشيرها!
لم أقل بأنني سأضيفها الآن تحديداً!
كان عليك توضيح هذا مسبقاً!
أضافت بجفاء: سأخرجها.

اتسعت عيناي حين لمحتها تنوي استخدام ملعقة صغيرة لإخراج البطاطا من القِدر، استوقفها دان بسرعة مشيراً بكلتا يديه: حتى ادنى الناس منزلةً في اختبار الذكاء العالمي سيدرك أن ملعقة مثل هذه لا يمكن استخدامها بينما يغلي الحساء واللعنة لماذا يعجز عقلك عن التفكير!

انزلقت الملعقة من يدها وسقطت في القدر وجراء ذلك تصاعدت بعض القطرات الساخنة من الحساء على يد دانيال الذي أجفل مبعداً يده فوراً، تنهدتُ بلا حيلة وبقيت أحدق إليهما بصبر في حين تمتم كيفين بهدوء: ياللإزعاج! مفعمان بالطاقة في الصباح المبكر، سأخرج.

خرج من المطبخ بينما بقيت جالساً اترقب الشجار الذي سينشب في أي لحظة، وربما كنت محقاً إذ أنها بدت قلقة متفاجئة بينما تسأله: أنت بخير؟ انزلقت الملعقة من يدي لم أقصد.
رمقها بحدة وتحرك نحو المغسلة ليفتح الماء ويغسل يده ينهرها بغيظ: اخرجي من المطبخ وجودك هنا مجرد عبء! رفضت عرضك مرارا وتكرارا ولا أنوي تغيير رأيي، لذا لا تتوددي إلى هذا يثير حنقي!

احتدت عينيها وقد ومضت ببريق رمادي مليء بنفاذ الصبر بينما تجادله: لا سبب مقنع يدعوك للرفض! إن كانت فترة مؤقتة ولا تستدعي منك تقديم أي شيء، فأين تكمن المشكلة! كُن شاكراً لتلقي عرض مماثل من امرأة مثلي!
هاه؟

طرفت بعدم استيعاب أو فهم بينما اغلقت الصنبور وواجهها ليجز على أسنانه: شاكر لِما تحديداً؟ على العالم بأسره أن يتقدم بالعزاء لي! ممتن؟ لماذا؟ لأن مزعجة متهورة مثلك تحاول بكل جهدها اقناعي بقبول أفكارها المجنونة الغير مبررة؟ فقط لكونها فكرة سترقى لتحقيق أهدافك الخاصة؟ كم مرة على ترديد مدى كون أنانيتك المفرطة تزعج من حولك! متى ستكتفين من فرض عيوبك على الآخرين وطمس رغباتهم! أخبرتك مرارا وتكرارا أن تزييفك لن ينطلي على لذا توقفي!

إلى متى عليك تذكيري بعيوبي بإستمرار كما لو كنت كائن يضيء بمحاسنه! دانيال أنت تتجاوز حدودك بترديد مساوئي وكأنك لا تجيد سوى التفوه بها! حتى لو كنت سيئة ولكن هذا لا يعني أنه لك الحق في القاء سيل كلمتك الجارحة بإستمرار.! أنتَ حتى لم تكلف نفسك عناء سؤالي عن أسبابي وبدلاً من ذلك تنهال على بترديد هذه الكلمات وكأنها لا تعني شيئاً!

انتابني القلق وقد وقفتُ أرغب في تهدئة الوضع لولا أن أكملت بصوت قد علا ونال منها الغضب: أنانية أنانية أنانية! وكأنك تستمع بترديدها كلما نظرت إلى وجهي، لماذا لا أقوم برد المثل لك إذاً؟ هاه؟ ماذا عنك!
هذا. يمنحني شعور سيء جداً!
لا أريد منها التفوه بالمزيد.
هناك أمور لا يجب أن يفكر فيها أو.
ينتبه لها!
وضع يمناه على الرخامة بجانبه وكور قبضته الأخرى بحزم: ماذا عني؟ ما الذي تشيرين إليه؟

لا يجب أن يسأل عن المزيد، ماذا لو. استوعب شيء قد غفل عنه منذ طفولته؟ هل. سيلي استيعابه خطوة إيجابية؟ أم العكس؟
أجابته ترفع ذقنها بثقة وجفاء: مُدعٍ للمثالية.
عقد حاجبيه بإستنكار شديد في حين انتفض جسدي كما لو تعرض لتماس كهربائي عنيف وقد تدخلت فوراً بهدوء: هذا يكفي كلاكما، دانيال سيأتي أبي الآن ليتناول الفطور ولازلت لم تنتهي.

تجاهلني ينظر إليها برفض وتفكير وانزعاج مردداً كلماتها فأسرعت تقول بحدة وانفعال: هذا هو أنت، أنت الرجل الجيد القوي المثالي بينما أنا دائماً الفتاة السيئة الأنانية المثيرة للإشمئزاز! في حين أنك البطل الرائع على أن أكون الطرف الشرير اليس كذلك؟

أردفت تلوي شفتها بإزدراء تمسك بالمنشفة الصغيرة لتمسح يديها: لذا أنت مجرد مدعي للمثالية! هل أخبرك أحدهم أنك تحشر أنفك في شؤون الآخرين بإستمرار؟ بأنك متطفل ومتهور ومندفع؟ لا تنصت إلى الطرف الآخر وقنوع دائماً بصحة رأيك؟ هل أخبرك من حولك أنك شرس عصبي وفي المقابل تحب لعب دور الرجل الشهم؟ الا تلاحظ مدى تناقضك؟ لما لا فأنت مشغول في عد مساوئي وحصرها بدلاً من معالجة عيوبك!
هذا يكفي!

علا صوتي مقترباً منهما وقد استوقفتها بنبرة حازمة جادة.
أخفضت عينيها بقهر ثم القت على نظرة ممتعضة والتفتت لتغادر لولا ان توقفت والقت على صدره المنشفة الصغيرة واستدارت لتخرج مسرعة بخطوات واسعة.
ارتجفت شفتاي أحاول تمالك أعصابي ونظرت إليه لأجده يتابعها بعينيه والشحوب قد اعتلى وجهه بوضوح!
بدى بالفعل مستنكراً ما سَمِعه بشدة وقد أخفض ناظره نحو الأرضية يحدق إلى المنشفة بصمت.

اقتربت ادفع كتفه بخفة: أنتما تتصرفان بصبيانية توقفا عن التجريح ببعضكما في كل حين، فليكن انسى الأمر.
نظر إلى يدي للحظة قبل أن يدفعها عن كتفه ورمقني بجمود فقلت بجدية: دانيال. حان الوقت لتنضج أنت أيضاً، لا تتشاجر معها كلما سنحت لك الفرصة، كلاكما سليط اللسان والجدال فكرة سيئة! دعني أساعدك ونحضّر الطاولة لا بد وأن أبي جائع. سيغضب كما تعلم.
لم يعلق وقد اكتفى بالوقوف دون حركة.

حفزته وقد بدأت اعاونه لأستكمل ما كان يقوم به مغيراً الموضوع: ما الذي تنتظره أسرع.! أنا أيضاً سأخرج بعد قليل لا تنسى أنني في فترة التدريب كما أخبرتك ولا يمكنني التأخر.
بقي على حاله حتى تفاجأت بالشحوب يتصاعد وقد انكفأ لونه متسائلاً بنبرة خافتة شاردة: أدعي المثالية؟
ارتجفت أناملي وقد حاولت التماسك أستمر في تغيير الموضوع بينما أقلب الحساء: أضفت الملح؟ يبدو لي أنه بحاجة إلى بعض التوابل أيضاً صحيح؟

ما كان ذلك.؟
رمقته بهدوء وأصريت على تجاهل الأمر: استيقظ لاري مسبقاً وهو جائع كذلك لذا أسرع.
نظر إلى بتشتت وقد جابت عينيه الزمردية على وجهي يتسائل: لقد قالت أنني مجرد مدعٍ للمثالية، هل أنا بالفعل أحاول م.
ليس من عادتك التأثر بأي جدال ما خطبك تحديداً انسى الأمر! لقد بدت منزعجة لابد وأنها لم تقصد ما تفوهت به.!

أضفت ادفع ظهره ارغمه على الوقوف أمام القدر: قم بتجهيز الطاولة حالاً ولا تقحمني في شجاركما، على الخروج بعد قليل لا يجب أن أتأخر. أسرع ما الذي تنتظره.
تحرك دون أن يتفوه بكلمة وقد وقف يحدق إلى القدر للحظات قبل ان يرفع يده ببطء ويقلب الطعام، ربت على كتفه بقوة وتصرفت بأريحية بينما ارتب الأطباق بسرعة وأستمر في التحدث معه مغيراً الموضوع.

لم يكن يتجاوب بسهولة ولكنه لم يبقى منغمساً كذلك في أفكاره وقد بدأ يلهي نفسه وتقطيبة صغيرة بين حاجبيه قد لازمته تنم عن انزعاجه الشديد.
تنهدت بعمق وانسحبت بهدوء أدس هاتفي في جيبي أستعد للخروج، قابلت أبي الذي صعد الدرج وقبل أن أنزل قلت منبهاً: أبي. يبدو دان منزعجاً قليلاً ربما. من الأفضل أن تتركه وحده قليلاً.
عقد حاجبيه بإستنكار وتساءل: سمعت صوته يتشاجر مع الآنسة كتاليا، هل ساءت الأمور؟

أومأت مطمئناً: شجار معتاد لا تقلق.
رغبت في اكمال طريقي لولا ان استوقفني بجدية: نعم معتاد ولكن ما المختلف هذه المرة؟ تحدث.
نظرت من حولي بهدوء وقد رفعت يدي بتلقائية أحك أنفي متمتماً: لا تشغل بالك أبي، انفعلا قليلا لذا من الأفضل أن نتركهما.
حملق بي بتمعن وتركيز قبل ان يتكتف بحزم: لم تجب بعد.
انتبهت لتواجد لاري خلفي وقد كان يمرر يده على عينيه بنعاس يتساءل: أنا جائع. لم ينتهي داني بعد؟

أشرت له بهدوء: الفطور جاهز تقريباً، أنا مضطر للمغادرة أبي، سنتحدث لاحقاً لا تقلق.
أسرعت في خطواتي بينما أنزل راجياً ألا يستوقفني مرة أخرى.!
وبالفعل تركني أخرج وما ان وجدت نفسي في الشارع حتى تنفست الصعداء بعمق.
يصعب لوم الآنسة كتاليا على انفعالها أعلم جيداً كيف تشعر.!
لا يمكنني انكار صعوبة ما تشعر فيه في ظل هذه الاتهامات المستمرة.
اعلم جيداً. طبيعة هذا الشعور ويمكنني فهمها!

ولكنني لا أريد من دانيال فهم الأمور دون ادراك تدريجي، قد أكون بحاجة إلى التحدث معها لاحقاً، عليها أن تعي ضرورة تجاهل بعض تصرفاته وكلماته مؤقتاً.
مؤقتاً إلى حين قريب.

أنهيت تبديل ملابسي واستبدلتها بالزي الرسمي للمقهى وقد أغلقت باب الخزانة وتحركت بسرعة لأخرج حيث ويل الذي كان في انتظاري في ركن القهوة يتحدث إلى زميله زاك.
أنا جاهز.
قلتها بهدوء وتقدمت نحوهما فابتسم زاك وأشار بإبهامه: حظاً موفقاً، سأصعد لأستكمل عملي.

أعقب يغمز بثقة: وصلت في الوقت المحدد، ليكن في علمك ان المدير يرصد كل التفاصيل حول تحركاتك لذا كن حذراً. أخبرك منذ الآن أنه يغفر كل الأخطاء عدى التأخر عن الموعد.
أشار بيده ملوحاً وهو يسرع للخروج من ركن القهوة، ابتسمت بلا حيلة وقلت أحدق إلى ويل أشمر أكمام قميصي: بماذا سنبدأ؟
ابتسم بتبرم: تشعر بالحماس إلى هذه الدرجة؟ لا تستعجل سأعرفك أولاً على الجميع هنا.

وهذا ما حدث إذ تبعته إلى المطبخ حيث كان هناك خمسة من الطهاة لكل منهم مهامه المختلفة، ثلاثة نساء خمنت أنهن في أعمار متقاربة من عقدهن الرابع، والاثنين الآخرين كانو رجالاً أكبر سناً أحدهما بدى هادئاً جداً والآخر قد رحب بي بشدة ثم سرعان ما انهمك فيما يقوم به ليستكمل عمله.

غمزت إحدى النساء وقد قالت ضاحكة بخفوت: الموظف الجديد أكثر جاذبية من السابق، هل يمكنه تحمل ركن القهوة يا ويل؟ أراهن على أنه سيهرب في غضون شهرين.
اجفلت لقولها وقد أخفضت رأسي فوراً بإضطراب، كلماتها لا تبشر بالخير أبداً!
عقدت حاجباي بإستنكار وتوتر وسألت ويل بجانبي: هل أنا معرض للخطر هنا؟

ابتسم يربت على كتفي مطمئناً: لا تقلق سنقوم بحمايتك! الآن بعد ان تعرفت على الجميع لنصعد إلى الأعلى سأعرفك على اثنين من الزملاء.
خرجت معه بقلق وتفكيري ينحصر على مدى صعوبة تقبل الوضع هنا.! سيقوم بحمايتي؟ هل من المفترض أن أطمئن لسماع هذا حتى؟

صعدت معه إلى الأعلى وقد كان هناك عدد قليل من الزبائن، لمحت زاك يزاول عمله وينظف إحدى الطاولات، وقد انتبهت لمن كانت تضع الأطباق على إحدى الطاولات تبتسم بلطف للزبونتين امامها!، وما ان استقامت لتبتعد ولمحتني حتى تجهم وجهها ورمقتني بأعين سوداء مترعة بالجفاء، انتزعت عيناي فوراً واشحت بوجهي بصمت.

سبقني ويل وأشار نحو أحد الرجال ذو بشرة سمراء وقامة طويلة: ذلك زميلنا توماس، ذو مزاج متقلب أحياناً ومشغول في أغلب الأوقات ولكنه لا يتفانى في تقديم أفضل ما لديه.

ثم أشار إلى إحدى النادلات التي كانت تنظم بعض الكراسي ترفع شعرها البني تجمره للأعلى وترتدي قرطاً كبيراً بعض الشيء، تحركت لتقترب من زاك وتتحدث إليه، فهمس ويل لي: إنها مويرا، طبيعية جداً عدى أنها كثيرة الجدال مع تاتيانا لذا حاول الا تقحم نفسك بينهما اتفقنا؟
تمتمت بهدوء: لن أفعل.

تبعته لأصافح توماس الذي بدى لطيفاً وقد رحب بي بود، أما المدعوة مويرا فاكتفيت بالتبسم لها بهدوء أشبك يداي خلف ظهري عمداً فرحبت بي تبادلني الإبتسامة: أنت الموظف الجديد إذاً، سررت بلقاءك أدعى مويرا.
أومأت ارمقها بنظرات متقعطة: كارل، تشرفت بك.
انتبهت بدورها لصعود أحد الزبائن فأسرعت نحوه بينما تلوح لي مرحبة مجدداً: لا تتردد في طلب أي مساعدة.

تنهدت بعمق حتى سمعت تساؤل ويل في أذني: لماذا بدأ جبينك بالتعرق فجأة، هل أعجبت بها يا رجل؟ ليكن في علمك أن مويرا تواعد رجلاً لذا ابقى بعيداً عنها.
أغمضت عيناي أنفي برأسي: لا تمازحني، لم أفكر في هذا حتى!
كانت لحظات حتى نزلنا مجدداً وما ان وصلت حيث نهاية الدرج حتى عقدت حاجباي أنظر إلى من دخلت إلى المقهى ترتدي نظارة شمسية وقناع وجه أسود.
هذه الهيئة.

وقفت في مكاني حتى تداركت الأمر ما ان التفتت نحوي وقد اعادت خصلات شعرها الذهبي خلف أذنها.
اليست. العارضة ستيلا؟
أكملت طريقي بحيرة ولكنني وما ان تقدمت نحو ركن القهوة حتى تحركت بدورها وقد سمعتها تنادي بإسمي بصوت خافت!
انه صوتها بالفعل.
ما الذي تفعله هنا!
نظرت من حولي بتوتر قبل أن أنظر إليها بحيرة ولم أعلم ما ينبغي لي فعله!
بدى ويل يقف باستغراب في ركن القهوة حتى تساءل: ما الأمر؟

نفيت برأسي وأشرت بيدي: امنحني لحظة واحدة.
أومأ وقد اخرج هاتفه يلهي نفسه به بينما يرمقني بنظرات متقطعة، تقدمت نحوها ووقفت مواجها لأتساءل: الآنسة ستيلا؟
هزت رأسها إيجاباً وقالت ممازحة: المعذرة لا يمكنني نزع نظارتي وقناعي هنا، مررت بجانب المقهى وأردت الإطمئنان ما ان كانت الأمور على ما يرام؟
هكذا إذاً!

انتابني الاضطراب رغماً عني وقد ازدردت ريقي بصعوبة، وجدت نفسي أشير نحو إحدى الطاولات: ماذا عن الجلوس أولاً؟
نظرت إلى الساعة حول معصمها قبل ان تؤيدني: لا بأس إذاً، لا يزال أمامي متسع من الوقت.
ثم التفتت نحو اليمين لتجلس على طاولة قريبة من المدخل، اشرت لويل أن ينتظرني قليلاً فأومأ مبتسماً بمكر!

بقيت أقف أمام الطاولة وقد حافظت على هدوئي بصعوبة اتجاهل توتري ومع ذلك تلعثم لساني رغماً عني: انه اليوم. الأول للتدريب.
ما انطباعك الأول عن المكان؟
الجميع هنا لطيفون، لا بأس سأبذل قصارى جهدي.
بدت حذرة قليلاً وهي تمرر يدها أمام وجهها متذمرة بصوت خافت: الجو حار جداً، اتعتقد أنه لا بأس بنزع القناع؟

نظرت من حولي باستغراب، لم أجد سوى بضعة زبائن على طاولات متفرقة لذا اقترحت بينما أرفع كتفاي: لا أدري حاولي ان تقيمي الوضع جيداً.
بدت تفكر قليلاً قبل أن تتنهد وتنزع القناع: لا أستطيع أكاد أختنق أحتاج إلى التنفس جيداً.
أبقت النظارة على عينيها وابتسمت: لم تبدأ العمل بعد في ركن القهوة، قد أزورك مجدداً خلال الفترة القادمة لتجربة القهوة التي ستعدها.

رفعت يدي نحو شعري أخفف من حدة أعصابي والارتباك الذي نال مني، تحرك لساني من تلقاء نفسه وقلت كالأبله: عليكِ ذلك.
ما الذي.
أتفوه به كالأحمق!
لمحت ارتفاع حاجبيها بخفة قبل أن تضحك بخفوت، ثم سرعان ما قلت مغيراً الموضوع متجاوزاً بلاهتي: ليس من اختصاصي أخذ الطلب ولكن لا بأس أعلميني به، أنتِ بحاجة إلى شراب بارد صحيح؟
اسندت مرفقيها على الطاولة مؤيدة: موكا بيضاء مثلجة، سأكتفي بها.

اشرت بإبهامي إلى الخلف: سأذهب لأعلمه.
تحركت بخطى مضطربة ومع ذلك أخذت نفساً أسيطر على نفسي، هذا صعب جداً! لا أحد يملك أدنى فكرة كم هو صعب الحفاظ على هدوئي والتظاهر بكل هذا الاتزان!
لساني ثقيل جداً وبالكاد يستجيب لي ولكنه يفلت ويتصرف من تلقاء نفسه أيضاً.!
أعلمت ويل بطلبها فغمز لي بخبث: من تكون؟ أبديت اهتماما خاصاً فور أن لمحتها، هل تعرفها؟
طرفت بسرعة أشيح بناظري: أعرفها وحسب.

أومأ بعدم اقتناع وقال محفزاً: إذاً اقترب، اعتبره تدريبك الأول، سأريك كيفية إعداد الموكا البيضاء راقبني جيداً.
اسرعت ادخل إلى الركن وراقبت كافة تحركاته وما يقوم بشرحه، المقدار والترتيب وكافة الخطوات والتفاصيل!

وما ان انهى الشراب البارد حتى وضعه أمامي على الطاولة وقال: يوجد كُتيب هنا سأعطيك اياه، يحتوي على أنواع القهوة التي يختص فيها المقهى مع كافة التفاصيل التي ستحتاج إلى معرفتها، ولكن قراءته وحده ليست كافية سيتعين عليك النظر جيداً إلى ما أقوم بصنعه اتفقنا؟
فهمت.
ابتسم بمكر: والآن يمكنك أخذه إليها.

وضعت الكوب على لوح التقديم الخشبي وتجاوزت نظراته الماكرة، وقبل أن أخرج من ركن القهوة لمحتها قد نزعت نظارتها الشمسية وقد بدت مرتاحة لعدم وجود الكثير من الزبائن في هذا الوقت المبكر.
لم تكن سوى خطوتين حتى توقفت ما ان لمحت وقوف شابين أمام طاولتها! لا أدري ما الذي قاله كلاهما ولكنها أسرعت ترتدي نظارتها الشمسية وقناعها.
هل.
علما بهويتها؟

هل هي مشهورة إلى هذا الحد؟ أتذكر أن زميلي في الفندق قال ذلك بالفعل. اكملت طريقي ووضعت الكوب على الطاولة لأقول بهدوء: طلبك يا آنسة.
ابتسم احدهما يخرج هاتفه وقال بحماس: إنها العارضة ستيلا بالفعل! اتسمحين لي بالتقاط صورة؟
تنحنحت وقالت بصوت متهدج: أنت مخطئ ربما أشبهها.
اعترض صديقه بشك: لا يمكن أننا قد أخطأنا أنا واثق أنكِ هي!

ثم أسرع يخرج هاتفه وبدى لي ينوي تصويرها! هل هو غبي؟ اليس من الواضح أنها لا ترغب في التقاط الصور؟
عقدت حاجباي وكدت أنهره لولا أن قالت بدورها مشيرة بكلتا يديها له بالتوقف: لا تبدأ بالتصوير من فضلك، لستُ من تتحدث عنها.
تجاهلها وقد تفاجأت به يقوم بتشغيل بث مباشر وابتسم بحماس: عدت إليكم يا رفاق، احزروا بمن التقيت في هذا الصباح الباكر؟
يالوقاحته!

تفاجأت بوقوفها وقد أخذت حقيبتها تاركة الكوب تنوي المغادرة بسرعة، إلا أنها قد توقفت ما ان وجه نحوها كاميرا الهاتف، تحركت يدي بتلقائية أنوي انتزاعه الهاتف منه ولكنني سرعان ما توقفت مذهولاً لرؤية الشاب قد تعثر وجثى على ركبته بقوة امامي!
ما الذي حدث؟
نظر زميله للوراء بعدم استيعاب وكذلك فعلنا، لأرى من تلوي شفتها بإزدراء وقد خمنت أنها ركلت فخذه من الخلف بقوة لترغمه على التعثر!

ومضت عينيها السوداء بالإشمئزاز وقد نزعت ربطة من على معصمها ورفعت بها شعرها القصير لتقول بجفاء: هل تعاني من مشكلة في السمع؟ قالت بأنها ليست من تعتقد فبأي حق تقوم بتصويرها؟
اعتدل واقفاً وهو يتأوه يمرر يده على فخذه من الوراء واعترض: كيف تجرؤين على ضربي!
رفعت كتفيها ببرود: قضية تصوير شخص دون إذنه، قد يكلفك ذلك مَبلغاً ستعجز عن التكفل به، هل أنت متأهب؟ لقد رصدت فعلتك.

قالت ذلك بملل ترفع هاتفها متوعدة فاتسعت عينيه ونظر إلى صديقه ليقول بحزم: لِنخرج. إنها مجنونة همجية!
أسرع يعرج بينما يخرج مع صديقه الذي سبقه!
تنفست الآنسة ستيلا الصعداء ولم تكد تشكرها حتى تفاجأتْ بها تستدير بإمتعاض دون كلمة.
استوقفتها بإمتنان وقالت على عجالة: شكراً جزيلاً!

أشارت بيدها بلا اكتراث مبتعدة لتسير نحو غرفة الإستراحة متمتة: أحياناً تكلفك اللباقة ضريبة تعجزين عن دفعها، لا مانع من التصرف بحزم ارفضي ما يزعجك وحسب.
تابعتها بعيناي حتى دخلت إلى غرفة الإستراحة واختفت، نظرت إلى الآنسة ستيلا وسألتها بهدوء: هل تتعرضين لمواقف مماثلة في العادة؟
تنهدت بلا حيلة وجلست مجدداً تمسك بالكوب: يمكنك قول هذا.
لذا تبدو حذرة جداً.

ثم متى تدخلت هذه الفتاة أنا لم ألاحظ وجودها حتى! لم تتردد في التدخل رغم ان ذلك الشاب يفوقها قامة. كما لا يبدو عليها الخوف أو حتى القلق!
رفعت الآنسة ستيلا الكوب ترتشف منه وقد انزلت القناع من على ثغرها، ابتسمت برضى: لذيذ!
انتابني السرور لقولها وقد أومأت بفهم دون أن أعلق!
قالت أنها مرت من هنا صدفة ورغبت في الإطمئنان وحسب، أتساءل إن.
إن كانت لا تمانع المرور مجدداً.

انتبهت لوقوفي بجانب طاولتها مطولاً فأسرعت اتراجع واتجهت إلى ركن القهوة، وجدت ويل يبتسم بترقب بينما يحدق إلى متكتفاً، خمنت ما ينوي قوله وقد كنت محقاً إذ قال بتهكم: وأنا الذي تساءلت لماذا بدت هيأتها مألوفة! هل تعرف العارضة ستيلا؟ لست سهلاً!
حاولت تغيير الموضوع أنظر إلى أرجاء الركن: ما الذي على تعلمه الآن؟
أجابني ممازحاً: كيفية استقبال صديقتك بطريقة أفضل في المرة القادمة.

تصاعد شعور الإحراج بداخلي وقد نهرته بصوت خافت: إنها مجرد معرفة سطحية لا تفكر أكثر من اللازم!
حسناً حسناً، أياً يكن. آه يوجد زبونة تقترب انتبه جيداً لطلبها وركز في كل ما أقوم به.
اقتربت بالفعل زبونة بدت لا تتجاوز العشرون من عمرها ترتدي نظارتها الطبية وتمسك بين يديها بعض الكتب والمراجع، أشارت نحو احد انواع القهوة في اللوح الموضوع جانباً: اسبريسو.

أومأ ويل مبتسماً: حالاً. هل تريدين شيء جانبي؟ لدينا دونات طازجة والكثير من المخبوزات هناك.
نظرت الفتاة حيث يشير إلى الركن الجانبي وقالت مفكرة: سألقي نظرة.

همس لي فوراً: عليك أن تكسب المزيد من الوقت، بينما يقف الزبون لا تسمح له بالشعور بالملل، قم بتوجيهه إلى ركن المخبوزات أو حتى استفسر منه حول المزيد عن قهوته، وإن كان هناك مخبوزات جديدة وما شابه فعليك التسويق لها. ولاسيما عندما يكون الزبون لا ينوي الجلوس في المقهى. أنت باريستا، وظيفتك لا تقتصر على اعداد القهوة بقدر تركيزك على منح الزبون شعور الرغبة فتكرار الزيارة.

هذا. كثير جداً! هل أنا مضطر لكل هذا التواصل معهم بحق الإله؟ لم أتوقع. أن يكون الأمر بهذه الصعوبة!
اعتقدت أنني سأكتفي بإعداد القهوة وحسب!
وليته اهتمامي أنظر إلى كيفية تجهيزه لقهوة الاسبريسو، وبينما يقوم بذلك لمحت المدعوة تاتيانا قد خرجت من غرفة الاستراحة ووقفت أمام الركن مقابلنا لتقول بتبرم: ويل، هل حقاً سيأخذ زاك اجازة في نهاية هذا الأسبوع؟

بالكاد فتح فمه ليجيبها ولكن صوت أنثوي قريب قد تدخل بسخرية: تخططين للعمل مكانه؟ إذاً لا حاجة لنا هنا صحيح؟
قلّبت عينيها السوداء بضجر بينما اقتربت المدعوة بمويرا وقالت لتعقب بتهكم: صحيح سيأخذ إجازة ولكن لسوء حظك سأكون بديلته في ورديته المسائية. مؤسف اليس كذلك؟

لا بد وأنها ترغب في العمل مكان زميلها لاستلام المزيد من النقود وفق ما فهمته مسبقاً!، كان هذا ما أفكر فيه حتى تفاجأت بقولها المختصر وهي تنزع ربطة شعرها القصير: جيد، كلما عملتِ أكثر كلما فقدت المزيد من الدهون المتراكة في أردافك، أرجو أن يكون خطيبك سعيداً بالنتيجة.
اتسعت عيناي أستوعب قولها بينما أسرع ويل يخفض رأسه يكتم ضحكته وقد تورد وجهه بشدة!

وقفت مويرا في مكانها مذهولة بينما أكملت الأخرى طريقها بعدم اكتراث نحو أحد الزبائن اللذين دخلوا إلى المقهى.
هل. قامت بإهانتها أمامنا ببساطة؟ رغم أن مويرا تكبرها سناً بالفعل؟ ولكن. لقد بدأت مويرا بمحاولة مضايقتها اليس كذلك؟ أقصد. لم يكن عليها محاولة ازعاجها ان كان مزاج هذه الفتاة يصعب تحمله! لا أدري أنا مشتت.!

همس ويل وقد وكزني بمرفقي: أخبرتك أنهما كثيرتا الجدال، أياً يكن الاسبريسو جاهز، الأمر بسيط صحيح؟
أومأت له احاول انتزاع نفسي من دهشتي! بينما لوت مويرا شفتيها وهمست بإنزعاج: فظة وقحة! جسدي رشيق لا بد وأنها تغار مني. على الأقل لست صبيانية متوحشة.
ثم مررت يدها في شعرها البني بعدائية وتحركت مبتعدة لتتجه إلى إحدى الطاولات لتنظيفها بعد مغادرة الزبائن.

استلمت الزبونة قهوة الاسبريسو وغادرت، فضحك ويل بخفوت وقال يسند جذعه على رخامة الركن خلفه: يا رجل لماذا أنت مذهول إلى هذا الحد؟ ما تراه الآن لا شيء مقارنة بالكوارث التي تحدث هنا! إليك الفيلم الأعظم والأكثر إثارة للجدل، ان دخلت تاتيانا إلى غرفة الاستراحة للدراسة لن تتوقف مويرا عن محاولة ازعاجها وستتشاجران كالمعتاد. الأحداث الشيقة قادمة في الطريق.

عقدت حاجباي بعدم رضى: لا بأس بهذا؟ هل يعلم المدير بما يحدث؟
رفع كتفيه: لن يتخلى عن إحداهما، تاتيانا مجدة في عملها، مويرا لديها أسلوب لبق ومهذب مع كافة الزبائن وتجيد التسويق جيداً لكل شيء هنا. اعتاد على شجارهما لذا تحتم على الجميع تجاهل الأمر كذلك. طالما لا يمس مصالح الزبائن بالسوء طبعاً.
لا أصدق أنكم معتادين على هذا!
ستعتاد أنت أيضاً ثق بي.

تلقى هاتفي إشعاراً فأخرجته من جيبي، وإذا بي أرى رسالة مختصرة تدّرب بِجد، لا أريد عرقلتك لذا سأغادر، إن التقينا مجدداً فآمل أن يكون كوب القهوة من اعدادك شخصياً
رفعت رأسي بتلقائية أنظر إليها وقد وضعت حبل حقيبتها على كتفها ولوحت لي بخفة قبل أن تخرج ويبدو انها قد دفعت الحساب لمويرا التي ابتعدت عن طاولتها للتو فقط.

اعدت ناظري إلى هاتفي وشيء في صدري قد سرت به رجفة طفيفة وجدت نفسي على إثرها أرد على رسالتها بأخرى إن كان تواجدك لن يضرك مرة أخرى، فأعيدي الكرة
أرسلتها ولكنني سرعان ما شعرت بالاضطراب اتساءل ما ان كان ما أرسلته سيئاً! جريئاً أو وقحاً!
لا أدري.
ربما كان على ان أكون أكثر لباقة في كتابة الرسالة!
الموكا البيضاء اذاً.
كتاليا:.

خرجت من المتجر أمسك بالأكياس الصغيرة بعد ان اشتريت بعض مستحضرات العناية بالبشرة، مزاجي سيء جداً بعد ذلك الشجار مع دانيال لذا خرجت بعد ان أعلمت أبي بذلك، سيحين موعد الغداء قريباً وبصراحة لا رغبة لي في رؤية وجه دانيال الأحمق! لا أظنني سأتناول الغداء في المنزل.
لا أصدق مدى عِناده وكم هو وقح معي! لا يهم كم مرة حاولت فيها التقرب إليه هو لن يتوقف عن التجريح والإهانة كُلما سنحت له الفرصة.

أردت التصالح معه منذ الأمس ولكن كلما حاولت تزداد الأمور سوءاً.!
لم يكن على كارل انهاء الامر لقد رغبت حقاً في قول الكثير، بل وبدى دانيال مذهولاً بوقوفه بذلك الوجه الأبله وكأنني أتفوه بالأكاذيب!
والآن لا يمكنني التوقف عن التفكير! كيف لي اقناع أبي بألا أواعد لارز الذي يهددني بتوقيع عقد مع دانيال؟
اخترت دانيال لأنني أعلم جيداً أنه.
أنه هذا الوغد لن يجرؤ على لمسي وإيذائي! بأنه لن يمسني بأي سوء.!

لن يقتنع مهما حاولت.
كما أشعر بالإنزعاج والضيق حقاً هو لم يتردد في اهانتي والتجريح بي وكأنني كائن لا شعور له!
زفرت بلا حيلة ورفعت هاتفي أتصل بريتشارد راغبة في الإطمئنان على حاله، ترقبت قليلاً حتى سمعت صوته: مرحباً كات.
بدى صوته منهكاً قليلاً فثار بي القلق والخوف متسائلة: هل أنت بخير ريتشارد؟ كيف هي اصابتك؟
لا تقلقي أنا بخير، تحسنت كثيراً.
هل راجعت المشفى؟

تساءلت بينما أجلس على أحد المقاعد العامة في حين أجابني: لدي مراجعة غداً، لا تشغلي بالك سيزول الألم في غضون أيام معدودة.
هذا يعني. أنك لا زلت تتألم!
قلتها بيأس وضيق فنهرني بهدوء: ألم أقل أنني بخير؟ ماذا عنكِ هل كل شيء على ما يرام؟ تشعرين بالتحسن؟
تحسنت كثيراً، سأعود للعمل بعد فترة لا يمكنني المخاطرة وإلا غضب أبي.
فكري بصحتك قبل كل شيء.!
سأفعل.

قلتها مسايرة وتساءلت أنظر للشارع من حولي: بدأ الطقس يتحسن قليلاً، أريد الخروج معك أنت وفيونا بعد ان تشفى إصابتك تماماً، عليك أن ترتاح وتسترخي ريتشارد إياك وإرهاق نفسك!
محقة لاحظت انخفاض طفيف في الرطوبة والحرارة اليوم، صحيح بالنسبة لحفل حصاد الانجازات والجوائزالدوري في المجلة، سيحضر لارز بصفته شريك للمجلة إياكِ والجدال معه كات الجميع يعلم أننا عائلة لا يجب أن يسوء الأمر.

لويت شفتي مرددة: سيكون متواجداً! هذا أسوأ خبر يمكن سماعه.
هل سمعتِ ما قلته؟
حري بك أن تخبره بألا يزعجني! لكل فعل ردة فعل هو من يبدأ باستفزازي على كل حال.
فكرت قليلاً قبل ان اتساءل بحيرة: صحيح ريتشارد، هل. لديك أدنى فكرة عن نوع لارز المفضل من الفتيات؟
بدى مستنكراً بشدة لسؤالي وقد سألني بعدم استيعاب: لماذا. تسألين!
أضاف بما أذهلني: هل ستحاولين التقرب إليه؟

اعترضت بحزم: حسك الفكاهي سيء! كنت أتساءل فقط، لماذا لا يرتبط؟ ألا يوجد فتاة معينة تعجبه؟ ما هي مواصفاتها؟
ما هذا فجأة!
أنتما مقربان ريتشارد فلا بد وأنك تعلم!
كتاليا. ما الذي يجول في رأسك!؟
تنهدت بعمق وتجاوزت الأمر مُتمتمة بلا حيلة: لا شيء. مجرد فضول.
أعقبت بتبرم: ربما أتوق لرؤية أبناء ابن عمي. تباً له!
لماذا تشتمينه فجأة! هل. تواصلتما؟

غيرت الموضوع بملل: لنتوقف عن الحديث عنه إن كنت لن تجيبني، سأكون متأهبة للحفل كما لا أنوي الاحتكاك به.
أعقبت بإستيعاب: صحيح! سمعت ان الحفل سيكون بعيد، انه قرب الساحل الشرقي لذا.
ترددت بإحراج قبل أن أقترح: عندما يحين الوقت، أتعتقد أنه لا بأس بأن أطلب من أبي استعارة إحدى سيارات المنزل؟
استشعرت ابتسامته وهو يقول بلا حيلة: كفاكِ سخفاً لا يستدعي الأمر الطلب او الاستئذان المسبق، يمكنكِ ذلك طبعاً.

هذا جيد، لن أكون مضطرة لأن أثقل على ديفيد وروز، أو حتى جاك وجانيت، كما من الصعب عرض هذا على سايمون، بالإضافة إلى أنني أنوي الذهاب وأخذ دانيال رغماً عنه. لذا إحدى سيارات المنزل ستفي بالغرض.

اليوم الثاني منذ أن تشاجرت معه! لم يتحدث أحدنا إلى الآخر.
مزاجه سيء، متعكر إلى أقصد حد وعصبي جداً.
فرغ غضبه بلاري في الأمس واليوم تجادل مع كيفين!
شعرت برغبة كارل في التحدث إلى ولكنه لم يفعل! أتساءل إن كان يرغب في. أن يخبرني بضرورة الاعتذار من دانيال لأنني لن أفعل ذلك مهما كان لطيفاً في طلبه!

لماذا على الاعتذار إلى رجل أعلم جيداً أنه وبعد سماع اعتذاري بثانية واحدة فقط سيخلق مشكلة جديدة من العدم؟ لا أهتم ولن أفعل.
أولويتي الآن تنحصر على الذهاب إلى العيادة البيطرية لجلب بينديكت الذي يمكنني أخذه واصطاحبه أخيراً بعد تحسن حالته.
أعلمت السيد هاريسون بأنني سأحضر جروي الصغير ولم يمانع، كما أخبرني أن لا أحد هنا يعاني من أي حساسية تجاه الكلاب ولن يكون هناك أي مشكلة.

نظرت إلى الساعة حول معصمي، لا تزال الخامسة والنصف مساءً.
وضعت الهاتف على أذني راغبة في معاودة الإتصال بروز التي لم أحظى بفرصة الاجابة على اتصالها عندما اتصلت قبل قليل، أجبتها بينما أخرج من الغرفة: مرحبا روز، كنت مشغولة قليلاً أنا في طريقي لأخذ بينديكت.
اتى صوتها مفعما بالحماس: وأخيراً! اشتقت كثيراً إلى هذا الجرو الصغير، أريد رؤيته.

ابتسمت إثر قولها وقد لمحت كارل الذي عاد للتو من الخارج وبيده بعض المشتريات، ابتسمت له بهدوء بينما أعقب على قول روز: سيكون الأسعد بلا شك، لا يمكنني الانتظار حتى يعود أخيراً.!
ولكن أين سيستقر في منزل السيد هاريسون؟ الا بأس بذلك؟
سيستقر في غرفتي طبعاً.! اعتاد بينديكت النوم إلى جانبي فأين تكمن المشكلة؟
كارل:
أ. أنا.
هل أسأت الفهم؟
وقفت في مكاني وقد كادت المشتريات تنزلق من بين أناملي!

ستحضر شخص يدعى بينديكت؟ سوف. يستقر في غرفتها؟
عقدت حاجباي بذهول وما ان خرجت من المنزل حتى أسرعت نحو أبي الذي كان يقوم بكنس الأرضية وقد خلا المكان من الزبائن، سألته بحذر وعدم تصديق: أبي! هل سمعت ما سمعته للتو؟
رمقني ببرود: وإن يكن؟
تسمرت في مكاني بعدم استيعاب!
سألته بدهشة: أبي! هل تعلم بهذا مسبقاً؟
أومأ بعدم اكتراث: لقد أعلمتني بالأمر قبل قليل.

حدقت إليه بتفاجؤ: ولم تمانع؟ لقد. سمحتَ لها بالمكوث هنا لأسبابها الخاصة ولكن. أن تجلب شخص آخر أبي اليس هذا مبالغ به؟ أقصد.
تلعثمت قليلاً بتردد قبل أن أكمل: لا أؤيد تواجد شخص سيمكث معها في غرفة واحدة!
من سيمكث مع من؟

أتى التساؤل أعلى الدرج وقد التفت أنظر إلى دانيال الذي ينزل يبعثر شعره بينما يحرك رأسه يميناً وشمالاً بإنهاك وقد تمتم بكسل: قمت بكي الكثير من الملابس اليوم، حمداً لله سيحين دور كيفين في الغد! ما الذي تتحدثان عنه للتو؟
وصل حيث نهاية الدرج فنظرت إلى أبي بتردد فقال بجفاء: وما شأنك أنت؟
عقد دانيال حاجبيه: ما كل هذه العدائية فجأة!

لوى شفتيه وأضاف بعدم اكتراث: لا أهتم. لم أعد دانيال الذي يهتم بأصغر التفاصيل أكملا حديثكما السري.
لقد سمعت كارل يقول لأبي أن شخص ما سيمكث في غرفة تلك الفتاة!
تفاجأت بوجود لاري فوق الدرج وقد أخرج رأسه من الجانب فنهرته بإنزعاج: هل كنت تسترق السمع؟
نظر أبي إليه بحزم: انزل!
أجفل لاري وأسرع ليعود أدراجه ويختبئ في الغرفة على الأغلب! ظهرت تقطيبة استغراب بين حاجبا دانيال مردداً: شخص ما ماذا؟

اكمل أبي كنس الأرضية وتساءل: هل قلت بأنك لا تهتم بالتفاصيل للتو؟
نظر دانيال إلى وسألني بعدم استيعاب: ما الذي كان يقصده لاري؟
لويت شفتي بعدم اقتناع ولكنني رفعت كتفاي وقلت بهدوء: يبدو لي أنه يوجد من سيتشارك الغرفة مع الآنسة كتاليا. هذا ما. فهمته للتو!
جابت عيناه على وجهي بصمت للحظات قبل أن يطرف بإستيعاب و يتجهم وجهه فجأة ليردد: يشاركها الغرفة؟ و. بصفته من؟

نفيت برأسي بعدم معرفة: لا أدري، كما لا أعلم إن اسأت الفهم أو لا، ولكنها قالت انها اعتادت منه ا. النوم إلى جانبها!
أعقبت أنظر إلى أبي: هل حقاً لا بأس بهذا؟ ليس من عادتك تأييد أمر كهذا!
أشار أبي لدانيال بجمود: قم بتنظيف المرايا هناك جيداً.
انهى كلماته يتجاهلنا تماماً وقد تحرك ليصعد لولا ان توقف لقول دانيال بكلمات قد نطق بها بصوت متهدج: لن أسمح بهذه المهزلة!

التفت أبي نحوه نصف التفاتة ينظر إليه من فوق كتفه بجفاء: لن تسمح بماذا؟
تفاجأت بالعروق قد برزت في عنقه وهو يعترض بحزم وعينيه الزمردية مليئة بالوعيد: منزلنا ليس نزلاً! كان الاتفاق منذ البداية على مكوثها هنا وحدها!
نظر أبي إليه بتمعن وتركيز قبل أن يسأله بكلمات بطيئة: استئذنت مني قبل أن تقرر الأمر من تلقاء نفسها فما شأنك أنت تحديداً؟
من يكون؟

سأله دانيال بنبرة غريبة في حين بقيت متسمراً أحدق إليه بإستنكار حتى أعقب: أخبرني أبي! من يكون وكيف اقنعتك؟ هل زيفت سبباً جديداً الآن؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة