قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية بإسم الحب للكاتبة هاجر الحبشي الفصل السابع والستون

رواية بإسم الحب للكاتبة هاجر الحبشي الفصل السابع والستون

رواية بإسم الحب للكاتبة هاجر الحبشي الفصل السابع والستون

كان يسير بالخارج ذهاباً وإياباً بقلق وتوتر فهم إلى الآن لم يخرجوا من الداخل وهذا أخافة..
وجد من يخطف من يدة وحدة التحكم فقال بضجر: نور! توقفي ستؤدي بحياتهم بسبب مزاحك الثقيل هذا
عادت بخطواتها للخلف وهي تهز رأسها بنفي فقال بتحذير وهو يمد يدة لها: هذا إن سقط ستقومين بقتلهم أيتها الغبية هاته الان!

نظرت له بعبوس ثم وضعته بيده فأخذه منها وهو يزفر ثم تابع سيره وكل تارة وأخري يحدق صوب الباب منتظراً خروج أحدهم..

ظل واقفاً لبعض الوقت مستنداً على مقدمة سيارته واضعاً وجنته على راحة يده بهدوء فوجد نور تضرب كتفه بعنف فنظر لها بغيظ وكاد يصفعها لتتوقف عن إزعاجها له لكنه هو من توقف عندما رأى ملامحها المتفاجئه وتأشيرها بيدها إتجاه الباب بلهفه فنظر صوب الباب مع تقدمه للأمام كي يرى من فوجده جود يحمل ألين ويتقدم منهم بخطوات شبه راكضه فأخذته خطواته للأمام أكثر كي يساعده، لكنه توقف بمنتصف الطريق وتحجر مكانه عندما رأى إنجي تخرج خلفهم وهي تلهث فهي قد أضاعت طريقها بالداخل وهذا جعلها تتأخر بالخروج..

ظل يرمش بعدم تصديق وعيون جاحظة تحدق بها بذهول وعدم تصديق هل هي حقاً؟! هل وجد من أحبها الآن؟ ومن امتنع عن الزواج من أجلها؟!
ومن دون أن ينتبه لنفسه ولا لجسده الذي تخدر ويده التي إرتجفت لحقها سقوط الجهاز من يده وصُدوح صوت إنفجار قوي وإنهيار المكان أثر ما وضعوه في الداخل لحقة قوله بصدمه: يا إلهي..

تعرقل جود وسقط بألين بسبب قوة الدفع لحقتهم إنجي التي إكتفأت على وجهها وارتطمت رأسها بأحد الصخور الصلبة وسقوط نور على ركبتيها بجانب السيارة تنظر لما يحدث حولها بصدمه وذهول ونوع من الاستهجان تزامناً مع تحريكها لشفتيها محاولة إخراج صوتها ومايكل كان ومازال لا يدري بما حوله لقد توقف الزمن به!.

قفز من على الحائط التي كان يصوب عليهم من خلفها وهو يبتسم محدقاً بجثثهم بتشفي ثم نفخ بمقدمة مسدسة وأعاده في جيب بنطاله بابتسامة ثم ذهب ليرى ما يحدث..
صرخت ب جود بقهر وهي تبكي ضاربتاً إياه على صدره بقوه: انت، انت، السبب، المكان انفجر، انفجر، فراس جوه قولتلك مش هسيبه كل ده بسببك مخدتهوش معانا ولا سبتني معاه، انت السبب.

قيد يدها بقوه ثم قبض على فكها بنفاذ صبر بسبب تصرفاتها الغبيه وقال بغضب جهوري وخشونة تراها منه لثانِ مره: لو حد السبب في كل اللي بيحصل ده ف يبقى إنتي فاهمه؟، ثم تابع بتهكم وهو يهزها بين يداه: مش مستحملة يوم أسبوع ولا حتى شهر بعيد عنك؟! أديكِ مش هتشوفيه باقي عمرك وريني بقي هتعملي إيه؟! تبقى خلي لهفتك وخوفك يرجعهولك تانى بقى..

صرخت بصوت مبحوح وهي تهز رأسها واضعه يدها على وجهها فجذبها لأحضانه دافناً رأسها بصدره بحزن لتشهق بتقطع وهو يحدق بالمكان الذي هُدِم أمامه بحزن كي تهدأ لكنها لم تهدأ بل زاد تعبها و ألمها و نحيبها وكل شيء تضاعف حتى وجدها تصرخ وهي تتلوى من الألم فقال بهلع وهو يحدق بها: إيه؟ في إيه؟!

لم ترد عليه مستمره بصراخها فحملها بخوف وهو يبحث بعينيه عن مايكل لكن الضباب الذي كان حولهم أثر التُراب حال دون ذلك ولم يره فوقف وأخذ يسير بسرعة وخوف وهو يستمع لصراخها الذي لم يتوقف باحثاً عن وسيلة مواصلات حتى وجد سيارة سوداء فخمة توقفت أمامة وخرج منها محمود الذي قال سريعاً يحثه على استقلالها وهو يفتح باب السيارة: تعالى بسرعة دي بتولد، توقف جود متعجباً لرؤيته ومساعدته لكنه صعد فذلك ليس وقت يخشاه ويشك به!

ركض مايكل لها وساعدها بالوقوف وما زال يحدق بها ك الثمالا بعدم تصديق لكنها قبضت على يده وقالت برجاء وهي تبكي والدماء تسيل من جبهتها: مايكل، مايكل، إنه إبني أرجوك أنقذه إنه بالداخل..
فقال لها بلهفة وهو يحدق بها بعدم تصديق: إنجي! إنه أنتِ إنه أنتِ!.
فأعادت وهي تبكي بفتور: مايكل إبني، إبني..
قال بتشويش وهو يقطب حاجبيه: إبنك؟ من من هو؟!

فقالت وهي تنتحب: إنه نائل، إنه نائل، لقد وعدني أنه سيأتي خلفي وعدني..
فقال بعدم تصديق: نائل؟ نائل هو إبنك؟!
أومأت له ومازالت تبكي فعانقها بقوة كي تهدأ وكأنه ليس السبب بكل ما يحدث الآن.
لقد تذكر الآن تلك الصورة التي أرتها له نور فكانت قديمة وباهتة ولهذا لم يرى وجهها بوضوح لقد كانت هي!.
أخرجه من شروده سماع شهقه من خلفه فالتفت إلى نور التي تناساها وقال بذهول وهو ينحني لمستواها: نور، نور، هل هذا صوتك؟!

صرخت به وهي تبكي بانهيار: لقد قتلتهم، قتلتهم، ألم تخبرني أن أعطيك إياه كي لا يسقط من يدي؟! فماذا فعلت أنت! ماذا فعلت؟!
تأسف بندم وهو يمسك يدها: أقسم أنني لم أنتبه لم أنتبه
فصرخت به وهي تضع يدها على قلبها بألم: وماذا سأفعل باعتذارك ماذا سأفعل به يا إلهي، نائل، نائل، ناااااااااااااااائل..
حاوط كتفيها بأسي كي تهدأ وقال برجاء: نور نور أرجوكِ إهدئي..

دفعته عنها بحده وجسدها ينتفض من البكاء: إبتعد عني لا تلمسني إبتعد..
فقال برجاء وهو يستعطفها كي تسامحه: نور، أرجوكي سأبحث عنه بالداخل لن يموت صدقيني هو ليس غبياً..
فقالت بحرقة وهي تحدق به بنظرات مأنبه: وهل أصبح الموت للأغبياء فقط هاا؟!، ثم تابعت بقلب محطم وهي تشهق: هنيئاً لك مايكل لقد وجد حُبك وقتلت حُبي هنيئاً لك..

تنهد بحزن وهي يرى حالتها: نور أقسم أنن، لكنها صرخت بوجهه بوجوم: لا تتحدث ولا تُقسم لا أريد سماع شيء منك لا أريد، ووضعت يدها على أذنها بنهاية حديثها فقال وهو يلتفت كي يحادث إنجي: إنجي، قولي شي، توسعت عيناه بخوف عندما وجدها ساقطة خلفه فاقدة للوعي فأخذ يصفع وجنتها بخفه: إنجي فالتستيقظي، إنجي، إنجي، لكنها لم تفق فحملها بسرعة وقام بوضعها بالسيارة وعاد كي يأخذ نور لكنها صرخت به مبتعدة وهي تنظر له بكره: لن أتي معك لأي مكان فأنا أكرهك هل تفهم؟!

جثى على ركبتيه أمامها وقال برجاء: نور أرجوكي أرجوكي لا أستطيع تركك هُنا فالتأتي معي سوف أبعدكم عن هُنا ومن ثم سأعود مجدداً أرجوكي.
لكنها هزت رأسها بهستيريا وهي تشهق ضامه جسدها: سأنتظر نائل هُنا سيخرج سيخرج أنا متأكده سأبقى بانتظاره سأبقى..

هز رأسه بأسى وهو يراقب حالتها وقبل أن يتحدث وجد سيارة سوداء شبيهة بالتي أخذت جود وألين توقفت بجانبهم خرج منها بعض الأشخاص تحدث أحدهم: معانا أوامر من والد حضرتك إننا ناخدك..
لكنها لم ترد عليه بل أكملت بكائها بصمت، نظر الرجال لبعضهم قليلاً قبل أن يتقدم أحدهم وأوقفها معه تحت استسلامها وعدم مقاومتها لهم فاعترض مايكل وقال بحده: من أنتم وأين تأخذونها؟!

فقال أحدهم بخشونة: ستكون بمأمن مع والدها أكثر ولا تتدخل بما لا يعنيك فهي ستكون بخير، ثم تركه وأشر لصديقة بأخذها فأومأ له وسار بها اتجاه السيارة ساعدها بالجلوس ثم أغلق السيارة وذهب..
حدق مايكل بأسى وحزن صُوب المكان الذي أصبح خراباً الآن ثم أخرج هاتفه وقام بمهاتفة الشرطة كي تأتي حتى يقوم بتوصيل إنجي بذلك الوقت ويعود فيكونوا قد وصلوا..

قال جود برجاء وهو يربت على شعرها بحنان يسير بجانب الترولي الذي وضعوها عليه متجهين لغرفة الولاده: استحملي عشان خاطري استحملي استحملي
فقالت بألم ورجاء وهي تمسك يده: أنا عايزه فراس، عايزه فراس، وهذا أخر ما قالته قبل أن تختفي عن وقع أنظاره في داخل غرفة الولادة...

مر نصف ساعة تقريباً ومازال يقف بالرواق ينتظر أن تنتهي مستمعاً لِصراخها الذي مزق قلبه لأشلاء ولا يعلم لما تأخرت إلى الآن ولما تصرخ بتلك الطريقة التي أرعبته ف نوران لم تكن حالتها متعسرة هكذا!
وضع يده على أذنه كي لا يسمع المزيد شاعراً بالأختناق فكيف يتحملون كل ذلك العذاب ويتناسونه وكأنه لم يكن يوماً؟!.

=: أنتِ لا تُساعدين نفسك هكذا؟!، هذا ما قالته الطبيبة بعدم رضي بسبب عدم فعلها لشيء سوى الصراخ فقط تصرخ..
فقالت بألم غير مبالية بأي لغه: أنا، مش قادرة استحمل، مش قادرااااااااااااااااااه، فراس، فراس..

وظلت تبكي بحرقة وشهقات متقطعة وهي تعض يدها غير قادرة على التحمل أكثر حتى شعرت بيد تربت على شعرها برقه فحركت رأسها بتعب للجانب الأخر فوجدته يجلس بجانب الفراش على ركبتيه يبتسم لها بحنان مستمراً بتربيته على شعرها..

فقالت بلهفة وهي تبكي بانفعال متنفسه بتعب: فراس، فراس، أومأ لها وهو يبتسم وأمسك راحة يدها بين قبضة يده برقه فقبضت عليها بقوة وهي تصرخ بألم فقال بحنان وهو يجفف جبهتها التي تتصبب عرقاً: إهدي، إهدي وخدى نفسك خدي نفس، أومأت وهي تمتثل لأوامره وبدأت تلتقط أنفاسها بهدوء منتبه لما يقول: اسمعي كلام الدكتورة اسمعى كلامها، أومأت له وهي تنفذ كل ما تقوله الطبيبة لها وهي تقبض على يد فراس صارخة بألم فتلك الألام لا تطاق وقد إكتفت من هذا واستسلمت لإغمائها لكن يد فراس التي قبضت على يدها تحثها على الانتباه وعدم الاستسلام جعلتها تعاود الصراخ مجدداً وهي تشد شعرها بقوة واليد الأخرى كانت تضغط بها على يد فراس الذي لم يكن سوى نزج من خيالها..

توقفت عن المقاومة عندما سمعت صوت بكاء طفلها لتتنفس براحة وهي تغلق جفنيها بتعب مستسلمة للإغماء مع سقوط يدها التي كانت معلقة في الهواء!.
تحرك بلهفة عندما وجد الباب يفتح فتقدم من الممرضة التي كانت تحمل الطفل: كيف حالها أين هي؟!
ابتسمت الممرضه وقالت وهي تمد يدها له بالطفل كي يراه: لقد أنجبت فتى جميلاً مِثلها لكننا سنقوم بعمل بعض الفحوصات له لأن ولادته جاءت مبكرة قليلاً لا تقلق..

أومأ لها وهو يحدق به بابتسامة وقال وهو يتحسس وجنته بنعومة: إنتبهي عليه؟!
أومأت قبل أن تذهب قائلة: لا تقلق سأنتبه جيداً..
وجدهم يُخرجوا ألين من الغرفة لكي يقومون بنقلها إلى غرفة عادية فنظر لها جود ليلاحظ شحوبها والإرهاق البادي عليها فتساءل بقلق: مابها؟ لما ليست مستيقظة؟!
فقالت إحدى الممرضات وهي تسير بها: لقد كانت ولادتها متعسره قليلاً لكن لا تقلق فهذا إرهاق ليس إلا سوف تستيقظ عندما يرتاح جسدها..

أبعد خصلاتها الملتصقة على جبينها للخلف بقلق فمرت ساعات ومازالت لم تستيقظ بعد!
جلس على المقعد وهو يفكر بشرود ويده أخذت طريقها لشعرها الرطب فلملمه بين يديه وقام بتجديله وهو يبتسم متذكراً جديلتها التي قامت بقصها بكل سهولة وألقتها على الأرض بإهمال ولا تعلم أنه أخذها وما زال محتفظاً بها إلى الآن..

إنتهى بابتسامة عريضة ثم إلتفت عندما سمع صوت مقبض الباب يتحرك فوجدها الممرضة نفسها تحمل الطفل وتتقدم منهم بابتسامة حتى توقفت أمامه ووضعت الطفل بيده وقالت: إنه بخير وبصحه جيده..
أومأ لها وهو يحدق بوجهه الملائكي بابتسامة وهو نائماً فكم بدي جميلاً بتلك اللحظة وكأنه والده..

فتحت عينيها ببطء وهي تأن من الألم ثم جالت بنظرها في الغرفة بتعجب فهي غريبه عليها حتى صرخت بتفاجئ عندما رأته جالساً يحدق بها بسخرية فاعتدلت وهي تضع الوسادة على صدرها ناظره له بريبة وقالت: إنت اللي خطفتني؟!
فقال بدون تعبير متجاهلاً قولها: الواد ده عايز منك ايه؟
قطبت حاجبيها بتفكير ثم قالت بعدم فهم: واد مين؟! وبعدين إنت بتعمل إيه هنا؟!

وقف وهو يزفر بنفاذ صبر ثم قام بإمساك معصمها بعنف تحت تعجبها وأخذها خلفه من على الفراش بقوه فكادت تتعرقل أكثر من مرة بسبب همجيته تلك لكنها كانت تتماسك فتوقفت بمنتصف الطريق ثم صرخت به وهي تنزع يدها من يده: إنت ماسكني كده ليه؟!
عاد لإمساك يدها مجدداً وأكمل الطريق حتى توقف بغرفة الجلوس فجذبت يدها من يده تمسدها بضيق بسبب الألم وهي تحدق به بحده وقبل أن تصرخ بوجهه رأت كرم يجلس مُقيد أمامها..

توسعت عينيها بتفاجئ واضعه يدها على فمها وقالت بعدم تصديق: انت اللي خطفتني؟!

ثم رفعت رأسها تحدق بفارس ببعض الخجل بسبب طريقتها الغير مهذبة معه فقالت بندم: أنا آسفة ي فراس، زفر وهو يستمع ذلك الأسم منها وهو يتوجه للخارج: تعالي يلا هوصلك وخلينا نشوف حد من أهلك عشان يُوضع حد للموضوع ده مش كل مره واحد هينقذك منه!، أنهى كلماته ثم سبقها للخارج لترفع حاجبيها بتعجب محدقة بطيفه باستنكار معيدة كلماته برأسها عائلتها! ألا يعرفهم؟!

أوقف سيارة أجرة إستقلها وهي معه والصمت هو ما كان يُخيم على المكان طوال الطريق حتى توقف أمام المنزل عندما نبهته مها متعجبة لصمته وعدم مبالاته بما يحدث وهذا أحزنها..
ترجلت من السيارة متجهة للداخل بعيون دامعة وهي تتذكر كرم المقيد وهيئته فماذا كان سيحدث إن لم يتم إنقاذها الان؟!

طرقت على الباب بقوة ثم وضعت سبابتها على الجرس ولم ترفعه حتى تم فتحه من قِبل على المنزعج بسبب هذا الإزعاج فقال بتعجب: مها! إنتي كل ده كنتي بره؟!

لم تتحدث بل ارتجفت شفتيها وهي على وشك الانفجار فأعاد بقلق من هيئتها: مها في إي، قاطعته عندك ارتمت بأحضانه تبكي بحرقة فربت على ظهرها بحنان كي تهدأ لكنه تصنم عندما وجد فارس يتقدم منهم وهو ينظر حوله بأرجاء المكان قبل أن يتوقف بعيون متوسعه وهو يرى على يقف أمامه فبالطبع يعرفه وكيف لا يعرفه وقد كان صديقاً له يوماً ما..

نظر على إلى مها بعدم فهم فماذا تفعل معه؟! فهو قد عرفه منذ اللحظة الأولى لكنه قام بإخفاء ذلك التعجب حتى يعرف نواياه أولاً..
فقال بنبره عاديه: إيه يا فراس واقف ليه أدخل!
فقام بالرد بعد تفكير وتشوش: مراتك، مراتك، حد خطفها وأنا شفتها صدفه وكان لازم اتدخل وبعدين جبتها هنا..
أومأ على بقلق ثم أبعدها عن أحضانه مكوباً وجهها بين يديه: إنتى كويسه؟!

أومأت وهي تبكي فقام بمحي دموعها وعانقها مجدداً بحنان ثم قام بسؤالها: مين اللي عمل كده؟!
فقالت وهي تشهق: كرم، نفس اللي ضايقني أول يوم في الجامعة..
أومأ وهو يأخذها لغرفتها بهدوء..
أجلسها على فراشها وقال بحنان: هشش خلاص إنتي معايا في أمان مفيش حاجه هتحصل إهدي..
أومأت وهي تمسح دموعها فتابع: أنا هبعتلك ساره وهروح اشوف الحيوان ده..
وتحرك ليذهب فأمسكت يده قائلة: فراس ضربه وكتفه هناك..

أومأ لها ثم قال باستفهام: وهو كان معاكي ازاي؟!
هزت رأسها بعدم معرفه: أنا لما فوقت لقيته قاعد جنبي، بس يا على بيتصرف تصرفات غريبة..
فقال على بتوجس: بيتصرف ازاي عملك حاجه؟!
هزت رأسها بنفي وقالت بتوتر: لا، لا، معملش حاجه بس ماكنش عارف العنوان وكان بيقولك تحت مراتك مش غريبة!

أومأ على وهو يربت على وجنتها: نتكلم بعدين ارتاحي انتي دلوقتي، وتركها وغادر بعد أن أرسل ساره إليها كي تجلس معها فوالدته بالتأكيد نائمة الان..
فقال بتعجب متصنع عندما وجده مازال يقف ولم يلج للداخل: فراس انت لسه واقف مدخلتش ليه؟!
فقال بنبرة مختنقة بسبب عدم تعرف أحداً علية: مفيش أنا ماشي..
فأوقفه على سريعاً: إستني وديني عند الواد ده، أومأ وسبقه في السير لكن على وضع يده خلف رقبته: مالك مش عاجبني!

هز رأسه بنفي وهو يبتسم بحزن: مفيش، واستقل السيارة معه حتى وصل إلى المكان المطلوب فأخذ على كرم بعنف خلفه إلى قسم الشرطة بعد أن أشبعه ضرباً وجعله يكتب تعهد على نفسه بعدم التعرض لها من جديد، وهاهو الآن يقود بتركيز حتى توقف أمام منزل فراس فقال فارس باستفهام وهو يحدق بمنزله الذي لم يراه منذ سنوات، : إنا جايبني هنا ليه؟!
فقال على بهدوء: بيتك هجيبك ليه؟!

أومأ وهو يترجل من السيارة فأوقفه قول على: على فكره مها أختي مش مراتي، أومأ له وذهب وهو يلعن نفسه فماذا سيفعل الآن بالمنزل وماذا سيقول ماذا؟!
بينما على إبتسم بحنان وهو يحدق بظهره ويعلم أنه دفعه وجعله يقدم على خطوة لم يكن ليقدم عليها وحده..

زفر بتلف أعصاب وتوتر وهو يرفع يده وقبل أن يضغط على الجرس أنزل يده وغادر باقتضاب لكنه توقف عندما وجد على مازال يقف مكانه فلعن تحت أنفاسه ثم عاد مجدداً، فابتسم على الذي كان يراقبه ثم غادر..
أخذ شهيقاً طويلاً ثم ضغط على الجرس وهو يرسم ابتسامة على ثغره اختفت عندما قالت هالة بسعادة: فراس حبيبي إنت رجعت!

ابتلع غصته وأومأ لها فعانقته بقوة وحنان وهي تتنهد براحة فحاوطها بدوره بقوة وهو يزفر براحة واطمئنان كان قد فقدهم منذ سنوات فظلت معانقةً إياه عندما شعرت بقبضته تشتد عليها وهناك شعوراً أخر داهمها لم تستطع وصفه لكنها بكت وهي تحدق بوجهه وبتغير مظهره قليلاً وقبل أن تتحدث تركها وصعد للأعلى متحاشياً النظر إليها بعيون دامعة..

وضعت يدها على قلبها وشعوراً بالحزن باغتها عندما تذكرت فارس الآن فقالت بنبرة مرتجفة: ربنا يرحمك يا حبيبي ربنا يرحمك، قاطعها صوت رنين الهاتف فالتقطته وهي تحدق بإسم المتصل حتى قالت بتعجب: على!
تساءلت بحزن وهي تمسح على شعرها بحنان: خلاص بقيتي أحسن؟!

اومأت مها وهي تعتدل بجلستها مرره يدها بشعرها فتأوهت بألم واناملها تشتبك بشعرها فأخرجتها بتوجس ثم توجهت للمرأة لترى ما هذا فوجدته مجدلاً فضحكت وهي تبعثر بقية شعرها لتتبين لها تلك الجديلات الصغيرة رفعت شعرها ذيل حصان قصير وهي
تبتسم مبرزة تلك الجديلات بسعادة وهي تتسائل بنفسها من فعل هذا؟!
قاطع شرودها دخول على الغرفه وهو يتنهد فهرولت له سريعاً وتساءلت بقلق: انت كويس؟!

أومأ وهو يبتسم وقال وهو يقرص وجنتها: كويس و مش هيتعرضلك تانى متخافيش..
أومأت وهي تعانقه فابتسم وهو يربت على ظهرها حتى قال بابتسامة: سارة هنا كمان، أومأت له فدفعها من أحضانه وهو يتحرك تجاه سارة: دورك خلص خلاص اخلعي، وحشتيني، و تعبان وعايز انام، هذا ما أردف به وهو يعانق سارة فربتت على ظهره بحنان وقالت وهي تعبث بشعره: نام يا حبيبي بس تاكل الأول..

فقالت مها باعتراض: دي اوضتي على فكره برة يلا، أومأ على وهو يستلقي براحة أكثر على الفراش وقال بنعاس: شويه بس شويه..
هتفت باعتراض وهي تقفز بجانبه: لا قوم قوم، لكنه كان قد غفى فزفرت وهي تحدق بسارة التي كانت تربت على شعره بحنان ثم ابتسمت بمكر عندما تذكرت ما تريد فتحمحمت ثم قالت بجانب أذنه بهمس: فراس عمل إيه؟!

ضحك وقال بسخرية: لا منا مش مسطول للدرجادي يا مها! وعلى العموم ده مش فراس ده فارس أخوه فراس مسافر دلوقتي..
حدقت به دون أن ترمش من صدمتها وكأن دلواً بارد قد سقط فوق رأسها فقالت بتلعثم: ي، يع، يعني إيه فراس مسافر وده أخوه؟!
تنهد وهو يحدق بوجهها يرى ردة فعلها: يعني ده فارس توأم فراس يا مها إيه اللي مش مفهوم؟!

فشردت متذكره أول مقابلة بينهما بالتأكيد ليس فراس ف فراس لن يتجاوز الحدود معها مثلما فعل هو فهو متزوج ويحب زوجته وهي شقيقة صديقه لن يفعل معها هذا!
تحرك على وأشر لِسارة كي يخرجوا ويتركوها وحدها فيجب أن تبقى وحدها كي تعيد تفكيرها بما تريد وتقرير مصير ذلك الحب من طرف واحد..

مررت يدها على وجهه بلهفة للمرة الألف وهي تبكي ومازالت لم تصدق أنه هو منذ أن أخبرها على أنه فارس وليس فراس ولم تستطع التعرف عليه وهي تبكي بالتأكيد جرحته دون أن تقصد فهي لاحظت نظراته المنكسره دون أن تعلم لما؟ فكم هو مؤلم عدم تعرف أقرب الناس إلى قلبك عليك..
فتح عينه بنعاس فقد أيقظته من غفوته التي لم تستمر كثيراً فقال بقلق وهو يعتدل عندما وجدها تبكي: في حاجه؟!

عانقته بقوه وهي تتأسف: أنا أسفه، أنا أسفه..
فقال بتعجب وهو يربت على ظهرها: أسفه على إيه؟!
فقالت بندم وهي تكوب وجهه بين يديها: عشان معرفتكش عشان معرفتش إنك فارس مش فراس أسفه، والله أسفه..

ابتلع غصته وقال بنبرة مرتجفة وهو يعانقها من جديد: ده مش ذنبك مش ذنبك مش انتي السبب مش انتي اللي بعدتيني عنكم وبعتيني بالرخيص مش انتي، وسقطت إحدى دمعاته بنهاية حديثه من قهرته من والده فضمته لصدرها وقالت بحزن وهي تبكي: خلاص إنت موجود معايا و مش هتسبني تاني هعوضك عن كل السنين دي عوضك عنها والله بس خليك معانا وسامحني سامحني عشان صدقت إنك مُت بالسهولة دي ومسألتش عنك تاني، أومأ لها وهو يكتم شهقاته لكنه لم يصمد كثيرا حتى هربت شهقاته فقامت بمسح دموعه بأسي لحالته: إنت حبيبي والله، وبحبك زي فراس وأكتر كمان وانت عارف كده كويس، ثم تابعت بامتنان: الحمد لله يارب الحمد الله، صدح صوت رنين الهاتف لكنها تجاهلته لكن المتصل كان مصراً على أن يُجيبوا عليه..

أخذته ونيتها أن تغلقه لكنها توقفت عندما وجدته رقم دولي فأجابت بهدوء: ألو، جود!، سقط الهاتف من يدها وقالت بانهيار: فراس..
=: ثواني ثواني، هذا ما أردف به نادر وهو يتقدم إلى الباب كي يفتح، فتدفق الأدرينالين في خلايا جسده و جرت الدماء في عروقه عندما وجد لارا هي من تقف أمامه بشحمها ولحمها فقالت وهي تبتسم بحزن: مش هتدخلني؟!

تنهد وهو يحدق بالسقف قليلاً قبل أن يسحبها من يدها لتقع بأحضانه ليصنعوا تواصلاً بصرياً أنهاه وهو يضمها بقوة فدفنت رأسها بصدره وهي تحاوط خصره بقوة أكبر باكية بحرقة ففصل العناق وكوب وجهها بين يديه وقال بتهديد وهو يحدق بكل إنش بوجهها بهيام بدءاً من عينيها المرهقة من البكاء إلى شفتيها: لو فكرتي تسبيني تاني هقتلك فاهمه ولا لا هقتلك إنتي مراتي وهتفضلي مراتي لأخر يوم في عمرك وغصبن عنك فاهمه ولا لا وموضوع الولاد ده مسمعكيش تتكلمي فيه تاني نهائياً فاهمه، أومأت وهي تبكي محاوطه عنقه بقوة قائلة بندم: أنا عارفه إني زعلتك كتير وبتصرف باندفاع بس غصبن عني والله كان لازم أختار بين حياتك وإني أرجعله وإنت أغلى مما تتصورعندي يا نادر مكنش في قدامى حل تانى حالتك كانت خطر وكُنت محتاج مستشفى متلومنيش..

فصل العناق وقال وهو يربت على وجنتها: محدش بيموت ناقص عُمر..
فقالت وهي تضع يدها جهة قلبه الذي ينبض من أجلها: وإنت شايف ان الكلام ده هيفرق مع واحده شايفه حياتها بتضيع قدامها؟!
فابتسم وحاوط خصرها قائلاً بعبث: أنا حياتك؟!
أومأت وهي تبتسم بحب قائلة وهي تربت على وجنته: إنت عمري كله مش حياتي ب، أصمتها عندما إلتقط شفتيها يقبلها برقة وحنان وشوق وماكان لها سوي أن تبادله شغفه بشغف أخر وهي تدفن أناملها بشعره..

: الله الله، بقى انا كنت هعيط على حالتكم فوق وإنتوا هنا شغالين بوس، هذا ما أردفت به سجى وهي تنزل الدرج ببطء فابتعد نادر عن لارا أثر تلك الكلمات وحضور سجى فقال وهو يحمل لارا بين يديه: كان نفسي أرد عليكي بس للأسف مش فاضي دلوقتي، وصعد بها للأعلى فدفنت رأسها بعنقه بخجل وهي تبتسم بنعومة..

هزت سجى رأسها بقلة حيله وهي تحدق بهم بابتسامة ثم توجهت لغرفة الجلوس مثلما كانت ستفعل منذ قليل قبل أن تجدهم يقفون ببهو المنزل يقبلون بعضهم بحميمية. فهي تشعر بالملل من كل شيء فكم هو مرهق مراقبة من تحب عبر مواقع التواصل الإجتماعي دون فهم شيء فهذا لا يسبب سوى الألم وكثرة التفكير والإرهاق ولا يريح بتاتاً..

=: يعني إيه هتتحبس خمستاشر يوم؟!، هذا ما أردف به شريف بحده وهو يحدث الضابط على وشك الصراخ به فوقف الضابط وضرب جدار المكتب بغضب: انت بتزعق لمين كده؟!
نظر المحامي الخاص بروان إلى شريف بتحذير وقال بأسف: هو ميقصدش سعادتك هو خايف عليها مش أكتر ياريت حضرتك تقدر موقفة..
فقال الضابط بتهكم: طالما بيخاف عليها أوي كده كان ينتبه ويشوف مين اللي شغال معاه عشان حبيبه القلب متبعدش عنه..

زفر شريف وقال برجاء: مينفعش تتحبس مش هتستحمل ممكن تاخدوني انا بدالها انا شغال معاها خدوني انا..
هز الضابط رأسه بنفي قائلاً: مش بالسهوله دي هي برأتك من كل حاجه مفيش حاجه عليك، وحتى لو في هتتحبس انت وهيه، ومفيش كفالات دى مش قضية تافهة عشان نسبها تخرج!
فأعاد شريف مجدداً برجاء: أنا ممكن أضمنها وأضمنلك إنها مش هتسافر ولا هتخرج بره مصر وعلى مسؤليتي لو حصلت حاجه زي دي! احنا هندور عليه بس!

فقال الضابط وهو يبتسم: تقدر تروح انت تدور عليه وهي هتفضل هنا في الحفظ والصون متخافش عليها مش هياكلوها!.
أنهت تحضير حقيبة ملابسها واغلقتها وهي تتنهد محدقة بمليكه التي تجلس على الفراش تحدق بها بحزن، فتركت الحقيبة ثم جلست بجانبها وقالت وهي تربت على شعرها بحنان: مالك ياحبيبتي بس؟!
قالت مليكة بحزن وهي تحدق بها: هتمشي وتسبيني تاني؟!

تنهدت ريم وقالت بحزن: لازم أمشي يا حبيبتي مش هقدر أفضل على معاكم على طول؟
فقالت بحزن: ليه؟! لو زعلانه من أبيه مالك قولي ليحيي وهو هيكلمة عشانك لكن متسبنيش بليز..

عانقتها ريم وهي تربت على ظهرها بحنان وقالت بشرود: بكره لما تكبري وتفهمى هتعزرينى وهتعرفي إني عندي حق، وبعدين مش عندك كمبيوتر تبقي اتصلي بيا كل يوم يستى و معاكي الموبايل هفضل أكلمك على طول مش هتحسي اني مش معاكي أبداً أهم حاجه متزعليش عشان ممشيش زعلانه بقى..

أومأت بحزن وهي تقوس شفتيها فقبلتها ريم بحنان وهي تبتسم ابتسامة اختفت سريعاً وهي تفكر فهاهي الآن ستذهب دون عوده سيكون هذا أفضل لهما فحياتهم تم بدئها بطريقة خاطئة من البداية فربما تلك النهاية تكون عادلة لهم فهي تستحق لأنها عندما وجدت الفرصة لِتقترب لم تُحرك ساكناً وهو أخطأ عندما ظن أنها لا تريده وأنتظر مبادرتها لتقترب أولاً والجميع يعلم أن النساء لا تبادر بتلك الأشياء لهذا كان الخطأ منهما هما الاثنان..

تنهد بحزن وهو يمرر يده على وجنتها بحزن محدقاً بها راقدة على الفراش بدون حراك وكم هذا يحزنه ويُغم قلبه، فهيئتها تذكره بتلك الفترة السيئة التي مرت عليهم عندما حاولت الانتحار، وعندما مرضت، وعندما كان كل ما تفعله هو البكاء فكم كانت أيام سوداء سيئة على الجميع. فهو يشعر أن كل هذا حدث أمس فلم يمرعليهم الكثيراً من الوقت حتى يحصل لهم هذا مجددا وخصوصاً هي! فكل مره هي أكثر من تتأذى وتكون الضحية ولا يعلم من أين الخطأ من المخطئ من كل هذا؟!

أخرجه من شروده دخول محمود علية وتحدثه بكل هدوء وكأنه لم يفعل شيء مخطأ: وائل بي، وتوقفت الكلمات بحلقه عندما قبض جود على عنقه بعنف ودفعه للخارج جعل ظهره يرتطم بالحائط بقوة هامساً بجانب أذنه بهسيس أفعي ومع كل كلمة كانت قبضته تشتد على رقبته أكثر: لو مقولتش دلوقتي إنت تبع مين هقتلك إنت فاهم؟، ثم حرك رقبته القابض عليها للأمام وأعاد ضربها بالحائط وقال بحده: هتنطق ولا أموتك هنا؟!

فقال وهو يحاول أن يلتقط أنفاسة بعنف: ت، تبع، تبع، وائ...
=: وائل الدسوقي، نظر جود خلفه عندما سمع ذلك الصوت الخشن الذي يخص رجلاً بعمر والده تقريباً
دفعه جود للخلف بحده فسقط وهو يسعل ملتقطاً أنفاسه بضعف..
فقال جود بسخرية وهو يتقدم منه: إنت بقى اللي عامل المشكله دي كلها؟!
إبتسم وائل بجانبية وهو يحدق به ثم قال بهدوء: انت بقي جود!
عقد يديه أمام صدره وهو يبتسم باصفرار: عندك اعتراض؟!

إبتسم وائل وقال بامتنان: لا معنديش، كنت عاوز أشكرك عشان كنت واخد بالك من بنتي..
فرفع جود سبابته أمام وجهه معيداً بتحدي: عشان هي أختي مش عشان بنتك وخليك فاهم كده كويس ومتفكرش تفرقنا عشان مش هيحصل فاهم؟!
اتسعت ابتسامته ليتجعد جلد وجهه قليلاً بسبب كبر سنه قائلاً: مين قال هفرقكم تقدر تيجي تشوفها وقت متحب ولو عاوز تقعد معاها كمان معنديش مانع..
قطب جود حاجبيه قائلاً: يعني ايه الكلام ده؟!

تنهد وائل وهو يأشر لمحمود الذي عاود للوقوف مجدداً بثبات أن يدلف للغرفه قائلاً: يعني هاخدها معايا دلوقتي سواء برضاك أو غصبن عنك عشان تبقي عارف يعني..
فقال جود بغضب: لا مش هتاخدها مش من حقك، ماتجيش دلوقتي وتعمل فيها الأب الحنين كنت فين من زمان؟!
أومأ وائل له وقال بهدوء: ده مش وقت الكلام ده كده كده هنتقابل كتير الايام الجايه وتقدر تعرف كل حاجه متقلقش..

فرد عليه متهكماً: لا شكراً مش عايز أعرف حاجه خلي معلوماتك لنفسك، ثم أشر على محمود وتابع: وخد الكلب بتاعك وامشي من هنا، ثم أخذ الطفل من يد محمود الذي كان يحمله بحده: متلمسهوش!
فقال وائل بضجرٍ منه: تقدر تقولى هتعمل إيه لما تفوق؟ هتقعدها فين؟ هتصرف عليها منين؟! من فلوسكم الحرام؟ أسف مش هسيب بنتى معاكم أكتر من كده دمرتوا حياتها وحطمتوها كفايه اوي لحد هنا كفاية!

فأعاد جود باستفهام لحديثة المبهم: يعني ايه الكلام ده؟!
فقال بنفاذ صبر: يعني تصبر لما أختك تفوق عشان تفهم منها يعني ايه اللي انا بقوله ده وبيتي مفتوح تيجي فأي وقت..
فقال باعتراض وقد علا صوته: مش هينفع تاخدها في حد جيلها من مصر عشان يفضل معاها!

فقال وائل بخشونه وهو يمسد جبهته: هاله مش كده؟ متقلقش هي عارفانى كويس ولما تعرف إنها عندي هتيجي ومش هتعترض ونصيحه مني ليك فكر في الفترة دي في شغل ينفعك أحسن، وتركه وغادر فتقدم محمود وأخذ منه الطفل بهدوء ووضع بيده ورقة كُتب بها العنوان وتركه وذهب مع وائل وخلفهم بعض الممرضات كانوا يجرون فراش ألين خلفهم..

تحرك ليذهب معهم لكنه وجد الشرطة أتت وله هو بالتحديد فتحدث أحدهم وهو يخرج له بعض الصور: أنت كُنت بذلك المكان أليس صحيحاً؟!
أومأ جود له وتساءل بقلق: ماذا حدث هُناك وهل هُناك أحداً حي؟

هز الضابط رأسه بنفي قائلاً: للأسف لا شيء سوي بعض الهويات وهذا، وقام بإخراج سوارٍ ما له، فأخذه جود مع الهويات وحدق بتلك الأحرف التي نقشت عليه ببراعة ولم تكن سوى إسم (فراس) أومأ له وقد تبدلت ملامحه للحزن والخذلان من أجل فراس بسبب عدم مساعدته له وشعوره بالإحباط تضاعف متذكراً قوله لفراس أنه لن يعود مجدداً وفقدان أمله باسترداد ألين من والدها فهي عندما تتأكد ستفقد كل آمالها بالحياة ولن تعود معه ووالدها سوف يستغل تلك النقطة ويجعلها بجانبه وإلى الابد..

وضع السوار بجيب بنطاله ثم حدق بالهويات التي معه فكانت أكثرها تعود إلى رجال أجانب عدي اثنتان منها واحدة بإسم مصطفى والأخرى بإسم عزيز الأناضولي توسعت عيونه بعدم تصديق وأدرك الآن معنى قوله بأن أموالهم حرام فإن كان عزيز هُنا فهذا يعني أن والده كان يعمل معهم أيضاً فهو بعيداً كل البعد عن التفكير بأنه سوف يأتي لمساعدتهم حتى لو كان يعلم لهذا لا يوجد سوى الخيار الأخر أنه يعمل هُنا وبالتأكيد والده هو الآخر يعمل معه وربما يكون هذا هو سبب العداوة! لقد تبين له كل شيءٍ الآن وقام بربط جميع الأحداث معاً حتى توصل لِتلك النتيجة، حياتهم لم تكن سوى كذبة ووالده قائماً عليها، ولكن هل هذا يعني أن عزيز مات هو الآخر؟!

قال بتحذير للخادمات القائمين على نقلها: إنتبهوا وبرفق، أومئوا بطاعة وهم يضعون جسدها على الفراش بتروي وبطء ثم قاموا بتغطيتها جيداً ووضعوا طفلها بِمهده الذي بجانب فراشها برفق كي لا يستيقظ فأمرهم بالخروج فامتثلوا لأمره وقاموا بالخروج فلم يبقى سواه هو والممرضة فتحركت هي وقامت بتعليق المحلول بيدها ثم خرجت قليلاً عندما أشر لها بهدوء أن تتركه معها..

تنهد بحزن وهو يحدق بها ثم أخذ يربت على شعرها بحنان وندم لكل لحظه لم يكن بها بجانبها لتركها كل تلك السنوات يراقبها من بعيد دون أن يتحرك ساكناً..

ابتسم وهو يتأمل ملامحها قائلاً بنبرة عميقة حملت بطياتها كل الحُب: نُسخة من سعاد، لو تعرفي كنت بحبها قد ايه مش هتكرهيني، انحني إليها قليلاً وقبل جبهتها بحنان ثم توجه لمهد حفيده النائم بعمق وهذا غريباً لطفلٍ حديث الولادة، إبتسم وظل محدقاً به لبعض الوقت ثم ترك الغرفة وغادر..
وقفت الخادمات بانتباه عندما وجدوه يخرج ومر بجانبهم فتساءل بهدوء: كيف حال نور؟!

فقالت إحداهن: منذ أن جاءت وهي نائمة سيدي لم تتحدث لأحدٍ بل غفيت سريعاً، أومأ لها وهو يكمل طريقه متجهاً لمكتبه..
فلم يكن ذلك العجوز الهرم الذي عفا عليه الزمن!
بل كان شخصاً يعتني بصحته جيداً منذ أن كان صغيراً فهو وسيماً وحرص على اختيار زوجاته بدرجة جمالٍ تساوي جماله وربما كانت تلك لعبة القدر فجميع أولاده رجالاً بنساء جميلين..

فربما كان من عائلة ثرية لكنه لم يعتمد يوماً على أموال عائلته بل قام بتكوين نفسه بنفسه وأثناء فعلة لهذا وعندما كان يعمل سائقاً خاصاً بعائلة سعاد وقع بحبها ولأن والدها كان متعجرفاً مغروراً لم يكلف نفسه عناءاً كي يبحث عن إسم سائقاً يعمل لديه وبسبب هذا حدث مالم يحمد عقباه، فهو اجتهد وصنع من نفسه رجلاً ومثالاً يُحتذى به وأباً يفتخر به لكن ليس جميع أولاده فخورين به فهناك من أصبح يبغضه الآن..

فقالت الطفلة الصغيرة شقيقتهم وهي تقف بمنتصف الطريق بين باب الغرفتين: ألن أراهم؟!
فقالت إحدى الخادمات بهدوء وهي تربت على وجنتها: ستفعلين لكن ليس الآن فهم مُرهقتين قليلاً..

أومأت وهي تقوس شفتيها بحزن منتظرة أن تقابلهم بفارغ الصبر من كثرة حديث والدها عنهم فهي قد دخلت المستشفى سابقاً فقط كي ترا نور وتخبرها بمواصفات شقيقتها وتريها تلك الصورة لتجعلها تعلم الحقيقة وكونها تمتلك عائلة بذلك الوقت الذي كانت تعيسه به بناءاً على رغبة من والدها وشقيقها الذي أخبرها أن تتزوجه فلم تكن تلك سوى لعبة من والده كي يحرك نائل البارد قليلاً ويفعل ما فعلة ويتقدم بعلاقته معها..

جاء صباح يوماً جديد..
كان جود يجلس بالمطار يهز قدمة من التوتر منتظراً وصول هالة وجلبها للأوراق التي طلبها منها كي يقوم بتسجيل طفل ألين الذي لا يعلم ماذا ستسميه؟!.
وقف بلهفة عندما رأها تتقدم من بعيد منتظراً أن تقترب حتى توقفت أمامه بعيون دامعة وأمسكت يده وقالت بلفه أم: فراس فين ابني فين؟!

ربت على ظهر يدها بحزن وهز رأسه بأسى فبكت بحرقة وهي تحدق به بعدم تصديق فعانقها بحزن وهو يربت على ظهرها يحاول تهدئتها فتساءلت بحرقة وهي تهز رأسها باستهجان: حصل إيه؟ إنت كُنت معاه إنت كُنت معاه..
فقال بأسف وهو يربت على ظهرها: مكنش بأيدي حاجه أعملها ومعملتهاش، وهو إختار إنه ينقذ ألين..

أومأت وهي تتذكر ثم قالت بهستيريا: أيوه هي ألين قولتلها تقوله إنها معاه أو ترجع لكن معملتش كده ريحتني وقالتلي هتقوله ومقلتلوش قتلتهولي اتقتل بسببها وبسبب عِندها..
فقال جود برجاء: متظلمهاش هي غلطت بس انتي مشفتيش حالتها ولما تفوق لسه مش عارف هتعمل إيه هي محتجالك دلوقتي جنبها هي بتحبك و هتسمع كلامك..

فقالت بتهكم وهي تحدق به: اقف جنبها بعد كل اللي حصل مستحيل مش عايزه اشوفها مش هشوفها مش طايقاها مش طايقاها..
فقال برجاء: ألين ولدت، توقفت عن البكاء وهي تنظر له فتابع: ووائل خدها ومش هيسبها وانا مش طايقة مش هقدر أفضل جانبها كتير هناك مفيش غيرك يقدر يساعدها..

فقالت باستفهام: وائل الدسوقي!، أومأ لها قائلاً: لسه عايش، ثم أمسك يديها قائلاً برجاء: مش إنتي قولتي إن ألين أمانه في رقبتك بعد ماما وبقت بنتك! وهي بتقولك يا ماما وبتحبو بعض؟! مفيش ام بتكره و انتى بتحبيها، فقال بتودد أكثر عندما رأى علامات الرفض عليها: لو مش عشانها فعشان فراس وإبنه هتسبيه لوحده كده؟!

هزت رأسها بنفي وقالت بقلب مفتور: لا مش هسيبه لوحده، مش هسيبه، أومأ لها وهو يبتسم ثم قال: ممكن الأوراق اللي طلبتها عشان اسجله واعملة شهادة ميلاد
أومأت وهي تخرجهم له ثم تساءلت: هتسميه ايه؟! وهتروح ازاي من غيرهم؟!
فتنهد وهو يطبق الأوراق بيده: هتصرف انا هناك و بخصوص الاسم مش عارف بفكر اخليه فراس ايه رأيك؟!
هزت رأسها بنفي: لا همه كان نفسهم يسموه إيان!

فأومأ مأكداً: أيوه سمعتهم مرة بيقولوا هنسميه إيان، بس متأكدة إنك مش هتسمية فراس؟!
أومأت وهي تمسح دموعها: متأكده لأن مش من حقي إني أسميه بإسم تاني على مزاجي ومش الاسم اللي هيخلينا فاكرين فراس فراس هيبقي دايماً في قلوبنا..

أومأ لها وأخذ الحقيبة من يدها وجرها خلفه وهي تسير بجانبه حتى توقف وجعلها تستقل السيارة ثم وضع حقيبتها في الخلف ثم جلس بجانبها في الامام وأقترح عليها: أوديكي أي فندق ترتاحي النهارده وتشوفيها بكره؟!
هزت رأسها بنفي: لا هستناك و هروحلها أنا وأنت..
أومأ لها بهدوء وبدأ في القيادة بينما هي ظلت تبكي مسنده رأسها على النافذه حتى سمعت حديث جود في الهاتف وعند انتهائه تساءلت: يعني لقوا جثة؟!

أومأ لها وقال: انا إدتّهم مواصفات فراس ونائل وقلي إنهم لقوا مواصفاتهم ومستنيني عشان اروح اتعرف عليهم..
مر عليهم الوقت وقام جود بإنهاء تسجيل إيان والآن في طريقه إلى قسم الشرطة، قام بصف السيارة بجانب الطريق حارصاً على إبقاء هالة بالسيارة ثم توجه هو للداخل..
أبعد نظره عن الجثة وهو يضع يده على أنفه بسبب الرائحة الكريهة وقال ببعض الاشمئزاز: لا أعلم لا تتبين ملامحه جيداً لكنه يملك شعراً طويلاً كهذا..

فأخرج له الضابط مسدساً كان قد وجده معه وقال: لقد وجدنا هذا معه ومع الآخر أيضاً مثلة!
أخذه جود وتفحصه ثم أومأ له بأسي معيداً تحديقة بالجثة التي لا تتبين لها ملامح فهو تذكر الآن
فجميعهم كانوا يحملون نفس نوع المسدس والآن قد وجد اثنان فلن يكونا سوى ملكهما..

أنهى بعض الإجراءات كي يتم دفنهم وما جعله يتعجب أن هُناك كثيراً من الأجراءات التي ربما كانت سوف ترهقه حتى يتمها لكنها انتهت بلمح البصر وهذا جعله يشك بكل ما يحدث حوله..
عاد إلى السيارة فتسائلت هاله بلهفة وأمل ألا يكونوا هم: حصل إيه همه؟!
أومأ بحزن فعادت للبكاء مجدداً وهي تنتحب حتى وصل للعنوان الذي قام محمود بوضعه بيده..

وجد البوابه تفتح له إلكترونياً فدلف بالسيارة. فهذه السيارة وجدها أمام المشفى بعد ذهابهم مباشرة ومعها السائق الذي هتف بإسمه وقام بإعطائه المفتاح. وتركه وذهب ربما والدها ليس بذلك السوء! لكنه سيظل حتى تتبين لهم الحقيقة كاملتاً..
ترجل من السيارة بهدوء ومعه هاله متوجهين للداخل ليقابلهم وائل الذي كان يجلس بغرفة الجلوس يرتشف قهوته المُره بهدوء فقال جود بضيق وهو يتوقف أمامه: ألين فين؟!

أشر وائل بهدوء لإحدى الخادمات فأومأت له وتقدمت من جود قائله وهي تأشر له أن يتبعها: من هُنا سيدي تفضل معي، تبعها بهدوء بينما هاله تقدمت من وائل وهي تحدق به بكره وقبل أن يتحدث قالت له: كويس إن سُعاد مش موجوده عشان كانت هتموت مقهوره لو شافتك لسه عايش، يا خسارة يا وائل يا خسارة، وغادرت متجهة للأعلى فهي كانت بئر أسرار سُعاد وعلى علم بكل ما يحدث معها فكانت أعز أصدقائها ورفيقتها بحزنها وفرحفها وتعلم أنها لم تحب بحياتها أحداً بقدر ما أحبته هو وهو بكل سهوله تركها وتم إخبارها إنه مات لتتحطم و تتزوج بشخص لا تحبه بسبب حملها وتكمل بقية حياتها تعيسه وهو حي يتزوج هُنا وهُناك..

دلف جود للغرفه واول ما قابله صوت إيان الباكي والممرضه التي تحمله تحاول تهدئته لكنه لم يتوقف عن البكاءِ قط..
فتساءل بقلق وهو يحدق به: لما يبكي؟!
فقالت الممرضة وهي تهزه بين يديها: إنه جائع ولا أعلم ماذا أفعل؟!
فتساءل وهو يحدق بألين: ألن تستيقظ؟!

هزت رأسها بنفي: بلي إستيقظت منذ نصف ساعة تقريبا وظلت تبكي وتصرخ وهي تهتف باسم أحدهم فقمت بإعطائها مهدءاً وغفيت مجدداً، أومأ وهو يأخذه من يدها وأمرها: فالتذهبي للخارج واخبريهم بحاجتنا للحليب فهو لن ينتظرها حتى تستيقظ..
أومأت له ثم توجهت للخارج بينما هو حاول تهدئته لكنه لم يصمت وصوت بكائه ألمه حقاً حتى صمت وحده عندما وضع يده بفمه وظل يمتصها داخل فمه من الجوع..

بعد مرور بعض الوقت وجد هاله تدلف فظنها الممرضة لهذا زفر ووضع إيان بيدها قائلاً: أنا هروح أشوفها إتأخرت ليه؟
أومأت وهي تحدق بوجه إيان بحزن وعيون دامعة ثم ضمته لصدرها بحنان فعاد للبكاء مجدداً بصوت طفولي مختنق فهزته بين يديها برفق وهي تتحدث بحنان: لا، لا، متعيطش، متعيطش، عاد جود وهو يمسك بيده زجاجة الحليب يهزها بين يديه كي يذوب الحليب نهائياً ثم قام بإعطائها إياها..
فقالت باعتراض: هي ألين مش هترضعه؟!

هز كتفيه بعدم معرفة: مش عارف بس المهم دلوقتي ياكل عشان جعان حرام كده.
فقالت بحزن: بس ممكن يرفض لبنها بعد كده وده افضل ليه؟!
هز رأسه بنفي وأشر على ألين قائلاً: بصي كده عليها دي شايفاها هتعمل حاجه لما تفوق!
تنهدت بحزن وجلست على الأريكة وأخذت تطعمه برفق وهي تراقب تلهفه على الحليب بشفقه..

مر عليهم الوقت وغفي مجدداً بعد إن شبع فوضعته بمهده برفق تزامناً مع إستماعها لصوت ألين التي فتحت عينها الآن وظلت ترمش قليلاً حتى بدأت تتوافد الأحداث على عقلها واحدة تلو الأخرى فشهقت باكية وهي تضع يدها على وجهها: فراس، فراس، فراس، تحرك جود من على مقعده واتجه لها و ساعدها على الجلوس واضعاً وسادة خلف ظهرها بهدوء فسمعها تتأوه بألم فقام بسؤالها بقلق: إنتي كويسة؟!

هزت رأسها بنفي وأمسكت يده قائلة برجاء وهي تبكي: فين فراس أنا عايزه فراس هو فين؟!
جلس جود مقابلها على الفراش وربت على يدها بحنان قائلاً بحزن: ألين حبيبتي، لازم تبقي قوية عشان إبنك محتاجلك دلوقتى لازم تبقي قوية، هزت رأسها بنفي وهي تقبض على يده بقوة: لا مش عايزه ابقي قوية مش عايزه ابقى قويه انا عايزه فراس هو عايش صح عايش أنا شوفته كان معايا في المستشفى صدقني..

تنهد وقال بهدوء: دي تهيئات يا ألين فراس حتى لو عايش مستحيل يكون معاكي في الوقت ده؟!
نزعت يدها من يده وقالت باصرار: لا عايش عايش وأنا متأكدة..

فقال وهو يخرج السوار من جيبه ووضعه بيدها: طالما متأكده كده فخودي ده لقوه هناك، ارتجفت شفتيها مع هروب شهقتها وهي تحدق به بعيون زائغة فأخر مرة رأته بها عندما كانت في المستشفى لدي فراس وانتهى الأمر بصفعها وتطليقها و إلقاءه بوجهها وفي نهاية الأمر سقوطه من يدها أمام بوابة المستشفى الرئيسية ومنذ ذلك الوقت لم تره وهو لم يرتديه أمامها كيف وجده من الأساس؟!

مدت يدها المرتجفه وأخذته من يده وقبلته ثم وضعته على قلبها وهي تبكي بروحٍ تحترق على فراقه فعانقها جود بقوة وهو يربت على ظهرها بحنان فأبعدته عنها وهي تسأله بحرقة: هو وعدني انه هيفضل معايا سبني ليه؟ هعمل ايه انا دلوقتي هعمل ايه؟!

كوب وجهها بين يديه وقال برجاء: ألين إهدي إهدي، كل حاجة هتعدى، هزت رأسها بنفي: مفيش حاجة هتعدى ولا أي حاجة ده فراس عارف يعني ايه فراس! ربنا ياخدنى عشان ارتاح بقي ربنا ياخدني..
فقال برجاء كي تهدأ: متقوليش كده ابنك محتاجك لازم تبقي كويسه عشانه..
هزت رأسها بنفي: مش عايزاه مش عايزاه..

فقال بعدم فهم: يعني ايه مش عايزاه؟!، وقبل أن تتحدث صدح صوت بكائه مجدداً فنظرت اتجاهه بلهفة لكنها حولت نظرها عنه فقال جود بأسي لحالتها: متعذبيش نفسك بالطريقة دي حرام عليكي..
فقالت بعذاب: أنا السبب انه هيبقي يتيم أنا السبب هبص فعينه ازاي وانا السبب إنه هيبقى حاسس بالنقص طول عمره إزاي؟!

وضع يده على يدها مواسياً: ده عمره ونصيبه هتعترضي!، هزت رأسها بنفي وهي تمرر أناملها على السوار حتى سمعت هالة البارد: هي كويسة مش محتجاني، نظرت لها ألين ولم تجد منها سوى نظرات اللوم والبرود فقالت لها ألين برجاء وهي تحدق بها: مش هتبقي انتي كمان يا ماما أن، لكنها صمتت عندنا رفعت هالة يدها أمامها بحزم كي تتوقف قائلة ببرود: أنا مش مامت حد، ومن النهاردة مفيش حاجه تجمعني بيكي غير حفيدي وبس وياريت يبقي في حدود بنا اكتر من كده؟!

بكت أكثر بقلب مفتور لقد خسرتها هي الأخرى..
محت دموعها وهي تعود للاستلقاء مجدداً مولية ظهرها لهم فتنهد جود وربت على شعرها: طيب مش هتشوفيه بس؟!
فردت بصوت مبحوح: عايزة ابقي لوحدي سبوني لوحدي..
أومأ لها ثم نظر إلى هالة التي كانت تحدق بها بحزن فمهما حدث لن تتوقف عن حُبها، خرج جود ثم وهي خلفه بعد أن اطمأنت على إيان وجعلته يعود للنوم من جديد..

توقف جود عن السير عندما سمع رنين هاتفه فتوقف ثم أخرج هاتفه: الو، ريم؟!
أنهت ريم حديثها بالهاتف وقامت بوضعه على الكومود ثم تنهدت وهي تحدق صوب النافذة بشرود فها هي إنتهت من اتفاقها مع جود فهو قربياً منها فكندا ليست ببعيدة عليهم كثيراً..

توجهت للنافذة بخطوات بطيئه عاقدة يديها أمام صدرها حتى توقفت تحدق بالحديقة بالأسفل بابتسامة فهذا الوقت تحديداً من اليوم تفضله فهو الوقت الذي يظل يحيي يلاعب به مليكة كابنته وليست شقيقته فهي تشعر وهي تراقبه بكم من الطاقة الايجابية لم تشعر به من قبل! الأمل يتجدد لديها وهي تري كم البهجة التي ينشرها حوله تجعل الجميع سعيداً ويضحك وهي منهم فتسائلت بنفسها أكثر من مرة لما لا يكون مالك مثله؟! لما يجب عليه أن يكون بذلك البرود والجدية حتى مع من يحب؟!

استفاقت من شرودها على تلويح مليكة لها وهي تجلس على كتف يحيي بسعادة مثل كل يوم، فقد تم الامساك بها فهي تتابعهم خلسة كل يوم وقليلاً ما كان يتم الإمساك بها من قبل مليكة أيضاً..
لوحت لها وهي تبتسم مثلها تماماً متسائلة بنفسها ألن يتعرف عليها ويتحدث معها ولو قليلاً! فهي زوجة أخيه على الأقل ماذا به فهي لاحظت تجنبه لها بدون سبب وجيه؟!.

تنهدت وهي تمرر يدها بشعرها ثم أمسكت حقيبتها وجرتها خلفها وذهبت، توقفت عند بداية الدرج بسبب شعورها بالدوار فجأة تزامناً مع دخول مليكة ركضاً وهي تضحك بسعادة ويحيي خلفها..
قبضت بيدها على الدرابزون بقوة وهي تشعر بالدوار يزداد عليها أكثر فترنحت وسقطت من على الدرج لكن يحيى كان سريع البديهة وركض إليها بهلع لتسقط بين يداه بعد أن هوى قلبها لظنها أنها ستسقط..

تشبثت برقبته بضعف وهي على وشك أن تفقد وعيها فتساءل بلهفه وهو يحدق بوجهها لأول مرة: إنتي كويسة؟!
هزت رأسها بنفي وهي تشعر بالعالم يدور من حولها فأراحت رأسها على صدره بضعف فوضع يده أسفل فخذيها وقام بحملها متوجهاً بها إلى الأريكة وهو يأمر مليكة ذات الملامح الخائفة: هاتي كباية ميه بسرعة يا مليكة، أومأت له ثم ركضت لتأتي بها..

صفع وجنتها بخفة كي تنتبه ولا تغيب عن الوعي ولكنها كانت شبه غائبة عن الوعي لا تدري بما يحدث حولها..
فقال بحزن وهو يداعب وجنتها بنعومة وكأنه يعرفها منذ زمن: مالك؟ إيه اللي تعبك؟!.
هزت رأسها وهي تفتح وتغلق عينيها بضعف قائلة بخفوت: كل حاجة تعباني..

كان هذا تحت أنظار مالك الذي جاء من الخارج ليتفاجأ بذلك المشهد لكنه لم يقترب منهم ولم يحدث صوتاً بل أدرك شيئاً لم يكن ليدركه إن لم يأتي مبكراً اليوم صعد لغرفة مكتبه مباشرة وأخرج ورقة بيضاء والتقط قلماً وبدأ بكتابة شيئاً ما بها..
أنهى مسح وجهها بيده بالمياه برفق وتساءل: بقيتي أحسن؟!

أومأت بامتنان وهي تبتسم له برقة ليهتز كيانه ويخفق قلبه بقوه ألمته وهو يلعن نفسه بسبب رؤيتها وبسبب ما سيحدث لكنها راحلة على أي حال فلن يحدث شيء..
عاد مايكل للمنزل بعد إرهاقه بسبب التحقيقات فوجد إنجي مازالت على وضعها كما تركها لكنها غفيت.

فابتسم وهو يتقدم منها ثم حملها وابتسامته تتسع أكثر فأكثر يعلم أن هذا ليس وقت يبتسم ويسعد به لكنه لايستطيع أن يكبح نفسه ومازال لا يصدق إنها هي لا يصدق أنها معه الان. وضعها على الفراش بخفه وقام بتدثيرها بالغطاء وظل يتأملها بحنان وهو يبتسم..
بعد مرور شهران..

تعالت صرخاتها من داخل غرفة الولادة بينما على كان يسير بالممر ذهاباً وإياباً بقلق حتى وقعت عينه على مها التي غفيت على مقعدها فتقدم منها وأيقظها برفق: مها، مها، فتحت عينيها بنعاس وهي تهمهم له فقال وهو يربت على ظهرها: مكنتيش جيتي بقي!
اعترضت بأعين نصف مغلقة: لازم أجي طبعاً ازاي ماجيش..
ضحك عليها ثم قال: طيب روحي هاتي قهوة عشان تفوقي يلا قومي، وساعدها بالوقوف حتى بدأت بالسير باعتدال..

وصلت لمطعم المستشفى بعد ترنحها هُنا وهُناك ثم طلبت القهوة بهدوء وقد بدأت تستيقظ عندما وصلت رائحتها لأنفها فبدأت تستنشقها بسعاده..
ابتسمت برقه وهي تأخذها من العامل ثم التفتت ومن دون أن تنتبه ارتطمت بجسد شخصٍ يقف خلفها مباشرة أوقعتها على صدره فشهقت بتفاجئ هي تبعد يدها بسبب حرارتها فنظرت لصدر ذلك الشخص بتعجب بسبب عدم وجود ردة فعل له ولا حتى حركة فصعدت بنظرها لوجهه لتشهق مجدداً وهي تعود للخلف: فارس!

إبتسم إبتسامة لم تريحها وهو يمسك يدها ثم سحبها خلفه للخارج تحت مقاومتها الضعيفة كي لاتلفت الانتباه..

نزعت يدها من يده وملامحها انكمشت بألم قائلة: متمسكنيش كده تاني يا همجي انت!، وظلت تمسدها بألم وهي على وشك البكاء فتركت يدها لتعود للخلف شاهقة بفزع عندما وجدته يقف أمامها مباشرةً فصرخت به بحده: إنت عايز إي، وصمتت وهي ترمش عندما وضع سبابته على شفتيها كي تصمت محدقاً بها بنظرات تحذيرية ثم همس بجانب أذنها بنبرة جعلتها تصاب بالقشعريرة: هخطفك ماشي، نظرت له بعدم فهم لتتسع ابتسامته أكثر مكوباً وجهها بين يديه مداعباً وجنتها بنعومة جعلها تتوجس منه بخوف غير متجاهلة ما تشعر به تحت يده ومعدتها التي تظل تنقبض بألم لذيذ..

أبعد خصلاتها للخلف بنعومة وأنامل محترفه تعلم ماتفعل هابطاً بيده إلى جيدها يتحسسه بطريقة اخافتها فتحركت لتدفعه قبل أن تستلم له وقبل أن تفعل ضغط على عرقٍ معين برقبتها أفقدها الوعي لتسقط رأسها على صدره فحملها بخفة ووضعها بالسيارة وانطلق..
=: مبروك جالك ولد زي القمر، أومأ لها بابتسامة وتساءل بقلق: هي عاملة ايه هقدر اشوفها امتي؟!

ابتسمت الممرضه له قائلة: تقدر تشوفها دلوقتي لو تحب، شكرها بامتنان ثم توجه للداخل سريعاً..
ربت على شعرها بحنان وهو يبتسم فالتفتت له وابتسمت برقة وهي تحاول الجلوس فأوقفها وهو يجلس على المقعد مقابلها قائلاً بحنان: خليكي مرتاحة وقبل يدها برقه وعيون باسمة: حمدالله على السلامة يا احلي ماما في الدنيا كلها..
ابتسمت بنعومه قائله بتعب: الله يسلمك يا حبيبى..

ممكن تجبهولى، ابتسم وهو يقف متجها لمهد صغيره الذي يبتعد عنهم قليلاً ثم حمله برفق وهو يستمع لهمهماته الخافتة الرقيقة وهو نائم..
فتحركت قليلاً لوسط الفراش ليضعه هو بجانبها فتبسمت بحنان وهي تحدق به بعيون تلتمع بدموع السعادة فكم هو شعوراً جميل أن تكوني أُماً وأن تملكي طفلاً صغيراً جميلاً كهذا..

قبلته برقه وهي تلصق وجنتها بوجنته بحنان حتى غفيت بتعب ابتسم على وهو يراقبهم بسعادة ثم هاتف مها التي لم تعود إلى الآن لكنه أنزل الهاتف عندما تذكر تركها له في المنزل..
وجد هاتفه يرن فابتسم وهو يجيب: ماما حبيبتي مساء الخير..
تحدثت بقلق وهي تتساءل: انتوا فين يا على قُمت اصلي الفجر ملقتش حد موجود؟!
فقال على بحماس: مبروك يا زينب هانم بقيتي جده.

عم الصمت قليلاً لدرجة أنه ظن أنها أغلقت بوجهه لكن ثواني قليلة ووصل إلى مسامعه صوت شهقتها السعيدة تبعه توبيخها له بضيق: و مخدتنيش معاك ليه أخص عليك بقي مها تغنيك عني!
ضحك وقال بحنان: العفو يا ماما محدش يقدر يغنيني عنك طبعاً هي بس كانت صاحية في الوقت، اوعي تيجي دلوقتي وتنزلي لوحدك تعالى الصبح..
فقالت بقلة حيله: هو انا عندي حل غير ده! تبقى سلملي عليها وبوسهالي لِحد ما أجي، يلا لا إله إلا الله.

إبتسم قائلاً: محمد رسول الله، أغلق الهاتف ثم ضوء الغرفة كي لا تنزعج وتوجه لأسفل يبحث عن مها فهو يظن أنها ربما تكون قد غفيت بالأسفل بمكانٍ ما فهي تتصرف بغرابة أثناء شعورها بالنعاس؟!.
زفرت للمرة الألف وهي تحدق بها ثم قالت لشقيقها بضجر: نادر خلي مراتك تسبني في حالي و متبصليش كده..

نظر نادر إلى لارا التي كانت تضم يديها محدقة ببطنها البارزة بسعاده و عيون لامعه كطفلة فهي بشهرها الاخير وقال الطبيب ربما تلد بأي لحظة ولارا تنتظر هذا بفارغ الصبر كي تلعب معه..
فابتسم نادر بحنان وقبل شفتيها بسطحية قائلا لسجي بازدراء: بقي القمر ده يتقالو متبصيش كده؟!
ثم عاود تحديقة بلارا وقال بعبث وهو يحاوط خصرها: تحبي أخليها تغير مكانها عشان تشوفيها كويس؟

ضحكت بنعومة وهي تهز رأسها بنفي وقبلت وجنته بسعادة: لا يا حبيبي كده كويس، أومأ وهو يريح رأسها على صدره بحنان ثم قال لسجى بجدية وهو يمرر يده بشعر لارا: مش هتقولي لفؤاد ولا إيه؟!
نظرت بالاتجاه الآخر ولم ترد عليه فتابع: ساره على ولاده واكيد هييجي يشوفها وممكن في اي لحظة تلاقيه قدامك؟!

فقالت بنبرة خرجت مرتجفه: لما يسأل عليا الاول تبقى ساعتها تعالي كلمني في الموضوع ده عشان انا مش هقبل انه يكلمني ولا يرجع عشان ابنه وبس مش هقبل بكده..
زفر وحدق بلارا التي رفعت نظرها له فقال بابتسامة: ونبي انتي احلي حاجة في البيت ده، وأمال رأسه كي يقبلها لكن هاتفه رن فأخرجه على مضض وأجاب: ألو، بجد انا جي جي سلام، سارة ولدت.

وقفت لارا بحماس وركضت لغرفتها كي تبدل ثيابها بكل سعادة متناسية الألم النفسي الذي ستواجهه هُناك بينما هو حدق بسجي وقال بأسف: كان نفسي أخدك معايا لكن للأسف بقيتي دِبه مش بتتحرك، وتركها وصعد للأعلى وهو يضحك فقالت بغيظ: ماشي ينارد بكره وهعرفك..

دثرها بالفراش وهو يراقب حالتها و ما وصلت له بحزن، فهي لم تخرج من السجن سوي منذ اسبوعٍ فقط ومن وقتها لم تتحدث مع أحداً فقط شاردة طوال الوقت ولا تأكل حتى! وهذا جعل شريف يجن جنونه وكاد يلكم ذلك الضابط لأنه أخبره أنها لن تتحمل أن يتم حجزها كالمجرمين بتلك الطريقة واصر ان يجعله يستجوب جميع من كانوا معها ليرا إن قامت إحداهن بأذيتها أم لا لكن لم يجد سوى فتاة واحدة كانت تتحدث معها كثيراً وهي من ساعدتهم بالعثورعلي منصور عندما علمت قصتها فهي كانت تعمل معه سابقاً لكنه قام بخيانتها وزجها بالسجن ومنذ ذلك الوقت وقد عاهدت نفسها أن تنتقم منه أشد انتقام فلم تجد سوى تلك الوسيلة والبوح بكل ما تعرفه عنه وقد تم امساكة بتعاون شريف مع الشرطة وشادي الذي عاد و ذُهل مما يحدث لشقيقته من معانا كل فترة وأخرى..

والآن وبهذا الوقت تحديداً كان الملجأ يُهدم بأكمله كي يتم إعادة ترميمه وشريف هو من كان قائماً على هذا كما أراد منذ أن أتى إلى هُنا كي يتم تجديده ويبدئوا حياتهم من جديد هذا إن سمحت له روان بالطبع!
ترك شادي الغرفه وعلامات الحزن بادية عليه موجهاً حديثه إلى شريف: انا هجبلها دكتور لو فضلت كده مش هستناها لما تنتحر..

وتركه متوجهاً للأسفل بضيق فجلس شريف مكانه امام الغرفه وأغمض عينيه يريد الاسترخاء قليلاً حتى يفكر
ربتت على كتفه بحنان كي يهدأ قائلة: لا تقلق ستكون بخير، هذا ما أردفت به لينا وهي ترى حالته التي أحزنتها فهم قد تزوجوا من شهرٍ وجاءت معه لكن والدتها هي من بقيت هُناك لسبب عدم تحملها البعد عن بلدتها فهي لا تملك سبباً وجيهاً كي تذهب كابنتها مثلاً فهي مع من تحب لكن هي مع من ستكون! هي تفضل وجودها هُناك..

فقال بأسف وهو يربت على وجنتها: أنا أسف بسبب ذلك الوضع أعلم أنه غير مريح ومن المفترض أن نصنع ذكرياتنا السعيدة معاً الآن لكن حالتها تجعلني أشعر بالاختناق أنا آسف..
عانقته بدفء وهي تربت ظهره بحنان: لا عليك لستُ حزينة مطلقاً يكفي أنني معك فأنا لا أحزن بجانبك..
إبتسم بهيام وهو يحدق بها قائلاً بحب: كم أنا محظوظاً لوجودك معي..
فقالت بابتسامة عاشقة قبل أن تقبل شفتيه: بل أنا المحظوظة وليس انت..

بينما نوران لم يكن أحداً بتعاستها فقد بقيت وحيدة هي وطفلتها بذلك المنزل الكبير فهي ستصاب بالجنون بسبب عدم محادثة جود لها ولو لمرة واحدة فقط فهي تشعر أنها خسرته للأبد..
ألقت نظرة حزينه على طفلتها النائمة بهدوء بعد أن قامت بإطعامها فهل سيظل مبتعداً عنهم كثيراً بتلك الطريقة الغيرعادلة ويتركها تكبر بدونه؟!.

سقطت بين يديه بسبب تعرقلها وعدم انتباهها لخطواتها فقال جود بضجر للمرة الألف: يا ماما خلي بالك عشان الحمل آخرتك وحشه!
قطبت حاجبيها بحزن وهي تجلس على الأريكة فلوي شدقيه قائلاً: متعمليش نفسك زعلانه وهي هرمونات الحمل مش أكتر!

ألقت ريم الوسادة عليه بغضب و الشرار يتطاير من عينيها فقهقه عليها وهو يهز رأسه بقلة حيلة مقدماً لها الافطار: اتفضلي تخلصي أكل وقدامي عشان رايح عند ألين يلا، أومأت وبدأت تأكل بطاعة فهي تعلم أنه خائفاً عليها فهي تمكث معه بالشقة التي استأجرها مؤقتاً حتى يتبين له ماذا سيفعل فهو قد قام بدفن جثمانها وينتظر أن تطالبه إحداهن بالذهاب إليهما لكن لم تذهب سوى نور فقط..

أما ريم فهي عندما جاءت وكان جود ينتظرها بالمطار كانت حالتها مذرية وقبل أن تقترب منه سقطت أرضاً و ظلت تتقيأ بألم فحملها بهلع وركض بها لأقرب مستشفى بجانب المطار لتفاجئ بكونها مازالت حامل و بشهرها الثاني وكم هذا صدمها ولا تعلم أتضحك أم تبكي قهراً على نفسها فهو كان يعلم أنه طفله رغم هذا لم يعتذر على إهانتها وضربها بتلك الطريقة حتى لم يبدر منه أي فعل ينم على الندم نهائيا إن كان خجلاً من المواجهة او التحدث! وإضافة إلى هذا يعلم أنها ستتركه وتركها! فهو لا يحبها إن كان يفعل لم يكن ليتصرف معها بتحجر قلب بتلك الطريقة؟!

لِتتساءل بنفسها أكان هذا حقاً حُباً!
أيستطيع أحدهم أن يقوم بأذية أحدٍ بتلك الطريقة تحت مسمى الحُب؟!
أما هو فكان يعلم ومدركاً تماماً أنه خسرها وللأبد فحديثه لن يجدي نفعاً حتى وإن كان يجدي فهو لا يستطيع مسامحة نفسه فمنذ رؤيته لِرسالة شادي الذي بعثها على هاتفها الذي نسته بالغرفة وقت ذهابها يخبرها بها أنه أسف وأنه لم يلمسها فقط كان يؤدب مالك بسبب عبثه مع شقيقته..

فهو قد تعاهد أن يتغير ويكون أفضل وريم ربما قد نجحت بهذا لكن النظام اختل بها ولم يصمد أمام قوانينها مصدراً تلك الفوضي التي حدثت وعودته سيئاً أضعاف مضاعفه..
دلفت مليكة وهي تتسلل كي تأخذ حاسوبه فأوقفها حديثة البارد: رايحة فين؟!
فقالت وهي تزم شفتيها بحزن: عايزه أكلم ريم.
فقال وهو يستنشق لفافة التبغ خاصتة: قولي ليحيي!

فقالت بحزن وهي تضم يديها معاً وأمالت رأسها بحزن محركة قدميها بالأرض ترسم أشياء بعشوائية بحركاتها: يحيي عنده شغل وقالي شويه كده وأنا عايزه اكلمها دلوقتي.
تنهد وقال موافقاً كي لا تحزن: خديه وكلميها بره.
أومأت وهي تبتسم بسعادة وجلست على مقعده وقامت بفتح الحاسوب وتناست قوله أن تأخذه للخارج.

ثم قامت بفتح أله التصوير الخاصة بالحاسوب ليتبين كل من بالغرفة معها حتى مالك فهي كانت توليه ظهرها وهو كان جالساً على فراشه مقابل النافذة يوليها ظهره، فضغطت على اسم ريم محاولة التواصل معها..

: أنا ماشي بقي مع السلامة، هذا ماقاله جود وهو يغادر، استقل السيارة بهدوء وأخرج حافظة نقوده مخرجاً صورة نوران التي يحتفظ بها معه محدقاً بها بحزن فهو اشتاق لها ولا يعلم ماذا يفعل؟! حاول الاتصال بها عدة مرات وكُلما استمع لصوتها تجيبه يغلق الهاتف بدون سبب وجية ولا يعلم لما لا يملك تلك الشجاعة لِمواجهتها؟!.
أما ألين فلم يكن أحداً بمثل حالتها قط..

لقد توقفت عن فعل كل شيء عدا البكاء حتى أنها بدأت تشعر بالحرقة بعينها مع كل حركه لها وليس البكاء فقط لا تأكل لا تتحدث لا تفعل سوى البكاء ومهما حاولوا معها لا تستجيب لحديث أحد، ف هالة ظنت أنها ستكون بخير ووجودها معها كعدمه لكن حالتها جعلتها تبقى و برضاها وليس رغماً عنها ساخرة من نفسها معيده حديثها مع جود واخباره انها تريدها أن ترضعه! فهذا أفضل له فمن أي اتجاه سوف يحدث هذا وهي لم تقترب منه حتى الآن!

فهي أصبحت تحيي على المحاليل فقط وقد ظلت غائبة عن الوعي لإسبوعٍ كامل حتى ظنوا أنها بغيبوبة لكنها استفاقت عازمة على عدم تناول شيء وكأنها تريد قتل نفسها لكنها لا تجد الفرصة بسببهم، ورغم كل هذا كان هناك بصيصاً من الأمل بداخلها أن يكون فراس حياً لكن إتيان نور لها ذات يوم وحديثها معها وحدها وهي تبكي على حالهم كي تخرج نفسها من كل هذا وتأتي معها وتفعل ما تشاء عند قبره من معاتبة، صراخ، بكاء، فلتفعل هذا ربما ترتاح قليلاً عوضاً عن تدميرها لنفسها بتلك الطريقة لكنها أبت ولم ترد عليها بل ولتها ظهرها وتابعت بكائها كما تفعل دائماً فما من شيءٍ أسهل على المرء من البكاء..

وضعت الوسادة على أذنها وهي تستمع لصوت بكائه الذي يخترق روحها يمزقها وليس مسامعها فقط قائلة بعذاب وهي تبكي: كفاية بقي حرام عليك كفاية بقى كفاية.

دلفت هاله الغرفة بلهفة عندما استمعت لصوت بكائه وقامت بتهدئته بأسى لحالته ثم قالت لها بحزن: يبنتي حرااام عليكي نفسك حرام عليكي، لكنها لم ترد عليها مستمرة في بكائها وكم هذا أغضبها وجعلها تنفجر بها فوضعت إيان بمهده وتوجهت لها وسحبتها من ذراعها بعنف جعلتها تجلس على الفراش قائلة بحدة: اللي مات ده ميخصكيش لوحدك ولو في حد لازم يبقي مقهور هنا مش هيبقى في حد مقهور أدى ده إبني عارفه يعني ايه إبني أنا اللي ربيته وشوفته وهو بيكبر لحظة بلحظة لحد مبقي راجل قدامى! كان فحضي وفي لحظة مبقاش موجود؟! ولما افتكر اخر مكالمه بينا وهو بيسأل عليكي بلهفة وخوف وأنا كذبت عليه مش بقدر أسامح نفسي. ولما اعرف إن هو ضحى بحياته عشانك وانتي مش مقدره وعايزه تموتي نفسك مقدرش أشوفك وأسكت فاهمه أنا إبني مات بدالك وإنتي المسئولة وحياتك دي مش ملكك ملكي أنا فاهمه ولا لا؟! وابنك اللي مش عايزه تشوفيه ولا تلمسيه ده من الراجل اللي هتموتى نفسك عشانه الراجل اللي كنتي بتتمني تفضي عمرك معاه فاهمه، ثم تابعت بتهديد وهي تهزها بين يديها بعنف: أقسم بالله يا ألين لو مفقتيش لنفسك وابنك هاخده وهمشي ومش هتشوفيه باقي عمرك فاهمه ولا لا..

دفعتها بعنف ثم توجهت له وحملته بين يديها وعادت لها من جديد ومدت يدها به أمامها لكنها لم تأخذ و ظلت تبكي معيدة حديث هاله برأسها فصرخت بها هالة جعلتها تنتفض: خلصي خُديه، مدت يدها المرتجفه للأمام فوضعته هاله بين يدها تزامناً مع تأوهها وهي تبكي محدقة به تتأمله فكم هو صغيراً وجميلاً وهش! كيف يمكنها أن تفعل هذا وترفض رؤية روحها! فاللعنة عليها لو قامت بفعل هذا مجدداً..

حرك رأسه بعدم راحة وهو على وشك البكاء فضمته لصدرها وهي تهزه بهدوء قائلة بندم: أنا أسفه، أنا أسفه، مش هعمل كده تاني أسفه، وقبلت جبهته بخفه وظلت تهزه برفق ليعود للنوم مجدداً..
دلف جود بذلك الوقت ثم رفع حاجبيه عند رؤيتها فقال وهو يبتسم: دنا فاتني كتير بقي!

ابتسمت له هالة وهي تتنهد براحة فتقدم وعانق ألين بحنان فابتسمت له بخفه فقال وهو يبتسم: ايوه كده اضحكي خلي الشمس تدخل، عبست مجدداً فقال بضيق: ايه تاني؟
فسألته وهي على وشك البكاء مجدداٌ: هو أنا كده أم مش كويسة..

مسد جبهته بإرهاق ثم قال موجهاً حديثة لهالة ساخراً منها: أهي هتعيط سنتين لقدام وهي كل شويه تسألنا هو انا ام مش حلوه مش كويسة شريره؟ حتى لما يكبر ويبقي مش فاكر حاجة هتفكره وتقوله انا ام وحشه يبني سبتك اول متولدت ومكنتش عايزة ابص في خلقتك..
ضربت كتفه بغيظ ثم عاودت النظر لإيان مداعبة وجنته بنعومة فقالت هالة مقترحة عليها كي ترى ردة فعلها: هاتيه أرجعه سريره..

هزت رأسها بنفي قائلة وهي تضمه لصدرها أكثر: لا هينام جنبي هنا على طول، ابتسمت هالة وهي تحدق بجود المبتسم لذلك التقدم فأشرت له ليذهبوا للخارج ويتركوها معه وحدهم رُبما يُلهيها قليلاٌ ويجعلها تستعيد نفسها..
: عاملة إيه يا حبيبتي وحشتيني اوي، هذا ما أردفت به ريم وهي تحادث مليكة غير متجاهله هيئه مالك البينة لها..

فقالت مليكة بصوت خافت كي لا يسمعها: الحمد الله كويسه اوي وانتي كمان وحشتيني وحشتينا كلنا حتى يحيي، اختفت ابتسامة ريم وهي تستمع لصوت خفقات قلبها عندما ذكرت إسمه فابتلعت ريقها بحلق جاف ونبرتها خرجت مرتجفه: وعرفتي إزاي؟!

فقالت بهمس: مش بيرضي يديني الكمبيوتر بتاعه عشان أكلمك، ف استنيته لما دخل الحمام وروحت أخده لقيته حاطت صورتك خلفيه ي ريم، ريم!، لكنها لم تكن هُنا بل شردت وهي تضع يدها على قلبها الذي يخفق بقوة فلم يسبق له أن خفق لأحدهم بتلك القوة حتى مالك نفسه! غرقت بذكرياتها معه التي ظهر بها قليلاً فقط لكنها لم تكمل ثواني واستفاقت على صراخ مليكة بذعر فنظرت لشاشة الحاسوب بخوف ليتبين لها مالك الساقط أرضاً يسعل باختناق حتى فقد الوعي وربما الحياة..

استقل جود سيارته التي ترجع إلى وائل فهو إرتاح بها ولاينوي أن يُعيدها له حتى وإن كان يكرهه فهي مريحه! أدار محرك السيارة كي يذهب لكنه قطب حاجبيه عندما سمع صوتاً يهمس فأوقف محرك السيارة كي يستمع جيداً لكن الصوت توقف فزفر وهو يهز رأسه ذاكراً ربة قارئاً بعض الآيات القرآنيه وأعاد تشغيل المحرك فعاد الصوت مجدداً فأوقفها مجدداً وهو يضرب المقود بغضب ولم ينكر شعوره بالخوف فظل صامتاً مغمضاً عينة لخمس دقائق مسنداً ظهره على المقعد أخذاً شهيقاً وزفيراً حتى قام بفتح عينه مجدداً فانتفض صارخاً بذعر وهو يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.

في إيه؟ إيه؟ إيه ده؟!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة