قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية بإسم الحب للكاتبة هاجر الحبشي الفصل الرابع والثمانون

رواية بإسم الحب للكاتبة هاجر الحبشي الفصل الرابع والثمانون

رواية بإسم الحب للكاتبة هاجر الحبشي الفصل الرابع والثمانون

بعد مرور خمسة أعوام..
لقد حدث خلال تلك الأعوام الكثير من الأشياء الجميلة، أبرزها سفر الجميع في رحلة معاً إلى بيت الله الحرام لقد كانت صُحبة جميلة سوف يحرصون على تِكرارها من جديد..

عاش الجميع بسعادة بنظام حياة جديده تطبيقه نجح مع البعض والأخر لا، كسجي وفؤاد لقد كانا هادئين سعيدين إلى الآن، لكن شغف العمل و انشغالهما وعودتهما إلى السفر كثيراً مثل سابقاً جعل من فادي مُهمل بطريقة تُثير الشفقة في نفس من يراه، فهو يبقى مع نادر ولارا طوال الوقت مُرحبين به بسعادة خاصتاً لارا ؛ وهذا ليس أكثر مما تفعل سارة فهي تتمنى لو يمكُث معها في المنزل فهي عمته لكنه لايبقي كثيراً يقضي معها بعض الأيام فقط ويذهب ؛ لا يعلم ذلك الشعور الذي يُراوده لكنه لا يُريد أن يكون معها وهي تملك طفلاً هو يُحبهم لكنه يكتفي بقضاء الوقت معهم فقط لكن لارا ونادر فهما مُميزان بالنسبةِ له أهم لديه من والديه، فوالديه يجعلوه يشعر أنهم يصنعون له جميلاً عندما يعودانِ مصر كي يرونه وهو يعلم بل ومُتأكداً أنه إن لم يكن موجوداً لم يكن ليخطر لهم العودة مُجدداً وهو لا يُريدهما فأطفال هذه الأيام لم تعد مثل سابقاً وليسوا تلك الأطفال البريئين كما يتخيل الجميع!.

وما زاد الأمر صعوبة برودِه وجموده الذي توارثه من الإثنان فهو المثال الحي لقطة ثلج! وعندما يكبر ويصبح شاباً سيكون المثال الحي للشاب الوسيم ثقيل الدم الذي لايطيقهُ أحداً بفضل إهمالة وتركه وعدم بثه بحنان والديه وهو طفل غير مدركين أن ما يضعونه بداخله هو ما يقويه من أجل تلك المرحلة القادمة بحياته، غافلين تماماً عن كونه طفلاً ويوجد احتياجات له من المفترض أنهما يعرفانها لكنهما جاهلين جاهلين كل الجهل عن أبسط الأشياء الخاصة به وما يُجب أن يفعلا معه بطريقة مأساوية ؛ فحياته لن تكون سهلة بهذا النقص وبُرودة المشاعر بداخله، هو لن يملك حياة سهلة بالتأكيد وهُما المسئُولان لأن هذه ضريبة العمل!.

أما ريم ويحيي فقد تابعا حياتهما بسعادة وقد أنجبت شقيقاً إلى مالك بعد أن كبر قليلاً لتتفرغ وتنجب بعدها براء من فترة قليلة ليست بالكثيرة فهو مازال رضيعاً..

عاشت بسعادة وتحقق ما كنت تُريد وتتمني كما أخبرها مالك تماماً وهو على فراش الموت أن يحيي من ستجد به ما تُريد وقد حدث هذا وكانت أجمل وأكثر زوجه جميلة مُطيعة قد يحصل عليها، تنتظر حركته فقط لتباشر وتعمل فهي حفظته وكم تعشقه وتحب رؤية إبتسامته العاشقة لها..

أما هو فلم يكن لها سوى خير زوج مُراعياً لها من جميع جوانب الحياة، هُيم بها عشقاً أكثر بعد أن أصبحت زوجته فعلاً فهو يُحبها ويُريد سعادتها فقط لم يُفكر أن يكون أنانياً معها وخاصتاً بعد كُل هذا الحب الذي اكتشفه منها فهو مُتأكد تمام التأكيد أنها لا تستطيع أن تحيي لحظه من دونه فلطبيعي الخاص بها الذي تفعله كل يوم تظل تهاتفه كل نصف ساعة تقريباً كي تطمئن عليه تجعله يشعر بأهميته لديها والفراغ الذي يتركه عند ذهابه إلى العمل إضافة إلى أنه يشعر أنها من قديم الازل لم تراه وهذا يُحمسه على العودة كي يرى ردة فعلها، وتكون وابلاً من القُبلات الحارة التي تلهبه فهي حياته وقد حققت ما تمناه هو دون أن يفصح وأمنيته الوحيده كانت الإنجاب أن يملك طفلاً منها وحققت له هذا، في البداية عند تأخر الحمل ظن أنها تأخذ حُبوباً لانها لا تُريد الإنجاب مجدداً فهو ليس سهلاً في النهاية عندما تريد تفعل، وهذا احزنه ولم يتحدث حتى قالت له يوماً في ليله حاره ممتلئه بالمشاعر الجياشة بينهم أنها تُريد طفلاً وتنتظر أن يكبر مالك قليلاً فقط وستكون جاهزه وهذا أسعده وجعل حُبها بداخله يتضاعف فهي الأجمل على الإطلاق..

أما روان وشريف فحياتهم منذ بدايتها إلى الآن سعيدة جميلة لا تشوبها شائبة بل ويزدادنِ حُباً وحرارة معاً لقد أفقدته عقله وجعلته يندم على كُل الوقت الذي أضاعة بعيداً عنها لقد تخطي بُعده عنها أكثر من سنة تقريباً، يحمد ربه أنه إقترب منها في النهايه لأنها إن كانت في البداية وحدث كل هذا لعاد إليها حبواً كي تُسامحه فهي لا تُقاوم ولا يتحمل بعدها لحظة لا يتركها بتاتاً معها بكل شيء، لقد صنع الذكريات السعيدة التي أرادها دون تصنع ولا كذب فقط الحقيقة، تشاجرانِ فقط مرة واحدة بعد إنجابها طفلتها الجميلة مارال بساعات فقط لقد تشاجرت مع شريف في المستشفى وكاد يصفعها عندما أخبرته أنها تريد أن تسميها مريم يا إلهي لقد تلبسه الشيطان عندما سمع إسمها وما جعله يثور أكثر إصرارها و كأنها شقيقتها المُتوفاة! فدارت مشاجرة بينهم بصوت مرتفع لأول مرة رُبما في كل تلك السنوات حتى أنهما لم يلقيانِ نظرة واحدة على طفلتهم بسبب تلك المُشاحنة، فأخبرها بإسم مارال تلقائياً من وسط حنقة فصمتت وهي ترمش مُفكره ثم أومأت بهدوء فهو راقها وبعد إنتهاء الصراع عانقها وقبلها بحنان ثم رحبا بطفلتهما الصغيرة بسعادة وخاصتاً شريف الصغير الذي ضجر منهم بسبب رومانسياتهم في كل مكان يذهبا إليه فهو من يخجل ويُحرج من السير معهم وليس هُما فإن شقيقته سوف تلهيه عنهم قليلاً، لقد أصبح مُراهقاً في الخامسة عشر الآن نفس عمر مليكة وربما نفس المدرسة يذهبون إليها لكنهم لا يعرفان بعضهما البعض، فيحيي قد انتقل من وقتٍ قريب إلى اليونان بسبب عمله وانتقل معه كل شيء.

والآن في الوقت الحالي روان حامل بطفلها الثاني الذي لا تعلم جنسه بعد وقد تشاجرت مع شريف مُنذ يومان تقريباً بسبب الهرمونات وهتفت بإصرار أنها إن كانت فتاه ستكون مريم وهذا جعله ينفعل وصرخ صائحاً بوجهها أنه يُريد ولداً وسيقوم بتسميته مدكور كي يتعقد من حياته وكي تشعر هي بما تفعل به عندما تقول ذلك الإسم وانتهى الأمر بضحكاتهم وعناقه لها بحنان وهو يُخبرها أنه يُحب الفتيات لأنهن رقيقات فلا تجعله بذلك الإصرار يكرههن!.

وشادي عاش بسعادة مع لينا ويتنقل بها من هُنا إلى هُناك من أجل والدتها الوحيدة ويقسمون العام بين هُنا وهُناك لكنهما مُمتنعان عن الإنجاب الآن يُريدان أن ينعما بأنفسهم لفترة أطول ثم ينجبان..

أما نائل ونور، واجهت نور بعض الصعوبات وإستمرت تلك الهستيريا التي كانت تأتيها كُلما إقترب منها نائل إضافة إلى أنها هي من كانت تطلب فبعد تلك الليلة لم يجرؤ على الإقتراب منها مُجدداً فتُبادر هي حتى تعافت وظلت تُبادر فلا خجل بينهما بعد الآن لكن المشكلة لم تكن هنا بل في إنجابها لأن الرحم قد تضرر بشدة لكنها ظلت تأمل أنها رُبما تنجب وذهبت إلى أكثر من طبيب وأخبروها جميعاً بكلمة واحده إنتظري قليلاً عدى الطبيب الأخير الذي حطمها قولة أسقطها سابع أرض من جديد لما لم يتم إزالته إلى الآن! كيف تعيشين برحم مُتضرر بهذا الشكل ألا تعانين من مشاكل؟ وقف نائل وكاد يكلمة بقوة وهو يرى حالة نور الرثة وقبل أن يفعل بكت وهي تنظر له فأخذها وذهب دون أن يُكمل وأخبرها أن لا تنصت له فجميع الأطباء ليسوا بُلهاء هو الأبلة الوحيد لايفقه شيئاً، وهذا لم يهدئها بل ظلت فترة مكتئبه حزينه لكن أخرجها من تلك الحالة نائل بسهولة ثم عادان لممارسة حياتهم بطبيعيه وسعادة دون شجار بل حياة هادئة بنائل جديد لا يتبارد معها بتاتاً بل يغدقها بحنانه وكلامة المعسول وهي التي تصبح باردة في بعض المواقف لكن كل شيء يمُر وحُبهما ما يجعلهما صامدين إلى الآن، يأخذها كل فتره وربما كل عُطلة نهاية الأسبوع إلى والدها يقضيان معه اليوم وقد تعرف على أشقائها الذين كانوا مختفين عن الأنظار في فترة مكوثه هو وفراس في المنزل فهم مرحين ولا يجعلانك تشعر بالملل، والآن وبذلك الوقت تحديداً كانا على سفينه ضخمه تسير في منتصف المياة النقية التي ينعكس عليها ضوء قُرص الشمس الذهبي الساطع أعلاهم فيجب أن يأخذان فاصل من العمل وتلك الضغوطات، لم يكونا وحدهما بل شاركهم تلك الرحلة العائلية السعيدة إنجي ومايكل دون خوف فحياته أصبحت ورديه ظن أنه كان أعذباً سعيداً لكنه أدرك كونه كان ميتاً وليس حياً أدرك جمال وجودك مع من تحب في الحياة معنى تلك الجملة التي قالها فلنتقاسم كل شيء وما أجمله إنقسام فهي أعادته سنوات كثيرة إلى الخلف لدرجة إلحاحه عليها كي تنجب لكنها لا ترد عليه بل تخجل صامته وعندما أصر قالت له بوجنتيها المتوردة أن ولدها على وشك الإنجاب كيف تنجب الآن؟ إضافة أنها تري نفسها عجوزاً كي تنجب بهذا السن المُتأخر سوف تصبح أضحوكة! لكنه لا يأبه بهذا ولن يتركها سوى وهي تحمل طفله لأنه سيفعل كل ما تمني أن يفعله معها قبلاً فليست مُشكلته أنه حصل عليها مُتأخراً فهو مازال يافع وبصحته وهي كذلك فالإحتجاز لسنوات طويلة لا يأخذ مجهوداً صحيح؟!.

أما نادر ولارا، فحياتهم ظلت سعيدة كما كانت قبلاً وهو لا يفعل شيء سوى جعلها تنتقل من سعادتها العارمة إلى سعادة عارمة أخرى لا شجار ولا حزن ولا بكاء بل سعادة وما ساهم بهذا وجود فادي معها شغلها قليلاً عن كونها لا تنجب ولا تعلم أين المشكلة لقد استسلمت للأمر الواقع وتقبلت نفسها هكذا..

أما على وسارة، فكانت حياتهم هادئه وسعيدة كالعادة لكن بعد بعض الحزن الذي واجهه على من أجل سارة حتى تحسنت حالتها وتقبلت وفاة والدتها وعادت تعمل من جديد بأحد المستشفيات ثم وقاحة مها بعد إن وضعت قدمها خارج البلاد هاجت عليه وحدثته بكل وقاحة بالمعني الحرفي، كان يستطيع صفعها وأخذها عنوة وإعادتها إلى مصر لكنه لم يفعل ولم يُحدثها بل اعطاها أشيائها ومتعلقاتها الشخصية بمعنى بطاقتها الإئتمانيه وبعض الأشياء وتركها وغادر فهي لا تستحق فلتعيش وحيدة فهو لم يكن يعلم أنها شخصية فذة ومُتسلطة لتلك الدرجة إضافة لعدم إحترامها ووقاحتها مع الجميع وهذا لا يروقة ولا يقبله ؛ وتم نقل أوراق دراستها إلى الخارج وتركها تفعل ماتشاء، لكنها عادت أنهت دراستها وعادت مُنذ عام تقريباً محنية الرأس تطلب سماحة فهي عانت وحدها وجاءت عليها فترة مرضت بها وكانت هزيلة ولم تجد من يعتني بها في هذا الوقت سوى فارس، فارس!

أما فارس فبعد إن ذهب عاد إلى أمريكا، مارس عمله الحقيقي كطبيباً، طبيباً بشرياً درس مع نائل بنفس الجامعة تقريباً لكن التخصص مختلف، فهم لم يأخذوه من والده سوى ليصنعوا رجلاً لهم لكن أعلي شأناً من البقية وتركوه يدرس الطب من أجل تجارة الأعضاء لكنه لم يفيدهم ولم يفعل شيئاً، عمل في المستشفي وعاش وحده بهدوء لكن طاردته إحدي السيارات في طريق عودته إلى المنزل في مساء إحدي الأيام وهذا جعله يتأكد أنه مُطارد من قبل الما?يا فهو كان منهم لم يفعل شيئاً ولم يكن له حديث وصلات كثيرة لكنه كان معروفاً فمن يدخل الوقر لا يخرج منه وهو خرج بسهولة لهذا مُطارد، وقد خاض عِراكاً معهم في مرة انتهى بمجيء الشرطة لهم وتم القبض على الجميع وهو معهم لكن هُناك من أخرجه ولم يعرف من حتى! وفي أحد الأيام وصل إليه موقع منزل في رسالة نصية فذهب إليه ولم يكن سوى منزل وائل ؛ عرض عليه أن يظل معه كي يحميه وهُنا لا يستطيع أحداً حتى أن يلمسه لا أن يمسه بسوء وقد وافق حتى علم بأحد الأيام صُدفة أنه والد ألين، لم يخطر في باله هذا الوقت سوى أن فراس من طلب هذا ويعلم مايحدث معه لكنه لم يعلق على شيء وظل صامتاً لكن وائل لم يكف عن إخباره كُلما رآه أنه يفضل شعرة هكذا عوضاً عن شقيقة الذي يملك غُرة تزعجه هو شخصياً وما لبث سوى أنه يضحك ولا يُعلق..

جاء هذا اليوم فجأه أثناء العُطلة الصيفية تقريباً وجد فراس وألين هُنا مع طفلهم لم يتحرك ولم تبدر عنه أي رده فعل وما زاد تعجبه عناق فراس له عندما رآه! لقد كان عناقاً دافئاً لم يشعر أثناءه سوى بشقيقة الذي كان يحتويه في صغرهم لقد عاد له فراس من جديد دون كُره وحقد وغِل وهو من بادر بهذه الخُطوة وثوانِ قليلة فقط وبادله ذلك العناق كحبيبته الغائبة عنه لسنوات وقليلاً فقط ووجد إيان يركض إتجاهه وهو يصيح بعمي عمي وما لبث أن عانقه بحنان وهو يراه ماثلاً أمامه كبيراً وسيماً عوضاً عن ذلك الرضيع الباكي الذي رآه يوم عزاء والده، وقد عاد التوأمان معاً من جديد وفراس لم يظل بذلك الحب والدفء فوق النصف يوم ليخبره بعدها أنه ليس شقيقة شقيقة كان ضعيفاً هذيلاً من أين له هذا الجسد الآن وإلى الآن مازال يردد له هذا كونه شقيقة الأكبر حتى لو بدقائق قليلة فقط فيجب أن يطيعه ويكون ماثلاً لأمره فلا يُقابله فارس بعد سماع حديثه هذا سوى بسبه بأبشع الألفاظ ويلقي عليه ما يجده أمامه ففي الأونه الأخير أيضاً أصبحت هذه طريقة مزحاتهما معاً..

عاد فراس وبقي فارس لوقتٍ أكثر وأخبره أنه سيعود بعده بفترة ليتفاجئ يوماً بمريضة محمومة في المستشفي تخطت حرارتها الأربعين فهرول لها ولم تكن سوى مها التي كانت تهذي بكلمات لم يفهم منها شيءً لكنه تدارك الأمر وفحصها وتركها كي يعتنوا بها ولم ينكر أنه شعر ببعض الندم القليل فقط بسبب ما فعل بها لكنها كانت تستحق ذلك اليوم فهي وعندما تستيقظ وتعود لتلك الفظاظة سوف تستحق أكثر..

لقد إستيقظت وفحصها بهدوء مُتجاهلاً معرفتها قبلاً وهي فعلت المثل ولكن ذهولها برؤيته طبيباً لم يخفي على أحداً وتجاهله لها كذلك! فهي لم تكن سوى مريضة لديه لا أكثر ولا أقل، وتعافت وذهبت لكنها عادت مريضة بعد يومين من جديد وتعافت وعادت أكثر من مرة وهذا جعله يتعجب هي ماذا تفعل بنفسها وماذا تأكل كي تكون ذابلة بتلك الطريقة؟! ومن هُنا بدأت تلك الشرارة بينهم بين طبيب و مريضة حمي يال السخرية! هي رأته بصورة أخرى لم تستوعبها إنه طبيب لبق لا همجي وهيئته بتلك النظارة الطبية يا إلهي كم كان وسيماً ومرت الأيام والسنوات ولا تراه سوى عندما تمرض أو عندما تُمرض نفسها كي تأتي وهذا تكرر بطريقة راقته لأن إعجابها به كان بيّن وهذه كانت بداية خُطواته كي يخرج فراس من قلبها ويتربع هو على عرشة وقد نجح بهذا لكنها عادت فجأة إلى مصر فعاد هو الأخر خلفها كي يرى ما المشكلة مُتحفظاً على سرية مشاعره لكنها تفجرت فجأه عندما تحدث مع على ؛ فأخر مرة رآه بها يوم صفعة إلى مها في العزاء ولم يره بعدها، وعندما رآه الآن لم يفعل شيء سوى تعنيفه وإلقاء كلمات جارحة عليه جعلته ينفجر مُعترفاً بحبه لها، ولا أحد يعلم إن كان هذا حُباً حقاً أم لكل واحداً منهما هدفاً يُريد الوصول إليه؟!

أما جود ونوران، فحياتهم لم تخلو من السعادة الممزوجة بالمرح فمنذ أن علم أنها تستطيع الرقص يا إلهي كُلما تحدثت معه يُقيدها ويخبرها أن ترقص له لقد عانت كثيراً معه ولكنها كانت ترقص لما لا! فقضت جنات الكثير من الليالي لدى خالها شريف بسبب والدها الذي لا يتوقف عن العبث، فشريف أنهى دراسته الآن ويعمل مع نادر من سنوات، وكانت بعض الليالي الأُخري تقضيها لدي فراس بسبب إيان وتعلقهما ببعضهم البعض وخصوصاً أن العطلة دائماً يقضيانها سوياً وبالنسبة إلى العمل فيتشارك جود مع فراس في قرية قاموا بتأسيسها في الساحل الشمالي بالإضافة إلى الوحدات السكنية التي يمتلكونها خارج القرية والمنتجع الذي شاركهم به نادر واكتفي نادر بهذا فهو يفضل العمل التقليدي بالشركة..

أما عصفوران الحب فراس و ألين ماذا فعلا؟! فعلا الكثير، صباح اليوم التالي من تلك الليلة عندما استيقظت صباحاً كان فراس مُستيقظاً يتأملها بحنان وهو يُداعب وجنتها وقليلاً شفتيها ثم شعرها لتفتح عينها فجأه وهي تتقلب بنعومة لتسقط بأحضانه وهي ترمش بنعاس ثم دفنت رأسها بصدره العاري لتشعر بحركته فعلمت أنه مُستيقظ، رفعت نظرها لتُقابلها بُنيته التي تُقدح مكراً وهو ينظر لها ويبدو أنها لا تتذكر ما فعلت إبتسمت بنعومه وهي ترفع نفسها، تُثبت الغطاء على صدرها بيدها كي تُقبله لكنها شهقت بمنتصف الطريق وهي تتذكر ما حدث فدثرت نفسها بالغطاء بقوة تختبئ منه ثم حركت نفسها ببطء كي تترك الفراش لكنه ضحك وسحبها من خصرها وأعادها لأحضانه فدفنت رأسها بذراعة وهي تقضم شفتيها بخجل ولم تتحدث لكنه هو من تحدث بخبث وأخبرها أن تلك الوقاحة راقته وكم هي لئيمة لكنها لم تتحدث لم تجرؤ على فعل هذا..

ومرت الأيام وأخيراً عاشت تلك السعادة التي وعدها بها مُنذ زمن عوضها بالكثير ومازال يعوضها إلى الآن، يقضيان الكثير من الوقت في الخارج يتناولان العشاء في أماكن شاعرية ممتلئة بالموسيقى الهادئة وعندما يشعران بالملل يأخذها ويذهب إلى الساحل الشمالي مُصطحباً معه الجرو الصغير الذي أصبح كلباً كبيراً بالنسبةِ له ولعنه حياته في أنٍ واحد، وفي الأوقات الأخرى يأخذها تقضي الصيفيه لدي والدها هُناك كي تتقرب منه أكثر ومن أشقائها ونور تكون معها أيضاً وهو فهو لا يبقي بعيداً عنها ثانية غير العمل العمل فقط وبقية الوقت لها هي و إيان..

وإيان يظل فوق رأسه طوال الوقت فقط يشكر ربه لوجود جنات فهي الوحيدة التي تلهيه عنهم وأحيانا والدته لأنه عندما يذهب لها لا تجعله يرتشف حليباً ولا ينام مُبكراً تُدللة فقط طوال الوقت وهو يُحبها ويُحب أن يذهب إليها، وقد توقف عن التدخل بملابسها كذلك وهي لا ترتدي ما يُضايقه لكن يبقى لديه بعض المُلاحظات التي ينساها عندما تُقبله قبل أن يذهبان إلى الخارج وكل شيء يمر حياة هادئه رومانسية خالية من أي شائبة قد تعكرها لا صراخ ولا غضب هدوء حنان ودفء كل شيءً جميلاً عدي عفريت العلبه الذي أنجبه لقد أصبح يكره الفتيان بسببه لكن مع هذا يُريد إنجاب المزيد يُريد أن يملأ المنزل بأطفالهم كي لا تكون وحدها ولا تظل وحيدة عندما يكون في الخارج، هو مُنذ أكثر من عامين تقريباً يأخذها معه إلى العمل كُل يوم أحياناً تنعس فتنام على الأريكة تحت مُراقبته لها وأحياناً تعمل معه قليلاً كي لا تتدخل مساعدته بهذا وهو لايظل صامتاً بل أغلب الوقت يُشاكسها ويتغزل بها ثم يجلسها على قدمه ويظلون يتبادلان القُبل وهذا ما كان يجعله يأتي بها معه بانتظام فالضغوطات كثيرة هُنا! وإيان يكون بحضانته يوصله فراس صباحاً ويأخذونه في طريق العودة والآن هكذا لكنه في صفة الأول في المدرسة مع جنات و يوسف وفادي فأربعتهم معاً وفرق السن بينهم أشهر أشهر جنات الكبيرة يصغرها إيان بشهرين وكذلك يوسف يصغر إيان وفادي يصغر يوسف وهكذا فادي أصغرهم لكن لايبدو عليه بتاتاً وكان من المفترض ألا يكون معهم هذه السنة لكن نادر من أدخله عُنوه وأخبرهم أنه ذكي وليس صغيراً كما يتخيلوا كي لايقبلوه ومن هُنا إلى هُنا قبلوا به بعد بعض الأختبارات وبسبب إصراره كي لا يستبعد عن أصدقائه كما والديه يكفي هم عليه..

في الوقت الحالي..
مالت برأسها إلى الجانب تهمس بأذنه بنعومه: أعملك مساج يا باشا؟
إبتسم ورفع أنظاره لها وقال بعبث: أعملي ياعيون الباشا..
ابتسمت وهي تميل على مقعده أغرقته بشعرها مع بدئها بتدليك جبهته من الجانبين برقة بالغة..
شهقت وهي تجده يسحبها لتستقر على قدمه مُحاوطاً خصرها بقوة، وضعت يدها خلف رأسه لتستقر على كتفه وهي تنظر له بحب بادلها بنظرات عابثة وهو يغمز لها: ايه؟

ضحكت بنعومه وهي تقرص وجنته: إيه؟
تحمحم وهو يحدق بشفتيها وقربها أكثر: هقولك أنا إيه؟، ورفع نفسه قليلاً وقبلها بنعومه وهو يمرر يده على معدتها الخاوية فوضعت يدها الناعمة على وجنته وهي تبادله قبلته ليمد يده وأخرج قميصها من البنطال وأخذت يده طريقها إلى معدتها فضحكت وهي تفصل القبلة وقالت بصوت خافت خجول: فراس إيدك ساقعة..
إبتسم وسألها بدفء ومازالت يده تمر على معدتها بحنان: مش ناوية تجيبيلي بيبي تاني؟

اتسعت ابتسامتها وربتت على وجنته بحنان وسألته: عاوز بيبي؟
أومأ وهتف مؤكداً: أكيد طبعاً عايز مش منك!.
تنهدت وألقت رأسها على كتفه وقالت بتعب: إيان مجنني يا فراس..
فقال بلا مُبالاة: إيان مين؟ معرفش حد بالأسم ده انا اتبريت منه من زمان!
ضحكت وهي تُربت على صدره وسألته: ايه ده! للدرجادي؟
أومأ وقال بحنق شديد: أوي أوي، متهيألي إننا عرفنا غلطنا ومش هنكرره تاني نسيب بقي ده كده خلاص فقدت الأمل فيه ونجيب جديد..

ضحكت وهي تعانقة وهتفت برقة: حاضر يا حبيبي نجيب جديد..
مرر يده على معدتها وهتف بدفء وهو ينظر لها: عايز بنت، وتابع بسخط: الولا دول بشعين ومش عايز ولاد تاني..
قهقهت عليه وهي تومئ ثم نظرت للساعة الرقيقة التي تُزين معصمها ترى الوقت فوقفت بعجله وهي تقول: معاد خروج إيان دلوقتي لازم أروح أجيبه..
وقف وحاوطها هاتفاً باعتراض: السواق هيجيبو خليكِ.

هزت رأسها بيأس: مش بيركب معاه و بيفضل واقف في الشمس لحد ما بوصل أنا ويتخانق معايا شوية ويطردني من العربيه ويركب مع السواق وبعد ما يرضى عني يركبني معاه تاني..
مسد جبهته بضيق وقال بفظاظة: عشان إنتِ أم مُهزقة أقولك ايه يعني! يعني ايه يطردك من العربيه؟
فأعادت مُبرره بثقة وكأنه لا يخطأ: مش بيطردني مش بلحق أركب أصلاً ده بيجري على العربيه و بيقفل في وشي الباب بس!
رفع حاجبيه وسألها: هو بيعمل معاكِ كده؟

أومأت وهي تمط شفتيها فأعاد بحنق: ومقولتليش ليه؟
هزت كتفيها وهتفت وهي تفكر: هتعمل ايه يعني؟ هتضربه مثلاً؟!
كتف يديه امام صدره وقال باستفهام: وميضربش ليه طالما قليل الأدب؟!
قطبت ما بين حاجبيها وتقدمت ووقفت أمامه ورفعت سبابتها بوجهه بتحذير: فراس أنا بحذرك إنك تمد إيدك عليه في يوم من الأيام! أنا مش عايزاه يواجه أي حاجة تأثر على نفسيته وتتعبه عشان اللي بيحصل دلوقتي هيكبر معاه فاهم يا فراس؟

رفع حاجبيه وهو يحدق بسبابتها قائلاً بعدم فهم: أفهم من كده انك بتتحديني يعني؟
كتفت يدها أمام صدرها وقالت بهدوء وهي ترفع نظرها له: مش تحدى أنا بربيه صح عشان يكبر من غير عُقد ده غلط؟
أومأ وهو يُوليها ظهره مع قوله بضيق: براحتك براحتك متجيش تعيطي في الاخر بقي عشان مش عارفة تسيطرى عليه..

تنهدت وهي تتقدم منه وقالت بحزن: فراس، أن، لكنه قاطعها بحزم: براحتك يا ألين ربيه زي ما إنتِ عايزه بس لما ألاقي حاجة مش عجباني مش هسمى عليه عشان ده بيكبر وده ولد مش بنت و الدلع بتاعك ده مينفعش!
تنهدت وحركت شفتيها كي تتحدث لكنه قاطعها ساخراً وهو ينظر بالأوراق أمامه: روحي هاتيه عشان متتأخريش ويذنبك قدام العربيه في الشمس..

تقدمت منه وهي تزفر ثم رفعت وجهه بين يديها تنظر له بتفحص وسألته بحزن: طيب مش هتيجي معايا برضه؟
هز رأسه بنفي وهو يبعد يدها وقال بهدوء: عارفة إني مشغول..

أومأت بتفهم وسألته من جديد: طيب مش هتدينى بوسه قبل ما أمشي؟، إبتسم وسحبها من خصرها لتستقر على قدميه من جديد ثم هتف بعبث: أنا أقدر برضه؟، وإلتقط شفتيها يقبلها بنهم وهو يُحاوطها بقوة لبعض الوقت ليجفلهم صفع الباب بعنف فشهقت بخجل وهي تبتعد فنظر فراس خلفه بضجر ليصرخ به فارس الذي كان يمسك قدح قهوته: خليك قاعد هنا تبوس وعلى عمال يشتري ويبيع فيا بسبب طلبي إني اتجوز مها!

فرد عليه فراس دون تعبير وبرود لم يتوقعه: تستاهل مش إنت اللي ضربتها!
قذف عليه قدح القهوة بغيظ ليحاوط ألين سريعاً وانبطح بها أرضاً ليتهشم قدح القهوة في الحائط الزجاجي فوقف فراس وهو يلعنه والتقط كوب المياة وقذفه ساخطاً عليه فخرج سريعاً وأغلق الباب لتتهشم في الباب مع صراخ فراس: حيواان..

وقفت ألين وهي تنظر له بضيق ثم تركته وغادرت لكنه أمسك يدها أوقفها فقالت له بحده: إنتوا مش هتبطلوا هزركم الهمجي ده إفرض أذيتوا حد بالغلط؟ و الازاز ده هتعمل فيه ايه بس؟، وتركته وذهبت من جديد لتشهق بتفاجئ عندما حملها فجاه إلى الخارج متخطياً شظايا الزجاج فحاوطت عنقه بعدم رضي، نظر على المقاعد المصطفة خارج مكتبه محاذية مكتب مساعدته على الحائط فوجد فارس يجلس شارد الذهن فهتف بسباب لاذع: جايلك يا..

شدت ألين طرف شعرة من الخلف بغضب وقالت بفظاظة: لأ وعايزني أسبهولك تربيه عشان تبوظه..
اعتلي ثغره ابتسامة ساخرة وقال بازدراء: لأ واضحة التربيه الجميلة واضحة اركبي اركبي، وانزلها بمنتصف المصعد ثم قبلها وفصل القبلة وأوصاها وهو يداعب وجنتها برقة: خلي بالك من نفسك وودانك مع الموبايل عشان هتصل بيكِ ومش هتأخر هخلص وهاجي على طول تمام..

أومأت له وهي تبتسم ثم قبلت وجنته بخفة لتشهق وهي تستدير وأولته ظهرها بخجل فنظر خلفه بتعجب ليجد بعض الموظفين يقفون أمام باب المصعد فتركها وضغط الأزرار وهو يسأل أحد الموظفين الذي وضع قدمه في المصعد: رايح فين؟
=: نازل يا فندم!
فرد فراس وهو يدفعه إلى الخارج وخرج معه: لأ أستني لما يطلع تاني عشان الوزن تقيل عليه..

ترجلت من السيارة بعد إن عدلت ملابسها قبل النزول، بحثت عنه بعيناها بلهفة لتبتسم أخيراً عندما وجدته يقف بإحدي الزوايا خارج المدرسة بجانب البوابة الرئيسية يحدق إتجاه السائق بمقلتيه الزرقاوين بغضب عاقداً يديه أمام صدره قاطباً ما بين حاجبيه وتتطاير بعضاً من خصلاته الأمامية التي تنسدل فوق الوشاح القصير المعقود حول جبهته بسبب نسمات الهواء الهادئه التي تداعبه، كانت قد هادته به جنات العام الماضي في يوم ميلاده لونه أسود وبه رسومات بيضاء صغيرة نقشت عليه..

تقدمت منه ألين مهرولة بقلق وأول ما قامت بفعله هو أنها كوبت وجهه بين يديها وسألته سؤال كل يوم: إنت ليه واقف في الشمس كده يا حبيبي؟ مركبتش ليه؟
رفع نظره لها وسألها بخذلان مثل كل يوم: بابا مجاش زي كل يوم صح؟

تنهدت وقبل أن تتحدث صفع يدها وركض إلى السيارة بحزن وصفع الباب خلفة لكنه لم يأمر السائق أن يذهب مثل كل يوم بل تركه يظل واقفاً فتنهدت بحزن وإستقلت السيارة بجانبه ليبدأ السائق بالسير بهدوء، أنزلت الحقيبة عن كتفه كي يجلس براحة ثم قربته لها و أراحت رأسه على صدرها وهي تسأله بحنان: عملت إيه النهاردة في المدرسة؟
قال بخفوت وهو يغمض عيناه بإرهاق: زي كل يوم، بس النهاردة لعبت كورة كتير وتعبان..

قبلته بحنان وقالت بدفء: لما تروح تبقي نام وأرتاح بكرة أجازة، أومأ وهو يحاوطها فشعرت بضعف قبضه حولها فأمسكت قبضته بقلق لتجدها ترتجف فسألته بخوف: إنت بتترعش ليه بردان؟
هز رأسه بنفي وقال بضعف: لأ، جعان.
فتحت الحقيبة على عجلة تبحث عن طعامه ثم سألته عندما وجدتها فارغة: فين سندوتشاتك؟ أنا عاملة كتير يكفيك طول اليوم أكلتهم!

أومأ لها وهو يمط شفتيه فسألته من جديد: طيب مصروفك فين مش قولتلك لما تجوع تجيب أكل جبت؟، أومأ لها من جديد فنظرت له بشك وسألته بقلق: ياحبيبي في حد بيضربك أو بيضايقك وبياخد أكلك؟
هز رأسه بنفي وهو يدفن رأسه بصدرها فربتت على شعره بحزن فهو يكذب ويخفي شيئاً..

أوقفت السائق بقولها: معلش أقف عند أي سوبر ماركت يقابلك، أومأ لها في المرآة ليقول إيان باعتراض: أنا مش عايز أكل من ده عايز الأكل من اللي بتعمليه في البيت..
ربتت على وجنته وهي تقول بحنان: يا حبيبي لما نروح هعملك اللي إنت عايزه لكن كُل دلوقتي أي حاجة تظبيرة..

هز رأسه بنفي وقال رافضاً: لأ، مش عايز، تنهدت وصمتت فهو عنيد فقط طلبت من السائق أن يسرع قليلاً، وصلا إلى المنزل فترجل إيان السيارة وركض إلى الداخل فحملت حقيبته وذهبت خلفه وهي تبتسم
لتجدة يقفز على الأريكة وتسطح عليها وفتح التلفاز وظل يُشاهده بتركيز..

بعد نصف ساعة تقريباً كانت قد أنهت الطعام سريعاً دون أن تبدل ملابسها حتى من أجله، وضعت الطعام أمامه على الطاولة وهي تبتسم له: يلا يا حبيبي عشان تاكل وتاخد دش وتنام..
انتصب جالساً وقال برفض وهو يحدق في الطعام: أنا مش عايز اكل خلاص عايز آيس كريم و فراولة..
تنهدت وهي تقرب الأطباق أمامه لأنه سيبدأ الآن: كل الأول و بعدين هجبلك اللي إنت عايزه..

هز رأسه برفض وهو يعقد يديه أمام صدره وقال بصوت مرتفع: قولت مش عايز اكل مش هاكل..

جلست بجانبه وحاولت بشتي الطرق وهي تقنعه لكنه رفض وقذف الطعام على الأرض وقال بغضب: قولت مش هاكل مش عايز آكل، أنا عايز فراول، قاطعته بحده وهي تقف هاتفه بغضب: متاكلش إنت حُر ومفيش آيس كريم ولا فراولة ولا نوادي بكرة كمان وريني بقي هتعمل ايه، وتركته ينفخ وجنتيه بغضب ودلفت إلى المطبخ لتبكِ وحدها فهو كان مريضاً ولمدة شهراً كامل أذاقها العذاب وهي تراه ذابلاً وهذيلاً لا يأكل ولم يكن يتحرك من الضعف فراس هو من كان يطعمه بالإجبار بسبب تلك الرأس اليابسة التي يملكها، عاد إلى المدرسة من بداية هذا الأسبوع فقط وكل يوم تقريباً يكون بهذا الضعف لكنها لم تمسك يده كي تلاحظ هذا الارتجاف هو يكذب وهُناك ما يحدث ربما يتعرض للتنمر؟!.

دلف إلى المنزل وهو يبتسم فلمحها في المطبخ ليتسلل إليها وعانقها من الخلف ليجدها تشهق فأدارها بقلق وسألها وهو يمحو عِبراتها: مالك في ايه بتعيطي ليه؟
قالت بحرقة وهي تنظر له: إيان، زفر وهو يمسد جبهته وسألها باستفهام: عمل ايه القادر عمل ايه؟

قصت عليه وهي تبكِ بتحشرج: جعان ومش راضي ياكل يا فراس ورمي الأكل في الأرض والتعب ظاهر عليه وكان بيترعش وشكله ماكلش حاجة من الصبح وقالي انه كَل كُل السندوتشات ودي تكفيه طول اليوم ويتبقى كمان وصرف مصروفة جاب بيه أكل برضه والكلام ده مش مظبوط وانا خايفة عليه هيعيي تاني و هيبقي ضعيف، عانقها بحنان وهو يزفر مربتاً على ظهرها كي تهدأ ونظرة يتجول في الخارج يبحث عن ذلك الوغد الذي يُنافسه في كل شيءٍ هُنا ليجده يعقد يديه أمام صدره يحدق إتجاه التلفاز باقتضاب وكأنها هي المخطئه وليس هو ذلك الوقح..

فصل العناق وقبل جبهتها بحنان وقال بحزم: خليكِ هنا متخرجيش، أمسكت يده وهي تنظر له بخوف مما سيفعل وهذا جعله يقول لها متعجباً هذا الخوف وكأنه سيقتله الآن: ألين ده ابني في ايه؟، ثم صاح بصوت مرتفع وهو يخرج له: إيااااان، توسعت عيناه واستلقى سريعاً ووضع وسادة الأريكة على وجهه متصنعاً النوم، بينما هي ولتهم ظهرها فهي لا تطيق الهواء عليه تخاف عليه حتى من نفسها وعندما تغضب منه تذهب من أمامة كي لا تؤذيه بأي شكل من الأشكال وعندما يتمادى معها ويفقد احترامه تحرمه من أي شيء يريد فيعود لها نادماً والوقت الذي يعود به لا يتخطى النصف ساعة تقريباً فهو لا يستطيع أن يحيي دونها ودون أن تحادثه ولو ثانية واحدة وتكون هي في نفس هذا الوقت عائدة له بما يريد كي تصالحه فيتقابلون بمنتصف الطريق ولا يكتمل الموقف سوى بعناقاً حنوناً دافئاً تغمره به..

غمغم بغضب وهتف بسخرية وهو يبعد الوسادة عن وجهه: لا والله على بابا يالا قوم، قوم، وألقي عليه الوسادة فانتصب جالساً بضيق ونظر له بحنق جعله يرفع حاجبيه وهو يتقدم منه: إنت بتبصلي أنا كده؟.
ثم خلع سترته وألقاها بعيداً وهو يقترب منه..

أبعد إيان وجهه للجهة الأخرى دون أن يرد عليه لكنه رأه يتقدم منه بطرف عيناه فركض سريعاً لكن فراس كان أسرع وقبض على ياقة ملابسه ورفعه أوقفه على الطاولة وأداره ثم أشر على ألين التي تبكِ وقال له بعتاب: ينفع كده؟ أنا مش قولتلك طول ما أنا مش موجود إنت راجل البيت وتخلي بالك منها ومتخليهاش تعيط؟

قوس إيان شفتيه بحزن وهو يرى ظهرها يهتز أثرالبُكاء بسببه فنظر إلى فراس وقال بحزن مضاعف: أنا قولتلها مش عايز آكل وعايز فراولة وآيس كريم وهي مسمعتش الكلام.

قضم فراس شفتيها بغيظ وهو يتنفس بنفاذ صبر وسأله باستنكار: مسمعتش الكلام! المفروض إنها تسمع كلامك إنت! وبعدين فراولة ايه دي يا مفتري ده إنت وهي خلصتوا على محاصيل الفراولة في مصر أرحم نفسك! وآيس كريم إيه إنت عيان؟ عايز تاخد حقن تاني؟ اعمل فيك ايه عشان تسمع الكلام ها؟ أعمل ايه؟

رمش وهو ينظر له بحزن ولم يتحدث بل أخذت نظرته تتحول إلى تلك النظرة البراقة اللامعة التي تبرز نقاء زرقاويه أكثر و التي لا يستطيع فراس مقاومتها وهو يراها بعينه وأعين ألين فهي تخترق قلبه بلا هواده لما يجب عليهم أن يفعلان به هذا هو لا يتحمل، هز رأسه بقلة حيله وعانقه بحنان وسأله وهو يربت على ظهره: مالك يا حبيبي إيه إللي مزعلك؟

وإلي هُنا وإنفجر باكياً وهو يضرب ظهره كفتاة عادت إلى حبيبها بعد فصال دام لفترة وهو يقول بحرقة: أنا مش بكلمك انت مش بتحبني ومش بتيجي تاخدني من المدرسة زي اصحابي انا اخر واحد بفضل واقف برة في الشمس لوحدي مستنيك عشان تيجي ومش بتيجي وماما بتجيلي متأخر، مسد ظهره بحزن وهو يستمع لم يقول وقلبه يؤلمه، قبل رأسه وهو يضمه بقوة أكبر كي يتوقف عن البُكاء لكنه ظل يبكِ بأحضانه دون توقف.

فواساه بحزن: خلاص يا حبيبي إهدي إهدي!.
توقف عن البُكاء ومازال ينظر له بلوم وعتاب، جسده مازال ينتفض أثر البُكاء، عيناه دامعه، هدأ قليلاً لكنه مازال على وضعه فأجلسه فراس على الطاولة وجثي أمامه بحزن وسأله: يا حبيبي إنت مش عارف إني ببقي مشغول في الوقت ده؟
فصرخ به منفعلاً بنبرة لا تنم على أي طفولةٍ منه مطلقاً: أنا أهم من الشغل!

إبتسم فراس بحنان وهو ينظر له وقال بدفء: أكيد طبعاً إنت أهم من الشغل، بس مش أنا بفضل طول اليوم معاك؟ انا اللي بوديك الصبح! وماما بتجيبك وطول اليوم بنكمله سوى ولو خرجت باخدك معايا إيه بقي الكلام ده وإني مبحبكش دي؟ من أي إتجاه؟

هز رأسه ومحي عبراته وقال وهو يستنشق مابي أنفه: خلاص تعالي خدني وما تودنيش أنا عايزك تاخدني عشان ببقي لوحدي، تنهد بعمق شاعراً بالحزن وتأنيب الضمير في أنٍ واحد بسبب تلك النبرة وهذا البُكاء فهو يكره بكائه فبكائه عزيز ويملك قدرة تحمل وبالتأكيد هذا يأثر عليه بسوء يؤذيه لدرجة البُكاء! أخذ شهيقاً طويلاً وهو ينظر له بلوم بسبب هذه الكلمات فلا يعرف وقعها عليه وماذا فعلت بداخله الآن! هو يكره كل ما يتعلق بالتقصير وخاصتاً مع من يُحب إضافة أنه طفله كيف يكون مقصراً معه كيف؟ يقسم أنه يحاول بشتي الطرق و يفعل كل ما بوسعه كي يقضي معه أكثر الأوقات وكي لا يستمع منه تلك الكلمات في يوم من الأيام لكنه تفوه بها مبكراً حقاً وهذا كثير عليه فهو يهب نفسه له، لا يبقي في العمل سوى من الثامنة صباحاً إلى الواحدة ظهراً وعندما يتأخر يعود في حدود واحدة ونصف إثنان بأقصي حد، وهذا كله كي يتناولوا الغداء معاً على مائدة الطعام والطبيعي في العمل أن يظل إلى الخامسة وربما إلى السابعة! لكنه يذهب ويترك كل شيء خلفه من أجله، وهذا غير فترة مرضه الشهر السابق فهو لم يتحرك من جانبه ولم يخرج من المنزل ولو خطوة واحدة! إضافة إلى عطلة نهاية الأسبوع الذي يقضيها في النادي معه منذ الصباح الباكر حتى المساء دون ملل فهناك يقضي اليوم مع جنات، وفي وسط الأسبوع إن أراد أن يتنزه يأخذه إلى مدينة الألعاب وأحياناً يركبان دراجات و يتجولان بها في الحدائق و يتسابقان وأوقات أخرى يأخذه إلى السينما كي يشاهد فيلماً كرتونياً، ويوجد لديه ببداية الأسبوع تدريب خاص بالفنون القتالية وهو من يصحبه إلى هناك وهنا في المنزل فراس من يدربه على السباحة ماذا يفعل أكثر؟ وبعد كل هذا يخبره أنه لا يحبه فقط بسبب أنه لا يأخذه عند عودته من المدرسة! لقد قلب الطاولة عليه وأصبح هو المذنب ومن المفترض أنه أتي فقط كي يعنفه بسبب وقاحته..

أومأ موافقاً وقال باستسلام: حاضر انا هجيبك من المدرسة عايز حاجة تاني؟، أومأ له بحزن فحثه على الحديث وهو ينظر له: خير؟
قال بخفوت وهو يتحاشى النظر له: فراولة وآيس كريم، إبتسم فراس وبعثر شعره ثم سأله باستنكار وهو يحدق بما هو معقود حول جبهته: مين مدير المدرسة المهزق اللي سايبك تدخل كده عامل دماغ حضرتك؟ إيه ده؟، ومد يده كي يتفحصها لكنه دفع يده وقال بإنزعاج: بس متجيش جنبها دي هديه من جنات!

لوي فراس شدقيه وهو ينظر له بغيظ ثم سأله فجأة وبجديه وهو يربت على كتفه كشخصٍ كبير: ودلوقتي بقي زي ما أنا جدع وهاجي أخدك كل يوم هتبقي إنت كمان جدع وصادق وهتقولي أكلك بتوديه فين؟ حد بياخدو منك؟ حد ضربك كده يعني؟

هز رأسه بنفي وقال بثقة وعجرفة: محدش يقدر يضربني أصلاً وبعدين هو انا بتدرب على الفاضي! عقاباً ليك مش رايح، نزع فراس الوشاح من حول جبهته متعمداً وقال بغيظ وهو يدفع رأسه: إنت بتهددني! عن أهلك ماروحت هتوفر، شد الوشاح من يده بغضب وعقده حول جبهته بسرعة ووقف على الطاولة وصرخ: يا ماما يا ماما الحقي بابا بيقول كلام وحش..

أمسكه فراس من ياقة ملابسه وقال بامتعاض: ده إنت عيل سوْ يا شيخ، و ايه ده؟، وأشار إلى الطعام الملقي أرضاً وأمره بحزم: إنزل شيل الأكل اللي انت رميته ده يلا..
نظر إلى الأرض باقتضاب وهز رأسه بنفي فأعاد فراس باقتراح: لو قولت بيحصل ايه للأكل بتاعك مش هخليك تشيل الأكل ده..
دبدب بقدمه على الطاولة بغضب جعلها تهتز وقال بتذمر: انا قولت محدش بيعملي حاجة واصلاً أصلاً مش هشيل حاجة أنا عيان..

إبتسم فراس رافعاً حاجبيه: بجد عيان دلوقتي؟، أومأ له متصنعاً الدوار وهو يبتسم مترنحاً على الطاولة فأسنده فراس وهو يقهقه عليه متصنعاً الإقتناع ثم قال: ماشي مش هخليك تتكلم بالعافية، وتابع محذراً وبجدية جعله ينصت له بشغف فهو يحب رؤيته وهو يتعامل معه كشخصٍ كبير: بس لو عرفت إنك بتكذب وحد مد ايده عليك إنت اللي هتتعاقب مش هو عشان أنا محدش يمد ايده على أبني إنت فاهم؟ ولا دلوقتى ولا بعدين وتبقي عيل لو حد مد إيده عليك وتسكت؟ أومأ له بطاعة ثم قال معدلاً حديثة بفظاظة بصوته الرقيق الذي يجعل فراس يغتاظ أكثر: على فكرة أنا مش بكذب ومش بخاف منكم يعني!

تنهد فراس وهو يهز رأسه فهو أرهقة حقاً وقال مُتخطياً أخر ماسمعة منه فسيعتبرة طفلاً يهذي الآن وقال وهو يقبض على ياقته بتهديد: أنا كل اللي مصبرني عليك لحد دلوقتي إن لسه عندي أمل لما تكبر صوتك هيتغير بسبب الهرمونات عشان أم الجينات دي متنفعش ليك إنت! أنا عايزك تجعر فاهم جعر وإنت بتتكلم!
عقد يديه أمام صدره وقال بلطافة: ماما قالتلي كده عيب!

هز رأسه بعصبية وهو يقضم شفتيه سينتظر هو مازال طفلاً طفلاً وجينات ألين تسيطر عليه لكن لابأس لا بأس..
تنهد وأعاد سؤاله بجمود: مين خد منك السندوتشات؟
لكزه بسبابته الصغيرة بصدره بحنق مع قوله: قولت محدش خد مني حاجة..
ضيق فراس عيناه وهو ينظر له بشك وعدم تصديق ثم سأله: ولو طلعت بتكذب؟

لكزه إيان بفكه بنفاذ صبر وحنق طفولي كانت كوقع صفعة خفيفة على وجنته مع قوله: تبقي دي تربيتك، وركض إلى الخارج وهو يصرخ عندما وجد فراس ينظر له نظرة ما قبل الانقضاض على الفريسة فركض خلفه وهو يتمتم بغيظ: خد هنا يا تربية وحياة أمك هربيك ماشي..

سد أنفه بسبابته وابهامه وقفز في المسبح وهو يضحك فقال فراس ساخراً وهو يقفز خلفه: لأ وقعت في النار ومش هعرف أجيبك تصدق، وأخذ يطارده في المياة يقطعان المسبح ذهاباً وإياباً أكثر من جولة وبسرعة كمطاردة جاهلاً كل الجهل أنه يتدرب ويقوي سباحته بتلك الطريقة فقط كل ما يريده أن يتوقف والده عن المطاردة لأنه يكاد يستسلم من التعب..

كانت ألين تُراقبهم من زجاج نافذة المطبخ وهي تبتسم بحنان بعد إن لملمت الطعام فهي لم تري هذا فقط بل رأت ماحدث بالداخل أيضاً لأنها سوف تسخر منه عندما يدلف لأنه يغضب من تدليلها له ويتحدث عن التعنيف دائماً وعندما يكون بالموقف نفسه ينتهي الأمر بعناقاً وجثيانه أمامه يتحدث معه كالمذنب الذي يريد الغفران وهذا حدث سابقاً يقول أشياء وعندما يقترب منه ويراه يفعل أشياء أخرى مثلما تفعل تماماً فهو نقطة ضعفهما ولا يتحملان حزنه لأنه يملك مفتاح قلوبهم و العائلة والأقارب والأصدقاء فإن كشر أو قطب حاجبيه فقط يتم فتح تحقيقاً لهما من قبل من يجلس معهم أياً كان، لكن مع هذا تعلم أنه يخشى عليه من كل شيء يخاف عليه ولهذا يلازمه دائماً أينما ذهب ولا يتركه يتابعه أثناء تدريبه بقلق ويشجعه كي لا يتألم من أحد الحركات ويتجول معه في كل مكان وإن تركه مع أصدقائه قليلاً يعود للإطمئنان عليه، فألين لا تلازمه مثل بقية الأمهات وربته وحدها لا بل تقاسم فراس معها كل شيء بمعنى كل شيء هي ربما لا تفعل سوى الطعام وتبديل ملابسة والاهتمام بأشياء دراسته وكثيراً من الأوقات فراس هو من يذاكر له وكثيراً بمعنى كثيراً فهو يرى نفسه به رغم أنه يشبه ألين شكلاً لكن داخله يشعر أنه هو من بالداخل وإضافة إلى هذا لا يريد تضيع سنوات عمره دون فعل شيء فالعمل لن يفيده في النهاية كثيراً! عندما يكبر لن يتذكر جلوسه خلف مكتبه وأرتشاف قهوته بل سيتذكر تلك الذكريات السعيدة دون ندم لأنه كان خير أباً له وهذا مايتمناه وربما لم يفصح بهذا لأحد حتى ألين نفسها أنه يريده أن يكبر دون مشاكل نفسية أكثر منها هي شخصياً يريده أن يظل جميلاً بداخله كما الآن دون تكدسات وإضطرابات يريد هذا لأنه بحاجه لأن يراه هكذا كي يشعر حقاً أنه فعل شيئاً بحياته ولم يقضي حياته معه هباءاً، أنه إستطاع حمايته رغم كل تلك الضغوطات فهو أغلي مايملك ولن يتحمل أن يحدث له شيء، لن يتحمل شعور العجز من جديد إن حدث له شيء ولم يستطع إنقاذه في الوقت المناسب، لن يتحمل فهما الآن نقطة ضعفة فمن يريد أذيته يؤذي أحدهما، يتمنى فقط أن تظل حياتهم هادئة من أجله حتى يكبر أكثر، وهي تعلم تمام العلم أنه لن يكون قاسياً يوماً معه هي متأكده لكن كل مايخيفها فقط إنفعاله بلحظة غضب وهي تعرف طفلها إنه مستفز وذات لسان سليط لاذع ولا تتوقع ما قد يحدث ولم تتخيله يوماً لأن أخر ما قد يخطر لها أن فراس ربما يضربه فجأه وهذا لن يحدث هي واثقة هو يُدللة فقط..

صعد بعد نصف ساعة وهو يحمله فوق كتفه متجهاً إلى الداخل والمياه تتساقط منهم فأسند إيان ذقنه فوق رأس فراس وقال بحزن: بابا..
همهم له بهدوء وهو يقبل يده فهتف بضعف: أنا جعان..
تنهد فراس وهو يسير أسرع وهتف بتوبيخ: مش انت رميت الاكل؟ ناخد دش الأول وبعدين ناكل..
أومأ ثم قال له عندما كاد فراس يصعد به الدرج: نزلني..
سأله فراس وهو يرفع نظرة له: ليه؟

فهتف بإصرار وهو يتحرك بعدم راحه ألم رقبته فأنزله بضجر وهو يمسد رقبته: في ايه؟
فقال سريعاً يطلب منه باحترام: عشان هطلع اخد دش في حمامك إنت وماما، أومأ وهو يستمع له ثم صرخ فجأه وتوسعت عيناه عندما سمع بقية حديثة: لأ، لأ، خد تعالى هنا، لكنه ركض سريعاً وصعد الدرج وهو يضحك فصاح فراس بغيظ: خد تعالى هنا ياض يا بنثم تابع بقلق وهو يراقب صعوده: براحه
لا تُقع..

تنهد وهو يحدق بملابسه المُبلله فهو سيظل ساعتين هكذا حتى ينتهي اللعين فهو كُلما دلف إلى حمام غرفتهم لا يتركه يظل يلعب ساعات فهو ليس عادياً كالذي بغرفته المجاورة لهما..
ابتسم فراس بخبث عندما علم ماذا سيفعل ذلك الوقت حتى ينتهي إبنه فهو سيكون أحمقاً إن أضاع فرصته..

نظر إلى ألين ليجدها تقهقه عليه ثم ابتسمت وهي تنظر له ترفع حاجبيها بصمت فعلم ما يدور برأسها وقال وهو يتحمحم: طبعاً مشفتنيش وأنا بعجينة برة وفترته من العياط صح؟ فاتك كتير..
أومأت وهي تضحك: أه، أه، خدت بالي طبعاً، ثم سألته ساخرة: هو جري دلوقتي يستخبي ويعيط من الخوف صح؟

إبتسم ودلف إلى المطبخ وسحبها من خصرها لتصطدم بصدره وسألها وهو يرفع حاجبيه: بتتريقي! ماهو كل ده بسببك إنتِ لو مكنش خد منك العيون الحلوة دي مكنش هيأثر عليا كده!.

طوقت عنقه وهي تبتسم وقبل أن تتحدث قبلها بنهم فيجب أن تتوقف عن كونها فاتنه بتلك الطريقة فهو لا يتحمل، بدأ بفك أزرار قميصها لكنه لم يفتح معه فشقه من الأمام جعلها تشهق وهي تبتعد وهتفت بتعجب: فراس! إنت اتجننت؟، أومأ وهو ينظر لها بوقاحة وحملها فوق كتفه تحت تعجبها وألقاها على الأريكة بزاوية أسفل السلم الموصل للأعلي مخفية عن الأنظار فانتصبت جالسة بتعجب لكنه سطحها مجدداً وهتف بتحذير وهو يخلع قميصة: إهدي كده وخليكِ حلوه عشان نخلص، قبل ما تقولي لي إيان ومش إيان!

لكنها تملصت من بين يديه وهي تقول حجتها المعتادة: إيان يا فراس هينزل في أي لحظة!
هز رأسه وهو يقيد يديها وقال بتهكم: وفوق إيان هيدخل في أي لحظة يافراس صح؟ سوري مفيش الكلام ده أنا مش عارف أتلم عليكِ بسببك إنتِ وابنك وليل ونهار طلعلي زي عفريت العلبة لأ كفاية أوي كدا كفاية..
قالت له برجاء وهي ترمش: فراس عشان خاطري وعد افضي نفسي وهنيم إيان بدري لكن دلوقتي لأ هينزل في أي لحظة والله بلاش..

هز رأسه نفياً وهتف مُهدداً وهو يجردها من ملابسها تحت مقاومتها: ماهو الكلام ده هتنفيذية بليل برضة وياويلك وياسواد ليلك لو روحتي تنيميه ونمتي جنبه زي كل يوم..
ترجته مرة أخيرة بقوة وهي تراه يدنو منها: فراس بليز لأ ف، وسكتت شهرزاد عن الكلام الغير مُباح..

بعد بعض الوقت وقفت إرتدت ملابسها على عجل وهيئة مبعثرة تتلفت حولها بقلق خوفاً من أن يأتي فجأة، أخذت قميصه الأسود الملقي وإرتدته بدلاً من الذي شقه وقذفت عليه بقية ملابسه بغضب جعلته يضحك وهو يراقبها باستمتاع يستلقي على الأريكة ومازالت عيناه ممتلئة بالرغبه..
انحنت وظلت تبحث عن شيءٍ ما بقلق وراحه يدها تتحسس البساط وكأنها عمياء لا ترى و خصلاتها مبعثره ليقاطعها قوله وهو يرفعها بين يديه: بتدوري على دي؟

نظرت له لتتوسع عينها ثم زمت شفتيها بغضب وهي تراه يهز قلادتها بين يديه باستمتاع فمدت يدها تخطفها فرفع يده إلى الأعلي وأبعدها عنها فأعادت محاولة خطفها بضيق وهي تقف أرضاً على ركبتيها ليحاوط خصرها وهمس بنعومه أمام شفتيها: كنتي وحشاني، توقفت وإبتسمت مداعبه وجنته برقة ليباغتها برفعها بجانبة مع قولة بحرارة وهو يدنو منها من جديد: ولسه وحشاني، توسعت عيناها وهزت رأسها برفض وظلت تتملص منه تلك المرة بقوة أكبر من سابقتها بسبب مرور الوقت حتى أنها ضربت صدره لكنه.

كحائط سد لا تُأثر به ضرباتها ولا مقاومتها التي كانت تجعله يبتسم بتسلية، فقدت الأمل وتركته يفعل مايشاء وقليلاً فقط جعلها تنسى نفسها مثل المرةِ الأولي..
بعد مرور الوقت..

فتحت عينها بتثاقل ليقابلها صدره الصلب فشهقت وهي تنتصب جالسة تنظر حولها بتخبط هل ناما أيضاً؟ ياإلهي! لملمت شعرها المتناثرة إلى الأعلي ثم إرتدت ملابسها من جديد وهي توقظه على وشك البكاء: فراس فراس فراس، همهم لها وهو يتقلب بانزعاج يتابع النوم على معدته فأعادت بحدة أيقظته: فرااس إصحي، فتح عيناه بالتدريج ثم سألها بقلق عندما رأي تعبير وجهها الخائف: في ايه؟

شدت يده جعلته يجلس وهي تقول بخوف: قوم شوف إيان فين إحنا كنا نايمين..
مرر يده على وجهه يبعد آثار النوم ثم إلتقط هاتفه من الأرض نظر له وهو يرى الوقت بأعين ناعسه نصف مغلقة ثم قال بصوتٍ أجش: نص ساعة نمنا نص ساعة هتلاقيه لسه فوق..
فسألته بقلق: معقول يفضل كل الوقت ده؟

أومأ وهو يتنهد ثم وقف وارتدي ملابسه مع قوله: لما يكون في الحمام بتاعنا بيقعد اكتر من كده انا هبص عليه، وذهب لتعود هي إلى المطبخ تعيد تدفئه الطعام لتجد القلادة تلتف حول رقبتها من الخلف و أنفاسه الدافئة تلفح صفحة عنقها فابتسمت وهي تتحسسها وقبل أن تتحدث عانقها بقوة مقبلاً وجنتها مطولاً لتقول بيأسٍ منه: برضه مفيش فايدة فيك؟

هز رأسه وهو يمرر أرنبة أنفه على طول عنقها مع قوله بحرارة: إنتِ عارفة إني مقدرش أستغني عنك لحظه صح ولا لأ؟

أومأت وهي تبتسم بعشق ليتابع: ولا حتى دقيقة إنتِ كل حياتي، بتوحشيني وإنتِ معايا أنا بحبك أوي وقليلة الكلمة دي جداً على شعوري تجاهك دلوقتي بعد السنين دي كُلها، استدارت تنظر له بعشق وشغف وأعين ابتسمت قبل أن تفعل شفتيها و جفنان احتضناه قبل أن تفعل هي فمال ينهل من رحيق شفتيها بنعومه ويده عادت للعبث من جديد فهزت رأسها بفقدان أمل لذلك الذي لا يكتفي مهما ظل معها!، أبعدته وهي تلهث ثم دفعته خارج المطبخ نهائياً وتقدمت إلى الحوض ووضعت رأسها أسفل المياة بسبب تلك الحرارة التي تنشب بجسدها كلما إقترب منها، تقدم وهو يقهقه عليها ليجدها تلتقط كوب وملأته بالمياه فتعجب هل ستشرب من هذه تقدم يسألها وقبل أن ينبس ببنت شفة قذفت المياة بوجهه، رمش قليلاً من صدمته ثم ضحك عليها فملأتها مجدداً وأمرته بحده وتهديد وهي ترفعه بوجهه: إمشي من هنا و ماشوفكش جنبي تاني إمشي..

أومأ باستسلام وابتعد ليتعرقل بجسد صغير خلفة فابتسم وهو يرى إيان يقف يرتدي مئزرة الصغير وشعره مازال رطب فأبعد خصلاته إلى الخلف وهو يبتسم ثم قال عندما رأى الوشاح محله: كمان واخده معاك الحمام للدرجادي؟
أومأ بلطافة وهو يبتسم فسأله فراس: طيب وإنت جبتلها ايه لما جبتلك ده؟
هز رأسه نفياً وقال بثقة: مجبتش حاجة أنا موجود..

إبتسم فراس وقال بفخر: لا إبني فعلاً هات حضن، ضحك بسعادة وعانقة بقوة ثم سأله وهو يحدق بخصلاته المُبللة: إنت شعرك مبلول ليه؟
فاشتكى له فراس بحزن: شوفت ماما عملت فيا ايه غرقتني مية.
نظر لها إيان بتفحص وسألها هي الأخرى بشك طفولي وهو يمرر أنامله أسفل ذقنه بتفكير: غرقتيه ليه عشان تاخدي القميص بتاعه؟

شهقت وهي تنظر لنفسها عاجزه عن الرد فتحرك إيان بلطافة كرجل كبير وهو يضم مئزره قائلاً كأحد المحققين: أنا هدورلك على القميص بتاعك عشان ترجعي القميص لبابا هايبرد كده وهو بيخاف من الحقن زيي..
ضحك فراس وهو يراه كيف يتجول باحثاً هنا وهناك لتدفعه ألين من صدره وهي تعنفه بصوت مكتوم: إنت بتضحك! ومبسوط على ايه روح هاته قبل ما يلاقيه مقطع على الأرض بسببك خلص..

ضحك وذهب خلفه متسللاً ثم حمله فجأه عن الأرض على كتفه فضحك مع شهقته بتفاجئ ثم تذمر وهو يلوح بقدمه في الهواء: سبني أجيبه أنا شوفته خلاص هناك أهو..
برر له فراس بخفوت وهو يحمله على ذراعة ووجهه مقابل له: مش هينفع عشان القطة عملت عليه بيبي..
قوس شفتيه بتقزز وأعاد: إِيو بيبي، مش عندها بوتي بتاعتها؟!
قهقهة فراس وهو يومئ له: أه عندها بس نسيت مكانها وصرفت نفسها بقي خلاص حصل خير..

فسأله إيان وهو يبتسم: يعني لما القطة بتاعة جنات تعمل بيبي على هدومها أديها هدومي؟
أومأ فراس مؤكداً: طبعاً ياحبيبي بس القميص بس متعملش نفسك شبح أوي يعني..
فسأله بتفكير: يعني ايه شبح يا بابا؟.
فرد مبتسماً: يعني بص تبقي عيل كده رو، وقاطعته ألين وهي تنظر له بحده مع قولها: شبح يعني ghost
يا حبيبي صح يا فراس..
أومأ لها وهو يقهقه عليها وقال بقلة حيلة: هو اللي بيسأل كتير والكذاب بيروح النار صح يا حبيبي؟

هز رأسه بنفي وسأله بتشوش: بس إنت قولتلي إن الكذاب بيروح مارينا يا بابا..
أومأ له بصمت ووضعه بيد ألين وقال بسخط: خدي إبنك مليش دعوة بيه تاني، وتركها وصعد تحت نظراتها التي كانت تحرقة حياً ليهمس لها إيان بلطافة: بابا طلع وسبني عشان زنقته يا ماما صح؟
نظرت له وردت بعدم رضي لتلك الطريقة والألفاظ التي يتحدث بها: أه ياحبيبي زنقته..

فضحك بسعادة وكرر وهو يعانقها جعلها تضحك: زنقته، ربتت على ظهره بحنان ثم صعدت به إلى الأعلى كي يبدل ملابسة فأوقفها أمام غرفتهم: نزليني هنا..
نفت وهي تتابع سيرها إلى غرفته المجاورة لهما: يا حبيبي عشان تغير هدومك..

هز رأسه بإصرار وهو يتملص من بين يديها حتى نزل وركض إلى غرفتهم فتنهدت بتعب وتابعت هي سيرها إلى غرفته، أخذت ملابسة وعادت إلى غرفتها فوجدته مستلقي على الفراش يرفع ساق على الأخرى يتوسد ذراعة يحدق بالسقف بتركيز مقلداً فراس ففي أغلب أوقاته يفعل هذا ضحكت وهي تهز رأسها ثم جلست بجانبه وأمرته بهدوء: يلا ياحبيبي عشان تغير يلا..

أومأ ووقف أمامها لتبدأ بتبديل ثيابه بهدوء ليسألها باستفهام: ماما هو ليه السرير بتاعكم شبه الكحكه؟
قهقهت عليه وسألته: وحش مش عاجبك؟!
هز رأسه نفياً وقال بتذمر: لا حلو وأنا بتاعي وحش عامل زي باكو البسكوت..
ضحكت وهي تربت على وجنته بحنان: لو عايز تغيره نغيرهولك يا حبيبي..
هز رأسه نفياً وقال: لأ أنا عايز اجيبه وأنام معاكم هنا..
عانقته بحنان وهي تبتسم وسألته: بتخاف تنام لوحدك؟

هز رأسه نفياً وقال وهو يزم شفتيه: لأ، بس بحب أكون جنبكم، عانقته بحنان وهي تربت على ظهره ثم دغدغته جعلته يضحك بسعادة وقالت وهي تجفف شعره: إحنا جنبك هنا على طول يا حبيبي ومتزعلش نفسك لما بابا يخرج قوله يمكن يمكن يوافق الله أعلم!.
ثم فكت ذلك الوشاح من حول جبهته تعتصره بين يديها فأخرجت منه المياه وهي تنظر له بلوم: ينفع كده تسيبه ينشف عليك ويتعبك تاني؟

هز رأسه بنفي وهو يمد يده كي يأخذه لكنها أبعدته وقالت بهدوء: استني لما ينشف
هز رأسه وعقد يده أمام صدره بعدم رضي: ماليش دعوه هاتيه، رفعت يدها عنه فظل يقفز كي يأخذه فنظرت له بتحذير فتوقف وقال لها بحزن: هاتيه.

تنهدت وتركته لكنها أجلسته على الفراش قبل أن تذهب لأنه سيظل واقفاً ولن يتحرك، أخرجت المجفف الخاص بها ووقفت تجففها له وهي تبتسم فهو يملك الكثير منهم لكن منذ أن هادته جنات هذه لا يرتدي غيرها ولا يجعل أحداً يلمسها حتى فراس هي فقط إستثناء لأنه يعلم أنه يستطيع السيطرة عليها بنظرة بريئه واحدة فقط فهو ليس غبياً يعلم أنها الحائط المائل الذي يستطيع الإستناد عليه ولن يقع به أبداً..

أشرت له أن يأتيها وهي تبتسم فركض لها بسرعة لتوقفه أمامها وتابعت تجفيف شعره لكن ليس بالمنشفة حتى إنتهت أخيراً وعقدت الوشاح حول جبهته ورفعته قليلاً عن جبهته جعلت شعره يرتفع لتبتسم وهي تراه ثم انحنت وعبثت بالخزانه وأخرجت له مايرتديه بقدمه فابتسم بسعادة قائلاً: شبشوب جديد، أومأت له وهي تجعله يرتديه ثم حثته على النزول: يلا على تحت بقي عشان تاكل، أومأ وكاد يذهب لكن فراس خرج من دورة المياة فركض له وأخبره بابتسامة: بابا ماما جبتلي شبشوب جديد، إبتسم وهو ينظر له ثم أوقفه وهو يمسحه بنظراته وقال: ايه ده ده زي بتاعي! والترنج! إنتِ بتلبسيني زي المفعوص ده؟

أومأت وهي تبتسم فعقد يديه أمام صدره وقال بعدم رضي: ده بقي رسمي جوا وبرا بقي!
أومأت وقالت بحزم: القاعده بتقول كده الولد يلبس زي ابوه والبنت زيي وإنت عندك ولد دلوقتي و هتفضلوا تلبسوا زي بعض لحد ما يكبر فاهم؟
تنهد ونظر له بغيظ وهتف بامتعاض: يلا إقلع متلبسش زيي ده الناقص تنام هنا كمان..
فقال بحنق طفولي: أيوه عايز أنام هنا وأنقلي السرير كمان..

نظر له بسخرية وقال باستخفاف: عارف الأحلام الوردية ها عارفها هخلهالك سوداوية لو جيت هنا قال تنام هنا قال نامت عليك حيطة تنام فين ياض برا يالا.

ركض إلى الفراش وألقي جسده عليه وقال بعند: مش هخرج أنا نايم مكان ماما، وأخرج لسانه له بغيظ ووضع ساق فوق الأخرى وأخذ يهز قدمه بذلك القبقاب الصغير الذي يُصدره إلى وجه فراس فتقدم منه وهو يتربص به فهزت ألين رأسها وتركتهم كي تفرغ لهم الطعام فهي تري هذا كل يوم ولا يحدث شيء ولا يصل إلى مسامعها سوى صوت ضحكاته بسبب دغدغه فراس له حسناً هو الذي يُدللة بإفراط وليس هي وحدها..

صعدت بعد أن أنهت تحضير الطعام وهي تتنفس بتعب لأنهما أرهقانها اليوم حقاً..

دلفت إلى الغرفة لتبتسم وهي تجد فراس مستقلي وإيان نائم فوق صدره مثلما كان يفعل وهو صغير لقد ظلت تلك العادة لديه وكبرت معه وفراس لا ينيمه سوى هكذا فهي تملك ألبوم صور كامل لهما بتلك الوضعية طوال الخمس سنوات السابقة كُلما رأتهم هكذا كانت تلتقط لهما صور حتى الآن مثلما تفعل بتلك اللحظة الآن بهاتف فراس ثم وضعته جانباً وجلست على طرف الفراش وربتت على كتف فراس بخفة ظناً أنه نائم: فراس، فرا، إنت صاحي؟

أومأ لها وهو يبتسم فقالت له بحنان: يلا عشان حضرت الأكل، أومأ لها وهو ينزل إيان على الفراش ثم دثره بالغطاء لكنها أبعدته وقالت: لأ، صحيه مش هسيبه ينام من غير أكل..
نظر له ليرق قلبه أكثر وهو يجده مستغرقاً في النوم فلم يوقظه وهز رأسه برفض فأدمعت عيناها وكادت تبكِ لكنه هدئها: خلاص متعيطيش هصحيه هصحيه.

أومأت له وهي تمحي عبرتها فعانقها بحنان وهو يقبل رأسها قائلاً بامتنان: عارف إننا تاعبينك معانا ربنا يخليكِ لينا..
حاوطته بحنان وقالت بدفء: أنا معنديش أغلي منكم لو متعبتش عشانكم هتعب عشان مين، ثم رفعت رأسها وقبلت وجنته بحنان وهتفت بنعومه: يلا خدو وأنزل وأنا هاخد دش واحصلكم يلا، أومأ لها ثم قبل جبهتها بحنان وحمل إيان وذهب إلى الأسفل..

نزلت بعد بعض الوقت وهي ترتدي منامة مريحة مكونة من بنطال وكنزه ستان وتركت شعرها منسدلاً للجانبين فوجدت فراس يجلس إيان الذي مازال نصف نائماً على قدمه يطعمه ملعقة وينام الأخرى فيوقظه ويطعمه من جديد..
جلست على المقعد المجاور له وطلبت: هاته يا فراس.

ربت على وجنته بخفة وهو يوقظه: إيان، إيان، فوق يا حبيبي عشان تاكل يلا، أوقفة وظل محاوطه حتى وصل بترنح لها فقربت مقعده بجانبها واجلسته وقربت طبقة منه: يلا يا حبيبي كُل، أومأ لها هازاً رأسه بثمالة فابتسمت وربتت على ظهره بحنان عندما بدأ يأكل بهدوء ثم قالت إلى فراس: يوم الأحد يا فراس أنا هدخل معاه المدرسة عشان أشوف سندوتشاته دي بتروح فين؟

تنهد وهو يأكل ونظر له بتفحص ثم قال: السندوتشات دي محدش بياخدها هو اللي بيديها لحد بمزاجه عشان كانت هتبقى واضحة اوي لو حد بيضربه! إظبري عليه شوية وهيتكلم لوحده أو هيقع بلسانه انتِ عارفاه..
أومأت له بهدوء وهي تتابع تناول الطعام ونظرها مُعلق عليه..

هبطت الدرج بخطوات رشيقة بعد إن أخذت قيلولة قصيرة بعد عودتها من المدرسة، ترتدي منامه تأتي إلى ركبتيها وخفها القطني الذي زين قدميها الناعمة مع خصلاتها الحمراء المُجعدة، جلست على الأريكة لتبتسم بثمالة وهي تنظر إلى والدتها التي تعبث بحقيبتها المدرسية: صباح الخير يا مامي..
إبتسمت نوران وقبلت وجنتيها المتوردة وسألتها بحنان: تاكلي ولا تستني بابا وناكل سوا؟

قالت وبرقة وهي تبتسم مبعدة شعرها الطويل المُجعد إلى الخلف: لأ، شبعانه هستني بابي، أومأت لها نوران وهي تبتسم ثم أخرجت صندوق الطعام من حقيبتها المدرسية لتقطب حاجبيها وهي تراه مُختلفاً وليس الخاص بها فسألتها باستفهام: بتاع مين اللانش بوكس ده يا حبيبتي؟ وفين بتاعك؟
أخذت جنات الحقيبة وأخرجت الخاص بها الممتلئ بالطعام مع دخول جود وجلوسة بجانبهم بأرهاق..

قفرت عليه جنات بابتسامة وهي تعانقة فابتسم وبادلها العناق بحنان وهو يربت على شعرها لتتشابك أنامله به فسألها بضجر: يا حبيبتي ماله الشعر الناعم يعني زي ماما؟ ايه السُست اللي انتِ عملاها دي؟
ابتعدت ووضعت يدها بخصرها وقالت باعتراض: على فكرة اسمه كيرلي مش سُست وأنا بحبه وإيان عاجبه كده؟!
رفع حاجبيه سألها باستفهام ساخطاً: إيان عاجبه كده؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة