رواية بين الرذاذ للكاتبة أنستازيا الفصل الثالث والعشرون
كَتاليا:
نَظر إلى الفراغ بِقهر وأحكَم قبضته عَلى هاتفه الذي يكاد يَتهشم بَين أنامِله!
لم ينبس بِكلمة منذ أن ترجلنا من سيارته وَجلسنا في أحدِ المَقاهي القريبة التي تسمح بولوج الحيوانات الأليفة.
داعبت رأس بينديكت بينما أسترق النظرات نحو ديفيد وتساءلت بحذر على مضض: هل. سيتم قتلي إن سألتك سؤالاً؟
رمقني بعينيه الخضراء بحدة قبل ان يرمي بهاتفه على الطاولة وتكتف بحزم لينفجر فجأة بإستنكار: أيكون أحد أفراد عائلتها إذاً؟ فكري بالأمر! لماذا تتحفظ كثيراً على شؤونها العائلية بعيداً عني؟
تنهدت بلا حيلة ونفيت برأسي: سألتني للمرة ال. كم مرة؟ توقفت عن العد حتى! ديفيد أنا حقاً لا أعرف شيئاً عن خصوصيات روز وعائلتها، ولكنني أحب رؤيتك حريصاً على التماس الأعذار لها.
أعقبت مفكرة: ربما يكون بالفعل أحد أفراد عائلتها، وربما هنالك سبب يدعوها لإخفاء الأمر، الأهم الآن ما الذي حدث بعد شجاركما الأخير؟
رفع كتفيه بإنزعاج: ما الذي سيحدث! لا شيء.
لم تتصل بك؟
نفي برأسه وأشاح بوجهه بقهر فابتسمت له مطمئنة: لا بأس ستتصالحان في غضون أيام قليلة فقط هذا ما يحدث دائم.
اعترض بجفاء وقد بدى شارداً بذهنه وفي صوته غصة واضحة: ربما آن الأوان لأتوقف عن. فرض نفسي.
ضربت بخفة على الطاولة بيمناي: كفاك سخفاً ديفيد! أنت لا تفرض نفسك عليها كما أنكما بدأتما المواعدة بعد ان اعترفت هي لك بإعجابها فكيف تظن هذا!
أومأ بشرود وتمتم وقد بدأ يخفض صوته دون شعور: ربما بدأ الأمر مع روز. وسينتهي أيضاً بكلمة منها.
لم أرى ديفيد يوماً شاحباً مُحبطاً مثل هذه اللحظة!
بل وقد تدارك الأمر وأسرع يرسم على ثغره ابتسامة مضمرة ونظر إلى بينديكت للحظة قبل أن يرمقني بهدوء: إن كان الأمر صعباً عليها فسأجعله أسهل، لا أريد لروز أن تضطر للضغط على نفسها أكثر.
ما الذي.
ينوي فعله!
انتابني الشك وتساءلت فوراً بتوجس: أنت لا تنوي. الانفصال عنها صحيح؟
أخفض عينيه قليلاً ورفع يده بتلقائية لألمح رجفة أنامله التي مررها في شعره الأسود وهو يجيبني: أحبها. ولا أريد فرض نفسي عليها، سأختار الطريقة الأمثل لننهي ما بيننا دون ان يتفاقم الأمر أكثر، على الأقل ستكون اللحظة الأخيرة مبنية على الود والتفاهم، ما أكنه لروز ليس مجرد اعجاب أو اعتياد على بقائها إلى جانبي، ما أريد قوله هو أنني بالفعل أحببتها ورأيت الجوانب المختلفة من شخصيتها حتى ولو كانت تتصرف بغموض، إن بقيت إلى جانبها فسوف.
توقف عن حديثه ما ان انتبه لوقوفي بحزم متجهة إليه تاركة بينديكت على الكرسي وقد تحركت كلتا قدماي بغيظ شديد، رفع رأسه ينظر إلى بترقب حتى اتسعت عينيه ليدي التي ضربت صدره بقوة بجفاء: كيف تجرؤ!
عقد حاجبيه يحدق إلى بتفاجؤ فصرخت في وجهه بإنفعال: من سمح لك بأن تقرر من تلقاء نفسك؟ ستضحي بمشاعرك وحسب؟ ثم ماذا؟ سيذهب كل منكما في طريقه؟ على الرغم من أن كلاكما يحب الآخر؟ بدلاً من ان تفعل المستحيل لتفهم ما يحدث ستقرر أن تتركها؟ ستتخلى عنها؟
امسك بيدي يوقفني وهدأني بإضطراب: نحن في المقهى كات الجميع ينظر إلينا توقفي!
عليك أن تفهم متى ينبغي لك التمسك بالطرف الآخر أو التخلي عنه، إياك وترديد هذا الهراء مُجدداً، حتى وان تصرفت روز بغرابة وغموض وراوغتك ولكنها تحبك، أنت لم تصل إلى العقدة الحقيقية بعد ولم تفهم ما يسيرها للتصرف بهذه الطريقة! لك الحق في اتخاذ القرار عندما تدرك كل الأسباب الكامنة خلف تصرفاتها وأقوالها ديفيد، وعدى ذلك لن أسمح لك بهذا.!
أومأ مهدئاً بإحراج يتلفت من حوله: اللعنة كتاليا توقفي عن الصراخ! حسناً فهمت عودي إلى مقعدك حالاً. أسرعي!
شعرت بحرقة وقهر وقد رمقته بغيظ قبل ان ابتعد عنه واتجهت نحو بينديكت لأخذه وقلت بإمتعاض: سأغادر.
أسرع يقف وقد تبعني بينما أبتعد بخطوات واسعة: مهلاً لماذا غضبتِ فجأة! توقفي، كتاليا تباً لماذا تتجاهلينني.؟
تجاهلته والإنزعاج الشديد قد سيطر على مزاجي، خرجت من المقهى و تجاوزت كل محاولاته وأكملت طريقي حتى صاح بصوت عالي وقد علق في زحام المارة: سأفعل أي شيء كات ولكن انصتي إلي! حسناً أنا آسف لا أدري حتى لماذا على الإعتذار إليكِ ولكن ها أنا اعتذر!
توقفت أحتضن بينديكت وقد أخذتني الأفكار ذهاباً وإياباً! سيفعل أي شيء؟
التفت قليلاً ورمقته من فوق كتفي، وجدته قد خرج من بين المارة واقترب بوجه ممتعض ليقول بإنزعاج: ماذا دهاكِ فجأة!
سألته بشك: هل ستتراجع عن هراءك؟
نظر بعيداً بتردد قبل أن يحك وجنته بسبابته وتمتم على مضض يتهرب من النظر إلى مباشرة: سأفكر بالأمر.
احتدت عيناي ورددت كلماته فقال بإستسلام واحباط: لا يعقل أنكِ ستعاملينني بقسوة فقط لأنها صديقتك!
عندما لم أعلق أومأ وقال بلا حيلة: حسناً كتاليا، سأرى ما يمكنني فعله لا داعي للقلق.
نبح بينديكت بقوة فقلتُ مقتضبة: حتى بينديكت يرغب في لومك على وقاحتك، أياً يكن سأتجاوز الأمر.
أشار بإبهامه للخلف: لنكمل حديثنا في السيارة.
استغرقنا لحظات قصيرة للعودة إلى السيارة وحين استقر كلانا فيها نظرت عبر النافذة قبل أن أقترح: عليك استغلال الحفل لفعل أي شيء يقربها إليك أكثر.
تساءل بحيرة: حفل الحصاد الخاص بالمجلة؟ ما الذي يمكنني فعله هناك!
أعقب بتفكير: سيكون مكتظاً ورسمياً كات لا أعتقد أنه مناسب لمثل هذه الفرص.
أحمق! إنه بالطبع الأنسب. لدي خطة أرجو أنها ستكون فعالة بِما يكفي.
تلهف وسألني فوراً بينما ينعطف للشارع الأيمن: تحدثي! ما الذي تفكرين فيه؟
تنهدت بعمق ونظرت إلى الطريق بتركيز متكتفة: حياة روز الخاصة غامضة، نتفق على هذه النقطة، كلاكما يحب الآخر! نتفق أيضاً بشأن هذا الأمر، تعرفان بعضكما جيداً؟ لا. هذا ما سنختلف بشأنه، لذا وجب تقريبكما أكثر!
أومأ بفهم وتوتر: أكملي!
ابتسمت مطمئنة: دع الأمر لي، سأخبرك بما عليك فعله وما سيحدث لكما، سأوضح كل شيء قبل الحفل.
عقد حاجبيه بإستنكار: لماذا لا تخبرينني الآن وحسب؟
أعدني إلى منزل دانيال وتوقف عن الثرثرة، واخرج من هذا المزاج الكئيب وعد إلى طبيعتك هل تسمعني؟
تعالى رنين هاتفي فأخرجت من حقيبتي وقد انتابني الإستغراب لرؤية اسم لارز يعلو الشاشة!
ما الذي يريده الآن؟ هل يعقل أنه. تراجع أخيراً عن قراره بشأن دانيال؟
بنيت آمالي كما يحلو لي وقد أجبت على المكالمة فوراً: مرح.
فرصتك الأخيرة حتى الغد، إن عاود عمي فتح موضوع مواعدتنا مجدداً فسأوقع عقداً لا تراجع فيه مع العارض البديل.
اتسعت عيناي بدهشة بل وتسمرت في مكاني ما ان أغلق في وجهي دون كلمة أخرى.!
م. ما هذا!
الوغد لارز كيف يجرؤ؟ يهددني مرة أخرى؟
فاتحه أبي بالموضوع؟ لماذا بحق الإله هو مُصر إلى هذه الدرجة! رغم أنني أبديت رفضي وهو يعلم كذلك أنني لن أتفق مع لارز حتى! لماذا كل هذا الإصرار!
تباً ماذا أفعل؟ صوته بدى منزعجاً حازماً بشدة!
ربما كان أبي يحاوره في الأمر قبل قليل ولم يتمالك نفسه؟ لا أدري الأهم أن أتصرف.!
د. دانيال!
عليه أن يواعدني! كل ما سيفعله هو التظاهر فقط لا بد وأن أقنعه ولكن.
كيف!
لم أنتظر للحظة وقد اسرعت ابحث عن رقمه لأتصل به، كانت ثواني حتى اتصلت بدانيال والتوتر ينال مني، عليه أن يقتنع.
لا مجال للرفض!
إن كنت عاجزة عن البدء حتى بالبحث عن فتاة يواعدها لارز فعلي المخاطرة و. مواعدة دانيال!
أو ربما على التحدث مجدداً مع أبي لأقنعه وحسب؟
ولكن ماذا لو انفعل وغضب! وماذا لو غير رأيه وأرغمني على العودة إلى المنزل فجأة! بل ماذا لو كان.
ماذا تريدين؟
أيقظني صوت عميق من شرودي لأستوعب اجابته على مكالمتي، بدت نبرته جافة بشدة! وأعتقد أنه مؤشر.
سيء!
لا خيار آخر. سيتظاهر بمواعدتي ولو كلفني هذا أغرب وأسوأ الطرق لإقناعه!
ومن الانسب لدور مؤقت أكثر منه! رجل لا يطيق قرب النساء منه سيكون أفضل من أطمئن لئلا يقترب مني أكثر من اللازم أو أن أقلق بشأن أي عواقب!
فتحت فمي لأتحدث معه لولا أن سبقني وقد قال ببرود: أياً يكن ما تريدينه لا تعودي، أخبري المدعو بينديكت أنه غير مرحب بكما، لا تفكري بالعودة حتى.
هاه؟
أخبر. بينديكت؟
ما خطب هذه الصيغة!
تساءلت بعدم فهم واستنكار: ما شأن بينديكت بما أريده منك!
تأفف بضجر واضح وعلا صوته وهو يقول على عجالة: لا أهتم بما اتصلتِ لأجله، ما تريدينه مني اطلبيه من ذلك الرجل ذو الاسم السخيف والآن لا تزعجيني.
أنهى المكالمة فبقيت أحدق إلى الفراغ بعدم استيعاب!، رجل. ذو اسم سخيف؟ بينديكت؟
رجل؟
بينديكت هو الرجل المعني؟
أخفضت ناظري أحدق إلى بينديكت ببلاهة، ظن أنني أواعد أخي فيما سبق، هل يظن الآن ببينديكت أمراً مماثلاً؟ أنا. أواعد جرو صغير؟
مهلاً!
هل هو غاضب بشأنه؟ بدى منزعجاً غريباً!، تلك المرة كان كذلك منزعجاً حول موضوع ريتشارد!
انقبض صدري بشدة أتذكر ردة فعله العدائية وجفاءه ما ان ذكرت اسم ريتشارد بل وتغير تصرفاته المفاجئ حين أدرك هويته وعلاقته الحقيقية بي!
رفعت يدي نحو صدري أخفف من سرعة غير متوقعة في ضربات قلبي وقد رسم عقلي أمامي صورة لتعبيره المنزعج العدائي!
يظن بينديكت رجل أواعده؟ هل هو متضايق الآن لهذا الأمر؟ لم تبدو نبرته طبيعية!
هل ما يسيره لهذه التصرفات هي مبادئه وحسب؟ اعتقدت مسبقا أنني أحلق في أفكاري وقد تجاوزت الكثير من ردود أفعاله ولكن. يصعب تجاهل الأمر أكثر!
ماذا لو كان منزعجاً حقاً بسبب اعتقاده أن بينديكت رجل أواعده!
ه.
هو لم يتجاوز عقدته بعد صحيح؟
دانيال لا ينظر إلى بنظرة خاصة اليس كذلك؟ لا شيء بشأني سيجذبه حتى!
كتاليا؟
شهقت رغماً عني بذعر ليد ديفيد التي ربت بها على كتفي، اتسعت عينيه بقلق: ما خطبك! لماذا شحب وجهك فجأة؟ هل أنتِ بخير؟
أضاف مطمئناً: نحن على وشك الوصول لا بد وأنك بحاجة إلى الراحة.
استوقفته مشيرة إلى الرصيف: مهلاً ديفيد لدي ما أقوم به انزلني هنا حالاً.
قطب جبينه بعدم اقتناع ولم يكد يسألني حتى أعدت طلبي مرة أخرى بحزم على عجالة فأوقف السيارة بجانب الرصيف ينظر إلى بإهتمام وترقب: ما الأمر؟
امسكت ببينديكت جيداً وفتحت الباب لأقول بإمتنان: شكراً لإيصالي سأكمل طريقي من هنا لدي ما أفعله، لا تقلق أنا بخير، سأتحدث معك لاحقاً بشأن الحفل. إلى اللقاء.
بقي يطرف بعينيه بعدم فهم في حين ابتعدت عن سيارته بخطى واسعة.
أحتاج إلى التفكير بتروي حول ما استنتجه للتو فقط، تهربت من شكوكي منذ فترة ولكن كل شيء واضح!
لازلت لا أفهم، إن كان يرفض عرض مواعدتي فلماذا قد يزعجه أمر بينديكت؟
ما الذي يجول في خاطره تحديداً!
جلست على أحد المقاعد العامة وأمسكت بهاتفي أعض على طرف شفتي بتردد.
حاولت تجاهل الأفكار السوداوية في عقلي ولكن هيهات! فجزء كبير مني يرغب في استغلال الأمر وتخطي العقبة التي أواجهها!
وجزء أخر يرفض الفكرة برمتها!
لماذا أرغب في استغلال مشاعر رجل ربما لا يفهم سبب انزعاجه حتى!
إن فعلت هذا.
فلن أكون مجرد أنانية سيئة فقط ولكنني سأكون.
أسوأ كائن على هذه الأرض! هل فكرت للحظة حقاً برغبتي في استغلال سوء فهمه ليواعدني وأحقق مبتغاي؟ أنا. لا أصدق أنني لازلت أتصرف بهذه الطريقة المخزية!
هل فكرت للتو بأنني سأثير غيرته حتى يخضع ويتوقف عن.
ماذا؟
أ. أثير غيرته؟
إذاً أنا لم أتهرب بما يكفي من حقيقة إدراكي لهذا الأمر! أنا حقاً. كنت أشك في هذا منذ فترة! تجاهلت كل شيء وتظاهرت بعدم الفهم وتهربت من هذه الحقيقة ولكنني.
اللعنة أنا أسوأ مخلوق قد يلتقي به أي شخص!
انتابني ضيق شديد وأخفضت عيناي نحوي بينديكت الذي ينظر إلى وداعب يدي محاولاً لفت انتباهي قبل أن ينبح بترقب.
ارتخت ملامحي أحدق إليه وهمست بضعف رغماً عني: كدتُ أستغل مشاعره بطريقة بشعة، سأبقى كتاليا السيئة مهما حاولت التغير بينديكت، لا مفر من حقيقتي!
نبح بقوة فأكملت بغصة شديدة أقاوم رغبتي في البكاء: لا أريد التورط مع أي رجل مرة أخرى! تماديت في تصرفاتي لمجرد ثقتي بأنه لن يقوم بالإساءة إلى كما كان يفعل باتريك! تماديت كثيراً لأنني أدرك بأنه رجل تحركه مبادئه ولن يضرني، تماديت إلى درجة أنني رغبت في استغلال مشاعره التي تهربت منها!
أضفت بإنهاك: مخلوق بشع مشوه يرقد في داخلي، أنا مشوهة بينديكت وهذا الظلام سيبتلعني طالما أفكر في نفسي فقط! كيف من المفترض أن أفكر بالآخرين؟ ما هي الطريقة الصحيحة للتوقف عن إيذاء من حولي؟
أغمضت عيناي بتعب وضيق مدركة بقائي متخلفة عن الجميع بينما يتقدمون بإستمرار.
ربما.
لا فائدة!
فتحت عيناي ببطء حين رن هاتفي، نظرت إلى اسم المتصل وقد تفاجأت باتصاله بعد ان أغلق بنفسه للتو منهياً المكالمة! ما الذي يريده دانيال الآن أنا حقاً أشعر بالخجل من نفسي ولا أجرؤ على الرد على مكالمته حتى!
تجاهلت اتصاله بالفعل وبقيت ساكنة على المقعد دون حركة.
تنفست الصعداء عندما توقف الهاتف عن الرنين ولكنه سرعان ما اتصل مجدداً!
ثم للمرة الثالثة.
والرابعة! حتى استسلمت ووضعت الهاتف على أذني بترقب دون أن أنبس بكلمة.
أتى صوته بإنزعاج: لماذا تتجاهلين اتصالاتي!
خرج صوتي متهدجاً قليلاً: ماذا تريد؟
ساد الصمت للحظات ثقيلة حتى هدأت نبرته وتساءل: ما الذي أردته مني؟
أنا. أكره هذا!
لماذا عليه أن يقلق أو يفكر حتى!
جزيت على أسناني بقهر وقد ارتجفت أناملي وثقل لِساني عاجزة عن الرد.
ومع ذلك تحرك فمي وهمست بإيجاز: لا شيء.
لا شيء؟
همهمت إيجاباً فأخذ نفساً قبل أن يقول بهدوء شديد: لا بأس بأن. تعودي وحدك.
بدت حركة المارة سريعة جداً من حولي.
أو أنني من كنت عالقة في زمن آخر! لا أدري.
بدى صوته هادئاً ومختلفاً على غير العادة!
كما توقعت هذا الرجل. لن يتوقف عن التفكير والقلق رغم عدائيته المزعجة!
لازال جزء مني يرغب في.
اللجوء إليه هذه المرة فقط!
خرجت الحروف من فمي بإصرار وحزم: ماذا لو لم أعد وحدي؟
صمت ثقيل ومستمر. ترقبت من خلاله رده للحظات حتى أجاب بما ألجمني: عودي. وحسب.
يتصرف بغرابة.
بهدوء غير معهود وبدى يتعمد الايجاز في كلماته!
قررت بالفعل العودة إلى منزل السيد هاريسون وقد عزمت أمري ولكن ليس قبل أن أتأكد من ثبات أبي على قراره، سأسمح لجنوني بالتحكم بي بقدر معقول إن ظل مصراً على رأيه.
لن أواعد لارز. لن أرغم شخص يمقتني على مواعدتي!
اتصلت به بينما أعود أدراجي، وما ان أجاب حتى قلت بهدوء: مساء الخير ابي.
سمعت بعض الأصوات حوله وقد خمنت تواجده في المدينة الإعلامية فلقد بدى مشغولاً وهو يجيبني: مرحباً كتاليا، مهلاً انتظري.
ثواني قليلة حتى قال والأصوات حوله مستمرة لمناقشات الأشخاص وحوارهم حول العمل: أنتِ بخير كتاليا؟
تبدو مشغولاً أبي، لا بأس لن أطيل، أنا بخير. ماذا عنك؟
بخير، امنحيني ثوان قليلة.
سمعته يخبر من معه بضرورة الرد على المكالمة حتى تحرك وهدأت الأصوات، ليأتي صوته مجدداً بإهتمام واضح: يمكنكِ التحدث لا تقلقي ليس اجتماعاً طارئاً، هل كل شيء على ما يرام؟ ما الأمر؟
تنهدت بعمق بينما أتساءل بتشتت: أبي. لِماذا لارز؟
لم يجب على سؤالي فوراً!
استغرق وقتاً حتى قال ببرود وثبات: الموضوع منتهٍ واتخذت قراري مسبقاً.
لا أنا أو هو نؤيد هذا القرار!
إنه الأنسب.
كيف سترغم شخصين يرفضان بعضهما على المواعدة! حتى لو كان مؤقتاً ولكن كلانا ي.
قلت ما لدي بالفعل.
وأنا أيضاً قلت ما لدي أبي! أرجوك تفهم رغبتي ليس من السهل ارغام نفسي على.
أنهيتِ كلماتك؟ سأغلق.
أعقب بحزم: وتوقفي عن التجول في الشوارع دون هدف معين.
يعلم بكل تحركاتي.
هذه. قد تكون فرصتي!
قلت بهدوء: حسناً.
استشعرت استنكاره لخضوعي المفاجئ في نبرته: عمتِ مساءً. كوني حذرة.
انهى المكالمة فأكملت طريقي بحزم لأعود إلى منزل السيد هاريسون، من يظنني أبي لأخضع لأمر كهذا؟ وهل فقدت عقلي لأوافق على مواعدة رجل لا يطيقني ولم أتوقف يوماً عن ازعاجه او جلب المصائب المختلفة له؟
لدي ورقتي الرابحة، أحتاج إلى.
أن أكون واضحة أمام دانيال بطريقتي الخاصة!
ومع أنني اتخذت قراري فعلاً ولكن. خطواتي بطيئة نوعاً ما، كما لو أماطل الوقت وأصارع نفسي!، لا داعي للتردد كتاليا إنها مصلحة مؤقتة ولا أظنه سيتضرر بأي شكل من الأشكال! أين تكمن المشكلة تحديداً؟ مجرد مواعدة مؤقتة لا داعي لتهويل الأمر.
لا داعي للقلق. هذه المرة سأكون صريحة معه! سأخبره أنني بحاجة إليه لأقنع أبي ولن أتطرق إلى أي تفاصيل اخرى! فليس وكأنني سأكذب بشأن السبب الذي.
تأوهت بخفة وأسرعت أرفع رأسي أنظر إلى من ارتطم كتفي به!
عقدت حاجباي أحدق إلى من خرج من متجر الزهور ممسكاً بباقة ورود حمراء ويرتدي بدلة سوداء أنيقة.!
نظر إلى معتذراً فوراً: أرجو المعذرة لم أنت.
التزم الصمت يحدق إلى بعدم استيعاب وقد طرف بعينيه الداكنة قبل أن يهمس يعقد حاجبيه بتفاجؤ: كتاليا.!
اندفعت الحرارة بشدة في سائر جسدي وقد رفعت بينديكت إلى صدري أضمه إلى بقوة، تسارعت أنفاسي وقد شعرت بثقل شديد في لساني!
مضت فترة طويلة جداً. منذ آخر مرة رأيته فيها!
أربعة أعوام؟ أو أكثر قليلاً؟
تفاجأت بابتسامة مضمرة على ثغره وقد هندم بدلته وقال بهدوء: أنتِ بخير؟
تحاشيت النظر إليه مباشرة وقد خرج صوتي متقطعاً رغماً عني عاجزة عن مواجهته: بخير.
قد يقتلني الإحراج والذنب إن بقيت واقفة لدقيقة أخرى! هذا. لا يطاق!
كلتا يداي ترتجفان بشدة وبالكاد اتزن على قدمي.
مضى وقت طويل. تغيرتِ قليلاً!
أومأت مُسايرة وابتلعت ريقي بصعوبة، تحركت مقلتاي أنظر إلى ما حولي بعشوائية قبل ان تستقر على الباقة في يده، وتحديدة إلى الخاتم حول اصبعه البنصر ثم رفعت عيناي بتلقائية نحوه فقال مبتسماً بهدوء وهو يخفض رأسه قليلاً: لدي موعد مهم. مع خطيبتي.
هذا. أسوأ ما قد أسمعه رغم سهولة توقع حدوثه!، شعرت بألم في فكي فأدركت أنني لم أتوقف عن الجز على أسناني بقوة!
كان قبل سنوات قليلة شريك هانا وخطيبها. واليوم التقي به صدفة لأراه على عجالة للقاء خطيبته! بحق الإله هذا. كثير جداً!
ظهوره الآن أمامي.
لا يمكن أن يكون صدفة! فقط الآن وقبل أن أتخذ خطوتي تجاه دانيال! ما الذي من المفترض أن يعنيه هذا؟
أياً يكن لربما على استغلال الأمر لأخبره أخيراً بحقيقة الأمر! بأن لا ذنب لهانا بأي شيء، بأنها كانت ولازالت تحبه! بأنها ضحية لأفعال شقيقتها المدللة فقط!
حدقت إليه بشفاه ترتجف دون توقف راغبة في انتزاع الكلمات من جوفي، بقيت أحدق إليه وقد طرف بعينيه الداكنة قبل ان يرفع انامله المتوترة نحو شعره البني المصفف للخلف بطريقة أنيقة، ثم سرعان ما قال مشيراً: سعيد برؤيتك بخير، على الذهاب.
تسمرت في مكاني بينما يستدير مبتعداً.!
ثقل لساني وجمدت في مكاني أراقبه دون حركة، ولا أدري هل عجزت عن التصرف واستيقافه أم أنني لم أجرؤ وحسب باحثة عن عذر لأبقى ساكنة؟ بأنني أغوص في خجلي من نفسي فقط!
واتسون عثر على امرأة ليكمل معها حياته، في حين لازالت هانا عالقة هناك حيث تركها وتخلى عنها.
بسبب باتريك السافل.
وبسبب حماقتي وسذاجتي!
أدركت وصول الغصة الشديدة إلى حلقي عندما عجزت عن ابتلاع ريقي وقد استوعبت ما حولي مدركة أنه قد غادر بالفعل ولا أدري كم بقيت واقفة في مكاني في منتصف الطريق أمام المتجر.
تراجعت وانكمشت على نفسي بشدة.!
بخطوات بطيئة تراجعت حتى جلست على الرصيف أضم بينديكت إلى بقوة.
غلفني الشعور بالبرد فجأة وقد انتابني الخجل من نفسي أكثر! كنت للتو فقط أتوجه إلى دانيال لأستغله ولكن استوقفني ظهور شخص يذكرني بأن ما يحركني هو مصالحي الخاصة فقط.
واتسون كان بالفعل واقعاً في حب هانا التي بادلته الشعور، لو لم يفسد باتريك علاقتهما لما انفصلا قبل زواجهما ببضعة أسابيع. لو لم يذهب باتريك إلى هانا التي تقف في حديقة المنزل ذلك اليوم ويحاول التقرب إليها وتجاوز حدوده معها لما أساء واتسون الفهم!، حتى لو حاولت هانا اقناعه آنذاك ولكن. حتى نقود واتسون كانت هدفاً لباتريك الذي قام بتوريطها في جشعه وطمعه.!
كل شيء كان ضِدها.
كتاليا؟
سمعت اسمي بنبرة استغراب، ولكن أذني بدت لا تستجيب بسهولة فلا أدري هل كان الصوت ضعيفاً بعيداً أو أنني فقدت تركيزي تماماً، رفعت رأسي ببطء أنظر إلى من يقف أمامي مباشرة.
طرف بعينيه وعقد حاجبه الذي يعتليه الحلقة المعدنية الصغيرة وقد تساءل بحيرة ينظر من حوله: أنتِ هنا وحدك! ذلك البربري المزعج ليس هنا!
هذا الفتى.
لم يعد عقلي قادراً على التركيز بالفعل! ماذا كان اسمه؟ بالكاد خرج صوتي وقد تنحنحت أحاول تجاوز الثقل على عاتقي: آرنولد. آه لا ليس هنا.
ظهر الاستنكار على وجهه وقد جلس القرفصاء أمامي فوراً وتساءل بأسلوبه الجانح التهكمي تاركاً كيس مشتريات بجانبه على الأرض: نفيّتِ كونه زوجكِ على كل حال لذا لا سبب يدعوه للتجول حولك، هذا الجرو الصغير لكِ؟
أومأتُ بِصمت غير قادرة على التجاوب معه واكتفيت بالنظر إليه دون أن أنبس فحدق إلى بتمعن قبل أن يتساءل: سوف. تبقين هنا؟ لا أظنك تنوين التسول! ام. هل تنتظرين شخص ما؟
أشعر بالإشمئزاز مِن نفسي. بأنني كائن لا يجب أن يقترب منه أي شخص!، أشعر بأنني ألوّث الناس من حولي فقط.
عندما نبح بينديكت بقوة أدركت أن قوتي في التمسك به قد زادت عن الحد فارخيت يداي فوراً.
أنتِ. بخير؟
تساءل بهدوء يرخي مرفقيه على ركبتيه يترقب ردي فقلت أتحاشى النظر إليه: سأعود بعد قليل، أحتاج إلى الجلوس وحدي قليلاً.
مضت لحظات منذ أن تفوهت بكلماتي ولكنه لم يعلق! رفعت عيناي باستغراب إليه فوجدته لا يزال يحدق إلى وقد تمتم بتركيز: تبدين كئيبة جداً، هل حقاً لم يقم ذلك البربري بمضايقتك؟ هل تنمّر عليكِ؟ سأنادي بتيدي وجميع الرفاق ونلقنه درساً! سأحكم خطة حالاً للظفر به.
تفاجأت به يخرج هاتفه من جيبه فقلت على مضض: لم يفعل شيئاً. لماذا أنت مُصر على اقحامه في مزاجي السيء؟
ارتخت ملامحه قليلاً قبل أن يتنهد: سأخبركِ سراً.
لماذا ستخبرني به إن كان سراً!
تجاوز سؤالي وقال بجدية: ننوي وضع كيفين أمام الأمر الواقع وبناء على هذا سنضطر للتعاون مع العدو.
العدو؟
دانيال بحاجة إلى أن يعيش أخاه كيفين بسلام اليس كذلك؟ لذا لا بد وأنه سيتعاون معنا.!
لا أدري ما الذي يتحدث عنه، كما أنه يبدو جاداً مفعماً بالحيوية!
هز بينديكت ذيله ونزل من على حجري ليدخل رأسه في كيس المشتريات فنهرته بهدوء: توقف بينديكت!
داعب أرنولد رأسه وقال: يحتاج إلى المزيد من العضلات، سيبقى حجمه ضئيلاً؟
تمتمت بتهكم أخفض عيناي: إنه جريء رغم صغر حجمه. ألا ينتظرك رفاقك؟
آرنولد:
هذه الفتاة لا تبدو بخير! ليست على طبيعتها بالفعل، وجهها شاحب وتبدو كئيبة جداً!
إن لم يكن ذلك الهمجي هو السبب فلماذا مزاجها سيء؟ حسناً أنا متطفل حقاً وقد تنزعج أكثر فمن الواضح أنها تنتظر مغادرتي بفارغ الصبر.
انتبهتُ للجرو الذي أخذ بلوح الشوكولا بين أسنانه وانتزعه من الكيس، تدخلت هي وقالت تنهره: قلت لك توقف بينديكت! أعده إلى الكيس ولا تتصرف هكذا.!
صوتها. يرتجف بوضوح.!
هل أنسحب لتبقى وحدها كما تشاء؟ ما الذي أفعله هنا على أي حال وما شأني أنا؟ أحمق. عليك أن تكون مخلصاً لإيما.
ابتسمت ونفيتُ: لا بأس خذي هذا اللوح وتناوليه، قد يُحسن من مزاجك.
أسرعت تعترض تحاول اعادته إلى الكيس: لا إنه لك لا بأس لقد.
ولكنني سحبت الكيس وقلت بينما أقف: أصبح لكِ.
ارتفع حاجبيها وفغرت فمها قليلاً قبل أن تتوقف عن مجادلتي واكتفت بالإيماء إيجاباً: شكراً.
ثم سرعان ما تفاجأت بابتسامة مضمرة هادئة قد تسللت إلى ثغرها وهي تحدق إلى لوح الشوكولا بين يديها.
ما هذا.!؟
ربما. ارتفعت رطوبة الجو من حولي قليلاً، الجو حار بعض الشيء بالفعل!
ركّز على أهدافك التي تتمحور حول اسعاد إيما وحسب.
أسرعت لأنسحب وقد لوحت بيدي مُبتعداً، لن أتطفل أكثر. كما أن تيدي والجميع في انتظاري لنقضي وقتنا في النادي.
سرت بخطى واسعة وقطعت مسافة كبيرة حتى وقفت في إشارة المُشاة ورفعت الكيس لأبحث عن ما يمكنني تناوله حتى أصل.
مَ.
مَهلاً!
بحق الإله ما هذه الحماقة التي فعلتها؟
أنا حَقاً غبي!
آه اللعنة كيف أعطيها لوح الشوكولا الذي لا ينبغي أي شخص أننا نقوم بشراؤه وتناوله سراً!
ماذا لو. أخبرت هي شخص ما أن لوح الشوكولا يحوي نسبة عالية من الكحول؟
الشهر الماضي ورطنا تيدي عندما اكتشف والده أننا قمنا بالتدخين في المدرسة، سحقا على العودة فوراً وأخذ اللوح منها حالاً!
تراجعت وعدت أدراجي أعدو بخطوات سريعة، آمل أنها لم تغادر بعد.
قد. تكون فتاة لطيفة ولن تبوح بالأمر صحيح؟
ولكن ماذا لو فعلت؟ ربما تتصرف من تلقاء نفسها وتخبر الشرطة أن قاصر غبي يتناول لوح مليء بالكحول. تباً ماذا لو جرّني هذا إلى مشكلة أخرى؟ إن علموا أنني استخدم بطاقة هوية أخي الكبير أثناء الشراء فسأتورط حتماً وسيقتلني أخي.
لِحسن الحظ لم يخرج الجرو المتطفل علبة السجائر أيضاً!
لا زالت تجلس هناك! رغم أنني تأخرت وقطعت مسافة كبيرة! اعتقدت أنني سأجدها قد غادرت بالفعل.!
أبطأت من خطواتي قليلاً أراقبها من بعيد بحذر، وجدتها تَسند رأسها تخفيها بين ركبتيها والجرو الصغير يحوم حولها.
وقفت قليلاً بتردد قبل أن أكمل طريقي نحوها وما ان انتبه الجرو لي حتى بدأ ينبح بقوة واقترب مني يهز ذيله بقوة!
انتابني الاستنكار ونظرت إليه أسفل قدماي بحيرة قبل أن أكمل طريقي فتبعني، وقفت أمامها ووجدت لوح الشوكولا بجانبها وقد. تناولت منه بالفعل!
انتهى أمري.
أسرعت أقول استبق أي قول لها: هل أعجبك مذاقه؟ إنه لأخي البالغ الراشد الذي يبلغ من العمر ثلاثة وعشرون عاماً.
لماذا أقدّم لها كل هذه التفاصيل لا يجب أن أتوتر.!
أجفلت لضحكاتها الخافتة وقد تسمرت في مكاني ما ان رفعت رأسها تنظر إلى بوجه متورد وقد قالت من بين ضحكاتها بكلمات غير متزنة: لا بأس لن أواعده هو أو لارز، يمكنني استئجار رجل يوافق على التظاهر لفترة مؤقتة! هناك من سيكونون على استعداد لفعل أي شيء بمقابل مادي!
هاه؟
أعقبت تنظر إلى بأعين رمادية ناصلة بالكاد تحدق إلى بهما: لستَ مناسب! لن يوافق أبي أبداً.
ثملت. بهذه السرعة؟ لا يُمكنها أن تكون جادة!
لم تحتمل نسبة الكحول في هذا اللوح؟ ولماذا تناولت الكثير أصلاً؟
تسمرت في مكاني بذهول وقد تخدرت أطراف جسدي تماماً أحدق إليها بعدم تصديق مدركاً لوقوفها لتمسك بياقتي تحدق إلى عن قرب!
خطب ما يحدث لي يكاد صدري يفقد السيطرة على مستوى الهواء في كلتا رئتاي أنا أتنفس بسرعة وأكثر من اللازم!
قريبة. جداً!
الجرو يَحوم أسفل قدمينا دون توقف ويبدو مضطرباً بشدة!، أحكمت قبضتها على ياقتي أكثر حتى تفاجأت بها تقف على أطراف أصابعها تحاول الاقتراب مني فنهرتها وقد نال الارتباك الشديد مني: مَهلاً لا أزال في السابعة عشر أنا الأصغر من بين الرفاق سأبلغ السِن القانوني بَعد شهر تقريباً!
وَضعت يَداي على كتفيها أحاول ابعادها ولكنها بقيت تتشبث بي حتى قالت بتلعثم: لستَ وسيماً!
م. ما مناسبة قول هذا ولماذا استفزني قولها؟ تباً!
لست أنيق المظهر ولا راقياً بما يكفي، لن تكون مناسباً. نحيف جداً ولا تبدو بنيتك قوية!
بدأت. أغضب!
تفاجأت بها تضحك بخفوت وقد استكملت قولها بنبرة مستفزة: وجهُك مَليء بالمعادن، سيقهقه أبي كالمجنون إن اقترحتك عليه.
هاه؟
أجفلت ليدها التي حاولت سحب الحلقة المعدنية من حاجبي وقد تأوهت استوقفها: توقفي لا تفعلي! آه تباً ما الذي ورطت نفسي فيه لماذا ثملت إلى هذه الدرجة من لوح شوكولا واللعنة ابتعدي عني!
سمعتُ صوت رنين هاتفها في حقيبتها التي استقر حبلها من كتفها الأيسر حتى خصرها الأيمن ولكنها تجاهلت الرنين وقالت تحاول رفع قميصي: أرني عضلاتك السداسية.
تحولت إلى امرأة منحرفة تتصرف بطريقة لا أخلاقية مع مسكين قاصر!، قلت أنبهها محاولاً ابعادها: هاتفك! أجيبي بسرعة على المكالمة.
ولكنها بقيت تحاول التحرش بي فلم أجد سوى منعها بيمناي بينما أدخلت يدي الأخرى في حقيبتها لأخرج هاتفها.
البربري دانيال يتصل بها!
بقيت أحدق إلى الهاتف للحظة حتى سلكت يدي طريقها لأجد نفسي أضغط بابهامي على زر رفض مكالمته.
أنا لا أدري. لماذا فعلتُ هذا!
عقدت حاجباي ما ان عاود يتصل مجدداً فعاودت الكَرّة.
إن لم تكن زوجته أو حبيبته أو حتى صديقته فلا شأن له بها صحيح؟
شهقت ليدها التي رفعت قميصي على غفلة مني فنهرتها بحزم: تعقلي يا امرأة!
هاتفها لن يتوقف عن الرنين! يا له من عنيد مزعج.
سأعيدها إلى المنزل لا خيار آخر، بدأت تترنح بوضوح بل وجثت تأخذ ما تبقى من اللوح تحاول تناوله فأخذته منها وقلت بلا حيلة: ستثملين أكثر؟ هل أنتِ جادة!؟ ثم ماذا؟ ستتحرشين في جميع الرجال في الشارع؟
تفاجأت من التطبيق العملي الفوري لتساؤلاتي إذ ابتعدت عني واتجهت نحو أحد الشبان ولم تكن لتتقرب منه حتى أسرعت أجذبها من ذراعها وأشرت إلى الجرو: رافقنا يا صغير، سأعيدها إلى المنزل إنها كارثة لا يمكنني تركها هنا.
تساءلت بعدم اتزان تسير معي: هل تعلم؟ كان جميع الفتية يحاولون التقرّب إلى في المراحل الدراسية، ولكنني كنت مشغولة بالتنمر على هذه وتلك. تلقيتُ اعترافات كثيرة وطلبات لا تعد ولا تحصى للمواعدة. أحدهم كان لاعب كرة سلة أسمر البشرة مفتول العضلات فقيراً من أسرة متواضعة! رفضته أمام الجميع لا بد وأنه يكن لي الضغينة حتى اليوم! اعترف لي أيضاً أحد الرياضيين من نادي مرموق ولكنني.
قاطعتها متذمراً: لا أهتم بقائمة المتهافتين عليكِ تحركي بخطوات متزنة!
ولكنها تجاهلتني وأكملت وكتفها يرتطم بي: في حين أنني كنت مشغولة في مراقبة ذلك السافل الأشقر عديم الرحمة والإنسانية! إنه حشرة يستحق أن يتم سحقها. سلب مني كل شيء جميل! انقلبت كل أفعالي علي. أتمنى رؤيته يتعفن على الرصيف وأدوس عليه بكلتا قدماي. رخيص حقير!
قالت كلماتها الأخيرة بصوت عالي وهي تضربني فتنهدت بلا حول أو قوة.
أعقبت بصوت يرتجف والاستياء قد تسلل إلى ملامحها: لن أحيى حياة جيدة حتى اعتذر إلى كل من قمت بإيذائهم الواحد تلو الآخر! ولكن. ألا تكفي محاولاتي للتغير إلى الأفضل؟ أم أنني. لا أستحق فرصة وحسب؟
ترنحت أكثر وتوقفت عن المشي فوقفت كذلك، بقي الجرو الصغير واقفاً مضطرباً ونبح بقوة فهدأته: لا تقلق سأعيدها سالمة لا تنظر إلى هكذا! أنا المتورط هنا كما ترى لا تتحيز لها!
شجعتها على استكمال المشي: هيا تحركي!
نفيت برأسها وبقيت واقفة في مكانها وقد تبعثر شعرها حول وجهها بفوضوية حتى رفعت عينيها تنظر إلي.
بقيت واقفاً عاجزاً عن فعل شيء تحت تأثير ضغط نظراتها وعينيها الرمادية مصرة على التحديق إلى وبالكاد تطرف بهما!
يصعب انكار هذا ولكن. إنها. إنها جميلة! تقوست شفتيها بعدم رضى وهمست ولا تزال عينيها تحملق بي: مللتُ التشعب في طريقي. ما الذي على فعله؟ كيف أتوقف عن ارتكاب الأخطاء؟ لماذا يظهر واتسون أمامي في الوقت الذي على استغلاله لأقنع اللئيم دانيال! لو لم يظهر لما تراجعت.
أعقبت تعقد حاجبيها بضيق: ماذا لو عَلِمت هانا أنه عثر على امرأة غيرها؟ سوف. تكرهني أكثر! لن تسوء علاقتنا أكثر وحسب ولكن. ستتجدد مشاعر الحقد والكراهية نحوي! ريتشارد الوحيد الذي تخطى ما فعلته وساعدني على تجاوز ما حدث ولكنني لا أزال عالقة. لقد تعبت الهرب من أخطائي بل ولا أدري كيف أعالجها! ما الخطأ الذي يحدث تحديداً؟ هناك أمر خاطئ!
لا أدري ما الذي تهذي بشأنه ولكن وجهها قد شحب كثيراً!
بدت مستاءة متضايقة بوضوح وقد تفاجأت بالدموع التي تجمعت في كلتا مقلتيها وهي تهمس بصوت مبحوح: أنا الشخصية الشريرة في حياة الآخرين! أنا الطرف السيء في عالمهم.
ومع أنني لا أعلم ما الذي تتحدث بشأنه ولكن لساني قد تحرك من تلقاء نفسه أنهرها: هيه أنتِ توقفي عن جلد ذاتك وتحطيم نفسك ما الذي تفعلينه! أنا الأكثر جنوحاً وكسراً للقانون في حيّنا ولكنني أبقى فخوراً بنفسي أكثر منكِ! لا أستحق أن أعاتب نفسي إلى هذه الدرجة! لا يمكنكِ أن تكوني جادة!
ثم أكملت بحزم: لماذا تبكين كالمدللة الصغيرة بحق الإله! هل ستتذكرين مساوئك فقط عندما تفقدين وعيك وتركيزك؟ لن تكافئي نفسك بأي شيء؟
تجاهلتني وقالت تخفض رأسها مترنحة مجدداً: لست الشخصية الشريرة فقط ولكنني وصمة عار في حياة كل منهم! كيف يجرؤ أبي على اقتراح مواعدتي للارز؟ كيف وهو يعلم أنني لم أتوقف عن السخرية منه وايذائه لفظياً عندما تم تبنيه!
رفعت يدها تحك عينها وتبعد شعرها وقد تورد وجهها أكثر وأصرت الدموع على التجمع في مقلتيها: أسأت إلى لارز كثيراً! لم أعترف بأنه قد أصبح أحد أفراد العائلة حتى عندما كان كل من حولي في المدرسة يتساءل! لم أتوقف عن نعته بالقروي أمامهم. تظاهرت بأن أمره لا يعنيني! كنت أخجل من مجرد التواجد معه في مكان واحد. ثم يأتي أبي ويقترح اقتراحاً مماثلاً؟ ببساطة؟ كيف أواجه لارز؟ ما الاعتذار الأنسب حتى؟
بقيت شفتيها ترتجف وتتقوس حتى شهقت بخفوت تصارع رغبتها في البكاء وهمست: أتمنى أن أختفي وحسب.
الآنسة بدأت تخرج عن السيطرة وتتمنى الاختفاء!
قيلت بصوت هادئ خلفي فاستدرت باستغراب لأرى شاباً يرتدي بدلة سوداء رسمية يقف بينما يشبك كلتا يديه خلف ظهره ويحدق إلى بعينيه البنية حتى ابتسم وقال: شكراً على الاعتناء بها، ينتهي دورك هنا.
هاه؟ من هذا!
عقدت حاجباي استوعب وجود رجل آخر خلفه ضخم الجثة مفتول العضلات، انتابني التوتر والإضطراب واحكمت قبضتي على يدها اعيدها خلف ظهري بسرعة!
اتسعت ابتسامته وأمال برأسه قليلاً لليمين قبل أن يقول: لا داعي للقلق يا فتى، أتسمح بتسليمها لنا؟
ماذا يريد منها!
احتد صوتي وسألته بحزم: من أنتما؟
ولكنني طرفت متفاجئاً مدركا لتملصها من يدي وقد اقتربت هي نحوه لتقول متذمرة بكلمات مبعثرة بعدم اتزان: هذا أنتَ مجدداً، متى سيقتنع أبي أنكَ شخص غير كفؤ ولست الأنسب لمهنة مماثلة!
نهرتها وانا اقترب منها: توقفي لا تقتربي منهما!
ولكنها اقتربت من الآخر مفتول العضلات وقالت تضع يدها على صدره: أنا أوافق على مواعدتك أنت. ضخم وقادر على حمايتي بلا شك!
ارتفع حاجبا الآخر في حين توتر الضخم وتنحنح دون أن ينبس بكلمة يخفض رأسه، ليقول له الآخر بملل: خذها إلى السيارة.
استوقفته بقلق أخفيته بنبرة حادة: كيف تجرؤ؟ من أنت وبصفتك من ستأخذها!
أشار بابهامه إلى الخلف: لا داعي للقلق هي في أيدٍ أمينة، يمكنك العودة.
نفيت برأسي بعناد وتقدمت نحوها ولكنني تفاجأت به يستوقفني ممسكاً بذراعي بقوة جعلتني أخفض ناظري نحو يده!
حافظ على ابتسامته وقال مردداً كلماته: يمكنك العودة.
شعرت بالألم الشديد في ذراعي ولكنني بقيت ساكناً هادئاً وقلت بجدية: من تكون؟
نظر إلى بتمعن قبل أن يقول بكلمات ملتوية: رجل نبيل صالح رفيع الأخلاق لذا لا تقلق بشأنها.
كيف لا أقلق وقد ظهر من العدم وينوي أخذها دون التفوه بأي تفاصيل!
اتسعت عيناي أنظر إلى يميني ولا أدري متى وقف هذا الرجل الذي بدت هيئته مماثلة للآخر الضخم وقد وقف على مقربة مني يحدق إلى بثبات بأعين جاحظة!
رفيق إضافي لهما!
ابتلعت ريقي بصعوبة جراء جفاف حلقي واعدت ناظري إلى الشاب الذي استدار بهدوء يتجه إليها وقد كان الضخم الآخر من أمسك بذراعها لتمشي معه ولم تتوقف هي عن التذمر والثرثرة تستكمل عرضها المواعدة عليه!
ما الذي.
يحدث؟
هما. يأخذانها ولا أدري من يكونان!
ت. تباً! نال مني الخوف والقلق ونظرت إلى يميني حيث لا زال يحدق إلى هذا الرجل بثبات، أجفلت لصوت نباح قوي وقد كان الجرو لا يزال أسفل قدماي فجثيت فوراً والتقطته وتبعتها ولكنني تفاجأت بمن أمسك بياقة قميصي بعنف واستوقفني مكاني.
سعلت بقوة جراء فعلته لأسمع صوته الخشن يحذرني: غادر يا فتى.
إنها. تبتعد معهما!
لا يجب أن أقف مكتوف الأيدي ولكن. ما الذي يمكنني فعله أمام هذا الحائط العريض الذي ان حاولت لكمه فستبدو لكمتي مجرد لسعة بعوضة يسحقها بأصابعه!
اللعنة لا خيار آخر أمامي على الذهاب إلى منزل كيفين حالاً!
أبقيت الجرو وكيس المشتريات بين ذراعي وتحركت فوراً أركض بخطوات واسعة حتى نال الارهاق مني بسرعة!
شهقت بخفة مدركاً لسقوط المشتريات من الكيس عندما راوغت إحدى المارة لئلا ارتطم بها، نظرتُ إلى الأشياء المتناثرة على الأرض ولعنتُ عدم تركيزي! لا وقت لدي لجمع المشتريات، آه يا لحظي السيء اليوم!
علي أن أسرع.
تقطعت أنفاسي وتوقفت عن الجري أحدق إلى محل الحلاقة وقد رفعت رأسي لاهثاً أنظر إلى الأعلى حيث نافذة غرفة الجلوس في الأعلى. التقطت أنفاسي لثواني فقط قبل أن أدفع الباب وأدخل دون تردد. وجدت والده يقوم بترتيب الأشياء الخاصة بالحلاقة على إحدى الطاولات، رمقني بإستنكار دون ان يترك ما في يده وقد عقد حاجبيه وكاد يعلق لولا أن انتبه للجرو بين يداي.
تقدم نحوي فجأة بخطوات سريعة تاركاً كل ما في يده ووقف أمامي بحزم ينظر إلى الجرو الذي نبح بقوة مرارا وتكرارا، نظر إلى بعينيه الزرقاء وتساءل بجمود غريب: أين كتاليا؟
نفيت برأسي وبالكاد خرجت الكلمات من فمي جراء انهاكي: لا أدري. حدث كل شيء رغماً عني لقد ظهر فجأة رجل ي.
توقفت عن الحديث بذعر أنظر إلى من خرج من المرأب يضع يده على خصره بضجر وانزعاج واضح بينما ينظر إلى الهاتف بيده وما ان وضعه على أذنه بنفاذ صبر وترقب حتى انتبه لوجودي!
ولم تكن سوى ثواني فقط حتى أوقعت الجرو من يدي واختبأت خلف والده بحذر.
سوف. يحطم عظامي ان علم بما حدث!
مهلاً لماذا كل هذا الخوف هو لا يعلم أنني من رفضت مكالمته عندما اتصل بها!
صحيح. لا يجب أن يعلم.
بدى مستنكراً وبشدة لوجودي وقد القى نظرة خاطفة على الجرو قبل أن يقول مقترباً بحزم: ما الذي تفعله هنا لا أحد متفرغ للفوضى التي تثيرها أنت وجماعتك.
ابتلعت ريقي ووقفت باستقامة مبتعداً قليلاً عن والده الذي نهرني بغضب أفزعني: تحدث يا فتى ما الذي حدث لها؟
تماسكت وتحاشيت النظر إلى الأعين المستنكرة التي قال صاحبها بشك: أبي. ما الذي تتحدث عنه؟
أجابه فوراً يضع يده على صدغيه: لقد رأى كتاليا، ألم تقل أنها لا تجيب على مكالماتك؟ دعه يكمل ما أراد قوله.!
اتسعت عينيه الزمردية واقترب مني بخطوات واسعة ليقف أمامي مباشرة وقد احتد صوته يسألني: أين هي؟
نفيت برأسي وحاولت التمهل في كلماتي لئلا يكتشف فعلتي: رأيتها صدفة أثناء عبوري تقاطع الشارع الخامس والعشرين قبل محطة الحافلات، ك. كانت تبدو ثملة غير واعية! ثم. ظهر رجل ضخم الجثة وشاب غريب و. سارت معهما بعدم وعي!
برزت عروق صدغيه يحدق إلى بعدم تصديق وقد انكفأ لونه بوضوح!
في حين صاح بي والده: متى حدث هذا! لماذا لم تبلغ الشرطة فوراً؟ هل استقلا سيارة أو اكملا الطريق سيراً معها؟ ما الذي رأيته! دانيال افعل شيئاً وقدّم بلاغاً حالاً.!
ابتلعت ريقي بصعوبة ولم يتلقى لساني فرصته في الرد إذ اقترب مني دانيال على حين غرة يرفعني من ياقتي مستفسراً بغضب: لماذا لم تفعل شيئاً آنذاك! كيف تتركها بينما تبدو لك ثملة؟ اللعنة اغرب عن وجهي، لا بل رافقني حالاً إلى مركز الشرطة. تباً لغبائك يا فتى كيف تجرؤ على عدم التصرف!
اعترضت بتوتر: كان هناك اثنان ضخام الجثة ما الذي كنت قادر على فعله بحق الإله! أنصت سأخبر جميع رفاقي في الحي أن يبدؤوا بالبحث عنها وسنبلغ الشرطة حالاً كذلك.!
دفعني بإقتضاب وإزدراء: ما الذي قد يفعله مجموعة من الجانحين أطبق فمك ولا تستفزني أكثر.
قالها بينما ادخل يدي في جيب بنطالي أنوي الاتصال بتيدي والرفاق ولكنني استغربت ملمساً غريباً في جيبي أرغمني على اخراج ما وجدته فيه في حين تحرك دانيال على عجالة يرتدي حذائه الرياضي الذي كان أسفل الدرج.
ورقة؟
ما الذي تفعله هذه الورقة في جيبي؟
استغربت بينما أرفعها وقد كانت صغيرة مطوية، فتحتها وقد تمكنت الحيرة مني أقرأ ما فيها مراراً وتكراراً!
هذه الورقة ليست لي.
ولكنها في جيبي بالفعل!
هل ستُصبح الأميرة السيئة فرصة البدء من جديد، أم بديلة الهاربَ مِنكَ يا تُرى.! يَفصلك الإدراك عن تحديد مسارك دان
دان؟ متى وُضعت هذه الورقة في جيبي تحديداً! ولماذا الحديث موجه إليه؟ الأميرة السيئة.؟ هل المعني بها كتاليا؟
ارتطم كتفه بكتفي بعنف وقد تعمد ذلك بينما ينوي الخروج بسرعة، لَحقت به أمسك بالورقة في حين قال والده محفزاً بتحذير: لا تعودا بأيدي خالية، ولا تتجاهل مكالماتي دانيال.
خرجت خلفه على عجالة وقد واكبت خطواته أمشي بجانبه، بَدى على وشك الإنفجار في أي لحظة!
بل وقد تفاجأت به يزفر بقوة وغضب ليقول مفرغاً طاقته بي: اللعنة على حماقتك وقلة حيلتك!
اتسعت عيناي بعدم استيعاب في حين حدث نفسه يعود أدراجه: كيف نسيت اخراج دراجتي هل كنت انوي الذهاب إلى مركز الشرطة مشياً!
يبدو مشتتاً بوضوح! التوتر بادِ على ملامحه ولم يتوقف عن فرقعة أصابعه أو عن الجز على أسنانه!
ترقبت للحظات حتى أخرج دراجته ومرّ بها بجانبي ليقول بإشمئزاز وأعين تكاد تقتلي: اركب قبل أن أخذك إليهم بوجه يخلو من الملامح.
كتمت غيظي وقد استقر الحال بي خلفه وقبل أن يقود دراجته قلت بجفاء: أعتقد أن هذه الورقة لك. لا تسألني كيف أو لماذا هي بحوزتي حتى أنا لا فكرة لدي.
تناولها مني بخشونة يقرأها قبل أن يتسمر شاخصاً في مكانه.!
بقي يحدق إلى الورقة مطولاً وقد سرت رجفة طفيفة في أنامله حتى التفت بنصف جسده ينظر إلى بعدم استيعاب.
نال مني الإضطراب عندما بقي يحدق إلى دون أن يطرف وهو يهمس بنبرة غريبة: كيف وصلت القصاصة إليك؟
نفيت برأسي فوراً: لا أدري! اكتشفت للتو انها في جيبي، مذكور اسمك بوضوح ولا أعلم ما المقصود فيها حتى! أنا أقسم لا ذنب لي!
ما خطبه! بقي يحدق إليه قبل أن تنخفض عينيه وينظر إلى القصاصة مجدداً، بدى غريباً وهو يقرأها مراراً وتكراراً حتى تمتم محدثاً نفسه: مَساري؟ مساري أنا. نحوها؟
شرد بذهنه للحظات قبل أن يكور الورقة بين يديه بقوة ويدسها في جيبه هامساً بما أصابني بالتوتر والذعر: تذكّر من وضعها في جيبك وإن استلزم ذلك منك استهلاك طاقة كل خلايا عقلك الضئيل، لن تعود إلى والديك قبل أن تتفوه بتفاصيل ما حدث.
أنهى كلماته بينما يشغل محرك الدراجة ليبدأ في قيادتها.
س. سحقاً! وكيف لي أن أتذكر أمر لم يقم عقلي بتخزينه حتى! هذا الرجل البربري الهمجي من يظن نفسه ليهددني؟ تباً له!
ربما على أن. أبلغ عنه في مركز الشرطة دون أن يعلم! لقد هددني للتو وبكل وضوح!
كارل:.
ربت على كتف لاري الذي انهى استحمامه وقد ساعدته في وضع ضمادة بديلة للسابقة بعد ان دهنت قدمه بالمسكن، تحسنت اصابته بالفعل أكثر من السابق، مررت المنشفة على شعره أساعده في تجفيف شعره بينما يسألني بحيرة: لماذا يبدو داني غاضباً بشدة؟ هل خطّاف الزمرد لا تستجيب لمكالماته حقاً؟
عقدت حاجباي مردداً: خطاف الزمرد؟ ما هذا!
لوى شفتيه وأشاح بعينيه البنية متمتماً بصوت خافت: أعتقد أنني سأتوقف عن نعتها بالمشعوذة والمزيفة، سألقبها بخطاف الزمرد، إنها. إحدى أنواع الفراشات.
حشرة إذاً! هذا ما تتمحور حياة لاري حوله فقط.!
تنهدت بلا حيلة وابتسمت أدفعه برفق إلى غرفته: ولماذا هذه الفراشة خصيصاً؟
لا أدري أعتقد أنه اللقب الأنسب.
همهمت بمكر: تشعر بالإمتنان والخجل بعد ما حدث لك في الغابة؟
امتعض يشيح بوجهه ولم يعلق، أشرت له بأن يتهيأ للنوم وقد تناول عشاءه بالفعل، عندما دخلت معه الى الغرفة رأيت كيفين الذي يجلس على سريره يرفع كلتا قدميه إليه بينما يسند ظهره، يحدق إلى هاتفه ولا يبدو أنه انتبه لدخولنا. بدى شارد الذهن بوضوح!
لا بد وأنه يفكر بظهور والدته المُفاجئ. لا أعتقد أنني سأتحدث معه في هذا الموضوع الآن، على الأقل حتى يستوعب الأمر ويفكر بعمق، أعلم جيداً كم يكون الأمر صعباً عليه!
ومع ذلك من الصعب على أيضاً رؤيته يعزل نفسه في الغرفة.
أرغب في مواساته، وطمأنته وتوجيهه. ولكن لا بأس، على أن أمهله فرصته!
أشرت للاري أن يذهب إلى سريره فلم يعترض وقد قفز عليه يستلقي على بطنه وهو يقول: كارل لا تنسى اقناع أبي بأن يسمح لي بالذهاب مع رفاقي إلى منزل صديقنا الذي سيقيم حفلة يوم ميلاده.
هذا الموضوع مجدداً، وكأن أبي سيسمح له بالذهاب بعد الكارثة التي تسبب فيها في الغابة، كما أنني أعلم جيداً أنه سينسحب قليلاً تاركاً المجال للسيدة مارثا التي لا يمكنه اتخاذ القرار بالنيابة عنها.
أدرك جيداً كم هو صعب على أبي.
تنهدت بعمق وأومأت مسايراً: اخلد الى النوم لاري، سأرى ما يمكنني فعله ولكنني لا أعدك.
تلى كلماتي صوت جعلني أعقد حاجباي باستغراب وقد قفز لاري كذلك يبتعد عن سريره واتسعت عيناه ينصت بتركيز، أفاق كيفين من أفكاره كذلك وأنزل نظارته يفرك عينيه قبل ان يعيدها.
كانت لحظة استيعاب حتى قلتُ بدوري بحيرة: هل هذا صوت. نباح جرو؟ يبدو قريباً جداً!
أومأ لاري وهرع ليخرج من الغرفة فتبعته باستغراب، أسمع صوت محرك دراجة دانيال لا بد وأنه لا يطيق صبراً وسيخرج للإطمئنان على الآنسة كتاليا التي ترفض مكالماته المتتالية.
نزلت الدرج خلف لاري وقد توقفت في منتصفه أحدق إلى الجرو الصغير الذي يحوم حول قدم أبي يهز ذيله دون توقف وبدى مضطرباً منفعلاً!
لماذا يوجد جرو في المحل؟
عقدت حاجباي وكدت أسأل ابي ولكنني توقفت مدركاً لشحوب وجهه والقلق البادي على ملامحه فسألته فوراً بقلق وحذر: ما الأمر أبي؟ سمعت محرك دراجة دانيال هل طرأ أمر ما؟
أغمض عينيه قليلاً قبل أن يقول يخفض عينيه نحو الجرو: لا أدري، زميل كيفين يقول أنه لمح كتاليا ثملة وأخذها رجال معهم، أكاد أنفجر! ماذا لو أصابها سوء؟ لماذا ثملت وقد قالت أنها ستلتقي بأحد أصدقائها بحق الإله! هل كانت من رفضت المكالمات أم. لا يمكنني رسم تصور سيء على أن أترقب اتصاله ليعلمني بالمستجدات.
فاجأتني كلماته وقد اقتربت منه بقلق: لماذا هرع زميله إلى هنا بدلاً من التصرف والاتصال بالشرطة أولاً؟
رافقه دانيال إلى مركز الشرطة الآن، ذلك الفتى لم يُحسن التصرف، لا يزال صغيراً لا يمكنني لومه ولكن. أرجو ان تكون بخير حقاً.
قالها بينما يَجلس على أحد كَراسي الحِلاقة، فاقتربت مربتاً على ظهره بهدوء: ستكون بخير.
يجب أن تكون بخير، كلمات الشرطي جيمس لا تغيب عن ذهني.
قال أن والدها يدير مدينة إعلامية وغني عن التعريف، يفترض أن رجل كهذا لن يسمح لمجموعة من الغرباء باستغلال ابنته. اليس كذلك؟
صحيح. أرجو أنها ستكون بخير!
ومع ذلك لا أنكر أن شعور القلق قد لازمني ووجدت نفسي أحاول الخروج من إحكام سيطرة الإضطراب على وحدقت إلى الجرو الذي يلاحقه لاري يحاول اخراجه من أسفل الطاولة!
استوعبت الأمر لأسأل أبي: آه صحيح ما قصة هذا الجرو؟
أجابني بمزاج عكر بشدة: رفيق كتاليا.
رفيقها؟ ولكنها لم تظهر بعد! هل تقصد أن ذلك الفتى أحضره معه؟
نعم.
أعقب بما الجمني: إنه بينديكت الذي لم تتوقفا عن وضع افتراضاتكما بشأنه.
هاه!
نظرت إليه بذهول للحظات قبل ان تنتابني رغبة في الضحك رغم شعوري بالقلق والذعر!
هذا الجرو الصغير ضئيل الحجم، هو بينديكت الذي اعتاد النوم إلى جانبها؟
بينديكت الذي سيكون رفيقها في الغرفة؟ والذي. يعتقد دانيال أنه صديقها؟
ابتسمت بلا حيلة ونفيت برأسي: أبي لا يمكنك أن تكون جاداً هل كان اللعب بأعصابنا ممتعاً بالنسبة لك؟
أردفت بصوت خافت: أم أنك تترقب ردة فعل معينة يا ترى؟
رمقني بنظرة سريعة هادئة ولم يعلق فزفرت ممتعضاً قليلاً: حسناً لقد نجحت في خداعنا، أشعر بالخجل من نفسي بدوت مغفلاً جداً، أعتقد أن دانيال سيصاب بالذهول لمعرفته بالحقيقة!
سيصاب بالذهول؟ بلا شك! ولكن الأهم.
هل يطفئ ذلك شعوره الذي يسيّره للتصرف بعدائية وغضب؟
لا أستبعد هذا فلقد تصرف بغرابة بالفعل وقد يلين جراء اكتشافه لحقيقة الأمر!
اقتربت من لاري وجثيت أنظر إلى الجرو الذي يختبئ قبل أن أقول: لاري الجِراء لا تفضل هذا النوع من الاستقبال، أنظر إلي.
توقف عن محاولة اخراجه بالقوة بعنف وقد نظر إلى بترقب، أصدرت صوتاً لافتا بفمي الفت نظره وقلت مبتسماً بهدوء: اقترب، هذا أنت إذاً بينديكت، لم أتوقع رؤيتك بهذه الهيئة على الإطلاق! هناك شخص سيكون الأكثر ذهولاً بالتعرف عليك.
أعقبت أضرب على فخذي بخفة: هيا لا تقلق، ستكون الآنسة كتاليا بخير وستعود قريباً بلا شك، لا بد وأنك قلق بشأنها!
نبح بقوة بصوت حاد فواصلت محاولة جذبه حتى خرج بنفسه مقترباً ووقف أمامي مترقباً، تلألأت عينا لاري وقال بحماس: لقد أصبح لي!
نهرته بسخرية: إنه للآنسة كتاليا، انغمس في عالم الحشرات الخاص بك.
نفي بعناد وهو يحدق إليه بحماسه الشديد: إذاً سيصبح لي!
تنهدت بلا حيلة ورفعت يدي اداعب رأس الجرو وقلت محفزاً: كلب مطيع.
أوضحت للاري: إنه من فصيلة البوميرينيان، صحيح أنه ضئيل الحجم ولكنه يتمتع بشخصية جريئة ونباح حاد، قوي رغم صغره، ولطيف جداً مع الشخص الذي يقدم له العناية الكاملة.
ردد لاري بفهم: بوميرينان.
صححت له: بوميرينيان، آه صحيح عليك أن تعلم أنه عصبي كذلك! لا تستهن به ولكن فصيلته تعرف بحدة الطباع.
أومأ بحذر قبل أن يتجاوز تحذيري وقال يرفع يده: سأداعبه!
ابعدت يدي وسمحت له بمداعبته فنبح الجرو واقترب أكثر، بدى لاري سعيداً جداً مفعماً بالحيوية بل وجلس على الأرض أمامه يواصل مداعبته دون توقف.
تساءل لاري باستغراب ويده لا تتوقف عن ملاطفته: كارل هل يمكنك معالجة الحشرات إلى جانب الحيوانات؟
جلست بجانبه: بالطبع لا.
يبدو لي الجرو في حالة جيدة ولكن هذا غريب، لماذا الاحظ عرجة خفيفة في قدمه؟ بالكاد لاحظت هذا ولكن يعرج بالفعل بصورة طفيفة.
مررت يدي على ساقه ولمست عظامه بحذر ولكنني لم أستشعر شيئاً غريباً بل بدى لي بخير بالفعل.
صاح لاري يوجه حديثه إلى أبي مقترحاً: سأخرج مع بينديكت للتنزه غداً أبي! أرجوك!
لقد.
نسي تماماً أمر حفلة يوم ميلاد صديقه!
حافظ أبي على هدوئه رغم شحوب وجهه وشرود ذهنه، يبدو قلقاً بشدة ولكن لا شيء في يدي يمكنني فعله عدى انتظار اتصال دانيال أو عودته.
أرجو أن يكون كل شيء على ما يرام!
آرنولد:.
جف حلقي وأشحت بوجهي بينما أجيب الشرطي الأسمر: لذا كما أخبرتك يا حضرة الشرطي لقد كانو ثلاثة ولم أستطع التصرف آنذاك.
ضرب الشرطي بخفة على الطاولة بالقلم بين أنامله وحدق إلى بعدم اقتناع وشك ليردد: عبرت صدفة ورأيتها ثمله ثم لمحت ثلاث رجال يأخذونها ولم تستطع التدخل خشية منهم، يا فتى لماذا أنت متوتر إلى هذا الحد؟ تشعر بالعطش؟
قال ذلك دون ان يتوقف عن التحديق إلى بتركيز!، وكأنني سأخبره بشأن ما تناولته بسببي حينها سأورط نفسي بلا شك! كما أنني لم أكذب في شيء وإنما أدليت بشهادة ناقصة وحسب ولا داعي لذكر تلك التفاصيل أصلاً.!
أجفلت بذعر ليد وُضعت على كتفي بقوة تلاها همس حازم قريب من أذني: قلت هذا مراراً وتكراراً متى ستتفوه بما هو مفيد؟ الوقت ينفذ تحدث!
اعترضت أنظر إلى الشرطي: ي. يا حضرة الشرطي متى سيتوقف عن تهديدي لقد اكتفيت منه! أنا هنا طوعاً ورغبة مني لست مرغماً على الادلاء بأي شيء لقد أتيت من تلقاء نفسي!
نظر الشرطي إليه بهدوء وقال يضيق عينيه: عندما لا تتسبب بالكوارث تقرر أن تتطوع و تجلب لي كارثة بنفسك، دانيال ألا تفكر في الانتقال من المدينة أو العودة إلى مسقط رأسك؟ ماذا عن زيارة مركز شرطة آخر؟، أياً يكن. لا زلنا في انتظار استجابة والدها للمركز لذا لا تستبق الأمور.
ولكن دانيال جادله بعدم اقتناع وجفاء: ومتى من المفترض أن يستجيب؟ كم المدة الزمنية التي سيستغرقها حتى يتقدم ببلاغ اختفائها مؤيداً التشريع ببدء البحث عنها! يقول بأنها غادرت مع حِفنة من الأوغاد بينما هي ثملة فكيف تكون بهذا البرود جيمس!
ضرب جيمس على الطاولة بقوة وقال منزعجاً: لقد قلت ما لدي والآن توقف عن مجادلتي وإلا قمتُ بحبسك!
اقترب أحد رجال عناصر الشرطة من جيمس يمنحه ورقة ليوقعها، وبينما ينتظر توقيعه رمقني بنظرة سريعة فابتلعت ريقي بصعوبة، تباً إنه الشرطي الذي كان يلاحقنا انا وتيدي قبل بضعة أيام بعد أن تشاجرنا مع جماعة نايل المزعج.
تهربت من عينيه أتظاهر بالتحديق إلى أظافري وقدماي حتى جفت دمائي لصوت في أذني: هل استجابت خلايا عقلك وتذكرت إلى من تعود القصاصة في جيبك؟
طرفت بعيناي أحافظ على هدوئي قبل أن أنظر إليه: أنا حقاً لا أدري من وضعها في جيبي أو متى!
سألني بصوت خافت بحزم وقد قرّب كرسيه مني: الرجل الذي استوقفك ومنعك من اللحاق بها، قلت بأنه من أمسك بذراعك! كيف كان مظهره صفه لي جيداً؟
زفرت بإنزعاج قبل أن أجيبه: لم يكن مفتول العضلات، كان بشوش الوجه ولكنه مريب، كيف كان. لقد كانت عيناه داكنة، بُنية مثل لون شعره على الأغلب، هذا ما أتذكره.
ضاقت عينيه بتفكير وظهرت تقطيبة صغيرة بين حاجبيه قبل أن يحاورني بجدية: لا شيء يثير الاهتمام، هل يميزه أي شيء؟
لويت شفتي بنفاذ صبر: يميزه أنه اختطف الفتاة التي جن جنونك ما ان علمت بما حدث معها والآن توقف عن التحقيق معي لا ذنب لي فيما حدث!
جذبني من ياقتي بعنف: كن أكثر تهذيباً وإلا انتزعت هذه الحلقة من حاجبك وأنفك!
سعلت قليلاً أبعد يده عني وقلت معترضاً بصوت عالي: يا حضرة الشرطي هل انتهى دوري؟ سيقلق والداي لتأخري!
علق الشرطي الواقف بينما لا يزال ينتظر توقيع جيمس المنهمك في قراءة الأوراق: يا فتى. تبدو مألوفاً!
ابتلعت ريقي بصعوبة رغم تظاهري بالإستغراب وانا اقول نافياً: ربما لأن تسريحتي عصرية رائجة بين الشبان هذه الأيام، على كل حال لا يبدو وجهك مألوفاً لي.
تكتف دانيال بغضب ونفاذ صبر يستمر في دك قدمه بالأرض بخفة بحركة سريعة أبدت توتره ورغبته في التنفيس عن الكم الهائل من الإضطراب الذي يعتليه.
تساءل جيمس بينما يركز عينيه على الأوراق: هل انتهيتم من مراجعة كاميرات المراقبة في الشارع الذي ذكره هذا الفتى؟ توصلتم إلى رقم السيارة؟
نظر كلانا إليه نترقب الإجابة في حين قال له بهدوء: يقومون بمراجعتها الآن.
انهى كلماته ليرده اتصال فأسرع يجيب يهمهم يفهم وينصت بتركيز.
لم تكن سوى ثواني حتى أنهى المكالمة ينظر إلى جيمس واقترب منه كثيراً حتى دنى نحوه وهمس في أذنه بشيء ما، لحظات ورفع جيمس عينيه عن الأوراق يرفع حاجبه الأيسر ثم أومأ بفهم يعاود النظر إلى الورقة بهدوء يوقعها ليستلمها الآخر وينصرف.
بقي دانيال يحدق إلى جيمس بترقب وتركيز حتى زفر بإنزعاج ووقف دون كلمة!
نظرت إليه بحيرة في حين استقوفه جيمس بحزم: إلى أين أنت ذاهب؟
تمتم ببرود ينظر إليه من فوق كتفه: هل على انتظار انتهاء رجال الشرطة من رصد أي شيء عبر كاميرات المراقبة بهذا البطء والتراخي؟ سأفعل أي شيء.
تنهد جيمس بِعمق شديد وشبك كلتا يديه خلف رأسه يحدق إلى دانيال حتى قال بكلمات موزونة: سيتوقف رجال الشرطة عن مراجعة الكاميرات.
هاه! لماذا؟
نظرت إليه بعدم فهم في حين التفت دانيال بكامل جسده يعقد حاجبيه بإستنكار، ليعقب جيمس موضحاً: أمر هذه الفتاة لا زال يحيّرني، تواجدها معك يثير الكثير من التساؤلات ولكن لا علاقة لي، على كل حال هي بخير، استجاب والدها وقال أنه برفقتها.
و. والدها برفقتها؟ كيف يكون هذا ممكناً!
عندما قال ذلك الشاب أنها في أيدٍ أمينه. كان يقول الحقيقة!؟
تسمر دانيال في مكانه واستمر يحدق إلى جيمس بشك واستنكار شديد حتى علّق: أين هي تحديداً؟
رمقه جيمس بهدوء قبل أن يقف مبتعداً عن الكرسي وتوجه نحوه، وقف أمامه وربت على كتفه ببرود: قلت بأنها برفقة والدها لذا لا تحشر أنفك، وأيضاً.
جابت عينيه الداكنة على وجه دانيال بتمعن قبل أن يقول له بصوت خافت: فقدانها لوعيها في منزلك وتورطك بشأن التقرير الطبي الخاص بها، نجوت بفضل تدخل والدها لذا دعني أسدي لك نصيحة وابتعد عن هذه الفتاة. ألا تشعر بالقلق من تركه إياها في منزلك بينما تعرف جيداً من يكون؟
فقدت وعيها في منزله؟ ما كل هذه الأحداث الفوضوية؟ ما طبيعة علاقتهما تحديداً؟
بدى دانيال عدائياً بطريقة غريبة وهو يبتسم بتهكم: خرجت من المركز بفضله إذاً؟ ثم قرر تركها في منزلي بدلاً من إبقائها إلى جانبه؟
أعقب وقد انفرجت زاوية فمه بسخرية وحدة: قرار حكيم.
ما خطبه فجأة! غاضب أم مستاء؟ متوتر أم منزعج أو مطمئن! لا أدري!
علي كل حال إنها فرصتي للإنسحاب!
رفعت يدي بإضطراب وقلت: ي. يا حضرة الشرطي هل يمكنني المغادرة الآن؟
أومأ لي وأشار بيده نحو المخرج: اذهب، وانزع هذه الحلقات المعدنية من حاجبك وأنفك إنها تثير اشمئزازي.
ابتسمت مسايراً: سأفعل قبل حفل التخرج.
من يظن نفسه ليملي على الأوامر!
تراجعت للوراء لأخرج بينما بقي دانيال واقفاً أمامه، أسرعت في خطواتي حتى خرجت من مركز الشرطة بخطوات واسعة.
لا أدري ما كل هذه الفوضى! أؤلئك الرجال تابعين لوالدها؟ امرأة ثرية تعيش في منزل متواضع؟ لماذا وما الذي يجمعها بهم؟ ولماذا قد تتركها عائلتها؟ اعتقدت في البداية أنها على علاقة بذلك البربري ولكن لا شيء بينهما!
تنهدت بعمق شديد أشعر بالراحة تنتابني، على الأقل هي بخير ولن يصيبها سوء في حالتها تلك.
ما الذي ورطت نفسي فيه! على أن أبقى بعيداً عنهم وحسب، لم يتوقف هاتفي عن الرنين منذ مدة. لم أجد فرصة مناسبة لأخبر تيدي والرفاق بأنني سأتأخر حتى.
زميت شفتاي أقف في اشارة المشاة أتذكر اندفاعها وتصرفها بعدم وعي، ثم هذيانها ومواصلة تحقيرها لنفسها دون توقف!
مررت يدي على عنقي ورفعت رأسي قبل أن أكمل طريقي محاولاً تجاوز كل ما حدث.
عبرت الطريق أخرج هاتفي واتصلت بتيدي واضعاً الهاتف على أذني ولكنني تفاجأت بجسدي يُدفع نحو الحائط بجانبي بقوة! أجفلت متأوهاً ولم أكد أنهر من كان السبب حتى واجهتني عيناه الحازمة وقد لمعت ببريق زمردي مترع بالجمود والتهديد وهو يمسك بياقتي: يبدو لي أنكَ نسيتَ أمراً مهماً!
هذا المجنون ترك دراجته أمام مركز الشرطة ولحق بي؟
استوعبت ما يشير إليه وقد قلت بحدة وغيظ: قلت لك لا أدري من وضعها في جيبي لماذا سأخفي الأمر عنك!
ولكنه شد أكثر على ياقتي وقال بجفاء: ذكرتَ للتو للشرطي الوقت الذي لمحتها فيه مع أؤلئك الرجال، ولكنني اتصلت بها قبل ذلك الوقت فلماذا لم تستجب لمكالماتي؟ لماذا استمرت في رفض المكالمات بدلاً من الإجابة؟ قال أبي أنها ستلتقي بأحد أصدقائها فلماذا رأيتها وحيدة على الرصيف؟
ل. لماذا لا يتركني وشأني!
تباً ليس من السهل مراوغته مهما حاولت!
هل. على الاعتراف وحسب؟ لا! وكأنني سأفعل.
علي أن استمر في الإصرار على اقوالي.
نفيت برأسي وقلت بهدوء: أنت تفكر أكثر من اللازم! إن كنت تعلم الآن أنها بخير فلماذا لازلت منزعجاً!
أعقبت بإمتعاض: إنها على ما يرام ألم تسمع ما قاله الشرطي!
أغمض عينيه للحظة قبل أن يقرّب وجهه وتمتم متسائلاً ينظر إلى الفراغ: أفكر أكثر من اللازم؟ بينما يمنحك شخص ما قصاصة مثل هذه ويكون بجوارها. على أن أبقى هادئاً؟
جادلته بجمود وشك: ما الذي أنت قلق منه إلى هذه الدرجة طالما هي بخير؟ هل أنت قلق من. أمر يعنيك أنت؟ ما الذي تخفيه! لماذا لم تذكر أمر القصاصة للشرطي أصلاً؟
سعلت لضغطه على عنقي جراء شده ياقتي بثبات، أبعد وجهه قليلاً ولكنه استمر في التحديق إلي! شعرت ببعض التوتر وبرودة أطرافي جراء عينيه إذ ارتخا كلا جفنيه وجابت عينيه على عيناي ببرود وهو يخفض صوته: التفاصيل التي تعمدت ألا تذكرها أمامه، تفوه بها الآن.
لماذا هو واثق أنه يوجد ما أخفيه؟ ربما. لم أحسن التظاهر بما يكفي!
اللعنة أكاد أختنق هو لا ينوي ابعاد يده عني!
بدلاً من إجابته وجدت نفسي أسأله بصوت مبحوح: ما الذي من المفترض أن يعنيه الشخص الذي وجه كلماته إليك؟ لماذا يتحدث عنها كما لو كانت فرصة بالنسبة لك! فرصة لماذا تحديداً ولأي غرض؟ أنت. من المعني بالهارب منك؟ ما الذي تخفيه!
بقي يحدق إلى بثبات في حين كنت قد التزمت الصمت تماماً وسعلت مجدداً، لفت انتباهنا صوت لكهل ينهر كلانا: ما الذي تفعلانه! لماذا تتشاجران ألا تشعران بالخجل من ارتكاب هذه التصرفات الصبيانية أمام المارة؟ دع الفتى وشأنه!
استمر الكهل ينهره وقد اقترب وقال مشيراً إلينا: هيا توقفا قبل أن أبلغ الشرطة!
أرخى يده من على ياقتي قليلاً ولكنه بقي ينظر إلى حتى تمتم وقد ضيّق عينيه بتركيز: سأتجاوز الأمر بمزاجي هذه المرة فقط، طالما أنها بخير.
أردف يبعد يديه تماماً: لا تظهر في محيطها قبل أن تفكر مئة مرة. أن وجودك لن يتسبب بأي مشكلة.
القى على نظرة جافة بوجهه المحذر ثم سرعان ما ارتخت ملامحه وقال يحدث الكهل ممتعضاً مستاءً: سيدي لم أكن أقوم بضربه أو الإساءة إليه! لقد كنت أحاول توجيهه وأسدي له النصيحة!
صاح الكهل في وجهه موبخاً: لقد كنت تحاول خنقه هل تعتقد أنني فقدت بصري بهذه السرعة! اعتذر إلى الصغير حالاً!
هذا البربري.
يبدو غريباً بطريقة ما!
التفت نحوي وابتسم بتهكم وهو يساير الكهل: أعتذر إليك أيها الصغير!
ثم ضرب كتفي بخفة وقال يتراجع للوراء: سأكون أكثر لطفاً عندما أسدي لك نصيحة أخرى.
تابعته بعيناي بينما يبتعد وخمنت عودته إلى مركز الشرطة لأجل دراجته، وقفت في مكاني حائراً. وفكرت قليلاً بجدية.
ربما. تربطهما علاقة بالفعل؟ هل كان ليتصرف بكل هذه العدائية وهذا الوعيد إن كانت مجرد معرفة سطحية؟ لا أدري أنا مشتت ولكنه يتصرفه بغرابة!
كارل:
نزل أبي الدرج ينظر إلى لاري الذي لا يزال يلاعب بينديكت الذي اعتاد عليه وقال مؤنباً: لماذا لم يخلد إلى النوم بعد!
كان أبي قبل لحظات فقط عصبياً ومنفعلاً بشدة جراء تلقيه خبر ما حدث للآنسة كتاليا!
هل أتخيل أم أنه يبدو أكثر هدوئاً الآن واتزاناً؟
عقدت حاجباي بحيرة وسألته: من كان المتصل؟ دانيال؟
رمقني بهدوء ثم قال: لا.
أعقب يحدث لاري: اصعد إلى الغرفة سيتأخر الوقت ولا زلت يقظاً حتى الآن، تحرك!
عبس لاري وقال مقترحاً: سأخذ بينديكت لينام إلى جانبي.
اعترض أبي نافياً برأسه وهو يقترب منه: سينام الجرو هنا أو في غرفة المعيشة في الأعلى، والآن تحرك ما الذي تنتظره؟
شجعت لاري وقلت مربتاً على رأسه: هيا تحرك ستقضي معه المزيد من الوقت غداً.
تقوست شفتيه بعدم رضا وأصر على رأيه محاولا اقناع أبي: هل يمكنني النوم في غرفة المعيشة معه؟
ابتسمت له بلا حيلة: لن يذهب إلى أي مكان ستجده فور أن تستيقظ صباحاً! قمنا للتو بإطعامه وهو الآن ممتلئ ويرغب في النوم كذلك لذا دعه يرتاح لتلعبا معاً صباحاً، هيا تحرك.
انصاع لقولي وقد أومأ باقتناع وقال محذراً لنا ومشدداً على كلماته: لا تأخذاه إلى أي مكان! سأستيقظ باكراً وسأخرج معه.
ثم جثى يداعب رأس الجرو وقال بجدية: لا تهرب! غداً سأخذك إلى مكان سيعجبك.
تململ الجرو يمط جسده وقد أغمض عينيه ينوي النوم وتجاهل لاري الذي لا يريد مفارقته!
في النهاية استسلم لاري وصعد إلى الأعلى وما ان سمع أبي صوت اغلاق الباب حتى قال ينظر إلى الساعة على الحائط: سوف أذهب للنوم، من المتوقع أن تعود السيدة مارثا لأجل ابنيها، سأرى ما يمكنني فعله بهذا الشأن.
أومأت بفهم ولم أعلق.
لم يذكر أمر دانيال او الآنسة كتاليا!
سألته بهدوء: تعتقد أن أمر الآنسة كتاليا. يسير إلى نحو جيد؟
سيكون كل شيء بخير، بالمناسبة لماذا ستعمل غداً في الوردية المسائية؟
ثم ضاقت عينيه بشك وتمتم: وإلى متى كنت تنوي إخفاء أمر تغيير عملك عني؟
أجفلت لسؤاله ولكنني سرعان ما حافظت على هدوئي وابتسمت بلا حيلة: لا يخفى عنك أمر، ستعرف كل صغيرة وكبيرة بالفعل! حدث ما حدث أبي واضطررت لتغيير عَملي.
أثق بقراراتك ولكن لا تكلف نفسك عناء إخفاء كل شيء حتى لو بدت أموراً بسيطة بالنسبة لك، آه صحيح.
أخفض عينيه الزرقاء مفكراً قبل أن يقول ما جعلني أحدق إليه باستنكار: وردني اتصالاً مِن السيد راف، يبدو لي أن بعض أهالي القرية يحاولون الوصول إلى رقم هاتفي الجديد، أخبروه أن يعلمهم في حال معرفته أي شيء حولي لذا قد أخرج للقاءه في الأيام القادمة وأزوره في منزله.
اقتربت منه وسألته بجدية: جميع الديون نقوم بتسليمها إلى كبير عائلة مادوكس فلماذا قد يرغب شخص آخر في التواصل معك؟
أردفت بقلق: هل من خطب ما؟ حدث شيء جديد؟
نفي برأسه بهدوء: لا أدري، سأعرف التفاصيل لاحقاً.
حذرته بجدية: لا تتلقى اتصالات عشوائية منهم أبي، ابقى على تواصل مع عائلة مادوكس لقد اتفقنا أن نفوضهم موضوع تسديد الديون عبر الأموال التي نرسلها إليهم لذا كن حذراً حول.
كفاك ثرثرة كارل سوف أذهب إلى النوم. ان بقيت يقظاً إلى حين عودة أخاك فتأكد أن كل شيء على ما يرام.
ولكنك ستخلد إلى النوم قبل أن تسأله بنفسك وهذا ليس من عادتك، لماذا تبدو مطمئناً فجأة؟
سألته دون شعور بهدوء فظهرت تقطيبة صغيرة بين حاجبيه قبل أن يرمقني ببرود وتجاهلني ليصعد.
تنهدت بلا حيلة واضعاً يدي على خصري ثم أخرجت هاتفي أنوي الاتصال بدانيال بينما أصعد الدرج.
كنت قد تأهبت للإستحمام بينما أترقب رده وقد اتصلت به مرارا وتكرارا، حينها لمحت بينديكت الذي صعد الدرج وبدأ يتجول في المنزل يتفقده ويكتشفه بدلاً من النوم وقد أظهر للتو كسله ورغبته في الاسترخاء!، اخذت المنشفة ولا أزال اتصل به وما ان دخلت إلى الحمام حتى أجاب أخيراً فزفرت وقلت بإنزعاج: وأخيراً دان!
كان الصوت مشوشاً بشدة فخمنت أنه يقود دراجته ولا بد وأنه صوت الهواء القوي!، سألته فوراً: ستعود إلى المنزل؟ ماذا بشأن الآنسة كتاليا؟
إنها بخير، سأصل قريباً.
كن حذراً.
خرجت من الحمام أجفف شعري بالمنشفة وما ان لمحت من صعد الدرج حتى وضعتها على كتفي ونظرت إليه وهو يلقي على نظرة خاطفة يتجه إلى الحمام وهو ينزع قميصه على عجالة بوجه متجهم!
استوقفته: هيه توقف!
امتعض وقال بإنزعاج: سأستحم وأنام فوراً إن كان لديك ما تقوله فاتركه للصباح الباكر.
ولكنني سألته فوراً بجدية: ماذا بشأن الآنسة كتاليا؟
إنها بخير.
اكتفى بقوله فاستفسرت أكثر بعدم اقتناع: ولكن. ذلك الفتى بدى متوتراً قلقاً وفقاً لما قاله أبي فما الذي.
إنها برفقة عائلتها لذا لا داعي للقلق.
لماذا يتصرف بهذه الطريقة؟
ما خطبك دانيال!
سألته بهدوء فرفع كتفيه: أنا منهك وحسب.
تحرك نحو الحمام فأسرعت أقول بهدوء وترقب: هل التقيت ببينديكت؟
توقفت يده قبل أن يدفع الباب والتفت نحوي بإستنكار شديد: عذراً؟
قلت أمرر يدي في شعري الرطب أحدق إليه بتمعن راغباً في دراسة ردة فعله أكثر: كما تعلم. سيكون هنا لأجل الآنسة كتاليا، في الواقع هو هنا بالفعل دانيال.
جمدت ملامحه بشدة وانكفأ لونه وقد عقد حاجبيه يحكم قبضته على قميصه الذي استقر في يده يتساءل بتهكم يجوبه تحذير: متفرغ جداً للمزاح كارل!
رفعت كتفاي بلا حيلة: كما تشاء.
استدرت لأتجه إلى الغرفة، لمحته يغير وجهته وقد أسرع نحو الدرج المؤدي إلى الغرفة العلوية فلحقت به فوراً ولكنني سرعان ما ارتطمت به وقد تفاجأت به يقف على الدرجة الأولى فقط!
كتمت ضحكتي أنظر إليه يحدق إلى الجرو الذي يستلقي أمام باب غرفة الآنسة كتاليا وقلت: رائحتها تتمركز هنا ولم يقاوم رغبته في الاستلقاء أمام باب غرفتها. لهذا كان يتجول في الأرجاء للتو!
طرف دانيال بعينيه بعدم فهم وقال: لماذا يوجد جرو في المنزل! هل ستبدأ في تطبيق دراستك على جراء وحيوانات الشوارع؟ مهلاً لقد أتى هذا الجرو مع ذلك الفتى اليس كذلك؟ لماذا لا يزال هنا!
اسندت ظهري على الحائط خلفي وقلت متكتفاً: أنت لم تستوعب بعد، هو ليس جرو من أحد الشوارع! إنه رفيق الآنسة كتاليا المدعو بينديكت.
تصلب كتفيه فجأة واتسعت عينيه بذهول يحدق إلى وقد نزل الدرجة لينظر إلى جيداً!
بقي ينظر إلى وفغر فمه قليلاً قبل أن يشير بسبابته إلى الاعلى نحو الجرو وتحرك فمه دون صوت!
عقدت حاجباي وعلقت بسخرية: لا أقرأ لغة الشفاه! تحدث مثل شخص طبيعي.
بقيت متكتفاً وأعقبت أتنهد: يبدو أن أبي قضى وقتاً ممتعاً بينما يعاملنا كالمغفلان، نعم إنه بينديكت يمكنك أن تغلق فمك الآن!
أغلق فمه بتلقائية ثم اقترب مني منكمشاً وهو يهمس في أذني بدهشة: هذا الجرو الصغير. هو بينديكت؟
صحيح.
هو من اعتاد النوم إلى جانبها؟
كما ترى أمامك اختار أن ينام أمام باب غرفتها في ظل غيابها.
هذا الجرو هو رفيقها!
لماذا. تهمس بصوت خافت؟
نفي برأسه بتشتت: ل. لا أدري!
ثم نظر إلى الجرو مجدداً وعاود يهمس في أذني: ريتشارد يكون شقيقها وبينديكت الجرو الذي ترعاه!
عقدت حاجباي وابعدته أنظر إليه: ما خطبك!
رفع يده نحو عنقه ثم مررها في شعره بإضطراب يحدق إلى الجرو للحظات طويلة حتى تفاجأت بارتخاء ملامحه بوضوح وهو يزدرد ريقه.
ولم تكن سوى ثواني فقط حتى ارتسم على ثغره ابتسامة مضمرة وصعد الدرج حتى وصل إليه، جثى أمامه وبقي يحدق إليه عن قرب فتقدمت نحوه كذلك ووقفت بجانبه ووضحت له: لاري معجب كثيراً به وكان من الصعب إقناعه بالنوم ليتركه وشأنه!
كان الجرو لا يزال مستيقظاً وهو يشم رائحة دانيال يحاول الاعتياد عليه ولم ينبح مقرراً التزام الصمت، في حين كان دانيال قد أومأ بفهم وقال بأعين حالمة: هذا هو بينديكت إذاً! اسمه لطيف.