قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية بإسم الحب للكاتبة هاجر الحبشي الفصل السادس والسبعون

رواية بإسم الحب للكاتبة هاجر الحبشي الفصل السادس والسبعون

رواية بإسم الحب للكاتبة هاجر الحبشي الفصل السادس والسبعون

كانت تسير بخطى بطيئة تنظر حولها بضياع لا تعلم أين هي لكن مع هذا لم تستطع تجاهل تلك الراحة التي تشعر بها! تشعر بالنقاء لا قلق لا توتر لا حزن سلاماً نفسي فقط وكأنها ولدت من جديد! أخذت شهيقاً طويلاً وهي تغمض عينيها براحة...
أطلقت زفيرها وهي تبتسم وعينيها التي عادت تلمع ببريقٍ كما في السابق كانت تتجول على ذلك المكان الأشبه بصندوق لا ملامح له!.

ظنت أنها بصندوق لكن ليس مغلقاً! لا تعلم ما هذا المكان فهو الفراغ بعينه خاوي لا يوجد به شيء ولا حتى ألوان فقط البياض هو ما يسيطر على المكان..
هي كانت بمثابة نقطة بيضاء في ورقة بيضاء فقط شعرها الأسود هو الذي كان مختلفاً وواضح!

فوقها سماء صافية نقية كزرقة عينيها تماماً رفعت رأسها للأعلى تحدق بالسماء بابتسامة رقيقة مستمرة في التقدم للأمام بخطوات بطيئه بدون وجهه لا يوجد أمامها مُفترق طُرق ولا إتجاهات لاشيء...
تابعت سيرها وبرأسها آلافاً من الأفكار عن هذا المكان لكنها توقفت بمنتصف الطريق عندما تذكرت آخر شيء قامت بفعله!.
نظرت إلى منامتها البيضاء بذهول وهي تراها نظيفة لا تشوبها قطرة دم واحدة ولا تعلم السبب؟!

لتهرب شهقة خافتة من بين شفتيها وهي تحق برسغها الأبيض السالم الخالي من أي جروح فقط لا ترى سوى عروقها البارزة مثلما كانت تراهم دائماً..
ضمت يديها لصدرها وهي تنظر حولها بتيه وحزن فهي وحدها!.
تابعت سيرها بإحباط وادمعت عيناها بحزن تشعر بفراغٍ في قلبها! لكنها توقف مرة أخرى وهي تضغط على الأرض بباطن قدمها بقوة لكنها لا تتألم لا يوجد جرح هي بخير تماماً حتى إن عيناها لم تعد تحرقها كما في السابق ماذا حدث؟!

أخرجها من دوامة أفكارها رؤية إيان! يحبو بسرعة خلف شيئاً ما وهو يضحك بسعادة تهللت أساريرها وهي تضحك مع انسياب عبراتها بسعادة ثم هرولت اتجاهه وجثت أمامة وهي تبتسم بحنان..
مدت يدها كي تحمله لكن ابتسامتها ماتت على شفتيها وتوسعت عيناها وهي ترى يدها تمر من خلاله لا تستطيع لمسه هو حتى لا يراها! أعادت المحاولة مجدداً بهستيريا وهي تبكِ بحسرة أنفاسها متسارعة بقوة لا تصدق ما يحدث ما هذا؟!.

أخرجها من ثورانها صوته الخشن العميق الذي لم تسمعه منذ آخر مرة قامت بتوديعه قبل موته بلحظات..

لكن تلك المرة لم يكن صوته وهناً لم يكن يلتقط أنفاسه بصعوبة بل تحدث بكل سلاسة بنبرة مشابهة لنبرته عندما كان في الأربعين من عمره وهو يقف خلفها: وده اللي هيحصل لما تموتي! هتبقي شايفه كل الناس اللي بتحبيهم وهمه مش شايفينك، هتشوفيهم مبسوطين وفرحانين ومش هتبقى عارفة توصل لهم سعادتك بيهم، هيبقوا في محنة ومش هتعرفي تساعديهم، هيوحشوكِ ومش هتعرفي تاخدي حد منهم في حضنك، هو ده اللي انتِ عايزاه؟!

استدارت وهي تنهض بأعين دامعة مُبلله من عبراتها في محاولة للوقوف باتزان دون ترنح عندما أبصرته عيناها! تحولت قدمها إلى هُلام وهي تنظر له بوجه شاحب مُصفر هربت منه الدماء بعينين متسعتين لا تستطيع التماسك والاتزان وهي تحدق بوالدها المتوفي الذي كان يبتسم لها بحنان بوجه بشوش وكأنه عاد صغيراً من جديد لا يوجد هُموم ولا مشاكل تُثقل كاهله ولا حياة مليئة بالتوتر فقط الراحة نفس الراحة مثل التي شعرت بها مُنذ قليل ولا زالت قائمة تشعر بها!

أخذت وقتاً وهي تحدق به جامدة لا تتحرك فمن يراها سوف يظن أنها صنم! لكن لما التعجب الآن؟ هي من اختارت هذا؟!
استوعبت أخيراً ما يحدث حولها لتبعد نظرها عن والدها الذي كان وما زال يحدق بها بحنان..

نظرت بجانبها وهي تحني رأسها محدقة بإيان مستمعة إلى ضحكاته الرنانة التي لا تغادر أذنيها بحسره من كل قلبها هي لن تستطيع لمسه مجدداً لقد أعادت الكرة و تناسته ولم تفكر سوى بنفسها وآلامها التي لا تُحتمل! لكن هذا ليس عذراً ليس عذراً لتقتل نفسها وتتركه وحيداً دوم أم! كيف استطاعت فعلها كيف؟!
كيف ستتحمل رؤيته دون أن تضمه إلى صدرها وتستنشق رائحته كيف ستتحمل؟! وفراس! فراس!

تهاوت ساقطة على ركبتيها بجانب طفلها الذي لا تستطيع لمسه وهي تشهق باكية بحرقة متحسرة على حياته قبل حياتها لايهم ماحدث معها لكن طفلها ماذا سيحدث معه؟!

رفعت عيناها التي لم تتوقف ذرف عبراتها المتحسرة الحارقة حداداً على نفسها إلى والدها الذي كان ولازال يبتسم لسببٍ لا تعلمه فقالت بانهيار ونبرة مختنقة مهتزة تخرج من أعماق روحها وهي تسأله: أن، أنا، أنا، ميته مش كده؟!، زادت شهقاتها وهي تضع رأسها بين راحة يديها تبكِ بعويل أشبه للصراخ بل كانت تصرخ فعلياً متابعة بتقطع: إيان، إيان، مين هيعوضه عني مين؟! فراس مش هيقدر من غيري مش هيقدر؟!

رفعت رأسها إلى والدها من جديد وهي تقضم شفتيها بقهر كاتمة صوت بكائها ليتحول إلى أنين مع قولها بخفوت وأعين زائغة واضعه يدها على قلبها بندم: فراس، فراس، أنا مودعتهوش! مقولتلوش أني سامحته هيتعذب لوحده هيتع، صمتت عندما وجدت والدها يحدق بشيءٍ ما خلفها بابتسامة بثت الرعب بداخلها جعلتها تستدير بتمهل لا تريد رؤية هذا..

لتدوي صوت صرختها المذعورة وهي تهز رأسها بهستيريا محدقة بظهره المُوليه لها بمقلتين تهتزان برفض لتصديق هذا: لأ، لأ، لأ، فراس، فراس..
لأ مماتش، مماتش فرااااس، صرخت بتشنج وهي تفكر بإيان الذي تركوه وحيداً تركوه!.

تحاملت على نفسها وهي تبكِ ووقفت ثم بدأت تسير اتجاهه وهي تشعر بألم قدمها يعود من جديد والاختناق عاد يطبق على صدرها وعروق يدها عادت للنبض بألم و شعورها بروحها تنسحب من جسدها مع كل قطرة دماء عادت تسقط من رسغها من جديد على منامتها التي عادت كما كانت سابقاً ملوثة بالدماء القانية..

توقفت أمامه لاهثة وهي ترمش سريعاً أكثر من مرة بسبب حرقه عينيها، رفعت نظرها له وهي تبكِ متأملة وجهه وملامحه التائهه كما كانت هي منذُ قليل رفعت يدها الممتلئة بالدماء وملامحها تنكمش بألم ووضعها على وجنته ليزداد نحيبها عندما استطاعت لمسه!.
نظر لها بتفاجئ ليدب الرعب بأوصاله عندما رأى ملابسها وهيئتها المُلطخة بالدماء وقبل أن يتحدث إختفى من بين يديها!

شهق بقوة مع فتح عيناه منتفضاً على الفراش فدفعه الطبيب بخفه سطحه مجدداً وهو يتحدث بهدوء: اهدأ انت لستَ بخير..
لكنه انتصب جالساً ونزع قناع الأكسجين والأجهزه الموصلة بجسده بقوة ونهض من على الفراش وهو يتنفس بعنف يريد التحدث لكن الطبيب لم يمنحه فرصة ودفع جسده بخفه على الفراش من جديد فزمجر بغضب وركل أحد الممرضين بقدمه ثم دفع الطبيب بيده بقوة تعجب الطبيب لها من أين أتته؟

ترك الفراش مجدداً ونهض وهو يتمتم بشرود واضعاً يده على قلبه بألم: ألين، ألين مش كويسه ألين..
أوقفوه بمنتصف الغرفة عندما قيده أحدهم من الخلف يريد إرجاعه عنوة إلى الفراش فصرخ بهستيريا وصوت مرتفع أفزع من بالخارج وهو يهتف بإسمها بقوة هزت أركان الغرفة: ألين، ألين، ألين، ألين ألين..

صرخ الطبيب بأحدهم: إجلب مهدأ سريعاً هيا!، ثم صر على أسنانه بغضب محاولاً السيطرة عليه لكن ينتهي الأمر بسقوطهم بالأرض معاً: مابك ثائر هكذا؟ اهدأ ستموت إن ظللت على هذا المنوال؟!
دلف نائل بخوف بين على ملامحه وهو يستمع له من الخارج فجثا أمامهم بخوف عندما رآه رفع رأس فراس بين يديه وسأله بقلق محاولاً تهدئته: فراس، فراس، مالك في ايه؟ اهدي، اهدي!

ترجاه بأعين دامعة وضعف لم يراه به من قبل وهو يلتقط أنفاسه بصعوبة: ألين، ألين، مش كويسة حصلها حاجة، حصلها حاجة عايز أطمن عليها طمني عليها..

أومأ له وقال بصدق: حاضر هتصل بيها هخليها تيجى متخافش هي كويسة، هز رأسه برفض متحدثاً بهستيريا: لأ، لأ، مش هستنى مش هستنى عايز أروح عندها، تنهد نائل وقال بهدوء: طيب انا هروح اجيب الموبايل وكلمها بنفسك، وركض للخارج سريعاً فارتطم جسده بشخصٍ ما كان يركض أوقعه أرضاً ولم يكن سوى جسد نور التي كانت لا ترى بسبب عبراتها..

اوقفها بخوف وهو يشعر بارتجافها بين يديه وبرودة جسدها و شهقاتها الحارقة فسألها بجزع: في ايه؟ مالك؟!
أمسكت يده وهي تتوسله: نائل، ألين بتموت مش عارفة أعمل ايه؟!
توسعت عيناه ونظر لها بقلق فتابعت وهي تشهق: مش عارفة أعمل ايه؟ حالتها خطر قطعت شرايينها و نزفت كتير، هدئها وهو يمسد على كتفيها بحنان: إهدي و تعالي وريني فاني اوضه..

سار معها حتى توقف أمام الغرفة في الممر الآخر لا تبتعد عن هُنا كثيراً، أطل الطبيب عليهم وهو يتحدث بسرعة وقلق: نريد دماء وفصيلة دمها نادرة ولا توجد لدينا هُنا تصرفوا سريعاً..

تحدث محمود باندفاع الذي كان يقف بزاوية وحدة يستعيد هيئتها برأسه مِرارً وتكراراً فهو كان يضمد جراح وجهه بعد أن استيقظ في غرفة الخدم ولم يجد احداً معه فذهب إلى الحديقة ليستمع صوت صراخ نور من الأعلى فلم يفعل سوى الركض للأعلى بقلق لتتجمد الدماء في عروقه عندما رأي هيئتها وهي شبه ميته شعر أنه يخسر للمرة الثانية بكل قسوة صفعته الحياة مجدداً حتى ان لم تكن له يكفي انها بخير ويراها كل يوم!

: أنا فصيلة الدم بتاعتي زيها انا هتبرع..
نظرت له نور شزرا وقالت بحده: انت كذاب؟!
هز رأسه بنفي وقال بنبرة متوسلة لاحظها الجميع وكأنهم سوف يقومون بإنقاذ حياته هو وليس حياتها: لا أنا أتبرعت مرة لفرس وهي قالت انها نفس الفصيلة بس عشان كانت حامل منفعش تتبرع أنا متأكد متأكد..
أومأ له نائل وأخبر الطبيب بكونه سيذهب للتبرع لها ثم سأل نور بعد ذهابه باستفهام وهو يمحي عبراتها بحنان: إنتِ كنتِ بتكلميه كده ليه؟

فقالت وهي تبكِ: عشان بيحبها، انت مشوفتش عمل ايه لما شافها غرقانه في دمها! لازم مشاعره متكبرش اكتر من كده مينفعش هيتعذب على الفاضي؟
عانقها بحنان وهو يربت على ظهرها كي تهدأ لتتشبث بملابسه بقوة وخوف دافنه رأسها بصدره أكثر تطمئن نفسها بحنانه الذي يبثه بداخلها..

بينما على المقاعد المصفوفة أمام الغرف كان وائل جالساً يحدق بالفراغ بملامح جامدة لا تحمل تعبيراً سوى الحزن والألم الذي قام بإخفائه ببراعة فإبنته على وشك أن تفقد حياتها للمرة الثانيه بعد ان وجدها والآخر يحاولون معه الأطباء بيأس حتى يستيقظ...
زمجر بقوة وهو ينزع الحُقنه المعبئة بالمهدئ من يد المُمرض بعنف وقام بغرسها برقبته بغل ووقف تاركاً الغرفة تحت ذهول الطبيب المسجي أرضاً بسبب لكمته له كيف فعل هذا؟!

كان يسير بالممر كالمجنون بقميص المشفى يستند بيده على الحائط بوهن يشعر أن قلبه سيتوقف بأي لحظة يتلفت حوله بهستيريا باحثاً عنها حتى لمح نائل فركض له لكنه لم يذهب إليه سيمنعه بالتأكيد وهذا جعله يركض وفتح الغرفة مباشرة واندفع للداخل وهم خلفه والأطباء الذين أتوا بمساعدين أقوياء كي يحمله خلفهم..

توقف بأول الغرفة وقلبه يكاد يتوقف من الألم متنفساً بلهاث يسير بتثاقل محدقاً بالتخت بعدم تركيز الذي على اليمين فوجد محمود يستلقي عليه وبجانبه طبيب يراقب الدماء التي تخرج من جسده لتستقر بجسدها..
تقدم بخطوات لا تسعفه كثيراً قابضاعلى قلبه بقوة وملامحه باهتة منكمشة بألم..

فهي كما رآها تماماً لقد أقدمت على الإنتحار مجدداً وبالتأكيد هو السبب من سيكون غيره؟! هو فقط الذي يقوم بأذيتها منذ زواجهم هذا ليس جديداً عليه!
تنبهت له الممرضه وقالت له بلغة آمره وضيق: ماذا تفعل هُنا؟ هيا إلى الخارج!
رمقها بحدة وقسوة، بأعين مُدمية جعلتها تبتلع لسانها بخوف وابتعدت عن الفراش ليحل محلها جالساً على طرفه متجاهلاً الطبيب الذي يُحدثة ولا يسمع منه شيئاً..

فكل ما كان مايراه هو وجهها الشاحب وشفتيها المُزرقة كالأموات و معصميها المضمدين الذي وضعهم الطبيب على معدتها ليتبين ظهر يدها المُحقن بالدماء التي تسير عبر شُريانها الآن..
وكل ما كان يسمع صوت ضربات قلبها الضعيفة التي كانت تجاهد كي يستمع لها فهو تركها وحيدة عالقة بذلك الكابوس..

هز جسدها بيده برغبة مُلحه أن تستيقظ وهو يهتف بإسمها بعذاب على وشك البكاء: ألين، فوقي وكلميني ألين! فوقي إنتِ وعدتيني مش هتسبيني يلا اصحي وفوقي، ازعلي و عاقبيني بس متعذبنيش كده؟! متعذبنيش، حرام عليكِ، ووضع رأسه على يدها يبكِ ويشهق كالأطفال تحت نظرات محمود الثقيلة الذي كان على وشك فقدان الوعي من كثرة الدماء التي فقدها لكنه كان واعياً كفاية كي يدرك ما يحدث وكيف يبكِ ويترجاها كي يستيقظ فهذا آخر شيء توقع أن يراه!

شهقت وهي تبكِ محدقة بوالدها بضعف لا تعلم ماذا تفعل ولا تفهم ما يحدث معها لكنه ابتسم وقال لها بهدوء لكن صوته كان له صدى يتردد ينبهها على قوله وهو يسير مبتعداً عنها: حياتك غالية أوي يا ألين غالية لدرجة إنتِ متتخيلهاش! متضيعهاش منك لأي سببٍ كان مهما كُنتِ يائسة عشان بجد هتندمي! الحياة أغلي حاجة في الوجود يا ألين متيأسيش أبداً كل حاجه ليها حل وطول ما فيكِ نفس إعرفي إن لسه في أمل في مشاكل هتيجي وهتروح! فرح هيجي وحزن هيمشي وكل حاجه ليها حل، وتلاشى كل شيء من واختفي من أمامها وهي تعيد كلماته برأسها..

شعر بانتفاضة جسدها بضعف من تحت رأسه مع انسياب عبرة من بين أجفانها المُطبقين بقوة وهذا جعل إصراره يزيد في إيقاظها وكأن عقله توقف عند تلك النقطة فأعاد بتوسل وهو يصفع وجنتها بخفه تحت أنظار نور التي لم تتوقف عن البكاء وهي تراقبه حزناً وشفقه..
تقدم نائل منه مربتاً على كتفه بحنو قائلاً بهدوء: فراس، فراس، مش هينفع كده سيبها لما تفوق؟!

أبعد يده وهز رأسه بنفي وقال بإصرار وصوت مرتفع نسبياً: لأ هي هتفوق هي كويسة وهتفوق، ثم داعب وجنتها بأنامله بحنان وهو يبتسم قائلاً برفق مخالفاً لثورانة منذ قليل وهذا اخاف نائل: صح يا حبيبتي إنتِ كويسة و هتفوقي صح؟!
أبعده نائل قليلاً في محاولة لإبعاده عن الفراش بأكمله: فراس لازم ترتاح وتبقي ارجعلها تانى هتبقى كويسة صدقني لازم انت ترتاح!

لكنه دفعة من صدره بقوة لاحظها وأغضبته فقيد يداه وأبعده عن الفراش تحت مقاومته بقوة وشراسة مع دخول الطبيب الخاص به فهرول له سريعاً عندما لاحظ تقيده وقام بحقن ذلك المهدئ في عروقه لكنه لم يهدأ بل زمجر بخشونة ومازال يقاوم حتى تركه نائل عندما شعر بجسده يتشنج بين يديه فسقط أرضاً وجسده يتنفض مهتزاً بعنف و ذراعيه وساقيه لم يتوقفوا عن الرجيج مع تحريك مقلتيه و جفنيه بقوة للأعلى قالباً عينيه ليتبين فقط صُّلْبه العين (بياض العين)، انحني الطبيب يفحصه سريعاً مع سؤال نائل بقلق: ماذا به بماذا حقنته؟!

رد الطبيب وهو يتفحصه: إنه مهدئ فقط، لكن ما أصابه صرع!
توسعت عينا نائل وهتف بحده: ماذا؟!
صفق الباب بقوة خلفه وهو يسير بالممر المؤدي إلى غرفتهم مُتمتماً بامتعاض وغضب: ألا أستطيع أن أتغزل بعزيزتي إنجي في الهاتف قليلاً دون إزعاج واللعنة؟! يُجب أن يعلموا أن هذا ليس منزلهم كي يتقاتلوا به؟!

=: خذوه إلى الغرفة؟، أمرهم الطبيب بهدوء كي يحملوا فراس لكن نائل أوقفهم بطلبه ببعض الرجاء: هل يُمكنك تركه هُنا بجانبها؟!، بدي الاعتراض على ملامح الطبيب لكنه تابع بتوسل لم يتحدث به مع أحدهم من قبل: يوجد تختان هُنا على أي حال أرجوك هو لن يهدأ عندما يستيقظ مُجدداً ولا يجدها بجانبه سوف يثور!

أومأ الطبيب وهو يتنهد بقلة حيله وأمرهم بوضعه على الفراش وجلب الأجهزة إلى هُنا بعد أن وقف محمود من نفسه دون أن يخبره أحداً بهذا وجلس على المقعد قبل أن يسقط..

صفع الباب بقوة جالباً الأنظار له هاتفاً بحده: ماذا يحدث هُنا الآن أي، وصمت عندما رأى نور تقف تبكِ بأسي محدقة إتجاه الفراش! فقطب حاجبيه بتعجب ونظر هو الآخر بنفس الإتجاه ليتجمد وهو يرى نائل المتوفى يسطح فراس المتوفي أيضاً بالنسبة له على التخت بمساعدة المُمرضين، والتخت الآخرعليه ألين ويبدو أن هناك دماء يتم نقلها إليها من ذلك الرجل الذي رآه معهم مرة واحدة يوم الانفجار..

هز رأسه مستنكراً ما يحدث وما تبصره عيناه عاجزاً عن وصف ما يشعر به وقال بعدم استيعاب: أنتم تمزحون صحيح؟!
: انتِ كويسه؟!

رفعت رأسها له وهي تبتسم تلك الابتسامة الماكرة التي عشقها من عينيها يوماً ما ليتيبس مكانه غير قادراً على الحراك ولا أخذ أنفاسه مراقباً تقدمها منه بعين جاحظة لا تصدق ماترى حتى طوقت عنقه بيدها وأناملها تعبث بشعره من الخلف ملتصقة بصدره بحميمية تنظر له بأعين ناعسة قائلة بهمس أمام شفتيه لتضرب أنفاسها الممزوجة برائحة الخمر أنفاسه كما كانت تفعل سابقاً وكم كان يتلذذ بهذا: وحشتني يا شريف! انا موحشتكش؟!

لكنه لم يطلع معه سوى تلك النبرة المرتجفة هامساً بعمق دافناً وجهه بعنقها مُخرجاً حروف إسمها من بين شفتيه متلذذاً بنطقة رغم تعجبه وهو يحاوط خصرها بقوة: مريم!
تحت مسامع وأنظار روان التي وصلت إلى هُنا عاقدة يديها أمام صدرها تراقبه بدءاً من تيبسة وضعفه حتى خُذلانها بكل سهولة وكأنه لم يتزوجها منذ قليل!
هل قال أنه سيجعلها تنسى كل شيء مُنذُ لحظات؟!

قفزت صورة روان أمامة أخرجته من حلمة الوردي فابتعد عنها كمن لدغه عقرب مُمرراً أنامله بشعره بعصبيه وهو يتفحصها بنظرات شملتها من أعلاها لأخمص قدميها هل عادت من جديد إلى تلك القمامة؟!
ابتعد للخلف لتقترب هي تريد أن تعانقه لكن صوت شهقه حارقة جعلتهما يلتفتانِ إلى الجانب..
لينقبض قلب شريف بقوة وهو يحدق بروان التي تبكِ تنظر له بخذلان والحزن يكتسي مقلتيها استطاع قراءته بسهولة فهو يستحق ما ستفعل به أياً كان..

تشتت تركيزه عندما اقتربت مريم منه واسندت مرفقها على كتفه الأيمن وباليد الأخرى أبعدت الغبار الوهمي من على كتفه الأيسر وهي تحدق بروان من أعلاها لأخمص قدميها بنظره شملتها وقالت وهي تُقيمها بثقة: مش بطاله، ثم ضحكت وهي تعيد تطويق عنقه بحميميه: طالما شبهي مش بطالة!
هز رأسه مستنكراً قولها وقال بدون تعبير مُصححاً قولها: روان مش شبهك! مفيش حاجة بتجمعكم غير الشكل بس!

أمالت رأسها بنعاس وهي تمط شفتيها المتشبعة بالحمره القانية وقبلت وجنته وهي تضع يدها أسفل فكه بنعومة هامسة بثمالة: مش مهم، مش مهم اهم حاجة حُبك ليا..
مسحت دموعها بعنف وعادت أدراجها للداخل بخطوات مرتجفة أبعدها شريف عندها رآها وركض خلفها لكن مريم أمسكت ساعدة وسألته بحزن: هتسبني؟!

لعن نفسه قبل حياته وهو يزفر بصوت حاد مخرجاً من جيب بنطاله مفتاح وضعه بيدها وقال سريعاً: دوري على العربيه واستنيني في الشقة، وركض خلف روان وتركها تحدق بينه وبين المفتاح..

أمسك معصمها وقال بتوسل: روان أن، لكنها نزعت يدها من يده بهدوء و رفعتها أمام وجهه وقالت بانهيار ونبرة مرتجفة منكسرة وعبراتها تنساب على وجنتيها ببطء تحرقها: شريف، بُكرة مش قادرة اتكلم دلوقتي مش قادرة، وولته ظهرها وذهبت للداخل تحت أنظاره الحزينة وهو يحدق بظهرها مُراقباً سيرها بترنح حتى تهاوت ساقطة لكنه كان أسرع منها عندما ركض وحاوط خصرها يرفعها بخوف وقال بأسف: روان، أن، صرخت به وهي تدفعه من صدره بقوه: ابعد عني مش عايزه اتكلم، مش عايزة اتكلم..

: في ايه؟!، هذا ماقاله شادي وهو يهرول لهما بقلق لترتمي روان بأحضانه تبكِ بحرقة أخافته عليها فقال باستفهام وهو يحدق بملامح شريف المتأسفة لها: في ايه؟! انتوا مش بتهدوا ابداً؟!
تركته روان وركضت إلى غرفتها فتنهد شادي وهو يحدق به يحتاج تفسير لما يحدث: حصل ايه؟!
قال بجمود بعد أن سمع حديث شريف: عشان كدا قُلت من الاول مفيش فرح دلوقتي؟

مرر شريف كفيه برأسه يعتصرها بقوة وقال باستياء يشعر أنه لا يحق له: مش وقتك انت كمان دلوقتي! و ماتحلمش اني اطلقها مش هطلقها..
رمقة شادي شزراً: كمان بجح؟
تنهد شريف يثقل شاعراً بهموم العالم أجمع تطبق على صدره: شادي أنا مخنوق..
قال شادي بتفكير ساخراً منه: ليه بسيطة ارجع
لحبيبتك وسيب روان..

دحجه بنظرات مُميته جعلته يبتسم بسخريه أكثر وقال: ايه؟ هتضربني؟ هو ده الصح فكر مع نفسك وحدد معاك عشان الطلاق، هب واقفاً بغضب كمن تعرض للسُباب الآن وقال بحدة وصرامة: مش هطلق ومحدش يقولي طلقها، اتكأ شادي بظهره على ظهر المقعد واضعاً قدم على الأخرى براحة وقال بسخرية: خوفتني انا كده؟!
أخذ يدور في الحديقة ذهاباً وإياباً بعصبيه مُررأ يده على وجهه تحت نظرات شادي المُتسلية وهو يراقبه.

ليجده صرخ فجأه بعصبيه: أقسم بالله ياشادي لو وقفت في طريقي أو بعدتها عني بأي طريقة من الطرق هخطفها والله هخطفها و مش هتشوفها تاني دي مراتي، وهاجي الصبح تكون هديت، وتركه وغادر..
طرق الباب بقوة وهو يكاد يهشمه بسبب ثوران غضبه وعدم إستجابتها وفتحها له صرخ بنفاذ صبر: افتحي يا مريم!
وجد الباب يفتح ببطء مصدراً صريراً كعادته وهي تسير عائدة للداخل حافية القدمين دون أن تنظر له..

دلف وصفع الباب بقوة وغضب جعلها تستدير له بزاوية لتتبين ابتسامتها الجانبية ثم تابعت سيرها بهدوء إلى غرفة الجلوس جالسة على ركبتيها أمام الطاولة تخرج شيئاً ما من حقيبتها السوداء المصنوعة من الجلد اللامع ذات اليد الحديدية بينما هو جلس بجانبها في الفراغ بين الأريكة والطاولة مسنداً ظهره إلى الأريكة مريحاً رأسه عليها مغمضاً عينه ووتيرة تنفسه مرتفعة بحده..

وصل إلى مسامعه صوت غلقها للحقيبة وإلقائها بجانبها بإهمال مع قولها بثمالة وهي تُمرر لسانها على شفتيها تسأله بخُبث ونبرة ذات مغزى ملوحة أمام وجهه بذلك الكيس البلاستيكي الصغير الشفاف الممتلئ بمسحوق الكوكايين المخدر: هتشد كوك معايا؟!
فتح عيناه محدقاً بها بدون تعبير مراقباً ما تفعل..

أفرغت المسحوق على جدار الطاولة البني اللامع وأخرجت بطاقتها الائتمانية تُقسمه بحوافها بتركيز تُقلل الكميه ثم قامت بلف عملة ورقية وخاصتاً دولاراً ووضعته على فتحة أنفها اليَسرى و أحنت رأسها وهي تبتلع ريقها برغبة ثم بدأت تستنشقه بقوة وهي تسد فتحه أنفها اليُمني بسبابتها مُستمره باستنشاقه برغبه دون توقف..

رفعت بعد بعض الوقت وهي تستنشق ما بأنفها وهي تضحك بسعادة وألقت برأسها على الأريكة مغمضة عينها بانتشاء مُحلقة بعيداً في مكانٍ آخر لا يوجد به سواها..
تحدثت بعد فترة طويلة من الصمت وسألته بنبرة هادئه وهي تدير رأسها له: بطلته مش كده؟!، ثم ضحكت وهي تضع يدها على وجهها وتابعت: إفتكرت إني مُت بسببه صح؟! آسفة بس على الأقل عملت حاجة حلوة بسببي!
استدار ليقابل وجهها وفقط سألها بجمود: ليه؟

صمتت قليلاً وهي ترمش ثم قالت بثمالة وهي تحدق بوجهه مباشرة: انت، واحد اتنازل وقبل بيا وأنا كنت لراجل قبلة!، صمتت وهي تقطب حاجبيها بتعجب وتابعت وهي تضحك بسخرية: راجل! رجالة رجالة يا شريف رجالة، و عشان انت ضحيت وكُنت قابلني كده و هتتجوزني كان لازم اتنازل واضحي انا كمان ده العدل! احنا مش في نفس المستوى! عُمرنا ما كُنا في نفس المستوى ولا هنكون! انت مش اكتر من زبون يا شريف! زبون محترم مارضيش يلمسني خدني في حضنه وفضل طول الليل يسمع مشاكلي ويمسح دموعي وانا بحكيله وصلت للنجاسة دي ازاي؟! عايزني محبوش بعد ما حسسني إني غاليه حتى لو ساعات بس؟! بس عرفت اني كُنت غلطانة مفيش بينا تكافئ هنعيش مع بعض ازاي؟!

وهذا جعله يسألها بأسى مُتسعيداً جميع ذكرياته معها: و ايه اللي رجعك دلوقتي؟!

هزت كتفيها قائلة بابتسامة: انا مرجعتش انت اللي وقعت فطريقي!، ثم ابتسمت له ابتسامة مطمئنة وتابعت: متخافش مش هفرق بينكم انت تستاهل واحدث نضيفة مش زيي، بس خليك عارف إني كنت ومازلت بحبك وهفضل احبك طول عمري بس كان لازم اعمل كده واوهمك اني ميته عشان بجد حياتك كانت هتدمر لو كُنت فضلت معايا! مكُنتش هشوفك قدامي بالجمال والقوة دي! كنت هشوف بس واحد مُدمن ضعيف وهذيل تحت عيونك اسود انسان هيستحقره كل اللي حواليه وانت متستاهلش مني ده؟!

تستاهل انسانه نضيفة يا شريف، ثم هزت كتفيها وتابعت: بس خلاص خلصت، وأنهت حديثها بابتسامة وظل الصمت يطبق على المكان حتى غفيت محلها!
بتلك التنورة القصيرة الضيقة والبلوزه ذات الحمالات الرفيفه التي تصل إلى أسفل صدرها وقبل سرة بطنها..
تنهد وهو يسند رأسه إلى مرفقة يحدق بالسقف متذكراً مقابلتهم الأولي معاً..
عودة لوقتٍ سابق..

رفع رأسه بانتشاء مغمض العينين مبتسماً بجانبيه ثم قال للساقي الذي أعطاه ذلك المخدر: هذا جيد، جيد..
ورفع الكأس ارتشفه مرة واحدة ثم وضعه أمام الساقي: هيا اسكب لي كأساً آخر..
أومأ الساقي الشاب ثم سألة بمكر: ألا تريد قضاء ليلة جامحة؟!
ابتسم شريف وهو يخلع سترته ووضعها أمامة ثم وقال: لا توجد ليلية جامحة دون امرأة جامحة هل توجد هُنا تلك المرأه؟!

إبتسم الشاب مأومئاً له: نعم توجد انها جديده لكنها اكتسبت شُهرة سريعة هُنا..
هز شريف رأسه بعدم اهتمام وقال قبل أن يرتشف كأساً آخر: أنت تعلم أنني لا أُحب فعل هذا لأنني شهم..
ضحك الأخر وقال بمكر وهو يجفف الكوب: أعلم هذا لكنها مختلفة إنها مريم! واحذر فإنها خجوله!
نظر له قاطباً حاجبيه قليلاً وأعاد: مريم؟، ثم ضحك بسخرية وقال بنبرة تهكمية: خجولة! حقاً؟!
أومأ له وقال وهو يأشر عليها خلفه: نعم إنها هُناك..

استدار وهو يبحث عنها ضماً جفنيه قليلاً بسبب الإضاءة التي تتراقص حوله شوشته..
لكنه لمحها على تلك الطاولة في المنتصف تميل على أحد الرجال تستنشق من لفافة التبغ خاصتها وهي تبتسم ثم نفست الدخان من بين شفتيها بوجهه وهي تضحك بغنج أنثوي يغوي كُل من سمعة ويبدو من حركة شفتيها أنها تساومه على شيء ما وربما على سعر الليلة التي ستقضيها معه..

أخذ قنينة الخمر وسار اتجاهها وهو يرتشف من الزجاجة حتى ارتطم بها متقصداً جعلها تستدير رافعة نفسها وهي تزفر بحدة تحولت إلى نظرات عابثة شملته من أعلاه لأخمص قدميه ثم قالت باستفهام وهي ترفع حاجبيها: ماذا؟ الن تعتذر؟!

ابتسم بجانبيه قبل أن يطوق خصرها بقوه جعلها تشهق عندما التصقت بصدره وهمس أمام شفتيها: سأعتذر لكن ليس هُنا، إبتسمت وهي تقرب وجهها منه أكثر تستنشق أنفاسه الممزوجه بالخمر ثم قالت باعتراض وهي تمط شفتيها: لكنني لا أذهب مع شخصٍ ثمل!
إبتسم وهو يمرر يده على ظهرها العاري بإغراء اربكها هامساً أمام شفتيها: أنا لا أثمل مريم، ثُم إن تقمصك دور فتاة يونانية يليق بكِ كفتاة عربية!

التمعت عيناها بنظرة اعجاب ثم قالت وهي ترفع طرف شفتيها بحزن مصطنع: أوبس، كشفتني؟
ولم يمهلها فرصه للتحدث مجدداً بل جذبها من خصرها تاركاً المكان من خلفه غير متجاهل تردد خطواتها وارتعاده جسدها وهي تسير معه وكأنها ترفض لكن لا تستطيع التحدث والاعتراض!

استقلت السيارة معه وطوال الطريق تحدق من النافذة وهي تضم جسدها بذراعيها تحتضن نفسها بشرود لم تستفيق منه سوى على فتح باب السيارة وسقوط رأسها لكنه أسندها وهو يبتسم وساعدها بالترجل ممسكاً بيدها المرتجفة برقة جعلتها تخافه أكثر تريد العودة..
دلف بهدوء إلى الجناح الذي يمكث به هُنا ولم يترك ساعدها بعد حتى دلف إلى غرفة النوم وتركها أخيراً أمام الفراش وقال ما لم تتوقعه أبداً: تشربي قهوة؟!

نظرت له بأعين مضطربة وأومأت له بخوف وهذا جعله يبتسم ثم قال قبل أن يذهب للخارج: في بيجاما في الدولاب ممكن تغيري خدي راحتك اكتر..
وتركها غارقة بأفكارها وحدها ما مشكلته؟! ان كان يريد جسدها فليأخذه لا داعي للتصرف بتلك الشهامة والنتيجة واحدة في النهاية!

زفرت بضيق وهي تمرر يدها بشعرها لكنها أخذت المنامة كما أخبرها واتجهت لدورة المياه وقامت بغسل وجهها ماحية مساحيق التجميل عنه نهائياً وقد أغراها حوض الاستحمام فقامت بفتح المياه وجلست به تاركة المياه تسقط فوقها لعلها تغسل نفسها من ذلك الدنس جسداً وروحاً سقطت عبراتها بحرقة وهي تضم ركبتيها إلى صدرها واضعة رأسها على ركبتيها تشهق بقوة فهي تكره نفسها وتكره حياتها وكم تتمنى الموت كل يوم أكثر من سابقة..

تنهد من الخارج وهو يستمع لصوت أنين بكائها من وسط صوت المياه مرتشفاً من قدح قهوته بهدوء ثم ابتعد عن الباب عندما توقفت المياه وسار بأرجاء الغرفة لبعض الوقت حتى خرجت بوجه شاحب مُصفر باهت دون مساحيق التجميل عيناها منتفخة من كثرة البكاء ووجنتيها متورده من الحرارة..

خرجت وهي تجفف شعرها بالمنشفة بإهمال تسير بتثاقل، توقفت أمامه وهي تنظر له منتظره حديثة لكنه مد يده بقدح القهوة لها فألقت المنشفة من يدها وهي تحدق به بجمود وأعين دامعة لاحظها ثم رفعت يدها لأزرار منامتها وبدأت بفتحها مع انسياب عبراتها فقال بتعجب وهو يقطب حاجيه: انتِ بتعملي ايه؟!
فقالت بنبرة مرتجفة: انت مش جايبني هنا عشان كده؟ مفيش داعي للتصرفات دي وتأجيل حاجه هتحصل في الاخر..

تنهد وهز رأسه بيأس وأولاها ظهره وقال بنبرة شعرت بنفوراً منها: اقفلي اقفلي وتعالي نتكلم..
صرخت به وهي تبكِ بقهر: طالما قرفان مني جايبني هنا ليه؟!
زفر بحده وقال بسخط: بقولك ايه يا حجه كُخه انتِ حد كلمك؟!
محت عبراتها بحده وتقدمت منه وأخذت قدح القهوة كم يده ارتشفته مرة واحدة وهي تتنفس بحده شاعره بحرقة حلقها بسبب سخونتها: شربتها عايز ايه بقي؟!

حدق بوجهها المحتقن بالحمرة بسبب الحرارة وهو يبتسم: انتِ كويسة؟!
ضمت قبضتها بقوة وهي تتنفس بعنف وقالت بنفاذ صبر: انت عايز ايه؟!
نظر لها مطولاً متأملاً ملامحها البريئه ثم قال بأسى لحالتها: عايز اساعدك..
ارتجف قلبها من نبرته الدافئه وقالت بانفعال: انت مالك انت؟ جيبني تديني درس في الأخلاق؟!
نفي وهو يتقدم منها: لأ مش هديكي درس انا عايز اساعدك؟ مفيش سبب يخليكِ تعملي كده في نفسك؟!

فقالت بانكسار مستشعرة حقارتها: شكراً للنصيحة..
وتركت الغرفة كاملة وخرجت كي تذهب لكنه هرول خلفها وامسك يدها وقال بتوسل: ممكن تسمعيني الاول؟
نظرت له بعدم فهم متعجبة موقفة هذا وكأنه يعرفها منذ زمن وقالت بعصبيه: لا مش هسمع! انت مالك انت؟ تعرف ايه عن حياتي عشان تكلمني بالطريقة دي وتشفق عليا؟!
قال بهدوء وهو يشبك يده بيدها وأخذها للداخل مجدداً: مش شفقة والله بس اسمعيني بس..

نزعت يدها من يده بحدة وقالت بعصبيه: لا مش هسمع انا جيه لسبب معين
زفر بضيق وقال بحده: وانا جيبك لسبب معين برضه اعمليلي اللي انا عايزه، ثم حاوط خصرها بقوه الصقها به جعلها تشهق بتفاجئ وتابع وهو يحدق بشفتيها: وبعدين اعملك اللي انتِ عايزاه، ولم يعطها فرصة للرد بل حملها عنوة والقاها على الفراش وتسطح بجانبها بهدوء وتحدث سريعاً قبل أن تُقاطعة: هجبلك شغل و تسيبي شغلك ده وهساعدك بس في مشكلة؟!

ضمت جسدها بحزن وقد أرتجفت وهي تضع رأسها على ركبتيها قائلة بألم: دي حياتي ومش هتتغير!
انتصب جالساً بجانبها وقال برفق: لا هتتغير لو انتِ عايزه هتبقي احسن!

هزت رأسها بأسى وهي تبكِ وقالت بانهيار: أنا جوز امي اغتصبني و قال لأمي اني كنت بغريه و صدقته وطردتني و مصدقتنيش انا! انا بنتها ومن ساعتها وانا في المكان ده مليش غيره ومش هيبقي ليا! متجيش انت بكل سهولة وعايز الدنيا تمشي على مزاجك؟ أنا أتكسرت بدل المره عشره واتذليت بدل المرة الف ومحدش كان معايا وجنبي، محدش ساعدني وخرجني من اللي انا فيه مشوفتش غير القسوة وقلة القيمة والاحتقار من ناس متسواش حاجة؟ بس الفرق ان همه مكنش عندهم جوز ام زيي يذبحهم مكنش عندهم، وتابعت بكائها بحرقة فعانقها بحنان جعلها ترتجف بخوف في بادئ الأمر لكنها هدأت وهذا جعله يتعجب ان كانت هكذا وترتجف ماذا يحدث عندما يقترب احدهم منها بحكم ذلك العمل؟!

تنهد وهو يتكئ بظهره على جزع الفراش مريحاً رأسها على صدره مربتاً على شعرها بحنان ثم قال: أنا كمان هحكيلك حكايتي، المفروض إن أنا كمان أكون شخص كويس بس الفلوس فسدتني وخلتني اعمل حاجات كتير غلط زي المخدرات كده، بس بعد ماشوفت وشك السِمح ده خلاص هبطل..
حركت وجنتها ضد قميصه تمسح عبراتها ثم رفعت رأسها له وسألته بحزن: ليه بتعمل معايا كده؟!

ابتسم قارصاً وجنتها وكأنه يعرفها منذ زمن: عشان انتِ بنت بلدي وبيني وبينك كده خسارة فيهم..
ابتسمت برقة وهي تومئ له فاعتدل بجلسته وقال بحماس: من بكره بقى هنبدأ من جديد وهتبقي السكرتيرة بتاعتي، أومأت له وهي تبتسم بأملٍ جديد فمد يده وصافحها وهو يبتسم: أنا شريف مدكور تشرفنا..
ابتسمت وهي تصافحه ولم تكن تلك آخر مقابلة بينهم بل كانت البداية لكثيراً من المقابلات بينهم..

عمِلت معه وبدأت من جديد وهو كان جدي وبدأ يتعالج من المخدرات التي كان يتعاطاها، بالرغم أن الآلام كانت لا يحتمل لكنه جاهد كثيراً وفشل بنهاية المطاف فشل بسبب ضعفه في احدى الليالي لكنه لم يخبرها بل كذب وأخبرها أنه تعافى وهي كذبت وأخبرته أنها بدأت علاج وهذا أنبه لكنه لم يستطع التوقف..

بدأت شرارة الحب بينهما وهو لم يستطع أن يوقفها طلب زواجها ورفضته أعاد الكرة أكثر من مرة حتى يأست ووافقت، فهو كان يعلم أنها لن توافق لكن هذا ليس ذنبها ولا بيدها لقد قبلها هكذا وسيظل يقبلها..

ذُهل عندما وجدها خجوله وتتورد! هذا آخر ما كان يتوقعه لكن لما لا! لقد سلبها زوج والدتها أغلى ماتملك أخذاً معه روحها وبرائتها وكل ما كان جميلاً بها لكنه أعاد لها كل هذا بالتدريج حتى رأى مريم الحقيقية مريم الذي هُيم بها عشقاً ويعلم أنه لو وجدها مجدداً سوف يحبها من جديد حتى لو كانت حالتها أسوأ سوف يحبها من جديد..

كثُرت مشكلات هما وهذا فقط بسبب حديث شريف معها بعفويته بكل هدوء لكنها كانت دائماً تشعر أنه يقصدها هي بأيّ كلمة يذكُرها مهما كانت لكن هذا لم يحدث هو لم يتعمد قول هذا ولا لمرة واحدة هي فقط كانت حساسة تجاه ذلك الحديث الذي يجعلها تتقزز من نفسها وهذا كان من أسباب تركها له وخاصتاً عندما اقترب زفافهما، فهو ان انساها ماحدث وان تناساه هو الآخر ستعود تلك الذكريات وتقتحم حياتها مجدداً بعد أن تغلق عليهما غرفة النوم وهذا مالم تكن مستعدة لمواجهته حاولت لكنها لم تستطع أن تفعل فهي أمام نفسها ستتمنى لو ماتت قبل أن تواجه ذلك الموقف وهذا جعلها توهمه بموتها وسببه تناول افراطها في تناول جرعة مخدر زائدة ولم يستطع أحداً انقاذها لقد أتو بها متأخره..

ومنذ ذلك الوقت قد كره المستشفيات لأنهم سلبوه اياها وقد تعالج بسرعة لم يتوقعها الأطباء فكان الدافع تلك المرة قوياً وهو كان يريد الألم فقط والعلاج كان الأفضل له كي يتألم عوضاً من أن يجرح جسده ويظل يشاهده بابتسامة مريضة!
لقد اسودت حياته منذ موتها هو لم يستوعب اخبرته انها توقفت عن التعاطي لكنها كانت تكذب مثله تماماً وكان ذلك دافعاً قوياً لديه ليعود عن ما يفعل..

ومنذ ذلك الوقت لم يستقر ببلد أكثر من شهر يظل يتنقل كي لا يقابل أحداً ولا يتحدث معه!، بدأ حياة جديدة صحية كارهة لتلك الأشياء المقززة الذي كان يفضلها يوما! فقط ظل يتجول هُنا وهناك وحدة لكنه يظل يعود دائماً إلى نقطة البداية اليونان من أجل زيارة قبرها وتخليد ذكرها بقلبة، هذه البلدة الوحيدة التي لن يمل منها حتى بعد علمه أنها حية!.
هاتفه مالك بعد ذلك ليقلب حياته رأساً على عقب..
عودة للوقت الحالي..

زفر وهو يحدق بملابسها العارية بغضب بالتأكيد عادت كما في السابق أبعد نظره عنها بضيق ليصل لمسامعة صوتها الخافت: انت عرفت منين اول مره اني مش يونانية؟!
ابتسم وقال وهو يوبخها بسبب فشلها: حركاتك كانت باينه اوى انها شرقية مكنتش اعرف انك مصرية انتِ اللي كشفتي نفسك، وقلد نبرتها بسخرية: أوبس كشفتني!، ضحكت وهي تستمع لها مغمضة العين
ليضحك هو الآخر هازاً رأسه بسخرية مستعيداً ذكرياتهم معا..

اختفت ابتسامته عندما وجدها تعانقه بقوة دافنه رأسها بتجويف رقبته لتضرب أنفاسها الدافئة عنقه فوضع يده على يدها التي تطوق عنقه وقال بارتباك: مريم، ان، أوقفه قولها وهي تتوسله بضعف: سبني شوية بس شوية وحشنى حضنك اوى..
تنهد بقلة حيلة وحاوطها بيد وبالأخرى ظل يربت على شعرها بحنان حتى ثقلت أنفاسها وغفيت، حملها برفق ووضعها على الفراش بالداخل بهدوء ثم دثرها بالغطاء ووقف قليلاً يتأملها..

يعترف انها مازالت تمتلك مكانه بقلبه تتخطى كونها شخصاً عادياً بالنسبةِ له! مازال قُربها منه يُبعثر مشاعره ويُربكة! هُناك شيئاً ما بداخله مازال تابعاً لها، يعلم أنه لم يتخطاها بعد و أنها ستظل حُبه الأول ولن ينساها بسهوله كما يعلم تماماً أن قلبه يصرخ مع كل نبضه بإسم روان وليس مريم روان هي من تملك قلبه وليس مريم هو يُريد روان وليس مريم وهذا شيء لا يستطيع التحكم به!

داعب وجنتها بابهامه برقه وقال بخفوت وهو يتأملها: جيتي متأخر يا مريم..
صباح اليوم التالى..
رفعت يدها أمام وجهها مفرقة بين أناملها تتأمل تلك الدُبْله الذهبيه الدائرية البسيطه بابتسامة رقيقة فيحيي قدمها لها بعد عقد قرانهم وقبل يدها بحنان بعد أن أصبحت على إسمه..

أغمضت عيناها وهي تضم يدها إلى صدرها متذكره ملمس شفتيه على ظهر يدها وكأنه يقبلها الان وهذا جعل جسدها يقشعر وترتجف من هول تلك المشاعر التي تكتمها بداخلها..
شهقت بخضه عندما صرخت مليكة باسمها: ريم
استدارت بفزع ثم أغلقت مكبس الغاز سريعاً بسبب سقوط الحليب بعد أن غلي فقالت بلوم وهي تحدق بمليكة التي تحمل مالك: ينفع كده؟!

رمقتها مليكة بطرف عينيها ثم أشرت على أناملها وقالت بخبث: أنا عملت حاجة؟ انتِ اللي مشغولة؟
أخفت ريم ارتباكها عندما وضعت يدها خلف ظهرها وأعادت شعرها خلف أذنها وقالت بعدم فهم: اه مشغولة بعمل الفطار يلا استنيني بره وامشي براحة عشان مالك ميقعش منك يلا..
تساءلت مليكة بمكر متصنعة الأسف: بس يحيي لسه نايم يا حرام مش هيفطر معانا؟!

هزت ريم رأسها وهي تفرغ الحليب: انا هصحيه استنى بره يلا، أومأت مليكة وعادت إلى غرفة الجلوس بهدوء وعقلها الطفولي الصغير يعمل لا يتوقف عن رسم أشياء أكبر من عمرها..
توقفت أمام الفراش بتوتر وهي تبعد نظرها عن جسده النصف عاري، كان ينام على معدته ورأسه تحت الوسادة يُكبلها بذراعيه من الأعلى يرتدي بنطاله القطني وتاركاً صدره عاري والغطاء ساقطاً أرضاً.

فجلست القرفصاء أمام الفراش ورفعت الغطاء ووضعته على جسده وهي تبتسم بهدوء فتحرك فجأه وهو يمط ذراعيه فصرخت بخضه وهي تسقط للخلف على ظهرها لكنه كان سريع البديهة وأمسكها من مقدمة ملابسها بنعاس عندما سمع صوتها لا يفهم ما يحدث لكنه فرغ فاه وهو يعتدل جالساً مُحدقاً بقطعة القماش التي تم تمزيقها فصرخت مجدداً بخجل وهي تضم طرفي منامتها على صدرها فسألها باستنكار وهو يلوح بقطعة القماش أمام وجتها: ايه ده بيجاما ورق دي ولا ايه؟

ارتبكت ووقفت لتذهب لكنه جذبها من معصمها أسقطها مقابلة على الفراش وسألها مجدداً متعجباً: لا بجد ايه ده؟! وريني كده!، ومد يده لكنها ابتعدت للخلف وهي تضمها برفض وهذا جعله يقهقه عليها
فأربكتها سماع رنين ضحكته أكثر!.

مدت أناملها تعيد خصلاتها خلف أذنها بتوتر فتوقفت شفتاه مُنفرجة بارزة أسنانه البيضاء اللؤلؤية وكُل تركيزه كان مصبوباً على أناملها التي تبعد خصلاتها خلف أذنها متأملاً دُبلتها بابتسامة فهو يشعر أنه مراهق بجانبها أبسط الأشياء التي تصدر منها بعفوية تجعله يبتسم بسعادة وكأنه يخوض قصة حب مع حبيبته التي تعشقه...
يشعر في كثيراً من الأحيان بالتناقض مع نفسه ولا يعلم ماذا يفعل لا يريد أن يظل ساكنا..

فكما اخبرها يجب على أحدهما التحرك وهو ليس متأكد من مشاعرها تجاهه ربما ترفضه ويُحدِث هذا فجوه بينهم تبتعد عنه أكثر لا يعلم ماذا يفعل معها حقاً فهي صعبة المنال كما اخبره مالك قبلاً والمشكلة انها لا تفعل شيء كي تجعله يُحبها لا تتحرك تظل ساكنة فقط لكن مع هذا ينجذب لها وحده فهي مميزة ولا تحتاج لِلفت الأنظار لها!.

قال بابتسامة وهو يحدق بأنامل يدها: حلوه الدبلة فإيدك، حسناً هذه المرة الأولى التي يخبرها بشيءٍ كهذا، اومأت بتوتر وهي تحدق بالأرض بخجل ورفعت يدها الأخرى ترجع خصلاتها خلف أذنها بارتباك فقال بتذمر: لا خليكي بالإيد الثانية أحلى ابتسمت وهزت رأسها بطاعة له لتجده يرفع يده التي يرتدي بها دُبلته الفضية هو الأخر مُرراً يده بشعره محركاً إياه للأمام والخلف متقصداً إظهارها وهو يقول: شعري ملخبط مش كده؟!

أومأت لها لينزل يده قليلا مرراً كفه على وجهه بعدم راحه ثم قال: وكمان عايز اغسل وشي؟، ثم مرر سبابته على حاجبيه وتابع: حواجبي منكوشة صح؟!
ضحكت بنعومة جعلته يتوقف يتأملها بهيئته المبعثرة أثر النوم وقالت بعد إن هدأت قليلاً: الدبلة بينه يا يحيي وحلوه..
قال بتصنع مفاجئ: ايه ده بجد؟ انا مخدتش بالي! فاكرها ايدي اليمين؟!، نظرت له بِشك طفيف: بجد؟!

أومأ لها ثم قال بابتسامة وهو يخلعها من يده: تعرفي إن الدبله دي مكتوب عليها اسمك؟.
تفاجأت وهي تأخذها من بين يديه تقلبها بيدها حتى أبصرت أسمها الذي نُقش ببراعة بداخلها لبعض الوقت ثم ابتسمت وهي تدخلها بأنامله بتلقائية!.
هي لم تفعلها من قبل وهذا جعله يحدق بها بهيام لم تنتبه له وقالت باستفهام: و بتاعتي مكتوب عليها اسمك؟!

هز رأسه بنفي فعبست وهي تنظر له وهذا جعله يضحك قائلاً بتبرير: دي دبلتك انتِ لكن دي دبلتي اكتب عليها براحتي، ثم إقترح وهو يراقب ملامحها وردات فعلها: لكن لو عايزة اكتبلك عليها هكتبلك..
قطبت حاجبيها وهي تهز رأسها بنفي محركة الدبلة بحركة دائرية حول أصبعها: لا خلاص، ووقفت لتذهب فجذبها من يدها بخفة لتسقط بأحضانه فحاوطها بقوة وهو يتنهد..

حاولت الوقوف لكنه ظل متشبثاً بها مريحاً رأسها على صدره وهمس بحرارة بعد أن استجمع شجاعته: ريم، أنا، أنا، أنا، أن، وصمت عندما شعر براحة يدها توضع على صدره العاري لتنقبض عضلاته تحت يدها شاعره بانفعاله لكنها دفنت رأسها بصدره أكثر كقطة مُدللة غير قادرة على رفع رأسها له، رفعها هو ممسكاً بذقنها بنعومة صانعاً تواصلاً بصرياً معها أنهاه وهو ينحني على شفتيها يختطف قبله تمني مُنذ زمن لو يحصُل عليها لكنه لم يحصُل عليها كما حدث الآن بسبب هجوم مليكة على الغرفة..

: بتعملوا ايه؟!، انتفضت ريم واقفة بخجل ثم ركضت إلى الخارج مُتخطية مليكة التي ظلت تحدق بأثرها بتفكير وعندما التفتت وجدت وسادة ترتطم بوجهها جعلتها تترنح للخلف فقالت بتذمر: ايه يا يحيي ده؟
ألقي عليها واحده أخرى وقال بغيظ: انتِ ايه اللي جابك دلوقتي يا فقر ليه كده ليه؟!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة