قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية بإسم الحب للكاتبة هاجر الحبشي الفصل السادس والثمانون

رواية بإسم الحب للكاتبة هاجر الحبشي الفصل السادس والثمانون

رواية بإسم الحب للكاتبة هاجر الحبشي الفصل السادس والثمانون

برر فراس متأسفاً: معلش يا نادر أنا تعبان جداً خليها مرة ثانية، أومأ له وهو يبتسم وربت على كتفه وذهب كل واحداً منهما في طريق..
سألتها بهدوء وهي تربت على شعرها بحنان: طيب مش فاكرة كانت بتقولك إيه او عايزه تقولك ايه؟

هزت رأسها التي كانت تضعها على فخذ هالة وقالت بإرهاق: مش عارفة والله يا ماما هي كل مرة كانت بتبقي واقفة بعيد وعايزه تتكلم تقول حاجة بس مكنتش بتقول بتبتسم بس وتمشي لكن امبارح قربت مني وإدتني حاجة بس مش فاكرة هي إيه؟
سألتها هالة بقلق والخوف تملكها: حاجة زي ايه قماشة بيضة مثلاً حاجة شبه كده؟

قطبت ما بين حاجبيها و هزت رأسها بنفي: لأ، هي ادتني حاجة وهي بتضحك وأنا لما شوفتها فرحت وضحكت معاها بس مش فاكرة ايه خالص..
ابتسمت هالة باتساع وقالت بحنان: يبقي كده هتجيبي بيبي تاني..
رفعت ألين نظرها وسألتها بقلق: إنتِ شايفة كده؟

أومأت وهي تبتسم مع قولها: العطاء من الميت بيبقي حلو دايماً وخير إلا لو إداكي قماشة بيضه بيقولوا بتبقي كفنك ولو خد منك حاجة يبقي حد عزيز عليك هيموت ده المعروف والمتعارف عليه مش عارفة بقى صح ولا غلط بس غالباً صح..
تنهدت وسألتها وهي تضع يدها على معدتها: إشمعنا قولتي كده؟

اتسعت ابتسامة هالة الحنونة وقالت: ممكن عشان أنا نفسي أشوف ولاد ليكم تاني! ويمكن عشان دي الحاجة الحلوة في نظري اللي ممكن تحصل ربنا يديكي يا حبيبتي..
ابتسمت ألين وقالت بتمني: آمين يا ماما آمين..
همس بخفوت وهو يجلس في المقدمة بجانبه: بابا..
همهم له بهدوء فتابع: عاوز أعمل بيبي..
رد بهدوء: خلاص فاضل شويه ونوصل..

فأعاد بقلة صبر: بس أنا عايز دلوقتي، تنهد وأوقف السيارة بمنتصف الطريق الخاوي من أي شيء يدل على حياة هُنا وسأله: أوديك فين أنا دلوقتي؟
فأشار من نافذة فراس وقال: كافيه هناك أهو هاتلك قهوة وأنا دخلني الحمام، تنهد وأشار له أن يخرج بصمت وذهب إلى هناك وفعل مثلما أخبرة إيان الذي دبر له ما سيفعل وهاهو يقف أمام الباب ينتظره لكنه سمع صوته يستأذنه باحترام: بابا ممكن تدخل تفتحلي البنطلون؟

مرر يده على وجهه بنفاذ صبر وسأله: إنت صغير ما تفتحه إنت!
قال بحزن: البنطلون ضيق ومش هعرف
فرد عليه بحنق: طالما ضيق بتلبسه ليه؟

قال وهو على وشك الإنفجار ضاماً قدميه معاً: قولت لماما لأ، قالتلي بابا هيفتحهولك ويلا عشان هعمل دلوقتي، توسعت عيناه ودلف سريعاً فوجده يضحك فقام بحل أزرار بنطالة وهو يتعوده: ده إنت ماشي هعرفك، خلص، وتركه وخرج و قليلا فقط هتف بإسمه مجدداً: بابا تعالي إقفلي البنطلون، دلف وأغلقه له وهو يتمتم بكلمات غير مفهومه ثم أخذه وغادر..

دلف فارس وهو يتنهد بإحباط فاعتدلت ألين جالسه ثم ألقي التحية عليهم وألقى بجسده على الأريكة المُجاورة لهم وظل صامتاً يُحدق بالسقف وقليلاً فقط ودلف إيان ركضاً وارتمي بأحضان ألين بحزن يشتكي لها: شوفتي بابا عمل ايه يا ماما؟.
ربتت على ظهره برقة وهي تبتسم ثم سألته: عمل ايه يا حبيبي؟
لم يرد عليها بل تركها وعانق جدته بحنان وهتف: شوفتي بابا عمل ايه يا تيتا؟.
سألته وهي تضحك: عمل ايه يا حبيبي؟

تركها وركض إلى فارس الذي كان يقهقه عليه ثم قفز فوقه جعله يتأوه وهو يقول: شوفت بابا عمل ايه يا عمو؟، هز فارس رأسه بضجر وقال بسخط: مش عايز أعرف حاجة مش عايز وقولتلك ميت مرة انا مش سفنج عشان تنط عليا إنزل!
هز رأسه وهو يبتسم ثم قوس شفتيه بحزن وسأله مجدداً: شوفت بابا عمل ايه؟
تنهد وسأله وهو يقرص وجنته: عمل ايه قول؟

ألقي فراس جسده على الأريكة المُقابلة لفارس ووضع يده على جبهته وظل صامتاً ولم يتحدث فتنهدت ألين وهتفت بهدوء: إيان..
نظر خلفه ورد باحترام: نعم!
ابتسمت وأشرت له أن يأتي: تعالي يا حبيبي.

هرول وتوقف أمامها مُقوساً شفتيه فهذا وقت الحساب ويعلم هذا، أمسكت يديه بين راحة يدها وسألته بصوت هادئ: ينفع اللي عملته ده؟ مش إحنا إتفقنا لما الكُبار يتكلموا نسمع ونسكت لحد مايخلصوا وبعدين نتكلم براحتنا؟ ليه كل شوية تقاطع بابا هو بيتكلم مش كده عيب؟
أومأ وهو يحني رأسه ثم قال: القطة كانت عجباني والناس كانت هتشتريها وأنا كُنت عايزها..

ابتسمت وربتت على وجنته: ياحبيبي ايه المشكلة همه هياخدوها وصاحب المحل هيجيب غيرها مش أخر قطة في الدنيا يعني!.
أومأ لها وقال بأسف: آسف مش هعمل كده تاني..
أومأت وهي تبتسم ثم سألته: إحنا لما بناكل حاجة في البيت بنرمي الورق على الأرض ولا الباسكت؟
تنهد وقال بانفعال: هو عصبني يا ماما وبعدين شلته ورميته، ثم عقد يديه أمام صدرة باقتضاب..
تنهدت وهي تنظر إلى فراس الذي يضبط نفسه أمام تلك الوقاحة..

فقالت له بتعب وهي تفك يديه التي يعقدها أمامه: يا حبيبي بطل مُجادلة وغَلبه إنت الغلطان وكده عيب ومفيش حاجة إسمها عصبني مين بابا فيكم؟ ولما حد يكلمك متبصلهوش كده ولا تربع إيدك كمان حتى لو الكلام مش عاجبك عيب..
أحنى رأسه بحزن وقال بأعين دامعة بعد أن رفع رأسه من جديد ونظر لها: خلاص مش هخرج معاه تاني ولما يقولي تعالي معايا هقوله لأ، أنا أصلاً خسارة فيه وميت واحد يتمناني..

اعتدل فراس وهتف بوجوم: وحياة أمك، ركض إلى جدته يختبأ بأحضانها وقال لها بحزن: همه وحشين بيتفقوا عليا عشان اعيط و مش هعيط بس..
ربتت هالة على ظهره بحنان وقبلته: إنت شاطر ومش هتعيط ملكش دعوه بيهم خليك معايا أنا، أومأ وهو يقوس شفتيه ثم قال لجدته بعد إن نظر إلى فراس بطرف عينيه: على الأقل مش هتضايقي لما اقولك افتحيلي البنطلون..

تنهد فراس لذلك اللعين الذي يستغل الفُرص ثم سأل ألين: إنتِ ملبساة البنطلون ضيق؟، هزت رأسها بنفي وقالت: لأ، دي الزراير بس جامده على ايده شويه فقولتله تبقي قول لبابا وهو هيفتحهالك!
نظر له فراس وقال بحده: يعني كُنت بتكذب؟

هز رأسه مؤكداً وقال بثقة لا يكتسبها سوي مع جدته لأنها تحميه دائماً: أيوا عشان لو قولتلك الزرار جامد هتقولي انشف وافتحه أكون عملتها على نفسي، ثم انكمش على نفسه أكثر عندما وقف فراس وهتف بنفاذ صبر: أنا خارج عشان لو فضلت مش هيحصل خير أبداً، لكن إيان هتف بسرعة كي يقف: وكمان يا تيته مش بيحضنوني كتير و بيسيبوني أنام لوحدي وبيحضن ماما وكل شويه يقولها بحبك ينفع كده؟

سألته ألين بحزن: أنا مش بحضنك؟!، دفن رأسه بأحضان جدته وأبعد نظره عنها ولم يتحدث فقال فراس بتهكم قبل أن تتحدث والدته: ماهو لو إطربقت السما على الارض مش هتنام معانا برضه وإشتكي بقي للناس كُلها طظ فيك وفيهم لما أشوف أنا بقي هعرف أسيطر عليك ولا لأ عيل نمرود خسارة في أهلك بؤ الميه..

رفع رأسه وقال وهو يبتسم: أنتوا أهلي خسارة فيكم إنتوا!، وظل يضحك بطفوليه بأحضان جدته فابتسمت هاله وهي تأشر إلى فراس بعدم الإقتراب أكثر مع قول فارس بحنق: ما خلاص يا حبيبي هو مفيش حد خلف غيرك يعني قاعد عامل مشكلة وخلاص! ايه يعني قاطعك مايقاطعك قطعك من إجتماع الإتحاد السوفيتي يعني؟

فرد فراس بفظاظة: خليك في نفسك وفي مها اللي إنت شايفها في السقف دلوقتي، اعتدل جالساً بغضب وقال له بحدة: إنت بتعايرني؟ طبعاً ما إنت متجوز وعايش مبس، أوقفه بحنق: هششششش متكملش أعوذ بالله من الشيطان الرجيم أسكت..

قهقهة عليه وسأله وهو ينظر بساعة معصمه: فاضي؟ عشان عايزك، أومأ له وقال بهدوء: استناني برة عشان اتخنقت من هنا، وأنهى حديثة وهو ينظر إلى إيان، وكاد يذهب لكن والدته أوقفته: إستني تعالي أقعد عشان هقولك حاجة حلوة..
إبتسم وجلس بجانبهم على الأريكة فعانق ألين بحنان وقبل جبهتها وسألها: عملتي ايه وانا برة؟
همس إيان بصوت منخفض حزين إلى جدته وهو يراقبهم: شايفة يا تيته بيحبها أكتر مني..

ابتسمت هالة وربتت على ظهره وقالت بحنان: ياحبيبي بيحبكم انتوا الاثنين مش إنت كنت معاه؟ ماما كانت هنا لوحدها عشان كدة بيطمن عليها وبعدين لازم يحبها هو ينفع ميحبهاش؟
هز رأسه نفياً وقال باستسلام: خلاص براحته يشبع بيها، ضحكت هالة بأعلي صوتها وهي تسأله: إنت بتجيب الكلام ده منين؟
سألها فراس وهو ينظر له بحده: بيقول ايه ده؟
قبلت رأس إيان وقالت وهي تبتسم: مش بيقول خلاص كفاية خناق بقي!.

تنهد ونظر إلى ألين ليجد ملامحها يكتسيها الحزن وهي على وشك البكاء فهز رأسه بعصبية فهو بسبب قوله عن العناق نظر له وقال بجديه ونبرة لا تمت إلى المزاح بِصلة: أقسم بالله يا إيان لو دمعة واحدة نزلت من عنيها والله هنيمك منكد ومعيط بجد عشان تتعلم الأدب..

نظرت له هالة بلوم فأمسك فراس قدمه قبل أن يهرب وتحدث بتهكم: العره المحوراتي اللي عمال يحور عليكِ وإنتِ مصدقاه ده مش بيفارقنا لحظة فوق دماغنا ليل نهار مش بنسيبه غير وقت النوم وده بعد حدوته واثنين وثلاثة وساعات بنغفل وننام جنبه كمان وفي الاخر مش بيحضنوني حضنك عفريت يا بعيد تعالي هنا هتضرب النهاردة، صرخ وهو يركل قدمه في الهواء حتى هرب من قبضته بمساعدة جدته فزفر وتوعده بصوت مرتفع: أحسنلك تنام عشان لو مسكتك هعيطك بس، توقف أمام الدرج وصرخ بصوته الطفولي: أنا غلطان عشان عايز أسليكم بدل ما انتوا نايمين لوحدكم كده!

خلع حذائه وقذفه عليه بغيظ وقال بحده: يا حيوان إحنا مش عايزين اكتر من اننا نبقي لوحدنا كان يوم إسود يوم ما شوفتك قال كُنت فرحان بيك قال غور من وشي..
قهقهة برقة ثم صعد إلى الأعلى بعد إن قال: هغير وجي مش هنام برضه، وصعد وهو يتراقص على الدرج جعل فراس يسبه بأبشع الألفاظ تحت نظرات والدته بضيق فقال بضجر: متبصيش ده كله بسببك أصلاً كل ما ييجي هنا بيبوظ مش كفاية بوظانه في البيت يبقي هنا وهناك!

نظرت له ألين بأعين دامعة وسألته: و مين السبب في بوظانه في البيت؟.
حاوط كتفها وهو يبتسم: أنا طبعاً حد يقدر يقول غير كده؟
ابتسمت وهي تحاوط خصره فقال لها بضيق: متبقيش أم مهزقة وتعيطي من كلمة قالها ده عيل ومحتاج يتعاقب عاقبيه..
لكزته هالة بكتفه بضيق: خليك محضر خير ملكش دعوه..

رفع حاجبيه وقال ببراءه: أنا كده غلبان مش أحسن من عقابي؟ يعني هي مثلاً ممكن تاكل الفراولة كُلها لوحدها من غير ما تديله أما أنا بقى مش هوديه النادي خالص شوفتي الفرق!
هزت هالة رأسها ساخرة منه ثم قالت بامتعاض: بس يا مهزق إنت التاني أسكت..
صمت وعانق ألين وسألها بخفوت: نروح؟
كادت تتحدث لكن هالة باغتته بصفعة على مؤخرة رأسه جعلته يتأوه وهي تقول بحده: تروح فين تروح فين روح لوحدك..

مرر يده على رأسه وقال بضجر: كنت هسمع من غير ضرب!
قرصت أذنه كفتى صغير وقالت بغِل: لأ، تستاهل ومتزعلش إيان تاني فاهم ولا لأ؟ محسسني إنك كنت ملاك ده إنت كُنت شيطان متنقل ومكنتش بتنام غير وسطي أنا وعزيز..

فسخر منها وهو يحاول إبعاد يديها عن أذنه: ماهو عشان كده مخلفتوش تاني عرفت أسيطر عليكم لكن أنا للأسف عندي خطط كتير للمستقبل ومش هسمح بغير كده مش ذنبي إن عزيز كان هادي، ضربت ألين كتفه بخجل بينما والدته ضربت كتفه الآخر وهي توبخه: قليل الأدب، قهقهة وهو يعتدل ثم سألها بنفاذ صبر: هتقولي الحاجة الحلوة ولا أخرج؟
ابتسمت هالة ثم قالت له بسعادة: هيجيلك بيبي..

ابتسم وسأل ألين بسعادة: حامل؟، هزت رأسها بنفي فعدلت والدته قولها: بقول باعتبار اللي هيحصل يعني هيجيلك بيبي..
هز رأسه وضحك بسخرية: طب ما أنا عارف إيه الجديد يعني؟
فسألته هالة بتفاجئ: إنت بتصدق إن ده ممكن يحصل؟
قطب ما بين حاجبيه بعدم فهم ثم قال بثقة: أنا معرفش انتوا اتكلمتوا في ايه ولا قولتوا ايه انا بتكلم عشان أنا واثق في نفسي وعارف انا بعمل ايه كويس!

توردت ألين وتحركت لتذهب لكنه سحب يدها أعادها بجانبه مجدداً وتابع بغرور وهو ينظر إلى والدته: الخلاصة يعني مجبتيش التايهة، ضربت كتفه بغيظ ووبخته بفظاظة: تصدق إنت اللي محتاج تربيه! لما تتربي أنت الأول تبقى ربيه ويلا شوف إنت رايح فين، أومأ وهو يضحك ثم قبل ألين فجأه جعلها تشهق وقال: هشوف فارس وهاجي أرجع ألاقي المفعوص الصغير ده نام عايزين نخاويه بقي الله!

ضحكت هالة وهي تهز رأسها بيأسٍ منه بينما ألين تركت له الغرفة نهائياً وركضت إلى المطبخ تُحضر حليبا كي يرتشفه إيان وينام بعدها..
جلس على المقعد المقابل للمطبخ بركبتيه وأسند مرفقة على البار يُراقب والدته وهي تتحرك في المطبخ حتى إنتهت أخيراً ووضعت أمامه كوب الحليب وقالت له ببرود دون النظر لوجهه: اشرب اللبن ونام عشان هتصحي بدري الصبح، وتركته وغادرت..

حدق بالكوب بتقزز فهو يكرهه لكن وجودها معه كان يشجعه وأحياناً تشرب معه وأحياناً أخرى فراس لكن الآن هُناك انقلاباً عليه ولن ينجده أحد يُجب أن يشرب وحده، وقد تمت المهمه و أرتشفه على مضض ثم خرج إلى الحديقة يبحث عن فراس..
سأله بحدة عندما رآه: بتعمل ايه هنا؟
ركض له وعانقة بقوة وحزن فهز فراس رأسه بنفي وحاول إبعاده: لأ، مش كل مرة إبعد!
لكنه شدد قبضته حول رقبته وقال بحزن: إنت عارف إني بحبك..

رد فراس بفظاظة: لا أكرهني إبعد يلا، هز رأسه بنفي جعلها تحتك برأس فراس وتابع بندم طفولي: أنا أسف متزعلش مني مش هعمل كده تاني والله..
أبعده عنه وهتف بحزم وهو ينظر إلى مقلتيه اللامعتين: إنت كل مرة بتقول كده وبترجع أسوأ من الأول؟

كوب وجهه بين يديه الصغيرة مثلما يرى ألين تفعل ووعده بصدق: مش هعمل كده تاني خلاص وحياة جنات عندي، قطب فراس مابين حاجبيه بتفكير فهذه المرة الأولى التي يقول هذا! ربما تأتي له جنات بفائدة في النهاية!
تنهد وهتف بنبرة هادئه خرجت حنونه رغماً عنه: خلاص مش زعلان يلا روح نام عشان الوقت اتأخر..

أومأ له وذهب مقوساً شفتيه بحزن ثم عاد أمامه من جديد بعد إن سار خطوتين فقط وقال بحزن وهو يرى نظرته المتسائله: هاخد بوسة قبل النوم، أومأ له وقرب وجنته منه كي يُقبلة..

قبله بهدوء وظل واقفاً ينتظر قبله فراس له لكنه لم يقبله ولم يبتسم له مثل كل يوم فعاد إلى السير من جديد وهو يحني رأسه جاراً خيبته معه تحت مُراقبة فراس له بطرف عينه ولم يكمل دقيقة حتى وجده يقف أمامه من جديد وطلب بتذمر: هات البوسة اللي أنا ادتهالك دلوقتي، إبتسم فراس رغماً عنه وهو ينظر له مراقباً نظرته المترجية كي يحصل على قبلته التي إعتاد عليها، فسحبه لأحضانه وعانقه بقوة مربتاً على شعره بحنان ثم قبله مع قولة بدفء: تصبح على خير..

إبتسم وقبل وجنته الأخرى ورد عليه بسعادة: وإنت من أهله، ممكن اقعد معاك شوية؟
ضحك وهو يهز رأسه وأشر له بجانبه فابتسم وجلس باحترام لبعض الوقت وقليلاً فقط وتحرك ليقف بين قدميه فحاوط فراس خصره وأجلسه متابعاً حديثة مع فارس بهدوء يتفقا معاً على ما سوف يقولان غداً عند على حتى هتف فارس بحنق وهو يحدق بهما كيف يقبله إيان وفراس يرد له القبلة: ممحونين أوي..
رد عليه بتهكم: بكرة نتفرج عليك لما تخلف هتعمل ايه؟

كاد يرد لكن إيان سأله باستفهام: يعني ايه ممحونين ياعمو..
صمت فارس يفكر قليلاً ثم قال له: يعني يا حبيبي حد عنده مشاعر جياشة، نظر له بعدم فهم وكاد يباغته بسؤالٍ أخر فلحقه وأفهمه بقوله: يعني حد كل ماتبوسه يردلك البوسه زي بابا كده كل ما تقوله كلمه حلوه يضحك ويقولك كلمة أحلى منها كده يعني فهمت؟
أومأ له ثم وضع يده تحت ذقنه يفكر وهتف فجأه: يعني جنات ممحونه؟

أومأ له وقال مؤكداً: وبابا ممحون كمان، نظر له فراس شزراً ولم يتحدث ليسأله إيان: وماما ممحونه يا عمو؟

ابتسم فارس وقال بتسلية: أسأل بابا يا حبيبي هو يعرف أكتر مني، نظر له إيان إلى فراس باستفهام ينتظر شرحه له فقال بهدوء وهو يقرص وجنته: بقول إنك تنام بقي وكفاية تلوث سمعي النهاردة يلا، وضع رأسه بأحضانه وبدأ يربت على ظهره بحنان مع قوله بتهديد: لو رفعت دماغك تاني هسيبك تنام لوحدك فوق غمض عينك ونام، أومأ وأغمض عينيه بقوة جعله يبتسم ثم قبله وقليلاً فقط وذهب في ثباته العميق..

قفزت على الفراش وهي تضحك ضحكتها الرنانه الرقيقة بسعادة فسحب جود قدمها أسقطها على الفراش الناعم تحتها ثم سحبها لأحضانه ودثرها بالغطاء وهو يبتسم مع قوله متذمراً: نامي بقي الله!
قالت له بلطافة وهي تضم يديها إلى صدرها: لسه مش شربت اللبن؟
دلفت نوران بهذا الوقت وهي تحمل الحليب بين يديها فتنفس جود الصعداء وقال بسعادة: أخيراً جه يلا اشربي ونامي..

ناولتها نوران الكوب بحذر كي لا يسقط منها، عادت إلى الجلوس ببطء وهي تنظر إلى الحليب الذي يهتز بخوف فاغرة فاهاً لسبب لا يعلمه جود ولا نوران، ربعت قدمها وقامت بتغطية جسدها ثم إرتشفت من طرف الكوب ببطء فسألتها نوران وهي تبتسم: كنتِ فاتحه بؤك ليه يا حبيبتي؟
رمشت تفكر ثم قالت وهي تهز كتفيها: مش عارفة بس عشان اللبن ميقعش مني!

ضحك ثم جود وقلد نوران وهي تضع تبرجها: زيك وإنتِ بترسمي الأيلاينر وبتحطي ماسكرا بتبقي فاتحاها على الرابع، ضربت كتفه بتذمر ثم تابعت جنات وهي ترتشف الحليب بحنان حتى أنهته وتسطحت وعانقت دُميتها ونظرت لهم بابتسامة رقيقة ووجنتين متورده في إنتظار قصة اليوم..

إبتسم جود واسند ظهره على جذع الفراش وتحدث بهدوء بعد إن تركت نوران الغرفة قليلاً: في مرة كان في واحده اسمها جنات وواح، أوقفته متذمرة: يا بابي عايزه قصة جديد وغير إسمي وإسم إيان بقي!
أومأ لها بطاعة وهو يقهقه عليها وقال بهدوء: اسمعي ياستي، كان في واحد إسمه عمار حب واحدة أكبر منه، قاطعته بسؤالها بلطافة: أكبر منه بشهرين؟

إبتسم وأومأ لها ثم تابع: وهي كانت إسمها ليلي حبو بعض أوي أوي، ناس كتير حسدتهم وحصلهم مشاكل كتير أوي بس فضلوا مع بعض واتجوزوا وعاشوا مع بعض في سعادة، ابتسمت جنات بسعادة وكادت تصفق لكن إبتسامتها اختفت عن شفتيها عندما قال بنبرة حزينة: بس، عمار مات في الآخر، ترقرقت الدموع بعينيها بتأثر وقوست شفتيها وهي ترتجف فعانقها بحنان وهدأها وهو يبتسم ثم قال: خلاص هقولك قصة حلوة متعيطيش، أومأت وهي تدفن رأسها بصدره ليبدأ بالحديث فأوقفته متذمرة: متقولش إسم حد نعرفه!

فقال بضيق: عاجبني فادي حلو!، هزت رأسها للجانبين باعتراض فاقترح: طيب يوسف؟، هزت رأسها أيضاً وقالت هي بعد تفكير دام خمس دقائق: قُصي حلو معايا ولد في الفصل إسمه قُصي وحلو..
قرص وجنتها وقال بخبث: هقول لإيان..
هزت كتفيها بلا مبالاة ثم قالت بفظاظة تعجب لها: مش مهم ما هو بيعاكس واحده اسمها عشق وأنا ساكته ومش بتكلم..

قهقهة عليها ثم قال بعد أن وجد إسم للفتاة: بصي بقي القصة دي مختلفة خالص الأخ قُصي ده يستي حب واحدة اسمها عشق وهي حبته اكثر واجهوا مشاكل كتير بس عشق كان عندها مرض وحش أوي أوي بس خفت منه وعاشوا بسعادة، وقبل أن تبتسم تابع بنبرة قوية: بس ماتوا في الأخر، سقطت عبراتها وهي تنظر له بلوم فعانقها وهو يضحك مواسياً: لا، لا، متعيطيش انا اسف، دفعته عنها وهي تبكِ ثم قالت بحرقة وهي تشهق بسبب قهرتها فهو يفعل بها هذا كل يوم: إنت أصلاً مش بتعرف تحكي كلهم عندك بيحبوا بعض مفيش قصة متحكليش حاجة تاني مش عايزة، ووضعت يدها على وجهها تتابع بكائها بحرقة فدلفت نوران بقلق عندما إستمعت إلى صوتها..

عانقتها بخوف وهي تسأل جود: حصل ايه؟، إبتسم ولم يتحدث فعلمت ما فعل فهذه ليست المرة الأولى ولا تعلم ماغايته حقاً من تلك النهايات البائسة؟
ربتت على شعرها وهي تعانقها بقوة كي تهدأ فهي مثلها لا تهدأ سوى بعناقاً وليس أي عناق فإن لم يكن عناقاً دافئاً من صاحبه فلا تهدأ بل وتبعده عنها أيضاً..
نظرت له بلوم وسألته بحزن: ليه كده يا جود متقدرش تخليها تنام مبسوطة يوم يعني؟

هز رأسه وقال بقلة حيلة: والله يانوران مش بقدر امسك نفسي وخصوصاً قدام ملامح وشها وهي متأثرة وضمه شفايفها! هي دي بسكوته نواعم اللي بيدوروا عليها كريمة غرقانه في الفراولة تشيز كيك بحب اشوفها كده لكن في مرحلة ما قبل العياط مش العياط خالص، يلا أسيبك تصلحي اللي انا عملته بقي..
نظرت له بغضب ثم عادت تنظر إلى جنات بحزن وقالت كي تتدارك بكائها: أحكيلك حدوته سندريلا يا حبيبتي؟

فقال جود كي يختم فعلته: متنسيش تقوللها القصة الثانية اللي مرات ابوها سحرهتم فيها والأمير مش
هيفتركها وهيتفرقوا!، ازداد نحيبها وتشبثت بملابس نوران وهي تبكِ فقذفته نوران بالوسادة بغضب وصرخت به: أخرج بره يا جود أخرج بره..

خرج من الغرفة ركضاً فعادت هي تربت على شعرها بحنان وهي تُقبلها مع قولها بأسف: اسفة ياحبيبتي متزعليش مش هخليه يحكيلك حاجة تاني، إهدي، بلاش عياط بالحرقة دي خلاص هحكيلك انا سندريلا، يلا اسمعي، هزت رأسها بنفي وهي تدفن نفسها تحت الغطاء ومازالت تبكِ بتقطع: أنا هنام خلاص، مش عايزه، مش عايزة، وأغمضت عيناها ووضعت رأسها على وسادتها الوردية وجسدها ينتفض أثر البكاء حتى هدأت بالتدريج وغفيت وهي تعانق دُميتها..

تنهدت نوران وهي تمحي عِبراتها العالقة بأهدابها بحزن وقبلتها بحنان و تسطحت جانبها ودثرت نفسها بالغطاء معها فعقاباً له ستتركه ينام وحده الليلة كي يتوقف عن تلك العادة فهي تبكِ إن أبكتها وهو يضحك ويشاهدها لأنها تكون جميلة ذلك الوغد عديم الإحساس!.

قبلتها مُجدداً وهي تُعانقها ثم نظرت إلى وجهها المُتورد لتبتسم بحنان وهي ترى شفتيها المزمومة بحزن فهي جميلة ورقيقة لكن لا يُجب عليه أن يبكيها كي يراها أيضاً فهي أجمل وهي تبتسم، لكن الرجال لديهم أذواق غريبة حقاً!

دلف إلى الغرفة وهو يبتسم فهو كان سينيم إيان وسطهم مثلما أراد كي لا يظل يثرثر هُنا وهُناك لكن والدته أخذته من بين يديه وأخبرته فقط أن يصب تركيزه على خطته المستقبلية التي تحدث عنها في الأسفل فضحك وتركها تأخذه ودلف هو إلى ألين التي كانت تنظر من النافذة بالتأكيد كانت تراقبهم..

حاوطها من الخلف وسألها بخفوت: قمري بتعمل ايه؟، ابتسمت بنعومه وربتت على يده مع قولها وهي تستدير: كنت بتفرج على إيان وهو بيصالحك..
هز رأسه بإرهاق وهدر بتعب: متفكرنيش ده متعب أوي، ابتسمت وربتت على صدره ليتابع وهو يقبل يدها بحنان: أوعي تكوني زعلتي من كلام المفعوص ده كلام!
أومأ بصمت ولم تتحدث فهتف بضيق بسبب ذلك الصمت: إنتِ مش عاجباني النهاردة! مالك؟!

هزت رأسها نفياً وقالت بهدوء: مفيش حاجة أنا بس همدانه شويه، إبتسم بعبث ووضع يده على معدتها: حامل ولا إيه؟، ضحكت بنعومه وقالت وهي تدفن رأسها بصدره: هو انا لحقت؟
رفع حاجبيه وسألها باستنكار: إنتِ بتشككي في قُدراتي؟
هزت رأسها بنفي وهي تضحك ثم قالت بتعب: لا يا حبيبي بس عشان أنا تعبانة تعب عادي من اللف وري إبنك على طول مش تعب حمل..

ربت على ظهرها بحنان وحاوطها، أخذها إلى التخت مع قوله بدفء: طيب نامي وارتاحي، سطحها ثم دثرها بالغطاء وكاد يذهب فسألته وهي تمسك يده: وانت هتعمل ايه؟
ابتسم قائلاً وهو يداعب وجنتها: هغير وهنام!
مطت شفتيها وهي تسأله بعبوس: هتنام بس!
رفع حاجبه الأيمن ونظر لها بخبث ثم قال بمكر: هو إنتِ عايزاني أعمل حاجة ثانيه؟
أومأت وهي ترفع يدها تعبث بياقة قميصه فازدادت ابتسامته الماكرة وسألها: مش همدانه؟

نظرت له بازدراء ثم شدت بعضاً من شُعيرات ذقنه بغيظ مع قولها: المفروض تقولي همدانه أنا هروقك هنسيكي مش تعالي ارتاحي! إنت مش عملي على فكرة!
رفع حاجبيه وقال بسخط: تصدقي أنا غلطان عشان بريحك يلا اقلعي، ضحكت وهي تقرص وجنته ثم قالت بسعادة وهي تطوق عنقه: عارف أنا نفسي في ايه؟
إبتسم بحب وسألها بهيام وهو يقترب أكثر: ايه؟
قالت بنعومه: عايزه بنوته عشان اسميها روتيلا..

عبس وقال بفظاظة: نعم! روتيلا ايه دي؟ هي ألين!
هزت رأسها بنفي وقالت بعبوس مُماثل وهي تُقرب رأسه منها أكثر: إنت سميت إيان وأنا اسمي البنت!
هز رأسه برفض وقال بصرامة أمام شفتيها: ألين برضه، أعادت بحزن وهي تهز رأسها: روتيلا!
أعاد بهمس داخل شفتيها: ألين!، وقد كانت ألين..
الآن وبعد مرور عامين..

كان يسير في المتجر يجر عربه المشتريات الحديدية حاملاً جبلاً على كتفه ولم يكن سوى إيان الذي يظن نفسه مازال صغيراً صاحب الثمانيه أعوام إلا بضع أشهر فقط وفراس لا يرفض له طلباً كي لا يشعر بالغيرة من شقيقته الصغيرة، أميرته وأميرة المنزل وليس هو فقط، نظر لها وهو يبتسم فكانت تجلس بالعربة بتلك المساحة الصغيرة الخاصة بمشتريات الأشياء المُثلجة تضرب يده وهي تضحك فابتسم وربت على شعرها الغزير الأسود كوالدتها بحنان مراقباً سنتيها الأماميتين وهي تضحك بتلك الرقة والصوت الخافت صاحبة العام وبعض الأشهر فقط فهي بالكاد تقف وتسقط وأحياناً تسير وتسقط، رقيقة كوالدتها تماماً نسخة أخرى صغيرة من ألين، لقد أسماها ألين لكن الجميع يناديها روتيلا فقط من أجل ألين كي لا تحزن وفي أغلب الأوقات يخطأ ويناديها بروتيلا هو الأخر وكم هذا يسعدها..

زفر وقال بنفاذ صبر: يا حبيبي كتفي هيتخلع إنت بقيت بغل خلاص انزل بقي!
قال برجاء وهو يميل برأسه وقبل وجنته: شويه كمان بس شويه كمان، تنهد فراس بقلة حيله وتابع سيرة مع قوله: دور على ماما كده وشوف مكانها فين؟
نظر حوله من مكانه المرتفع ثم قال وقد التمعت عيناه بسعادة: ماما بتجيب فراولة نزلني أنقي معاها.

لوي شدقيه وقال بسخط: قصدك تروح تاكل معاها مش تنقي يلا إنزل!، أومأ بحماس وتحرك للنزول ولكنه توقف وقطب حاجبيه بانزعاج عندما وجد إمرأه أقل مايقال عنها أنها جميلة تتقدم منهم بابتسامة واثقة وقد لاحظ أنها تراقبهم منذ أن رأتهم فظل مكانه ولم يتحرك..
لعنه فراس وضرب فخذه بخفة وزجره: في ايه انزل!.
قال بعند وضيق: لأ، مش نازل، زفر وكاد ينزله عنوه لكنها توقفت أمامه وقالت بابتسامة متسائلة: فراس صح؟

أومأ لها دون التحدث وهذا أحرجها فخجلت وقالت وهي تضع يدها حول عنقها بحرج: ايه يا فراس مش فاكرني؟
إبتسم باصفرار رغماً عنه وقال بأسف: مش واخد بالي معلش!
تضاعف إحراجها وقالت بتلكئ: انا نسرين كُنت معاك في المدرسة والجامعة!
اتسعت ابتسامته المصفرة وقال بأسف من جديد: أسف مش فاكرك أوي!
ضحكت تداري حرجها ثم سألته وهي تربت على شعر
روتيلا بخفة تحت أنظار إيان الحارقة: دول ولادك؟

أومأ لها فشد إيان شعره من الخلف وقاطعه فتلك هي العادة الوحيدة التي تُصاحبه ولم يتخلص منها بعد: بابا عايز كورن فليكس..
زفر وقال صراً على أسنانه: استني يا حبيبتي إهدي!
فقال بإصرار متصنعاً البُكاء: لأ، ده ورايا عايز واحد..
ابتسمت نسرين وقالت له: هجبلك أنا يا حبيبي، إبتسم إيان بخبث فخطته تنجح، زفر فراس و قرص فخذه بنفاذ صبر جعله يضحك مع قوله بوجوم: جتك البلا جِبلة!

زادت ضحكاته وحس فراس على العودة إلى الخلف، توقف أمام الهرم المبنى بمنتصف الممر الذي يقفان به، هرم مُكون من مُعلبات الصفيح المُعبأة بأحد المنتجات فانتظر إيان تقدمها منهم وعودتها بما طلب لتزداد نظراته مكرا وهو يراقبها بثقب وقبل أن تتوقف أمامهم شد علبة من المنتصف وهو يسأل فراس بجهل: ايه ده يا بابا؟.
إنهار الهرم فوق رأسها فصرخت بألم وهي تسقط مع عودة فراس إلى الخلف عندما وقعت واحده فوق قدمه ألمته..

وضعه بالعربه وهو يلعنه ثم هرول لها بقلق لكنه وجد حشداً إلتم حولها وساعدوها بالوقوف وذهبت من هُنا نهائياً..

مسد جبهته بإرهاق بسبب ذلك المُشاكس الذي لا يتوقف عن إحداث الضرر كُلما ذهب معهم إلى الخارج، أخرجه من تفكيره صوت بكاء روتيلا بحرقة فعاد لهما وحملها بقلق فدفنت رأسها بصدره تتابع بكائها بخفوت رقيق فقبلها بحنان وهو يمسح عبراتها بحزن مراقباً تقويسة شفتيها ليلاحظ كنزتها البيضاء ذات النصف أكمام التي تبرز ذراعها المنتفخ والشورت الجينز القصير الذي أبرز قدمها وحذائها الدائري وجواربها البيضاء التي غطت كاحلها ثم قهقه بسعادة لا توصف وهو يحدق بأصابعها وذلك الخاتم الصغير الذي ترتديه في الوسطى فقبل يدها بحنان ثم نظر إلى رقبتها التي تزينها قلادة تشبه خاصة ألين كان قد جلبها لها ثانِ يوم من ولادتها فقط بينما ذلك اللعين مازال سوارة يكبر معه كُلما كبر صفع مؤخرة رأس إيان بغيظ وسأله عندما وجده يتصنع عدم الإهتمام خلاف العادة: عملتلها ايه؟

كتف يديه أمام صدره وقال بغضب: انا شديت شعرها، وأخرج له لسانه بنهاية حديثة ثم قفز من العربة وركض إلى ألين..

قضم شفتيه بقهر وهو يراقبه ثم نظر لها وقال بقلة حيلة: معلش يا بنتي نصيبك كده، همهمت وهي تنظر له بزرقاوتيها الدامعة فعانقها بقوة لتدفن رأسها بعنقه وهي تمسك طرف ياقته بأصابعها الرقيقة بخفة، عاد إلى السير جاراً تلك العربة أمامه ليتوقف بمنتصف الطريق وهو يقهقه عندما رأى ألين تسير ممسكة بطبق مغلف ممتلئ بثمرات الفراولة الطازجة قامت بفتحه تتناولها في الطريق بتلذذ وهي تتسوق وإيان يسير بجانبها تحشو فمه بها كل برهة وأخرى وهي تبتسم ولو كان معها لأطعمته هو الأخر فهي لا تتوقف عن طلبها وخصوصاً فترة حملها لم تكف عن طلبها وتلك التي تسند رأسها على كتفه تبكِ إن لم تتناولها فهو يظن بل ومُتأكد أن أكبر مشكلة قد تواجههم في المستقبل فراغ الثلاجة من الفراولة يا إلهي على ما سوف يحدث..

ضحك وهو يراقبهما يتجولانِ معاً بهدوء لتسقط عيناه على معدتها الخاوية ولا يعلم لما تلك الرغبة الجامحة التي تجعله يريدها أن تمتلئ وتنجب من جديد ولا تظل خاوية أمامه هكذا أبداً! يريد منحها كل شيء، لقد دلف معها أثناء ولادتها ساعة قضاها وذاق بها عذاباً و ألم يذقه من قبل! لقد بكى وهو يراقبها كيف تتألم و تتلوى وتصرخ تطلب المساعدة والإنتهاء من هذا! لقد كان يُشاهدها عاجزاً عن مساعدتها وفعل شيءً ما! يعلم أن ألم الولادة لا يحتمل وأقوي ألم قد تشعر به المرأة وهذا ما كان يؤلمه أنها تخوض هذا وحدها وكل ما جال بخاطره في هذا الوقت أنها واجهت هذا وحدها من قبل دون وجوده معها ومواساته لها مثلما حدث وهذا جعله يدرك معنى قولها أنه تركها عندما كانت بحاجته وفي أشد مراحل ضعفها، و بعد انتهائها وفقدانها إلى الوعي تهاوي هو ساقطاً أمام الغرفة غير قادراً على التحرك ولا التحدث من تلف أعصابه وهذا جعل جود يسأله ساخراً من كان يلد هو أم هي ليباغته بسؤالاً أخر هل عانت وحدها كل هذا قبلاً وهل كان بنفس القدر من الألم؟ ولم يكن جوابه سوى بنعم وكان أكثر صعوبة لأنها كانت ضعيفة وتعرضت إلى العنف إضافة إلى أنها كانت وحدها ومن المفترض أنها شهدت موته! كيف من المفترض أن تكون حالتها؟ وهذا لم يزده سوى ندماً وتقديراً لها فكل مشاعره وما يكنه لها من عشق وحب وهيام تضاعف بداخله أكثر من تضاعفه الطبيعي وكل تلك الرقة والدلال لها تضاعف أضعاف مضاعفة إضافة إلى مساعدته لها بكل شيء في المنزل، رُبما هي تنسي الألم وهذا الطبيعي لجميع النساء لكنه لم ينسى بتاتاً حالتها وما عانته في تلك الساعة! ستظل أمام عينه دائماً كي لايفكر أن يجرحها ولا حتى أن يصرخ بوجهها، ليس من المفترض أن تُعاني كُل هذا ويأتي هو يجرحها بكل سهولة لأي سببٍ كان فهذا ليس عدلاً! فهي لا تستحق سوى الدلال فقط وهي بطبيعتها إمرأة مدللة وناعمه كيف لن تتدلل؟!

ليسأل نفسه هذا السؤال الأخر، لما جميع الرجال هُنا يتذمرون وعلامات الضيق بينه على وجوههم؟ هل ضجروا من التسوق؟ إذاً لما لا يقفون يتأملون زوجاتهم بسعادة مثلما يفعل هو؟ لما؟!
استفاق من شروده على تلك الأنامل الناعمة التي وضعت ثمرة الفراولة بفمه وهي تقبل وجنته بنعومة مع قولها: سرحان في إيه؟
إبتسم وهو يمضغها ثم قال بهيام: في مين يعني غيرك؟.

صاح إيان باعتراض وقال ساخطاً: لأ، يا ماما سرحان في نسرين يا ماما بنت حلوه أوي كانت لابسه فستان قصير أحمر وشعرها طويل كانت ماشية كده، وقلد مشيتها المُتمايلة بغنج أنثوي ثم قام بتنعيم صوته الذي تغير قليلاً وقال مُقلداً نبرتها: ايه يا فراس مش فاكرني كُنت معاك في الجامعة، فغر فراس فمه وهو يراقبه كيف لاحظ كل هذا فهو لم يرى لون ثوبها حتى وهي لم تكن تتحدث بتلك النعومة أيضاً! لم توجد بعد من هي أنعم وأرق من ألين سوى ابنتها الصغيرة!

ابعد نظره عنه بازدراء ونظر إلى ألين التي كانت تعقد يديها أمام صدرها والشرار يتطاير من عينها وهي تنظر له فهز كتفيه وقال بقلة حيلة: أنا مليش دعوة! هي اللي جت ونكرت إني أعرفها رغم إني افتكرتها وعارفها كانت معايا فعلاً، ثم غمزها وتابع بعبث: بس إنت إللي في القلب يا جميل، لم تتبدل ملامحها عن الضيق شاعرة بتلك النيران والغيرة التي تأكلها من الداخل لتجد إيان يشد طرف ثوبها الطويل الفضفاض ذات الأكمام شبيهاً بفساتينها الواسعة التي كانت ترتديها وهي حامل وقال مفتخراً بنفسه: بس أنا يا ماما مسكتش ووقعت عليها كل العلب اللي كانت محطوطة فوق بعض هناك أنا شاطر؟

هزت رأسها بنفي وقالت له بحزن: لا حبيبي مش شاطر أكيد إنت كده أذتها متعملش كده تاني مع حد عشان العيب مش عليها أصلاً!، ورمقت فراس بطرف عينها بنهاية حديثها جعلته يزفر و هتف باستنكار: أنا مالي أنا! شيفاني أنا اللي روحتلها؟!

إقتربت ووقفت أمامه وهتفت وهي تصر على أسنانه بغضب وقالت بصرامة: مش ذنبي! لما يحصل كده تسيبيها وتمشي فوراً!، ضحك فراس وهو يهز رأسه ثم سألها: طفل أنا عشان أسِبها وأمشي! هي جايه تقولي هات أشرب؟

تهجمت ملامحها واحمر وجهها من شدة الغضب وحركت شفتيها كي تلقي عليه الكلمات اللاذعة التي تُكون نفسها بنفسها في تلك المواقف لكنها توقفت مبتسمة بحنان وتلاشي جميع غضبها وهي تجد روتيلا تضع يديها حول وجنتيها وهي تبتسم محركة أهدابها ترمش بعيونها الواسعة وهي تنظر لها تبتسم بسعادة فكم هي جميلة تُشبهها فعيناها بحراً أخر سيغرق به أحد العاشقين يوماً، نظرت لها ألين بحنان بالغ وعانقتها بقوة وهي بين يدي فراس ثم مالت تُقبلها فقبلها فراس غفلة وهي قريبه منه فابتعدت وهي تكشر بوجهه فنظر فراس إلى طفلته وقال لها بتذمر: قوللها حاجة بقي!

تجاهلته ألين ثم قالت إلى إيان الذي أخذ طبق الفراولة من يدها منذ زمن ووقف يتناوله وهو يحدق بهم بتسلية وكأنه يشاهد فيلماً: يلا يا حبيبي نكمل الشوبنج بتاعنا وماتجيش ورانا، وذهبت من أمامه فابتسم ولحق بها فهي عندما تقول لا تأتي معناها فلتأتي وظل ملتصقاً بي وليس أن تأتي فقط..

توقف ووضع روتيلا في العربة كي تلعب بتلك الأكياس المعبأة بالأشياء الغير الصحية الذي لا يتوقف اللعين عن جلبها وإلقائها ببذخ ثم يذهب ويعود راكضاً من جديد مثلما يفعل الآن تماماً..
ألقي كيس المقرمشات فارتطم بوجهه روتيلا، رمشت وهي ترفع رأسها ثم بكت بحرقة وهي تقوس شفتيها فحملها فراس بحنان مع قوله بحده: ماشي يا غبي لما نروح هعرفك..

وضع يديه حول فخذها والأخرى خلف ظهرها ورفعها لصدره وحدثها كشخصٍ كبير وهو يبتسم: تعرفي إنك إنتِ أجمل حاجة حصلتلي بعد ماما والجحش الصغير ده؟، ثم ضحك على نفسه فهو لم يقل ما هو جديد ومميز!، هز رأسه وقال بحنق: أنا بقول نتصور أحسن يلا، وأخرج هاتفه والتقطت لهما بعض الصور.

إبتسم وهو يشاهدهم حتى توقف عند الصورة الأخيرة فقال بسخط وهو يرى إيان بها: أعوذ بالله، نظر خلفه فوجده يقف صامتاً عاقداً يديه مُنزعجاً من شيءً ما فسأله مشدوداً: في ايه؟
قال بتذمر وعدم رضي: ماما لسه بتجيب اللبن..
سألها باستنكار: لسه بتجيب اللبن! أومال كانت مشغولة في ايه كل ده؟
إبتسم وقال بتكبر: كانت بتجيب حاجات ليا عشان المدرسة..
فرد فراس بفظاظة: طالما جبتلك مضايق ليه؟ ولا عايز أختك تفضل من غير أكل؟!

قال بحنق ولا مبالاة وهو يهز رأسه بعدم إهتمام: وأنا مالي أنا هي بنتي؟
شد فراس شعره بخفة وهز رأسه بين يديه وهتف مُحذراً: دي بنتك غصب عنك هتكبر ومش هتكون ليها غير أب حنين معاها في كل حاجة فاهم وإياك يحصل غير كده..

نظر لها بضيق ليجدها تضحك بأحضان فراس فتأفف بنفاذ صبر مع قوله: أوف بقي، وقبل أن يتحدث فراس زجرته ألين بحده وهي تضع مابيدها في العربة: ايه ده؟ مش قولنا أوف دي عيب ومتتقالش لحد وخصوصاً أنا وبابا؟ مش بتسمع الكلمة ليه من أول مرة لازم أعيد وأزيد في الكلام يعني؟، قلب عيناه بوقاحة فرفعت حاجبيها و دنت بالقرب منه وأمسكت معمصة بقوة وسألته بحدة: مش قولت الحركة دي كمان متتعملش تاني؟ ماشي..

رفعت جسدها ثم لملمت جميع ما أختاره وقام بوضعه من طعام وتسالي وقالت بنبرة لا تنم على المُزاح مُطلقاً: مفيش شيبسي ولا أي حاجة من دي هشتريها وخليك فاكر إننا مش بنزل كل يوم ومش هنيجي هنا تاني قبل أسبوع تبقي مُص صوابعك في البيت بقي، وتركته وغادرت حاملة بيدها قلبه..

ضرب قدمه في الأرض بتذمر ثم نظر إلى فراس لينظر بالاتجاه الأخر وهو يضحك فلن يتدخل يستحق هذا فألين عندما تغضب منه لا تجعله يتنفس تعلم كيف تسيطر عليه وتجعله يعود لها..
عادت بعد بعض الوقت وقالت بهدوء: خلاص خلصت ممكن نمشي يلا، تحركا الإثنان لكن إيان لم يتحرك وظل ثابتاً مكانه ثم رفع نظره إلى ألين وقال بحزن وتهديد: لو مرجعتيش حاجتي تاني هعيط..
قالت له بقسوة ودون تعبير: عيط عشان إنت قليل الأدب وتستاهل..

صرخ بوجهها وصدره يعلو ويهبط على وشك البُكاء: أنا مش قليل الأدب متقوليش كده!.
ربت فراس على ظهره بحنان وحثه على السير: خلاص يا حبيبي يلا عشان نروح..
فقال له بأعين دامعة: أنا مش همشى من غير حاجاتي مليش دعوة..

نظرت له وقالت بحده: مفيش حاجة هتيجي إنت محروم من كل حاجة حتى النادي مفيش مرواح النهارده كمان وإنت ما تطبطبش عليه يستاهل عشان محتاج يتربى من جديد وإنت كمان معاه، وأخذت مفتاح السيارة من جيه وتركته وذهبت إلى الخارج تحت تحديقه بها بتعجب تلك المجنونة!.

استقلت السيارة وظلت جالسه تُوبخ نفسها بحدة بسبب غليلها الذي أخرجته بطفلها ثم نظرت إلى حقيبة المُشتريات التي جلبتها معها ووضعتها في الخلف فهي لن تعيد تلك الأشياء حقاً مثلما قالت..
دني منه وعانقه بحنان وهو يربت على ظهره: خلاص متزعلش، بينما روتيلا مالت عليه كوالدها فحاوطها ثم حملها من فراس فابتسم فراس وهو يُراقبه جيداً كي لا يسقطها ثم قال له بحنان: يلا تعالي وريني كنت جايب ايه وانا هجبهولك..

هز رأسه برفض ثم قال له بحزن: خلاص مش عايز حاجة مش هجيب، وسار بصمت حتى وصل إلى السيارة ففتح له فراس ليجلس في المقعد الخلفي وأجلس روتيلا بأحضانه..
فتح الباب الخلفي للسيارة ووضع به الحقائب واستقل مقعده الأمامي بجانب ألين وبدأ يقود بصمت ولم يتحدث أحداً طوال الطريق عدي روتيلا التي كانت تضحك كل برهة وأخرى بعد أن تشد شعر إيان المُتساقط على جبهته فوق الوشاح..

توقفت السيارة أمام بوابة المنزل حتى فتح إلكترونيا ثم تابع سيره إلى الداخل في منزله الذي في الهِو تقربياً بعيداً عن الأنظار أو كان هكذا!.

لقد تم بناء مبنى بجانبه خاص بالصيد ولا يعلم لما تركوا العالم أجمع وأتوا بجانبه؟ فإن دوي صوت بندقية الصيد يكون قوي و يفزعهم في كثيرٍ من الأحيان وخاصتاً أطفاله فما ذنبهم ليعيشوا في هذا الرعب؟ وإضافة إلى هذا لقد أصابت إحدى الطلقات الحائط الزجاجي الخاص بالمنزل والذي يطُل على المسبح وجميعهم يمرون من خلاله ذهاباً وإياباً في كل الأوقات و تم تهشيمه عن طريق الخطأ لكن لحسن حظهم أنهم كانوا في الأعلى جميعاً فذهب فراس مباشرة إليهم وقاضاهم وكاد يغلقها لهم لكن مدير المبنى الذي يعمل محل مالكها الحقيقي ترجاه وكاد يبكِ وهو يُخبره أن يتركه ولن يحدث مثل هذا الخطأ مُجدداً وصمت فراس ولم يتحدث ولم يحدث هذا من جديد!.

أعطي ألين الحقائب تدخلها هي وحمل هو إيان على كتفه ثم روتيلا عندما رآهم يغفيان بأحضان بعضهم البعض فإيان عندما يحزن يبكِ وإن لم يبكِ ينام وهذا ماحدث، صعد بهم إلى الأعلى مباشرة، وضع إيان بفراشة وهي بجانبه كي لا تستيقظ وتجد نفسها وحدها وتبكِ، دثرهم بالغطاء معاً وذهب..

رتبت جميع الأغراض في الأسفل ووضعت كُل شيء محله ثم قامت بتحضير وجبات خفيفة لليوم فهم لا يأكلون في المنزل هذا اليوم بفضل إيان الذي يجبرهم على تمضية اليوم كاملاً في النادي..
إنتهت وصعدت إلى الغرفة كي تُبدل ثيابها لتتيبس قدمها أمام باب الغرفة وهي تري فراس يخرج ثياباً له من إحدي الرفوف المُعلقة ثم شد منشفة ليسقط معها شريط يبدو أنه شريط دواء لما يوضع هُنا؟

انحني فراس يلتقطه بتعجب ليقطب ما بين حاجبيه بغضب عندما تبين له أنه حبوب منع الحمل فهو لن يخطأ بها أبداً، قلبه بين يديه يتفحصه ويبدو أنه مازال جديداً ولم يفتح بعد وهذا جعله يُفكر هل هذا سبب امتناعها عن الإنجاب طوال الخمس سنوات السابقة؟ لقد بكت عندما مازحها ببداية زواجهم وأخبرها أنه انه لا يُريد أطفالاً هل أصابتها العدوى الآن؟

تركه بيده وبحث عن غيرة وسط الملابس بعصبيه علمتها من حركة جسده السريعة فإن شك بها وفقدت ثقته تستحق هذا!
رفع رأسه وهو يزفر ثم التفت كي يذهب ويتخلص منه نهائياً وكأنه لم يعرف شيء لكنه توقف عندما رآها تقف أمام الباب تنظر له بوجه شاحب وأعين دامعة فلم يُرد أن يفعل هذا لكنها من جاءت الآن!

لوح به يميناً ويساراً أمامها وهو ينظر لها باقتضاب يحتاج تبرير لما يحدث فتقدمت بخطوات بطيئة تحني رأسها والغشاوة على عينيها تزداد بسبب عِبراتها حتى توقفت أمامه ونظرت له فلم يُحدثها ولم ينظر لها بحده ولا بغضب ولا وعيد بل كانت نظره فارغة ينتظر أن تقُص عليه كي يختار التعبير المناسب الذي تستحقه لكن مع هذا لم يكن ليفعل شيءً فهو أخذ عهد على نفسه بهذا وإن لم ترد الإنجاب مُجدداً يُمكنها أن تخبره فإن الحبوب مُضرة وليست جيده كي تأخذها أيضاً!

شهقت وانفجرت باكية بحرقة قبل أن تتحدث وهي تضع يديها على وجهها فهو الندم بعينه، تبكِ ندماً لأنها تعلم أنها المُخطئة بهذا وليس هو ولن تلومه إن صفعها حتى..
أمسك يدها برقة وأبعدها عن وجهها ثم أخذها وأجلسها على التخت وجلس مُقابلها و قام بمسح عِبراتها وكوب وجهها بين يديه مع قولة بحنان: إنتِ بتعيطي ليه؟ متعيطيش مفيش حاجة هتحصل! إحنا هنتكلم بس!
ارتمت بأحضانه وقالت بندم: أنا أسفة، أسفة..

ربت على ظهرها بحنان وقال بنبرة حزينة ميزتها بسهولة: مش همنعك لو مش عايزة تخلفي تاني بس أنا عايز أعرف ليه؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة