قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية بإسم الحب للكاتبة هاجر الحبشي الفصل السبعون

رواية بإسم الحب للكاتبة هاجر الحبشي الفصل السبعون

رواية بإسم الحب للكاتبة هاجر الحبشي الفصل السبعون

قبلت جبهته بحنان وهي تضمه لصدرها ثم مررت يدها على وجهه برقة مبتسمة وهي تراقب انفراج شفتيه الصغيرة وتنفسه بانتظام ف أمسكت كف يده وهي تميل عليه كي تقبله لكنها توقفت قاطبة حاجبيها ثم توسعت عينها وهي تحدق به قائلة: إيه ده؟!
سقط قلبه وهو يتذكر أنه أخذ السوار من يده فلما تتحدث بتلك النبرة؟!.
تنهد براحه عندما نظر لِيده ولم يجد بها شيء فتعجب وتساءل باستفهام: في ايه؟!

قربت يد إيان منه وقالت بحزن: بص، نظر لها بتركيز ثم قال وهو يبتسم: ايه ده حب شباب ده ولا ايه؟!، ضربت كتفه بغيظ وقالت بضيق: اكيد حاجه قرصته انت بتوديه فين مش هتاخده تاني..
حدق بها بازدراء ثم قال بسخط: خديه اشبعي بيه مش عايزه..
ضمته لصدرها بحنان وقالت ببعض الحدة: طيب تبقى ألمسه تاني بقي!.
إبتسم وأخذه من يدها وقبله بقوه جعله يستيقظ..

فتح عينيه بانزعاج وبطء رامشاً مع انكماش حاجبيه وتقويس شفتية بطفولية يعلمهم بوصلة بكائه القادمة فنظر إلى جود جعله يقوس شفتيه مثله وهو ينظر له
ثم لمح بنظره ألين التي كانت تراقبهم بابتسامة
فانفجر باكياً جعلها تأخذه من يد جود بقلق وبدأت تهدئه وهي تسير به ب أرجاء الحديقة: ايه يا حبيبي بتعيط ليه؟ باس باس متزعلش مش هياخدك تاني باس هوووو..

فكان جود يحدق به بغيظ ف عندما يكون معه وحده يصمت ويضحك ولا يبكِ وعندما يرى فراس أو ألين يبكِ وكأنه يختطفة ذلك اللعين الذي يفهم شبيه الجرو!، أفاقة من شروده سماع صوت ضحكاته السعيدة وعودة ألين له من جديد. جلست ب جانبه بهدوء وأسندت رأسها على صدره محاوطه خصر إيان بقوة بسبب عدم اتزانه وحركته الملحة ل ترك قدمها والنزول واللعب في الأسفل..

فقالت بنبرة هادئة: مرجحني، أبتسم جود وبدأ يهز الأرجوحة وهو يحاوط كتفيها بهدوء ثم قال: إيه بقي..
فردت بنبرة هادئة غلب عليها اليأس: ايه في ايه؟
فقال بحزن: هتفضلي كده؟!
فقالت بتكلف فالحديث يتعبها: هعمل ايه يعني ياجود اعمل ايه؟!
فقال بسخرية: ولا حاجه خليكي نايمة كده وانتي شبه المدمنين واخرك تمشي خطوتين وتتعبي عايزه ايه اكتر من كده كده كويس!.

فقالت بحزن وهي تحاوط خصره بيدها النحيلة دافنه رأسها أكثر بصدره: بس بقى عشان عاوزه أنام..
فقال وهو يربت على شعرها: قصدك عايزه تهربي من الواقع..
فقالت وهي تغلق عينيها: بس بقي ياجود الله..

فقال وهو ينظر لها: طيب اطلعي نامي فوق عشان تنامي براحتك!، لكنها لم ترد بل غفيت على صدره فظل يربت على شعرها بهدوء وهو يراقب إيان بثقب عندما توقف عن الحبو ومد يده وقبض على العشب الأخضر وإنتزعة من الأرض ورفع يده لِ فمه كي يتناوله فتوسعت عين جود ونهض تاركاً رأس ألين تسقط على الأرجوحة وركض إليه وحملة من خصره سريعاً وأمسك يده قبل أن تصل لِ فمه ونظفها من ذلك العشب وهو يوبخه: ايه ده انت عايز امك تفضحنا؟، لكنه تململ بين بده بضيق وهو يلوح بقدمه في الهواء يريد أن ينزل ف تجاهله جود وعاد للجلوس من جديد ف وجده يبكِ بصوت مرتفع وكأنه قاصداً أن يوقظها فقال له جود بغيظ: يعنى بجح وبتعيط كمان؟!.

فتحت ألين عينيها بانزعاج وهي تشعر بحرقتها وألم رأسها الذي سيفتك بها فقالت بقلق وهي تأخذه من بين يديه: ايه ياجود كل شويه تخليه يعيط؟!
فقال بازدراء: انا جيت جنبه! هو اللي عايز ياكل النجيلة!، شهقت بخوف وهي تتفحصه: كَل حاجه؟!
هز جود رأسه بنفي: لا لحقته، أومأت وهي تنظف يده مجدداً بأكمام مئزرها فقال جود باستهزاء: انتي بتلمعي إزاز؟ ماتِّفي عليها بالمره وامسحي!

فقالت بتوبيخ وغضب: ايوه إزاز، لما يجيله مكروب مش هتنفعني؟!
تنهد ثم نهض وقال: طيب انا ماشي..
نظرت له بحزن قائلة بضيق: هتمشي وتسبني!
فقال بتعجب: انتي مش كنتي بتزعقيلي دلوقتي!
فقالت بخفوت وهي تقوس شفتيها: دي حاجه ودي حاجه..
تنهد وعاد للجلوس بجانبها وقال بتعب: أنا بس جسمي تعبني شوية وكنت هنام، عانقته بحنان وهي تتأسف له: عارفه اني تعبتك معايا، ف تنهد وقال بتلقائية: مش انتِ لوحدك..

فابتعدت عنه وقالت بعدم فهم: يعني ايه!
ابتسم ثم قال بهدوء وهو يربت على وجنتها: مفيش، بس بجد لازم تمشي عشان تعبان هجيلك تاني بس لما ارتاح، أومأت له بهدوء وهي تعانقه ثم انحني وقبل إيان عنوة جعله يبكِ مجدداً وذهب..

أبعدت يده عن فمه مجدداً عندما وجدته مصراً على ان يضعها بفمه فرفع الأخرى وأخذ يمتصها وهو يطلق همهمات طفولية فعلمت أنه جائع ف حملته واتجهت به للداخل مباشرة كي تصنع الحليب له لكنها وجدت الخادمة تقوم بتجهيزه فصعدت هي تنتظرها في الأعلى وأول شيء قامت بفعله هو ولوجها لِ دورة المياه ووضعها لِيد إيان تحت المياه فوجدته يضحك وهو ينظر للمياه بسعادة فاقترحت عليه وكأنه سيرد: تاخد دش؟!، أومأت له وأعادت وهي تحمله: تاخد دش، ووضعته في حوض الاستحمام برفق وهي تبتسم تحت سكوته وصمته بطاعة..

بدأت بتحميمه وكلما أسقطت الماء فوق رأسه تتوجس وتنظر له كي ترى ردة فعله لكنه صامت ويبتسم ويطلق أصوات حماسية وهذا جعلها تتعجب ف الأطفال تبكي! فما به ليكون سعيداً هكذا؟!
تابعت وهي تبتسم بنعومة تُحممه برقة ورفق حتى إنتهت فقامت بلفه بالمنشفه وحملته متوجهه للخارج
وضعته على الفراش ثم انحنت أمام الكومود المحاذي للفراش وفتحته وقامت بإخراج بعض المرطبات.

لِ بشرته الهشة الناعمة وعادت له من جديد فكان يمسك قدمه ويضعها بفمه فضحكت وهي تبعدها ثم قبلتها مصدرة صوت مرتفع جعلته يضحك تركتها ثم جففت جسدة جيداً هو وشعره ووضعت إحدى المرطبات على صدره وبدأت تمرر يديها على أنحاء جسده بنعومة تحت ضحكاته التي لم تتوقف أمالت رأسها تقبل معدته بحنان ليغرق ب خصلاتها الحريرية فضحك وهو يمسك بعضاً منها فرفعت رأسها قليلاً لكنها تأوهت بخفه وهي تبتسم ثم بدأت بفك شعرها من قبضته الصغيرة المتشبثة به بقوة، حتى تركها أخيراً بسبب إبعادها ليده فكاد يبكِ فقبلته سريعاً وظلت تربت على صدره ب رفق حتى هدأ قليلا ثم ألبسته بيجاما بيتية مريحة ولاحظت تثاؤبه وسكونه على وشك أن يعود للنوم وهو جائع فكادت تذهب للأسفل كي تأتي هي بالحلبيب لكنها وجدت نور تدلف ومعها الحليب وهي تبتسم..

بادلتها ألين الابتسامة بمثلها فتقدمت وجلست بجانبه وبدأت هي بإطعامه وهي تبتسم..
وألين جلست مقابلها بالجهة الأخرى على الفراش بجانبه وظلت تداعب وجنته بحنان مراقبة إغلاقه
لِ عينة بنعاس حتى غفي نهائياً..
فقالت نور ببعض التردد بعد صمت دام لفترة طويلة: ألين، همهمت لها بهدوء فتابعت: ينفع أطلب منك طلب وتوافقي؟!
فقالت بهدوء وهي تحدق ب إيان: مش لما اعرف ايه هو الطلب؟!

اعتدلت نور ب جلستها ثم قالت وهي ترجع خصلاتها خلف أذنها بتوتر: ألين مامت نائل جاتلي وعايزاني أروح أقضي معاها النهاردة عشان هتتجوز هي ومايكل..
أومأت لها بهدوء قائله: طيب ايه المشكلة روحي!
فقالت نور وهي تبتسم ببلاهة: هي دي المشكلة! مش عايزة أروح لوحدي ممكن تيجي معايا؟!
هزت ألين رأسها بأسف معتذرة: أسفه يا نور بس مش هقدر اجي معاكِ مليش نفس اعمل اي حاجه وهخلي الوضع كئيب مش هينفع روحي انتِ!

أمسكت نور يدها وقالت برجاء: ألين، أنا مليش غيرك دلوقتي تعالي معايا عشان خاطري!، نظرت لها برفض فأعادت عليها بترجي وحزن كي توافق: لو مش عايزه عشاني عشان خاطر إيان تعالي معايا متسبنيش لوحدي؟.
تنهدت بحزن وأومأت لها على مضض فهذا ليس وقت أعراس ولا تريد أن تحزنها أيضاً!
ثم قالت لها وهي تبتسم: بس متاخديش على كده.

أومأت لها نور وهي تبتسم بسعادة ثم عبست قائله بحزن: صدقيني لو كانت حد تاني مستحيل كنت أروح بس دي مامت نائل مقدرش مروحش..
وصل جود للمنزل أخيراً دلف بهدوء وقبل أن يغلق الباب سمع رنين الجرس فأغمض عينيه بنفاذ صبر ثم فتح الباب بهدوء ل يفرغ فاهه قائلاً بتعجب: يحيي!
فقال يحيى ببعض الحدة التي لا تفسير لها عِند جود: فين ريم؟!
فقال جود بهدوء وهو يأشر على الداخل: ريم جوه هتكون فين يعني!

فقال بنبرة مقتضبة حاول أن تكون طبيعية بشتى الطرق لكنه لم يستطع: طيب نادلها ممكن؟!
أومأ له والتفت وقبل أن يهتف بإسمها وجدها تتقدم منه بابتسامة: انت جيت؟
فهز رأسه بنفي ممزاحاً: لا مجتش لسه هناك!، ضحكت بخفوت وهي تتقدم منه حتى إختفت إبتسامتها عندما أبصرت يحيى الذي يحدق بها بغضب فابتلعت ريقها بتوتر وقد لاحظها جود لهذا قال وهو يتركها معه: انا طالع أنام، وتركهم وغادر.

ظلت واقفة أمامه تطرق رأسها للأسفل بندم ولا تعلم ماذا تخبره فهي مخطئه وتعلم هذا رفعت رأسها قائلة بتلعثم: يحيى، أنا، أنا، أن، قاطعها قائلاً بنبرة حازمة حادة: تطلعي تلمي هدومك دلوقتي عشان هترجعى معايا، أومأت بطاعة قبل أن تتحرك صاعدة للأعلى كي تقوم بتجهيز حقيبة ملابسها..
كان يقود بسرعة وملامح مقتضبة قابضاً على المقود بقوة ثم قال بحده فجأة أجفلتها: أنا مش بكره حاجه.

ف حياتي أد الكذب، لو كان وحشك اوي كده و عايزة تفضلى معاه كنتِ تقولي من الاول بدل الحجج الفارغة دي؟!
فقالت بنبرة مرتجفة على وشك البكاء: عارفة اني غلطانه بس مكدبتش ومقولتش حجج فارغه عشان أنا كنت مخنوقة وعايزة أغير المكان فعلاً..
فقال بنبرة تهكمية: وهتغيري المكان عند جود؟

تساقطت عبراتها وقالت بحزن: على فكره جود متجوز وبيحب مراته وعنده بنت وهو بالنسبالي مش اكتر من صديق واخ ولازم تبقي فاهم كده كويس و مفيش داعي للكلام والتجريح ده؟!
فأوقف السيارة وقال بحده: أنا جرحت فيكى؟!

أومأت قائلة بحرقة: أيوه جرحت لما تقولي كده وتفضل تبص لىّ بصات اتهام ده يبقي اسمه ايه؟! ودي مش أول مره ده من ساعة ما جه العزا مش من دلوقت، وصمتت عندما قاطعها متحدثاً بانفعال وعصبية: عشان بغير عليكي، توقفت عن البكاء و نظرت له بقلب يخفق بقوة فتابع بنفس العصبيه بل إزادات أكثر: مش عايز حد يقربلك وانتِ ب منتهى السهولة كل شويه تحضنيه عشان ب تعتبريه أخوكِ طيب وانا ذنبي ايه عشان اشوفك كل شويه في الوضع ده؟ أنا تعبت وانتِ مش حاسه بأي حاجه مش حاسه!

صمتت لبعض الوقت ثم قالت بهدوء وهي تمحي دموعها: مش مُطَّر إنك تتحمل حاجه ملكش ذنب فيها!، ثم أسندت رأسها على النافذة تراقب الطريق وهو عاد للقيادة بندم بسبب اندفاع كلماته واعترافه الغبي وجعلها تبكي..
توقف أمام المنزل لِ تترجل من السيارة بحماس ثم ركضت إتجاه الباب سريعاً وظلت تضغط على الجرس حتى فتحت هاله بضيق بسبب تلك الضجة ل تبتسم عندما عانقتها مها بحب: طنط وحشتيني..

بادلتها العناق بحنان وهي تراقب تقدم فارس بملامح مقتضبة وتحريك شفتيه ببطء وتعلم أنه يسُبها بسره سُباب لاذع، فصلت العناق وهي تبتسم ثم سألتها وهي تربت على وجنتها بحنان: لسه ما أكلتيش صح؟!
اومأت مها وهي تزم شفتيها بحزن: ايوه فارس مجوعني ومش بيقبضني كمان ولو اتكلمت بيزعقلى وبيقولى مش عاجبك امشي وسيبي الشغل شوفتي انا بعاني أد ايه ياطنط؟!.

رمقها فارس بسخط قبل أن يتجاهلها ويلج للداخل ضارباً كتفه بكتفها بقوة جعلها تترنح للخلف..
فقالت متصنعه الحزن وهي تتوعده بداخلها: شايفه يا طنط القسوة شايفة..
ربتت هاله على كتفها بحنان وهي تأخذها للداخل: متزعليش يا حبيبتي تعالي يلا عشان تاكلي..
قالت وهي تتناول الطعام بهدوء جعلت فارس يبصق المياه من فمه: مش هتجوزى فارس بقى يا طنط بدل ما هو معنس كده؟

فقال بسخط وهو يمسك الكوب من حافته ملوحاً به أمام وجهها مهدداً بإلقائه عليها: وانتِ مال أهلك انتِ! انتِ مالك؟!
نظرت له هالة بضيق ولوم قائلة بهدوء: فارس عيب كده دي ضيفة عندنا!
فقال بوجوم: ضيفه يبقى تخليها ف حالها لِ حد ما تمشي باحترامها..
تركت مها الملعقة من يدها ووقفت قائلة بحزن متصنع وهي تتحاشى النظر له: أنا ماشية يا طنط..

أمسكت هالة يدها جعلتها تتوقف عن الذهاب قائله وهي تنظر له بحده: خليكي رايحه فين لو مش عجبه هو يخرج ويسبنا..
فتابعت مها بوداعة وهي تعبث ب أصابعها بتوتر جعلت سخطه عليها يزداد أكثر: لا يا طنط ميصحش ده بيته برضه..
فقالت هاله بحنان وهي تجعلها تجلس: وبيتك انتِ كمان ده على أخو فراس مش صاحبه بس..

أومأت وهي تنظر لها بحزن متابعة عودتها لِ تناول الطعام مجدداً لكنها توقفت ثم أبعدت نظرها عن الطعام وهي ترفع رأسها محدقة ب فارس وهي تلاعب له حاجبيها بمكر و ابتسامة لعوب أعتلت ثغرها قبل ان تعود لِ تناول الطعام من جديد وشهية مفتوحة..
فقامت هالة بسؤالها بهدوء: هو على هيرجع امتي؟!
هزت كتفيها مع رأسها بنفي قائلة: مش عارفه؟ شكله نسيني هنا لوحدي؟!

فاقترحت هاله عليها: طيب ما تيجي تقضي معانا اليومين دول لِ حد ميرجع؟!
ألقي فارس الملعقة من يده بغضب وقال بتهكم: تيجي فين؟!
زفرت هالة وتجاهلته متابعة الحديث مع مها التي كانت تبتسم بتشفي وسعادة به: عشان متفضليش ف البيت لوحدك وخصوصاً إنك بنت هنا هتبقي في امان أكثر، وبعدين مروحتيش معاه المزرعة ليه ومامتك معاه كمان؟!

فذمت شفتيها قائلة بندم: ياريتني كنت روحت لكن فضلت الشغل على اساس اني هستفاد حاجه لكن حسبي الله ونعم الوكيل بقي كل خمس دقايق قهوه وزعيق كأني خدامه ومش بستفاد ولا باخد مرتب حتى؟!.
ربتت هالة على كتفها قائلة بشفقة: انا هديكي مرتب متزعليش، وهتفضلي هنا مش هسيبك ترجعي، حتى وشك خاسس عن أخر مرة شُفتك فيها!، خلاص أنا خدت قرار ومش هسيبك أبداً..

ابتسمت مها بسعادة وهي تعانقها بحنان ل تقع عينها على فارس الذي كان يحدق بها بِبُغض وقد قتلها ألف مرة بخياله فقالت بنبرة استفزته وهي تبتسم: إشرب ميه يا فارس عشان تبلع القرار ده..
أغلق الهاتف بهدوء ثم ابتسم عندما شعر بيدها الناعمة تحاوط خصره ورأسها التي أراحتها على كتفه لتداعب أنفاسها الدافئة عنقه وهي تقول: حبيبي بيعمل ايه؟!

حرك رأسه للجانب ونظر لها بابتسامة: بخلص شغل يا حبيبتي، ثم وضع يده على يدها وسحبها لتكون
أمامه وأجلسها على قدمه محاوطاً خصرها بنعومة: انتِ بقي كنتِ بتعملي ايه؟!
فقالت وهي تمرر يدها على وجنته برقة: كنت بنيم يوسف ومرضيش ينام ف سبته وجتلك..
ضحك وتساءل: سبتيه لوحده؟!
هزت رأسها بنفي وهي تبتسم: لا ماما قاعده معاه
قربها منه أكثر قائلاً بمكر أمام شفتيها: طيب واحنا هنعمل ايه دلوقتي؟!

طوقت رقبته بيدها الناعمة وقامت بهز كتفيها وهي تسند جهتها على جبهته: مش عارفة! تعرف إنت؟!
اتسعت ابتسامته وهو يضع يده أسفل فخذيها والأخرى خلف ظهرها و حملها برفق متجهاً بها للفراش: أعرف طبعاً ده كلام!.
لِ تتسع ابتسامتها وهي تدفن رأسها بعنقه بخجل..
عاد من العمل بضيق مثل كل يوم لكن رؤيتها عندما يعود ويجدها في المطبخ تُهون عليه و تجعله ينسى كل ما عاناه صباحاً حتى وقته هذا..

تقدم إليها وهو يسير على أطراف أصابعه كي لا تسمعه حتى توقف خلفها مباشرة وقام بالنفخ بأذنها جعلها تنتفض شاهقة فحاوطها وهو يقهقه عليها وقال بحنان: حبيبتي بتعمل ايه؟!
تنهدت مهدئه من روعها ثم قالت بخفوت وهي تبتسم: بعملك الأكل عشان إنت أكيد جعان..

دفن رأسه بتجويف رقبتها مغمضاً عينه وقال بانتشاء وهو يستنشقها: أنا جعان فعلاً، أغمضت عينيها تستمع بعبثه قليلاً لكنه أخرجها من كل هذا عندما ابتعد وسحبها من يدها خلفه وهو يقول: بس ده مش وقته في موضوع مهم عايز أتكلم معاكِ فيه..

أومأت وهي تسير خلفه حتى جلس على الأريكة فجلست ب جانبه لكنه رفعها بيده وأجلسها على قدمه محاوطاً خصرها بنعومة لِ تُطوق عنقه بيدها وهي تنظر له بحب ثم تساءلت برقه: هاا موضوع ايه بقى؟!
فقال بهدوء وهو يسألها: على إتصل بيا النهارده وهو حالياً مش موجود هنا وعايزك ترجعي الشغل تاني رأيك إيه؟!
زمت شفتيها وهي ترمش مفكره ثم قالت بتردد: طيب ومين يخلي باله من فادي لما تكون سجى في الشغل؟

ابتسم وهز رأسه فهو توقع هذا ف مُنذ ولادته وهي
لا تترك المنزل نهائياً بحجة أن سجى ليست في المنزل وتعتني هي به..
فقال باستهزاء ويعلم أنه سوف يؤلمها لكنه من أجلها: لارا! انتِ فاكرة إن فادي هيفضل موجود عشانك؟

سجى وجودها هنا مش دايم بكره ف أي وقت لو فؤاد رجع وخدها معاه سواء بِرضاها أو غصب عنها هتاخده ومش هتشوفيه غير كل اسبوع أو اثنين مرة واحدة! هتيجى انتِ دلوقتى توقفي حياتك على حد مش باقيلك يا لارا! فكري ف نفسك أكتر من كده؟!
فقالت بحزن وهي تنظر له: بس هو محتاج عناية وحد يفضل معاه عشان سجى بتسيبه!

فقال وهو يشدد قبضته على خصرها: أديكي قولتيها بنفسك سجى نفسها اللي هي أمه بتسيبه ومش قادرة تسيب الشغل عشانه هتيجي إنتِ ومش هتسبيه!
فقالت بنبرة مرتجفة: عشان أنا بحبه!.

داعب وجنتها بإبهامه برقه وتابع بحنان: وسجي كمان بتحبه بس عشان هي شايفه لهفتك و خوفك عليه سيباه وهي مطمنة انه هيبقي كويس لكن مينفعش!، لازم كل حاجه تفضل في مكانها مينفعش يكبر وهو شايفك انتِ قدامة عشان هيحبك أكتر وده هيعمل مشاكل بينك وبين سجى وهتبعده عنك وهو هيتأثر وهيكرهها بصي حاجات كتير هتحصل بسبب حاجه تافهه محدش كان عملها حساب ولا واخد باله منها، لازم تسبيه عشان هي كمان تاخده معاها او تفضل معاه عشان انا برضه مش عاجبني اللي بيحصل إنتِ مش داده هنا؟!.

أومأت له وهي تطرق رأسها مقاومة رغبتها في البكاء فأمسك ذقنها رافعاً رأسها بين يداه وقال بحزن وهو يرى التماع عينها بالدموع: لارا ياحبيبتي انتِ عارفة اني بحبك صح؟، أومأت له فتابع وهو يمسح دموعها التي انسابت: أنا مش عايز غير سعادتك واني اشوفك ب تتعلقي بيه بالطريقة دي وتتحمسي كل يوم عن اليوم اللي قبله عشان تشوفيه وهو بيكبر قدامك وتيجي فجأه متلاقيهوش هتعملي إيه؟ لازم تمنعي نفسك من دلوقتي؟ هتزعلي عليه دلوقتي أحسن ما تزعلي زعل متقدريش تتحمليه قدام؟!.

أومأت له قائله وهي تبتلع غصتها: عندك حق، هرجع الشغل تاني مليش لازمة هنا..
تابع بحنان وهو يضع رأسها على صدره مربتاً على شعرها برقه: لو مش عايزة ترجعي وتفضلي ف البيت براحتك أنا مش عايزك تعملي حاجه غير وانتِ مقتنعه بيها مش مهم رأيي أهم حاجه إنك تكوني مرتاحه إتفقنا؟! هزت رأسها ضد صدره ب إمائه خفيفة فابتسم وتساءل: عملالنا اكل ايه بقي؟!

صمت قليلاً ثم قطب حاجبيه عندما وصلت لأنفه تلك الرائحة! رائحة شيء يحترق وقبل أن يتحدث وجدها تشهق وانتفضت من على قدمه وركضت للمطبخ فركض خلفها وهو يبتسم قائلاً ببعض السعادة: لا انا جعان مش وقته!
ضغطت على المكبس سريعاً وأغلقته وهي تزفر بضيق والدخان يتصاعد برائحة كريهة وقد ملئ المكان ف سعلت وهي تحدق بنادر بحزن: الأكل اتحرق يا نادر اتحرق هعيط..

كتم ضحكته ثم قال بأسف وهو يحملها بين يديه: فداكي يا روحي فداكي، فقالت بحزن وهي تدفن رأسها بعنقه: إنت جعان، فقال بنبرة ماكرة وهو يصعد بها الدرج بخطوات سريعة كي يصل لغرفتهم: منا هاكل أهو..
فتح عينيه بانزعاج بسبب صوت أزيز الهاتف المزعج الموضوع على الكومود الذي وصل ل مسامعة مؤرقاً نومه فالتقطه بضيق دون أن يرى من وتحدث بتثاقل: ألو، ألين! هو انا لحقت اوحشك؟! طيب شويه ساعتين كده وجي..

بعد مرور بعض الساعات..
كانت تقف أمام المرأة تطالع هيئتها بعدم رضي..
فكانت ترتدي ثوب طويل أسود اللون بأكمام مغلق من الأعلى حتى رقبتها وكانت ترفع شعرها ذيل حصان للأعلى فقط ولا شيء إضافي تحركت متجهة إلى مهد الجرو الخاص بها لتجده مستيقظ يحدق بالسقف مصدراً همهمات لطيفة مع تركيزه و تحركيه ل قدميه.

ابتسمت وهي تحرك خصلاته بأناملها النحيفة بنعومة وهي تتأمله وخوفها عليه يزداد يوماً بعد يوم فليس من النادر أن تنجب إحداهن طفلاً جميلاً ولكنها تراه بأعينها أجمل طفل قد تراه يوماً وهذا يقلقها عليه من أن يراه أشخاصاً كثيرون و يحسدونة من دون قصدٍ منهم..

حملته بيدها وهي تبتسم راضيه عن ملابسه الثقيلة التي دثرته بها لتتفاجئ بعدم وضعها ل قبعة فوق رأسه فوضعته على فراشها واتجهت للخزانه تبحث عنها شبيهه مايرتدي حتى وجدتها فابتسمت وعادت له بهدوء، أجلسته أمامها جاعله من ظهره مقابل معدتها كي لايسقط للخلف في الفراغ ويفزع أخفت شعره بهدوء وألبستها له بإبتسامة راضية عن هيئته التي جعلت منهاا كرة محشوة بيضاء فاللون الأبيض يليق به..

طرقت نور باب الغرفه بهدوء ثم دلفت ل تبتسم عندما رأتهم ل تتقدم منهم أكثر وابتسامتها تتسع حتى توقفت أمامها ثم قبلت إيان برقة وهي تقرص وجنته بخفه لتقوم بسؤال ألين: جاهزه؟!، أومأت لها بهدوء وسارت أمامها متجه للأسفل بعد إن أخذت معها حقيبة بها متعلقات إيان..

فكانت نور ترتدي ثوب شبيه بثوب ألين لكنه كان أضيق قليلاً ومفتوح ليس مغلق حتى رقبتها واكمامه تأتي ل منتصف يدها فقط وشعرها منسدل واكتفوا بهذا ولم يضع أحدهم اياً من مساحيق التجميل اي مساحيق تجميل هذه التي سيضعوها!.

كان جود يقف في الحديقة ينتظرها و يكاد يتجمد من برودة الطقس حتى ظهرت ألين اخيراً فكاد يوبخها لكنه إبتسم عندما رأها تتقدم منه حاملة إيان بيدها فتقدم منهم وهو يفتح يديه على مصراعيها بسعادة فدفن إيان رأسه بعنق ألين برفض فرفع جود حاجبيه: بقي كده! طيب هاخدك برضه بس هاتي، وأخذه من يدها عنوه فتململ بين يديه بضيق وكاد يبكِ فألقاه للأعلي ليضحك بسعادة وتشهق ألين بخوف وأمسكت يده: جود مترفعهوش كده..

فألقاه مجدداً وهو يضحك ل تزداد ضحكاته بسعادة ودفن رأسه بعنق جود فقال جود وهو يبتسم: مبسوط أهو مالك؟
فقالت وهي تربت على شعره بخوف: قلبي بيقع لما بشوف حد بيعمل كده، وقبل أن يتحدث وجد نور تتحدث وهي ترتدي معطفها: يلا، أومأت ألين لها لتذهب لكن جود تحدث باستفهام: أنا شفاف ولا ايه، مش هتسلمي عليا يا نور؟!.
ابتسمت وتقدمت منهم ومدت يدها مصافحة إياه: ازيك يا جود، معلش مش واخده بالي..

أومأ لها وهو يضيق عينيه بِشك وكان سيرد لكن ألين لكزته بذراعها بخفه وهمست بخفوت: اسكت و ملكش دعوه بيها..
لوي شدقيه وإتجه للسيارة حاملاً إيان بيده فأراح رأسه على كتفه وهو يهمهم حتى لمح ألين التي تقف بعيداً عنه وهو يبتعد فرفع رأسه ومد يده لها مقوساً شفتيه على وشك البكاء وكأنه يلوح لها فشهق وبدأ يبكِ فنظر له جود قائلاً بتعجب: بتعيط ليه دلوقتي؟!

لكنه ظل يبكِ وهو يأشر على ألين فنظر جود لها ثم صاح بها: ألين، تعالي هنا يلا، تقدمت منهم قائلة بقلق: في ايه؟!، فتمايل إيان بيده كي يصل لها فألقاه جود عليها بغيظ جعلها تشهق بخوف: خدي العيوطة ده مش هشيله تاني، ضربت صدره بغضب وهي تعانقه ل يتشبث بها بيديه الصغيرة فقالت بحده: وانا مش هخليك تلمسه تاني..

فقال وهو يحدق به بابتسامة صفراء: هلمس الأمله يعني؟!، ثم أخرج لسانه له فضحك وهو يريح رأسه على كتفها متشبثاً بياقة ثوبها ليميل جود رأسه مثله وهو يبتسم قائلاً: ياشيخ!، ضحك ودفن رأسه برقبتها جعلها تشعر بالدغدغة بسبب تحرك شفتيه الصغيرة ضد رقبتها فضمته لصدرها وهي تستنشق رائحته بإنتشاء ثم قبلته بحنان واستقلت السيارة بهدوء في الخلف بجانب نور ل يبدأ بالقيادة..

بعد بعض الوقت توقف جود بالسيارة أمام منزل مايكل ل يبتسم بعدم تصديق عندما أبصرت عيناه فراس ونائل يقفون خلف الحائط يراقبون مايحدث في الداخل بنظرات ثاقبة من النافذة ل تسأله ألين بتعجب وهي ترى ابتسامته: جود بتضحك على ايه؟!
نظر لها ومازال يبتسم: ولا حاجه انزلي يلا..
ترجلت من السيارة وسارت بجانب نور بهدوء ف نور هي من تعرفها وليست ألين..

صرخ إيان فجأه وتحرك بحماس وهو يطلق أصوات تعجبت لها وهي تضع يدها خلف ظهره كي لايسقط فوجدته يلوح بيده وهو يحرك شفتيه ويطلق كلمات لم تفهم منها شيئاً لكنها نظرت خلفها مكان تأشيرة
ف شهقت بفزع وهي ترى جود يقف خلفها مباشرة وهو يبتسم فقالت بضيق: ايه يا جود مش تعمل صوت!.
فقال بقلة حيلة: اقف فين يعني؟ وبعدين مش هتدخلي انا عايز اكل جاتوه مليش دعوه..

هزت رأسها وهي تتنهد ناظرة إلى إيان بريبة ثم تابعت سيرها ليقرص جود وجنته بخفه فهو كاد يفضحهم الآن..
فتحت الباب بإحباط ل تتسع ابتسامته بعدم تصديق عندما رأتها فقالت بسعادة وهي تعانقها: نور، كنت عارفه انك مش هتسيبنى..
ربتت نور على ظهرها بحنان وهي تبتسم قائلة بحب: انتِ غاليه عندى اوى يا ماما..

فقالت انجي وهي تضحك بتوتر: ماما بتتجوز يا حبيبتي، ابتسمت نور وقالت وهي تعانقها مجدداً: والله ده انا اللي ماما مش انتِ، ابتسمت ألين وهي تراقبهم..
فصلت نور العناق وأمسكت بيد ألين قائلة وهي تعرفها عليها: دي ألين أختي وده جود أخوها، ابتسمت إنجي ونظرت لهم ببعض التعجب فقال جود وهو يبتسم ملوحاً لها: معلش القصة طويلة ومعقدة اعرفينا كده زي ما احنا..

أومأت له وهي تبتسم برقة لا تليق سوى بها فكانت ترتدي ثوب أسود مثلهم لكنه عاري قليلاً ووضعت بعض مساحيق التجميل القليلة ل تبرز ملامحها الفاتنه..
لِيطل عليهم مايكل في هذا الوقت ل يبتسم باتساع عندما رأي جود: أنت مجدداً! فالتعانقنى الآن..
إبتسم جود وعانقه مباركاً له بزواجه: مباركاً لك، ثم همس له: أنا هُنا إن أردت أن تسألني شيئاً عن الزواج فيبدو أنك لاتعلم الكثير..

أومأ له مايكل معبراً عن عدم خبرته: معك حق فأنا ظللتُ أعزب كل تلك السنوات..
تحمحمت انجي ليصمت ثم تقدم للأمام و قال بابتسامة وهو ينظر إلى ألين وإيان: أنتِ بخير؟

أومأت له وهي تبتسم فداعب وجنة إيان بيده وهو يبتسم فحرك إيان رأسه بضيق وبدأ يمتص يده واضعاً رأسه على صدر ألين وبدأ بإغلاق عينه بنعاس فقامت بإعطائه ل جود قائلة: أنا هروح اجيب الشنطه من العربية عشان جعان، أومأ لها بهدوء ل تذهب هي للخارج وظل هو يدور به بأنحاء المنزل كي يصمت..
قال مايكل بتردد وهو يحدق ب نور: هل أستطيع أن أعانقك أم أنكِ مازلتِ لا تريدين رؤيتي وتكرهيني؟!

ابتسمت قبل أن تعانقه بقوة وقالت بندم: تعلم أنني أحبك صحيح؟ فهذا كان مقدر ولا دخل لك أنت فقط أحد الأسباب ليس إلا، حاوطها بقوة وهو يتنهد براحه قائلاً: لقد أرحتي قلبي حقاً لقد كنتُ حزيناً بسببك ولا أستطيع العيش، فقالت وهي تضيق عينها: حقاً! لهذا ستتزوج؟!
إبتسم وهو يحاوط كتفيها ناظراً إلى إنجي بحب: هذه إنجي نور ف مهما قاسيتُ من الحياة لن أتوقف عندها فهي حياتي وأنتِ تعرفين هذا!.

أومأت له وهي تبتسم ثم قالت موجهة الحديث إلى إنجي: نعم أنا أعلم أنه لم يُحب أحداً من قبل مِثل حُبه لكِ، فأنا قد وعدته سابقاً أنه عندما يجد من يُحبها سأخبرها عن قدر حُبه لها وها أنتِ هُنا..
ابتسمت إنجي ببعض الخجل الذي وبخت نفسها علية فهي ليست صغيرة لتلك الحركات!
عاد جود من الداخل بعد أن هدأ إيان قليلاً وقال بتعجب: هُناك شخصاً يجلس بالداخل من هذا؟!

فقال مايكل وهو يبتسم بسعادة: هذا من أجل عقد قران، فقاطعه جود بذهول متوقعاً ما سيقول: هل أنت مسلم؟!
فأومأ بتعجب بسبب ذهوله ل تضحك نور بعدم تصديق قائلة: هل أنت مسلم حقاً؟!
ضحك وقال بتعجب: ماذا هل كنتم تظنون أنني لستُ مسلم؟!، ثم تابع متساءلاً بسخرية: هل هذا فقط لأنني أجنبي يا حمقى؟
أومأت نور وهي تبتسم بسعادة: نعم فأنا لم أرك تُصلي من قبل؟!

فقال بتهكم: حقاً! وهل أنتِ مِن مَن لايتركون فرضاً كي تتحدثي بتلك الثقه!
فقالت وهي تفرك مؤخرة رأسها بخجل: لا ولكن اسمك مايكل؟!
فقال وهو يعقد يديه أمام صدره: وهل أنتِ خديجة لتتحدثي؟!، ضحك جود وهو يحدق بهم فزفرت ثم قالت بضيق: يكفي أنت مسلم وانتهي، مباركاً لك الزفاف شقيقي في الله..

رفع حاجية قائلاً بشك: أنتِ تسخرين أليس كذلك أيتها الثرثارة اللعينة؟! فقط لتعلمي أنني لو لم أكن مسلماً لتمنيت أن أكون من أجل الزواج بها، ابتسمت ابتسامة حزينة وهي تحدق به فما أجمل هذا الحب ف بالرغم من كل تلك السنوات ظل على ولائه لها مدركاً تمام الإدراك أنه سيراها يوماً ما وحتى إن لم يراها! فهو يعلم أن أخرى لن تعوضه عنها فظل حبه لها يزداد يوماً بعد يوم رغم علمه أنها متزوجة! رغم علمه أنه من المستحيل أن يراها مجدداً لكنه لم يعبأ بهذا بل ظل يُحبها وكُلما سأله أحدهم عن حياته يخبرهم بكل فخر أنه يُحب وينتظرها هي رغم كل تلك المسافات! لكنه آمن وحدث وما أجمل تحقيق تلك الأحلام الوردية التي يظن صاحبها أنها لن تتحقق يوماً..

ضرب نائل الحائط بقبضته بغضب وهو يلعن مايكل اللعين ألم يخبره من قبل أن لايلمسها! فهو تمادي وكثيراً حتى ذلك الزواج الذي لا يرضى به! فهي والدته وحده لما يشاركه بها وخاصتاً هو لما؟ ألا يكفي تلك السنوات التي كانت بعيدة عنه بها ليأتي هو ويأخذها بتلك السهولة دون أن يتشاجر معه مشاجرة واحدة فقط حتى! فهذا ليس عدلاً؟!
تنهد فراس بحزن وهو يراقبها تتقدم من السيارة بهدوء.

ولا يعلم ماذا يفعل! هل ستسامحه؟! فتلك الفترة التي لم تكن قصيرة بالنسبة لأحدٍ منهما كانت كفيلة بتدميرها وتدمير صحتها وإرهاق عينيها وخسرانها للوزن فهو لايستحق الغفران لِأي سببٍ كان يستحق كل ماسيحدث له..

تنهدت وهي تأخذ الحقيبة من السيارة ثم أغلقتها عائده للداخل مجدداً تسير ببطء غير منتبه لخطواتها تقلب بمحتوى الحقيبة ولا تري ذلك الحجر الذي عرقلها جعلها تسقط ل ترتكز بثقل جسدها على راحة يدها وهي تتأوه، تحرك بلهفة مندفعاً للأمام وهو يراقبها لكن يد نائل التي وضعت على كتفه ودفعته للخلف ليعود مكانة مجدداً جعلته يستفيق ويدرك وضعه فقال نائل بهمس غاضب: إنت مجنون؟! رايح فين؟!

تأوهت بألم وهي ترفع يدها ممسده معصمها بألم ليقع نظرها على خاتم زواجها الذي يزين بنصرها
ل تترقرق الدموع بعينها ولم تستطع السيطرة على نفسها لتبكِ ب منتصف الحديقة بألمٍ وحدها فجرحها لم يلتئم بعد فهي تشعر أن كل ماحدث معها لم يتعدي أسبوعٍ فقط وليس تسعة أشهر؟! ف فكرة أن فراس لم يعد موجوداً لاتستطيع أن تتقبلها ولا تعلم ماذا تفعل لوقف ذلك الألم الذي تشعر به فهي سيحدث لها شيء قبل أن تتقبل ذلك الوضع..

ركض إليها جود بقلق عندما رأها من الداخل..
رفع رأسها بين يديه وسألها بقلق: مالك بتعيطي ليه؟!
تشبثت بملابسه قائله بحرقة وهي تبكِ: جود أنا مش قادرة استحمل، هيحصلي حاجه والله مش قادرة..

عانقها بقوة لِ تبكي على صدره وهي تنتحب بألم ثم قالت بنبرة مختنقة: أنا تعبانة، تعبانة أوي، ساعدني ساعدني، تنهد بألم ولا يعلم ماذا يفعل فإن أخبرها أن فراس حي سيخسرها وإن فراس أخبرها بنفسه أنه حى ستخسرة أيضاً فهو بوضع لايحسد عليه وخاسر من الجهتين!

نظر خلفه ل يبتسم هازاً رأسه بسخرية لقد هرب كما توقع، تأنيب ضميره يجعله يهرب فكم هو مؤلم رؤية من تحب يتعذب بتلك الطريقة بسببك ولا تستطيع أن تساعده بشيء؟! رغم أن الخلاص بيدك لكنك لا تستطيع التحرك ساكناً إنه شعور العجز وما أسوءه شعور فأكثر ما أصبح يبغضه عجزه عن فعل أي شيء فهو أصبح أسوء مخاوفه بسبب ماحدث معه وعجزه كل مرة عن الخلاص بدون خسائر لكنه يخسر كل مرة أكثر من التي قبلها ولا يعلم متى سينتهي! يتمنى لو يكون كل هذا كابوساً سيئاً ويستيقظ لكن كل ما يشعر به أنه سيموت وهو يعافر بداخل ذلك الكابوس كي يستيقظ ولن يستيقظ أبداً!

هدأت قليلاً وابتعدت عنه متسائلة وهي تمحي دموعها: فين إيان؟!
فقال بهدوء وهو يربت على وجنتها: نام، أومأت وهي تلملم الأغراض التي سقطت من الحقيبة بنظرات مشوشة بسبب الدموع..
وقفت بترنح ليقم بسندها وهو يسألها بقلق: انتِ كويسة؟!، أومأت بهدوء ثم عادت للسير للداخل مجدداً..

عادت البسمة تشق طريقها لِوجهها مجدداً عندما وجدته يجلس على قدم نور مريحاً رأسه على صدرها يحدق بكل واحداً منهم على حدى لوقتٍ طويل بصمت فهو لا يفعل هذا سوى عندما يستيقظ من غفوته يظل صافناً حتى يفيق كلياً..
ابتسمت وهي تعطي الحليب إلى نور كي تطعمة فهو إن لم يكن جائعاً لظل نائماً حتى شروق الشمس مثل كل يوم ثم يستيقظ و يوقظها معه..

بدأ عقد القران وكان الجميع يشاهدهم بابتسامة تمنوا بداخلهم لو تدوم طويلاً فالحزن والبؤس هو ما سيطر على حياتهم في الفترة الأخيرة..
أخرج ألين من شرودها سماع صوت بكائه فتوجهت إلى نور وأخذته من يدها كي يصمت لكنه ظل يبكِ باختناق وهو يتململ من يدها ويدها تؤلمها فكاد يسقط
أكثر من مرة فصرخت به بغضب: في إيه؟!.

صمت ونظر لها قليلاً ثم إنفجر باكياً ف ضمته لصدرها بقوة وهي تكاد تبكي معه قائلة بحزن: في إيه يا حبيبي بتعيط لية بس؟!
فاقترح جود وهو يراقب حالته: ممكن يكون اتخنق من المكان خديه شويه في الهوا بره يمكن يسكت..
أومأت له وأخذته للخارج ل يلفح الهواء البارد وجهها.

أخذت شهيقاً طويلاً وكأنها تستمد الطاقة منه ثم أخرجته وهي تربت على ظهره عندما توقف عن البكاء. رفع رأسه ونظر لها ب زرقاوتيه الدامعة ورموش مبللة أثر البكاء فقامت بمحيها بحزن وعانقته وقالت متأسفه: انا اسفه مش هزعلك تاني، متزعلش مني..

تحرك بيدها يريد النزول فانحنت ووضعته على الأرض ل تجده يحبوا بسرعة وأنطلاق وكأنه كان محتجزاً! ابتسمت وهي تراقبه ثم مدت يدها ل عقده شعرها الذي طال كثيراً ل ينسدل متخطي ظهرها بنعومة فالعقده تجعله مشدوداً ويؤلمها..

شهقت بسعادة وهي تجده يحاول الوقت فهرولت له وأمسكت يده تساعده على الوقوف باعتدال فوقف وهو يضحك بسعادة فتركت يده ببطء وهي تراقبه بتوجس ل يقف قليلاً بعدم إتزان ثم سقط على مؤخرته فصرخ بحماس وهو يضحك فأعادت مسك يده وجعلته يقف أمامها مجدداً ل تدمع عيناها بسعادة وهي تراه يقف ويضحك بسعادة فعانقه بقوة وهي تقبله بحنان: حبيب ماما كبر وبقي يقف يا حياتي إنت، بحبك، بحبك.

جاءها جود كي يطمئن عليها: بتعيطي تاني ولا ايه؟!
ابتسمت بسعادة وقالت بحماس لم يراه بعنيها منذ وقتٍ طويل: جود إيان بيقف..
ابتسم بسعادة ثم قال كي يغيظها: ايه يعني بيقف ما هو بيقعد عادي، ضربته بغيظ ثم أمسكت بيد صغيرها قائله بحنان: يلا نقف ووري خالو، ضحك وهو يعيد الكَرة مجدداً تحت نظرات جود الحنونه الذي هجم عليه وظل يقبله حتى جعله يختنق ويبكِ وسقط جالساً أرضاٌ ولم يكمل..

نظرت له ألين بشراسة بسبب تدميره ل تلك اللحظات الاهم والأجمل بالنسبة لأي أم وكم تمنت أن تلكمة الآن فقال لها وهو يضحك: انتِ بتبصيلي كده عشانه؟ أنا أعرفك قبل ماتشوفي وش أمه؟!
ضربته بغيظ لتزداد ضحكاته ثم عانقها بحنان تحت نظرات فراس المتحسرة الذي عاد بعد أن هدأ من رؤيته ل بكائها ل يتفاقم ذنبه وندمة وهو يراقبهم..

من المفترض أن يكون معها بتلك اللحظات يمسك بيدها هي وطفله في خطواته الأولي! لما انقلب عليه كل شيء بتلك الطريقة لما؟!
انحنى نائل جالساً بجانبه وقال وهو يربت على كتفه بحزن مراقباً حالته التي لا تسر: لازم ترجع مراقبتك ليهم من بعيد مش هتفيدك ولا ها تفيدهم! لازم ترجع بنفسك..
قال وهو يربت على ظهرها عندما شعر بالهدوء: أومال إيان فين؟!، شهقت وهي تبتعد عنه ونظرت حولها تبحث عنه بأرجاء الحديقة بخوف..

ركض جود اتجاهه سريعاً عندما رآه يحبوا إتجاه فراس فكيف رآهم ذلك الجرو؟!
تنهد وكاد يتحدث لكنه شعر بشيء ناعم يلامس فخذه فنظر بجانبه ل تتوسع عينه بعدم تصديق وهو يرى إيان ينظر له ويبتسم مسنداً يده الصغيرة على فخذيه فلم ينتظر كثيراً حتى يتسائل! بل حمله وعانقه بلهفه وهو يستنشق رائحته بانتشاء فوجد يد تنتزعه منه بعنف جعلته يبكِ وقال بحده: انتوا بتعملوا ايه هنا؟!

وانت الثاني ظاهر نفسك ليه يلا امشوا قبل ما حد يشوفكم!
لكن فراس تجاهل كل هذا وقال بغضب: انت بتشده كده ليه؟ براحه عليه؟!.
فقال بتهكم: يا حنين خايف عليه أوي؟!، ثم زفر بضيق وتابع: فراس متخلنيش أقول حاجات هتزعلك وامشي من هنا لو سمحت!
فكاد يرد بغضب لكن نائل تحدث بحده: انتوا جايين تتخانقوا هنا ودلوقتي؟!
زفر جود ثم قال بسخط وهو يصمت إيان الذي يبكِ بخفوت رقيق لا يخرج سوى أمام فراس: بس يادلوع إنت كمان..

=: جود، جود، هذا ما أردفت به ألين بخوف وهي تركض إتجاهه ل تتوسع عينه والتفت ناظراً لها بتوتر ثم عاد بنظره للخلف مجدداً فوجده فارغ زفر براحة وقبل أن يتحدث أخذت إيان من يده وضمته بخوف وتساءلت بقلق: كان فين و بيعيط ليه؟!
فقال بهدوء على وشك الضحك: كان في كلبين هنا وأكيد خاف منهم..
فتساءلت بريبة: وانت كنت بتكلم مين؟!
أشر على نفسه وقال بهدوء: كنت بهش الكلبين..

أومأت له وهي تضمه بقوه قائله: طيب أنا هدخل عشان الجو بقي برد اوي عليه..
أومأ لها ثم قال وهو يأشر على ملابس إيان: متلبسهوش ابيض تاني عشان بقي أسود!.

تنهدت للمرة الألف في الخمس دقائق هذه وهي تسحبه من قدمه ليسقط على الفراش ضاحكاً ثم قام وحبي مجدداً ل تسحبه ويسقط ضاحكاً فتنهدت وهي تضع يدها بخصرها محدقة به بتفكير فهو لن يتركها تبدل ثيابه بسلام فهي متسخة وهو يريد أن يكمل اللعب أخرجها من شرودها به رؤيته يبدل وضعيته جالساً وهو ينظر لها مقوساً شفتيه بطفولية حزيناً بسبب توقفها عن اللعب، تبسمت بحنان ل تلك النظرات البريئة التي تلقي بها إلى الهاوية وعادت للتقدم منه مجدداً فضحك وهو يعود للحبو ف سحبت قدمه ليسقط على الفراش الناعم ويهتز به ل تزداد ضحكاته..

سحبته مجدداً وهي تضحك على ضحكاته ثم خلعت الجوارب الصغيرة عن قدمه و قبلتها بنعومة وبدأت بخلع بقية ملابسه فتململ بضيق وتحرك يريد النهوض.

فوضعت سبابتها على شفتيه وهي تميل عليه مغرقتاً إياه ب خصلاتها وهي ترفع حاجبها بتهديد: هشش، هتغير يعنى هتغير، رمش وهو ينظر لها ورفع يده ممسكاً قليلاً من خصلاتها ف حاولت أن تبتعد لكن قبضته الصغيرة على شعرها تؤلم حقاً قضمت شفتيها وهي تنظر له قائلة بوعيد: إنت ملكش غير جود فعلاً ماشي، رفعت يدها في محاولة يائسة ل جعله يتركها لكنه ظل متشبثاً بها ف قامت بدفن وجهها بمعدته وحركته ف شعر بالدغدغة وظل يضحك حتى ترك شعرها فابتعدت وقامت بلملمته ورفعته للأعلى وعادت له من جديد وهي تضحك بشراسة وشر: تعلالي بقي مش هسيبك النهارده..

توقف بالسيارة امام المنزل..
ترجل منها بهدوء أخداً الحقائب من صندوق السيارة ودلف للداخل ل تلحق به بهدوء حاملة مالك بيدها
ل تستمع لِصرخات حماسية تزامناً مع ركضها لهم بسعادة: ريم ريم، ريم، ريم، ابتسمت ريم وانحنت قليلاً ل تعانقها بقوة وحنان: مليكة، حبيبتي، عاملة ايه؟!
ابتسمت مليكة قائلة بحماس وسعادة: الحمد الله، الحمد لله، ده مالك صح؟!

أومأت لها ريم وهي تضعه بين يدها برفق وتحركت لتصعد معها للأعلى وهي تساعدها بحمله كي لايسقط تحت نظرات يحيى الحنونه المبتسمة..
كاد يصعد ل غرفته لكنه سمع جرس المنزل فتوجه إليه وهو يفكر من من الممكن أن يكون؟
قال بتعجب عندما رأي المحامي يقف بالخارج: إنت؟!

ابتسم وأومأ له بهدوء وقال قبل أن يلج: في وصية لازم انفذها، اتفضل يا شيخنا، وولج للداخل تحت نظرات يحيى المستنكرة ف صفع الباب خلفهم بقوة ثم جلس بغرفة الجلوس باقتضاب فعادت ريم بذلك الوقت وابتسمت قبل ان تتقدم وتصافح المحامي: إزي حضرتك؟!
ابتسم قائلاً بهدوء: الحمد الله، مش جه الوقت بقي عشان ننفذ الوصية ولا ايه؟!
هزت رأسها موافقة: أنا معنديش مانع خالص.

فقال يحيى باعتراض: أنا عندي مانع ومش موافق و مفيش جواز بيتم بالغصب ولا ايه؟ وبعدين انت عرفت منين انها رجعت؟!
ف ببر المحامي بهدوء: اتصلت بيك مردتش قومت اتصلت بالبيت اختك ردت وقالتلي انك روحت تجيب ريم النهاردة ف جبته وجيت!
فقال يحيى بامتعاض: طيب ممكن تمشي زي ما جيت؟!

كاد يعترض لكن ريم جلست بجانبه وتحدثت بهدوء: هو مش موافق مفيش داعي انك تضغط عليه وعشان كده عايزاك تدورلي على زوج مناسب وأنا جاهزه عشان مش هخلي مالك يتربي وهو حاسس ب أي نقص، زفر يحيى ممرراً يده على وجهه بنفاذ صبر وقال بغضب: ريم! متخلنيش أفقد أعصابي عليكي دلوقتي وقولي كلام معقول؟!
فقالت بكل برود: هو في إيه في كلامي مش معقول! هو حرام أتجوز تاني! وخصوصاً إن دي وصية ورغبة مالك؟!

فقال بتهكم: وصية مالك إنك تتجوزيني أنا مش حد تاني؟!
فقالت بهدوء وهي تعقد يدها أمام صدرها: وانت مش موافق! اتحايل عليك يعني وإنت مش عايزنى؟ رمقها بنظرةٍ لم تفهمها ولكنها لم تكن سوى تعبيراً عن سخطه لها بسبب قولها هذا؟ هل هو الذي لا يريدها وينفر منها؟! هل تصدق ما تتفوه به حقاً؟!

زفر باستسلام ل تبتسم ظناً أنه وافق لكنه جعل الدماء تجف بعروقها بسبب حديثة: طيب تمام، اتجوزي براحتك بس خليكي عارفه اني هاخد مالك عشان مش هسيب ابن اخويا يتربى مع راجل غريب؟!
هزت رأسها بنفي وقالت بنبرة خرجت مرتجفة: مس، مستحيل، مستحيل، ده ابني انا والحضانة من حقي!
فقال بتهكم وحقاً أدخل الرعب إلى قلبها خوفاً منه: ده لما تكوني فاضيه ولوحدك مش متجوزه والقرار ليكي براحتك، ترقرقت الدموع بعينيها وصعدت للأعلى.

ل يتنهد بحزن فلقد رأي الدموع بعينها وهو أسف لكن ليس هناك طريقة غير هذه لِ جعلها تتوقف عن التفوه بالحماقات..
وقف وقال ببرود موجها حديثه إلى المحامي: أظن انك مش محتاج أني اقولك طريق الباب منين، وتركه وصعد للأعلى فزفر المحامي بضيق ووقف أخذاً الشيخ معه وذهب لكنه سيعود فهو مُصراً على تزويجهم وتنفيذ تلك الوصية مثلما هو مُصراً تماماً على عدم الزواج بها..

كان يغتسل في الداخل بينما هي كانت تجلس أمام المرآة تجفف شعرها بشرود تفكر بحديثة معها ل تشعر فجأة بالاختناق من تلك الأجواء فتوجهت إلى الخزانة وبدلت ثيابها سريعاً ثم قالت بصوت مرتفع نسبياً وهي تطرق باب دورة المياه بخفة: نادر، نادر، في حاجه مهمه هروح أشتريها بسرعة وهاجي بسرعة مش هتأخر..

فقال من الداخل: استني هاجي معاكي خمسة بس مش هتأخر، لكنها تركته وذهبت وكأنها لم تسمعه فهي بحاجة لأن تبقي وحدها قليلاً..

=: متخافش مش هيحصلك حاجه بس اوعى تتحرك من مكانك اتفقنا؟!، أومأ له ذلك الصغير ثم قال بحزن: أنا عايز ماما ترجع زي الأول، فعانقه شريف بقوة مربتاً على ظهره بحنان: هترجع صدقنى هترجع، إبتعد عنه عندما سمع رنين هاتفه فالتقطة سريعاً: الو، شادي! انتوا فين دلوقتي؟! تمام تمام هنزله مع السلامة، أغلق الهاتف ثم نظر إلى شريف الصغير وقال له بتشجيع: يلا ياحبيبي إنزل واعمل زي ماقولتلك وخلي بالك من الطريق إحنا كبرنا خلاص، أومأ له وهو يبتسم ثم أخذ الكُره وترك السيارة...

كانت تسير بجانبه بهدوء صامته لا تتحدث تحدق أمامها بنقطة معينة ف حاوط كتفها وقال بحزن: حتى وانتِ جيه تشوفي الملجأ بعد ما اتجدد زعلانه برضة؟!
ابتسمت بتكلف وقالت بخفوت: أنا مبسوطة أهو مش باين عليا ولا اي، توسعت عينيها بذعر وهي تري شريف يركض بمنتصف الطريق خلف الكرة والسيارة تقترب منه أكثر وتكاد تضرب جسده فصرخت بخوف واضعه يديها على عينها كي لا ترى ما سيحدث لكنها لم تستمع لشيء!.

تنهدت براحة وهي تضمه بقوة ومازال قلبها ينبض بعنف فهو كاد أن يموت الآن لو لا تدخلها وسحبها له من أمام السيارة؟!
ضرب شريف مقود السيارة بغضب وانطلق مجدداً سريعاً كي لا يراه أحداً فلقد تم إفساد خطته..
فصلت العناق وكوبت وجهه بين يديها بقلق قائلة بلهفة: إنت كويس يا حبيبي كويس؟!

أومأ لها وهو يبتلع ريقه بخوف فسألته وهي تنظر حولها: فين مامتك او بباك يا حبيبي؟، كاد يتحدث لكن روان جاءت ركضاً وأخذته من يدها بأحضانها بقوة وهي تبكِ: حبيبي إنت كويس؟ كويس؟!
أومأ وهو يحاوط عنقها بقوة قائلاً بخوف على وشك البكاء: ماتسبنيش تاني، أومأت مع تساقط عبراتها بألم وقالت بتوبيخ: وانت متعملش كده تاني لو الكورة ضاعت أجبلك غيرها لكن متدخلش في وسط العربيات كده تاني ماشي؟!

أومأ وقال بحزن: انتِ مش موجوده عشان أقولك خلاص مبقتيش تحبينى..
هزت رأسها بنفي وقالت بأسف: لا ياحبيبي بحبك والله، بكى وهو يتشبث بها ف قبلته وهي تربت على ظهره بحنان قائلة بندم: انا اسفه يا حبيبي، مش هسيبك تاني والله خلاص مش هسيبك تاني..

ابتعد ومحى دموعة قائلاً بلطافة: يعني خلاص خفيتي وهتفضلى معايا على طول؟!، ابتسمت وهي تراقبهم ماحية تلك الدمعة التي سقطت وعادت للإبتسامة مجدداً أومأت روان وهي تبعثر شعرة ثم قطبت حاجبيها قائلة بتعجب: وانت عرفت منين اني تعبانه؟!
رفع رأسه محدقاً ب شادي رامشاً بلطافة كي ينقذه من هذا فلا يعلم ماذا يقول؟!.
ابتسم شادي وقال بهدوء: ايه يا روان مش هتشكريها ولا ايه؟!

توسعت عينها وهي تتذكر ثم وقفت وعانقها بامتنان: شكراً اوي إنتِ انقذتي حياتي، مش عارفة أشكرك إزاي؟!، تفاجأت من عناقها في بادئ الأمر لكنها ابتسمت و بادلتها العناق فماذا سيكون أغلى عليها من طفلها!
فقالت لارا وهي تبتسم: بتشكرينى على ايه؟ اي حد هيعمل كده اهم حاجه انه كويس خلي بالك منه..
أومأت لها روان بامتنان وأمسكت يدها واقترحت عليها: ممكن تيجي معايا اعزمك على حاجه تشربيها؟!

فأوفقتها لارا وهي تبتسم: بجد شكراً بس انا مستعجلة لازم أمشي..
فقالت روان بحزن وهي تأشر على الملجأ: ده هنا قريب مش هتتأخري؟!
فتساءلت لارا وهي تحدق بينها وبينه الملجأ بعدم فهم: إنتِ قاعدة في الملجأ؟!
أومأت وهي تبتسم: حاجه زي كده أنا مديرة الملجأ ده وسعات بقعد فيه برضة لما بزهق من البيت وهتنوريني لو دخلتي معايا..

فربتت لارا على يدها قائلة باعتذار: اسفه مش هقدر النهاردة بس وعد هجيلك تاني انا خلاص عرفت المكان قريب من بيتي برضه..
فقالت روان بابتسامه وهي تصافحها: هستناكي، هزت رأسها موافقة ثم بعثرت شعر شريف وهي تبتسم: مع السلامة، لوح لها وهو يبتسم حتى اختفت عن وقع انظاره، ل تفاجأه روان وهي تحمله بين يديها مقبلتاً إياه بحنان وهي تضمه لقلبها أكثر متجه به ل داخل الملجأ: وحشتني اوي اوي..

ابتسم شادي وهو يضغط على رقم شريف: الو، ايوه الخطة نجحت وكل حاجه تمام..
فقال شريف باستفهام: كل حاجه تمام من ناحية مين؟!
فسأله بعدم فهم: يعني ايه؟!
فقال شريف بتنهيده متعبه: يعني لو روحتلها دلوقتي هتترمي ف حضني وهتقولي وحشتني؟!
هز شادي كتفيه وكأنه يراه وقال بهدوء: تعالي وجرب مش هتخسر حاجه!

تقدم من الباب بضجر وهو يعبث بهاتفه محاولاً مهاتفتها وضع الهاتف على أذنه تزامناً مع تحريك المقبض كى يرى من فوجدها تقف أمامه وعلامات الأسف بادية عليها نظر لها ببرود وتجاهلها عائداً للداخل بعد ان القي الهاتف بعدم اهتمام فركضت خلفه وقفزت على ظهره محاوطه خصره بقدميها مطوقة عنقه بيدها الناعمة وهي تقبل وجنته بأسف: أنا اسفه متزعلش مش هيسبك وأخرج تاني..

هز رأسه برفض محاولاً إبعادها عنه بغضب لكنها ازدادت تشبثاً به أكثر قائلة بحزن: عشان خاطري متزعلش بقى، كنت مخنوقه شوية وعايزة ابقى لوحدي..
حرك رأسه ناظراً لها بجانب عنيه ف قوست شفتيها مقبلة جانب شفتية القريب من وجهها برقة قائلة بنعومة: نادر بقى، طيب مش عايز تعرف حصل معايا إيه؟
هز رأسه برفض فضحكت وهي تقبل وجنته بحنان: سماح المرادي مش هعمل كده تاني، أبداً، أبداً.

رفع حاجبيه مفكراً بتردد تحت نظراتها المترجية له ثم هز رأسه برفض قائلاً بحزم: لأ، لأ، دفنت رأسها بعنقه قائلة بدلال وهي تقبلها بحرارة: وحياتي عندك!.
تنهد وهو يحاوط قدميها المتشبثة بخصره بيديه قائلاً بحب وهو يصعد بها للأعلى: انتِ متعرفيش حياتك عندي تساوي أد ايه؟!
ابتسمت بنعومة وهي تستكين برأسها على كتفية هامسة بجانب أذنه بنعومة: عارفة عشان كده بحبك..

كان مستلقي على فراشه بصدره الصلب العاري عدي من تلك القلادة التي لا يخلعها من رقبته أبداً واضعاً إحدى يديه أسفل رأسه والأخرى كان يرفعها في الهواء منتظراً الكرة التي ستُرد له بعد أن ألقاها على الحائط ل يسمك بها ثم قام ب إلقائها مجدداً بشرود فسمع صوت إرتطام شيء ب المياه بقوة فنظر تجاه النافذة بتشوش لترتطم الكرة ب جبهته جعلته ينتفض من على الفراش متأوهاً بألم وهو يسُبها سُباب لاذع يعلم أنها هي..

ترك الفراش ممسداً جبهته بألم وإتجه إلى النافذة
ل يتكئ عليها بظهره يراقبها وهي تسبح أخذه حمام السباحة ذهاباً وإياباً تعوم بحيوية وسعادة يبدو أنها تُحب المياه ل تلك الدرجة؟

خلعت القميص الذي كانت ترتديه ووضعته على حافه المسبح وتابعت عومها بهيئتها الشبه عارية المغرية غافلة عن أعينه التي تراقبها بثقب ل تثبت له أنها أنثي متكاملة حقاً وليست أي أثني بل جميلة فاتنة تستطيع أن تهزمه بكل سهولة أن تجعله يخضع لها برضي وسعادة تامة وليست رجلاً كما أخبر على!.

توقفت عن العوم واستلقت على المياه مغمضه عينها باستمتاع ل يتحرك تجاه الكومود الخاص به سريعاٌ وأخرج منه ورقه وقلم وعاد إلى النافذة من جديد ليبدأ برسمها مدققاً بكل تفصيلة وإنش بجسدها بدءاً من حمالة صدرها الورديه حتى أظافر قدمها المطلية باللون الأسود الذي لم تغيره منذ أن كان يختطفها..
ف بالرغم من كونه لم يدرس الهندسة مثل فراس لكنه ماهر ب الرسم فهذه الموهبة يملكها جميع افراد ألأسرة..

اعتدلت بعد بعض الوقت ثم ارتدت قميصها مجدداً وخرجت من المسبح تسير بتباطؤ بسبب تقطر المياه من جسدها لا تريد لأحدٍ أن يراها هكذا وهي لم تأتي بملابس! فلا تعلم ماذا سوف تفعل الان؟!
توقفت بالرواق محدقة بكل تلك الغرف ولا تعلم أين تدخل لكن تحرك مقبض إحدى الغرف جعلها تدخل الغرفه التي مقابلها بتلقائية واغلقتها برفق سريعاً كي لا يراها أياً منهم أو يستمع لصوت الباب..

نظرت إلى الفراش الفارغ أمامها ل تُبصرعيناها الإطار الذي على الكومود المحاذي للفراش بداخله صورة فراس فاقتربت منه ومدت يدها ملتقطة الإطار وهي تبتسم مُمَرره أناملها على وجهه بحنان ل يجفلها صفع الباب بقوة فشهقت وهي تضم الإطار ل صدرها بقوه ملتفته خلفها بهلع: في، ايه؟!
عقد يديه أمام صدره الذي تركه عاريا وتحدث باقتضاب: بتعملي ايه هنا؟!

قالت بتوتر وهي تلقي الإطار من يدها على الفراش: كنت بدور على هدوم عشان مش لاقيه..
فقال بتهكم: بتدوري على هدوم ف أوضه فراس؟!
فقالت بضيق متحاشية النظر له: على اساس ان عندكم أوضه للبنات يعني؟! وبعدين انا معرفش انها بتاعته دخلت كده وخلاص..
نظر لها بشك وقال وهو يتقدم منها كالفهد متفرساً جسدها بنظراته: كنتِ ماسكه صورته ليه؟!

عادت للخلف بتوتر وهي تضم قميصها بقبضتها بقوة على صدرها من الأمام قائلة بتلعثم عندما ارتطم جسدها بالحائط: كُن، كُن، كُنت، فاكراه انت بس..
ف حاصرها بالحائط واضعاً يده بجانب رأسها وأمال رأسه عليها ل تنكمش على نفسها أكثر قائلة بارتباك: لو سمحت ابعد والبس حاجه بدل منتا سلبوت كده؟!
إرتفعت زاوية شفتاه بابتسامة ما كره واقترب أكثر وقال بهمس أمام شفتيها: بتقولي ايه؟!

فأعادت علية وهي تنظر له ك جروٍ مبلل متحدثة ب شفاه ترتجف ونبرة مهتزة: ب، ب، بقول، ابعد، و، و، البس حاجه، اقترب منها أكثر حتى أصبح صدره ملتصقاً ب جسدها وأنفاسه الدافئه تضرب وجهها جعلت قلبها يخفق باضطراب فمد يده وأمسك يدها مشابكاً أناملهم معاً ورأسه تقترب منها أكثر فأكثر حتى توقف أمام شفتيها التي أثارتة أكثر بسبب ارتجافها محدقاً بها ب تهدج فقامت بقضمها ويدها تقبض على يده بقوة لتهدم حصونة وبادر بتقبيلها وقبل أن يفعل سمع صوت صراخ بإسمة: فاااااارس، جفل وابتعد عنها بينما هي شهقت وهي تنظر لها بخجل فتقدمت هاله منهم وأمسكت يدها بقوه وسحبتها معها وهي ترمق فارس بحده: حسابك معايا بعدين..

قالت مها بتبرير وهي تفرك يدها بتوتر بعد صمت دام لفترة طويلة: أنا، أنا، والله كنت بدور على هدوم بس..
ل تباغتها هاله بذلك السؤال: انتِ بتحبي فارس؟!
توسعت عينيها وهزت رأسها بنفي وهي تلوح بيدها: لا، لا، بحبه ايه؟ دي صدفه مش اكتر اللي حصل ده مش هيتتكرر تانى انا اسفه، اسفه..
صباح يوماً جديد..

انتهت من تلبيسة وهي تزفر ب راحة ناظرة له برضى تام بسبب حشوها له بالملابس الثقيلة ثم حملته برفق تحت همهماتة الطفولية ثم علقت الحقيبة على كتفها وسارت بخفه كي لا يراها أحداً ويسألها إلى أين ستذهب مبكراً هكذا..
استقلت السيارة بهدوء واخبرت السائق عن وجهتها
ل يتوقف متعجباً قليلاً! ألن تذهب إلى المقبرة اليوم؟!
بدأ القيادة بصمت فلا يحق له التدخل والحديث فيما لا يعنيه فهذا ليس مسموحاً به هُنا..

كانت تحدق من النافذة تراقب الطريق بشرود ويدها أخذت طريقها ل صدر إيان تربت عليه ب حنان حتى اتسعت ابتسامتها وهي ترى شلال المياه متذكرة جميع ذكريات شهر عسلها الذي لم يكتمل ب سلام..
توقف السائق ل تترجل من السيارة بهدوء حاملة إيان من خصره ل يلوح بقدمة في الهواء وهو يضرب يدها التي تُحاوطه ب تسلية..

توقفت أمام المنزل محدقة به بحزن وعينها تتجول على كل مكان حولها بدءاً من الحديقة حتى الطابق العلوي المنسدلة ستائره فلم ترى شيئاً به..
تقدمت أمام البوابة ثم انحنت تبحث عن مفتاح المنزل تحت إحدى المزهريات فهي رأت فراس يضعه قبل أن يذهبوا من هنا..
قطبت حاجبيها عندما لم تجده فأنزلت إيان من يدها
ل يحبوا ويتجول في الحديقة وعادت تبحث عن المفتاح حتى وجدته تحت مزهرية أخرى فهى متأكده أنه لم يضعه هُنا؟!

فكرت قليلاً لكنها شهقت عندما لاحظت اختفاء إيان فنظرت خلفها ل تجده يتجول بالحديقة بسعادة فركضت اتجاهه وحملته من خصره قائلة وهي تقبله بحنان: مش هتبطل شقاوة بقى، ضحك ب سعادة.

ل تتقدم به اتجاه الباب ل يضحك بحماس فهذه ليست المرة الأولي له هُنا أدخلت المفتاح في المقبض وولجت للداخل ل تتغلغل رائحته المنتشرة بكل مكانٍ روحها مهدئه ثوران قلبها ف أطلقت تنهيدة حارة من بين شفتيها تعبرعن راحتها بذلك المكان فهي تعلم انها لن ترتاح سوى عندما تكون بمكانٍ كان به معها ف الذكريات ستظل تطاردها هُنا او هُناك لكن المطارده هُنا أفضل فهي تستشعر وجوده معها هُنا و لن تحتاج لنثرعطرة بكل مكان لتشعر به مثلما تفعل بمنزل والدها..

صعدت ل غرفة النوم مباشرة غير منتبهه لِتلك الفوضى المحدثة بأرجاء المنزل وضعت إيان على الفراش وهي تبتسم ثم خلعت القبعة عن رأسه فلا داعي لها هُنا..
ظلت تتأمله بحنان وهي تمسك يده حتى رأته يضع يده الأخرى بفمه يمتصها فأبعدتها وأخرجت له الحليب من الحقيبة تزامناً مع دخول فراس الغرفة وهو يجفف شعره بالمنشفة..

توسعت عيناه بتفاجئ وكتم صوته الذي كاد يخرج عائداً بخطواته للخلف مختبئاً خلف الباب من الخارج وقلبه يخفق بعنف فهي ماذا تفعل هُنا؟! لقد حذرهم جود لكنهم لم يسمعوا..

قطبت ألين حاجبيها وهي تستمع ل حركة خلفها فالتفتت لكنها لم تجد شيء فوقفت وأخذت تتقدم للأمام بِشك حتى توقفت أمام الباب من الداخل ومدت قدمها ل تخرج لكن بكاء إيان جعلها تعود أدراجها مجدداً وبدأت تطعمة بشرود غير منتبه له جيداً فسعل باختناق شهقت بخوف وهي ترفعه بيدها مربته على ظهره برفق حتى هدأ فعانقته بأسف وهي تعتذر له عن غفلتها عنه..

أما بالخارج فكاد فراس يبكِ وهو يرى نائل يصعد الدرج مصدراً اصواتاً مزعجة كالأطفال صافعاً الدرابزون بيده فلوح له فراس بفقدان أمل من أن ينتبه لكنه انتبه له وابتسم وكاد يصرخ بإسمة لكنه أشار له بيده على الغرفه بتحذير كي يصمت فقطب حاجبيه بعدم فهم فمرر فراس يده على وجهه بنفاذ صبر و مقلتيه قاربت على أن تقتلع من محجريهما وهو يحاول أن يفهمه فزفر نائل وسار ببطء ثم توقف أمام الغرفة ونظر بداخلها فتوسعت عيناه بصدمة وانضم إلى فراس مختبئاً معه وقال بهمس يسأله: بتعمل ايه هنا؟!

فقال فراس بحزن: مش عارف، ثم سأله بتوجس: المطبخ! المطبخ في حاجة مريبة؟!
فأومأ له وهو يتذكر: اه، المواعين سيبهالك عشان تغسلها!
فقال فراس بحده وصوت منخفض: نعم! من امتى وانا بغسل مواعين هتستعبط؟!

عطس برقة فابتسمت ألين ثم قوست شفتيها متحسسه جبهته كي تري حرارته فوجدتها معتدله وهذا أراحها حملته برفق متوجهه به للأسفل فوضعته بغرفه الجلوس وهي تحدق حولها باستنكار هم لم يتركوا المنزل متعفن بتلك الطريقة؟! نظرت إلى وسائد الأريكة بريبة بسبب عدم ترتيبهم وتلك الأوراق المنتشرة على الطاولة وسقوطها على الأرض بدون سبب فانحنت تلملمها غير منتبه إلى فراس ونائل المتسللون من خلفها دون أن تنتبه لهم لكن إيان إنتبه لهم وبدأ يحبوا خلفهم للخارج وهو يبتسم..

تعلقت يدها في الهواء متوقفه عن لملمة الأوراق عندما أبصرت عيناها تلك الرسمة لوجهها وهي تبكِ مبرزاً كل تفاصيل ملامحها الحزينة بدقة وخاصتاً لون عينيها الأزرق الداكن مع إلتماعها بالدموع وحزنها العميق الذي ستلاحظه ان نظرت لها مطولاً وكأنه كان معها ويراها! أمسكتها بأنامل مرتجفة وأغرورت عيناها بالدموع وهي تقرأ ماكتب على الورقة من الخلف بحروفٍ مبعثرة
أنا لا أستحقها وكفي.

انسابت عبراتها على وجنتها وهي تنظر حولها قائلة بلوعة: فرااس، لكنها لم تكمل بكائها بل ابتلعت غصتها عندما أبصرت عينيها سوار إيان ساقطاً بين وسادتين فأمسكته غير قادرة على وقف دموعها نظرت بجانبها تبحث عنه لكنها لم تجده فألقت ما بيدها وركضت للخارج تبحث عنه بخوف..
زفر من خلف الحائط وهتف بإسمة: نائل، نائل!

نظر بجانبه فلم يجده فبحث عنه بعينه لكنه اختفى عن وقع أنظارة ف تنهد بضيق ولم يكمل تلك التنهيدة عندما رأى إيان يجلس ب منتصف الحديقة ويقتلع العشب بيده الصغيرة ابتسم بحنان وهو يراقبه ل تختفي تلك الإبتسامة ويحل محلها الفزع وهو يرى حية تقترب منه ل تزداد ضحكات إيان وهو يراها تتلوى بجسدها زاحفه في الطريق إليه فقام بالحبو كي يقترب هو منها أكثر فصرخ فراس بإسمة بهلع: إياااااان، وركض له وحملة من خصره بلهفة وخوف محدقاً بابتعاد الحية..

ل تتحجر ألين مكانها غير قادرة على الحراك كمن سكب على رأسه دلواً من الماء البارد وهي تراه يوليها ظهره متفحصاً إيان بقلق فمن المستحيل أن تخطأ نبرة صوته! وإن أخطأت صوته فلا تستطيع أن تخطأ عينها التي تعرفه أكثر من نفسه! وإن أخطأت عينها فضربات قلبها التي تكاد تهشم قفصها الصدري لا تخطأ أبداً لا تخطئ..

ل تبدأ بربط الأحداث ببعضها ولا تريد التصديق أنه فعل بها كل هذا؟ لقد تركها كل ذلك الوقت تعاني وحدها بكل سهولة ولم يكلف نفسه عناء أن يطمئنها عليه حتى؟! تركها في أكثر وقت كانت تحتاجه بجانبها ولم يسأل عنها! تركها بأكثر أيامها بؤساً وضعفاً تُعاني وحدها معبراً عن ندمه على الأوراق أوراق! عوضاً عن إتيانه لها وطلبه للصفح حتى ترضي عنه مجدداً!.

هربت شهقتها وهي تضع يدها على قلبها الذي فاض به من كثرة الألم ألا تستطيع أن تموت وترتاح؟!
توقف عن الحركة عندما سمع شهقتها تأتي من خلفه
ل يعلم أنه حان وقت المواجهة التي لا يعرف كيف يخوضها وكيف ستنتهي؟!.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة