قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية بين الرذاذ للكاتبة أنستازيا الفصل الرابع والعشرون

رواية بين الرذاذ للكاتبة أنستازيا الفصل الرابع والعشرون

رواية بين الرذاذ للكاتبة أنستازيا الفصل الرابع والعشرون

كتاليا:
تقلّبت بتثاقل شديد وابقيت عيناي مغمضتان استشعر براحة مدى نعومة ودفء الغطاء.
ولكنني تقلبت مجدداً مدركة لوجود أشعة الشمس الموجهة نحو وجهي مباشرة ففتحت عيناي ببطء قبل ان اغمضهما منزعجة.
لماذا الستائر مفتوحة على اقصاها.!
هذا مزعج.
زفرت مقتضبة ومررت يدي على رأسي جراء صداع طفيف.
ستائر؟
لماذا لا تبدو مألوفة؟

ترجم عقلي فوراً الصورة السريعة التي خزنها قبل ثواني فقط للمكان الذي يحيط بي! نهضت بذعر اتفحص بعيناي كل ما حولي وقد تسمرت بإضطراب وتشتت!
أين أنا بحق الإله وما الذي حدث لي؟
نظرت الى المكان من حولي بارتياب اتفحصه جيداً.! انام على سرير كبير بفراش راقي والاثاث من حولي عصري من الطراز الرفيع! الشرفة المفتوحة ستائرها تطل على العمارات الشاهقة المجاورة بوضوح!

كما لمحت جناحاً مجاوراً يلي هذه الغرفة ولا ادري الى اين يؤدي! الغرفة ضخمة والشرفة مساحتها واسعة جداً! لماذا لست في منزل السيد هاريسون بحق خالق الكون!، بحثت بعيناي عن الباب بتوتر وخوف وقد زحفت بحذر على كلتا ركبتاي على السرير وشعري المبعثر يستمر في التناثر حول وجهي فأعدت الخصل الفوضوية خلف اذني بعصبية بينما ابحث عن هاتفي وحقيبتي لعلي اجدها ولكن. لا شيء يخصني هنا!
ما الذي افعله هنا؟
لا اتذكر شيئاً!

بدت صور مشوشة تغزو عقلي وشيئا فشيئا استوعبت انني كنت لا ازال اجلس وحدي بعد مغادرة ذلك الفتى آرنولد.
ثم تناولت بقهر وباندفاع لوح الشوكولا وكادت غصتي تخنقني فنفست عن غضبي بتناول المزيد وبعدها. لا اتذكر شيئاً على الاطلاق!
دب الرعب في قلبي لمجرد التفكير انه قد تم استغلالي في لحظات عدم وعيي!
انا. لم يقم احد الاثرياء الحثالة بأخذي الى هنا صحيح؟
ولكن. ملابسي وكل شيء يبدو على ما هو عليه!

اللعنة ما الذي على فعله الان تحديداً.!
من يكون وماذا يريد مني؟ ما الذي ينوي فعله بي!
اين هاتفي اللعين!
لا يمكن أن يكون. باتريك! غير معقول لن يكون قادرا على اخذي الى مكان كهذا.!
ا. ان لم يكن هو فمن؟

سرت بخطوات حذرة بطيئة وصغيرة اتلفت من حولي في كل حين، لم المح الباب لذا عبرت الجناح الآخر الذي كان بمثابة صالة استقبال وغرفة جلوس ضخمة، لم المح أي شخص من حولي ومع ذلك ارتفع معدل خفقات قلبي حين لمحت الباب اخيراً.
طالما لا يوجد أي شخص هنا فعلي استغلال الفرصة والمغادرة حالاً.
تباً يدي ترتجف دون توقف، اهدئي كتاليا واضبطي نفسك وأعصابك جيداً!

بحثت من حولي بحذر قبل أن أفتح الباب، استقرت عيناي على مُجسم خشبي متوسط الحجم فأمسكته دون تردد وأحكمت قبضة يدي عليه بينما أضع يدي الأخرى على قبضة الباب.
أخذت نفساً بطيئاً عميقاً وأدرتُ القبضة بحرص لئلا أصدر أي صوت.
وما ان فتحت الباب حتى انقطعت أنفاسي بذعر أستوعب وجود الجسد الواقف أمام الباب وظهره مواجهاً لي!
يوجد من يقوم بحراسة الباب؟ من المسؤول عن تواجدي هنا!

كيف لي أن أتخطى هذا الرجل ذو البنية الضخمة!
جزيت على أسناني أسيطر على ارتيابي وقد بقيت شاخصة في مكاني دون حركة، لا مجال للتراجع إن كان يحرس المكان فالمسؤول عن كل هذا ليس هنا اليس كذلك؟
علي التصرف حالاً!
أخفضت ناظري إلى المجسم الخشبي بتوتر وأنفاس متسارعة وقد أحكمت قبضتي عليه بقوة.

افعليها كتاليا. حتى لو كان ضخماً ولكن مباغتته بحركة مفاجئة ستكون كافية لتخلقي فرصة لنفسك! أنا حتى لا أستطيع دراسة المكان خلف الباب بسبب وقوفه.
حسناً كتاليا إليك ما ستفعلينه! ستباغتينه بأقوى ما لديكِ! اضربي مؤخرة رأسه لا بد وانه سيتفاجئ وستكون فرصتك للهرب من هذا الجناح على الأقل وبعدها اصرخي أو افعلي أي شيء.
ارخيت كتفاي أحاول التماسك ومع ذلك ارتجفت شفتاي رغماً عني.
لا تهدري الوقت!

أغمضت عيناي بقوة قبل أن أتحلى بالشجاعة وقد رفعت يداي وركزت كل جهدي وطاقتي لأضرب مؤخرة رأسه حتى تفاجأت بالمجسم يُكسر جراء ذلك!
تأوه وانحنى يمسك برأسه فشهقت بذعر أنظر إلى الدماء التي سالت من بين أنامله.! م. ماذا لو قتلته! بحق الإله وليكن؟ أنتِ محتجزة هنا!
تحركي ما الذي. تنتظرينه!

شهقت برعب بينما أعبر بجانبه ولا سيما حين أمسك بيدي بيده الملوثة بدماءه فصرخت بذعر وحاولت التملص منه بينما أدفعه بكل قوتي: دعني! اتركني وشأني أيها الوغد.
رفعت قدمي وركلته بين ساقيه بقوة فانحنى بلا حيلة رغم اصراره على عدم ترك يدي!

حاولت انتزاع يدي بينما أصرخ بخوف حتى بدأت أضربه بيدي الأخرى، ثم ركلته دون توقف على معدته وسائر جسده حتى تركني يتأوه، لم اتراخى وقد انتزعت نفسي وتراجعت للوراء اتلفت يميناً وشمالاً حتى لمحت باباً لا أدري واللعنة أين يؤدي ولكن لا خيار آخر.

اسرعت نحوه أمسح يداي بملابسي أحاول التخلص من ملمس الدماء الذي أثار في نفسي رعباً، وما ان لمحت الباب الذي أتجه إليه يُفتح حتى قررت يداي من تلقاء نفسها التقاط المزهرية المجاورة للباب الموضوعة على الطاولة.

كانت لحظة كجزء من الثانية عندما أيقنت أن من فتحه رجل آخر فلم أتردد في ضرب وجهه بالمزهرية ولكنني تفاجأت به ينحني يتجاوزها، لم أمهل نفسي أكثر من ثانية أخرى إذ التقطت التمثال الصغير الذي كان موضوعاً بجانب المزهرية ورميته عليه ما ان استقام وهذه المرة.
ارتطم في وجههِ مباشرة!
أكملت طريقي بينما أدفعه لأتجاوزه ولكنه أمسك بمرفقي يستوقفني بقوة.

صرخت بقوة: النجدة! أنا محتجزة هنا، ساعدوني! دعني وشأني عليك اللعنة اتركني. النجدة!
لم يخبرني أي شخص أنكِ عنيفة شرسة!
هذا. الصوت!
توقفت عن المقاومة أنظر إليهِ بدهشة وعدم استيعاب.!، عندما أيقن توقفي عن المقاومة ارخى يده وتركني بينما يضع يده الأخرى على جبينه إذ شج طرف التمثال جزءاً من أعلى حاجبه وقد سالت الدماء من الجرح بغزارة! ي. يا الهي.

وضعت يدي على فمي بإضطراب قبل أن أقول بغضب وانفعال: هذا أنت! لماذا تصرفتم مثل عصابة بحق خالق الكون! أ. أنت بخير؟
بحثت من حولي بإرتباك وتشتت متسائلة: لا أحد هنا؟ يا الهي لقد ضربت زميلك لا أدري إن كان بخير! ماذا عنك؟ تشعر بالدوار؟

نظر إلى بعينيه البنية قبل ان يبتسم وقد تنهد بلا حيلة ينزل يده من على الجرح الذي سالت دماءه حتى عينيه نزولاً إلى عنقه وتحرك إلى الداخل فتبعته بل وسبقته أتجه إلى الرجل الضخم الذي استقام للتو فقط واقتربت منه بتردد: أنا. آسفة! يمكنك الوقوف؟ كان عليك قول أي شيء حينها! لم أقصد. حقاً! ظننت أنني محتجزة هنا!

وضعت يدي على مرفقه احاول مساعدته ولكن مساعدتي لا تعد شيئاً له، رفعت رأسي أنظر إليه بتمعن وقد سألته: لا يجب أن تقف فوراً هل واثق أنك على ما يرام؟
أجابني بصوته الخشن برسمية: أنا بخير آنسة كتاليا. لا بأس.
عدائية! كان عليكِ توجيه السؤال قبل تأدية دور المختطفة، هل ستعوضينني عن تشويه وجهي؟

تساءل من يقف خلفي وهو يقف ورائي مباشرة، لويت شفتي بغيظ وقد قلت بحزم دون أن أستدير: هذا الرجل فقط من يستحق أن أعتذر إليه! أما أنت. فاذهب إلى الجحيم!
أجفلت لقرب صوته مني على حين غرة: لا أحد سيفكر في اختطاف امرأة صعبة، بل الحذر واجب منكِ يا آنسة، فحتى لو كنتِ ثملة في الأمس ولكنكِ كنتِ فرداً خطيراً جداً على معشر الرجال.

ابتعدت وتراجعت للوراء لأنهره بحزم: لماذا تستمر في تجاوز حدودك معي من تظن نفسكَ تحديداً! حافظ على المسافة بيننا وإلا!
أعقبت أحدث الآخر الضخم: لماذا يعمل هذا النكرة معكم! ألا يَعلم أبي بسوء تصرفاته وسلوكياته المنحرفة؟
أجابني برسمية يخفض عينيه: أعتذر بالنيابة عنه آنستي.
اشتعلت غيظاً: لماذا تعتذر بالنيابة عنه!

أردفت أنظر إلى ذلك الوقح الذي يحدق إلى محافظاً على ابتسامته الهادئة وعينيه تتمعن النظر إليه: سأخبر أبي فور رؤيته! شخص مثلك لا يجب أن يستمر في العمل لديه، تستحق ما حدث لك وتستحق كل قطرة دماء تلوث جبينك، أتمنى ألا يختفي الجرح، أتمنى أن يترك أثراً واضحاً! أغرب عن وجهي أيها الوقح!
تحركت بغضب ونفاذ صبر ولكنني رأيت من دخل إلى الغرفة فوقفت في مكاني فوراً.

نظر إلى بجمود قبل أن تتسع عينيه الزرقاء بدهشة يحدق إليهما خلفي وتساءل بصوت أجش: ما الذي. حدث لكما؟
اقتربت منه بسرعة أعقد حاجباي وأمسكت بكلتا يداه بقوة: أبي.! لم أعلم أنني هنا بأمر منك، ذلك الرجل الضخم لا يبدو بخير علينا معالجته لا بد أن يتلقى العناية فوراً بجرحه!
أتى صوت الرجل بهدوء: أنا بخير سيدي.
ياللقسوة سيد آرثر! أنا أيضاً مُصاب وأستحق العناية.

قالها ذلك المزعج فقلت بحزم فوراً: لماذا شخص بمثل هذه السلوكيات المستفزة يعمل لديك! أبي هو لا يتوقف عن إزعاجي كلما رأى وجهي! لستُ نادمة على ما أصابه يستحق أكثر من هذا.!

تركت يده فوراً مجفلة لصراخه على بنبرة جافة: ولا يبدو أنكِ نادمة على فقدان وعيك في منتصف الشارع مساءً! كتاليا متى ستتحملين مسؤولية أفعالك وتشعرين بخطورة ما تقومين به! ماذا لو لم أكن حريصاً على مراقبة كل تصرفاتك الطفولية! تعلمين جيداً أنكِ واللعنة لا تقاومين تأثير الكحول فلماذا تتناولين أي هراء يُقدم إليكِ من أي شخص!

أخفضت عيناي فوراً بإضطراب لعلو صوته قبل أن أجادله على مضض: لا زلت لا أدري كيف فقدت وعي لماذا تقوم بلومي حدث هذا رغماً عني!
تجاوز كلماتي وقال بحدة ينظر إلى الاثنان خلفي: اذهبا لِتطهير الجُرح حالاً.
التفت أنظر إليهما بإمتعاض وأسى دون أن أنبس، كيف لي أن أعلم أنهم رجال أبي كان على أي شخص إيقاظي وإعلامي فوراً!

خرج الإثنان وما ان أغلقا الباب حتى نهرني أبي مزمجراً بنبرة تنم عن نفاذ الصبر: لدي الكثير لأوليه اهتماماً ولا سيما هذه الفترة فلماذا تستمرين في إثارة قلقي! أياً يكن. سأتجاوز الأمر فقط لأنكِ لم تعلمي بمكونات ما تناولته ولكن المرة القادمة أغلقي فمك حتى تعلمي ما ستقومين بتناوله.
أومأت بفهم ورغبت في سؤاله حول الرجلان ولكنه سألني بدلاً من ذلك يحدق إلى بحاجبين معقودان: أنتِ على ما يرام؟

عليك أن تقلق بشأنهما! لم أتوقف عن ضرب ذلك الضخم دون توقف، صحيح أبي أنا جادة بشأن الآخر الوقح لماذا يعمل معك لا يعقل أنني الوحيدة التي تلاحظ تصرفاته التي يتجاوز فيها حدوده!
تجاهليه.
ولكن.
استدار مبتعداً نحو الأرائك التي تتوسط المكان، جلس على إحداها يضع قدما على الأخرى وهو ينظر إلى هاتفه وقد قال بهدوء وشك: اتصلتِ في الأمس لتتأكدي للمرة الأخيرة أنني مُصر على مواعدتك للارز، ما الذي تنوين فعله تحديداً؟

انتابني الذهول للحظة ولكنني حافظت على هدوئي وبقيت واقفة مكاني لأتكتف: لا أنوي شيئاً كنت أحاول اقناعك وحسب.
رفع عينيه عن هاتفه يرمقني بهدوء ثم أعاد ناظره إلى الهاتف وقال: ستواعدينه. لذا لا تقلقي أكثر بشأن محاولة اقناعي.

كتمت غيظي بصعوبة وابتسمت مُسايرة: لارز يحترمك كثيراً ويقدرك، لهذا يبدو متضايقاً بشدة. إنه عاجز أمام طلبك أبي وعليك ان تفكر ملياً بالأمر. لا أصدق أنك سترغمه على أمر يكرهه في حين كان ولا يزال أكثر من تثق به، لارز سيفعل المستحيل لئلا يزعجك ولكنه يقف الآن عاجزاً في حيرة من أمره بين رغبته الخاصة وبين. رغبتك!
ضاقت عينيه وقال بحدة: لا تمارسي فن اقناعك الملتوي على هذا لن يجدي نفعاً.

قلّبت عيناي بلا حيلة والتزمت الصمت بينما أتنهد بعمق، تحركت نحو الأريكة التي يجلس عليها لأستقر بجانبه وتساءلت: لماذا تبدو مرهقاً؟ هل أمور العمل تسير إلى نحو جيد؟
بقي يحدق إلى هاتفه لألمحه يتحدث بمحادثات عديدة في برامج عدة، أجابني بهدوء: الكثير من الضغط مؤخراً بالإضافة إلى المتاعب والمشاكل التي تجلبينها.
أومأت ابتسم بضمور ثم قلت باستيعاب: هاتفي وحقيبتي!
ستجدينها في السيارة سيوصلك أحد الرجال.

أكمل يدس هاتفه في جيبه: بعد أن نتناول الفطور.

مضغت طعامي بهدوء في حين كان يحتسي قهوته وينظر إلى إطلالة مطعم الفندق عبر الحائط الزجاجي، لا فكرة لديه كم أرغب في استمرار هذه اللحظات معه.! مجرد الجلوس معه على طاولة واحدة. أمر لا يقدر بثمن! لقد اختار أن نتناول الفطور في هذا المطعم في الطابق الأرضي للفندق بعد أن طلب ملابساً جديدة لأغيرها عوضاً عن التي تلطخت بدماء التابع الضخم.
أرجو أن يكون هذا الرجل بخير.!

زميت شفتاي بتوتر وحاولت البحث عن أي موضوع يمكننا الحديث بشأنه، وقبل أن أتفوه بحرف سبقني القول يضع الكوب على الطبق الصغير: التقيتِ بواتسون في الأمس.
سعلتُ بخفة بينما ابتلع اللقمة وقد نظرت إليه مدركة أن كافة التفاصيل لا تفوته بالفعل!
وجدت نفسي أتمتم على مضض: لديه خطيبته.
أخفضت ناظري أتحاشى النظر إليه فقال ببرود: هانا تعلم مسبقاً، لذا دعي كل شيء على ما هو عليه.

حدقت إليه بدهشة: تعلم بهذا؟ ل. لا بد وأنه كان صعباً عليها!
لم يعلق واكتفى باحتساء رشفة أخرى من القهوة، أرخى ظهره للوراء وسألني: لا زلتِ تلملمين شتات نفسك؟ لا تنوين مقابلتها؟
نفيت فوراً: ليس بعد. سأفعل! ولكن. ليس الآن أبي.
رسم ابتسامة متهكمة وتمتم: ستدركين لاحقاً أنكِ تأخرتِ في الاستعداد للحظة لا بد منها.
ما الذي. تقصده؟

تصاميمها تم استخدامها في الكثير من الإعلانات التسويقية التي قامت المجلة بإنتاجها، من البديهي أن تكون متواجدة في حفل الحصاد الأسبوع القادم.
هانا. ستكون متواجدة في الحفل!
جف حلقي بشدة وقد تعلقت عيناي عليه بعدم استيعاب مرددة: ستتواجد! أبي أنت تمزح! لماذا لا أعرف شيئاً عن هذا؟ لم يقل ريتشارد شيئاً حول تواجدها؟
بقي يرخي ظهره ونظر من حوله قبل أن يقول بإيجاز: لا مَفر.

ابعدت كلتا يداي تاركة الشوكة والسكين وتراجعت بظهري للوراء أخفض ناظري.
ماذا؟ فقدتِ شهيتكِ؟
لماذا لا أعلم بهذا مسبقاً!
ما الذي سيتغير ها قد علمتِ الآن، ليس وكأنكِ ستتراجعين عن فكرة حضور الحفل. أنتِ مُلزَمة.
إنه.
محق!
لا يمكنني التراجع عن هذا الحفل! ولكن أن تتواجد هانا وكذلك لارز في هذا المكان في يوم واحد.

هذا صعب! اعتقدت أنني سأخذ كل وقتي في الاستعداد لمواجهة هانا ولكن أن يحدث بهذه السرعة! لم أتوقع حدوث هذا!
وأيضاً. في نهاية الأسبوع المقبل كوني متأهبة.
أردف يترقب ردة فعلي بجمود: سأعلن أنكِ ولارز تتواعدان رسمياً.

أغمضت عيناي أسيطر على لساني بصعوبة ولكنني فقدت أعصابي وقد اعترضت بعدم رضى: أبي هل نسيت كيف عانى لارز بسببي؟ ألا تتذكر كم كنت أحرجه أمام أفراد العائلة أو حتى في الأماكن العامة؟ لم أتوقف عن إزعاجه وجرحه لفظياً رغم تمالك أعصابه في كل وقت! ثم ماذا؟ أواعده ببساطة؟ أواعد شخص لم أتوقف عن نعته بالقروي الفقير؟ أواعد رجلاً نكرت أمام الجميع أنه جزء من عائلتي بعد تبنيه؟ أبي أرجوك لا ترغمه على أمر مماثل دعه يختار ما يريده الإرتباط بي ولو مؤقتاً سيخنقه حتماً! هو لا يستحق أن.

إنه رجل ناضج ويعلم أن الهراء الذي تفوهتِ به كان مجرد مَرحلة من طفولتك المليئة بالدلال.
لم أكن طفلة! بقي يعاني بسببي حتى عندما كان يدرس في مرحلته الثانوية! لم أكن طفلة أبي!
ارتجف صوتي وأردفت بنفاذ صبر: لن أواعده ولن أحاول اقناعه أو اقناع نفسي.
تمتم بثقة وبرود: أياً يكن ما تقولينه.
استفزني بروده وقد زمجرت بحدة: لدي شخص أريده ويرغب بي كذلك.
م. ما الذي.
تفوهت به!

ارتعدت فرائصي لنظراته الحادة وقد ظهرت تقطيبة صغيرة بين حاجبيه ومع ذلك سيطر عنادي على وقلت بينما أقف: هناك رجل ويتبادل كلانا الاعجاب! هذا سبب كافي لأرفض عرضك الغريب!
استوقفني بحزم لفت انتباه من في المطعم: هل فقدتِ عقلك؟ ستتفوهين بالأكاذيب فقط للتهرب من أهمية خوض هذا الموضوع المؤقت!
ليست أكاذيب!
أنا أفهمك جيداً وأعلم إلى أي مدى من التهور ستصلين لتنفذي ما يجول في خاطرك فقط! مصلحتك تتوقف على.

أبي تلك لم تكن أكاذيب لدي بالفعل رجل يمكنه تأدية هذا الدور إن كنت مصراً على أن يكون مؤقت!
تورد وجهه جراء غضبه وقد جزء على أسنانه وتصلب فكّه بقوة.
أحكمت قبضتي وقد تحرك لساني يستمر باختلاق الأكاذيب محاولة اقناعه: يوجد من اعترف لي مسبقاً! ولا يوجد سبب يدفعني لرفضه!
اتسعت عيناه بغضب: كفاكِ سخفاً وتوقفي عن الكذب!

ولكنني صرخت بإنفعال بصوتٍ متهدج: السيد هاريسون الذي أعيش في منزله. أنتَ تعلم عن ابنه دانيال! العارض البديل الذي يعمل معي. إنه رجل يُعتمد عليه وقادر على حمايتي ولا يهتم بكماليات هذه الحياة فكيف لي أن أرفض اعتراف شخص مثله!
تسارعت أنفاسي جراء غضبي.
ووقع في نفسي هاجس جراء ذهول أبي الذي يُحدق إلى بِعدم تصديق فأعقبت على عجالة أتراجع للوراء بخوف: سأواعده!

التفت محاولة الخروج لولا أن زمجر بإسمي بحزم واتجه نحوي يمسك بمرفقي بسخط: تعتقدين بأنني غبي لأقتنع بأكاذيبك؟ رجل يواجه صعوبة في التحدث إلى الجنس الآخر سيعترف إليكِ بهذه السهولة؟ إلى أي مدى وصلتِ كتاليا عودي إلى رشدك لتستوعبي أن تصرفاتك ضد مصلحتك! أخبرتك أن تثقي بي مؤقتاً ألا يمكنكِ فعل هذا؟ أي جزء من كلمة مؤقت لا يمكنك استيعابه!

أردف محذراً بنبرة مترعة بالوعيد: إياك والتفوه بهذا الهراء مجدداً وإلا تصرفت تصرفاً آخر، ستجدين السيارة في انتظارك اطبقي فمك وغادري، لا يمكنني تحمل كلماتك دقيقة أخرى.
ترك يدي بخشونة وابتعد يكمل طريقه فراقبته بعيناي بيأس ولا حيلة.
ظننت لوهلة أنه من السهل اقناعه!
لا حل آخر.
سوى أن أعثر على فتاة تناسب لارز بسرعة!

والآن كيف بحق الإله أعود إلى منزل السيد هاريسون! كيف من المفترض ان أواجه دانيال بعد كل الأفكار المسمومة التي فكرت فيها تجاهه منذ الأمس؟
كيف سأجرؤ على النظر إليه حتى!
لماذا لا زال عقلي يصر على فكرة اللجوء إليه!
كارل:.

تثاءبت بنعاس رغماً عني بينما أغير ملابسي وأرتدي الزي الرسمي للمقهى، تمنيت لوهلة أن ذلك الجرو الصغير كان ضخماً شرساً لعل لاري كان سيصاب بالذعر منه ويتركه وشأنه! لا أصدق أنه أيقظني فجراً لأطعم الجرو معه!
بالكاد تمكنت من النوم عندما أرغمته على العودة إلى السرير ولكن وبِمرور أقل من ساعة فقط عاود يوقظ دانيال بجانبي يحاول اقناعه بإطعام الجرو المسكين الذي كان يغط في نوم عميق!

نهره دانيال وأخرجه من الغرفة وبسببهما عجزت عن النوم مجدداً.
كما أن جدالي مع دانيال في الأمس بالكاد انتهى عندما صمت كلانا فور ان استلقى كل منا على سريره!
مررت يدي في شعري بإنهاك حتى انتبهت لمن دخلت على عجالة إلى الغرفة تفتح خزانتها وتأخذ الزي الرسمي، وضعت حقيبة ظهرها في الخزانة ونزعت السماعات من اذنها ثم أسرعت نحو غرفة تبديل السيدات بينما تجمر شعرها الأسود القصير.

لم تكلف نفسها عناء القاء تحية الصباح حتى!
بدأت التدريب مع ويل وقد حاولت تجاوز رغبتي الشديدة في النوم، كان قد بدأ يشرح طريقة تحضير أصناف محددة اليوم وجميعها من انواع القهوة الداكنة، وَليته تركيزي قدر المستطاع وانسجمت معه وكلما حضر الزبائن الى ركن القهوة كنت انغمس في متابعة كل خطوة يقوم بها.
إلا أنني لاحظت ما قد أزعجني بشدة!

يمكنني الآن فهم ما كانو يقصدونه حول صعوبة التعامل مع ركن القهوة! فتيات هذه المدينة يتحلين بقدر هائل من الجرأة!
مَهما أبديت التصرفات الباردة اللامبالية والرسمية. لا فائدة!
ابتسم ويل بعبث ما ان غادرت الزبونة واتكأ بمرفقه على الركن خلفه يتساءل: أنت بخير؟
أجبته بلا حيلة: أتساءل إن كنت سأصمد أكثر!
تمتم بعدم اقتناع: تتصرف بغرابة، لا يوجد رجل سينزعج من لفت انتباه الفتيات لماذا تدعي عدم الاهتمام؟

أجبته على مضض: لأنني لا أهتم بالفعل.
غمز لي بخبث: هل يوجد استنثاء حول تلك العارضة يا ترى؟
أخفضت عيناي أتجاوز سؤاله بينما أنظف الرف بجانبي بالمنشفة الصغيرة، رأيتُ مويرا التي تقدمت تحدثنا وقالت تبتسم بحماس: ستصل الكعكة قريباً، عندما يتراجع اكتظاظ المَقهى احرصا على التواجد في المطبخ.
عقدت حاجباي بعدم فهم وسألت ويل بهمس: ما الأمر؟

أجابني متكتفاً يبتسم بمرح: يوم ميلاد الطاهي الأكبر، قمنا بِطلب كعكعة لأجله وستصل قَريباً، تواجد في المطبخ عِندما تسنح الفرصة.
أومأت بهدوء في حين غادرت مويرا تستقبل طلبات الزبائن، رأيت تاتيانا التي نزلت من الطابق الثاني على عجالة واتجهت حيث يقف ويل لتملي عليه أحد الطلبات ببرود.

ألقت على نظرة خاطفة ورمت تعليقاً متهكماً: لا يتوقفن الفتيات في الأعلى عن ذِكر أمر الباريستا الجديد، لا بد وأنك تحلق من فرط سعادتك. هنيئاً لك!
علقت برزانة أستكمل ما أقوم به دون أن أنظر إليها: سأكون سعيداً أكثر إن راقبتِ كلماتك آنسة تاتيانا. أمر كهذا لا يسعدني.
احنت جذعها للأمام تستند على الركن من الخارج وتضع كلا مرفقيها عليه تحدق إلى بتمعن ثم قالت بعدم رضى: مثالي أكثر من اللازم، هذا لا يُطاق!

تجاهلها كارل.
يفترض أن تكون معتاداً على تصرفاتها وتحسن التعامل معها حتى لو حاولت استفزازك.
لا زالت غير ناضجة والتجاهل هو الحل الأمثل، أنت هنا للعمل وحسب لا للجدال أو الشجار!
ابتعدتْ عن الركن حين دخل أحد الزبائن فتنفستُ الصعداء، تمتم ويل بضجر: أحسنتَ صنعاً! تجاهلها تماماً.

أومأت بصمت وحينها استكملت معه التدريب ولم تكن سوى فترة قصيرة حتى تراجع اكتظاظ المقهى ولم يكن هناك سوى بضعة زبائن يتناولون طعامهم الذي قامو بطلبه مسبقاً لذا استغل جميع العاملين الأمر وقرروا التجمع في المطبخ.
وجدت نفسي أسير مع ويل وزاك وهناك كان الجميع قد فاجئ الطاهي الذي تأثر بتواجدهم وبغنائهم له أغنية يوم الميلاد.

بدى سعيداً جداً وقد انتابه الإحراج بوضوح، ولا سيما عندما تقدمت مويرا تمسك بالقاعدة التي استقرت فوقها الكعكة، كما اتضح أن معظمهم قد تعاونوا لشراء هدية ثمينة له قامو بتغليفها بتغليف أنيق لطيف.
عقدت حاجباي باستغراب مدركاً نقص فرد من بينهم! أين تلك الفتاة؟
تلفت من حولي حتى سألت ويل الذي يقف بجانبي ويصفق بحماس: لماذا الطالبة الجامعية ليست هنا!؟

أجابني بعدم اكتراث: دعها، لن تستجيب حتى لو قمنا بدعوتها كما أن أمر كهذا لا يحتاج إلى أن يتم دعوتها لحضوره.
نكرت قوله بهدوء: على أحدكم أن يقوم بدعوتها، ان تستجيب أو ترفض هذا أمر يعود إليها!

عقد حاجبيه بعدم رضى وتوقف عن التصفيق وقد وكزني: ما خطبك يا رجل تلك الفتاة لن توافق أصلاً على التواجد مع الجميع هنا! كما أن لا أحد منهم يحب التعامل معها فلماذا نفسد هذا الاحتفال البسيط بسببها؟ ثم لا وبد وأنها لاحظت غياب الجميع كارل ولكنها لم تكلف نفسها عناء المجيء وتفقد الوضع!
أعلم جيداً كيف يشعر الجميع، أنا شخصياً لا أطيق أسلوبها العدائي ولكن.

التفكير بأن الجميع هنا. وفرد يبقى وحده في مكان آخر أمر لا يمكنني قبوله! على كل حال لن أتدخل.
تنهدت بلا حيلة والتزمت الصمت، مضى الوقت حتى قاموا بتقطيع الكعكعة وقد انتبهت إلى أن الكعكة تم تقسيمها على عدد المتواجدين هنا فقط، أي أنها لن تأخذ منها نصيباً كذلك.
قدم لي زاك طبقاً فيه قطعة من الكعك فتناولته منه وابتسمت بهدوء: شكراً جزيلاً.

كنت أول من انسحب من المطبخ وعدت حيث ركن القهوة، لم ألمحها هنا أو هناك وقد تذكرت كلمات ويل حول إمكانية جلوسها في غرفة الاستراحة لاستغلال الوقت، ربما تدرس كما يُقال.
بقيت واقفاً لدقائق ولكن لا أحد من الزبائن قد دخل، وجدت نفسي أتحرك بهدوء نحو غرفة الاستراحة ممسكاً بطبق الكعك. وكما توقعت، كانت تجلس تمسك بمجموعة من الأوراق أمامها وتبدو منهمكة في قراءتها ومراجعتها حتى أنها لم تنتبه لدخولي!

لا أؤيد تصرفاتها كما لا أريد الاحتكاك بها أو حتى البقاء معها في المحيط نفسه ولكن. لا أؤيد أيضاً أن يتفق الجميع على نبذ شخص واحد.

أؤلئكَ المنبوذين هم أكثر من يدرك قيمة ومعنى أن يعيشوا بِعزلة، المجتمع لم ينبذني كارل. أنا من قرر اعتزالهم، المنبوذ يتخلى عن أفواه وأصوات من حوله مقابل أن يسمح لأفواه الحياة الصامتة بالتحدث طوال الوقت ليتوغل في مكنونات كل شيء حوله، وأنا كما ترى. ظِل له ولا أمانع أن أبقى ظِلاً، الظِلال تختار أوقات معينة لتظهر فيها وعندما تختفي. تكون جزءاً منك يعيش في داخلك ويوماً ما. ستتغذى عليك حتماً.

أغمضت عيناي أتجاهل صدى صوته الذي تردد في أذني وقد مررت يدي على صدري أخفف من الضيق الذي اعتراني.
ظِل له.!
لم تصبح مجرد ظل دامين ولكنك تلاشيت في الظلام بالفعل!
لماذا أتذكر أمره الآن بحق الإله.!
انتشلني من أفكاري الأعين الداكنة الواسعة التي استوعبت تحديقها إلى بترقب واستنكار فتداركت الأمر ونظرت إلى الطبق لأقول: أرسل الرفاق هذا الكعك لأجلك، سأضعه هنا.

رفعت حاجبها الأيسر بعدم اقتناع: هاه، لماذا سيرسلون الكعك لي؟
تقدمت ووضعت الطبق على الطاولة وقلت بهدوء: يحتفلون بيوم ميلاد الطاهي، يمكنكِ تناوله طالما انها استراحتك.
قالت بعدم اكتراث: لست جائعة كما أنني أكره الحلويات ولا أطيق تناولها لذا لا داعي ل.
تناوليه مجاملة للطاهي على الأقل.

اكتفيت بقولي هذا وخرجت من الاستراحة، عدت إلى ركن القهوة وقبل أن استقر هناك نظرت إلى معصمي وتذكرت ساعتي التي لم أرتديها وتركتها في الخزانة لذا عدت أدراجي مجدداً، دخلت غرفة الاستراحة ولكنني سرعان ما توقفت بتفاجؤ وكذلك اتسعت عينيها بدهشة وتسمرت في مكانها!
ل. ليست جائعة ولا تتناول الحلويات ولكنها التهمت قطعة الكعك خلال ثواني معدودة ولطخت به فمها!

برز عرق جبينها وهي تخفض رأسها وقد تورد وجهها بوضوح وأسرعت تقف تنتزع المناديل الموجودة على طرف الطاولة تمسح ثغرها بقوة وهي تسعل!
أسرعت اتراجع للوراء وقد رفعت يدي لها بألا تبالي وخرجت من غرفة الاستراحة فوراً.
يفترض أنها لم تكن جائعة وتكره الحلويات! هل كان عليها التظاهر بإصرار؟ لماذا كل هذا العناد والعدائية أمام الناس!
كتاليا:.

بقيت واقفة أمام واجهة المحل بتردد أفكر مئة مرة بالأساسيات التي على المحافظة عليها عند رؤية دانيال، أولاً سأتجاهله، ثانياً سأتحدث معه إن لزم فقط، وثالثاً والأهم. سأكون رسمية وأتحدث بإيجاز شديد.
هذا كل ما على فعله!
لا أجرؤ على فتح فمي بكلمة أخرى بعد كل ما كنت أخطط له منذ الأمس، أحتاج إلى فترة لأستوعب الكثير.

اقتربت أنوي الدخول وقد انتبهت إلى اللوحة المكتوب عليها مغلق ، هذا غريب ليس من عادة السيد هاريسون أن يغلق المحل الآن!
دخلت وقد كان المكان هادئاً جداً، لا أسمع أي صوت في أرجاء المنزل ويبدو خالياً تماماً!
إن كان السيد هاريسون قد خرج فلا بد وأن كارل في العمل أما كيفين فربما خرج إلى المكتبة أو قصد وجهة أخرى، ماذا عن لاري؟ مهلاً أين بينديكت!
ماذا عن دانيال؟
ليس هنا!

يشعرني هذا بطريقة ما بالراحة، تنفست الصعداء وأكملت طريقي لأصعد الدرج ولكنني توقفت باستغراب حين تهاوى إلى مسامعي صوتاً خافتاً.
يبدو لي أن مصدر الصوت هو المرأب؟
بقيت واقفة في منتصف الدرج حتى استمر الصوت وقد بدى لأدوات معدنية وما شابه، تراجعت ونزلت بفضول لعلي أجد أحدهم هناك، دخلت حيث المرأب وهناك وقفت شاخصة بذعر وقد انقبض قلبي بشدة!
ما هذا!
تقدمت فوراً بذعر وتساءلت بخوف: ما الذي أصابك!

التفت نحوي متفاجئاً من وجودي وقد توقفت يداه التي يمسك بها المفك المعدني عن الحركة!
عقد حاجبيه ينظر إلى في حين كررت سؤالي بإضطراب وأشرت إليه: ظهرك! بحق الإله ألا تدرك مدى تلطخ قميصك بالدماء! هل هذه دماؤك أنت؟
قلب عينيه ببرود وتفاجأت به يتجاهلني ويركز على دراجته التي يبدو لي أنه يقوم بتصليح شيء ما في اطاراتها!
م. ما الذي.!

صرخت بإسمه بحزم وأعقبت بتوتر ما ان لاحظت الخدوش والغبار على مرفقه ويديه: لماذا تتجاهلني؟ أنت مصاب بشدة لماذا تعتني بدراجتك بدلاً من الذهاب إلى المشفى؟
أصر على تجاهل كلماتي وهو منهمك فيما يقوم به فأحكمت قبضتي بقوة وتركت حقيبتي جانباً لأقترب منه بحزم وجثوت بجانبه على مقربة منه لأضربه على كتفة ضربة تنم عن غيظي: لنذهب إلى المشفى حالاً!

ابتعد فوراً واتجه إلى الجهة الأخرى من الدراجة يتمتم ببرود: لا داعي للقلق وجهي الذي يهمك أمرك لم يتضرر كما ترين.
أنا لا أفكر في العمل الآن وإنما أخبرك بأن إصابتك تحتاج الى العناية!
ألقى على نظرة سريعة وقال بجفاء: دعيني الآن أنا حقاً منزعج! اللعنة سأحتاج إلى إطار جديد آخر.
هذا المجنون هل سيضع الأولوية لدراجته! من الواضح أن ظهره متضرر بشدة، قميصه ممزق وملطخ بالدماء! هل. تعرض لحادث أثناء قيادة الدراجة؟

اقتربت منه على حين غرة ورفعت قميصه لأنظر إلى ظهره وقد ارتجفت يداي بإرتياب في حين اشتعل غضباً وتوتراً وهو ينهرني مبتعداً عني: لم أشكو إليك إصابتي ابتعدي وحسب!
عضضت على شفتي وجادلته بقهر: هل فكرت بالقاء نظرة على ظهرك في المرآة! أيها المجنون يوجد جروح كثيرة! سأرافقك إلى المشفى.
عقد حاجبيه وزفر بنفاذ صبر ليقول وهو يتجه إلى الباب: مزعجة! لن أذهب إلى أي مكان.
تبعته فوراً حيث صعد الدرج وتساءلت: إلى أين!

سأستحم.
ولكن لا زال عليك تطهير كل هذه الجروح! أين المطهر سوف أساعدك إن كنت ترفض الذهاب إلى المشفى!
نكر قولي وهو يعلق بتهكم ورفض: وكأنني سأسمح لكِ. رأسي يؤلمني وأشعرُ بِالصداع لذا توقفي عن اللحاق بي.
أسرع في خطواته إلى غرفة نومه فوقفت في مكاني بإنزعاج شديد!
لا يمكنه أن يكون جاداً سيتجاهل الأمر حقاً؟
لا أحد هنا بالفعل الجميع قد خرجوا! كيف عساي أقنعه؟

خرج من الغرفة يمسك بالمنشفة وقد سار نحو دورة المياه فاستوقفته: ماذا لو ساء الوضع أكثر؟ الاغتسال ليس حلاً!
وقف ممسكاً بالمنشفة بيده قبل أن يلقيها على كتفه ونظر إلى بجمود: أينِ كنتِ منذ الأمس؟ لماذا لم تجيبي على مكالماتي؟
سايرته بهدوء: طرأت بعض التغييرات في خطة الأمس لقد ثملتُ واعتنى أبي بي. هذا كل شيء! ربما. رفضت مكالماتك آنذاك.
كيف ثملتِ؟
لماذا تحقق معي!
أومأ بجفاء: صحيح. لماذا أهدر وقتي!

لويت شفتي بإمتعاض ثم قلت: ماذا عنك! ما الذي حدث لك؟
تجاوز سؤالي وقد ضاقت عينيه بتركيز وهو يسألني بصوت هادئ: لماذا يبقيك والدك هنا؟ سمح لكِ بالعودة إلى هنا ببساطة. لماذا؟
ما خطبه فجأة! لماذا كل هَذهِ التساؤلات دفعة واحدة.؟
سألته بِجفاء: ما غرضك من هذا التحقيق الآن؟
ابتسم بتهكم ونفي برأسه بصمت، دخل إلى الحمام يصفق الباب خلفه فزفرت بنفاذ صبر.
أحمَق!

كنتُ لِلتو فقط أخطط لئلا أواجهه ولكنني لم أتوقع كُل ما حَدث الآن فقط! ولكن بالتفكير بالأمر. هذا جيد فوقاحته تسهل الأمر على أكثر.

بقيت أجلس في غرفة المعيشة أقلب بين المحادثات الواردة إلى هاتفي، لم أنسى أمر ديفيد وما اتفقت معه بشأنه لذا كتبت لجاك بعض الاستفسارات ليوضح لي ما يعرفه عن مقر الحفل وكل ما يتعلق به.
هل تخططين لطلب الرقص معي منذ الآن؟
سألني واضعاً رمزاً واثقاً فتنهدت بلا حيلة وكتبت له بإيجاز: كفاك سخفاً أعلم أن الحفل سيكون رسمياً ولن يحدث هراء كهذا.

أرسل ضحكة ممازحة ثم أخبرني بأنه سيسأل عن التفاصيل لأجلي ويجيبني فور تلقيه لأي معلومة مفيدة إذ لم يتم تحديد الموقع بعد.
تركتُ هاتفي على الأريكة واتجهت إلى المطبخ لأسكب القليل من الماء في الكوب وارتشفت منه بينما أعود إلى غرفة المعيشة، رأيت دانيال الذي انهى استحمامه وعبر الممر يتجه إلى الدرج لينزل.
لن ألحق به ولن أتدخل! حاولت معه مراراً وتكراراً فما عساي أفعل أكثر؟

استلقيت على الأريكة وأكملت تصفح البرامج في هاتفي حتى استوقفني أصوات في الخارج!
اعتدلت لأجلس باستغراب واتجهت إلى النافذة لأطل على الشارع حيث بدى الصوت قريباً جداً في الأسفل.
كيفين؟
من هذه المرأة التي يجادلها بحدة!
ت. تشبهه إلى حد كبير، أنيقة ترتدي فستان طويل صيفي بلون أصفر وتجمر شعرها الداكن للأعلى بطريقة بسيطة، هل هي والدته التي ظهرت مؤخراً؟ يبدو عدائياً جداً معها.!

اتسعت عيناي عندما امسكت بيده ولا أدري ما كانت تقوله ولكنه ابعد يدها بعنف واتجه نحو الباب ليدخل وكان من الواضح أنه أغلق باب المحل فلقد بقيت واقفة وهي تطرقه وسمعتها تنادي باسمه.
سمعت خطواته على الدرج ولمحته يسرع إلى الغرفة!
أعدت ناظري إلى المرأة التي مسحت بظهر كفها وجهها المتورد بشدة وقد نظرت من حولها قبل أن تسند ظهرها على واجهة المحل وبقيت واقفة هناك!

كان. عدائياً جداً! يمكنني تفهم سبب قلق السيد هاريسون!
زميت شفتاي واتكأت بمرفقي على النافذة أحدق إليها بتردد.
لا يجب أن أتدخل مهما حدث!
كنت واضحة مع السيد هاريسون وأخبرته أنني لا أنوي التصرف بهذا الشأن.
ولكن هل ستبقى تقف هناك بالأسفل وتنتظر لوقت طويل!
هل أفعل شيئاً حيالها؟
ترددت كثيراً وقد نظرت إلى الوراء ثم عاودت أحدق إليها لعلها تقرر المغادرة ولكنني وجدتها على حالها لا تنوي الذهاب!

ربما. على تمهيد الطريق لها فقط للتصرف معه! هو ابنها في النهاية اليس كذلك؟
ابتعدت عن النافذة وأسرعت لأنزل ولكنني رأيت دانيال الذي كان سيصعد للتو فقط، سألته القي بكل شيء خلف ظهري: إنها في الخارج!
رفع حاجبيه بعدم فهم والتفت لينظر إلى باب المحل الشفاف فوضحت بينما أنزل: اعتقد انها والدة كيفين، هي تنتظر هنا، لقد أغلق الباب في وجهها لا يجب أن تقف في الخارج!

زفر بنفاذ صبر ومرر يده في شعره يتجه إلى الباب وفتحه فوراً. بقيت واقفة في مكاني في حين أشار إليها بهدوء يبتعد عن الباب: تفضلي. سأنادي كيفين حالاً.
ولكنها استوقفته بتوتر وقد خطت إلى الداخل نافية برأسها: لا بأس لا تفعل! إنه غاضب جداً ويرفض رؤيتي، صادفته في الشارع المجاور قبل أن أصل إلى هنا ولكنه رفض تماماً الوقوف ولو لوهلة، ليس متأهباً بعد. أتفهم شعوره!

أعقبت بإهتمام واضح في صوتها بينما تعقد حاجبيها بأسى: هل لاري بخير؟
أومأ يجيبها بينما يمرر يده على عنقه: نعم، خرج مع أبي لمقابلة السيد راف منذ الصباح الباكر، يمكنك الجلوس في الأعلى وانتظار عودته.
أخفضت رأسها تنظر إلى الأرض بوجه شاحب وعلقت على قوله: يعتقد لاري أنه جزء من عائلتكم، لازلت لا أدري كيف أمهد له الموضوع.

رفعت رأسها تنظر إليه قبل ان تستوعب وجودي فارتخت ملامحها وارتفع حاجبيها تسأله: هذه الآنسة.؟
ابتسمت لها بهدوء: كتاليا، أعيش هنا لذا يمكنك اعتباري جارة مؤقتة.
أومأت بفهم وبادلتني الابتسامة الهادئة تقترب مني فاقتربت فوراً أصافحها لتقول بلطف: مارثا، والدة كيفين ولاري.
لا يجب أن تقلقي بشأن لاري، اقلقي بشأن كل من حوله، كيفين طالب مجتهد ومجد وطموح جداً، ستكونين فخورة به.
لماذا أقول هذا.!

قلت بأنني لن أتدخل فما الذي يسيرني لمواساتها.!
انتبهت لنظرات دانيال الذي يرمقني باستغراب قبل أن يقول لها: كما قالت. كيفين حطم جميع المقاييس بما يتعلق بالدراسة، لا فكرة لديكِ كم هو مزعج مستفز، تتمحور حياته كلها حول الدراسة فقط ولا شيء آخر!
زمت شفتيها حائرة منزعجة بوضوح حتى نظرت إلى كلانا واقترحت: هل. أستطيع التحدث إليكما في مكان آخر؟
أشرت إلى نفسي باستغراب: أنا أيضاً؟

أسرعت توضح بارتباك: لا أريد اقحامك في شؤوني، لا بأس إن كنتِ لا ترغبين في هذا، اعتقدت أنه يمكنني محاورتك أيضاً في موضوع معين طالما تملكين فكرة كافية عن كيفين.
ف. في الواقع علاقتي به سط.
علق دانيال بجمود يقطاع كلماتي: واثقة بأنكِ لن تحاولي معه أولاً؟
مهلاً أنا. لا يجب أن أتدخل فيما لا يعنيني! ما قلته كان انطباعي عن كيفين وحسب!
أجابت مارثا سؤاله سلباً: لا أريد ارغامه أو الضغط عليه، إنه غاضب جداً.

أومأ دانيال يضع يده اليمنى في جيب بنطاله: لا بأس بتغيير المكان. طالما مصرة على عدم المحاولة الآن!
ظهره!
عقدت حاجباي بإرتياب أتابعه بعيناي وهو ينوي التحرك خلفها، استوقفته أنادي باسمه فوقف ينظر إلى من فوق كتفه بترقب وصمت، استدارت مارثا كذلك فأسرعت اقول لها بلطف: سيدة مارثا أتسمحين بالجلوس هنا للحظة فقط؟ أريد دانيال قليلاً لن نتأخر!
أومأت دون تردد: سأنتظر.

في حين طَرف باستغراب وسُرعان ما تفاجئ بي أقترب منه أسحب يده بقوة أرغمه على التحرك معي لنصعد.
ارتجفت أنامله بِشدة وهَمس بِحزم وصوت متهدج: ما الذي تفعلينه! ابعدي يدك وإلا.
اتبعني بسرعة!
انزعج بشدة واعترض وقد ضغط بأنامله على يدي دون قصد ثم سرعان ما ارخى أنامله وقال مزمجراً: ما الذي تنوين عليه تحديداً!
سترى الآن.
قلتها بوعيد وغيظ شديد.

اتجهت حيث غرفته وكارل ودفعت الباب بيدي الأخرى، تركت يده ما ان دخلنا وقلت أسند ظهري على الباب الذي أغلقته: أنظر إلى نفسك في المرآة حالاً!
عقد حاجبيه بإستنكار والتفت ينظر إلى نفسه فقلت موضحة بغضب: أنظر إلى ظهرك! حتى لو كان قميصك داكناً ولكن لا يمكن أنك لم تشعر بالدماء التي تلوث جسدك مجدداً!
أعقبت بعصبية: هل تستعرض قوتك أو مُعجب بلون بدماءك!

بدى مدركاً لسوء الوضع ولا سيما حين رفع قميصه قليلاً ينظر إلى المرآة من الخلف وزفر يتجه إلى الخزانة يخرج قميصاً آخر وقال لي بجفاء: اخرجي سأغير ملابسي.
لا.
هاه!
إما أن نذهب إلى المشفى أو تخبرني حالاً أين مُطهر الجروح ليكون حَلاً مؤقتاً على الأقل!

بدى سيعترض فأسرعت أقول بغضب: ما خطبك تحديداً؟ لا تتصرف بغرابة وحسب ولكنك. تتعمد التصرف تجاه نفسك بلؤم أيضاً! الأمر لا يتعلق بي أو بنفورك مني ولكن بأهمية مراعاة ما يحدث لك الآن أنت لست بطلاً خارقاً كما تعتقد!
أضفت بسخط ونفاذ صبر: ماذا تكون! هل أنت مَسخ لا يَشعر بِالألم دَانيال!
أنهيت كلماتي بأنفاس متلاحقة ولكنني سرعان ما هدأت أستوعب تحديقه إلى بذهول!
م. ماذا؟

شحب وَجهه بِوضوح وبقي يحدق إلى دون أن يَطرف، بل ومضت عينيه الزمردية ببريق قد فاجأني يميل إلى الإنكار الشديد وقد انكمش على نفسه!
بقيت واقفة في مكاني أسند ظهري حتى رفعت يدي بتوتر نحو صدري.
هل هو بخير؟ هل قلت أمراً خاطئاً! أنا أحاول. مساعدته فقط!
أيعقل أن لساني قد تفوه مجدداً بكلمات جارحة؟ هل تماديت!

انتابني عدم الإرتياح أفكر مرارا وتكرارا بكل ما تفوهت به لِلتو حتى رأيته يخفض عينيه وتفاجأت بملامحه التي ارتخت بشدة وقد تحرك يجلس على سرير كارل بصمت يواجهني بظهره وتمتم بصوت هادئ: المطهر. في خزانة كارل.
ما خطبه فجأة!
لماذا استسلم فوراً ورضخ للأمر الواقع؟
هل كنت قاسية في كلماتي بما يكفي أو أنه اقتنع وحسب؟

السيدة مارثا تنتظر في الأسفل لا يجب أن نتأخر، أسرعت نحو الخزانة على اليمين بينما أسأله: هذه الخزانة؟

همهم إيجاباً دون ان يكلف نفسه عناء القاء نظرة فأسرعت أبحث حتى وجدت مجموعة من المعقمات والأدوية في الرف الأخير من الأسفل، قرأت المكتوب على كل واحد منهم حتى عثرت على المطهر وأخذت القطن الموجود بجانبه، اتجهت إليه بسرعة وسألته بجدية قبل أن أجلس على السرير: هل. تمانع أن ترفع قميصك قليلاً؟ السيدة مارثا تنتظرنا دعنا ننتهي بسرعة.

استغربت انصياعه فوراً بل وتفاجأت به ينزع قميصه تماما ليبقيه بين يديه وقد احنى جذعه يستند بمرفقيه على ركبتيه بصمت.
لماذا هذا الهدوء المفاجئ! لماذا لا يتصرف بطريقته المعتادة؟
لم يظهر لي اضطرابه الشديد أو توتره من فكرة اقترابي منه وتطهير جرحه!
ابتلعت ريقي بينما أجلس خلفه وقد انزعجت كثيراً لرؤية الجروح الكبيرة التي تعتلي ظهره، لم تكن كثيرة ولكنها لم تكن بسيطة كما يظن!، هذا الرجل. لا يُمكنني فهمه!

غمست القطن بالمطهر وقلت بهدوء: سأضعه على الجرح ستشعر بالألم بلا شك.
لم يستجب فوضعته على الجرح بحذر ولكن يدي توقفت عن الحركة أستنكر بشدة عدم رؤيتي لأي ردة فعل ولو بسيطة! نظرت إلى المطهر أتأكد من كونه كحول لعلاج الجروح وقد كان بالفعل الدواء الأنسب ولكن. ألم يلسعه ولو قليلاً؟
نظرت إلى ظهره بِحيرة واستغراب شديد.

ربما. لأنه شخص رياضي وجسده ممشوق فلن يكون من السهل ان ي. أن ماذا بحق الإله حتى لو كان يزن أطنانا ما علاقة هذا الأمر بتطهير الجروح التي يفترض أنها ستشعره باللسعة القوية!
زميت شفتاي أتجاوز أفكاري بصعوبة واستكملت تطهير الجروح على ظهره لأتمتم على مضض: إن كانت كلماتي قد أزعجتك فلم أقصد، أردت فقط أن. تعتني بهذه الإصابات!
أضفت بتردد: كيف أصبت بها؟ ما الذي حدث لدراجتك!

ساد الصمت المكان حتى كسره بقوله: مُشرد عبر طريقاً غير مخصص للمشاة.
كدت تصطدم به؟
انعطفت في اللحظة الأخيرة، إنه بخير.
هكذا إذاً، ولكنك من تأذى! هل تركته وشأنه؟
هرب من المكان فوراً.
فهمت.
ثم ساد الصمت المطبق من جديد وبينما كنت منهكمة في تطهير الجرح الموجود أعلى ظهره أتى سؤاله بنبرة منخفضة: هل تعتقدين أنتِ أيضاً. أن الشعور بالألم وحده مَن يجعل مِن المرء انساناً؟
هاه!

عقدت حاجباي باستغراب ورددت سؤاله بعدم فهم حتى أدركت أنني من ذكرت هذا الأمر للتو فقط، وجدت نفسي أقول بهدوء: أنا لا أقصد المعنى الحرفي! ولكنك تستفزني بتصرفاتك لذا قلت ما قلته.
هل يصبح المرء مسخاً في تلك الحالة؟ هل تعتقدين هذا؟ كيف يكون الاعتدال إذاً! الشعور بالألم يجعل منه ضعيفاً! وعدم الشعور به سيجعله مَسخاً؟ كيف يعتدل في الاستجابة! كيف من المفترض أن يشعر!

همست باسمه بتعجب ولا سيما عندما انخفض صوته أكثر، ما هذه الهالة الغريبة التي تحول حوله الآن؟
أنزلت يدي وقد غرقت في حيرتي، ومع ذلك تعمدت دفع كتفه بقوة وضربته بخفة لأقول بحزم: انتهيت!
ابتعدت عن السرير ووقفت أمامه مباشرة باستنكار وترقب، لحظات فقط حتى رفع رأسه متداركاً وقوفي أمامه، حينها طرف بعينيه بإستيعاب ووقف يأخذ قميصه الآخر ولكنني استوقفته فوراً: انتظر سأضع اللصقات الطبية فقط وبعدها يمكنك ارتداءه.

أسرعت أخذ اللصقات التي نسيت اخذها منذ البداية من خزانة كارل، كان لا يزال واقفاً وحين اقتربت استدار لأواجه ظهره، رفعت يدي لأضع اللصقة الأولى على الجرح الأكبر ولكنني أجفلت ما ان وضعتها إذ تأوه قليلاً وتمتم متذمراً: تباً!
لا يمكنه أن. يكون جاداً!
أثرت به اللصقة بينما لم يكن للمطهر هيبة أو قوة يفرضها عليه!؟
أكملتُ وَضع الأخرى والثالثة حتى قلتُ أتنهد: لِننزل.

ارتدى قميصه بسرعة وسبقني بالخروج من الغرفة بينما يقول بإنزعاج: لا أصدق أنني رضخت لأوامرك! حري بي الحذر أكثر.

ابتسمت بِهدوء للسيدة مارثا التي كانت قد استقرت بالجلوس بجانبي في حين اختار دانيال ان يجلس على الكرسي المقابل لنا، يسند مرفقه الأيسر على ظهر الكرسي المجاور له بينما يتسلى بتناول قطع البسكويت التي وضعت أمامنا.
لم تكن قطعة أو اثنتين.
لا أتذكر كم قطعة قد تناولها ولكنني أدرك أنه أنهى أكثر من نصف الطبق وحده!

ارتشفت مارثا من كوب العصير الطازج أمامها ونظرت الى أرجاء المطعم من حولها قبل ان تبادلني الابتسامة بلطف لتتساءل: هكذا إذاً! لا بد وأنه كان من الصعب عليكِ الاعتياد على الوضع في منزل هاري. هل تحسن الوضع الآن؟
علق دانيال يضيق عينيه بتهكم بينما ينظر إلى قطعة بسكويت أخرى لا بد وأنه يفكر في أخذها: لا زلت أجلس سيدة مارثا! هل العيش معنا أمر صعب إلى هذه الدرجة؟

زمت شفتيها وقالت: كنتم الأكثر تسبباً للكوارث في القرية دانيال!
أضافت تحدثني بلا حيلة: لديه صديق طفولة يدعى كيدمان، لن تتصوري المصائب التي تسببا بها! كان هاري وستانلي يبدعان في معاقبتهما ولكنهما يعودان بتصرفات أكثر صبيانية وتهوراً!
يوجد أسماء تتفوه بها هذه المرأة لا فكرة لدي عن أصحابها!
تساءلت بفضول مخمنة بينما القي نظرات متقطعة على دانيال الذي تناول القطعة: هل يكون ستانلي. والد صديقه؟

أومأت فوراً وقالت بلا حيلة: لم يتوقفا عن التسبب بالمتاعب، الهرب من المدرسة! أخذ القوارب الخاصة بالصيادين دون اذنهم! الهرب ليلاً من المنزل في أوقات متأخرة! افساد الحقول، تناول المحاصيل قبل قطفها، التسلل الى المرافق ال.
قاطعها منزعجاً: لقد كنت مجرد فتى صغير آنذاك! أنا الآن ناضج بما يكفي.
علقت بتهكم أمد يدي نحو إحدى قطع البسكويت: ناضج بما يكفي، الشرطي الأسمر خصيصاً لن يختلف معك حول هذه النقطة!

رفع حاجبه الأيسر بعدم رضى فأسرعت مارثا تقول مبتسمة: لا أصدق أنك تحاورنا بكل أريحية!
أردفت تنظر إلى تضع يدها على كتفي: كان مجرد الحديث إليه أو إلى أخويه فكرة تستبعدها جميع الفتيات!
لا تدري هذه المرأة كم عانيت معهم.!
أخويه؟
ما الذي أردت التحدث حوله؟ مغامراتي في الطفولة؟
تساءل بضجر وقد تفاجأت به يتناول المزيد فقلت بعدم تصديق: هل تدرك كم قطعة قد ابتلعتها حتى الآن!
عقد حاجبيه بإقتضاب: من الذي تناولها؟
أنت!

إذاً لا شأن لكِ.
لويت شفتي بإزدراء وقلت بتعجب يجوبه إمتعاض: كُن حذراً ألا تقضم الطاولة! فليكن.
وجه كلانا ناظره إلى مارثا التي كانت تتابعنا بعينيها بصمت حتى ابتسمت وومضت مقلتيها ببريق لطيف: أردت أن. أمهد لموضوع لا أدري كيف أتحدث عنه!
أومأت لها بهدوء فأخذت نفساً وعادت بظهرها للوراء تنظر إلى دانيال بتردد: الطبيب إبراهام.

سألها يبحث عن شيء يتناوله حتى استقرت عيناه على رقاقات البطاطا الرفيعة: آه أخبرني كارل بكل شيء قلته، ما خطبه؟
زمت شفتيها قليلاً ثم قالت بتردد: كما تعلم، كان من ساعدني على استعادة عافيتي وتلقي العلاج اللازم في المشفى، تحمل كافة النفقات على حسابه الخاص ولم يطالبني ولو بِلفس واحد.

أردفت تخفض عينيها تشبك كلتا يديها ببعضهما: في الحقيقة. إبراهام بقي إلى جانبي طوال الوقت، كان يتواجد قبل أن أفكر في طلب المساعدة حتى، استمر في تقديم يد العون ولم يتردد يوماً في منحي أي مساعدة! عندما عدت إلى القرية لأجل كيفين ولاري كان من وجهني لاحقاً بالعودة إلى المدينة ووعدني بأنه سيعثر عليهما حين ضاقت بي السبل!، قبل فترة قصير فقط. وقبل أن يعثر عليهما. إبراهام قد.

ازدردت ريقها وبقيت تنظر إلى يديها لتردف: طلب بكل صدق أن يرتبط بي، وعدني أنه سيعوضني عن الكثير، ومع أنني رفضت عرضه في البداية إلا أنه أخبرني بأنه على أتم الاستعداد ليكون لكيفين ولاري الأب الذي سيكون لهما سنداً.!
عقد دانيال حاجبيه ينصت إليها بتركيز حتى اعتدل في جلوسه وتساءل: و. قبلتِ؟
ليس بعد.!

أكملت بأسى: صارحته بأن لاري وكيفين هما أولويتي الآن! تفهّم الوضع تماماً بل ولم يمانع في تقديم أي مساعدة خلال هذه الفترة أيضاً، لذا كنت أفكر دانيال. إن كان كلاهما سيرفضانني فلن أتخذ أي خطوة مماثلة حتى يعتادان على على الأقل، سأحاول التقرب إليهما حتى لو اضطررت لرفض عرض إبراهام للزواج بي.

شعرت بالتعاطف معها ما ان رسمت على ثغرها ابتسامة متوترة وقالت بيأس وقنوط: أبدو بالنسبة لهما الآن مجرد دخيلة على حياتهما التي اعتادا عليها مع هاري، لذا لا يمكنني كبح شعوري بالقلق! فحتى لو نجحت في اعادة المياه إلى مجراها معهما. لن يكون من السهل أن يتقبلا إبراهام أيضاً.

تكتف دانيال بهدوء وجدية ينظر إلى الفراغ بتفكير للحظات قبل ان يقول: إبراهام يعلم جيداً أنكِ أرملة لا تفكر سوى بأبناءها ومع ذلك عرض عليكِ الزواج، إن كان صادقاً معكِ فربما.
صمت قليلاً قبل ان يردف ينظر إليها: ربما يستحق فرصة.
ارتفع حاجباي أحدق إليه بحيرة في حين ارتخت ملامحها وهمست: ولكن موافقتي ستصعب مهمتي بشأنهما.
أتذكر جيداً أن إبراهام يحب الأطفال ويجيد معاملتهم!

أضاف يشيح بوجهه: روّض الكثير من الأطفال الحمقى المشاغبين في القرية فكيف لن يكون قادراً على التعامل مع كيفين ولاري! ولكن. أفهم ما تحاولين قوله! ليس من السهل أن يتقبلا المزيد من المواضيع الجديدة في حياتهما قبل ان يعتادا عليكِ مجدداً.

ذلك المدعو إبراهام يريد الإرتباط بامرأة أرملة يدرك جيداً أنها تركز على أبنائها وحسب، لا أدري ما هي التفاصيل الأخرى ولكن. بطريقة ما أنا أيضاً أتفهم سبب رفضها عرضه وترددها.
والأدهى. ما الذي استشعره إبراهام ولفت انتباهه في امرأة تسعى فقط للبحث عن أبنائها ومحاولة التقرب إليهم من جديد؟
ينتابني الفضول ولكنني. لن أسأل أو أتوغل.
ومع ذلك تحرك لساني من تلقاء نفسه رغم قراري الداخلي: يوماً ما سيتفهمان!

أجفلت لقولي المفاجئ ولكنني تعجبت أكثر لمن نطق بالكلمات ذاتها وبشكل مطابق! نظر إلى بتفاجؤ كذلك في حين قلبت مارثا عينيها بيننا حتى قالت تلطف الجو: أقوال متطابقة وفي التوقيت نفسه، يبدو لي أنكما.
أسرعت أعارضها: مجرد صدفة!
أخفض دانيال عينيه نحو طبق رقائق البطاطا فوراً وأخذ كمية كبيرة يتناولها على عجالة.
ما هذا فجأة؟
لا بأس يحدث هذا غالباً مَا الجديد! مجرد صدفة.

تعالى رنين هاتف مارثا التي نظرت إلى شاشة هاتفها وقالت معتذرة: سأجيب على المكالمة.
أومأت لها بإستحسان وبقيت وحدي مع من التقت عينيه بعيناي حتى أسرع كلانا يشيح بناظره فوراً.
شدد على كلماته بإنزعاج: مجرد صدفة؟ بالطبع هي صدفة وماذا عدى ذلك!
امتعضت متكتفة: ولماذا أنت منزعج إذاً!، ثم هل حقاً لا تواجه مشكلة صحية في جهازك الهضمي؟ ربما لا يتلقى عقلك اشارات كافية بالشبع والاكتفاء هل يوجد حدود لمعدتك حتى!

تمتم على مضض يرتشف من كوب العصير: إنها مجرد تسلية خفيفة.
الكمية التي تناولتها الحوت وحده من سيتسلى فيها!
قلّب عينيه بنفاذ صبر ورفع حاجبه الأيسر: هل تلاحظين أمراً؟
ماذا!
أصبحتِ مُزعجة ثرثارة أضعافاً مضاعفة! ما رأيكِ بتركي وشأني؟
آه نعم يمكنك تقمص دور الرجل الزميت الرزين كما تشاء! ولكن هذا الدور لن يليق بك!
أردفت بتهكم: يناسبك دور الرجل المتحرر أكثر!

عقد حاجبيه بعدم فهم فأضفت أستفزه بمكر بينما يمضغ المزيد من الطعام: جسدك رياضي دانيال! على التفكير ملياً بالدعايات الترويجية للمنتجات الرياضية الا توافقني الرأي!
سعل بقوة ووضع يده على فمه قبل أن يتمالك نفسه ويزمجر بحزم: لهذا لا أؤيد التفكير ولو للحظة بأن أثق بكِ! لا تتغزلي بي علناً!

نظرت إلى السقف بملل: لم أكن أتغزل بك، جسد مليء بالجروح كهذا سيحتاج إلى جهداً عظيماً ومكياجاً سينيمائي طائل لتغطية كل تلك الندوب! ستفلس الشركة بلا شك.
لوى شفته وجادلني بحدة: لماذا قد أؤدي أدواراً مماثلة!
أعقب ببرود: سأوافق على الدعايات الترويجية للمطاعم والمأكولات وحسب مستقبلاً، وهذا لن يطول لأنني لا أنوي الاستمرار في هذا السخف.

تمتمت بضجر أعيد خصلات شعري خلف أذني: كن حذراً ألا تتناول طاقم العمل رجاءً.
أرجو المعذرة!
كانت مارثا التي تنظر إلينا بحيرة وتساءلت: أنهيتما جدالكما؟
أومأنا لها إيجاباً فابتسمت متسائلة: كنت أتحدث إلى إبراهام للتو. يريد أن يلتقي بهاري والجميع قريباً!
ارتخت ملامح دانيال الذي قال فوراً: لا بأس سيرحب به أبي، يمكنه زيارتنا في أي وقت.

انتفضت في مكاني مذعورة ما ان تهاوى إلى مسامعي صوت تخبط أطباقاً بجانبي على يميني وقد فسر عقلي الصوت فوراً وبردة فعل طبيعية انكمشت على نفسي بسرعة.
إلا أنني تفاجأت بدانيال الذي وقف فور سماعه للصوت الذي لفت انتباهه بل وأسرع ليستقر إلى جانبي حتى سمعت صوت تهشم الأطباق على الأرض!
نظرت إلى دانيال الذي وجدته يغمض عينيه ويعقد حاجبيه بينما تورد وجهه بشدة!

وقفت بتدارك أستوعب ان كل ما في الأطباق قد تهاوى على ظهره! أجفلت لرؤيته يضع يده على الطاولة ويعض على شفته بغضب وألم حتى همس: اللعنة.
نظرت إلى الطعام المسكوب مدركة كم كان حاراً جداً! توتر النادل كثيراً واعتذر بخوف: سيدي هل أنت بخير! أنا آسف انزلقت الصينية من يدي دون قصد!
شهقت مارثا بخوف تقترب منه متسائلة: دانيال لا بد وأن الطعام كان ساخناً جداً! يا الهي! هل انت بخير؟

عمت الفوضى في المطعم وهرع باقي زملاء النادل ليتفقدوا الوضع.
استدرت خلف دانيال أنظر إلى ظهره وكما توقعت.!
جروح ظهره تنزف مجدداً!، ارتجفت شفتاي واقتربت منه أنظر إليه بإضطراب: عليك أن تذهب إلى المشفى! هذه المرة الأمر أسوأ بكثير أنت تنزف مرة أخرى ستسوء حالتك!

نظرت إلى يده التي يستند بها على الطاولة بينما يغمض عينيه، أنامله ترتجف برجفة طفيفة! تحركت يدي من تلقاء نفسها لأضعها على كتفه منبهة بجدية أتجاهل اضطرابي: تحرّك!
فتح عينيه وبدى مغتاظا بشدة، تساءل بينما لا يزال على وضعه: أصابكِ سوء؟
لا يمكنه أن يكون جاداً!
ضربت كتفه بخفة ونفاذ صبر: لقد توليت الأمر كله بحق الإله فكيف سيصيبني سوءاً هل جننت! تحرك حالاً لا تهدر الوقت!

اعتذر النادل بإرتباك وذعر: اتصلنا بالإسعاف سيكونون هنا حالاً. أنا حقاً آسف!
اقتربت مارثا محفزة بقلق: ربما من الأفضل أن نسرع إلى المشفى بدلاً من الانتظار هنا!
أيدتها بجدية بأنفاس متسارعة: محقة! تحرك دانيال ما الذي تنتظره؟
استقام في وقفته وقد تعرق جبينه بوضوح، تمالك نفسه يسير مترنحاً راغباً في لمس ظهره فنهرته بسرعة: لا تفعل!

أضفت أقترب منه أكثر وأمسكت بذراعه أرغمه أن يحيط بها كتفي لأسانده: استند على أعلم أنك تشعر بالألم الشديد لا تكلف نفسك فوق طاقتها!
تهدج صوته بشدة وحاول ابعادي عنه: توقفي! ابتعدي عني يمكنني السير وحدي لا تهولي الأمر!
اعترضت بعناد: قلت لك سأساندك كفاك سخفاً!

رفعت رأسي أنظر إليه بحزم، لفحت أنفاسه الحارة جبيني بينما ينظر إلى بتوتر وإنزعاج شديد يصر على محاولة إبعادي عنه، حينها قلت بجدية بصوت خافت: أنصت إلى ما أقوله وإلا تجاوزت حدودي!
اعترض يشيح بوجهه ويعقد حاجبيه منزعجاً من الألم الذي يعتريه: ظهري واللعنة هو المصاب وليس قدمي!

أضاف بتلعثم شديد: لا ترغميني على. لمس أجزاء محظورة تباً لكِ يا فتاة سينزف عقلي إن استمر الوضع على ما هو عليه! ما الذي يمكن لكتفك النحيل فعله أصلاً ابتعدي!
أغلق فمك وتحرك معي!
إنها مجرد حروق بسيطة!
اخرس!
تقدمتنا مارثا التي قالت على عجالة: سأوقف سيارة أجرة حالاً.

تكتفت بامتعاض شديد أحدق إليه بينما يرتدي قميصه بعد ان انتهى الطبيب من معالجته! الغبي ساءت حالة الجروح على ظهره وحذره الطبيب من النوم عليه حتى يلتئم الجرح الذي تلوث أكثر بسبب الحروق!
خرج الطبيب وكذلك الممرض فقلت بإنزعاج: تشعر بالرضا الآن؟
اقتضب بنفاذ صبر: متى ستتوقفين عن إزعاجي! كانت الجروح بسيطة الحرق فقط زاد الوضع سوءاً!

لا تراوغ لقد قال الطبيب ان الجروح كانت في حالة سيئة منذ البداية! أحمق غبي!
أضفت مؤنبة أشير إلى مرفقيه: وماذا عن يديك وذراعك ومرفقك! تحاول أن ترسم على جسدك خريطة العالم؟
أشار إلى مُحذراً بضجر: أطبقي فمك رأسي يؤلمني!
زفرت وأشحت بناظري قبل أن أقول بجدية: هل أنت واثق حول عدم مطالبتك بأي تعويض من المطعم؟

أومأ بهدوء يمرر يده في شعره: لست بحاجة إليه، كانت مجرد حادثة، ولكن ذلك النادل الأحمق عليه أن يكون أكثر انتباها ماذا لو انسكب الطعام عل.
تلعثم مردفاً بسرعة: على أحد الزبائن! على طفل صغير أو امرأة حامل!
ضاقت عيناي بتركيز فأسرع يعدد: أو رجل كهل أو حتى شخص مريض!
ابتسمت ساخرة: هل يمكنه سكب الطعام على باقي الناس؟
جمدت ملامحه محذراً: ما رأيكِ بأن تتوقفي عن زيادة معدل الصداع الذي ينتابني؟

ابتسمت بملل قبل أن أتنهد بعمق وقلت أرفع كلتا يداي للأعلى أشبكهما بقوة لأمدد جسدي: حمدلله أنك بخير، هذا اليوم مليء بالإصابات والكوارث منذ الصباح الباكر!

أكملت ألطف من الأجواء المتوترة قليلاً: سمعت ما قاله الطبيب؟ ستحرص ألا تنام على ظهرك، إن تناولت تلك الكميات المهولة من الطعام واستلقيت على معدتك فأخبر كارل أن يكون متأهباً لحالة طارئة في منتصف الليل جراء تقيؤك فوراً. آه صحيح ولا تنسى المسكنات الموضعية وتناول الدواء في الوقت المحدد حتى لا.
أنتِ لست الرجل المدعو أبي وأنا لست طفلاً صغيراً! لا يوجد ما نفعله هنا فلنغادر وحسب.

تحرك يسبقني ليخرج من الغرفة، رأينا مارثا التي تجلس في الإنتظار تهز قدمها بقلق حتى وقفت فور أن رأتنا لتقترب متسائلة: وأخيراً! تشعر بالتحسن؟
أومأ لها وأشار بابهامه: إصابة بسيطة، لنغادر.
عقدت حاجبيها تنظر إليه بعينيها الداكنة قبل أن تتنفس الصعداء وقالت: ما مدى إهمال ذلك النادل!
أردفت تنظر إلى بقلق: لو لم يقف دانيال في الوقت المُناسب لأصبتِ بسبب حماقة ذلك الرجل!

اعترض دانيال فوراً يضع يده في جيبه: أنا لا أريد التورط مع أبي والخوض في أي عراك إن أصابها مكروه! انتهى الموضوع لنتحرك.
كان أول من تحرك يبتعد فبقيت واقفة في مكاني أحدق إليه بثبات بينما تبعته مارثا.
وقف مُسرعاً ما أن سمع صوت تخبط الأطباق، لم يتردد ولو للحظة.
أعطى ظهره لمصدر الأذى رغم علمه أن ظهره مصاب وفي حالة سيئة!

تلك اللحظة. يداه اليمنى كانت أمامي مباشرة على الطاولة والأخرى امسك بها ظهر الكرسي الذي أجلس عليه بإحكام.
حاوطني بجسده وقد سمعت صوته الذي كبح فيه رغبته في التأوه جراء الحرق الذي تعرض له.!
لا يمانع الإساءة إلى بلسانه كلما سنحت له الفرصة، لا يمانع الجدال والشجار.
ولكنه سيتدخل فوراً ليمنع أي مكروه! حتى لو عنى ذلك أن يؤذي نفسه ويتضرر بشدة!
لا أفهم هذا الرجل مَهما حاولت.
محاولة فهمه. أمر في غاية التعقيد!

استلقيت على سريري أبحث بهاتفي عن موقع مناسب لأطلب البدلة الرسمية التي سأشتريها لدانيال ليرتديها في الحَفل، يوجد الكثير من البدل المناسبة ومع ذلك لا أشعر بأنني اقتنعت بواحدة لأطلبها فورأً. آه تباً كيف نسيت أمر قياساته!
هو لن يوافق على الذهاب معي لشراء بدلة من أحد المتاجر، لذا لا حل سوى ان أخذ ملابسه من الخزانة وأقيسها بنفسي.

خرجت من الغرفة بسرعة ورأيت كيفين الذي خرج من الغرفة بوجه متجهم وما أن لمحني حتى تجاهلني وأكمل طريقه إلى غرفة المعيشة، وقفت قليلاً أتساءل ما ان كان بخير بعد ذلك الموقف بينه وبين والدته في الصباح.
لا أصدق أنه عزل نفسه في الغرفة حتى الآن!
إنها الثالثة مساءً هو حتى لم يتناول غداءه.
زميت شفتاي بتردد حتى تحركت أجر قدماي لولا ان استوقفني صوته البارد: رافقتِ تلك المرأة؟

التفت نحوه لأجد عيناه البنية تحدق إلى من خلف نظارته، أومأت له بهدوء: نعم.
بقي يرمقني بتلك النظرات حتى قال بكلمات بطيئة: لا تتدخلي. ولا تلعبي دور المصلحة الاجتماعية.
أنا لا ألعب هذا الدور! رافقتها لأنها رغبت في أن ينصت إليها شخص ما و.
سمعتُ عنكِ.

طرفت بإستغراب وعدم فهم، لأشعر بثقل كلماته على عاتقي عندما أكمل ببرود: نبذك جميع أفراد عائلتك جراء تصرفاتك وسلوكياتك التي جلبت العار إليهم، سمعتُ أنّ الجميع قد عانى بسببك ولاحقتهم أخطائك. كنتِ مجرد فتاة مدللة لا تجيد سوى التنمر على كل من حولها لذا لا تتدخلي في شؤوني وتتظاهري بالود واللطف أنا لم أتقبلكِ يوماً منذ أن رأيتك.

شعرت بالغصة الشديدة وقد تصاعدت الحرقة في جوفي حتى أكمل يدفع نظارته أعلى أنفه بسبابته: حاربت عائلتك لأجل رجل دخل إلى السجن بسبب تهم عديدة قد وُجهت إليه، أرغمتِه على الانفصال عن صديقته لتسرقي مكانها، سلبتِ من عائلتك طموحاتهم ونجاحاتهم، وها أنتِ ذا الآن مصورة واعدة ونجمة متألقة في مجالك، هل امرأة مثلك ستحشر أنفها الآن في شؤون الآخرين وتعتقد أنها قادرة على ترميم حياتهم؟

تدفقت الدماء في سائر جسدي بعنف ولا سيما وجهي!

اصطكت أسناني ببعضها البعض وانتباني الجزع والبرودة الشديدة لأحتضن نفسي أخفض رأسي ببطء، بل أن يداي قد سلكتا الطريق للأعلى أنوي وضعها على كلتا أذناي أمنعهما من سماع المزيد ولكن ثغره قد تفوه بما جعلني أتسمر تماماً أحدق إلى الفراغ: تثيرين اهتمامه وتلفتين نظره بسهولة، أنتِ وبلا شك تروقينه، أؤكد لكِ أنكِ نوعه المفضل، لا تحلمي بأن يتركك وشأنك، لا أدري ما الذي يفكر فيه تحديداً، ولكنني أعلم جيداً أنكِ مُجرد بديلة. مؤقتة.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة